الأحد، 7 سبتمبر 2025

المولد النبوي: أهو بدعة وضلالة؟ أم هو ذكرى ووسيلة لربط القلوب بالنبي ﷺ؟

 منذ فترة والناس يختلفون حول مسألة المولد النبوي: أهو بدعة وضلالة؟ أم هو ذكرى ووسيلة لربط القلوب بالنبي ﷺ؟


لكن الحقيقة أن الخلاف ليس في المولد نفسه بقدر ما هو في الإطار الفكري الذي ينظر منه كل فريق، وينبغى أن نحسن الظن لكلا الفريقين فى نيتهم فى محبة النبي صلى الله عليه وسلم.
ونجمل كلامنا فى الاتى:
1- الإطار المتحجر: حرفية جامدة
إذا سمع كلمة "مولد"، يستحضر فورًا قاعدة جاهزة: "كل بدعة ضلالة".
لا يسأل: ما طبيعة هذا الاحتفال؟ هل فيه قرآن وصلاة على النبي؟ هل فيه إطعام للفقراء؟
بل يتجاوز كل ذلك إلى الحكم المسبق: "بدعة محرمة".
هذه طريقة في التفكير سماها علماء الاجتماع التفكير الإطاري: حيث تُحاكم الأمور مسبقًا وفق قالب ذهني ضيق، بدلًا من النظر في الواقع ومقاصده.
2- الإطار الأزهري : مقاصد وحياة
بينما علماء الأزهر ينظرون من إطار آخر: المولد فرصة لتذكير الناس بالسيرة، وبعث المحبة في القلوب، وربط المجتمع برسوله الكريم.
هم لا يكتفون بالشكل الظاهري، بل يسألون: ما الأثر التربوي والروحي والاجتماعي لهذا اليوم؟
هنا يصبح المولد وسيلة لتجديد الصلة بالنبي ﷺ في زمن طغت فيه المادة والبعد عن الدين.
3- التناقض الفكرى
المفارقة أنهم يرفض المولد بحجة "لم يفعله النبي"، بينما هو نفسه يقرأ في الصحف الذى لم يجمعه النبي، وأضاف عثمان رضى الله عنه أذان على أذان الجمعة للتنبيه، ويصلى التراويح فى المسجد بانتظام ولم يفعله النبي، ويدرس علم الحديث والمصطلح ولم يكن على عهد النبي، وكذا سائر العلوم، ولم يؤسس النبي جامعات ونحن نتعلم فيها،.
كل هذا لم يفعله النبي ﷺ، ومع ذلك نقبله لأنها تحقق مقصودًا مشروعًا.
فلماذا يعطل العقل عند المولد فقط؟
4- جوهر الإشكال
القضية إذن ليست نصوصًا بقدر ما هي إطار فكري ضيق:
المانع للمولد يحاكم الأفعال على ظاهرها فقط.
غيره ينظر إلى المقاصد: هل الاحتفال يقرّب الناس من الله ورسوله؟ هل يوقظ القلوب الغافلة؟
5- كلمة فاصلة
المولد النبوي ليس معركة بين دين وبدعة، بل بين عقلين:
عقل جامد يرى الدين قوالب جامدة توقفت في القرن الأول.
وعقل حي يرى الدين رسالة ممتدة، يحق للأمة أن تعبّر عن حبها لرسولها ﷺ بوسائل تناسب عصرها.
وبذلك يتضح أن الخلاف حول المولد ليس "مسألة فقهية بحتة" كما يزعمون، بل هو انعكاس لإطار فكري صنعه السلفيون وحبسوا أنفسهم فيه، حتى صاروا يرون الضلال حيث يرى غيرهم النور، والبدعة حيث يرى غيرهم المحبة.
#دكتور_مصطفى_منصور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق