اﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻝﻣﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮﻯ
رأي فضيلة الشيخ عطية صقر رحمه الله تعالى في جواز الاحتفال بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم
سؤال والجواب عنه
ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎﺱ: ﺇﻥ اﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻣﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻰ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺪﻋﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻰ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﻨﺒﻰ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻻ ﻓﻰ ﺃﻳﺎﻡ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭاﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ، ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﻧﻬﺎ ﺑﺪﻋﺔ ﻣﻨﻜﺮﺓ
ﻭﺿﻼﻟﺔ ﺗﺆﺩﻯ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺎﺭ، ﻓﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺮﺃﻯ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻓﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻰ اﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻤﻮاﻟﺪ اﻷﻭﻟﻴﺎء؟
الجواب
هذه المسألة من المسائل المختلف فيها
وإليك الجواب الوافي الذي ذكره الشيخ عطية صقر رحمه الله تعالى ..
قال
An ﻻ ﻳﻌﺮﻑ اﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ﺃﻥ ﺃﺣﺪا ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻴﻦ اﺣﺘﻔﻞ ﺑﺬﻛﺮﻯ اﻝﻣﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮﻯ -ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﻷﺳﺘﺎﺫ ﺣﺴﻦ اﻟﺴﻨﺪﻭﺑﻰ - ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻳﺤﺘﻔﻠﻮﻥ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮﻯ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ اﺣﺘﻔﺎﻻ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻭﻳﻜﺜﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺤﻠﻮﻯ ﻭﺗﻮﺯﻳﻌﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻘﻠﻘﺸﻨﺪﻯ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺻﺒﺢ اﻷﻋﺸﻰ".
ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻮﻥ ﻳﺤﺘﻔﻠﻮﻥ ﺑﻌﺪﺓ ﻣﻮاﻟﺪ ﻵﻝ اﻟﺒﻴﺖ، ﻛﻤﺎ اﺣﺘﻔﻠﻮا ﺑﻌﻴﺪ اﻟﻤﻴﻼﺩ اﻟﻤﺴﻴﺤﻰ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻤﻘﺮﻳﺰﻯ، ﺛﻢ ﺗﻮﻗﻒ اﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻝﻣﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮﻯ ﺳﻨﺔ 488 ﻫـ ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻮاﻟﺪ ﻛﻠﻬﺎ، ﻷﻥ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻠﻰ ﺑﺎﻟﻠﻪ اﺳﺘﻮﺯﺭ اﻷﻓﻀﻞ ﺷﺎﻫﻨﺸﺎﻩ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﺠﻴﻮﺵ ﺑﺪﺭ اﻟﺠﻤﺎﻟﻰ، ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﻗﻮﻳﺎ ﻻ ﻳﻌﺎﺭﺽ ﺃﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ " اﻟﻜﺎﻣﻞ "ﺟ 8 ﺻ 302 ﻭاﺳﺘﻤﺮ اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻰ اﻟﻮﺯاﺭﺓ اﻟﻤﺄﻣﻮﻥ اﻟﺒﻄﺎﺋﺤﻰ، ﻓﺄﺻﺪﺭ ﻣﺮﺳﻮﻣﺎ ﺑﺈﻃﻼﻕ اﻟﺼﺪﻗﺎﺕ ﻓﻰ 13 ﻣﻦ ﺭﺑﻴﻊ اﻷﻭﻝ ﺳﻨﺔ 517 ﻫـ ﻭﺗﻮﻟﻰ ﺗﻮﺯﻳﻌﻬﺎ " ﺳﻨﺎء اﻟﻤﻠﻚ ".
ﻭﻟﻤﺎ ﺟﺎءﺕ اﻟﺪﻭﻟﺔ اﻷﻳﻮﺑﻴﺔ ﺃﺑﻄﻠﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ اﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻦ اﻷﺳﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻴﻢ ﺣﻔﻼﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻝﻣﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮﻯ، ﺛﻢ ﺻﺎﺭﺕ، ﺭﺳﻤﻴﺔ ﻓﻰ ﻣﻔﺘﺘﺢ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻓﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ " ﺇﺭﺑﻞ " ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺃﻣﻴﺮﻫﺎ ﻣﻈﻔﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻰ ﺳﻌﻴﺪ ﻛﻮﻛﺒﺮﻯ ﺑﻦ ﺯﻳﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺗﺒﻜﺘﻜﻴﻦ، ﻭﻫﻮ ﺳﻨﻰ اﻫﺘﻢ ﺑﺎﻝﻣﻮﻟﺪ ﻓﻌﻤﻞ ﻗﺒﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺷﻬﺮ ﺻﻔﺮ، ﻭﺯﻳﻨﻬﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﺯﻳﻨﺔ، ﻓﻰ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ اﻷﻏﺎﻧﻰ ﻭاﻟﻘﺮﻗﻮﺯ ﻭاﻟﻤﻼﻫﻰ، ﻭﻳﻌﻄﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﻟﻠﺘﻔﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻈﺎﻫﺮ. ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺒﺎﺏ اﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ﻣﻨﺼﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ اﻟﻘﻠﻌﺔ ﺇﻟﻲ، ﺑﺎﺏ اﻟﺨﺎﻧﻘﺎﻩ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻈﻔﺮ اﻟﺪﻳﻦ ﻳﻨﺰﻝ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺑﻌﺪ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﺼﺮ، ﻭﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻗﺒﺔ ﻭﻳﺴﻤﻊ اﻟﻐﻨﺎء ﻭﻳﺮﻯ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ اﻝﻣﻮﻟﺪ ﺳﻨﺔ ﻓﻰ ﺛﺎﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ، ﻭﺳﻨﺔ ﻓﻰ ﺛﺎﻧﻰ ﻋﺸﺮﻩ، ﻭﻗﺒﻞ اﻝﻣﻮﻟﺪ ﺑﻴﻮﻣﻴﻦ ﻳﺨﺮﺝ اﻹﺑﻞ ﻭاﻟﺒﻘﺮ ﻭاﻟﻐﻨﻢ، ﻭﻳﺰﻓﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺒﻮﻝ ﻟﺘﻨﺤﺮ ﻓﻰ اﻟﻤﻴﺪاﻥ ﻭﺗﻄﺒﺦ ﻟﻠﻨﺎﺱ. ﻭﻳﻘﻮﻝ اﺑﻦ اﻟﺤﺎﺝ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻌﺒﺪﺭﻯ: ﺇﻥ اﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺘﺸﺮا ﺑﻤﺼﺮ ﻓﻰ ﻋﻬﺪﻩ، ﻭﻳﻌﻴﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﺪﻉ " اﻟﻤﺪﺧﻞ ﺟ 2 ﺻ 11، 12 ".
ﻭﺃﻟﻔﺖ ﻛﺘﺐ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻰ اﻝﻣﻮﻟﺪ اﻟﻨﺒﻮﻯ ﻓﻰ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺴﺎﺑﻊ، ﻣﺜﻞ ﻗﺼﺔ اﺑﻦ ﺩﺣﻴﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺑﻤﺼﺮ ﺳﻨﺔ 633 ﻫـ، ﻭﻣﺤﻴﻰ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻰ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺑﺪﻣﺸﻖ ﺳﻨﺔ 638 ﻫـ، ﻭاﺑﻦ ﻃﻐﺮﺑﻚ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺑﻤﺼﺮ ﺳﻨﺔ 670 ﻫـ، ﻭﺃﺣﻤﺪ اﻟﻌﺰﻟﻰ ﻣﻊ اﺑﻨﻪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺑﺴﺒﺘﻪ ﺳﻨﺔ 677 ﻫـ.
ﻭﻻﻧﺘﺸﺎﺭ اﻟﺒﺪﻉ ﻓﻰ اﻟﻤﻮاﻟﺪ ﺃﻧﻜﺮﻫﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء، ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻜﺮﻭا ﺃﺻﻞ ﺇﻗﺎﻣﺔ اﻝﻣﻮﻟﺪ، ﻭﻣﻨﻬﻢ اﻟﻔﻘﻴﻪ اﻟﻤﺎﻟﻜﻰ ﺗﺎﺝ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺨﻤﻰ اﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻯ اﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﻟﻔﺎﻛﻬﺎﻧﻰ، اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 731 ﻫـ، ﻓﻜﺘﺐ ﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ " اﻟﻤﻮﺭﺩ ﻓﻰ اﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ اﻝﻣﻮﻟﺪ" ﺃﻭﺭﺩﻫﺎ اﻟﺴﻴﻮﻃﻰ ﺑﻨﺼﻬﺎ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺣﺴﻦ اﻟﻤﻘﺼﺪ".
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻔﺎﺿﻞ ﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮﺭ: ﻭﻗﺪ ﺃﺗﻰ اﻟﻘﺮﻥ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻭاﻟﻨﺎﺱ ﺑﻴﻦ ﻣﺠﻴﺰ ﻭﻣﺎﻧﻊ، ﻭاﺳﺘﺤﺴﻨﻪ اﻟﺴﻴﻮﻃﻰ ﻭاﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻌﺴﻘﻼﻧﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺠﺮ اﻟﻬﻴﺘﻤﻰ، ﻣﻊ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﻢ ﻟﻤﺎ ﻟﺼﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﺪﻉ، ﻭﺭﺃﻳﻬﻢ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺁﻳﺔ {ﻭﺫﻛﺮﻫﻢ ﺑﺄﻳﺎﻡ اﻟﻠﻪ}
ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ: 5. ﺃﺧﺮﺝ اﻟﻨﺴﺎﺋﻰ ﻭﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻰ ﺯﻭاﺋﺪ اﻟﻤﺴﻨﺪ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻰ ﻓﻰ ﺷﻌﺐ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﺑﻰ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻰ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻓﺴﺮ اﻷﻳﺎﻡ ﺑﻨﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﻭﺁﻻﺋﻪ "ﺭﻭﺡ اﻟﻤﻌﺎﻧﻰ ﻟﻵﻟﻮﺳﻰ" ﻭﻭﻻﺩﺓ اﻟﻨﺒﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﻛﺒﺮﻯ. اﻩـ.
ﻭﻓﻰ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺃﺑﻰ ﻗﺘﺎﺩﺓ اﻷﻧﺼﺎﺭﻯ ﻗﺎﻝ: ﻭﺳﺌﻞ - اﻟﻨﺒﻰ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋﻦ ﺻﻮﻡ ﻳﻮﻡ اﻻﺛﻨﻴﻦ ﻓﻘﺎﻝ " ﺫاﻙ ﻳﻮﻡ ﻭﻟﺪﺕ ﻓﻴﻪ، ﻭﻳﻮﻡ ﺑﻌﺜﺖ ﺃﻭ ﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻪ " ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻭاﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ:
ﻭﻟﺪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﺎﻡ اﻟﻔﻴﻞ ﻳﻮﻡ اﻻﺛﻨﻴﻦ اﻟﺜﺎﻧﻰ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺭﺑﻴﻊ اﻷﻭﻝ، ﻭﻓﻴﻪ ﺑﻌﺚ ﻭﻓﻴﻪ ﻋﺮﺝ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻭﻓﻴﻪ ﻫﺎﺟﺮ ﻭﻓﻴﻪ ﻣﺎﺕ ﺃﻯ ﻓﻰ ﺷﻬﺮ ﺭﺑﻴﻊ اﻷﻭﻝ، ﻓﺎﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻮﻡ ﻭﻻﺩﺗﻪ ﻟﻪ ﻣﺰﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﻴﺔ اﻷﻳﺎﻡ، ﻭﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻄﻤﻊ ﻓﻰ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺃﺟﺮﻩ ﺑﻤﻮاﻓﻘﺘﻪ ﻟﻴﻮﻡ ﻓﻴﻪ ﺑﺮﻛﺔ، ﻭﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺼﺎﺩﻓﺘﻪ ﻷﻭﻗﺎﺕ اﻻﻣﺘﻨﺎﻥ اﻹﻟﻬﻰ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻗﻄﻌﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ، ﻭﻟﺬا ﻳﻜﻮﻥ اﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻴﻮﻡ، ﻭﺷﻜﺮ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻮﻻﺩﺓ اﻟﻨﺒﻰ ﻭﻫﺪاﻳﺘﻨﺎ ﻟﺸﺮﻳﻌﺘﻪ ﻣﻤﺎ ﺗﻘﺮﻩ اﻷﺻﻮﻝ، ﻟﻜﻦ ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻻ ﻳﺘﺨﺬ ﻟﻪ ﺭﺳﻢ ﻣﺨﺼﻮﺹ، ﺑﻞ ﻳﻨﺸﺮ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺒﺸﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻮﻟﻪ، ﻭﻳﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﺷﺮﻋﻪ، ﻭﻳﻌﺮﻑ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ، ﻭﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺤﺮﻡ ﺷﺮﻋﺎ. ﺃﻣﺎ ﻋﺎﺩاﺕ اﻷﻛﻞ ﻓﻬﻰ ﻣﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {ﻛﻠﻮا ﻣﻦ ﻃﻴﺒﺎﺕ ﻣﺎ ﺭﺯﻗﻨﺎﻛﻢ ﻭاﺷﻜﺮﻭا ﻟﻠﻪ}
اﻟﺒﻘﺮﺓ: 172 اﻧﺘﻬﻰ.
ﻭﺭﺃﻳﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬﻯ ﻛﺎﺩ اﻟﺸﺒﺎﺏ ﻳﻨﺴﻰ ﻓﻴﻪ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺃﻣﺠﺎﺩﻩ، ﻓﻰ ﻏﻤﺮﺓ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻﺕ اﻷﺧﺮﻯ اﻟﺘﻰ ﻛﺎﺩﺕ ﺗﻄﻐﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻰ اﻟﺴﻴﺮﺓ، ﻭﻋﻤﻞ ﺁﺛﺎﺭ ﺗﺨﻠﺪ ﺫﻛﺮﻯ اﻝﻣﻮﻟﺪ، ﻛﺒﻨﺎء ﻣﺴﺠﺪ ﺃﻭ ﻣﻌﻬﺪ ﺃﻭ ﺃﻯ ﻋﻤﻞ ﺧﻴﺮﻯ ﻳﺮﺑﻂ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﻫﺪﻩ ﺑﺮﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻭﺳﻴﺮﺗﻪ.
ﻭﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻳﺠﻮﺯ اﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻤﻮاﻟﺪ اﻷﻭﻟﻴﺎء، ﺣﺒﺎ ﻟﻬﻢ ﻭاﻗﺘﺪاء ﺑﺴﻴﺮﻫﻢ، ﻣﻊ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ اﻻﺧﺘﻼﻁ اﻟﻤﺮﻳﺐ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭاﻟﻨﺴﺎء، ﻭاﻧﺘﻬﺎﺯ اﻟﻔﺮﺹ ﻟﻤﺰاﻭﻟﺔ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﻛﻞ ﺃﻭ ﺷﺮﺏ ﺃﻭ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺃﻭ ﻟﻬﻮ، ﻭﻣﻦ ﻋﺪﻡ اﺣﺘﺮاﻡ ﺑﻴﻮﺕ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﻦ ﺑﺪﻉ ﺯﻳﺎﺭﺓ اﻟﻘﺒﻮﺭ ﻭاﻟﺘﻮﺳﻞ ﺑﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﻳﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻵﺩاﺏ.
ﻓﺈﺫا ﻏﻠﺒﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺮ ﻣﻨﻊ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﺩﺭءا ﻟﻠﻤﻔﺴﺪﺓ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺻﻮﻝ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ.
ﻭﺇﺫا ﺯاﺩﺕ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺎﺕ ﻭاﻟﻤﻨﺎﻓﻊ اﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﻓﻼ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻫﺬﻩ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻭاﻟﻤﺮاﻗﺒﺔ ﻟﻤﻨﻊ اﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ﺃﻭ اﻟﺤﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻘﺪﺭ اﻟﻤﺴﺘﻄﺎﻉ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ اﻟﺨﻴﺮ ﺗﺸﻮﺑﻬﺎ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﻭﻟﻮ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ، ﻭاﻟﻜﻞ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻰ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ " اﻧﻈﺮ اﻟﺠﺰء اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ اﻷﺳﺮﺓ ﺗﺤﺖ ﺭﻋﺎﻳﺔ اﻹﺳﻼﻡ ".
ﻳﻘﻮﻝ اﻟﺰﺭﻗﺎﻧﻰ ﻓﻰ ﺷﺮﺡ اﻟﻤﻮاﻫﺐ ﻟﻠﻘﺴﻄﻼﻧﻰ: ﺇﻥ اﺑﻦ اﻟﺠﺰﺭﻯ اﻹﻣﺎﻡ ﻓﻰ اﻟﻘﺮاءاﺕ ﻭاﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ 833 ﻫـ ﻋﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺧﺒﺮ ﺃﺑﻰ ﻟﻬﺐ اﻟﺬﻯ ﺭﻭاﻩ اﻟﺒﺨﺎﺭﻯ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺮﺡ ﺑﻣﻮﻟﺪ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺃﻋﺘﻖ " ﺛﻮﻳﺒﺔ" ﺟﺎﺭﻳﺘﻪ ﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻫﺎ ﻟﻪ، ﻓﺨﻔﻒ اﻟﻠﻪ ﻋﻘﺎﺑﻪ ﻭﻫﻮ ﻓﻰ ﺟﻬﻨﻢ ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻫﺬا اﻟﻜﺎﻓﺮ اﻟﺬﻯ ﻧﺰﻝ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺬﻣﻪ ﺟﻮﺯﻯ ﻓﻰ اﻟﻨﺎﺭ ﺑﻔﺮﺣﻪ ﻟﻴﻠﺔ اﻝﻣﻮﻟﺪ ﻓﻤﺎ ﺣﺎﻝ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻤﻮﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺮ ﺑﻣﻮﻟﺪﻫ ﻭﻳﺒﺬﻝ ﻣﺎ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻓﻰ ﻣﺤﺒﺘﻪ.
ﻳﻘﻮﻝ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ:
ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻫﺬا ﻛﺎﻓﺮا ﺟﺎء ﺫﻣﻪ * ﻭﺗﺒﺖ ﻳﺪاﻩ ﻓﻰ اﻟﺠﺤﻴﻢ ﻣﺨﻠﺪا ﺃﺗﻰ ﺃﻧﻪ ﻓﻰ ﻳﻮﻡ اﻻﺛﻨﻴﻦ ﺩاﺋﻤﺎ * ﻳﺨﻔﻒ ﻋﻨﻪ ﻟﻠﺴﺮﻭﺭ ﺑﺄﺣﻤﺪا ﻓﻤﺎ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻌﺒﺪ اﻟﺬﻯ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻩ * ﺑﺄﺣﻤﺪ ﻣﺴﺮﻭﺭا ﻭﻣﺎﺕ ﻣﻮﺣﺪا؟ ﺭﺟﺢ اﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺃﻥ ﻣﻴﻼﺩ اﻟﻨﺒﻰ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻓﻰ ﺛﻨﺘﻰ ﻋﺸﺮﺓ ﻟﻴﻠﺔ ﺧﻠﺖ ﻣﻦ ﺭﺑﻴﻊ اﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ اﻟﻔﻴﻞ ﻭﺭﻭﻯ اﺑﻦ ﺃﺑﻰ ﺷﻴﺒﺔ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻭاﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ، ﻭﺣﻜﻮا ﺷﻬﺮﺗﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ.
ﻭﻗﺪ ﺣﻘﻖ ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎﺏ " ﺗﻘﻮﻳﻢ اﻟﻌﺮﺏ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼﻡ " ﺑﺎﻟﺤﺴﺎﺏ اﻟﻔﻠﻜﻰ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﺃﻥ اﻟﻤﻴﻼﺩ ﻛﺎﻥ ﻓﻰ ﻳﻮﻡ اﻻﺛﻨﻴﻦ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﺑﻴﻊ اﻷﻭﻝ اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻟﻠﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺃﺑﺮﻳﻞ ﺳﻨﺔ 571 ﻣ.
"اﻧﻈﺮ اﻟﺤﺎﻭﻯ ﻟﻠﻔﺘﺎﻭﻯ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻰ ﻭﻣﺠﻠﺔ اﻟﻬﺪاﻳﺔ اﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﻓﻰ ﺭﺑﻴﻊ اﻷﻭﻝ 1394ﻫـ "
انتهى ما ذكره الشيخ في عام ١٩٩٧ م
ومنه يعلم الجواب عن السؤال
والله تعالى أعلى وأعلم
أد / مختار مرزوق عبدالرحيم
العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق