هؤلاء لا سلف ولا خلف
((••ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺒﺪاﻭﺓ ﻳﻜﺮﻫﻮﻥ اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎﺕ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻭﻻ ﻳﺤﺴﻨﻮﻥ اﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﻬﺎ ﻓﻰ ﺩﻋﻢ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ، ﻭﻳﺮﻓﻀﻮﻥ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻰ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻥ ﻣﺜﻼ ﻷﻥ ﻇﻬﻮﺭ اﻟﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ ﺣﺮاﻡ، ﻭﻳﺘﻨﺎﻭﻟﻮﻥ اﻟﻤﻘﺮﺭاﺕ اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ ﻭاﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻬﺰء ﻭاﻹﻧﻜﺎﺭ، ﻭﻫﺆﻻء ﻓﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺳﻠﻒ ﻭﻻ ﺧﻠﻒ ، ﻭﺃﺩﻣﻐﺘﻬﻢ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ.
••ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ اﻷﻋﻨﺖ اﻷﻋﻨﺖ ، ﻭاﻷﻏﻠﻆ اﻷﻏﻠﻆ ، ﻣﻦ ﻛﻞ ﺭﺃي ﻗﻴﻞ، ﻓﻤﺎ ﻳﻔﺘﻮﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻳﻨﻐﺺ ﻣﻌﺎﻳﺸﻬﻢ، ﻭﻳﺆﺧﺮ ﻣﺴﻴﺮﺓ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ، ﻭﻳﺄﻭي ﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻛﻬﻮﻓﻬﺎ اﻟﻤﻈﻠﻤﺔ . ﻭﻫﺆﻻء ﺃﻳﻀﺎ ﻻ ﺳﻠﻒ ﻭﻻ ﺧﻠﻒ. ﺇﻧﻬﻢ ﺃﻧﺎﺱ ﻓﻰ اﻧﺘﺴﺎﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻮﻡ اﻟﺪﻳﻦ ﻧﻈﺮ، ﻭﺃﻏﻠﺒﻬﻢ ﻣﻌﺘﻞ اﻟﻀﻤﻴﺮ ﻭاﻟﺘﻔﻜﻴﺮ. ••ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺇﻟﻐﺎء اﻟﺮﻗﻴﻖ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻛﺌﻴﺒﺔ! ﻗﻠﺖ ﻟﻬﻢ: ﺃﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﺃﻥ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻫﻢ ﺃﺣﺮاﺭ ﺃﻭﻻﺩ ﺃﺣﺮاﺭ اﺧﺘﻄﻔﺘﻬﻢ ﻋﺼﺎﺑﺎﺕ اﻟﻨﺨﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺃﻗﻄﺎﺭﻫﻢ ، ﻭﺑﺎﻋﺘﻬﻢ ﻛﻔﺮاﻧﺎ ﻭﻋﺪﻭاﻧﺎ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﻟﻜﻢ ﺧﺪﻣﺎ ، ﻭﻫﻢ ﻓﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺳﺎﺩﺓ؟! ﻣﺎ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ التي ﺗﻘﺮ ﻫﺬا اﻟﺒﻼء؟ ﻭﻣﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺿﺎﻗﻮا ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻴﺼﻞ ﻓﻰ ﺗﺤﺮﻳﺮﻫﻢ ، ﻭﺇﻟﻐﺎء ﺑﻴﻌﻬﻢ ﻭ ﺷﺮاﺋﻬﻢ ؟ ﺇﻥ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺸﻬﻴﺪ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﻢ
••ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺇﻥ ﺁﻳﺔ (ﻭﻗﺎﺗﻠﻮا ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﻌﺘﺪﻭا) ﻣﺮﺣﻠﻴﺔ. ﻓﺈﺫا ﺃﻣﻜﻨﺘﻨﺎ اﻟﻴﺪ ! ﻟﻢ ﻧﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ. ﻗﻠﺖ: ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺳﻠﻔﻴﺔ. ﻫﺬا ﻓﻜﺮ ﻗﻄﺎﻉ ﻃﺮﻕ ﻻ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺩﻋﻮﺓ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﺣﺼﻴﻔﺔ، ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﺪﺭﻳﺲ اﻹﺳﻼﻡ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻼﻣﺬﺓ ﺑﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻣﻮا ﻓﻰ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭاﻟﻤﺠﺎﻣﻊ اﻟﺪﻭﻟﻴﺔ .
••ﺇﻥ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼمي اﻵﻥ ﻣﺘﺨﻠﻒ ﺣﻀﺎﺭﻳﺎ ، ﻭﻣﻀﻄﺮﺏ ﺃﺧﻼﻗﻴﺎ ﻭاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ، ﻭﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ اﻷﻣﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪﺓ اﻟﺼﺎﻋﺪﺓ ﺃﻣﺪ ﺑﻌﻴﺪ. ﻫﺬﻩ اﻷﻣﻢ ﺗﻌﻠﻢ ﻇﺎﻫﺮا ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎﺓ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺗﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ ﺟﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻟﻘﺎﺋﻪ. ﻭاﻹﺳﻼﻡ ﻭﺣﺪﻩ ﻫﻮ اﻟﻤﺎﻟﻚ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻬﺎﺩﻳﺔ . ﻭلكي ﺗﺆدي ﺃﻣﺘﻪ ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻣﺮاﻥ: اﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﺗﻄﻮي ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﺨﻠﻒ اﻟﺤﻀﺎﺭي، ﻭاﻻﺿﻄﺮاﺏ اﻹﻧﺴﺎني اﻟﺬي ﻳﺸﻴﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺰﻳﻨﻬﺎ. ﻭاﻟﺜﺎني: ﺃﻥ ﺗﺘﻘﺪﻡ ﺑﺸﺮﻑ ﻭﻛﻴﺎﺳﺔ ﻟﺘﻘﻮﻝ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﻢ: (ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﺟﺎءﻛﻢ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻣﻦ ﺭﺑﻜﻢ ﻭﺃﻧﺰﻟﻨﺎ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻧﻮﺭا ﻣﺒﻴﻨﺎ) . ولكي ﻧﻨﺠﺢ في ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ نقتفي ﺁﺛﺎﺭ ﺳﻠﻔﻨﺎ . ﻭاﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻋﻨﻮاﻥ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺤﺮ اﻟﻤﻜﺘﺸﻒ اﻟﺪؤﻭﺏ.ﺇﻥ ﻫﺬا اﻟﻌﻘﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﻛﺐ ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻰ اﻟﺬاﺕ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻗﻒ. ﻭاﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻧﺠﺢ ﺃﻳﻤﺎ ﻧﺠﺎﺡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺤﺚ ﻓﻰ اﻟﻤﺎﺩﺓ اﻟﺘﻰ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻰ ﺭﺑﻬﺎ ـ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ـ ﻓﺄﻧﻰ ﻟﻪ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻭﻻ ﻳﻘﺪﺭ؟!
- ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﺮﻓﺾ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻧﻘﺒﻞ اﻟﻤﺬاﻫﺐ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﻭﻧﻀﻊ اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻰ ﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ اﻧﺘﻘﺎﻝ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﻃﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﻃﻮﺭ.
- ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﻬﺶ ﻟﻠﺘﻘﺪﻡ العلمي ﻭﻧﻄﻮﻋﻪ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﻣﺒﺎﺩﺋﻨﺎ ﻭﻣﺜﻠﻨﺎ.
- ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﺮﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺯاﺣﺔ اﻟﺒﻠﻪ ﻭﺫﻭي اﻟﻌﻘﺪ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﺩﺓ اﻟﻔﻜﺮ الديني ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻏﺸﺎﻭاﺕ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ، ﻭﺣﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ.
- ﺇﻧﻨﺎ ﻣﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻓﻘﻬﺎء ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻤﺎﻝ ﻭاﻟﺤﻜﻢ ، ﻭﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺴﺒﻘﻬﻢ اﻹﻟﺤﺎﺩ ﺇﻟﻰ اﺟﺘﺬاﺏ اﻟﺸﻌﻮﺏ اﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻴﺎﺩﻳﻦ اﻟﺨﻄﻴﺮﺓ. ﻭﻣﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻓﻘﻬﺎء ﻳﻬﻴﻤﻨﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷؤﻮﻥ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭاﻹﻋﻼﻡ ﺑﺮﺣﺎﺑﺔ اﻹﺳﻼﻡ ﻭﺑﺸﺎﺷﺘﻪ ﻻ ﺑﺎﻟﺘﺰﻣﺖ ﻭاﻟﺘﻜﻠﻒ .ﺇﻥ اﻟﻔﻘﻪ الاسلامي ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺳﻠﻔﻨﺎ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻣﻌﺠﺰﺓ ، ﺃﻣﺎ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼمي ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﻥ ﻓﻬﻮ ﻳﻤﻴﺖ ﻭﻻ ﻳﺤﻴﻰ.))
دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين - محمد الغزالي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق