أناس يدعون أنهم من السلفية و
شغلهم الشاغل هو الطعن في العلماء
( فتوى اللجنة الدائمة )
فتوى رقم (16873) و تاريخ 12 /2 / 1415 هـ
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي
بعده .. و بعد :
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى
سماحة المفتي العام من المستفتي / محمد بن حسن آل ذبيان ، و المحال إلى اللجنة من
الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم ( 3134 ) وتاريخ 7 /7/ 1414 هـ
و قد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه :
( نسمع ونــجد أناساً يدعون أنهم من السلفية ، وشغلهم الشاغل هو الطعن
في العلماء و اتهامهم بالابتداع وكأن ألسنتهم ما خلقت إلا
لهذا ، ويقولون نـحن سلفية ، والسؤال يـحفظكم الله: ما هو مفهوم السلفية الصحيـح،
وما موقفها من الطوائف الإسلامية المعاصرة ؟ و جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير
الجزاء إنه سميع الدعاء ) .
و بعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه:
إذا كان الحال كما ذكر فإن الطعن في العلماء ورميهم بالابتداع
واتهامهم مسلك مردٍ ليس من طريقة سلف هذه الأمة و خيارها، وإن جادة السلف الصالح
هي الدعوة إلى الكتاب و السنة ، وإلى ما كان عليه سلف
هذه الأمة من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان بالحكمة و الموعظة
الحسنة و الجدال بالتي هي أحسن مع جهاد النفس على العمل
بما يدعو إليه العبد ، والالتزام بما علم بالضرورة من دين الإسلام من
الدعوة إلى الاجتماع و التعاون على الخير، و جمع كلمة المسلمين على الحق، و البعد
عن الفرقة و أسبابها من التشاحن و التباغض و التـحاسد، و الكف عن الوقوع في أعراض
المسلمين ، ورميهم بالظنون الكاذبة و نـحو هذا من الأسباب الجالبة لافتراق المسلمين
و جعلهم شيعاً و أحزاباً يلعن بعضهم بعضا، و يضرب بعضهم رقاب بعض ، قال الله تعالى
( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء
فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكـم منها
كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون. و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون
بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون . و لا تكونوا ....... )
و ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لا ترجعوا بعدي كفاراً
يضرب بعضكم رقاب بعض ) والآيات و الأحاديث في ذم التفرق و أسبابه كثيرة .
و لهذا فإن حماية أعراض
المسلمين و صيانتها من الضروريات التي علمت من دين الإسلام ، فيـحرم هتكها ، والوقوع
فيها، و تشتد الحرمة حينما يكون الوقوع في العلماء ، ومَن عَظُم نفعه للمسلمين
منهم ، لِما ورد من نصوص الوحيين الشريفين بعظيم منزلتهم، ومنها أن الله سبحانه وتعالى
ذكرهم شهداء على توحيده فقال تعالى : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة و
أولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم )
والوقوع في العلماء بغير حق تبديعاً و
تفسيقاً و تنقصاً، وتزهيداً فيهم كل هذا من أعظم الظلم و الإثم
وهو من أسباب الفتن، وصد المسلمين عن تلقي علمهم النافع وما يـحملونه
من الخير و الهدى .
وهذا يعود بالضرر العظيم
على انتشار الشرع المطهر، لأنه إذا جرح حملته أثر على المحمول. و هذا فيه شبه من
طريقة من يقع في الصحابة من أهل الأهواء ، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم
شهود نبي هذه الأمة على ما بلغه من شريعة الله ،
فإذا جرح الشاهد جرح المشهود به.
فالواجب على المسلم
التزام أدب الإسلام وهديه وشرائعه ، وأن يكف لسانه عن البذاءة والوقوع في أعراض
العلماء ، والتوبة إلى الله من ذلك والتخلص من مظالم العباد ، ولكن إذا حصل خطأ من
العالم فلا يقضي خطؤه على ما عنده من العلم، و الواجب في معرفة
الخطأ الرجوع إلى من يشار إليهم من أهل العلم في العلم و الدين و صحة الاعتقاد، و
أن لا يسلم المرء نفسه لكل من هب ودب فيقوده إلى المهالك من حيث لا يشعر.
وبالله التوفيق و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم .
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق