نعم موت رسول الله صل الله عليه وسلم له خصوصية وذلك للأسباب الآتية:
(أولًا): نحن على يقين أن سيدنا رسول الله ﷺ مات..
وموت حضرته حقيقة..
لقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}..
ولكن نعتقد أن في موته ﷺ خصوصية، فليس موته انتهاءً وعدمًا، وانقطاعًا وانفصالًا بينه وبين المسلمين.. بأدلة ثابتة في الأحاديث الصحيحة:
١- موت سيدنا رسول الله ﷺ عندنا مثل حياته:
لقوله ﷺ: (حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ؛ تُحدثُونَ وَيُحدثُ لَكُمْ،
وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ).
٢- جسد سيدنا رسول الله ﷺ باقٍ في قبره كجسده في الدنيا.. لم ولن يُبْلِه التراب:
لقوله ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ).
٣- تُعرَض صلاتُنا على سيدنا رسول الله ﷺ بعد موته:
لقوله ﷺ: (فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ)..
٤- تُعرَض أعمالُنا على سيدنا رسول الله ﷺ، وينفعنا الله بحضرته، بعد موته:
لقوله ﷺ: (تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ، فَمَا رَأَيْتُ مِنَ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ)..
٥- صلاتُنا على سيدنا رسول الله ﷺ تبلغه بعد موته:
لقوله ﷺ: (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ
يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ).
٦- نحن إِخْوَانُ سيدنا رسول الله ﷺ من بعد موته، الذين يود أن يرانا:
لقوله ﷺ: (وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا. قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ).
٧ - نحن أحباب سيدنا رسول الله ﷺ من بعد موته، الذين يشتاق إليهم:
لقوله ﷺ لأصحابه: (أَنْتُمْ أَصْحَابِي،
أَحْبَابِي قَوْمٌ لَمْ يَرُونِي وَآمَنُوا بِي، وَأَنَا إِلَيْهِمْ بِالأَشْوَاقِ لأَكْثَرَ).
(ثانيًا): كرَّم الله في كتابه العزيز يوم الوفاة:
في قوله تعالى:
عن يوم موت سيدنا يحيى
{وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}.
وعن يوم موت سيدنا عيسى
{وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}.
(ثالثًا): جعل الله اليوم الذي توفي فيه سيدنا رسول الله ﷺ رحمةً لنا:
لقوله ﷺ: (إنَّ اللهَ تعالى إذا أراد رحمةَ أُمَّةٍ من عبادِه
قبضَ نبيَّها قبلَها؛ فجعله لها فرطًا و سلَفًا بين يدَيها).
(رابعًا): يوم وفاة سيدنا رسول الله ﷺ هو يوم اختيار الرَّفيقِ الأعلَى مِن الجنَّة:
لقوله ﷺ عند موته: (لا يموتُ نبيٌّ حتى يُخيَّر بين الدنيا والآخرة).
وقوله ﷺ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ}..
وقوله ﷺ: (بلِ الرَّفيقُ الأعلَى مِن الجنَّة).
(خامسًا): جعل الله من فضل يوم الجمعة أنه فيه مات سيدنا آدم..
لقوله ﷺ:
(إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ).
(سادسًا): وجَّه اللّٰه إلى إحياء ذكريات الصَّالحين عمومًا..
بما أمر الله به سيدنا رسول الله ﷺ:
لقوله تعالى: {وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مَرْيَمَ}
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ}.. {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىٰ}..
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ}.. {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ}..
وأشار في ذكر كل واحدٍ منهم إلى بعض خصائصه..
(سابعًا): قَالَ سيدنا رسول الله ﷺ: (اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ).
وهل عندنا من هو أغلى من سيدنا رسول الله ﷺ لنذكر محاسنه؟!
وهل هناك محاسن عند بشر أفضل من محاسن سيدنا رسول الله ﷺ؟!
(ثامنًا): يقول الحافظ ابن حجر:
أعرض ساداتُنا الصحابة عن جعل يوم وفاة سيدنا رسول الله ﷺ بدايةً للتقويم الإسلامي.. (لما يُوقِع بذكره من الأسف عليه).
(تاسعًا): لن تكون سرادقات عزاء، ولا مآتم، ولا بكائيات، ولا مجالس أحزان.
فلن يكون يومًا لتجديد الأحزان؛ لأن سيدنا رسول ﷺ حىٌّ فينا..
بل هي صورة مشابهة تمامًا لما نفعله في يوم مولده الشريف..
من تدارس سيرته الكريمة.. والمدح والثناء على حضرته.. وإطعام الطعام..
وباختلاف واحد فقط وهو طعام الحلوى.. لا لأنها طقس من الطقوس.. ولكن لأن الحلوى تعبير عن فرحة وسعادة..
وهو ما لا يكون مناسبًا -تأدبًا- في ذكرى الوفاة..
(عاشرًا): ستكون مناسبة زيادة في الخير بدلًا من تخصيص يوم أو شهر للاستذكار سيكونان يومين أو شهرين مباركَين لحضرته.
(الحادي عشر): كانت تُحسب علينا بدعة كما حُسب علينا المولد بدعة..
لنعيش مع سيدنا رسول الله ﷺ.. بما يرضي الله ورسول الله.
بما ليس فيه مخالفة.. ولو اعترض المعترضون..
__________________

تلميذ فضيلة الإمام الرائد _رضي الله عنه_
مؤسس مدرسة الإمام الرائد
__________________
القاهرة - ١٣ ربيع الأنور ١٤٤٧ هـ.
---
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق