حكم التوسل بالنبي ﷺ بعد وفاته :
اختلف العلماء في مشروعية التوسل بالنبي ﷺ بعد وفاته كقول القائل : اللهم إني أسألك بنبيك أو بجاه نبيك أو بحق نبيك ، على أقوال :
القول الأول :
- ذهب جمهور الفقهاء ( المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة ) إلى جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي ﷺ أو بعد وفاته .
قال القسطلاني : وقد روي أن مالكا لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي - ثاني خلفاء بني العباس - يا أبا عبد الله أأستقبل رسول الله ﷺ وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو ؟
فقال له مالك : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله عز وجل يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله .
وقد روى هذه القصة أبو الحسن علي بن فهر في كتابه " فضائل مالك " بإسناد لا بأس به وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه .
وقال النووي في بيان آداب زيارة قبر النبي ﷺ : ثم يرجع الزائر إلى موقف قبالة وجه رسول الله ﷺ فيتوسل به ويستشفع به إلى ربه ، ومن أحسن ما يقول ( الزائر ) ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له قال : كنت جالسا عند قبر النبي ﷺ فجاءه أعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله . سمعت الله تعالى يقول : {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي . ثم أنشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
وطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكرم .
وقال العز بن عبد السلام : ينبغي كون هذا مقصورا على النبي ﷺ لأنه سيد ولد آدم ، وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة الأولياء ؛ لأنهم ليسوا في درجته ، وأن يكون مما خص به تنبيها على علو رتبته .
وقال السبكي : ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي إلى ربه .
وفي إعانة الطالبين : . . . وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي .
ما تقدم أقوال المالكية والشافعية .
وأما الحنابلة فقد قال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصة العتبي مع الأعرابي : ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمنى . . .
إلى أن قال : ثم تأتي القبر فتقول . . . وقد أتيتك مستغفرا من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربي . . . " .
ومثله في الشرح الكبير.
وأما الحنفية فقد صرح متأخروهم أيضا بجواز التوسل بالنبي ﷺ . قال الكمال بن الهمام في فتح القدير : ثم يقول في موقفه : السلام عليك يا رسول الله . . . ويسأل الله تعالى حاجته متوسلا إلى الله بحضرة نبيه عليه الصلاة والسلام .
وقال صاحب الاختيار فيما يقال عند زيارة النبي ﷺ . . . جئناك من بلاد شاسعة . . . والاستشفاع بك إلى ربنا . . . ثم يقول : مستشفعين بنبيك إليك .
ومثله في مراقي الفلاح والطحاوي على الدر المختار والفتاوى الهندية .
ونص هؤلاء : عند زيارة قبر النبي ﷺ اللهم . . . وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك .
وقال الشوكاني : ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين .
وقد استدلوا لما ذهبوا إليه بما يأتي :
أ - قوله تعالى : { وابتغوا إليه الوسيلة } .
ب - حديث الأعمى المتقدم وفيه : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة .
فقد توجه الأعمى في دعائه بالنبي عليه الصلاة والسلام أي بذاته .
ج - قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء لفاطمة بنت أسد : اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين .
د - توسل آدم بنبينا محمد عليهما الصلاة والسلام :
روى البيهقي في " دلائل النبوة " والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله ﷺ لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله تعالى : يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟
قال : يا رب إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال الله تعالى : صدقت يا آدم ، إنه لأحب الخلق إلي ، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك.
هـ - حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان رضي الله عنه : روى الطبراني والبيهقي أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في زمن خلافته ، فكان لا يلتفت ولا ينظر إليه في حاجته ، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف ، فقال له : ائت الميضأة فتوضأ ، ثم ائت المسجد فصل ، ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك ، فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فجاء البواب فأخذ بيده ، فأدخله على عثمان رضي الله عنه فأجلسه معه وقال له : اذكر حاجتك ، فذكر حاجته فقضاها له ، ثم قال : ما لك من حاجة فاذكرها ثم خرج من عنده فلقي ابن حنيف فقال له : جزاك الله خيرا ما كان ينظر لحاجتي حتى كلمته لي ، فقال ابن حنيف ، والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله ﷺ وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره . إلى آخر حديث الأعمى المتقدم .
قال المباركفوري : قال الشيخ عبد الغني في إنجاح الحاجة : ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته والحديث - حديث الأعمى - يدل على جواز التوسل والاستشفاع بذاته المكرم في حياته ، وأما بعد مماته فقد روى الطبراني في الكبير عن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان . . إلى آخر الحديث .
وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين : وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله ﷺ إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى وأنه المعطي المانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .
القول الثاني في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته :
- جاء في التتارخانية معزيا للمنتقى : روى أبو يوسف عن أبي حنيفة : لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به ( أي بأسمائه وصفاته ) والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } .
وعن أبي يوسف أنه لا بأس به ، وبه أخذ أبو الليث للأثر .
وفي الدر : والأحوط الامتناع لكونه خبر واحد فيما يخالف القطعي ، إذ المتشابه إنما يثبت بالقطعي .
أما التوسل بمثل قول القائل : بحق رسلك وأنبيائك وأوليائك ، أو بحق البيت فقد ذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إلى كراهته . قال الحصكفي : لأنه لا حق للخلق على الله تعالى وإنما يخص برحمته من يشاء من غير وجوب عليه .
قال ابن عابدين : قد يقال : إنه لا حق لهم وجوبا على الله تعالى لكن الله سبحانه وتعالى جعل لهم حقا من فضله ، أو يراد بالحق الحرمة والعظمة ، فيكون من باب الوسيلة ، وقد قال تعالى : { وابتغوا إليه الوسيلة }.
وقد عد من آداب الدعاء التوسل على ما في " الحصن ، وجاء في رواية اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ، وبحق ممشاي إليك ، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا الحديث .
ويحتمل أن يراد بحقهم علينا وجوب الإيمان بهم وتعظيمهم . وفي " اليعقوبية " : يحتمل أن يكون الحق مصدرا لا صفة مشبهة ، فالمعنى بحقية رسلك ، فليتأمل . ا هـ . أي : المعنى بكونهم حقا لا بكونهم مستحقين . أقول ( أي ابن عابدين ) : لكن هذه كلها احتمالات مخالفة لظاهر المتبادر من هذا اللفظ ، ومجرد إيهام اللفظ ما لا يجوز كاف في المنع . . . فلذا والله أعلم أطلق أئمتنا المنع ، على أن إرادة هذه المعاني مع هذا الإيهام فيها الإقسام بغير الله تعالى وهو مانع آخر ، تأمل .
القول الثالث في التوسل بالنبي ﷺ بعد وفاته :
- ذهب تقي الدين بن تيمية وبعض الحنابلة من المتأخرين إلى أن التوسل بذات النبي ﷺ لا يجوز ، وأما التوسل بغير الذات فقد قال ابن تيمية : ولفظ التوسل قد يراد به ثلاثة أمور . أمران متفق عليهما بين المسلمين :
أحدهما : هو أصل الإيمان والإسلام ، وهو التوسل بالإيمان به ﷺ وبطاعته .
والثاني : دعاؤه وشفاعته صلى الله عليه وسلم ( أي في حال حياته ) وهذا أيضا نافع يتوسل به من دعا له وشفع فيه باتفاق المسلمين .
ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدا .
ولكن التوسل بالإيمان به وبطاعته هو أصل الدين ، وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام للخاصة والعامة ، فمن أنكر هذا المعنى فكفره ظاهر للخاصة والعامة .
وأما دعاؤه وشفاعته وانتفاع المسلمين بذلك فمن أنكره فهو كافر أيضا ، لكن هذا أخفى من الأول ، فمن أنكره عن جهل عرف ذلك ، فإن أصر على إنكاره فهو مرتد .
أما دعاؤه وشفاعته في الدنيا فلم ينكره أحد من أهل القبلة ، وأما الشفاعة يوم القيامة فمذهب أهل السنة والجماعة وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم أن له شفاعات خاصة وعامة .
وأما التوسل بالنبي ﷺ والتوجه به في كلام الصحابة فيريدون به التوسل بدعائه وشفاعته .
والتوسل به في عرف كثير من المتأخرين يراد به الإقسام به والسؤال به ، كما يقسمون بغيره من الأنبياء والصالحين ومن يعتقد فيه الصلاح .
وحينئذ فلفظ التوسل به يراد به معنيان صحيحان باتفاق المسلمين ، ويراد به معنى ثالث لم ترد به سنة .
ومن المعنى الجائز قول عمر بن الخطاب : اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " أي : بدعائه وشفاعته .
وقوله تعالى : { وابتغوا إليه الوسيلة }
أي : القربة إليه بطاعته ، وطاعة رسوله طاعته . قال تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } فهذا التوسل الأول هو أصل الدين ، وهذا لا ينكره أحد من المسلمين .
وأما التوسل بدعائه وشفاعته - كما قال عمر فإنه توسل بدعائه لا بذاته ؛ ولهذا عدلوا عن التوسل به ( أي بعد وفاته ) إلى التوسل بعمه العباس ، ولو كان التوسل هو بذاته لكان هذا أولى من التوسل بالعباس ، فلما عدلوا عن التوسل به إلى التوسل بالعباس ، علم أن ما يفعل في حياته قد تعذر بموته . بخلاف التوسل الذي هو الإيمان به ، والطاعة له ، فإنه مشروع دائما .
والمعنى الثالث : التوسل به بمعنى الإقسام على الله بذاته ، والسؤال بذاته ، فهذا هو الذي لم يكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه ، لا في حياته ولا بعد مماته ، لا عند قبره ولا غير قبره ، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم ، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة ، أو عمن ليس قوله حجة .
ثم يقول ابن تيمية : والحلف بالمخلوقات حرام عند الجمهور ، وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد ، وقد حكي إجماع الصحابة على ذلك . وقيل : هو مكروه كراهة تنزيه . والأول أصح .
فالإقسام بالنبي ﷺ على الله - والسؤال به بمعنى الإقسام - هو من هذا الجنس .
ويذهب ابن تيمية إلى أن التوسل بلفظ " أسألك بنبيك محمد " يجوز إذا كان على تقدير مضاف ، فيقول في ذلك : فإن قيل : إذا كان التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته على وجهين : تارة يتوسل بذلك إلى ثواب الله وجنته ( وهذا أعظم الوسائل ) وتارة يتوسل بذلك في الدعاء - كما ذكرتم نظائره - فيحمل قول القائل : أسألك بنبيك محمد على أنه أراد : إني أسألك بإيماني به وبمحبته ، وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته ونحو ذلك ، وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع . قيل : من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع ، وإذا حمل على هذا المعنى لكلام من توسل بالنبي ﷺ بعد مماته من السلف ، كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين ، وعن الإمام أحمد وغيره ، كان هذا حسنا ، وحينئذ فلا يكون في المسألة نزاع ، ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ، ولا يريدون هذا المعنى ، فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر ، وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به التوسل بدعائه وشفاعته وهذا جائز بلا نزاع .
ثم يقول : والذي قاله أبو حنيفة وأصحابه وغيرهم من العلماء - من أنه لا يجوز أن يسأل الله تعالى بمخلوق لا بحق الأنبياء ولا غير ذلك - يتضمن شيئين كما تقدم :
أحدهما : الإقسام على الله سبحانه وتعالى به ، وهذا منهي عنه عند جماهير العلماء كما تقدم ، كما ينهى أن يقسم على الله بالكعبة والمشاعر باتفاق الفقهاء .
والثاني : السؤال به فهذا يجوزه طائفة من الناس ، ونقل في ذلك آثار عن بعض السلف ، وهو موجود في دعاء كثير من الناس ، لكن ما روي عن النبي ﷺ في ذلك كله ضعيف بل موضوع ، وليس عنه حديث ثابت قد يظن أن لهم فيه حجة إلا حديث الأعمى الذي علمه أن يقول : أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة وحديث الأعمى لا حجة لهم فيه ، فإنه صريح في أنه إنما توسل بدعاء النبي ﷺ وشفاعته ، وهو طلب من النبي ﷺ الدعاء ، وقد أمره النبي ﷺ أن يقول : اللهم شفعه في " ولهذا رد الله عليه بصره لما دعا له النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك يعد من آيات النبي صلى الله عليه وسلم . ولو توسل غيره من العميان الذين لم يدع لهم النبي ﷺ بالسؤال به لم تكن حالهم كحاله .
وساغ النزاع في السؤال بالأنبياء والصالحين دون الإقسام بهم ؛ لأن بين السؤال والإقسام فرقا ، فإن السائل متضرع ذليل يسأل بسبب يناسب الإجابة ، والمقسم أعلى من هذا ، فإنه طالب مؤكد طلبه بالقسم ، والمقسم لا يقسم إلا على من يرى أنه يبر قسمه ، فإبرار القسم خاص ببعض العباد ، وأما إجابة السائلين فعام ، فإن الله يجيب دعوة المضطر ودعوة المظلوم ، وإن كان كافرا ، وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة مثلها ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا : إذا نكثر ، قال : الله أكثر .
وهذا التوسل بالأنبياء بمعنى السؤال بهم - وهو الذي قال أبو حنيفة وأصحابه وغيرهم أنه لا يجوز - ليس في المعروف من مذهب مالك ما يناقض ذلك ، فمن نقل عن مذهب مالك أنه جوز التوسل به بمعنى الإقسام أو السؤال به فليس معه في ذلك نقل عن مالك وأصحابه .
ثم يقول : ولم يقل أحد من أهل العلم : إنه يسأل الله تعالى في ذلك لا بنبي ولا بغير نبي . وكذلك من نقل عن مالك أنه جوز سؤال الرسول أو غيره بعد موتهم أو نقل ذلك عن إمام من أئمة المسلمين - غير مالك - كالشافعي وأحمد وغيرهما فقد كذب عليهم .
ثم يقرر ابن تيمية أن هذه المسألة خلافية وأن التكفير فيها حرام وإثم .
ويقول بعد ذكر الخلاف في المسألة : ولم يقل أحد : إن من قال بالقول الأول فقد كفر ، ولا وجه لتكفيره ، فإن هذه مسألة خفية ليست أدلتها جلية ظاهرة ، والكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة ، أو بإنكار الأحكام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك . بل المكفر بمثل هذه الأمور يستحق من غليظ العقوبة والتعزير ما يستحقه أمثاله من المفترين على الدين ، لا سيما مع قول النبي ﷺ : أيما رجل قال لأخيه : يا كافر فقد باء به أحدهما