الجمعة، 28 أبريل 2017

مراجعااات في .... حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة ..!!!

بسم الله الرحمن الرحيم
حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة
 الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم ، الذي ألف قلوب عباده بالإسلام وشريعته الآمر لهذه الأمة بالاجتماع والائتلاف على كتابه المنزل ، المحذر لها من الفرقة والاختلاف حتى لا تفشل وتذهب ريحها ن والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، الذي أنار الله به القلوب بعد إظلامها ، وهدى به النفوس بعد ضلالها . وعلى اله وصبه الذين اهتدوا بهدى الله ، واقتفوا اثر رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) ، وعلى من سلك سبيلهم وسار مسارهم إلى يوم الدين وبعد :
 حرص الإسلام على التآلف ونبذ التنازع وحذر من خطر الاختلاف الذي يؤدي إلى تمزيق وتفريق الأمة المسلمة .
قال تعالى : (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) 1
وقال سبحانه ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
( لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ).
وقال ( اقرأوا القرآن ما ائتلف عله قلوبكم فإذا اختلفتم فيه فقوموا )
اتفق عليه الشيخان .
تذكير الشباب .
بما جاء في ..
الأصول في كيفية التعامل مع أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم )
 أخي المسلم .. ينبغي لمن يتعامل مع السنة النبوية ، لكي ينفي عنها انتحال المبطلين وتحريف الغالين وتأويل الجاهلين إن يتثبث بعدة أمور تعتبر مباديء أساسية في هذا المجال :-
 أولا ـ إن يستوثق من ثبوت السنة وصحتها حسب الموازين العلمية الدقيقة التي وضعها الأئمة الإثبات ، والتي تشمل السند والمتن جميعا سواء كانت السنة قولا أم فعلا ، أم تقريرا .
 ثانيا ـ إن يحسن فهم النص النبوي ، وفق دلالات اللغة ن وفي ضوء سياق الحديث وسبب وروده ، وفي ضلال النصوص القرآنية والنبوية الأخرى وفي إطار المبادىء العامة ، والمقاصد الكلية للإسلام ، مع ضرورة التميز بين ما جاء منها على سبيل تبليغ الرسالة ، وما لم يجيء كذلك ، وبعبارة أخرى : ما كان من السنة تشريعا وما ليس بتشريع ، وما كان من التشريع له صفة الصوم والدوام ، وما له صفة الخصوص أو التوقيت ، فإن من أسوأ الآفات في فهم السنة خلط احد القسمين بالأخر .
 ثالثا ـ إن يتأكد من سلامة النص من معارض أقوى منه ، من القرآن ، أو أحاديث أخرى أوفر عددا ، أو اصح ثبوتا ، أو أوفق بالأصول وأليق بحكمة التشريع ، أو من المقاصد العامة للتشريع ، التي اكتسبت صفة القطعية ، لأنها لم تؤخذ من نص واحد أو نصين بل أخذت من مجموعة من النصوص والأحكام أفادت – بانضمام بعضها إلى بعض – يقينا وجزما بثبوتها .
حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة
خذ مثلا حديث افتراق الأمة إلى فرق فوق السبعين كلها في النار إلا واحدة ، برغم أهمية
في ثبوته وفي دلالته .
أ – فأول ما ينبغي إن يعلم هنا إن الحديث لم يرد في أي من الصحيحين برغم من أهمية موضوعه ، دلالة على انه لم يصح على شرط واحد منها .
وما يقال من أنهما لم يستوعبا الصحيح ، فهذا مسلم ، ولكنهما حرصا إن لا يدعا بابا مهما من أبواب العلم إلا ورويا فيه شيئا ولو حديثا واحدا .
ب – إن بعض روايات الحديث لم تذكر إن الفرق كلها في النار إلا واحدة ، وإنما ذكرت الافتراق وعدد الفرق فقط ، وهذا هو حديث أبو هريرة الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وفيه يقول : -
(( افترقت اليهود على أحدى – أو اثنتين – وسبعين فرقة ، وتفرقت النصارى على أحدى –اواثنتين – وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة )) .
والحديث – وان قال فيه الترمذي : حسن صحيح ، وصححه ابن حبان والحاكم –
علم إن الرجل متكلم فيه من قبل حفظه ، وان أحدا لم يوثقه بإطلاق وكل مل ذكروه أنهم رجحوه على من هو اضعف منه ولهذا لم يزد الحافظ في التقريب على إن قال : صدوق له أوهام . والصدق وحده في هذا المقام لا يكفي ما لم ينضم إليه الضبط فكيف إذا كان معه أوهام ؟؟! ومعلوم إن الترمذي وابن حبان والحاكم من المتساهلين في التصحيح ، وقد وصف الحاكم بأنه واسع الخطو في شرط التصحيح . وهو هنا صحح الحديث على شرط مسلم ، باعتبار إن محمد بن عمرو احتج به مسلم ، ورده الذهبي بأنه لم يحتج به منفردا ، بل بانضمامه إلى غيره ( 1\6 ) . على هذا الحديث من زاوية أبي هريرة ليس فيه زيادة : إن الفرق (( كلها في النار إلا واحدة )) وهي التي تدور حولها المعركة . وقد روي الحديث بهذا الزيادة من طريق عدد من الصحابة : عبد الله بن عمرو ، ومعاوية ، وعوف بن مالك وانس ، وكلها ضعيف الإسناد ، وإنما قووها بانضمام بعضها إلى بعض .
والذي تراه إن التقوية بكثرة الطرق ليست على إطلاقها ، فكم من حديث له طرق عدة ضعفوه ، كما يبدوا ذلك في كتب التخريج ، والعلل ! وإنما يؤخذ بها فيما لا معارض له ، ولا إشكال في معناه .
وهنا إشكال أي أشكال في الحكم بافتراق الأمة أكثر مما افترق اليهود والنصارى من ناحية ، وبان هذه الفرق كلها هالكة وفي النار إلا واحدة . وهو يفتح بابا لان تدعى كل فرقة أنها الناجية ، وان غيرها هو الهالك ، وفي هذا ما فيه من تمزيق للأمة وطعن بعضها في بعض ، مما يضعفها جميعا ن ويقوي عدوها عليها ، ويغريه بها . ولهذا طعن العلامة ابن الوزير في الحديث عامة ، وفي هذه الزيادة خاصة ، لما تؤدي إليه من تضليل الأمة بعضها لبعض ن بل تكفيرها بعضها لبعض .
قال رحمه الله في " العواصم " وهو يتحدث عن فضل هذه الأمة، والحذر من التورط في تكفير احد منها ، قال : وإياك والاغترار ب((كلها هالكة إلا واحدة )) فنها زيادة فاسدة ، غير صحيحة القاعدة ، ولا يؤمن إن تكون من دسيس الملا حدة
في ذم القدرية والمرجئة والشعرية ، فإنها أحاديث ضعيفة غير قوية .
من كراهية الإسلام للفرقة .
قال النبي صلى الله عليه وسلم(( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويم الخميس ، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ( أي عداوة ) فيقال : انظروا (أي أخروا) هذين حتى يصطلحا ، انظروا هذين حتى يصطلحا ، انظروا هذين حتى يصطلحا)).
ج- إن من العلماء قديما وحديثا من رد الحديث من ناحية سنده ، ومنهم من رده من ناحية متنه ومعناه .وفي متن هذا الحديث إشكال من حيث انه جعل هذه الأمة التي بوأها الله منصب الشهادة على الناس، ووصفها بأنها خير امة أخرجت لناس ، أسوأ من اليهود ، والنصارى في مجال التفرق والاختلاف ، حتى إنهم زادوا في فرقهم على كل من اليهود والنصارى .
هذا مع إن القرآن قال في شأن اليهود ( والقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) سورة المائدة 64
وقال في شان النصارى : ( ومن الذين قالوا : إنا نصارى ، أذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به ، فاغوينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ) سورة المائدة 14
ولم يجيء في القرآن عن امة الإسلام شيء يشبه هذا ، بل فيه التحذير إن يتفرقوا ويختلفوا كما اختلف الذين من قبلهم أما السنة النبوية فقد قررت وأكدت وفصلت ما جاء به القرآن .
ومن كراهية الإسلام للفرقة والاختلاف ، نجد الرسول الكريم ، يأمر بالانصراف عن قراءة القرآن إذا خشي من ورائها إن تؤدي إلى التفرق والاختلاف وكيفه بحديث قد اختلف العلماء في صحته من ناحية سنده ، ومتنه ومعناه !!.. والحديث يفتح بابا لأن تدعى كل فرقة إنها الناجية ، وان غيرها هو الهالك ، وفي هذا ما فيه من تمزيق للأمة وطعن بعضها في بعض ن مما يضعفها جميعا ، ويقوي عدوها عليها ، ويغريه بها . قال صلى الله عليه وسلم ( إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم ) ثم إن الحديث حكم على فرق الأمة كلها – إلا واحدة – بأنها في النار ، أو نصف أهل الجنة . على إن الخبر عن اليهود والنصارى بأنهم افترقوا إلى هذه الفرق التي نيفت على السبعين غير معروف غي تاريخ الملتين ، وخصوصا عند اليهود . فلا يعرف إن فرقهم بلغت هذا المبلغ من العدد .
وهذا الإمام اليمني المجتهد ، ناصر السنة ، الذي جمع بين المعقول والمنقول ، محمد بن إبراهيم الوزير( ت840 ه) يقول في كتابه ( العواصم والقواسم ) أثناء سرده للأحاديث التي رواها معاوية رضي اله عنه ، فكان منها ،( الحديث الثامن ) : حديث افتراق الأمة إلى نيف وسبعين فرقة ، كلها في النار ، إلا فيرقة واحدة ، قال : وفي سنده ناصبي ، فلم يصح عنه ، وروى الترمذي مثله من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقال : حديث غريب . ذكره في الأيمان من طريق الإفريقي واسمه عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن زياد وروى ابن ماجه مثله عن عرف بن مالك ن وانس .
قال : وليس فيها شيء على شرط الصحيح ن ولذلك لم يخرج الشيخان شيئا منها . وصحح الترمذي منها حديث أبي هريرة عن طريق محمد بن عمرو بن علقمة ، وليس فيه ( كلها في النار إلا واحدة ) وعن ابن حزم : إن هذه الزيادة موضوعة ذكر ذلك صاحب (البدر المنير )
وقد قال الحافض ابن كثير في تفسير قوله تعالى في سورة الإنعام ( أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض )، وقد ورد في الحديث المروي من طرق عنه صلى الله عليه وسلم ، انه قال : ( وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار غلا واحدة ) ولم يزد على ذلك فلم يصفه بصحة ولا حسن ، رغم انه أطال في تفسير الآية بذكر الأحاديث والآثار المناسبة لها .
وذكر الإمام الشوكاني قول ابن كثير في الحديث ثم قال : قلت : أما زيادة (كلها في النار إلا واحدة ) فقد ضعفها جماعة من المحدثين ، بل قال ابن حزم : إنها موضوعة .
على إن الحديث- وإن حسنه بعض العلماء كالحافظ ابن حجر ، أو صححه بعضهم كشيخ الإسلام ابن تيمية بتعدد طرقه – لا يدل على إن هذا الافتراق بهذا الصورة وهذا العدد ، أمر مؤيد ودائم إلى أن تقوم الساعة ، ويكفي لصدق الحديث أن يوجد هذا في وقت من الأوقات .
فقد توجد بعض هذه الفرق ، ثم يغلب الحق باطلها ، فتنقرض ولا تعود أبدا .
وهذا ما حدث بالفعل لكثير من الفرق المنحرفة ، فقد هلك بعضها ، ولم يعد لها وجود . ثم إ، الحديث يدل على أ، هذه الفرق كلها جزء من أمته صلى الله عليه وسلم اعني امة الإجابة المنسوبة إليه بدليل قراءة ( تفترق أمتي ) ومعنى هذا إنها – برغم بدعتها – لم تخرج عن الملة ، ولم تفصل من جسم الأمة المسلة .وكونها ( في النار ) لا يعني الخلود فيها كما يخلد الكفار ، بل يدخلونها كما يدخلها عصاة الموحدين .
وقد يشفع لهم شفيع مطاع من الأنبياء أو الملائكة أو أحاد المؤمنين وقد يكون لهم من الحسنات الماحية أو المحن والمصائب المكفرة ، ما يدرأ عنهم العذاب .
وقد يعفو الله عنهم بفضله وكرمه ، ولا سيما إذا كانوا قد بذلوا وسعهم في معرفة الحق ، ولكنهم لم يوفقوا وأخطئوا الطريق ، وقد وضع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان .
أخي المسلم ...
ولو كان التفرق قدرا مفروضا على الأمة بصورة عامة ودائمة لكانت هذه الأوامر والنواهي عبثا ، لأنها تأمر بما لا يمكن وقوعه ، وتنهى عما يستحيل اجتنابه .
وإلا لم يكن هناك معنى لقوله تعالى ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بع ما جاءهم البنات وأؤائك لهم عذاب عظيم ) آل عمران 105
ولا لقوله سبحانه : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) سورة الأنفال ) 46
ولا لقوله جل شأنه :( إ، الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) سورة الصف 4
ولا لقوله عز من قائل :( ولا تكونوا من المشركين . من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ، كل حزب بما لديهم فرحون ) سورة الروم 31-32
وقوله:( وإن هذا أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون ) سورة المؤمنين 52
فالأمة ما هي مالكو أمر نفسها ، لم يجبرها الله على شيء ، ولم يخصها – في هذا المجال –بشيء ، فإذا هي استجابت لأمر ربها ، وتوجيه نبيها ، ودعوة كتابها ، ووحدت كلمتها ، وجمعت صفها ، عزت وسادت وانتصرت على عدو الله وعدوها ، وحققت ما يرجوه الإسلام منها ن وإن هي استجابت لدعوات الشياطين ، وـهواء الأنفس تفرقت بها السبل ، وسلط عليها أعداؤها ، من خلال تفرقها ، وتمزق صفوفها ، وقد بشرت أحاديث أخرى بان الإسلام ستعلو كلمته ن وانه سيدخل أوروبة مرة أخرى ، بعد إن طرد منها مرتين ، وأنه سيفتح( رومية) كما فتح من قبل ( القسطنطينية ) ....
ومعلوم إن هذا كله لايمكن إن يتم والأمة ممزقة يضرب بعضها رقاب بعض ن إنما يتم ذلك حين تتوحد الكلمة على السلام ، وتمضي الأمة تحت راية الأيمان .
أخي المسلم ...
ينبغي إن يفهم عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم مراده من غير غلو ولا تقصير ، فلا يحمل كلامه ما لا يحتمله ، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان ن وقد حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال عن الصواب ، مالا يعلمه إلا الله ، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام ، بل هو اصل كل خطأ في الأصول وللفروع ن ولا سيما إن أضيف إليه سور القصد ، فيتفق سوء الفهم في بعض الأشياء من المتبوع ، مع حسن قصده ، وسوء القصد من التابع ، فيا محنة الدين وأهله ! والله المستعان .
وصلى الله تعالى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق