مآلات الأزمة الخليجية ...
بمجرد أن خرج ترامب من السعودية، تجددت الهجمة على الإخوان المسلمين من قبل سياسيين وإعلاميين سعوديين وإماراتيين. وصاحب ذلك الهجوم هجوماً على قطر. واختلف المحللون بين من يقول بأن قطر مقصودة أصالةً والإخوان تبعاً أو العكس.
ولا ننسى أن الخليج الذي يبدو مجمعاً على محاربة الإرهاب والتصدي للطموح الإيراني، هو نفسه غير متفق حول من يقود وأي مشروع يجب أن يقود. فالمحور السعودي ليس بالضرورة أن يكون نسخة من المحور الإماراتي المصري، والذي بدوره يختلف أيضاً عن المحور القطري التركي. هذه المحاور تشكلت خوفاً على الزعامة أو رغبة بأستبدال زعامات تقليدية بأخرى حداثوية، فضلاً عن الثمن الواجب دفعه للتطبيع مع إسرائيل.
في كل الأحوال يحب أن لا يغيب عن بال اي دولة عربية او إسلامية أن مآل الهجوم على الإخوان أو بتعبير آخر، جعل الإخوان كبش فداء لصراع الزعماء، لن يكون في صالح اي دولة خليجية أو غير خليجية، بل إيذان بتمزيقهم عاجلاً أو آجلاً. لماذا؟
لأن حركة الإخوان المسلمين ولدت من رحم هذه الأمة وولدت في ام الدنيا مصر الكنانة. وثانياً لأنها واضحة في اصولها وقواعدها ولا تريد غير الإسلام المحمدي الوسطي بمصدريه الرئيسيين الكتاب والسنة كما هو منصوص في الأصول العشرين للمرحوم الشيخ البنا. وثالثاً لأن لها امتدادات مليونية في العالمين العربي والإسلامي وتحظى باحترام كبير من السلفية والصوفية وأغلب العلماء. ورابعاً لأنها فكر إسلامي وسطي مرن متجدد قبل أن تكون تنظيماً، فالتنظيمات تقوى وتضعف، تبنى وتهدم، لكن الفكر والإيمان راسخان في النفوس ويزدادان قوةً بتدبر القرآن.
وخامساً لأن أية حكومة عربية لن تستطيع أن تضبط كل إيقاعات المجتمع حين تتخلى عن الجهد الدعوي والتربوي للإخوان. فهو جهد كبير وواسع وتراكمي ولا يسأل الناس شيئاً، يعني عمل طوعي بامتياز. وإلا هل كانت الدورات القرآنية في التسعينات لتنجح لولا أن تطوعت حركة الإخوان في العراق لتتحمل مسؤولية إدارتها؟ لا أظن ذلك.
وسادساً لو ان دعوة الإخوان حوربت وحظرت في الدول العربية، فهل ستفشل أو تهمش؟ لا طبعاً، لأنها ستظهر بواجهات أخرى والهدف واحد وهو نشر قيم الاسلام ومبادئه السمحة ليس أكثر.
لو كان حكام الخليج ذوي رشد، وأغلبهم ليسوا كذلك، لكانوا أخذوا بأيدي الإخوان والسلفيين والصوفيين وسائر الدعاة وتعاونوا معهم لإنتاج منظومة مجتمعية سياسية راشدة تجمع بين الفقه والفهم الذي يحمله الدعاة وبين الخبرة السياسية المتراكمة لدى الحكام والأحزاب، ولكانت الأمة خرجت من مأزقها ومذبح الذل الذي تعيش فيه (كما وصفه الشهيد الملهم سيد قطب رحمه الله).
أخيراً اقول لأصحاب العروش: أنتم مهما يكن، ذرية رجال كرام كانوا شيوخاً في قبائلهم، فلا يعقل أن تطيش عقولكم بهذا الشكل إرضاءً لأمريكا التي لا تريد سوى جيوبكم أو إسرائيل التي لا هم لها سوى إذلالكم كي تكون الأقوى دوماً.
وما تزالون تتهمون الإخوان بالعمالة، مرة لأمريكا، ومرة لإيران، لتعيشوا في تناقض واضح، حتى تزول عروشكم وتخسروا شعوبكم كما خسر من قبلكم. ثم يأتي الإخوان خاصة والإسلاميون عامة ليعيدوا ترميم وبناء ما خلفته حروب دفاعكم عن الملك.
الإخوان لن يستنكفوا أن يكنسوا، لكن احذروا أن يكون ملككم هو الكُناسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق