معنى المشاحن الذي لا يُغفر له

السؤال : شيخنا ورد في الحديث : ((إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشركٍ أو مُشاحن)) ، وقد عرفنا المشرك: وهو كل من أشرك مع الله شيئا في ذاته تعالى أو في صفاته أو في عبادته ، فما معنى المشاحن؟ جزاك الله خيرا
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد.
فالحديث المذكور رواه ابن ماجة وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1144)، وقد فصّلت الكلام فيه في فتوى سابقة فلتراجع على صفحتي.(!)

والمشرك كما ذكرت في السؤال: هو كل من أشرك مع الله شيئا في ذاته تعالى أو في صفاته أو في عبادته ، اي هو الذي صرف ما لله لغير الله سبحانه وتعالى، بأي نوع من أنواع العبادة من الدعاء أو النذر أو الذبح وغيرها.

وذهب جمهور العلماء على ان المشاحن هو: (المخاصم المعادي لأخيه المسلم بغير حق ولا سبب شرعي ، وهو الذى يسعى بين الناس بالشجار والخصومة وإيقاع العداوة والنميمة بين الناس ).


ان الشحناء التي تحول بين العبد وبين مغفرة الذنوب في تلك اليلة هي: العداوة والبغضاء لأجل حظوظ النفس وشهواتها، وأما التي تكون لأجل الله تعالى كبغض أهل البدع والمعاصي والفجور المصرين عليها أو المجاهرين بها فهذه لا تدخل في الحديث , نسأل الله العظيم أن يؤلف بين قلوبنا وأن يصلح ذات بيننا وان يطهر قلوبنا من الحقد والغل والحسد ، فأفضل الأعمال بعد الإيمان بالله سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها تجاه المسلمين ،قال تعالى : { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } الحشر: 10. وهو تعالى أعلم


هل تخصص ليلة النصف من شعبان بصلاة وكذلك صيام نهارها ؟ وهل ورد في فضلها حديث صحيح ؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:


فأفضل الأعمال بعد الإيمان بالله سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها تجاه المسلمين .

وأول ظهور لذلك كما قال الإمام ابن رجب الحنبلي-رحمه الله تعالى - في لطائف المعارف [1/137 ]: ( وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك فمنهم من قَبِلَه منهم ووافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز).
قال الإمام أبو شامة المقدسي –رحمه الله تعالى – في الباعث على إنكار البدع والحوادث في تاريخ حدوث هذه الصلاة [1/35 ]: ( وأول ما حدثت عندنا سنة 448هـ قدم علينا في بيت المقدس رجل من نابلس يُعرف بابن أبي الحميراء وكان حسن التلاوة ، فقام يصلي في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان ، فأحرم خلفه رجل ثم انضاف ثالث ورابع فما ختمها إلا هو في جماعة كثيرة .. ) .
وقال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى – في الفتاوى الكبرى [5/342 ]:(وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان في السلف من يصلي فيها، لكن الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعة).
وقال الإمام النووي – رحمه الله تعالى – في المجموع [4/56 ]: (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي ثنتا عشرة ركعة تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب، وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب، وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل) .
وقال النجم الغيطي –رحمه الله تعالى - : (إنه قد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مُليكة وفقهاء المدينة وأصحاب مالك وقالوا : ذلك كله بدعة ) [السنن والمبتدعات للشقيري: 145 ] .
وقال الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله تعالى- في مجموع فتاويه: (وبهذا نعرف أن ما اشتهر عند بعض العامة من أن ليلة القدر هي ليلة النصف من شهر شعبان لا أصل له، ولا حقيقة له، فإن ليلة القدر في رمضان، وليلة النصف من شعبان كليلة النصف من رجب، وجمادى، وربيع، وصفر، ومحرم وغيرها من الشهور لا تختص بشيء، حتى ما ورد في فضل القيام فيها فهو أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة، وكذلك ما ورد من تخصيص يومها وهو يوم النصف من شعبان بصيام فإنها أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة..).
الخلاصة:

ليلة النصف من شعبان قد ورد في فضلها حديث حسن عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (( إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن )).
وبالجملة فإنه لم يصح شيء من الأحاديث التي وردت في فضيلة إحياء ليلة النصف من شعبان وصوم يومها عند المحققين من علماء الحديث؛ ولذا أنكروا قيامها وتخصيص يومها بالصيام، وقالوا إن ذلك محدث لا أصل له من سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.
ومع هذا فمن أراد أن يقوم فيها كما يقوم في غيرها من ليالي العام بلا تخصيص فلا بأس بذلك ، وكذلك إذا صام يوم الخامس عشر من شعبان على أنه من الأيام البيض مع الرابع عشر والثالث عشر ، أو لأنه يوم اثنين أو خميس إذا وافق اليوم الخامس عشر يوم اثنين أو خميس فلا بأس بذلك ، والله تعالى أعلم .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق