الأصل الثالث عشر
محبة الصالحين
واحترامهم والثناء عليهم
"ومحبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم بما عرف من طيب أعمالهم
قربة إلى الله تبارك وتعالى والأولياء هم المذكورون في قوله تعالى (الَّذِينَ
آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) والكرامة ثابتة لهم بشرائطها الشرعية مع اعتقاد
أنهم رضوان الله عليهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً في حياتهم أو بعد مماتهم
فضلاً عن أن يهبوا شيئاً من ذلك لغيرهم"
هذا الأصل يعالج :
1-حب الصالحين من الحب في الله.
2-احترام الصالحين والثناء عليهم.
3-من هم أولياء الله؟
4- ما هي الكرامة وشرائطها الشرعية؟
5-الاعتقاد بأن الذي يملك الضر والنفع هو الله وحده.
ركائز دعوتنا:
تقوم دعوتنا على دعامتين أساسيتين:
1-قوة الإيمان .
2-قوة الحب.
نعلم جميعاً أن الله I
خلق الإنسان وأودع فيه نفس تطيع وتعصى، تحب وتكره، هذا أمر مركوز فى فطرة الإنسان
وأشار المولى فى كتابه لهذا المعنى حين
قال : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا،
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ
خَابَ مَن دَسَّاهَا) فمن التزكية أن تحمل نفس الإنسان الحب وأن
يصرِّف هذا الحب ويوجهه فيما يحبه الله I كما يصرِّف البغض في كل ما يبغضه الله I
ولا يحل لمسلم أبداً أن يصرف عاطفة الحب فيما يغضب الله ولا يصرف عاطفة البغض فيما
يحب الله I إتباعاً لتوجيه الرسول r حيث يقول r
:"من
أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" فهذه العاطفة يجب على المسلم أن يتحكم فيها تبعاً لما جاء به الشرع
الحكيم فحينئذ يؤلف
بين المحبين فيحب بعضهم بعضًا
(وَأَلَّفَ
بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ
بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) وهذه
الألفة لها أسباب لا تتحقق إلا بها وهو الإيمان والعمل الصالح اللذان هما سبب هذا الحب مصداقاً لقول الله I
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ
الرَّحْمَنُ وُدًّا) ومن أجل ذلك
ذكر
ربنا I
ذكَّر الصحابة بهذه النعمة التى نقلتهم من الجاهلية بظلمتها إلى الإسلام بنوره فقال لهم
: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ،
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ
نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) ولكي تحقق هذا الحب
فى الله I
كان لابد أن تتحقق من حب الله لك أولاً وتسعى لتحقيق ذلك فإن
حققت حب الله لك كان حب الصالحين لك أمراً محتوماً لا شك فيه لأن المولى لا يصطفي إلا من أحبه ليجري النصر على أيديهم سبحانه مبيناً ذلك
(يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي
اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ
لَوْمَةَ لآئِمٍ) ثم يقول ربنا (ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء
وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) .
وهاتان الدعامتان يقوى عود كل منهما ويشتد ساعدهما، وتعمق جذورهما ويؤتى
أُكُلهما كل حين بإذن الله حيث يقوى الإيمان ذاته، وقوة الإيمان تتحقق بصحة
الاعتقاد ، وإسلام الوجه لله، أما قوة الحب فتتحقق بصدق الاتباع (قُلْ إِن
كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
وحب الله تعالى يعنى فعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور فإذا
أنعم عليك شكرت وإذا ابتلاك صبرت وإن أذنبت استغفرت فترضى بقضائه وتقنع بعطائه
فإذا تحقق ذلك فيك نادلى المولى : يا جبريل إنى أحب فلاناً فأحبه ثم ينادى جبريل
ملائكة الله ، يا ملائكة الله إن الله يحب فلاناً فأحبوه ثم ينزل لك المولى I القبول في
الأرض مصداقاً لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) حينئذ تدخل في عداد الصاحين (وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ)
فالصالحون هم صناعة الله وعطاء الله وهم الذين أحبهم الله (يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ
اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) فمن هذا الذي لا يحب
من أحب الله؟ والله يحب المحسنين ، والمتقين، والصابرين، والمؤمنين، وعباد الله
الصالحين.
يقول ابن تيمية t :"العبودبة
هي كمال الحب وكمال الذل لله" أمران لا يجتمعا أبداً إلا لله لأن الإنسان الذي يذل إنساناً آخر لا يحبه أبداً فضلاً عن
أن يتبادلا الحب ولكن العبودية لله لا تتحقق إلا بكمال الحب وكمال
الذل لله I
فمن لا يحب الله فلا محبة له،
لأنه لا حب إلا
بإسلام، لأن المحبة هي الإسلام ولا محبة لمن لا إسلام له.
يقول ابن القيم t
:
المحبة حقيقة العبودية وهل تتمكن الإنابة بدون محبة وكذلك الرضا
الحمد والشكر والخوف والرجاء بل وهل الصبر إلا صبر المحبين. والصبر في البلاء لا يتحقق إلا به ولولا الحب لله I
ما كان الصبر، فالصبر أصلاً على المصائب صبر المحبين
لله I
وما قصة سيدنا إبراهيم مع ابنه إسماعيل منا ببعيد حين قال (يَا بُنَيَّ إِنِّي
أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ
افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) لكي يكون خليلاً للرحمن I
لم يرد المولى I
أن يتعلق بابنه محبة له فوضعه في هذا البلاء الشديد لكي
يكون القلب خالصاً في محبته لله وحده.
ولكي تتحقق هذه المحبة لابد من إتباع الرسول r يقول ربنا : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ) فجعل إتباع رسوله مشروطًا بمحبتهم لله وشرطًا لمحبة الله لهم ، ولذلك يستحيل ثبوت
محبتهم لله ومحبة الله لهم بدون متابعة الرسول r، كما يستحيل أن يزعم الإنسان أنه يحب الله ويعص الرسول r وكما
قالوا لكي تتحقق المحبة لابد أن تهب كلك لمن
أحببت فلا يبقى لك منك شيء، سُئل الجُنيد وهو في مكة
عن المحبة: ما المحبة يا جُنيد؟ فأطرق رأسه ودمعت
عيناه ثم قال :"عبد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم
بأداء حقوقه واضع إليه بقلبه فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله وإن تحرك فبأمر
الله وإن سكن فمع الله، فهو بالله ولله ومع الله"
فبكى من سمعه وقالوا ما على هذا نزيد ، يقول ابن
القيم رضوان الله عليه وأرضاه:"إن الأسباب الجالبة لمحبة الله والموجبة لها عشرة:
1-قراءة
القرآن للتدبر والتفكر بمعانيه وما أريد منها.
2-التقرب
إلى الله بالفرائض والنوافل.
3-دوام
ذكره في كل حال باللسان والقلب.
4-إيثار
محابه على محابك عند غلبات الهوى .
5-مطالعة
القلب لأسمائه I
وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها.
6-مشاهد
بره وإحسانه وآلاءه ونعمه الظاهرة والباطنة.
7-انكسار
القلب بكليته بين يدى الله تعالى.
8-الخلوة
لمناجاته والتأدب بأدب العبودية بين يديه والاستغفار، بل وكثرته.
9-مجالسة
المحبين والصالحين الصادقين ولا نتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام.
10-مباعدة
كل سبب يحول بين القلب وبين الله U.
ولا يتحقق ذلك كله
إلا باليقظة، أولى مراحل العبودية اليقظة، واليقظة هي انتباه القلب من رقدة الغافلين ولذلك
كان دعاء داود :"اللهم إنى أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني لحبك، اللهم اجعل حبى لك أحب من الولد
والوالد والماء البارد" ولقد ذكر لنا القرآن من يحبهم الله فقال: )اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(، (إِنَّ
اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، (إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا)، (وإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)، كما ذكر من لا يحبهم فقال: (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ)، (إِنَّ اللَّهَ
لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) إذا فقهنا هذا عرفنا أن التفاوت في الطاعة سببه التفاوت في
المحبة وانصت لرسول الله r
وهو يقول :"لا يؤمن أحدكم حتى
أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" ويقول:" ثلاث من كن
فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا
يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" أو
كما قال r
ويحكى لنا عبد الله بن هشام فيقول
كنا مع النبى r
وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر:"يا رسول الله لأنت أحب إلىَّ من كل
شيء إلا من نفسي" فقال r
:"لا والذي
نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك"
فقال له عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إلىَّ من نفسي
فقال له r
:"الآن يا عمر". وما أفقه وأدق
ما قاله العلماء يقولون:" ليس الشأن في أن تحب الله ولكن
الشأن في أن يحبك الله"؛ لأن ما أكثر
الذين يدعون حب الله ومن الطبيعي أن محبتك لرسول الله r
يتبعها محبتك لآل بيته وعشيرته المؤمنة، ثم الصحابة من بعده، ثم التابعين ثم من
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين يقول
أنس أن أعرابياً سأل الرسول r فقال يا رسول الله متى الساعة؟ قال:"وما
أعددت لها"، قال ما أعددت لها إلا
إنى أحب الله ورسوله، قال :"فإنك مع من أحببت"، قال أنس فما رأيت
المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام أشد
من فرحهم بقوله r.
لقد عرفنا كيف تتحقق محبة الله لنا بالعشر
التي أشرنا إليها آنفًا ولكي نحافظ على ذلك كان لابد من معرفة الأسباب التي تؤدي إلى ضعف
هذا الحب فما هي هذه الأسباب؟
1-ضعف
النية لعمل الآخرة.
2- حين تصير الأبدان
مهيأة للشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ
الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ
الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ
ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)
3- أن يدخل على المرء
طول الأمل مع قصر الأجل.
4-تقديم إرضاء المخلوقين على رضا الله.
5-إتباع الأهواء ونبذ السنة وتركها.
6- أن تجعل ذلَّات السلف حجة لنفسك وتكتم
مناقبهم.
يقول عيسى u :"تحببوا
إلى الله ببغض أهل المعاصى وتقربوا إلى الله بالتباعد عنهم والتمسوا رضا الله
بسخطهم" قالوا يا روح الله فمن نجالس؟ قال جالسوا من تذكركم اللهَ رؤيته ومن يزيد في إيمانكم كلامه ومن يرغبكم
في الآخرة علمه". وتأمل قول
الله تعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ
عَنْهُمْ)، ولذلك يقول الرسول r:"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا
أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" السلام تلازمه المحبة والترابط والأخوة والإيثار وكل المعاني الطيبة وليس كلام اللسان الذي يقول غير
ما يفعل يحمل في طياته الأذى كما قال ربنا: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا
تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ
وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ
بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ).
يقول الرسول r "إذا أحببت أخاك فأخبره بأنك تحبه" إنه شيء يدعو إلى السرور، حين تقابل أخاك فتقول له: والله إنى أحبك في الله، فكأن هذه شهادة بأن هذا الذي أحبه هو الذي يغشى المجالس الطيبة ويكثر الخطى إلى المساجد، قائم لله I مجاهداً في سبيله فإذا بالرد الطيب: أحبك الله الذي أحببتنى من أجله فيكون الحب كله لله I ورحمة الله على إمامنا الشهيد حسن البنا الذي
علمنا هذا الدعاء الذي نردده بعد الدعاء المأثور
والذي نقول فيه "اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك
والتقت على طاعتك وتوحدت على دعوتك وتعاهدت على نصرة شريعتك فوثق اللهم رابطتها
وأدم ودها واهدها سبلها واملأها بنورك الذي لا يخبو واشرح صدورها بفيض الإيمان بك
وجميل التوكل عليك وأحيها بمعرفتك وأمتها على الشهادة في سبيلك إنك نعم المولى
ونعم النصير"، وصدق الإمام حين قال : "سنقاتل الناس بالحب"، وتأمل قول الله (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا) فإذا زال الحب انفرط العقد
وتفرق الجمع وأكله الذئب ولذلك فإن المولى يحذر المؤمنين قائلاً : (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ
فَاحْذَرُوهُمْ) يقول ابن القيم هذه عداوة المحبة من شدة تعلق الوالد بولده يعوقه عن الجهاد في سبيل الله فكأن هذا الولد
أصبح عدواً وأنت بسبب هذا الحب لا تؤدى ما عليك من واجب فأصبح
هذا الحب عدواً لك لأنه يمنعك من فعل الخيرات وتأمل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ
فَاحْذَرُوهُمْ) (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ
وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
أن يبني مجتمعه على الحب والإيمان ألم تر كيف بدأ
رسول الله r في بناء المجتمع المسلم في
المدينة فأقام المسجد لغرس الإيمان وآخى بين المسلمين لتقوى العلائق بالحب (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) وبهذا الحب
الذي يسود مجتمع المؤمنين الصالحين تتكون الجماعة المسلمة المتآلفة المتحابة (وَيُؤْثِرُونَ
عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) وتتوثق عرى المحبة التي لا
تنفصم لأنها من الله (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي
الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ
بَيْنَهُمْ) فإذا بهم صفاً واحداً تنعدم فيه الانشقاقات وتقل فيه الخلافات
لأنهم يقولون (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فاهدنا يا رب صراط
الصالحين (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ
الضَّالِّينَ) فهم معاً في الدنيا في صلاح وتقوى ومحبة وهم في الآخرة مع
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
فمن هم الصالحون ؟
يقول ربنا U
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) فتدبر هذه الآية
الكريمة تجد الصالحين
هم صناعة الله وهم الذين عناهم المولى I في قوله (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)
وبهذا الحب تتكون جماعة المسلمين المتحابة وهم الذين أحبوا لله وأبغضوا لله وأخذوا لله وتركوا لله
قلوبهم صافية وعيونهم باكية وأيديهم حانية وأرجلهم ساعية وأعمالهم خالصة يبيت
أحدهم وليس في صدره شيء لأحد وبهذه الصفات أقاموا بناء الدولة ووطدوا أركان الدعوة
ومن أجل ذلك كانت أولى خطوات الرسول r في مدينته بعد الهجرة بناء المسجد ليحقق قوة الإيمان والمؤاخاة
ليحقق قوة الحب ذلك الرباط المتين وهذا الحصن الحصين الذي لا يستطيع عدو أن يخترقه
فقد يخترق أعداء الإسلام الصفوف فيحتلوا البلاد بقوتهم الغاشمة ولكنهم لا يستطيعوا
أن يخترقوا قلوب العباد مهما أوتوا من قوة.
من هنا كانت محبة الصالحين واحترامهم والثناء عليهم من العبادة التي يتقرب
بها العبد لربه ومن الإيمان الذي وقر في القلب "فليس منا من لم يوقر كبيرنا
ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه"
وهنا لابد
لنا من وقفة ألا وهي: لماذا قال الإمام
البنا "ومحبة الصالحين واحترامهم"؟ ولم يقل "ومحبة المصلحين" ذلك لأن الصالحين أعم وأشمل من
المصلحين فهناك فرق بين الصالح وبين المصلح، فالصالح هو الذي يكون صلاحه في نفسه ولا يتعدى إلى غيره، أما المصلح فصلاحه يتعدى غيره ويتحرك به بين الناس ويدعوهم إليه ويتحمل الإيذاء في سبيل هذه الدعوة التي يوقن وينشر هذا الصلاح فلو قال الإمام البنا :"محبة المصلحين" لقصرها
على المصلح وخرج منها الصالحون، لكن عندما يقول
محبة الصالحين فيدخل الصالحون ومعهم
المصلحون من
باب أولى لأنك إذا أحببت الصالح يكون من الأولى أن تحب
المصلح، وتأمل قول الله تعالى وتدبره وهو يقول (وَهُوَ
يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) لأنه إذا تولى الصالحين فهو يتولى المصلحين كذلك لأن المصلحين عُمّار الأرض والقائمين على الحق
الحارسين له ولذلك قال ربنا: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ
الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) فلا
تُهلك القرى وأهلها مصلحون؛ لأنهم لا يسكتون
على باطل ولا يتركون الفساد يستشري بل يتصدون له وينكرونه مهما يصيبهم من أذى من
حاكم جائر.
ولذلك سألت السيدة عائشة رسول الله r : أنهلك
وفينا الصالحون ؟ قال : "إذا علا الخبث"، فلم تقل وفينا المصلحون
ولكن قالت : وفينا الصالحون لأنه القائل (وَهُوَ
يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) ومن هنا
يبين لنا المولى I أن
المنافقين يدعون الإصلاح فهم الذين قال عنهم القرآن (وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ
وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) فوصفهم
القرآن بأنهم "مفسدون" وليسوا فاسدين فحسب لأن الفاسد فساده في نفسه لا
يتعدى غيره أما المفسد ففساده يصيب الغير وينتشر في الأرض ، ولذلك قال ربنا (وَاللّهُ
يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) ولم يقل والله يعلم الفاسد من الصالح ولذلك نهانا القرآن أن نجلس مع
هؤلاء الذين قال فيهم (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ
يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ
غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى
مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
والقرآن يثنى على الصالحين ويعلمنا ربنا الثناء على
الصالحين لأنه سبحانه أثنى عليهم ونوه بأخلاقهم ومسالكهم فقال (وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) وقال (وَاذْكُرْ
فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا
نَّبِيًّا ، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ) .
وكذلك رأينا الأنصار يثنون على المهاجرين (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ
إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) ويستمر هذا
الموكب المتحاب يورث بعضه بعضاً هذا الحب (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا
غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) .
المحبة منطلق كل خير:
إن المحبة منطلق كل خير وفلاح لأنها تجمع المسلمين على وجهة واحدة وغاية
واحدة وقدوة واحدة فهى الحياة ودونها الموت والهلاك ويقول عمر بن الخطاب t : لولا
ثلاثة ما أحببت البقاء : لولا أن أحمل على جياد في سبيل الله، ومكابدة الليل
ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب التمر. ويقول ابنه عبد الله:
والله لو صمت النهار لا أفطره وقمت الليل لا أنامه وأنفقت مالى غلقاً غلقاً في
سبيل الله أموت يوم أموت وليس في قلبى حب لأهل طاعته ولا بغض لأهل معصيته ما نفعنى
ذلك شيئاً .
كيف نقدر الصالحين ونثنى عليهم ونتبرك بهم:
محبة الصالحين من الحب في الله لأن الله يحبهم ويحبونه فنقدرهم ونثني عليهم
إلا أن بعض العلماء كره تقبيل يد الصالحين تعظيماً له والتمسح به وفي مسألة
التقبيل بالذات خلاف. كرهها الإمام مالك وآخرون من الفقهاء.
قال
سليمان بن حرب:"قبلة اليد هي السجدة الصغرى" ، وقال ابن عبد
البر :"تقبيل اليد إحدى السجدتين" ولقد قبض هشام بن عبد الملك يده
من رجل أراد أن يقبلها وقال: مَه فإنه
لا يفعل هذا إلا هلوعاً ومن العجم
إلا خضوعاً "
ورخص أكثر العلماء كالشافعى
وأحمد بن حنبل رحمهما
الله، يقول إن كان للدين لا للدنيا فلا يكره تقبيل اليد لزهد وعلم وكبر سن بل
يستحب.
قال
الشعبى:
صلى زيد بن ثابت على جنازة فقُرّبت إليه بغلة ليركبها فجاءه ابن عباس فأخذ بركابه
فقال زيد خلى عنى يا ابن عم رسول الله r فقال بن عباس هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء
والكبراء فقبل زيد بن ثابت يده وقال هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا محمد r.
ويكره لدنياه وثروته وشوكته ووجاهته كراهة شديدة.
ومن
طريف ما قيل لبعض الفقهاء في تقبيل اليد أنه باعتبار موقعه على أنواع:
-تقبيل المودة للولد ويكون على الخد.
-وتقبيل الرحمة للوالدين ويكون على
الرأس.
-وتقبيل الشفقة
للأخ ويكون على الجبهة .
-وتقبيل الشهوة للزوجة ويكون على الفم .
-وتقبيل التحية للعلماء العاملين والحكام العادلين ويكون على اليد
واتفق العلماء على كراهة مد اليد للناس ابتداءً ليقبلوها
فهذا منهى عنه بلا نزاع كائناً من كان هذا الإنسان ولكن النزاع فيما إذا كان
المقبل هو المبتدئ بذلك هذا كله يخص تقبيل اليد والذي يظهر فيه الخلاف المعتبر
شرعاً الذي لا إنكار فيه.
التبرك بالصالحين :التبرك هو التيمن
بالشيء والبركة هي النماء في الخير والزيادة فيه ولقد قال المولى أنه بارك في أرض الشام
فقال : (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى
الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) وعيسى u
قال : (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ
مَا كُنتُ) بل إن القرآن
نفسه كله مبارك (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ
إِلَيْكَ مُبَارَكٌ) .
ومن
الأدعية المأثورة "وبارك لى فيما أعطيتنى" فطلب البركة والتماسها أمر مستحسن شرعاً لأنه من طلب
الخير والتماسه ولكن بما يكون التبرك وكيف يكون؟
بمَ يكون التبرك؟
التبرك يكون بما
عُلم شرعاً أن فيه بركة وأذن الشارع في طلبها منها والتماسها فيه، وذلك كبيت الله
الحرام ، وزمزم والمساجد الثلاثة وكالأرض المقدسة ،وكمجالس العلم والذكر وقراءة
القرآن ومجالسة الصالحين، وطلب دعائهم ومرافقتهم، ويقول
الإمام الشاطبى "فى
الاعتصام" : التبرك بغير آثار النبى r
بدعة إضافية، لأن الصحابة كانوا يتبركون بآثار النبى r
فقد ثبت أن الصحابة كانوا يتمسحون بفضل
وضوءه r بل
ويدلكون وجوههم بنخامته r بل وشربوا دم حجامته وشربت خادمة بوله عليه
السلام وتبركوا بشعره وثوبه وغيرهما .
فعن أبى جحيفة قال خرج علينا رسول الله
r
بالهاجرة فأتى بوضوء فتوضأ فجعل الناس يأخذون من فضل وضوءه ويتمسحون به.
وعن السائب بن
يزيد قال ذهبت بى خالتى إلى النبى r فقالت يا رسول الله إن ابن أختى وجع فمسح
رأسى ودعا لى بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوءه.
وحكى القاضى عياض أن مالك
بن سنان مص دم النبى r يوم
أحد فقال r
"لن تصيبه النار". وأن عبد الله
بن الزبير شرب دم حجامته r فلم ينكر ذلك منه وأن امرأة شربت بوله r فقال لها
:"لا تشتكى وجع بطنك أبداً"
قالوا إن
الصحابة تبركوا بآثار الرسول r
ولكنهم لم يتبركوا بآثار غيره وتركهم لذلك لسببين:
1-أن يعتقدوا في التبرك بالرسول الله r
خصوصية له ومرتبة النبوة تتسع لذلك كله فكما اختص بأشياء دون
غيره اختص بالتبرك بآثاره r ولا يشاركه في ذلك أحد.
2-ألا يعتقدوا الاختصاص ولكنهم
تركوا ذلك من باب سد الذرائع خوفاً من أن
يجعل ذلك سنة أو لأن العامة لا تقتصر في ذلك على حد بل تتجاوز فيه الحدود وقد قطع عمر
t الشجرة
التي بويع تحتها النبى r فقد يبالغ
قوم في التبرك بالصالحين إلى حد الاعتقاد الفاسد بأنهم ينفعون ويضرون كما يحدث في
زيارة أضرحة بعض الصالحين ولقد بالغ أصحاب الحلاج في التبرك به حتى ادعوا فيه
الألوهية.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالولاية وإن ظهر لها في
الظاهر آثار قد يخفى أمرها فإنها في الحقيقة راجعة إلى أمر باطن لا يعلمه إلا الله
فربما ادعيت الولاية لمن ليس بولى أو ادعاها لنفسه أو أظهر خارقة بطريق السحر أو
الشعوذة ونحو ذلك فبهر من ذلك الجاهلون وخدعوا وظنوا في ذلك الظنون واعتقدوا فيهن
اعتقاد يوشك أن يهلكهم وكل هذا لا يمنع من التبرك بالصالحين.
ولقد رد العلماء
على خصوصية التبرك فقالوا:"لا
دليل عليها" أما قولهم لسد
الذريعة فإن اعتبار سد الذرائع
في بعض الأمور لا يدل على اعتبارها في كل أمر فالشارع لم
يعتبر سد الذرائع في المنع من زراعة العنب خشية استخراج الخمر منه ونحو ذلك وكذلك
لم يعتبر سد الذريعة في وأد البنات وقتل الأولاد خشية الإملاق أو خشية العار.
ولو أن الشارع اعتبر مثل هذا سداً للذريعة لمنع منه
بالنسبة إلى التبرك بالنبى r بالأولى لأن الأمر الذي يخشى من ترتبه على
مثل هذا التبرك أقرب منه حينئذ بالنسبة إلى من عداه.
وخلص أصحاب هذا الرأى إلى أنه لا بأس بهذا التبرك في
حدود الشريعة لأنه من باب حب الصالحين وهو الحب في الله وقد أمرنا بهذا الحب وورد
ما يدل عليه من آثار فلا يتبرك بدم أو بول مثلاً للحكم بأنه غير طاهر ولا يمكن تسليم
الخروج عن طريق هذا التبرك إلى ما يخالف الشرع كما حدث مع اتباع الحلاج فهذه عبادة
وليست بالتبرك وقد ورد في الحديث الشريف ما يفيد التبرك
بالأرض وريق المؤمن في قوله r "تربت أرضنا بريق بعضنا يشفى سقمنا"
حديث لرسول الله r
وفى الأثر "سؤر المؤمن شفاء".
وأما التمسك بما وقع من عمر t من قطع الشجرة فلا يدل على الإطلاق لأنه
واقعة حال – أي حالة معينة- وعلى هذا إذا كان التبرك في حدود الشرع فلا مانع يمنع
منه ولا دليل من الشرع على خصوصيته للرسول r ولم يرو عن الرسول r ما يمنع من مثل هذا التبرك وقد صح عن الربيع
بن سلمان أن الإمام الشافعى t كان يتبرك بغسالة ثوب الإمام أحمد t كما ذكره
صاحب الطبقات الكبرى في قصة طويلة.
الحكم على
الظواهر:
وهذا التبرك نفعله على أساس ما نراه من ظاهر سلوك
الصالحين لأن التعامل في نظر الشارع إنما يقوم على أساس ما نراه من الظواهر ولسنا
مطالبين بالكشف عن السرائر أو التنقيب عما في القلوب فظهور الصلاح كاف في استحقاق
صاحبه ما يترتب عليه من المحبة والرعاية والتوقير والمؤمن كيِس فطن (وَمَا
شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ) ولما
رواه البخارى ومسلم من قوله r "إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس
ولا أشق عن بطونهم" ولما رواه البخارى عن عمر قال : إن أناساً كانوا
يؤخذون بالوحى في عهد رسول الله r "وإن الوحى قد انقطع وإنما نأخذكم بما
ظهر من أعمالكم" فليس لنا أن نحكم بعد انقطاع الوحى إلا بما ظهر لنا من أعمال
صالحة تدل على الإيمان والتقوى فيصبح ذلك في عداد الصالحين وهذا بحكمنا البشرى ولا
شأن لنا بحكم الله فيه.
فمن هو الولى؟
الأولياء هم أهل الإيمان والتقوى (الَّذِينَ
قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) في دنياهم وهم الذين تبشرهم الملائكة عند موتهم (أَلَّا
تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ،
نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)
فهم لا يخافون ولا هم يحزنون (أَلا إِنَّ
أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) من هم ؟ (الَّذِينَ
آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ
الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) .
يقول
أبو هريرة: قال r
"من عادى لى ولياً فقد آذنته بالحرب"، "وما تقرب إلىّ
عبدى بشيء أحب إلى مما افترضته عليه وما زال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجلاه التي يمشى
بها، وإن سألنى لأعطينه وإن استعاذنى لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدى المؤمن يكره الموت وأكره
إساءته"
هؤلاء أولياء الله الذين يحافظون على الفرائض في أوقاتها والذين
لا يقصرون في السنن الراتبة ثم يكثرون
من النوافل صوماً وقياماً وإنفاقاً وعطاءاً
من أموالهم هؤلاء هم أولياء الله الذين لا
خوف عليهم ولا هم يحزنون فكل من آمن واتقى فهو ولي.
معنى الولاية : هي كلمة تجمع بين الخير والشر معاً (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ
آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ
أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) ولقد
استعملها رسول الله r في الغالب الأعم في جانب
أولياء الله كما في الحديث "من آذى لى ولياً " وقد فهمها الصحابة بهذا
المعنى وهى في اللغة تعنى المحبة أو القرب أو الحماية والنصرة فالولى هو النصير.
ولقد خصصتها
الصوفية والشيعة لأشخاص
معينين إما من آل البيت وإما من شيعة آل البيت وإما من المتصوفة وأصبحت في الغالب
والأعم عند الناس تطلق على رجل من المتصوفة أو الشريف المنتسب إلى آل البيت الذي
يدعى ذلك ربما ليتكسب من وراء هذا الادعاء .
إلا أن البعض أوقفهما على الصحابة بنص القرآن لأنه وصف
لمن نال محبة الله وهى غاية يسعى إليها كل مؤمن ولكن ولا ندرى من وصل إليها إلى أن
يأتى اليوم التي تجادل فيه كل نفس عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون
ويدلنا عليها حديث رسول الله r الذي رواه عمر بن الخطاب t قال : قال
رسول الله r "إن
من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم
القيامة بمكانهم من الله قالوا : يا رسول الله أخبرنا من هم وما أعمالهم فإنا
نحبهم لذلك؟ قال : هم قوم تحابوا في الله بروح الله على غير أرحام بينهم ولا
أموال يتعاطونها فو الله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى نور لا يخافون إذا خاف الناس
ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية (أَلا إِنَّ
أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) والذي نريد أن نؤكد عليه أن للولاية شروطًا كي تتحقق في
العبد الصالح.
شروط الولاية :
1-التمسك بكتاب الله والسنة
.
2-الاقتداء بأقوال رسول الله r وأفعاله .
3-أن تزن الأفعال
والأقوال بميزان الكتاب والسنة.
أما العلم اللدنى، الوصاية من الشيخ عند الشيعة، والعصمة
والفناء وخوارق الأمور كل هذه ليست من الولاية في شيء، وصدق من قال:" إذا
رأيت الرجل يمشى على الماء ويطير في الهواء ويترك ما أمر الله ورسوله فاعلم أنه
ساحر أو شيطان" .
فبعض المشعوذين يترك الفرائض ويقول " وَاعْبُدْ رَبَّكَ
حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ "ولقد
آتانىاليقين فسقطت عنى الفرائض بينما اليقين هنا هو الموت يقول ربنا (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا
الْيَقِينُ) أي الموت واسمع إلى أبى هريرة t يقول قال رسول الله r قال الله تعالى "من عادى لى ولياً
فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلى عبدى بشيء أحب إلى مما افترضته عليه وما يزال عبدى
يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر
به ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددى عن
نفس عبدى المؤمن يكره الموت وأكره إساءته "
هؤلاء هم الأولياء الذين يحافظون على النوافل حفاظهم على
الفرائض ويتقربون إلى الله بالطاعات فيرزقون الفراسة والإلهام فلقد قال رسول الله
"لقد كان فيما قبلكم محدثون فإن يكن في أمتى فهو عمر" والمحدث هو
الملهم.
الكرامات: الكرامة الاسم من كَرم والجمع كرامات وهى ما يكرم الرب
تبارك وتعالى به عباده من أنواع الإفضالات وهى عامة لبني آدم وتتمثل فيما كرم الله
به بنى آدم كلهم (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) وتتمثل فيما يكرم الله تعالى به بعض عباده من هدايتهم
إلى الإيمان وتوفيقهم إلى طاعته فهذه الاستقامة على الإيمان والطاعة من أعظم
الكرامات وأهلها من أصحاب اليمين .
والكرامة نفاها المعتزلة وأثبتها أهل السنة وقالوا إن
القرآن أثبتها فهؤلاء هم أهل الكهف مكثوا في كهفهم (ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا)، وهذه مريم يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فتقول (هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ ) وقصة الخضر مع موسى عليه السلام وإن كان يرجح أنه نبى وليس ولياً ويرجح
ذلك قوله تعالى (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) فهي منّة من الله ومنحة للذين آمنوا وكانوا يتقون.
سقوط
الكرامة:
وتسقط
المنزلة والكرامة عند الله وعند خلقه بالذنوب والمعاصى لأن المولى يقول (إن
أكرمكم عند الله أتقاكم) فعلى قدر طاعة العبد تكون منزلته عنده فإذا عصاه
وخالف أمره سقط من عينيه فأسقطه من قلوب العباد فأصبح ساقط القدر وسقوط القدر
والجاه جالب كل غم وهم وحزن لأن (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن
سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ
الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ
مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ) [سورة محمد]
ذلك
لأن من أعظم
نعم الله على العبد أن يرفع له بين العالمين ذكره ويعلى قدره ولهذا خص أنبياءه
ورسله بما ليس لغيرهم فقال تعالى (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي
الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ)
أى خصصناهم بخصيصة وهى الذكر الجميل الذي يذكرونه في هذه الدار وهى لسان الصدق الذي
سأل إبراهيم عليه السلام (وَاجْعَل لِّي
لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)
ولقد
قال لنبينا (r) (وَرَفَعْنَا لَكَ
ذِكْرَكَ)
فأتباع الرسل لهم نصيب من ذلك بحسب ميراثهم من طاعتهم ومتابعتهم وكل من خالفهم
فإنه بعيد من ذلك بحسب مخالفتهم ومعصيتهم.
ولقد
قرر الإمام ابن تيمية أن لبعض الناس كرامات وأن بعضهم يجرى الله على يديه خوارق
العادات ولكنهم غير معصومين من الخطأ ويقول إن الكرامة ليست أفضل من الاستقامة
ولذلك كان بعض الصالحين يطلب من الله تعالى أن يهبه الاستقامة ولا يهبه الكرامة
يقول أبو على الجرجانى : كن طالباً للاستقامة لا طالباً للكرامة، فإن نفسك منجبلة
على الكرامة وذلك يتطلب منك الاستقامة.
كرامات
للصحابة والتابعين
: وكم للصحابة والتابعين من
كرامات
* فهذا عمر على منبره ينادى سارية يقول : "يا سارية الجبل" والقصة
معروفة لدرجة أن سارية سمع صوت عمر رضي الله عن الجميع.
* وهذا أسيد بن حضير روى البخارى عن أنس
قال: كان أسيد بن حضير وعباد بن بشر عند
رسول الله r
في ليلة ظلماء فتحدثا عنده حتى إذا خرجا أضاءت لهما عصا أحدهما فمشيا في ضوءها
فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل منهما عصاه فمشيا في ضوئها.
* وهو نفسه -أُسيد بن حضير - الذي كان
يقرأ سورة الكهف فنزلت عليه السكينة من السماء مثل الظلة فيها أمثال السَرَج وهى
الملائكة فأخبر بذلك النبى r فقال:"لو استمر على تلاوته لاستمرت
تلك السكينة واقفة عليه
باقية عنده".
* وكانت الملائكة تسلم على عمران بن
حصين، وكان أبو الدرداء يأكل من صحفة فسبحت وسبح ما فيها وكان الصديق رضى الله عنه
يأكل هو وأضيافه من القصعة فلا يأكلون لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها فشبعوا
وهى أكثر مما كان فيها قبل أن يأكلوا.
* وأما خُبيب بن عدى رضى الله عنه لما
أسره المشركون كان يؤتى إليه بقطف
من العنب في غير وقته فيأكل منه.
* أما سُفَيّنة فكان
في سفينة فكسرت فنزل الشاطئ على خشبة فأخذته الريح إلى غابة فوجد أسداً أمامه فخاطبه قائلاً له: أُقسم عليك أنا مولى رسول الله r
فلا تقترب منى، فماذا حدث؟ فمشى معه الأسد حتى
أوصله إلى مقصده ولم يصبه
بأي أذى.
* وهذه امرأة
من الصحابيات عُذبت حتى ذهب بصرها فقال المشركون ما أصابها هذا العمى إلا من اللات والعزى فقالت كلا والله كذبتم فعاد بصرها إليها.
وأما
التابعون فكان لبعضهم كرامات مشهودة منهم أبو مسلم الخراسانى أُلقى في النار
فوجد قائماً يصلى فقال عمر بن الخطاب الحمد لله الذي لم يُمتنى حتى أرى في أمة
محمد r
من فُعل به كما فُعل بإبراهيم u، .
وهذا
عامر بن قيس وضع رجله على رقبة الأسد فاستسلم له حتى
مرت القافلة ولم يصب أحد من القافلة بسوء.
وأما مطرف بن الشِخّير كان إذا دخل بيته
سبحت معه آنيته.
والكرامات
التي أثبتها التاريخ الصحيح كثيرة واسألوا
المجاهدين الأفغان في زماننا هذا في جهادهم الإسلامى مع الملاحدة وما رآه المجاهدون من كرامات سجلت في كتب ببركة الجهاد.
لا يملكون نفعاً ولا ضراً:
ومع
هذا كله فنحن لسنا مطالبين بأن نصدق بهذه الكرامات
لفرد بعينه ولا يخدش إيماننا إن سمعنا عن كرامة لفلان فلم نصدقها أو نؤمن بها فنحن نؤمن بالكرامات وإن كنا غير مطالبين بالإيمان
بإسنادها لفرد بعينه.
فكم
من مشعوذ دجال يستطيع أن يسحرنا بلعبه ودجله فهذا أحدهم كان يركب مركباً فسرقت
لؤلؤة واتهم فيها فقال : يا حيتان البحر أقسمت عليكم أن يأتى الحوت باللؤلؤة فهذا دجل وشعوذة!!
ويحكى
الإمام الغزالى عن أحدهم وكان لا يُعرف عليه صلاح ولا عبادة وكان لديه ضيف فتعرض
له أسد فقال له لا تتعرض لضيفاى فهز الأسد رأسه فقال الرجل الدجال اشتغلتم بتقويم
الظاهر فخفتم الأسد ولكننا انشغلنا بتقويم الباطن فخافنا الأسد.
مثل
هذا الدجل تسمعه ممن يقولون أن للدنيا
أقطاباً أربعة السيد البدوى والسيد الرفاعى والسيد الجيلانى والسيد الدسوقى كل
واحد منهم له ربع الدنيا ولا يعتدى على ربع صاحبه.فهل مثل هذا الرجل يصدقه عاقل؟
أما
الكرامة فتثبت بشرائطها الشرعية كما ذكرنا.
والجدير بالذكر أنه ليس معنى الكرامة
أن نعتقد أنهم يملكون الضر والنفع ذلك لأنهم لا
يملكون لأنفسهم – فضلاً لغيرهم – لا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً
ولا يعلمون غيباً فأفضل
الخلائق عند الله عز وجل يقول له ربه (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ
وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ
السُّوءُ)
وهكذا تبنى
العلاقات بين الأفراد على الفهم الدقيق والإيمان العميق والحب الوثيق فتجتمع القلوب
وتتوحد الصفوف ويدعو المسلم لأخيه الصالح بظهر الغيب في كل ليلة وعند الغروب فيردد
قول الله تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ
تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن
تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ
فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ
الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ) اللهم إن هذا
إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لنا ، ثم يدعو بمثل هذا الدعاء
لإخوانه الصالحين "اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك والتقت
على طاعتك وتوحدت على دعوتك وتعاهدت على نصرة شريعتك فوثق اللهم رابطتها وأدم ودها واهدها سبلها واملأها بنورك الذي
لا يخبو واشرح صدورها بفيض الإيمان بك وجميل التوكل عليك وأحيها بمعرفتك وأمتها على
الشهادة في سبيلك إنك نعم المولى ونعم النصير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق