حكم تزويج الصغيرات أو القاصرات .. !
هذه كلمات نافعة بإذن الله مختصرة حول زواج القاصرات !
ابتديء بهذه الشبهة : ( كيف تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وعمرها ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين ) ؟!
الجواب :
قبل أن أذكر الرواية وسندها أقول لكم إخوتي الكرام :
إذا أشكل عليك أمر في دين الله فاسأل أهل العلم عنه فميراثنا عنهم ومنهم هو آلاف من الكتب والفتاوى في كل زمان فيها ماتزول به الشبهات ويداوى به العليل ويشفي الغليل
واعلم أن ما أشكل عليك قد مر على من قبلك
فلاتظن أنك سبقت القوم الفحول الى شيء من المعقول او المنقول .
وزواج القاصر او زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة وهي بنت ست سنين لم نسمع من علمائنا السالفين العقلاء الأولياء والأتقياء اولي الحجى والفهوم والنهى استنكارا او استغرابا اوانهم اعتبروا هذا طعنا به صلى الله عليه وسلم فدافعوا عنه أو تأولوا له ! فاحترم عقلك وكن على بينة من أمرك .
فالبنت مراحل عمرها هي : صغيرة لاتحيض ثم تحيض وهي مرحلة البلوغ ثم اليأس من المحيض
والطلاق لايكون إلا بعد عقد نكاح
قال الله تعالى عن الطلاق : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ "
ثم بين سبحانه مدة العدة للمطلقات بعد الطلاق فقال :
"وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ
وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ
وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا "
فمن هن ( اللائي لم يحضن ) من المطلقات في الآية ؟! بالتأكيد هن الصغيرات المتزوجات
قال ابن كثير في التفسير : " يقول تعالى مبينا لعدة الآيسة - وهي التي قد انقطع عنها الحيض لكبرها - : أنها ثلاثة أشهر ، عوضا عن الثلاثة قروء في حق من تحيض ، كما دلت على ذلك آية " البقرة "
وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض أن عدتهن كعدة الآيسة ثلاثة أشهر ; ولهذا قال : ( واللائي لم يحضن ) .."
قال ابن قدامة رحمه الله في "الشرح الكبير" (7/386) :
" فأما الإناث : فللأب تزويج ابنته البكر الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين بغير خلاف إذا وضعها في كفاءة .
قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء ، يجوز له ذلك مع كراهتها وامتناعها "
وقال ابن عبد البر – رحمه الله - :
" أجمع العلماء على أن للأب أن يزوِّج ابنته الصغيرة ، ولا يشاورها ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّج عائشة بنت أبي بكر وهي صغيرة بنت ست سنين ، أو سبع سنين ، أنكحه إياها أبوها " الاستذكار
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:
"قال ابن بطال: يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعا ولو كانت في المهد لكن لا يُمكَّن منها حتى تصلح للوطء".
ففرق بين ان يتزوجها او يبني بها ويطئها فالبناء والوطء هو الجماع فلاتجامع البنت الصغيرة إلا بعد البلوغ أو أنها تطيق الجماع من غير ضرر وهذا يختلف بالنسبة للبنات باختلاف الأزمنة والأمكنة والبيئات ولذلك تأخر دخول النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة الى ان بلغت تسع سنين .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :"وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها : فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة : عُمل به ، وإن اختلفا : فقال أحمد وأبو عبيد : تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها ، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة : حدُّ ذلك أن تطيق الجماع ، ويختلف ذلك باختلافهن ، ولا يضبط بسنٍّ ، وهذا هو الصحيح ، وليس في حديث عائشة تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعا ، قال الداودي : وكانت عائشة قد شبَّت شباباً حسناً رضى الله عنها ."
وقال رحمه الله ايضا في شرحه على مسلم:
"واعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا : يستحب أن لا يزوِّج الأب والجد البكر حتى تبلغ ويستأذنها لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهة ، وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة ؛ لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحة ظاهرة يخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة ، فيستحب تحصيل ذلك الزوج لأن الأب مأمور بمصلحة ولده فلا يفوتها ، والله أعلم ."
جاء في سنن الترمذي : قالت عائشة : "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ."
وذكر الذهبي في السير عن الإمام الشافعي قال :
" رأيت باليمن بنات تسع يحضن كثيرا " .
وقال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الأم :
" وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته صغيرة "
وروى البيهقي في السنن الكبرى عَنِ الشَّافِعِىِّ قَالَ :
" أَعْجَلُ مَنْ سَمِعْتُ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نِسَاءٌ بِتِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ " .
وقَالَ : " رَأَيْتُ بِصَنْعَاءَ جَدَّةً بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً ، حَاضَتْ ابْنَةَ تِسْعٍ وَوَلَدَتْ ابْنَةَ عَشْرٍ ، وَحَاضَتِ الْبِنْتُ ابْنَةَ تِسْعٍ وَوَلَدَتْ ابْنَةَ عَشْرٍ " .
وفي زماننا هذا من بلغت وهي بنت تسع سنين !!
وتزويج الصغيرة لابد وأن يكون لمصلحة لها أو لها ولأبيها كما حصل لعائشة رضي الله عنها وعن أبيها
وهاك هذه الرواية التي فيها سن عائشة رضي الله عنها عند زواجها وهي في الصحيحين وهي اصح كتب أهل السنة
فقد روى البخاري ومسلم وغيرهم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
( تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ
فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ فَوُعِكْتُ [أي : أصابتها حمى] ... فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي ، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي ، فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ وَإِنِّي لَأُنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي ، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ فَقُلْنَ : عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ . فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ)
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين ، وأُدخلت عليه وهي بنت تسع ومكثت عنده تسعاً " .
ولو كان في هذا عيب أو به بأس لطار به المنافقون وكفار قريش يطعنون به على النبي صلى الله عليه وسلم
لكن الأمر معتاد عندهم ومعروف لديهم
ثم إن بعض أهل السير ذكروا ان عائشة رضي الله عنها كان قد خطبها مطعم بن عدي لابنه جبير قبل ان يخطبها النبي صلى الله عليه وسلم
وورد ان ابا بكر رضي الله عنه كلمهم في امر خطوبة ابنته عائشة قبل ان يوافق على تزويجها من النبي صلى الله عليه وسلم فهيء الله لأبي بكر من الأمر مايلغي به الخطوبة ثم زوّجها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
فإذن الأمر لم يكن مستنكرا في ذاك الوقت فزواج الكبار من الصغار كان عندهم عرف وعادة وهناك أمثلة كثيرة ايضا لفارق السن بين الزوج والزوجة ذكرها اهل السير
وليعلم ان تزويج الصغيرات هو من الأمر الجائز وليس من الواجبات وهو أمر يتعلق بالمصلحة والتي يقدرها أبوها .
ثم إن عائشة رضي الله عنها مع صغر سنها قد اختارها الله تعالى زوجة لنبيه وخليله صلى الله عليه وسلم .
ففي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «أُريتكِ في المنام ثلاث ليال، جاءني بكِ الملَكُ في سَرَقةٍ من حرير،
فيقول: هذه امرأتُكَ، فأكشفُ عن وجهكِ، فإذا أنتِ هي،
فأقول: إِن يَكُ من عند الله يُمضِهِ»
وفي رواية الترمذي: «أنَّ جبريلَ جاء بصورتها في خِرقة حريرٍ خضراءَ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- فقال: هذه زوجتُكَ في الدنيا والآخرة» .
وعَنْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه قال :
(( أَتَيْتُ رسول الله فَقُلْتُ: «أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟».
قَال:َ «عَائِشَةُ». قُلْتُ: «مِنَ الرِّجَالِ» ؟. قَالَ «أَبُوهَا».
. قُلْتُ: «ثُمَّ مَنْ؟». قَالَ: «عُمَرُ»....)) أخرجه البخاري ومسلم
اللهم اهدنا واهد بنا وانفعنا وانفع بنا وعلمنا وزدنا علما
ورضي الله عن عائشة أم المؤمنين حبيبة خليل رب العالمين
وصل يارب وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
هذا تكملة وبيان للمقال السابق حول " زواج القاصرات "
* ليس في ديننا شيء ثبت بالنقل الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يعارض العقل الصريح .
** كل بحث او تحقيق او تدقيق يخالف مااتفق عليه البخاري ومسلم وأئمة الحديث فلاعبرة به ...
فعائشة رضي الله عنها ورد عنها انها قالت تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا ابنت ست سنين وبنى بي وانا ابنت تسع سنين وبقيت عنده صلى الله عليه وسلم تسع سنين وهذا في اصح الروايات والكتب .
فغير هذه الأرقام لاتلتفت إليها كمن يقول عمرها ٢٥ او ١٤ سنة .
فمسألة زواج عائشة رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين مرت على التابعين والأئمة الأربعة ورواة الحديث وحفاظه وأئمة الجرح والتعديل وعلماء المذاهب أئمة الفقه وشراح البخاري ومسلم والنووي وابن تيمية وابن حجر والشوكاني ووو من الفحول من حفاظ وفقهاء قديما وحديثا رحمهم الله جميعا فلم يستنكرها أحد منهم ... !
فيا أخي العزيز لا تقدم عقلك على عقولهم ولا تقدم فهمك على فهومهم.
ولما تكلم هؤلاء العلماء الحفاظ والفقهاء في جواز تزويج الصغيرة فهذا من باب الجواز وليس من باب الوجوب والاستحباب : فإذا أراد الأب ان يزوج ابنته فله ذلك ولم يكن هذا امرا شائعا لكل الآباء مع البنات آنذاك
فالفقهاء قد تكلموا عن المرأة البكر البالغة وان لها حق الإختيار للزوج الذي يتقدم لها فيستأذنها أبوها في زواجها ويحرم عليه إجبارها فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم في الصحاح " والبكر تستأذن وإذنها سكوتها" .
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه لم يرتض ان يزوج ابنته فاطمة ممن هو اكبر منها سنا ! وكان عمرها خمسة عشر سنة او أكثر .
فعن بريدة رضي الله عنه قال: " خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة رضي الله عنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها صغيرة. فخطبها علي، فزوجها منه." رواه النسائي . فزوجها لعلي رضي الله عنه لقرب سنه منها
وعلى فرض أن الأب زوج ابنته الصغيرة لمصلحة يراها لها فلها الحق ان ترفض ان بلغت وله الحق ان لايسلمها لزوجها حتى تبلغ او تطيق الجماع وقد نص على هذا بعض اهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى: "وإذا كان موجب العقد من التقابض مرده إلى العرف، فليس العرف أن المرأة تسلم إليه صغيرة، ولا يستحق ذلك لعدم التمكن من الانتفاع"
*** بعض النساء يتأخر بلوغها الى ستة عشر سنة وبعضهن لايأتيها الحيض طول حياتها لأسباب مرضية في مبايضها ورحمها وبعضهن يأتيها الحيض في التاسعة فحالة جسدها او معرفة النساء بالأمر يحدد متى يحق له ان يطأها ... وإلا لماذا لم يطأ النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها إلا عند ما بلغت تسع سنين ولم تذكر هي رضي الله عنها وارضاها شيئا يكره حول هذا بعد زواجها .
وقد ذكرت رضي الله عنها عن نفسها ان امها ارادت ان تسمنها بعد زواجها فأطعمتها القثاء بالرطب فسمنت قبل ان يبني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الأمر .. زواج الصغيرات يتبع الزمان او البلاد او العشيرة والقبيلة من جهة سن البلوغ أو من جهة العرف والعادة .
**** لايعني جواز زواج القاصرات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبله وبعده انه يلزم ان يكون جوازه اليوم يحقق تلك المصلحة فالجائز غير المستحب والواجب
واذا كان الواجب يصبح حراما في تعارض المصالح والمفاسد وفي تزاحم الاحكام فما بالك بالمستحب والجائز .؟!
لكن لايحق لأحد ان يقول عن حكم زواج القاصرات والصغيرات حرام من غير معارض راجح .
اللهم اهدنا وسددنا والهمنا رشدنا
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق