الخميس، 27 يونيو 2019

هل يجوز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وءال بيته والصالحين، وهل التبرك بآثاره مخصوص بحياته صلى الله عليه وسلم ؟ والتوسل


سؤال : هل يجوز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وءال بيته والصالحين، وهل التبرك بآثاره مخصوص بحياته صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب
التبرك لغة : طلب البركة، والبركة هي: النماء والزيادة. قال الراغب الأصفهاني: البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء. قال ابن منظور: «البَرَكة النَّماء والزيادة، والتَّبْريك الدعاء للإنسان أو غيره بالبركة. يقال: بَرَّكْتُ عليه تَبْريكًا، أي قلت له بارك الله عليك. وبارك الله الشيءَ، وبارك فيه، وعليه، وضع فيه البَرَكَة. وطعام بَرِيك، كأنه مُبارك» لسان العرب 10/395
 والمسلم يعتقد أن الله سبحانه وتعالى هو خالق البركة، فالبركة من الله لمن شاء أن يباركه، والله سبحانه بحكمته يختار من الأزمان ما يباركها، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}الدخان :3
 ويختار سبحانه من الأماكن ما يباركها، قال سبحانه: {وَأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَتِى بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف :137]. قال تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا منَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} الإسراء 1. وقال سبحانه: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء :71]. وقد بارك البيت الحرام، فقال تعالى : {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وَضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} آل عمران :96
 ويختار سبحانه من الأشخاص من يباركهم، فبارك الأنبياء وأهل بيتهم، قال تعالى: {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} [هود :73]. وبارك أتباع الأنبياء، ومن تبعهم، قال تعالى : {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} هود :48
 وأثبت سبحانه أن أنبيائه عليهم السلام يصطحبون بركتهم أينما ذهبوا، فقال سبحانه: {وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًا} [مريم :31]. ويبارك الله المؤمنين المتبعين لمنهج الله، فقال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} الأعراف :96
 ويستحب للمؤمن أن يلتمس بركة هذه الجهات التي ثبتت بركتها من عند الله سبحانه وتعالى، فيستحب للمؤمن التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم وآثاره، وقد ثبت ذلك التبرك من صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاته وآثاره، ولم ينكر عليهم بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم إجابته بالتبريك لهم وعليهم
 أخرج البخاري بسنده عن عروة عن الِمسْوَر وغيره يُصَدِّق كل واحد منهما صاحبه: «وإذا توضأ النبي صلى الله عليه وسلم كادوا يقتتلون على وضوئه» (1)
وفي حديث صلح الحديبية في البخاري من حديث المِسْوَر بن مخرمة، بعد رجوع عروة بن مسعود إلى قريش : «فرجع عروة إلى أصحابه، فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر، وكسرى، والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدًا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها»  (2)
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان: «يؤتى بالصبيان فيُبَرِّك عليهم ويُحَنِّكهم»  (3)
 وعن أسماء : «أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة. قالت : فخرجت وأنا مُتِم، فأتيت المدينة، فنـزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنّكه بالتمرة، ثم دعا له وبَرَّك عليه، وكان أول مولود وُلد في الإسلام»  (3)
 وكانت أسماء بنت أبي بكر تقول للحجاج: «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فدفع دمه إلى ابني -تقصد عبد الله بن الزبير- فشربه فأتاه جبريل عليه السلام فأخبره فقال: ما صنعت؟ قال: كرهت أن أصب دمك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمسك النار، ومسح على رأسه»  (5)
 عن عُميرة بنت مسعود رضي الله عنها : «أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي وأخواتها يبايعنه وهن خمس فوجدنه وهو يأكل قديدًا فمضغ لهن قديدة ثم ناولنى القديدة فمضغتها كل واحدة منهن قطعة فلقين الله وما وجدن لأفواهن خلوف» (6)
هذا ما يخص التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وأما التبرك بآثار الصالحين، فأصل أدلة هذا الباب هي نفس أحاديث التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك لأن الأصل عدم اختصاص تلك البركة بالنبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت مقامها من النبي صلى الله عليه وسلم أعلى، وهذا ما فهمه كبار شراح السنة النبوية المطهرة كالنووي، وابن حجر، وغيرهما.
 قال الإمام النووي–عقب حديث الاستشفاء بجُبة رسول الله صلى الله عليه وسلم-: « وفى هذا الحديث دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم» (8) 
 وقال: «قوله فخرج بلال بوضوء فمن نائل بعد ذلك وناضح تبركًا بآثاره صلى الله عليه وسلم، وقد جاء مبينًا في الحديث الآخر: فرأيت الناس يأخذون من فضل وضوئه، ففيه التبرك بآثار الصالحين واستعمال فضل طهورهم وطعامهموشرابهم ولباسهم»(9)
وقال كذلك الإمام النووي: «وفي هذا الحديث فوائد: «منها تحنيك المولود عندولادته وهو سنة بالإجماع كما سبق. ومنها أن يُحَنّكه صالح من رجل أو امرأة. ومنها التبرك بآثار الصالحين وريقهم وكل شيء منهم»(10)
 وقال: «أما أحكام الباب ففيه استحباب تحنيك المولود، وفيه التبرك بأهل الصلاح والفضل، وفيه استحباب حمل الأطفال إلى أهل الفضل للتبرك بهم، وسواء في هذاالاستحباب المولود في حال ولادته وبعدها»(11)
 وقال في باب قربه صلى الله عليه وسلم من الناس وتبركهم به وتواضعه لهم: «وفيه التبرك بآثار الصالحين وبيان ما كانت الصحابة عليه من التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم وتبركهم بإدخال يده الكريمة في الآنية وتبركهم بشعره الكريم وإكرامهم إياه أن يقع شيء منه إلا في يد رجل سبق إليه»(12)
 قال ابن حجر -عقب حديث صلاته صلى الله عليه وسلم لعتبان ابن مالك في بيته ليتخذ هذا الموضع مصلى له-: «وفيه التبرك بالمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو وطئها، ويستفاد منه أن من دعي من الصالحين ليتبرك به انه يجيب إذا أمن الفتنة»(13)
 قال الحافظ عقب حديث الرجل الذي طلب البردة من النبي صلى الله عليه وسلم ولامه أصحابه على ذلك: «وفيه جواز استحسانا لإنسان ما يراه على غيره من الملابس وغيرها إما ليعرفه قدرها وأما ليعرض له بطلبهمنه حيث يسوغ له ذلك، وفيه مشروعية الإنكار عند مخالفة الأدب ظاهرا وإن لم يبلغ المنكر درجة التحريم،وفيه التبرك بآثار الصالحين»(14)
وقال: «قيل: الحكمة في تأخير الإزار معه إلى أن يفرغ من الغسل ولم يناولهن إياه أولا ليكون قريب العهد من جسده الكريم، حتى لا يكون بين انتقاله من جسده إلى جسدها فاصل، وهو أصل في التبرك بآثارالصالحين وفيه جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل، وسيأتي الكلام عليه في باب مفرد»(15)
 وقال الحافظ في حديث اللديغ: «وفي الحديث التبرك بالرجل الصالح وسائر أعضائه وخصوصا اليد اليمنى» (16)
 وقال في حديث آخر: «وفيه استعمال آثار الصالحين ولباس ملابسهم على جهة التبرك والتيمن بها»(17)
 وقد بَوبَ الحافظ ابن حبان في صحيحه بابا بعنوان: « باب ذِكْرُ ما يُستحبُّ للمِرء التَّبركُ بالصالحينَ وأشباهِهم» وأورد تحته حديث: أخبرنا أحمدُ بنُ علي بن المثنى، قال: حَدَّثنا أبو كريبٍ، قال: حدثنا أبو أسامة، عن بُرَيْد بن عبد الله، عن أبي بُردة عن أبي موسى قال: كنتُ عِنْدَ رسولِ اللَّهِ، نَازِلا بِالجِعْرانَةِ، بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلالٌ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ أَعْرَابيٌّ، فَقَالَ: أَلا تُنْجِزُ لي يَا مُحَمَّدُ مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه : «أَبشِرْ». فَقَالَ لَهُ الأعْرَابِيُّ: لَقَدْ أَكثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ البُشْرَى، قال: فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ، عَلَى أبي مُوسَى وَبِلالٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ، فَقَالَ: «إنَّ هذا قَدْ رَدَّ الْبُشْرَى، فَاقْبَلا أَنْتُما». فَقَالا: قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال: فَدَعَا رسولُ اللَّهِ ، بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قال لَهُمَا: « اشْرَبَامِنْهُ، وَأَفْرِغا عَلَى وُجُوهِكُمَا أَوْ نُحُورِكُمَا ». فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلا مَا أَمَرَهُما بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، فَنَادَتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ مِن وَرَاءِ السِّتْرِ، أَن ْأَفْضِلا لأمِّكُمَا في إنَائِكُمَا، فَأَفْضَلا لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً»(18)
 مما يشير إلى أنهم كانوا يستدلون بأحاديث التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم على جواز التبرك بالصالحين، وقد ورد عن الإمام أحمد بن حنبل أنه تبرك بجبة يحيى بن يحيى نقل ذلك ابن مفلح، حيث قال: «قال المروذي في كتاب الورع: «سمعت أبا عبد الله يقول قد كان يحيى بن يحيى أوصى لي بجبته فجاءني بها ابنه فقال لي فقلت رجل صالح قد أطاع الله فيها أتبرك بها»(19)
 أما عن مسألة التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم وآثاره بعد وفاته، فلم يفرق المسلمون بين التبرك به صلى الله عليه وسلم وبآثاره الشريف قبل وفاته، وبعدها، فثبت عن كثير من الصحابة والسلف التبرك بآثاره بعد وفاته.
 حينما حضرت عمر بن العزيز الوفاة، دعا بشعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وأظفار من أظفاره وقال: إذا مت فخذوا الشعر والأظفار ثم اجعلوه في كفني. (20)
 عن سهل في حديث المرأة التي للنبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله منك وهي لا تعرفه وفيه: « .. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه، ثم قال : اسقنا –لسهل- قال: فأخرجت لهم هذا القَدَح، فأسقيتهم فيه. قال أبو حازم: فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا فيه. قال: ثم استوهبه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز فوهبه له»(21)
 قال النووي عقب هذا الحديث: «هذا فيه التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وما مسه أو لبسه أو كان منه فيه سبب، وهذا نحو ما أجمعوا عليه وأطبق السلف والخلف عليه من التبرك بالصلاة في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الروضة الكريمة، ودخول الغار الذي دخله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك. من هذا إعطاؤه صلى الله عليه وسلم أبا طلحة شعره ليقسمه بين الناس، وإعطاؤه صلى الله عليه وسلم حقوة لتكفن فيه بنته رضي الله عنها، وجعله الجريدتين على القبرين، وجمعت بنت ملحان عرقه صلى الله عليه وسلم، وتمسحوا بوضوئه صلى الله عليه وسلم، ودلكوا وجوههم بنخامته صلى الله عليه وسلم، وأشباه هذه كثيرة مشهورة في الصحيح، وكل ذلك واضح لا شك فيه» (22)
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: «أنها أخرجت إلى جُبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج فقالت هذه كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها. (23)
 عن سهل بن سعد قال: «جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة، فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة ؟ فقال القوم هي شملة. فقال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها. فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها، فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه، فاكسنيها. فقال: نعم. فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه، قالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجا إليها ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أكفن فيها» (24). وهو لا يعلم إذا كان موته قبل انتقال النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده، ولم ينكر عليه الصحابة الكرام.
 قال الذهبي: «وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده فقبلها ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنقول نحن إذ فاتنا ذلك: حجر معظم بمنـزلة يمين الله في الأرض مسته شفتا رآه صلى الله عليه وسلم لاثما له، فإذا فاتك الحج، وتلقيت الوفد، فالتزم الحاج، وقبل فمه، وقل: فم مس بالتقبيل حجرا قبله خليلي صلى الله عليه وسلم»(25)
وقال الذهبي أيضا: «وقد «سئل أحمد بن حنبل عن مس القبر النبوي وتقبيله فلم ير بذلك بأسًا»، رواه عنه ولده عبد الله بن أحمد.
 فإن قيل: فهلا فعل ذلك الصحابة ؟ قيل: لأنهم عاينوه حيا، وتملوا به، وقبلوا يده، وكادوا يقتتلون على وضوءه، واقتسموا شعره المطهر يوم الحج الأكبر، وكان إذا تختم لا تكاد نخامته تقع إلا في يد رجل فيدلك بها وجهه، ونحن فلما لم يصح لنا مثل هذا النصيب الأوفر ترامينا على قبره بالالتزام والتبجيل والاستلام والتقبيل»(26)       
 علم مما ذكر من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والنقل عن الأئمة الأعلام من أئمة أهل السنة والجماعة، يتأكد لنا جواز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته، ولا فرق في ذلك بين حياته ووفاته، وكذلك جواز التبرك بآثار الصالحين لا فرق في ذلك بين حياتهم ومماتهم، والله تعالى أعلى وأعلم
________________________________________
([1])  رواه البخاري في صحيحه 1/81
 ([2])  أخرجه البخاري في صحيحه 1/147 واللفظ له، ومسلم في صحيحه 1/360
 ([3])  رواه مسلم في صحيحه 1/237 طـ الحلبي
 ([4])  أخرجه البخاري في صحيحه 3/1422، ومسلم في صحيحه 3/1691 واللفظ له
([5])  أخرجه الحاكم في المستدرك 3/638، والدارقطني في سننه 1/228 واللفظ له، وذكره السيوطي في الخصائص الكبرى الخصائص الكبرى 1/171، وأبونعيم في حلية الأولياء 1/330
([6])  رواه الطبراني في الكبير 24/341، وأبو نعيم في حلية الأولياء 2/70=
 ([8])  شرح النووي على صحيح مسلم 14/44 .
 ([9])  شرح النووي على صحيح مسلم 14/44 .
 ([10])  شرح النووي على صحيح مسلم 14/124 .
 ([11])  شرح النووي على صحيح مسلم 14/194 .
 ([12])  شرح النووي على صحيح مسلم 15/82 .
 ([13])  شرح النووي على صحيح مسلم 4/219.
 ([14])  فتح الباري 3/144 .
 ([15])  فتح الباري 3/129 .
 ([16])  فتح الباري 10/198 .
 ([17])  فتح الباري 10/198 .
 ([18])  صحيح ابن حبان 2/317 .
 ([19])  الآداب الشرعية لابن مفلح 2/235.
 ([20])  الطبقات: 5/406، ترجمة عمر بن عبدالعزيز.
 ([21])  رواه الترمذي في سننه 4/306، وابن ماجه في سننه 2/1132.
 ([22])  شرح النووي على صحيح مسلم 13/178 -179 ط دار إحياء التراث العربي.
 ([23])  رواه مسلم في صحيحه 3/1641.
 ([24])  أخرجه البخاري في صحيحه 5/2245.
 ([25])  سير أعلام النبلاء 4/43.
 ([26])  معجم الشيوخ، للذهبي 1/73 ، 74.

أحب أن أسأل الشيوخ الأفاضل عن الدليل الشرعي لجواز التوسل بالاولياء والصالحين في حياتهم وبعد مماتهم فأفيدونا نفعنا الله بكم. بوركتم وقوّاكم الله على طاعته.
الجواب
قال الله تعالى : يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ] الآية. المائدة/35
أخي السائل، لقد جعل الله سبحانه وتعالى من الأسباب المعينة لنا لتحقيق مطالب لنا التوسل بالأنبياء والأولياء في حال حياتهم وبعد مماتهم.
فالتوسل هو طلب حصول منفعة أو اندفاع مضرة من الله بذكر اسم نبي أو ولي إكرامًا للمُتوَسِّل به. الطلب من الله لأن الأنبياء والأولياء لا يخلقون مضرة ولا منفعة ولكن نحن نسأل الله بهم رجاء تحقيق مطالبنا فنقول: اللهمّ إني أسألك بجاه رسول الله أو بحرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتفرّج كربي، فالتوسّل بالأنبياء والأولياء جائز في حال حضرتهم وفي حال غيبتهم، ومناداتهم جائزة في حال غيبتهم وفي حال حضرتهم كما دلّت على ذلك الأدلّة الشرعية. فرسول الله صلى الله عليه وسلم علّم الأعمى أن يتوسّل به فتوسل الأعمى الضرير برسول الله، توسّل بحبيب الله، توسّل بأفضل خلق الله فردّ الله تعالى إليه بصره. فلقد علّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولاللهمّ إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبي الرحمة يا محمّد إني أتوجّه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي.
ثم هذا الأعمى لم يكن حاضرًا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل أن راوي الحديث عثمان بن حنيف قال لَما روى حديث الأعمى: فوالله ما تفرّقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر.اهـ
فمن قوله: "حتى دخل علينا" علمنا أن هذا الرجل لم يكن حاضرًا في المجلس حين توسّل برسول الله صلى الله عليه وسلم . الحديث رواه جمع من الحفاظ كالحافظ الطبراني وصححه
 وقال الفقيه المجتهد عليّ السبكي في كتابه شفاء السقام: "اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى ، وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر أحدٌ ذلك" أي من العلماء المعتبرين. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه: "وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمّان عن مالك الدار قال أصاب الناس قحطٌ (أي مجاعة) في زمن عمر (أي في خلافته) فجاء رجل (من الصحابة) إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، (معناه اطلب من الله المطر لأمتك) فأتى الرجل في المنام فقيل له إيتِ عمر فاقرئه مني السلام وأخبره أنهم يسقون (أي سيأتيكم المطر) وقل له عليك بالكيس الكيس (أي اجتهد في أمر الأمّة) فأتى الرجل فأخبر عمر فقال: يا ربّ ما ءالوا إلا ما عجزت" أي لا أقصّر مع الاستطاعة أي سأسعى ما في وسعي لخدمة الأمّة.
وهذا الرجل هو بلال بن الحارث المزني الصحابي قصد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم للتبَرّك وقال "يا رسول الله استسقِ لأمّتك فإنهم قد هلكوا" فلم ينكر عليه عمر ولا غيره .
واعلم رحمك الله تعالى بتوفيقه أنه لا دليل حقيقي يدلّ على عدم جواز التوسّل بالأنبياء والأولياء في حال غيبتهم أو بعد وفاتهم بدعوى أن ذلك عبادة لغير الله لانه ليس عبادةً لغير الله مجرّد النداء لحيٍّ أو ميِّت ولا مجرّد التعظيم ولا مجرّد الاستعانة بغير الله ولا مجرّد قصد قبر وليٍّ للتبرّكفالعبادة أقصى غاية الخشوع والخضوع. وقال بعض العلماء: هي نهاية التذلّل.اهـ  ونهاية التذلل لا تكون إلا لله . فليس مجرّد التذلل عبادة لغير الله وإلا لكفر كل من يتذلل للملوك والعظماء . وقد ثبت أن "معاذ بن جبل لَما قدِم من الشام سجد لرسول الله". والسجود مظهر كبير من مظاهر التذلل . فقال الرسول:  ما هذا ؟ فقال: يا رسول الله إني رأيت أهل الشام يسجدون لبطاركتهم وأساقفتهم وأنت أولى بذلك. فقال له صلى الله عليه وسلم:  لا تفعل لو كنت ءامر احدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.  ولم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم كفرت ولا قال له أشركت مع أن سجوده للنبي مظهر كبير من مظاهر التذلل.
 وللبيان أخي السائل السجود لإنسان ليس على وجه العبادة إنما على وجه التحية حرام في شرع سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
 فحصّن نفسك أخي المسلم بعلم الدين لتضع الأمور في نصابها فتحرّم ما حرّمه الله وتحلِّل ما أحلّه الله.
ما الدليل على جواز التبرك بقبر النبي عليه الصلاة والسلام وأن هذا ليس بدعة سيئة
الجواب:
 الله تعالى فضل محمدا على جميع الخلق وجعله اكثر الخلق بركة والمكان الذي يكون فيه يصير فيه بركة بإذن الله .
وقدصح في الحديث الذي رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه أن أبا أيوب الانصاري رضي الله عنه زار قبر النبي ووضع وجهه على القبر الشريف . وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الرجل يمس  قبر النبي فقال : إن كان للتبرك لا بأس . كما في كتاب العلل ومعرفة الرجال ج 2 ص 35 .

والأدلة كثيرة يكفي أن هذا اجماع المسلمين .

صحة إسناد أثر ابن عمر وفيه : يا محمد

س: نرجو منكم وبكل أمانة أن تخبرونا حكم إسناد أثر ابن عمر الذي فيه أنه لما خدرت رجله قال يا محمد، فإن بعض الناس يقول:" الرواية ليست صحيحة فهي معلولة بتدليس واختلاط السبيعي"؟
الجواب :
روى الإمام البخاري في كتابه "الأدب المفرد" تحت باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله: قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد. انتهى
وكلمة :"يا محمد" ثابتة في مخطوط الأدب المفرد للبخاري كما أنها ثابتة في عدة نسخ مطبوعة للأدب المفرد.
وهذا الحافظ شمس الدين السخاوي من أهل القرن التاسع الهجري أثبت في كتابه "القول البديع في الصلاة على النبي الشفيع" أنه في كتاب الأدب المفرد للبخاري لفظ: "يا محمد"، فقال ما نصه: "وللبخاري في الأدب المفرد من طريق عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد" اهـ
وإسناد البخاري هذا صحيح لا علة فيه  فأبو نعيم هو الفضل بن دكين، ثقة إمام  ثبت في الحديث ، وأما سفيان فهو سفيان الثوري شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه، الإمام المجتهد، وأما أبو إسحاق فهو السبيعي ثقة من العلماء العاملين، ومن جلة التابعين. ولما كبر تغير حفظه تغير السن، ولكن رواية الثوري عنه كانت قبل ذلك. وأما عبد الرحمن بن سعد فقد وثقه النسائي وذكره ابن حبان في كتاب الثقات. 
 وأما قول بعض المتعالمين :" الرواية ليست صحيحة فهي معلولة بتدليس واختلاط السبيعي" فهو تمويه منه وخيانة وتدليس فلا ينطبق هذا على رواية البخاري له في الأدب المفرد بدليل أن الإمام المجتهد سفيان الثوري روى عنه ذلك لأن سفيان هو من أوائل من سمع من أبي إسحاق السبيعي أي قبل أن يتغير حفظه، وقد ذكر الحافظ ابن حجر فى تهذيب التهذيب: أن الثوري أثبت الناس في السبيعي. ومثل هذا في تهذيب الكمال للحافظ المزي .
وسنـزيدك بشىء وهو أن أثر ابن عمر هذا رواه الإمام السلفي الحافظ الحجة إبراهيم الحربي الذي كان يشبه بالإمام أحمد بن حنبل في العلم والورع في كتابه "غريب الحديث"  فقال:
حدثنا عفان – هو عفان بن مسلم، ثقة، ثبت، إمام حافظ – قال حدثنا شعبة – هو شعبة بن الحجاج، الإمام، الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث – عن أبى إسحاق عمن سمع ابن عمر قال خدرت رجله فقيل: اذكر أحب الناس. قال: يا محمد.
ثم بين الإمام الحربي أن الذي سمع من ابن عمر هو عبد الرحمن بن سعد الثقة.
فقال أي الحربي: حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير عن أبى إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد: جئت ابن عمر فخدرت رجله. فقلت: ما لرجلك؟ قال : اجتمع عصبها قلت: ادع أحب الناس إليك قال : يا محمد، فبسطها.
فهذا الأثر بهذا الإسناد بحمد الله هو حجة، فقد رواه عن السبيعي الإمام شعبة وهذا ينفي عنه ما يزعمه من اختلاطه لأن شعبة من أوائل الذين سمعوا منه، أي قبل أن يشيخ وينسى.
وينفي ما يزعمه من تدليسه لأن شعبة قال:" كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش وأبي إسحاق وقتادة" اهـ نقله عنه الحاكم والبيهقي والحافظ ابن حجر وابن طاهر المقدسي وغيرهم، هذا وقد قال الإمام يحيى بن معين: (إنما أصحاب أبى إسحق سفيان وشعبة) اهـ
وقد روى هذه القصة أيضا جمع كبير من الحفاظ وأثبتوا فيها لفظ "يا" محمد، بإثبات يا النداء كالحافظ ابن السني الذي أوردها في كتابه "عمل اليوم والليلة " تحت باب ما يقول إذا خدرت رجله،  من عدة طرق وبغير إسناد البخاري.
الأول من طريق أبي بكر بن عَيَّاش قال حدثنا أبو إسحاق عن أبي سعيد قال: كنت أمشي مع ابن عمر فخدرت رجله فجلس فقال له رجل اذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمداه، فقام فمشى.
والثاني من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن الهيثم بن حنش قال: كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد، فقام فكأنما نشط من عقال.
والثالث من طريق زهير عن إبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال:كنت عند عبدالله بن عمر، فخدرت رجله ، فقلت له : يا أبا عبد الرحمن ما لرجلك ؟ قال : اجتمع عصبها من ههنا . قلت : ادع أحب الناس إليك ، فقال : يا محمد ، فانبسطت .
وكذلك رواها ابن سعد في الطبقات والحافظ ابن الجعد في مسنده من طريق زهير عن إبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال :كنت عند عبدالله بن عمر ، فخدرت رجله ، فقلت له : يا عبد الرحمن ما لرجلك ؟ قال : اجتمع عصبها من ههنا . قلت : ادع أحب الناس إليك ، فقال : يا محمد ، فانبسطت .
والحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق والحافظ المزي في تهذيب الكمال الذي تمدح بروايته عاليًا، كلُّ بسند ابن الجعد عن عبد الرحمن بن سعد.
والحافظ ابن الجزري في كتابه عدة الحصن الحصين والحافظ النووي في الأذكار النووية  بسند ابن السني عن الهيثم بن حنش.
وهذا الحافظ السخاوي الذي هو من أهل التصحيح والتضعيف ما ضعف أثر ابن عمر عندما خدرت رجله فقال : يا محمد، بل أيده بإيراده من طريقين ءاخرين الأول للحافظ ابن بشكوال من طريق أبي سعيد:كنا عند ابن عمر فخدرت رجله فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد صلى الله عليك وسلم فكأنما نشط من عقال. والطريق الثاني للبخاري في الأدب المفرد، فلا معنى بعد ذلك لقول الألباني الوهابي إن إسناده ضعيف. لأن الألباني ليس من أهل الحفظ باعترافه بل هو بعيد من الحفظ بعد الأرض من السماء.
كل هؤلاء وغيرهم كثير أوردوا هذا الأثر مستحسنين له بل ومرغبين الناس بالعمل به عندما يصيب الرجل الخدر.
وقد أورد هذا الأثر أيضا الشوكاني وهو غير مطعون فيه عند نفاة التوسل في كتابه "تحفة الذاكرين" وذكره ابن تيمية في كتابه "الكلم الطيب" فقال:
فصل في الرجل إذا خدرت : ( عن الهيثم بن حنش قال : كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد، فكأنما نشط من عقال) اهـ
فهذا الأثر أورده ابن تيمية مستحسنا له ومرغبا في العمل به كما أورد سائر الأذكار ولم يعقب عليه ولم يعلق.
وهذا الكتاب ثابت أنه من كتب ابن تيمية، توجد منه نسخ خطية ومطبوعة، وقد اعتنى الوهابية بطبعه مع إثبات حرف النداء يا، طبع باعتناء ونشر وتوزيع ما يسمى رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، وطبع باعتناء مدعي علم الحديث زورا ناصر الألباني الذي قال: " ءاثرنا إثباته (حرف النداء يا) لموافقته لبعض الأصول المخطوطة " ولكنه في مقدمة الكتاب قال عن حديث المناداة بـ "يا محمد: "إنها منافية للتوحيد".
فإن قال أحدهم: إن ابن تيمية أورده بإسناد ضعيف أو من طريق راو مختلف فيه؟
يقال لهم : هذا لا يعكر علينا، لأن إيراد ابن تيمية له في كتابه دليل على أنه أجازه واستحسنه ورغب فيه ، سواء قيل هذا السند من هذا الطريق ضعيف أم لا.
وأثر ابن عمر هذا يؤيده حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه الصحيح والذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم الأعمى أن يتوضأ، ويصلي ركعتين، ويدعو بهذه الكلمات: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضى لي "ففعل الأعمى ذلك بعد أن خرج من مجلس الرسول ثم عاد ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يفارق مجلسه لقول راوي الحديث عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر، أي ولم يقل: "يا محمد "في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه كان ممنوعا عليهم ذلك، لا يجوز نداؤه مشافهة في وجهه بـ"يا محمد"  لقوله تعالى: [لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا]. فهذا الحديث صحيح بلا خلاف، صححه الحافظ الطبراني والحاكم، والبيهقي، والمنذري والهيثمي والمقدسي وغيرهم.
وهو يدل على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في جميع الحالات وفي سائر الأوقات وليس خاصا بذلك الضرير أو بحالة دون حالة أو بوقت دون وقت. لأن الحفاظ أوردوه من غير تخصيص له ببعض الحالات بل معتبرينه من جملة الأذكار التي تقال عند عروض حاجة، وإرادة قضائها.

س: سمعت عن حديث الأعمى الذي علمه الرسول دعاءا يقوله، فقاله وقد أبصر ، أرجو وكلي ثقة بكم أن تخبروني عن هذا الحديث وماذا قال فيه العلماء ؟
الجواب: 
أخرج البخاري في تاريخه الكبير والترمذي في أواخر الدعوات من جامعه وابن ماجه في صلاة الحاجة من سننه والنسائي في عمل اليوم والليلة وأبو نعيم في معرفة الصحابة والبيهقي في دلائل النبوة وغيرهم على اختلاف يسير في غير موضع الاستشهاد، وصححه جماعة من الحفاظ، منهم: الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والطبراني، وأبو نعيم، والبيهقي، والمنذري، والنووي، وابن حجر، والهيثمي، والسيوطي وغيرهم:
عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه " أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني. فقال: (إن شئت أخرت ذلك، وهو خير، وإن شئت دعوت). قال: فادعه. قال: فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء فيقول: ( اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضى لي اللهم شفعه في، وشفعني فيه)اهـ
وسند الترمذي:حدثنا محمود بن غيلان نا عثمان بن عمر، نا شعبة، عن أبي جعفر عن عمارة – بالضم – بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف، ثم ساق الحديث، وقال هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر – وهو الخطمي ". وفي بعض النسخ المطبوعة " وهو غير الخطمي " وفي بعضها " وليس هو الخطمي ".
وهذا وذاك من تصرفات الناسخين، وليس من عادة الترمذي أن يقول هو غير فلان، ويترك من غير بيان.
على أن أبا جعفر الراوي عن عمارة بين شيوخ شعبة إنما هو عمير بن يزيد الخطمي المدني الأصل ثم البصري، كما يظهر من كتاب الرجال المعروفة من مطبوع ومخطوط.
فالصواب أن با جعفر هو الخطمي المدني كما جاء مصرحا به في روايات الطبراني والحاكم والبيهقي زاد الطبراني في المعجم الصغير أن اسمه عمير بن يزيد وأنه ثقة.
وأبو جعفر الرازي المتوفى سنة 160 من شيوخ شعبة لم يدرك عمارة المتوفى سنة 105 أصلا، لأن رحلته إلى الحجاز بعد وفاة عمارة بنحو تسع سنين، وشعبة شعبة في التثبت فيما يروي. على أن طرقًا أخرى للحديث عند الطبراني وغيره تنص في صلب السند على أنه الخطمي الثقة باتفاق، وسند الطبراني في الحديث مسوق في " شفاء السقام " للتقي السبكي.
ورجال سند الترمذي كلهم ثقات، وإنما سماه غريبًا لانفراد عثمان بن عمر، عن شعبة، وانفراد أبي جعفر عن عمارة، وهما ثقتان باتفاق، وكم من حديث صحيح ينفرد به أحد الرواة كحديث " إنما الأعمال بالنيات " وسماه حسنًا لتعدد طرقه بعد أبي جعفر، وعثمان بن عمر. وتسميته صحيحًا باعتبار تكامل أوصاف الصحة في رواته.
وللحديث روايات وألفاظ منها عند ابن أبي خيثمة أن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لما علم الضرير الدعاء المذكور قال له " وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك "اهـ.
وهذا إذن بالتوسل في سائر الأحوال ثم إن الروايات كلها متفقة على أن الذي دعا هو الرجل الضرير ولهذا ترجم له البيهقي في دلائل النبوة بقوله : باب ما جاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم يصبر وما ظهر في ذلك من ءاثار النبوة اهـ .
ولنـزد على ما مضى أن توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة التي علمه رسول الله لم يكن بحضور الرسول، بل ذهب إلى الميضأة فتوضأ وصلى ودعا باللفظ الذي علمه رسول الله، ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم والنبي لم يفارق مجلسه لقول راوي الحديث عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر.
ومما يدل أيضًا على أن توسل هذا الاعمى كان في غير حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال يا محمد في غير حضرته، أنه قد ثبت النهي عن نداء الرسول باسمه في وجهه لقوله تعالى: {لا تجعلوا دُعاءَ الرسولِ بينَكُم كدُعاءِ بعضِكُم بعضًا} [سورة النور/63] الآية.
وفى زيادة صحيحة صححها الحافظ الطبرانى وأخرجها في الدعاء والمعجم الكبير والصغير وأقر تصحيح الطبرانى الحافظ المنذرى في الترغيب والترهيب والحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد وغيرهما :
" عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته– أي لنسيانه لها كما يأتي – فلقى عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيفائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين، ثم قلاللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إلي حين أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال: حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيرًا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته فيّ، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أو تصبر؟" فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات" فقال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل عليه الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط. " اهـ
 وموضع الاستشهاد أن الصحابي المذكور فهم من حديث دعاء الحاجة أنه لا يختص بزمنه صلى الله عليه و سلم وهذا توسل به، ونداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وعمل متوارث بين الصحابة وقد أخرج هذا الحديث ( المرفوع والموقوف) الطبراني (360هـ) في معاجمه الثلاثة وصححه، والحافظ الطبراني وهو الذي وصفه الذهبي في تذكرة الحفاظ بـ"الحافظ الإمام العلامة الحجة بقية الحفاظ مسند الدنيا"، وأقرّه على تصحيحها الحافظ نور الدين الهيثمي (807هـ) في مجمع البحرين في زوائد المعجمين الصغير والأوسط (ج2 ص 318)، وكذا في مجمع الزوائد (ج2 ص 279) بتحرير الحافظين الكبيرين زين الدين العراقي وابن حجر (852هـ) كما أقر المنذري قبله في " الترغيب والترهيب " وقبله أبو الحسن المقدسي.
ولفظ الحديث عند علماء الحديث يطلق على ما يرفع إلى النبي وما يوقف على الصحابي كما هو مقرر في كتب الاصطلاح (كما في تدريب الراوي للسيوطي (ج1 ص42) وشرح النخبة للحافظ ابن حجر على صغره وغيرهما) ، وقد أطلق الإمام أحمد لفظ الحديث على أثر لعمر في الجُبن الذي يأتي به المجوس، وكان من عاداتهم أن يستعملوا في الجبن أنفحة الميتة.
فهذا الحديث حجة في جواز التوسل بالرسول في حياته وبعد مماته، في حضرته وفي غير حضرته، فمحاولة بعض العصريين لتضعيف الحديث مقضى عليها بالفشل الكبير ، فالحديث صحيح بلا شك وهو يدل على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وءاله وسلم في جميع الحالات وفي سائر الأوقات.
 ويكفي لبيان ذلك هنا أن نقول : إن العلماء فهموا الحديث على العموم كما هو الواجب في نصوص الشارع فأورده الترمذي في كتاب الدعوات من سننه والحاكم في الدعاء من مستدركه والبيهقي في كتاب الدعوات وهو مؤلف خاص معتبرين له جملة الأدعية المشروعة المأثورة , وأورده ابن ماجه في كتاب الصلاة من سننه وكذا فعل المنذري في الترغيب والترهيب والهيثمي في مجمع الزوائد معتبرين الصلاة فيه والدعاء من جملة النوافل المطلوبة ، وأورده النووي في أذكار الحاجة من كتاب الأذكار معتبرا له من جملة الأذكار التي تقال عند عروض حاجة، وإرادة قضائها، وأورده غير هؤلاء كابن خزيمة في صحيحه المرتب على الكتب والأبواب وهذا اتفاق منهم على أن الحديث معمول به في سائر الأوقات والأزمان ولو كان خاصا بذلك الضرير أو بحالة دون حالة أو بوقت دون وقت لم يكن لذكرهم له في كتب الأحكام وغيرها فائدة، أو لنبهوا على أنه خاص ليس بعام كما فعلوا في غيره من الأحاديث التي تكون خاصة ببعض الحالات.

س: لو سمحتم نطلب منكم لكونكم مرجعا مهما للمسلمين حسم الأمر بخصوص صحة حديث مالك الدار والذي فيه أن رجلا زار القبر الشريف وقال : يا رسول الله استسق لأمتك ، أفتونا مأجورين؟
الجواب:
 قال ابن كثير في تاريخه (ج/ص: 7/ 105) : " وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو نصر بن قتادة، وأبو بكر الفارسي قالا: حدثنا أبو عمر بن مطر، حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن مالك قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر بن الخطاب، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا. فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: إيت عمر، فأقرئه مني السلام، وأخبرهم أنه مسقون، وقل له عليك بالكيس الكيس. فأتى الرجل فأخبر عمر، فقال: يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت عنه. وهذا إسناد صحيح" اهـ. وهذا إقرار من ابن كثير بصحة هذا الحديث.
وأخرجه التقي السبكي في " شفاء السقام " وغيره، من حديث مالك الدار في استسقاء بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه في عهد عمر بالنبي صلى الله عليه وسلم.
 وأما مالك الدار بالإضافة فهو كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة، الجزء السادس. >> [بقية حرف الميم]. >> القسم الثالث من كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويمكنه أن يسمع منه ولم ينقل أنه سمع منه سواء كان رجلا أو مراهقا أو مميزا [ص:268]. >> الميم بعدها الألف :
" مالك بن عياض مولى عمر هو الذي يقال له مالك الدار، له إدراك، وسمع من أبي بكر الصديق وروى عن الشيخين ومعاذ وأبي عبيدة، روى عنه أبو صالح السمان وابناه عون وعبدالله ابنا مالك، وأخرج البخاري في التاريخ من طريق أبي صالح ذكوان عن مالك الدار أن عمر قال في قحوط المطر يا رب لا ءالو إلا ما عجزت عنه، وأخرجه ابن أبي خيثمة من هذا الوجه مطولا قال:  أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له ائت عمر فقل له إنكم مستسقون فعليك الكفين قال فبكى عمر وقال يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت عنه، وروينا في فوائد داود بن عمرو الضبي جمع البغوي من طريق عبدالرحمن بن سعيد ابن يربوع المخزومي عن مالك الدار قال دعاني عمر بن الخطاب يوما فإذا عنده صرة من ذهب فيها أربعمائة دينار فقال اذهب بهذه إلى أبي عبيدة فذكر قصته، وذكر ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين في أهل المدينة قال: روى عن أبي بكر وعمر وكان معروفا،  وقال أبو عبيدة : ولاه عمر كيلة عيال عمر فلما قدم عثمان ولاه القسم فسمى مالك الدار، وقال إسماعيل القاضي عن علي بن المديني: كان مالك الدار خازنا لعمر"اهـ.

وقال الحافظ الخليلي في كتاب الإرشاد عن مالك الدار:" تابعي قديم متفق عليه أثنى عليه التابعون". انتهى
فهذا مالك الدار ثقة معروف روى عنه أربعة رجال وهم أبو صالح السمان وابناه عون وعبد الله ابنا مالك وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي . ويكفي في توثيقه تولية عمر وعثمان له بأمر المال، ومعنى قول الحافظ في الإصابة : " له إدراك". أي أنه مخضرم وقد اختلف في هذه الطبقة هل هم من الصحابة أم التابعين؟ والصحيح أنهم من كبار التابعين كما قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري المجلد الثاني >> كِتَاب الْجُمُعَةِ >> باب سُؤَالِ النَّاسِ الإمَامَ الاسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا :" وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار وكان خازن عمر قال " أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتى الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر " الحديث. وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة"اهـ

وهذا نص على عمل الصحابة في الاستسقاء به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته حيث لم ينكر عليه أحد منهم مع بلوغ الخبر إليهم، وما يرفع إلى أمير المؤمنين يذاع ويشاع. فهذا يقطع ألسنة المتقولين.

كلمة حق
‎الصحابي الجليل بلال بن رباح الحبشي مُؤذِّنُ رَسُولِ الله ﷺ يُخرِجُ ماءَ وُضوءِ رَسُولِ الله للصحابة الكرام ليتبَرَّكوا به..
‎روى البخاري في صحيحه بإسناده إلى أبي جُحَيفَة قال: "خرجَ بلالٌ فنادى بالصلاة، ثم دخل فأخرَجَ فَضْلَ وَضوءِ رَسُولِ الله ﷺ فوقع الناسُ عليه يأخذون منه".

‎وفي رواية أخرى للبخاري: "فمَن أصابَ منه شيئًا تَمَسَّحَ به، ومَن لم يُصِبْ منه شيئًا أخذَ مِن بَلَلِ يدِ صاحِبِه".
لِـكُـلِّ قَـلْـبٍ حَـبِيـبٌ يُسْتَهـاَمُ بِـهِ
‎لَٰكِنَّ حَبِيـبِي رَسُولَ الله اَحْتَسِبُ




ااسلف الصالح والتبرك ...

بسم الله الرحمن الرحيم
وصل وسلّم على سيدنا
محمد و على آله و صحبه و حزبه.
-محمد بن المنكدر في سير أعلام النبلاء (5/359):
قال مصعب بن عبد الله حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطر فإذا وجدت ذلك استعنت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم.
2-وذكر أيضا في ترجمة ابن عبيد الله (21/251-253): قال أبو الربيع بن سالم الحافظ: كان وقت وفاة أبي محمد بن عبيد الله قحط مضر، فلما وضع على شفير القبر توسلوا به إلى الله في إغاثتهم فسقوا في تلك الليلة مطرا وابلا، وما اختلف الناس إلى قبره مدة الأسبوع إلا في الوحل والطين. انتهى
3-الطبراني (ت:360) وابن المقرئ(ت:381) كما في سير أعلام النبلاء (16/400): وروى عن أبي بكر بن أبي علي قال كان ابن المقرئ يقول كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة فضاق بنا الوقت فواصلنا ذلك اليوم فلما كان وقت العشاء حضرت القبر وقلت يا رسول الله الجوع فقال لي الطبراني اجلس فإما أن يكون الرزق أو الموت فقمت أنا وأبو الشيخ فحضر الباب علوي ففتحنا له فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير وقال شكوتموني إلى النبي صلى الله عليه وسلم رأيته في النوم فأمرني بحمل شيء إليكم.
4-يقول الذهبي في السير (18/101) في ترجمة الذهلي:"وكان ورعا تقيا محتشما يتبرك بقبره".
في سير أعلام النبلاء ج13 ص 203-221
(( قال القاضي الخليل بن أحمد السجزي: سمعت أحمد بن محمد بن الليث قاضي بلدنا يقول: جاء سهل بن عبدالله التستري إلى ابي داود السجتاني فقيل يا أباداود: هذا سهل بن عبدالله جاءك زائرا فرحب به واجلسه فقال سهل :يا ابا داود لي غليك حاجة: قال وما هي؟ قال حتى تقول قضيتهامع الإمكان قال نعم .قال ( سهل) أخرج إلي لسانك الذي تحدث به أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبله. فأخرج ( أي ابوداود) إليه لسانه فقبله.
جاء في سير أعلام النبلاء ج10 177-358
( قال عبد الله بن احمد: رأيت أبي يأخد شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فيه يقبلها . وأحسب أني رأيته يضعهاعلى عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به)
قال الذهبي( قلت أين المتنطع المنكر على أحمد وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويمس الحجرة النبوية فقال ( أحمد) لا ارى لذلك بأسا. .
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُقْرِئُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيِّ ابْن بَنُّوْنَ التَّفْليسِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
مَوْلِدُهُ:فِي رَجَب، سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بن بامُويَه، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَحَمْزَة المُهَلَّبِيّ، وَأَبِي صَادِق الصَّيْدَلاَنِيّ، وَعِدَّة مِنْ أَصْحَابِ الأَصَمّ، وَأَملَى مُدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ:عَبدُ الغَافِر بن إِسْمَاعِيْلَ-وَأَثْنَى عَلَيْهِ-وَإِسْمَاعِيْلُ بن المُؤَذِّن، وَوجيه الشَّحَّامِي.
وَسُئِلَ عَنْهُ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، فَقَالَ:شَيْخ صَالِح يُتَبَرَّك بِدُعَائِهِ، سَمِعَ الكَثِيْر مِنَ المُهَلَّبِيّ.
قُلْتُ:تُوُفِّيَ فِي سَلخ شَوَّال، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.(19/12)
قَاضِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، الإِمَامُ الأَوْحَدُ، صَدْرُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عِيْسَى بنِ دِرباسِ بنِ فِيْرِ بنِ جَهْمِ بنِ عَبْدُوْسٍ المَارَانِيُّ، الكُرْدِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِأَعْمَالِ المَوْصِلِ، فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ تَقَرِيْباً.
وَبَنُو مَارَانَ: إِقَامتُهُم بِالمرُوجِ، تَحْت المَوْصِلِ.
رَحَلَ فِي طَلَبِ الفِقْهِ، وَاشْتَغَلَ بِحَلَبَ عَلَى: أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ سُلَيْمَانَ المُرَادِيِّ، وَسَمِعَ مِنْهُ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي الحُسَيْنِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيِّ، وَالحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ.
وَبِمِصْرَ مِنْ: عَلِيٍّ ابْنِ بِنْتِ أَبِي سَعْدٍ، وَخَرَّجَ لَهُ الحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ بنُ المُفَضَّلِ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ زَكِيُّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيُّ، وَقَالَ: كَانَ مَشْهُوْراً بِالصَّلاَحِ وَالغَزْوِ، وَطَلَب العِلْمَ، يُتَبَرَّكُ بآثَارِهِ لِلمَرْضَى. قُلْتُ: كَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ وَفضلاَئِهِم، وَفِي أَقَارِبِهِ وَذُرِّيَّتِهِ جَمَاعَةٌ فَضلاَءُ، وَروَاةٌ.
تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ: فِي خَامِسِ شَهْرِ رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ. (21/476)
وَأَخُوْهُ: القَاضِي ضِيَاءُ الدِّيْنِ عُثْمَانُ بنُ عِيْسَى، مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، نَابَ فِي الحُكْمِ بِالقَاهِرَةِ، وَتَفَقَّهَ بِإِرْبِلَ عَلَى: الخَضِرِ بنِ عَقِيْلٍ، وَبِدِمَشْقَ عَلَى: ابْنِ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَبَرَعَ فِي الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، وَشرحَ (المُهَذَّبَ) شَرْحاً شَافِياً فِي عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً، لَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَات إِلَى آخرِهِ، وَشَرَحَ كِتَابَ (اللُّمَعِ)، وَأَفتَى، وَدرَّسَ.
تُوُفِّيَ فِي: ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّ مائَةٍ، وَهُوَ وَالِدُ المُحَدِّثِ الرَّحَّالِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُثْمَانَ بنِ دِرْباسٍ. (21/477)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
وَاسْمُهُ: أَصْحَمَةُ، مَلِكُ الحَبَشَةِ، مَعْدُوْدٌ فِي الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم -.
وَكَانَ مِمَّنْ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ، وَلَمْ يُهَاجِرْ، وَلاَ لَهُ رُؤْيَةٌ، فَهُوَ تَابِعِيٌّ مِنْ وَجْهٍ، صَاحِبٌ مِنْ وَجْهٍ.
وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى عَلَيْهِ بِالنَّاسِ صَلاَةَ الغَائِبِ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَلَّى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى غَائِبٍ سِوَاهُ..............
........ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ، كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ لاَ يَزَالُ يُرَى عَلَى قَبْرِهِ نُوْرٌ(1/440)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
وَقَدْ عَمِلَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَةَ العَبَّاسِ فِي بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَرَقَةً.
وَقَدْ عَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.
وَعلَى قَبْرِهِ اليَوْمَ قُبَّةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ بِنَاءِ خُلَفَاءِ آلِ العَبَّاسِ.). (2/97)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
ابْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ حَرَامِ بنِ كَعْبِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلِمَةَ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، السَّلِمِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ.
مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ شَهِدَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ مَوْتاً.
رَوَى: عِلْماً كَثِيْراً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَكَانَ مُفْتِي المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِ.
عَاشَ بَعْدَ ابْنِ عُمَرَ أَعْوَاماً، وَتَفَرَّدَ.
شَهِدَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ مَعَ وَالِدِهِ، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنَ النُّقَبَاءِ البَدْرِيِّيْنَ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَحْيَاهُ الله -تَعَالَى- وَكَلَّمَهُ كِفَاحاً، وَقَدِ انْكَشَفَ عَنْهُ قَبْرُهُ إِذْ أَجْرَى مُعَاوِيَةُ عَيْناً عِنْدَ قُبُوْرِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ، فَبَادَرَ جَابِرٌ إِلَى أَبِيْهِ بَعْدَ دَهْرٍ، فَوَجَدَهُ طَرِيّاً لَمْ يَبْلُ.
وَكَانَ جَابِرٌ قَدْ أَطَاعَ أَبَاهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَعَدَ لأَجْلِ أَخَوَاتِهِ، ثُمَّ شَهِدَ الخَنْدَقَ وَبَيْعَةَ الشَّجَرَةِ، وَشَاخَ، وَذَهَبَ بَصَرُهُ، وَقَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
رَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
اسْتَغْفَرَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ البَعِيْرِ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً.
وَقَدْ وَرَدَ: أَنَّهُ شَهِدَ بَدْراً. (3/191)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
تَغوَّطَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ، فَأَصَابَ أَهْلَ ذَلِكَ البَيْتِ خَبَلٌ، وَجُنُوْنٌ، وَبَرَصٌ، وَفَقْرٌ، وَجُذَامٌ.
قَالَ هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ: لَمَّا أُجرِيَ المَاءُ عَلَى قَبْرِ الحُسَيْنِ، انْمَحَى أَثَرُ القَبْرِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَتَتَبَّعَهُ، حَتَّى وَقعَ عَلَى أَثَرِ القَبْرِ، فَبَكَى، وَقَالَ:
أَرَادُوا لِيُخْفُوا قَبْرَهُ عَنْ عَدُوِّهِ * فَطِيْبُ تُرَابِ القَبْرِ دَلَّ عَلَى القَبْرِ (3/318)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
وَيُقَالُ: الأَزْدِيُّ، البَصْرِيُّ، أَحَدُ العَابِدِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَلِيَ بَعْضَ الحُرُوْبِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ بِبِلاَدِ فَارِسٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَامِلاً لِعُمَرَ، وَكَانَ ثِقَةً، لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ.
...............
وَعَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
مَاتَ هَرِمُ بنُ حَيَّانَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَلَمَّا نَفَضُوا أَيْدِيَهُم عَنْ قَبْرِهِ، جَاءتْ سَحَابَةٌ حَتَّى قَامَتْ عَلَى القَبْرِ، فَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَ مِنْهُ، وَلاَ أَقْصَرَ مِنْهُ، وَرَشَّتْهُ حَتَّى رَوَّتْهُ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ.رَوَاهَا: اثْنَانِ، عَنْ هِشَامٍ.
ضَمْرَةُ: عَنِ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
أُمْطِرَ قَبْرُ هَرِمٍ مِنْ يَوْمِهِ، وَأَنْبَتَ العُشْبُ
__________________
ليتك تفيق من سكرة الحس...وتصحب رفيقا لحضرة القدس
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ المِصْرِيُّ الفَقِيْهُ: عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ المَعَافِرِيِّ، عَنْ، عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَارَةَ بنِ عُقْبَةَ، قَالَ:
حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بِالكُوْفَةِ، فَكُنْتُ فِيْمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ، فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ، رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مَدَّ بَصَرِي، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي، فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ. (4/96)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، البَصْرِيُّ، أَخُو يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ، وَغَيْرِهِم.
وَعَنْ: أَبِي مُسْلِمٍ الجَذْمِيِّ، وَحَكِيْمِ بنِ قَيْسِ بنِ عَاصِمٍ المِنْقَرِيِّ.
وَأَرْسَلَ عَنْ: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.
...
وَلَمْ يَنْجُ مِنْهَا بِالكُوْفَةِ إِلاَّ خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ.
قَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ:
أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ، فَكَذَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَأَمِتْهُ.
فَخَرَّ مَيْتاً مَكَانَهُ.قَالَ: فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى زِيَادٍ، فَقَالَ: قَتَلْتَ الرَّجُلَ.
قَالَ: لاَ، وَلَكِنَّهَا دَعْوَةٌ وَافَقَتْ أَجَلاً.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
كَانَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَصَاحِبٌ لَهُ سَرَيَا فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَإِذَا طَرَفُ سَوْطِ أَحَدِهِمَا عِنْدَهُ ضَوْءٌ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ حَدَّثْنَا النَّاسَ بِهَذَا، كَذَّبُوْنَا.
فَقَالَ مُطَرِّفٌ: المُكَذِّبُ أَكْذَبُ - يَقُوْلُ: المُكَذِّبُ بِنِعْمَةِ اللهِ أَكْذَبُ -.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ مَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنْ غَيْلاَنَ بنِ جَرِيْرٍ، قَالَ:
أَقْبَلَ مُطَرِّفٌ مَعَ ابْنِ أَخٍ لَهُ مِنَ البَادِيَةِ - وَكَانَ يَبْدُو - فَبَيْنَا هُوَ يَسِيْرُ، سَمِعَ فِي طَرَفِ سَوْطِهِ كَالتَّسْبِيْحِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِيْهِ: لَوْ حَدَّثْنَا النَّاسَ بِهَذَا، كَذَّبُوْنَا.
فَقَالَ: المُكَذِّبُ أَكْذَبُ النَّاسِ.وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ:
كَانَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ يَبْدُو، فَإِذَا كَانَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، أَدْلَجَ عَلَى فَرَسِهِ، فَرُبَّمَا نَوَّرَ لَهُ سَوْطُهُ، فَأَدْلَجَ لَيْلَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ القُبُوْرِ، هَوَّمَ عَلَى فَرَسِهِ.
قَالَ: فَرَأَيْتُ أَهْلَ القُبُوْرِ، صَاحِبَ كُلِّ قَبْرٍ جَالِساً عَلَى قَبْرِهِ، فَلَمَّا رَأَوْنِي، قَالُوا: هَذَا مُطَرِّفٌ يَأْتِي الجُمُعَةَ. قُلْتُ: أَتُعَلِّمُوْنَ عِنْدَكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ؟
قَالُوا: نَعَمْ، نَعْلم مَا تَقُوْلُ الطَّيْرُ فِيْهِ.
قُلْتُ: وَمَا تَقُوْلُ الطَّيْرُ؟
قَالُوا: تَقُوْلُ: سَلاَمٌ سَلاَمٌ مِنْ يَوْمٍ صَالِحٍ.
إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَمْرٍو الفَزَارِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَرَجُلٍ آخَرَ:
أَنَّهُمَا دَخَلاَ عَلَى مُطَرِّفٍ وَهُوَ مُغْمَىً عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَطَعَتْ مَعَهُ ثَلاَثَةُ أَنْوَارٍ: نُوْرٌ مِنْ رَأْسِهِ، وَنُوْرٌ مِنْ وَسَطِهِ، وَنُوْرٌ مِنْ رِجْلَيْهِ، فَهَالَنَا ذَلِكَ، فَأَفَاقَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟
قَالَ: صَالِحٌ.
فَقِيْلَ: لَقَدْ رَأَيْنَا شَيْئاً هَالَنَا.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قُلْنَا: أَنْوَارٌ سَطَعَتْ مِنْكَ.
قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُم ذَلِكَ؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: تِلْكَ تَنْزِيْلُ السَّجْدَةِ، وَهِيَ تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ آيَةً، سَطَعَ أَوَّلُهَا مِنْ رَأْسِي، وَوَسَطُهَا مِنْ وَسَطِي، وَآخِرُهَا مِنْ قَدَمَيَّ، وَقَدْ صُوِّرَتْ تَشْفَعُ لِي، فَهَذِهِ ثَوَابِيَّةٌ تَحْرُسُنِي. (4/194
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
السَّيِّدِ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ، ابْنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، المَدَنِيُّ، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.
وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ وَالفُتْيَا مَعَ صِدْقِهِ وَجَلاَلَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ عَمِّهِ؛ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، وَفُضَيْلُ بنُ مَرْزُوْقٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ يَسَارٍ وَالِدُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُم.
ابْنُ عَجْلاَنَ: عَنْ سُهَيْلٍ، وَسَعِيْدٍ مَوْلَى المُهْرِيِّ، عَنْ حَسَنِ بنِ حَسَنِ بنِ عَلِيٍّ:
أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً وَقَفَ عَلَى البَيْتِ الَّذِي فِيْهِ قَبْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو لَهُ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: لاَ تَفْعَلْ، فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ تَتَّخِذُوا بَيْتِيَ عِيْداً، وَلاَ تَجْعَلُوا بُيُوْتَكُم قُبُوْراً، وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ مَا كُنْتُم، فَإِنَّ صَلاَتَكُم تَبْلُغُنِي). (4/484)
هَذَا مُرْسَلٌ، وَمَا اسْتَدَلَّ حَسَنٌ فِي فَتْوَاهُ بِطَائِلٍ مِنَ الدَّلاَلَةِ، فَمَنْ وَقَفَ عِنْدَ الحُجْرَةِ المُقَدَّسَةِ ذَلِيْلاً، مُسْلِماً، مُصَلِيّاً عَلَى نَبِيِّهِ، فَيَا طُوْبَى لَهُ، فَقَدْ أَحْسَنَ الزِّيَارَةَ، وَأَجْمَلَ فِي التَّذَلُّلِ وَالحُبِّ، وَقَدْ أَتَى بِعِبَادَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ فِي أَرْضِهِ، أَوْ فِي صَلاَتِهِ، إِذِ الزَّائِرُ لَهُ أَجْرُ الزِّيَارَةِ، وَأَجْرُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ، وَالمُصَلِّي عَلَيْهِ فِي سَائِرِ البِلاَدِ لَهُ أَجْرُ الصَّلاَةِ فَقَطْ، فَمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَاحِدَةً، صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْراً، وَلَكِنْ مَنْ زَارَهُ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - وَأَسَاءَ أَدَبَ الزِّيَارَةِ، أَوْ سَجَدَ لِلْقَبْرِ، أَوْ فَعَلَ مَا لاَ يُشْرَعُ، فَهَذَا فَعَلَ حَسَناً وَسَيِّئاً، فَيُعَلَّمُ بِرفْقٍ، وَاللهُ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ.
فَوَاللهِ مَا يَحْصَلُ الانْزِعَاجُ لِمُسْلِمٍ، وَالصِّيَاحُ وَتَقْبِيْلُ الجُدْرَانِ، وَكَثْرَةِ البُكَاءِ، إِلاَّ وَهُوَ مُحِبٌّ للهِ وَلِرَسُوْلِهِ، فَحُبُّهُ المِعْيَارُ وَالفَارِقُ بَيْنَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ، فَزِيَارَةُ قَبْرِهِ مِنْ أَفَضْلِ القُرَبِ، وَشَدُّ الرِّحَالِ إِلَى قُبُوْرِ الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ، لَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُوْنٍ فِيْهِ لِعُمُوْمِ قَوْلِهِ - صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ -: (لاَ تَشُدُّوا الرِّحَالَ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ).
فَشَدُّ الرِّحَالِ إِلَى نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْتَلْزِمٌ لِشَدِّ الرَّحْلِ إِلَى مَسْجِدِهِ، وَذَلِكَ مَشْرُوْعٌ بِلاَ نِزَاعٍ، إِذْ لاَ وُصُوْلَ إِلَى حُجْرَتِهِ إِلاَّ بَعْدَ الدُّخُوْلِ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَلْيَبْدَأْ بِتَحِيَّةِ المَسْجِدِ، ثُمَّ بِتَحِيَّةِ صَاحِبِ المَسْجِدِ - رَزَقَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ ذَلِكَ آمِيْنَ -. (4/485)
__________________
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ البُنَانِيُّ مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ.
وَبُنَانَةُ: هُم بَنُو سَعْدِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ.
وَيُقَالُ: هُم بَنُو سَعْدِ بنِ ضُبَيْعَةَ بنِ نِزَارٍ.
وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ - وَذَلِكَ فِي (مُسْلِمٍ)- وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ - وَذَلِكَ فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ)-. (5/221)
وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ - وَذَلِكَ فِي (البُخَارِيِّ)- وَأَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيِّ رَبِيْبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَلِكَ فِي (التِّرْمِذِيِّ) وَ(النَّسَائِيِّ)، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ،
.............
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ وَالعَمَلِ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -.
عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ:
كَانَ ثَابِتٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَداً الصَّلاَةَ فِي قَبْرِهِ، فَأَعْطِنِي الصَّلاَةَ فِي قَبْرِي.
يُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ اسْتُجِيْبَتْ لَهُ، وَإِنَّهُ رُئِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ .
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ شِهَابِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ، الإِمَامُ، العَلَمُ، حَافِظُ زَمَانِه، أَبُو بَكْرٍ القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ، نَزِيلُ الشَّامِ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ شَيْئاً قَلِيْلاً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهُمَا، وَأَنْ يَكُوْنَ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ وَغَيْرَهُ،
.....
الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ:
قِيْلَ لِلزُّهْرِيِّ: لَوْ أَنَّكَ سَكَنْتَ المَدِيْنَةَ، وَرُحتَ إِلَى مَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَبْرِه، تَعَلَّمَ النَّاسُ مِنْكَ.
قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ حَتَّى أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا، وَأَرغَبَ فِي الآخِرَةِ.(5/338)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ كُرْزُ بنُ وَبَرَةَ الحَارِثِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ جُرْجَانَ، وَكَبِيْرُهَا، فَإِنَّهُ دَخَلَهَا غَازِياً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، مَعَ يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ، فَاتَّخَذَ كُرْزٌ بِهَا مَسْجِداً بِقُربِ قَبْرِهِ. . قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ أَبُو عُثْمَانَ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: سَأَلَ كُرْزٌ رَبَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ، عَلَى أَلاَ يَسْأَلَ بِهِ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَأُعْطِيَ، فَسَأَلَ أَنْ يُقَوَّى حَتَّى يَخْتِمَ القُرْآنَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي جَرِيْرُ بنُ زِيَادِ بنِ كُرْزٍ الحَارِثِيُّ، عَنْ شُجَاعِ بنِ صَبِيْحٍ مَوْلَى كُرْزِ بنِ وَبَرَةَ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ المُكْتِبُ، قَالَ: صَحِبتُ كُرْزاً إِلَى مَكَّةَ، فَاحْتبسَ يَوْماً وَقْتَ الرَّحِيْلِ، فَانبثُّوا فِي طَلبِهِ، فَأَصبتُهُ فِي وَهْدَةٍ يُصَلِّي فِي سَاعَةٍ حَارَّةٍ، وَإِذَا سَحَابَةٌ تُظِلُّهُ، فَقَالَ لِي: اكْتُم هَذَا، وَاسْتَحْلَفَنِي.
-.
.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ حُمَيْدٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ جُرْجَانَ، عَنْ أَبِيْهِ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي أَتَيْتُ عَلَى قُبُوْرِ أَهْلِ جُرْجَانَ، فَإِذَا هُمْ جُلُوْسٌ عَلَى قُبُوْرِهم، عَلَيْهِم ثِيَابٌ بِيْضٌ، فَقُلْتُ: يَا أَهْلَ القُبُوْرِ! مَا لَكُم؟
قَالُوا: إِنَّا كُسِينَا ثِيَاباً جُدداً؛ لِقُدُوْمِ كُرْزِ بنِ وَبَرَةَ عَلَيْنَا
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، للإمام الذَّهبي
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّبَّانِيُّ، القُدْوَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، السَّلِيْمِيُّ، البَصْرِيُّ، الزَّاهِدُ.
رَوَى عَنْ: أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَشُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَسَعِيْدٍ الجُرَيْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ إِسْمَاعِيْلُ، وَبِشْرٌ الحَافِي، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مَنْ أَقرَانِهِ: الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أُقَدِّمُهُ عَلَيْهِ فِي الوَرَعِ وَالرِّقَّةِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا رَأَيْتُ أَخَوْفَ للهِ مِنْهُ، كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مائَةِ رَكْعَةٍ.
وَقَالَ القَوَارِيْرِيُّ: هُوَ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ المَشَايِخِ.
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ ثِقَةٌ وَزِيَادَةٌ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: حَفَرَ قَبْرَهُ، وَخَتَمَ فِيْهِ القُرْآنَ، وَكَانَ وِرْدُهُ ثُلُثَ القُرْآنِ
__________________
ليتك تفيق من سكرة الحس...وتصحب رفيقا لحضرة القدس
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الزَّاهِدُ، شَيْخُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، ثَوْبَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ.
وَقِيْلَ: فَيْضُ بنُ أَحْمَدَ.
وَقِيْلَ: فَيْضُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النُّوْبِيُّ، الإِخْمِيْمِيُّ.
يُكْنَى: أَبَا الفَيْضِ.
وَيُقَالُ: أَبَا الفَيَّاضِ.
وُلِدَ: فِي أَوَاخِرِ أَيَّامِ المَنْصُوْرِ. (11/533)
وَرَوَى عَنْ: مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَسَلْمٍ الخَوَّاصِ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَطَائِفَةٍ.
.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ: كَانَ أَهْلُ نَاحِيَتِه يُسَمُّوْنَهُ الزِّنْدِيْقَ، فَلَمَّا مَاتَ، أَظلَّتْ الطَّيْرُ جِنَازَتَه، فَاحْتَرَمُوا بَعْدُ قَبْرَهُ.
عَنْ: أَيُّوْبَ مُؤَدِّبِ ذِي النُّوْنِ، قَالَ: جَاءَ أَصْحَابُ المَطَالِبِ ذَا النُّوْنِ، فَخَرَجَ مَعَهُم إِلَى قِفْطَ، وَهُوَ شَابٌّ، فَحَفَرُوا قَبْراً، فَوَجَدُوا لَوْحاً فِيْهِ: اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ، فَأَخَذَهُ ذُو النُّوْنِ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِم مَا وَجَدُوا. قَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ: حَضَرْتُ ذَا النُّوْنِ، فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا الفَيْضِ، مَا كَانَ سَبَبُ تَوْبَتِكَ؟
قَالَ: نِمْتُ فِي الصَّحْرَاءِ، فَفَتَحْتُ عَيْنِي، فَإِذَا قُنْبَرَةٌ عَمْيَاءُ سَقَطَتْ مِنْ وَكْرٍ، فَانْشَقَّتِ الأَرْضُ، فَخَرَجَ مِنْهَا سُكُرُّجَتَانِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، فِي إِحْدَاهُمَا سِمْسِمٌ، وَفِي الأُخْرَى مَاءٌ، فَأَكَلَتْ، وَشَرِبَتْ، فَقُلْتُ: حَسْبِي.
فَتُبْتُ، وَلَزِمْتُ البَابَ، إِلَى أَنْ قَبِلَنِي. (11/534)
قَالَ السُّلَمِيُّ فِي (مِحَنِ الصُّوْفِيَّةِ): ذُو النُّوْنِ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِبَلْدَتهِ فِي تَرْتِيْبِ الأَحْوَالِ، وَمَقَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ، وَهَجَرَهُ عُلَمَاءُ مِصْرَ، وَشَاعَ أَنَّهُ أَحْدَثَ عِلْماً لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيْهِ السَّلَفُ وَهَجَرُوْهُ حَتَّى رَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ.
فَقَالَ أَخُوْهُ: إِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ زِنْدِيْقٌ، فَقَالَ:
وَمَا لِي سِوَى الإِطْرَاقِ وَالصَّمْتِ حِيْلَةٌ * وَوَضْعِيَ كَفِّي تَحْتَ خَدِّي وَتَذْكَارِي
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَرْخِيِّ: كُنْت مَعَ ذِي النُّوْنِ فِي زَوْرَقٍ، فَمَرَّ بِنَا زَوْرَقٌ آخَرُ، فَقِيْلَ لِذِي النُّوْنِ: إِنَّ هَؤُلاَءِ يَمُرُّوْنَ إِلَى السُّلْطَانِ يَشْهَدُوْنَ عَلَيْكَ بِالكُفْرِ.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا كَاذِبِيْنَ، فَغَرِّقْهُم.
فَانْقَلَبَ الزَّوْرَقُ، وَغَرِقُوا، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا بَالُ المَلاَّحِ؟
قَالَ: لِمَ حَمَلَهُم وَهُوَ يَعلَمُ قَصْدَهُم؟ وَلأَنْ يَقِفُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ غَرْقَى، خَيْرٌ لَهُم مِنْ أَنْ يَقِفُوا شُهُوْدَ زُوْرٍ.
ثُمَّ انْتَفَضَ، وَتَغَيَّر، وَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لاَ أَدْعُو عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهَا. ثُمَّ دَعَاهُ أَمِيْرُ مِصْرَ، وَسَأَلَهُ عَنِ اعْتِقَادِهِ، فَتَكَلَّمَ، فَرَضِيَ أَمْرَهُ، وَطَلَبَهُ المُتَوَكِّلُ، فَلَمَّا سَمِعَ كَلاَمَه، وَلِعَ بِهِ، وَأَحَبَّهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُوْنَ، فَحَيَّ هَلاَ بِذِي النُّوْنِ. (11/535) قَالَ عَلِيُّ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ يَقُوْلُ:
مَهْمَا تَصَوَّرَ فِي وَهْمِكَ، فَاللهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الاسْتِغْفَارُ جَامِعٌ لِمَعَانٍ، أَوَّلُهُمَا: النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى، الثَّانِي: العَزْمُ عَلَى التَّرْكِ، وَالثَّالِثُ: أَدَاءُ مَا ضَيَّعْتَ مِنْ فَرْضٍ للهِ، الرَّابِعُ: رَدُّ المَظَالِمِ فِي الأَمْوَالِ وَالأَعْرَاضِ وَالمُصَالَحَةُ عَلَيْهَا، الخَامِسُ: إِذَابَةُ كُلِّ لَحْمٍ وَدَمٍ نَبَتَ عَلَى الحَرَامِ، السَّادِسُ: إِذَاقَةُ أَلَمِ الطَّاعَةِ كَمَا وَجَدْتَ حَلاَوَةَ المَعْصِيَةِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ السَّرْحِ، قُلْتُ لِذِي النُّوْنِ: كَيْفَ خَلصتَ مِنَ المُتَوَكِّلِ، وَقَدْ أَمَرَ بِقَتْلِكَ؟
قَالَ: لَمَّا أَوْصَلَنِي الغُلاَمُ، قُلْتُ فِي نَفْسِي: يَا مَنْ لَيْسَ فِي البِحَارِ قَطَرَاتٌ، وَلاَ فِي دَيْلَجِ الرِّيَاحِ ديْلَجَاتٌ، وَلاَ فِي الأَرْض خَبِيئَاتٌ، وَلاَ فِي القُلُوْبِ خَطَرَاتٌ، إِلاَّ وَهِيَ عَلَيْكَ دَلِيلاَتٌ، وَلَكَ شَاهِدَاتٌ، وَبِرُبُوبِيَّتِكَ مُعتَرِفَاتٌ، وَفِي قُدرَتِكَ مُتَحَيِّرَاتٌ، فَبِالقُدْرَةِ الَّتِي تُجِيْرُ بِهَا مَنْ فِي الأَرَضِيْنَ وَالسَّمَاوَاتِ إِلاَّ صَلَّيْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَخَذتَ قَلْبَه عَنِّي.
فَقَامَ المُتَوَكِّلُ يَخْطُو حَتَّى اعْتَنَقَنِي، ثُمَّ قَالَ: أَتْعَبْنَاكَ يَا أَبَا الفَيْضِ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: حَضَرتُ مَعَ ذِي النُّوْنِ مَجْلِسَ المُتَوَكِّلِ، وَكَانَ مُوْلَعاً بِهِ، يُفَضِّلُه عَلَى الزُّهَّادِ، فَقَالَ: صِفْ لِي أَوْلِيَاءَ اللهِ.
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هُمْ قَوْمٌ أَلبَسَهُمُ اللهُ النُّوْرَ السَّاطِعَ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَجَلَّلَهُم بِالبَهَاءِ مِنْ إِرَادَةِ كَرَامَتِهِ، وَوَضَعَ عَلَى مَفَارِقِهِم تِيْجَانَ مَسَرَّتِهِ...، فَذَكَرَ كَلاَماً طَوِيْلاً.
وَقَدِ اسْتَوفَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَحْوَالَ ذِي النُّوْنِ فِي (تَارِيْخِهِ)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي (الحِلْيَةِ). (11/536)
وَمِنْ كَلاَمِهِ: العَارِفُ لاَ يَلتَزِمُ حَالَةً وَاحِدَةً، بَلْ يَلْتَزِمُ أَمرَ رَبِّهُ فِي الحَالاَتِ كُلِّهَِا.
أَرَّخَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ عُفَيْرٍ وَفَاته - كَمَا مَرَّ -: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا حَيَّانُ بنُ أَحْمَدَ السَّهْمِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ بِالجِيْزَةِ، وَعُدِّي بِهِ إِلَى مِصْرَ فِي مَرْكِبٍ خَوْفاً مِنْ زَحْمَةِ النَّاسِ عَلَى الجِسْرِ، لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ آخَرُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
فَقِيْهُ المَغْرِبِ، مُحَمَّدٌ أَبُو عَبْدِ اللهِ، ابْنُ فَقِيْهِ المَغْرِبِ عَبْدِ السَّلاَمِ سَحْنُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ التَّنُوخِيُّ، القَيْرَوَانِيُّ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ.
تَفَقَّهَ بِأَبِيهِ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِ.
وَكَانَ مُحَدِّثاً بَصِيْراً بِالآثَارِ، وَاسِعَ العِلْمِ، مُتَحَرِّياً مُتْقِناً، عَلاَّمَةً، كَبِيْرَ القَدْرِ، وَكَانَ يُنَاظِرُ أَبَاهُ.
وَقِيْلَ لِعِيْسَى بنِ مِسْكِيْنٍ: مَنْ خَيْرُ مَنْ رَأَيْتَ فِي الغِلْمَةِ؟
قَالَ: ابْنُ سَحْنُوْنَ. (13/61)
قُلْتُ: لَهُ مُصَنَّفٌ كَبِيْرٌ فِي فنُوْنٍ مِنَ العِلْمِ، وَلَهُ كِتَابُ: (السِّيَرِ)، عِشْرُوْنَ مُجَلَّداً، وَكِتَابُ: (التَّارِيْخِ)، وَمُصَنَّفٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَالعِرَاقِيِّيْنَ.
وَقِيْلَ: لَمَّا مَاتَ ضُرِبَتِ الخِيَامُ حَوْلَ قَبْرِهِ، فَأَقَامُوا شَهْراً، وَأُقِيْمَتْ هُنَاكَ أَسْوَاقُ الطَّعَامِ، وَرَثَتْهُ الشُّعَرَاءُ، وَتَأَسَّفُوا عَلَيْهِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ
__________________
ليتك تفيق من سكرة الحس...وتصحب رفيقا لحضرة القدس
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي:ذُكِرَ لِي أَنَّهُم حَزَرُوا الجَمْعَ يَوْمَ جَنَازَةِ الجُنَيْدِ الَّذِيْنَ صَلَّوْا عَلَيْهِ نَحْوَ سِتِّيْنَ أَلْفاً، وَمَا زَالُوا يَنْتَابُوْنَ قَبْرَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْوَ الشَّهْرِ، وَدُفِنَ عِنْدَ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ.
-.(14/77)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الإِمَامُ الأَوْحَد، أَبُو جَعْفَرٍ الشَّيْبَانِيُّ الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ:أَبَا كُرَيْبٍ، وَالحَسَن بن عَلِيٍّ الحُلْوَانِيّ، وَطَبَقَتْهُمَا.
وَعَنْهُ:الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ، المُقْرِئُ، وَالمَيَانَجِي، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ، ثِقَة، نَافذَ الكَلِمَة، كَثِيْرَ النَّفع، انتَاب النَّاسُ قَبْرهُ نَحْو السَّنَّة، وَعَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الإِمَامُ، العَلَمُ، المجتهدُ، عَالِمُ العَصر، أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ البَدِيْعَة، مِنْ أَهْلِ آمُل طَبَرِسْتَان.
مَوْلِدُه:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَكْثَرَ التَّرحَال، وَلقِي نُبَلاَء الرِّجَال، وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الدَّهْر عِلْماً، وَذكَاءً، وَكَثْرَةَ تَصَانِيْف.
قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونُ مثلَه.(14/268)
.......
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ:تُوُفِّيَ ابْنُ جَرِيْرٍ عَشِيَّة الأَحَدِ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ شَوَّال سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي دَارهِ بِرَحْبَةِ يَعْقُوْب-يَعْنِي:بِبَغْدَادَ-.
قَالَ:وَلَمْ يُغَيِّر شَيْبَه، وَكَانَ السَّوَادُ فِيْهِ كَثِيْراً، وَكَانَ أَسمر إِلَى الأُدْمَةِ، أَعْيَنَ، نَحِيْفَ الجِسْمِ، طَوِيْلاً، فَصِيْحاً، وَشَيَّعَهُ مَنْ لاَ يُحْصِيْهُم إِلاَّ اللهُ تَعَالَى، وَصُلِّيَ عَلَى قَبْره عِدَّة شهورٍ ليلاً وَنهَاراً إِلَى أَنْ قَالَ:وَرثَاهُ خلقٌ مِنَ الأَدباء وَأَهْل الدِّين، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل أَبِي سَعِيْدٍ بن الأَعْرَابِيّ:
حَدَثٌ مُفْظِعٌ وَخَطْبٌ جَلِيْلٌ*دَقَّ عَنْ مِثْلِهِ اصْطِبَارُ الصَّبُورِ
قَامَ نَاعِي العُلُومِ أَجْمَعِ لمَّا*قَامَ نَاعِي مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
ابْنِ صَالِحِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسِ بنِ هُذَيْلِ بنِ يَزِيْدَ بنِ العَبَّاسِ بنِ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو الفَضْلِ بنُ الكُوْمَلاَذِيِّ التَّمِيْمِيُّ، الأَحنفِيُّ، الهَمَذَانِيُّ، السِّمْسَارُ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِيهِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَوسٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ المَرَّارِ بنِ حَمُّوَيْه، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ سَعْدٍ البَزَّازِ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ عزون، وَقَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُبَيْلٍ، وَالقَاسِمِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ عَبْدِيْلَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرَوَيْه القَزْوِيْنِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَجَمعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ:طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاهِلَةَ، وَحمْدُ الزَّجَّاجُ، وَأَحْمَدُ بنُ زَنْجَوَيْه العُمَرِيُّ، وَطَاهرُ بنُ أَحْمَدَ الإِمَامُ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ زَنْبِيْلٍ النُّهَاوَنْدِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَافِظُ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ:كَانَ رُكناً مِنْ أَركَانِ الحَدِيْثِ.
ثِقَةً، حَافِظاً، ديِّناً، وَرِعاً، صَدُوْقاً، لاَ يخَافُ فِي اللهِ لَومةَ لاَئِمٍ.
وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ غزيرَةٌ.
مَوْلدُهُ:سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَمَاتَ لثمَانٍ بَقِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَيُستجَابُ الدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرِهِ!! صَلَّى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ لاَلٍ، فَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ:كُنَّا نترُكُ الذُّنُوبَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَثُلثَيْ ذَلِكَ حيَاءً مِنْ هَذَا الشَّيْخِ-رَحِمَهُ اللهُ
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
العَلاَّمَةُ، البَلِيْغُ، الشَّاعِرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ ابْنِ القَاضِي مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ، ابْنُ وَكِيْعٍ الضَّبِّيُّ، البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ التِّنِّيْسِيُّ، مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ.
وَلهُ(دِيْوَان)، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِالعَاطس، وَهُوَ القَائِلُ:
لَقَدْ شَمِتُّ بِقَلْبِي*لاَ خَفَّفَ اللهُ عَنْهُ
كَمْ لُمْتُه فِي هَوَاهُ*فَقَالَ:لاَ بُدَّ مِنْهُ
تُوُفِّيَ:فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِتِنِّيس، وَبنُوا عَلَى قَبْرِه قُبَّةً.(17/65)
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ بنِ لاَلٍ الهَمَذَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ:أَبِيهِ، وَالقَاسِمِ بن أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَلاَّب، وَعَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ الزَّعْفَرَانِيّ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَعَلِيِّ بن الفَضْلِ السُّتُوْرِي، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بن حَمْدُوَيْه المَرْوَزِيّ، وَحَفْصِ بن عُمَرَ الأَرْدَبيلِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن عُمَرَ بنِ شَوْذَب، وَخَلْقٍ كَثِيْر.
وَلَهُ رحلَةٌ وَحفظٌ وَمَعْرِفَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ:جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الصُّوْفِيّ، وَحُمَيْدُ بنُ المَأْمُوْنِ، وَأَبُو مَسْعُوْد أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَجَلِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَبَّاد، وَأَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ الحَسَنِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ إِمَاماً مُفَنّناً.
قَالَ شِيْرَوَيْه:كَانَ ثِقَةً، أَوْحَدَ زمَانِهِ، مُفْتِي البَلَد، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي علومِ الحَدِيْثِ، غَيْر أَنَّهُ كَانَ مَشْهُوْراً بِالفِقْه.
قَالَ:وَرَأَيْتُ لَهُ كِتَاب(السُّنَن)، وَ(مُعْجَم الصَّحَابَة)، مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَالدُّعَاءُ عِنْد قَبْرِهِ مُسْتَجَابٌ وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.(17/77)
__________________
ليتك تفيق من سكرة الحس...وتصحب رفيقا لحضرة القدس
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْه، العَلاَّمَةُ، عَالِمُ المَغْرِب، أَبُو الحَسَن عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَف المَعَافِرِيُّ، القَرَوِيُّ، القَابسِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِب(المُلَخَّصِ).
حج، وَسَمِعَ مِن:حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكتَّانِي الحَافِظ، وَأَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيّ، وَابنِ مسرورٍ الدّبَّاغ بِإِفْرِيْقِيَةَ، درَّاس بن إِسْمَاعِيْلَ، وَطَائِفَة.
وَكَانَ عَارِفاً بِالعِلل وَالرِّجَالِ، وَالفِقْهِ وَالأُصُوْلِ وَالكَلاَمِ، مُصَنِّفاً يَقِظاً دَيِّناً تَقِيّاً، وَكَانَ ضَرِيْراً، وَهُوَ مِنْ أَصحِّ العُلَمَاء كُتُباً، كتب لَهُ ثِقَاتُ أَصْحَابِهِ، وَضَبَطَ لَهُ بِمَكَّةَ(صَحِيْح)البُخَارِيِّ، وَحرّره وَأَتْقَنَهُ رفيقُه الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصِيلِي.(17/160)
.....وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ بِمدينَة القَيْرَوَان، وَبَات عِنْد قَبْره خلقٌ مِنَ النَّاس وضُربت الأَخبيَةُ، وَرثَتْه الشُّعَرَاءُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة.
)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، الصَّالِحُ، العَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الأَرْدَسْتَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ:عَدَدٍ كَثِيْرٍ، وَحَدَّثَ عَنْ:أَبِي الشَّيْخِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ، وَيُوْسُف القَوَّاس، وَعُمَر بنِ شَاهِيْن، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَالقَاسِمِ بن عَلْقَمَة الأَبْهَرِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن حَاجِب الكُشَانِي.
وَحَدَّثَ عَنْهُ بـ(الصَّحِيْح)، وَلقِي بِعَكَّا أَبَا زُرْعَةَ المُقْرِئ، وَتلاَ عَلَى جَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ:مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ القُوْمِسَانِي، وَابْنُ ممَان، وَظَفَرُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَغَيْرُهُم مِنَ الهَمَذَانيين.
ورَوَى عَنْهُ:أَبُو نَصْرٍ الشِّيْرَازِيُّ المُقْرِئ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي كُتُبِهِ، وَوَصَفَهُ بِالحِفْظ.
قَالَ شِيْرَوَيْه:كَانَ ثِقَةً يُحْسِنُ هَذَا الشَّأْن، سَمِعْتُ عِدَّةً يَقُوْلُوْنَ:مَا مِنْ رَجُلٍ لَهُ حَاجَةٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَة يَزُوْرُ قَبْره وَيدعُوهُ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ.
قَالَ:وَجَرَّبْتُ أَنَا ذَلِكَ.وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بـ(صَحِيْح البُخَارِيِّ)عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ طَاهِرٍ بِهَمَذَان.
قُلْتُ:هُوَ مِمَّنْ فَاتَ ابْنَ عَسَاكِر ذكرُه فِي(تَارِيْخِهِ).
وَكَانَ مَعَ عِلْمِهِ بِالأَثر قَيِّماً بكتَاب الله، رَفِيْعَ الذِّكر، أَخذ بِالبَصْرَةِ عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الأَسْفَاطيّ، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّهْرَدَيْرِيّ.
وَيُكْنَى أَيْضاً بِأَبِي جَعْفَرٍ.
مَاتَ:سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.(17/429
سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ، - للإمام الذَّهبي
هُوَ:الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الآدَابِ، أَبُو العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ بن مُطَهِّرِ بن زِيَادِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ ?

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق