الاثنين، 17 يوليو 2017

تحذير الجميع .. من أخطاء الشيخ ربيع وأسلوبه الشنيع !

                         بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو، إليه المصير، والصلاة والسلام على رسوله البشير النذير.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له،تعالى عن الوزير والمشير، وتقدس عن المعين والظهير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى صراطه المستقيم، والهادي إلى الطريق الواضح المنير، من سلكه؛ فله البشرى حيًا وميتًا، ومن تنكبه، واتبع هواه؛ فقد باء بالخسران والخزي في الدنيا والآخرة، وكان من أهل السعير.. أما بعد:
فلقد علم الكثير من الناس في هذا العصر، خطورة المنهج الذي يسلكه الشيخ ربيع بن هادي المدخلي في هذه السنوات الأخيرة، لاسيما بعد موت جماعة من العلماء الكبار، واشتغال آخرين من العلماء الكبار بقضايا عامة ومصيرية، تهم أمة الإسلام في جميع أقطارها، فخلا الجو -في كثير من الأحيان- للشيخ ربيع ومن كان على شاكلته،فاجتهدوا في بث قواعد مدمرة لكيان الدعوة السلفية -وإن كانت نواياهم حسنة، ومقاصدهم صالحة، ولهم مواقف أخرى مشكورة- إلا أن الناظر في آثار هذه القواعد المحْدَثة؛لا يتردد في كونها قواعد مدمِّرة ومبيرة، وكما يقال: (بآثارهم يُعرفون)، فإن آثار هذه القواعد على الصف السلفي هذه الأيام، لا يختلف في فسادها اثنان مدركان، ولا ينتطح فيها عنـَزَان!!
وحقيقة وآثار هذا المنهج تتلخص في أمور:
1
ـ" الغلو في التبديع والتفسيق والتأثيم، بل والغلو أيضًا في التكفير، فترى الشيخ ربيعًا- ومن سلك مسلكه- يحكم بالبدع العظمى على الأبرياء، ويرمي بالأحكام الجائرة الفظة على من لا يستحق عشر معشار ذلك، بل ربما رموا بذلك من هو أولى بالحق منهم، ومن هو أهدى سبيلاً، وأقوم قيلاً،ويضع الشيخ ربيع القاعدة،ثم لا يجرؤ على العمل بمقتضاها –أحياناً- ويأتي غيره ممن هو أكثر جرأة،وأقل علماً وورعاً ؛فيعمل بمقتضى ذلك ،فيكفر المسلمين،وفيهم السني البريء،ومنهم المبتدع الجاهل ،ومنهم المبتدع المتبصر،ومعلوم ما ورد في ذم تكفير مسلم أو لعنته بغير حق !!

والشيخ وأتباعه مولعون بتصيد وجمع الأخطاء التي تصدر ممن يخالفهم -ولو في أمر يسير،بل وقد يكون الحق مع مخالفهم-فيطيرون بها في الآفاق، وينشرونها في كل حدب وصوب، للتشهير بمن يخالفهم، وتنفير الناس عنه، حتى يخلو لهم الجو، زاعمين أن هذا من باب تحذير المسلمين من أهل البدع،
ومن باب الجرح والتعديل !! فصدق من قال :
            لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كُلاها وحتى سامها كل مفلس.

إذا كانت الكلمة من مخالفهم تحتمل معنى صالحًا، وآخر سيئًا؛ حملوها على المعنى السيئ، بزعم أنهم أعرف بمخالفيهم، وأن مخالفيهم أهل مراوغة ولف ودوران، بل صرح بعضهم متهمًا مخالفيه: بأنهم أهل زندقة.

كما أنهم يحملون كلام خصمهم- الداعي إلى السنة الصافية -مالا يحتمل، وهذا أمر مشهور عند من يعرف حالهم بإنصاف ،والله المستعان.

5 ـ استخدامهم عبارات فظّة غليظة جافية في مخالفيهم من أهل السنة، كقولهم: (فلان أخبث أو أكذب من اليهود والنصارى)، أو(أخبث من هو على وجه الأرض)، أو(أضل أهل البدع)، أو(أتى بما لم يَدُر في خلد الشيطان منذ تاريخ البشرية)، ودع عنك قولهم: (دجال، وكذاب، وفاجر، وأفاك أثيم، ومراوغ، ومخادع، وماكر، وعدو للسنة، ومحارب للسلفيين الكبار منهم والصغار، وخبيث مخبث، ومائع، ومميع، وضال مضل، ومبتدع خبيث، وكذاب أشر،وأحد الدجاجلة، و الروافض أفضل منه، واليهود والنصارى أهون منه، ولو خرج الدجال؛لركض وراءه فلان وأتباعه،أو لو ادعى رجل الربوبية أو النبوة ؛ لركض وراءه فلان وأتباعه ، وزائغ، وحزبي ضال، وحزبي متستر، ودسيسة، ومدسوس في الصف لتدميره، ومُجنَّد من قبل الأعداء لهدم السلفية، وساقط، وتافه، وصاحب دنيا...) الخ ما في هذا القاموس العفن.

6
ـ أنزلوا أنفسهم - بلسان الحال- منـزلة ليست لهم، فمن وقع في خطأ، وشنَّعوا عليه، فعرف خطأه، وتراجع عن قوله بلسان عربي مبين، وأعلن ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ اتهموه بأنه كذاب مراوغ في توبته، ولا تصح توبته إلا بين أيديهم، وبالألفاظ التي يُملونها هم عليه، والله عز وجل يقول: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، ولم يجعل التوبة لفلان أو لفلان!!

7
ـ وبذلك -وغيره- أنزلوا أنفسهم منـزلةَ الوصي على الدعوة، وأن طلاب العلم والدعاة إلى الله في جميع الأقطار بمنـزلة القاصر، الذي يتصرف فيه وصيُّه، فمن حكموا له بالسلفية؛ فقد فاز ورشد!! ومن تحفّظوا في حقه بهذا الحكم؛ فهو على شفا جُرُفٍ هار، ويشار إليه بأصابع الاتهام، والخوف عليه من السقوط!! ومن صرحوا في حقه بأنه ليس سلفيًا؛ فتهوي به الريح في مكان سحيق، وذلك عند هؤلاء المقلدة الذين ضلوا الطريق!!.

8
ـ وَضْع قواعد مخترعة، ما أنزل الله بها من سلطان، وإخراج السلفيين بسببها من دائرة السلفية، وإلحاقهم بركب أهل البدع بسببها، فمن ذلك قولهم: (من نزل ضيفًا في بيت حزبي؛ فيُلحق به)، و(من التمس عذرًا لحزبي - ولوفي أمر حق- فهو مميع)، و(من لم يهجر فلانًا؛ فيُلحق به، وكذا من لم يهجره؛ فهو كذلك، وهكذا)، وقولهم: (من ذكر حسنة مبتدع -ولو كان ذلك أحيانًا لحاجة شرعية- فهو مميع، وقائل بالموازنات)، و(من لم يزر الشيخ ربيعًا ومن كان على شاكلته، أو يتصل بهم هاتفيًا؛ فهو حزبي)، و(من تحفّظ في كلام الشيخ ربيع في مخالفه؛ فهو حزبي)، و(من لم يبدِّع فلانًا، ويقول: هو أكذب أو أخبث أو أضر من اليهود والنصارى و الروافض؛ فهو مميع، أو حزبي متستر)، و(من خالف الشيخ ربيعًا فهو حزبي، والأيام ستبيِّن ذلك، فاصبروا حتى تروا حقيقة ذلك!!)، و(الشيخ ربيع معصوم في مسائل المنهج والجرح والتعديل)، و(الشيخ ربيع أعلم بمسائل المنهج من الشيخ ابن باز وبقية علماء العصر)، و(من خالفه منهم في ذلك؛ فالقول قوله، ومن رفض ذلك، فهو جاهل وجويهل، ومائع مميع... وهلم جرّا).
ومن قواعدهم: (أن من اشتغل بتحصيل العلوم الشرعية، دون رد على الجماعات؛ فليس بسلفي، أو مائع،أو في سلفيته نظر)، لا سيما إذا عارض شيئًا من أحكام هذه الطائفة الجائرة!! هذا ، مع أن البعض قد لا يخوض في ذلك، لقيام غيره بهذا الواجب، دون إفراط أو تفريط،بطريقة العلماء،لا بطيش الحدثاء !!
ومن قواعدهم الفاسدة: (أن من استشهد بكلام -وهوحق- من كلام أحد المخالفين؛ فهو مميع، وملمِّع لأهل الباطل، ومدافع عن أهل البدع)، ومن قال: (المسلم يُحب ويبغض على حسب ما فيه من خير وشر؛ فهو مميع، ومن أهل الموازنات، وإخواني أو قطبي)، و(من رد الجرح والتعديل من السفهاء الصغار،الذين يلمعونهم،أومن الكبار إن تجاوزوا الحد؛ فهو كاره لطريقة السلف، وأضل من حمار أهله)، و(من لم يأخذ بقول الشيخ ربيع؛ فهو ممن يريد إسقاط مرجعية العلماء)، و(من رد على الشيخ ربيع تجاوزاته؛ فهذا يدل على أنه ليس بمؤدب، وأنه يسب العلماء أو يرد على أهل السنة ، أو حرب على السنة وأهلها، الكبار منهم والصغار، أو عدو للسنة، أو نحو ذلك مما يدل على أي نقد لهم؛ فهو اعتراض على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم!!‍‍‍‍‍‍‍ ) ومن قواعدهم : ( أن من خالفهم ولو في شئ يسير مما يسمونه هم " مسائل المنهج " فزكى رجالاً جرحوه ، أو رأى المصلحة في غير ما يرون،أو نحو ذلك ؛ قالو : هذا أضر على الدعوة من الحزبي الظاهر ، لأن الحزبي الظاهر يحذره الناس ،أما هذا فموضع ثقة عند الناس ، فيكون ضرره أكبر ، وهكذا كلما كان المخالف لهم – مع بقائه على السنة في الواقع – أكثر صلاحاً وعلماً وفضلاً وجاهاً منفعاً ؛ كلما كان أضر على الإسلام وأهله وكلما كان التحذير منه أكبر،وكلما كان المخالف متهتكاً مشهوراً بالضلالة؛كلما كان أهون وأخف؛فبين هذا الفكر شبه وبين فكر من يقتلون أهل الإسلام،ويدَعون أهل الأوثان،والله المستعان .
هذه من جملة قواعدهم التي استحضرتها الآن، وكثير منها بلسان المقال، والبعض بلسان الحال، ومن علم حجة على من لم يعلم ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾.
9 ـ وهذه القواعد أثمرت أحكامًا عجيبة، فقد قال محمد بن هادي المدخلي: (لا يوجد في الرياض سلفي؛ غير عبدالسلام برجس)!!، وهذا كلام لا يرضاه الشيخ عبدالسلام -حفظه الله- فإنة صاحب عقل وأدب،ولما بلغه ذلك؛بادر برده مسترجعاً !! ولذا فكثير منهم لا يرضاه سلفيًا، وعلى هذا فقد خلت الرياض -معقل السلفية في هذا العصر- من السلفيين!! فإنا لله وإنا إليه راجعون،فأين هيئة كبار العلماء ؟وأين لجنة الإفتاء ؟وأين وزارة الشئون الإسلامية ووزيرها؟ الذي يذكرنا بقواعد وأصول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وأين المئات بل الألوف من الدعاة وطلاب العلم ،الذين هم على عقيدة السلف ،وإن خولف بعضهم في بعض اجتهاداته ؛فلا يلزم من ذلك أنه خارج عن دائرة أهل السنة والجماعة ، كيف لا،وهم بقايا أهل العلم القائمين –اليوم-بحجة الله عزوجل على عبادة ،فلله درهم،وعلى الله أجرهم،فلا نامت أعين الغلاة !!نعم هناك من لم يرفع بقواعد السلف الدعوية رأساً، فلا دفاع عنه،ولا كرامة،لكن إطلاق ما قال محمد بن هادي هذا القول؛دليل على الحالة السيئة التي وصل إليها الغلو والغلاة، والله المستعان .
وكذا قال الشيخ ربيع لجماعة من الدعاة إلى الله: (ائتوني بثلاثة سلفيين في جامعة الإمام)!! وقد شهد على ذلك بعضهم .
وقال محمد بن هادي أيضًا: (السلفيون في الحجاز قلة قليلة)!! كما هو مسجل بصوته.
وقال بعض الجهلة البريطانيين الدارسين عند الحجوري الأحمق: (لا يوجد في اليمن رجل يفهم السلفية).
وعلى كل حال: فهذه الطائفة الغلاة البغاة، لا يكادون يحكمون بالسلفية إلا لمن وافق مشربهم، وأما العلماء الذين يخافون أن يتكلموا في حقهم؛ فإنهم يكتفون بالكلام فيهم في المجالس الخاصة،ولو صرحوا بإنكار ذلك؛لفضحوا!!
وأحياناً تسقط منهم كلمات في هذا الباب، وستراها ـ إن شاء الله تعالى ـ في موضعها‍‍!!

10
ـ وهذا يجرنا إلى القول بأنهم يكيلون بمكاييل متعددة، فمن كان على شاكلتهم؛ فإنهم لا يتكلمون في أخطائه، وإن كانت لا يغطيها ذيل، ولا يسترها ليل، وأدلة ذلك كثيرة، فكم هي تجاوزات فالح الحربي، وحماقات الحجوري، وتناقضات واختراعات الوصابي محمد بن عبد الوهاب، الذي صرح غير مرة بأن ملك الموت قد يخطئ الشخص المرسَل إليه لقبض روحه، فيقبض روح شخص آخر!‍‍! فأين هو من قوله تعالى : ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها " وللأسف ؛ أنه يصرح بأن الشيخ ربيعاً لا يخطئ في الجرح والتعديل ومسائل المنهج ، أما ملك الموت فقد يخطئ في قبض الروح ، ودليله : أن هناك من غُسِّل وكُفِّن ، ثم قام قبل دفنه !!!
وكم له من فضائح، ولم يعلن توبته منها ؟! فأين أهل الغيرة -المزيفة- من هذه الضلالات؟! وليس هذا موضع تفصيل هذه الضلالات، وكذلك؛ فهؤلاء المتظاهرون بالغيرة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،لم ينطقوا ببنت شفة عندما نشر بعض الكُتَّاب كلمات سيئة للشيخ ربيع في الصحابة، بل وفي بعض الأنبياء عليهم السلام، ولو كانوا من أهل الغيرة على عقيدة السلف؛ لأنكروا ذلك عليه، ولكن الحزبية تعيد المعنى الجاهلي القديم لمقالة: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»!!! قبل أن يوضح رسول الله صلى الله علية وسلم معناها الصحيح ".
وتذكّرنا بقول القائل :
                أنا من غُزيّة إن غوت غويتُ . . . وإن ترشد غُزيّة أرشد 
وأيضًا فللشيخ النجمي كلام أشد مما انتُقد على الشيخ المغراوي، ظاهره تكفير المسلمين والمجتمعات، ذكرته في ردي عليه ، وهو مسجل في أربعة أشرطة – سميته : " الجواب المأربي على صاحب إرشاد الغبي " ولكن أبواب الأعذار لا تُغلق في وجه الأصدقاء، ولا تفتح لمن خالفهم,وإن كان من الصالحين الأتقياء!!
هذا، مع أن إرضاء الخلق بالمعتقدات؛ وبال في الآخرة، كما قال أبوالوفاء بن عقيل، نقلاً عن "الآداب الشرعية" (1/155) لابن مفلح.
وكذلك فقواعد هذه الطائفة تشمل كبار دعاة العصر، بل وكبار العلماء، إلا أنهم يخافون من إظهار إطلاق هذه الأحكام الفاسدة عليهم، فيأتون بأعذار واهية، ليوهموا الرعاع بسلامة قواعدهم، وليس معنى ذلك أن أحكامهم تكون صحيحة لو أطلقوها على هؤلاء العلماء،كلا،بل هم مع فساد قواعدهم ؛لا يستطيعون الاستمرار عليها، والتمسك بها،ولن يعدموا مخرجًا أمام أتباعهم، ولن يعجزوا عن ادعاء دعوى تدل -أمام المقلدة- على استمرارهم في صدعهم بالحق، لولا أن للعالم الفلاني عذرًا، وإذا كنتَ من أهل المجالس الخاصة؛عرفتَ حقيقة موقفهم من هؤلاء العلماء، فتبًّا لدعوة متلونة، وبُعدًا لدعوة تتنكر لأصولها وثوابتها، وسُحقًا لدعوة لها ظاهر وباطن في آكد أصولها، ومع ذلك تسعى لانتحال العلماء، والتشبع بأنهم يزكون هذه الدعوة، وأنهم على هذا المنهج سائرون!! فيا لله العجب من التناقض والتلون والتشبع !!
ألستُ قد نقلتُ كلمات هؤلاء العلماء مستدلاً بها في ردي على الشيخ ربيع في عدة كتب وكثير من الأشرطة؟! فلو كانوا على منهجه في هذه المسائل، فلماذا لا يستدل الشيخ ربيع بكلامهم المفصَّل في موضع النِّزاع؟ فليس مع الشيخ إلا تزكيات عامة وقديمة،قبل أن يظهر منه ما ظهر لكثير من الناس,من حربه العاتية مع كثير من شباب هذه الدعوة,وجريمتهم التي لا تغتفر – عنده وعند مقلديه - :لماذا يخالفون حامل لواء الجرح والتعديل؟!! وجزمًا فلم يقرأ هؤلاء العلماء كل ما كتب الشيخ ربيع،ولم يسمعوا كل ما سجل،وإلا لكان لهم –والله أعلم-مع كلامه شأن آخر!!

11 ـ هذا المنهج البائر قد جرّأ الصغار على كبار أهل العلم، فتراهم يردون كلام العلماء إذا خالف قول الشيخ ربيع أو فالح -ومن جرى مجراهما- ومرة يقولون: العالم الفلاني إخواني بَنَّائي،يسير على الخط العام للإخوان، والآخر سروري، أو متأثر بالسرورية، أو من حوله سروريون، أو هو لا يعرف أمور المنهج، أو ليس له معرفة بالجماعات، أو كبير في السن، أو نظره ضعيف، ولا يقرأ كل شيء، أو ما بحث هذه الأمور، كل هذا ليوهموا المقلدة بأن أحكامهم أولى بالقبول، ولا يصرحون بكل هذا لكل أحد، وكثيرًا ما يحتجون بالتزكيات العامة والقديمة والبعيدة عن موضع النِّزاع اليوم،فيستدلون بها  في موضع النِّزاع الحاصل،ويجعلون ذلك بمثابة المحكم،وبقية كلام العلماء التي طفحت بها صفحات الكتب والأشرطة؛ بمنـزلة المتشابة، الذي يجب أن يُرد إلى المحكم!! هذا إذا كانوا يهابون تجريح هؤلاء العلماء، أما إذا كانوا قادرين -في نظرهم- على ليّ ذراع شخص؛ فإنهم لا يُبقون ولا يذرون، وهل هناك أدلة على ذلك،أعظم مما يراه أهل البصائر اليوم؟!!

12 ـ تجرأ كثير من مقلدة هؤلاء على بتر كلام مخالفهم عن سباقه ولحاقه، حتى يتم مرادهم من التشنيع والتبديع، بل وقد وقع في ذلك -في بعض المواضع- كبيرهم، والدليل محفوظ عندي على ذلك، وصرح كبيرهم -وهم له تبع- بأن مشتبه أو مجمل كلام العالم؛ لا يحمل على محكمه أو مفصله، وأطلق ذلك في المطلق والمقيد، والعموم والخصوص، والناسخ والمنسوخ، وقد ضَمِنَ الموافقة من المقلدة على ذلك،فتجرأ على التصريح بما يخالف العقل والنقل،فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإلى الله المشتكى من عقول صودرت، ومواقف قد تناقضت!! وفي كتابي "الجواب الأكمل" رد على هؤلاء، فارجع إليه إن شئت،والحمد لله رب العالمين.

13 ـ سلك هؤلاء مسلك الحزبيين الذين اتهموا العلماء بالجهل بالواقع، فادعى هؤلاء جهل العلماء بواقع الجماعات والأحزاب، وعدم معرفتهم بمسائل المنهج، وعلى فحش غلط الطائفتين؛ إلا أن قول هؤلاء أفحش غلطًا من قول الحزبيين الأوائل، فإن الأوائل اتهموا العلماء بجهل الواقع السياسي والاقتصادي والعسكري، وهذه أمور لم يدع العلماء التخصص فيها، وإن كانوا يعلمون منها ما يحتاجون إليه، أما هؤلاء فاتهموا العلماء بالجهل بمنهج أهل السنة في الفرق والجماعات، وبعدم معرفة الحزبية وقواعدها وأساليبها، فاتهموا العلماء بالجهل بجزء عظيم من الإسلام،وفي تخصصهم الذي سلمت لهم الأمة به،فأي الفريتين أعظم: الجهل بالسياسة العصرية،أو بجزء منها، أم الجهل بالإسلام أو بجزء منه؟! على أن العالم قد يخفى عليه – من باب حسن الظن بالشخص – أن فلاناً ليس حزبياً أو ليس متلوثاً بشئ من المخالفات ، وهذا أمر قد كان موجوداً عند السلف ، فكان منهم من يزكي من يذمه غيره ، ففرق بين الجهل بمنهج أهل السنة ، وبين عدم معرفة شخص معين معرفة كاملة ، فتأمل . فهؤلاء يرمون بعض كبار العلماء بأنهم سروريون أو اخوان - مثلاً – ويحكمون على الطوائف المخالفة بأحكام جائرة جداً ،انظرها في كتابي " اعلان النكير على منهج الشيخ ربيع في التكفير " فيكون هذا اتهاماً لجماعة من كبار الأئمة بأنهم خوارج أو غلاة المرجئة أو روافض أو باطنية أو نحو ذلك مما تراه في الكتاب المذكور – إن شاء الله تعالى -  
وإني لأعجب من هؤلاء: فإذا كان العلماء إذا خالفوا ربيعكم، جهالاً بالمنهج السلفي؛ فلماذا تفتخرون بتزكيتهم لشيخكم -أحيانًا وفي غير موضع النِّزاع اليوم- في مسائل المنهج؟! أليس هذا من أعمال أهل الأهواء؟!

14 ـ وقد سلك هؤلاء مسلك الحزبيين أيضًا، في تقديم أسئلة للعلماء، لا تمت للواقع بصلة -في كثير من الأحيان- ليأخذوا فتوى من العالم توافق ما يريدون، ثم يحشرون اسم هذا العالم في قائمة من يُحذِّر من فلان!!! مع أنهم سألوا العالم عن كلام لم يقل به خصمهم،أو سألوه عن كلام مبتور السياق والسباق،فهل يشك عاقل في أن هذا هوى وفجور في الخصومة؟!وكذلك يحشرون اسم كل من انتقد على مخالفهم –ولو شيئاً يسيراً- ويعدونه في جملة من بدَّعوه ،وأخرجوه من دائرة السنة،وفي جملة من يتابعهم على أقوالهم الجائرة،أليس هذا من الهوى ،والفجور في الخصومة ؟!

15
ـ هؤلاء يجيزون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم، فعندما استُدل على الشيخ ربيع بأن الشيخ ابن باز لم يتكلم في بعض دعاة القطبية؛ قال: (نحن لا نقلد ابن باز، وابن المبارك ما هو بنبي، ونحن لا نقدس الأشخاص، وعندنا ميزان نزن به الناس)، وهذا حق في ذاته، لكن عندما قلتُ: لا أقلد الشيخ ربيعًا، وليس وصيًا علينا؛ صاحوا وهاجوا: هذا إسقاط لمرجعية العلماء!! فيا لله العجب!!
 وعندما رد الشيخ ربيع على شباب الإخوان والقطبية الذين يجرحونه في كل مكان، قال: (الجرح والتعديل الآن على مستوى الشارع، والجرح والتعديل لا يكون إلا للعلماء الراسخين في العلم، وليس للشباب والمبتدئين)، أو كلامًا هذا معناه، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- وعندما رددت على سفهاء لا يعرفون من الدين إلا إخراج فلان من السلفية، والحكم على عالم من كبار العلماء بأنه نصف سلفي، أو نحو ذلك، وذكرت الأدلة على شروط أهلية المجرّح والمعدِّل؛ أنكر ذلك الشيخ ربيع عليّ، وعدّ هذا من محاربة الذابين عن السنة، القامعين للبدعة، المجاهدين في سبيل الله!! بل وأجاز لطلاب العلم أن يجرحوا ويعدّلوا!!
وعندما رد الشيخ ربيع على الحدادية هَدْمَهُم للعالم الذي يقع في بدعة؛ قال: (إن الذين يسقطون العالم من أجل بدعة؛فهؤلاء هم أصحاب المذهب الحدادي النجس، وهذا مذهب الخوارج)، ولما رددت على مقلديه أحكامهم الجائرة على بعض أهل السنة، وقلت: (نصحح أخطاءهم، التي يقع مثلها من السني، كما وضحت هذا مرارًا،أي ننصحهم فيها,أو نحذر منهم فيها فقط,  ولا نهدم الخير الذي عندهم)، قال: (هذه قاعدة أهل البدع، وأهلُ السنة يسقطون العالم بالخطأ الواحد, إذا أصر عليه)!!
وهكذا فهم يجيزون لأنفسهم، ما يحرمونه على غيرهم،ويبنون بنياناً بيان اليوم ،ويهدمونه غداً؛ويردون على المخالف كلامه،ثم يستدلون بباطله غداً على مخالف آخر،ويتملصون من كلامهم السابق!!وهذا كله يدل على ضعفهم في الأصول التي تنبني عليها هذه الأمور ،والله المستعان .
والخلاصة: أنك إذا كنت معهم، وذَنَبًا لهم؛ فلا يضرك شيء، أي لا تخرج من السلفية ما دمت متزلفًا لهم، وإلا فلا تنفع - عندهم فيك - شفاعة الشافعين، فهل هذا من منهج السلف يا أولي الألباب؟!

16 ـ أثارت قواعد هؤلاء الغلاة البغاة الهجر والقطيعة بين أبناء الدعوة الواحدة، بدون مسوِّغ بل وسعى بعضهم في طلاق أخته من زوجها،لأنه يخالفه في هذه المحنة المفتعلة ,بل وقال بعضهم لأخته الحامل من زوجها :أنت مبتدعة،وزوجك مبتدع ,والحمل الذي عندك مبتدع ,لأنه لا يكون إلا على ما أنتما عليه !!فلو سلمنا بكلام هذا الجاهل ؛فأين هو من حديث :(كل مولود يولد على الفطرة......)؟!! ولو فرضنا أن هناك أسبابًا معتبرة؛ فإنهم لا يبالون بمصالح أو مفاسد، وهل الهجر يأتي بمفسدة أكبر أم لا؟، والحق: أننا لو سلكنا مسلكهم الذي لا يتقيد بقواعد أهل العلم؛ لكانوا أحق بالتبديع والهجر، ولكني ﴿أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
والأمثلة كثيرة على عدم مبالاتهم بمسألة المصالح والمفاسد, وأكتفي بمثال وقع من الشيخ ربيع - مع أنه يدندن نظرياً بمراعاة المصالح والمفاسد ,إلا أنه لا يكون كذلك مع مخالفيه – فقد سئل عن الشباب الليبي الذين تعلموا كثيراً من علوم السنة في اليمن ,ورجعوا إلى بلادهم,وبلادهم أحوج ما تكون إلى طالب علم سلفي حكيم متعقل,فسئل عنهم,وأُخبر أنهم يدافعون عن أبي الحسن,وأن عندهم فوائد علمية في العقيدة وغير ذلك ,فلم يبح لأتباعه أن يدرسوا عندهم كتاب التوحيد وغيره ,بل طلب منهم أن يحذروا من هؤلاء الطلاب,فهل هذا تطبيق صحيح لقاعدة العمل بخير الخيرين, ودفع شر الشرين – لو سلمنا بما قالوه فينا - ؟!!

17
ـ لا يبالون بكلام أهل السنة في استيفاء الشروط، وانتفاء الموانع، في تطبيق الحكم العام على المعين، وقد صرح بعضهم بأن تبديع المعين من أهل السنة، إذا وقع في بدعة؛ لا يحتاج إلى استيفاء الشروط، وانتفاء الموانع، إلا أنه لا يكون كذلك إذا كان الحكم سيطبق على مقلد أو متزلف لهم!!                                                                        
بل قد يطلق بعضهم الحكم بالتكفير والزندقة على مخالفه السني,فيا لغربة الدين بين هؤلاء!!
18
ـ من وافق هؤلاء؛ رفعوا من شأنه جدًا، وإن كان مبتدئًا،ووصفوه بالمحدث الفقيه ،والمجاهد السلفي.....الخ ولذلك فكثير من المحبين للشهرة يسعون بالتزلف للشيخ، ومن خالفهم -وإن كان محقًا- رموه بالقبائح من كل حدب وصوب، حتى أدى ذلك إلى ضعف كثير من أهل الحق، وعدم قيامهم بما أوجب الله عليهم من قول الحق، دون خوفهم في الله لومة لائم، وأصبح حال بعضهم يقول: «حوالينا ولا علينا»، والعجب ممن يتصدر للدعوة، ويكون في مقام المُربّي، أو في مقام الموجِّه، ومع ذلك يقول: (نفسي نفسي)، فهل يُنتظر ممن هو كذلك أن لا تمنعه هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه, في أمور أعظم من هذه الأمور؟!!
19
ـ وقد سلكتْ هذه الطائفة -أو كثير منهم- مسلكًا مريبًا، فإذا كان المرء معهم، فإنهم يجمعون أخطاءه, ويسكتون عنه، فإذا رأوا منه شيئًا يدل على أنه سيترك طريقتهم؛ هددوه بما عندهم من زلاته وهناته، وقالوا له:(إن لم تغيِّر ما أنت عليه؛ فسننشر أخطاءك)!!
فلو كان هؤلاء يغارون من أجل محارم الله؛ فيُنظر: إن كان في نشر هذه الأخطاء مصلحة للإسلام؛ فلماذا لا تنشرونها، وإن كان الرجل معكم؟ وإذا كان في نشرها مفسدة للإسلام وأهله، فلا تنشر ضد الصديق والمخالف، هذا حال من يغار لله، أما الحزبية وأهلها؛ فلهم حال آخر.
ومن ذلك أن الشيخ ربيعًا يحاول مع بعض طلبة العلم أن يُبَدِّعوني، فإن أبوا؛ قال لهم: قولوا: عنده أخطاء، فإن قالوا: كلنا عندنا أخطاء؛ قال: قولوا: نحن مع العلماء، أو أي شيء يُفهم منه أنكم لستم موافقين لأبي الحسن، ويعدهم أنهم إن فعلوا ذلك؛ فإنه سيجعل مقلديه وأذنابه يكفون عنهم!!
فتأمل كيف تكون الجائزة لهم؟!! السكوت عنهم، فيا سبحان الله،لوكان عرضهم حراماً؛فيجب أن تنصرهم،وإن كانو معي ،وإن كان عرضهم مباحاً؛فيجب أن تبين حالهم،وإن كانو معك،لكن الحزبية تقلب الموازين،ثم أنت تحكم عليهم بأنهم لو خرج الدجال؛لآمنوا به،وأنهم لو جاء رجل يدعي والألوهية من دون الله أو النبوة؛لركضوا وراءه،ثم إن وافقوك -ولو في بعض قولك- تأمر الأذناب بالكف عنهم، والرضى عنهم؟!! ألست قد رميتهم بما سبق؟ فهل من كان كذلك يرضى عنه أحد؟! نعم، يرضى عنه أصحاب الحزبية الجديدة، التي جعلت الولاء والبراء في أفهامهم ومقالاتهم، لكن الله عز وجل يقول: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوزَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾.

20 ـومن منهج الحزبية الجديدة، قولهم: (حدِّد موقفك من فلان، وإلا فتُلحق به)، أو امتحان الناس بالأشخاص، أو ببعض المقالات الخفية، أو بسؤالهم للبعض: نزلت مكة أو المدينة أو غيرهما، فمن زرت من العلماء؟ ويُصنِّفون الرجل على ضوء جوابه!!وإلا فأصل السؤال لابأس به, وقد يزور المرء أحد المخالفين -إن كان حقًا مخالفًا- وهو لا يعلم بمخالفته، أو يعلم بها؛لكن يرى أن زيارته أنفع للمزور من هجره، حتى لا يزداد شره، ولا يطمع فيه أهل البدع، إلى غير ذلك من الأسباب الشرعية، لكن هذه أمور لا تساوي شيئًا عند كثير من هذه الطائفة،والحق أن هذه الطائفة تبغي على كثير من الأبرياء،ومن كان عنده خطأ يستحق أن يُرمى بسببه بحصاة؛رموه بصخرة تزن سبع خلفات،فما ظنك بمن يستحق أن يُرمى بصخرة؟!!

21
ـ وصل الحال ببعض هذه الطائفة أن صرحوا بقبول قول الشيخ ربيع في كل من خالفه،فقد صرح بعضهم عندنا بتقليد الشيخ ربيع والعلماء الذين هم على شاكلته، ولما سمع بعضهم من يقول: الشيخ ربيع يصيب ويخطئ، قال: هذه شنشنة عرفناها من الحزبيين!!ولما سمع آخر من يقول: الشيخ ربيع كبير، لكن الحق أكبر منه؛ قال: الله أكبر، والله ما كنت أظن أنك انتكست إلى هذا الحد!! وصرح بعضهم بأن العالم هو الدليل ،فكيف نقول للدليل :هات الدليل؟!وصرح بعضهم بأن التقليد المذموم ؛هو تقليد اليهود والنصارى،أو الجاهل أو المجهول، أما تقليد العلماء؛ فلا بأس بذلك، وإلا لزمنا هدم مرجعية العلماء، وعدم إنزالهم منـزلتهم!!وتقليد العلماء عندي جائز للعامي وللمبتدين من طلبة العلم ,بل أحياناً يجوز للعالم أن يقلد العالم،وذلك كله حسب الضوابط المعروفة عند أهل العلم,لكنهم أطلقوا ذلك في حق الشيخ ربيع ومن كان على شاكلته فقط،ولم يروا ذلك مع من هو أفضل من الشيخ ربيع!!فظهر بذلك الهوى والحزبية ,وأن المسألة ليست مسألة أدلة شرعية !!بل قد صرح الشيخ أحمد النجمي بأن الذي يتحفظ في كلام الشيخ ربيع فىّ؛ فهو حزبي، وصرح الشيخ عبيد الجابري بأنهم يقبلون كلام الشيخ ربيع في الطوائف والجماعات والأفراد بدون تمحيص، وصرح بعضهم بأن الشيخ معصوم في مسائل المنهج، فماذا أبقينا -بعد هذا كله وغيره- للمقلدة؟، وزد على ذلك أنهم يصرحون بأن من خالف الشيخ ربيعًا؛ يُهجر، فعقدوا الولاء والبراء على قول الشيخ ربيع، ووصفوا من رد على الشيخ ربيع بأنه سيئ الأدب وماكر ومخادع، فماذا أبقوا للحزبية التي نحاربها؟!فهاتان دعوتان فاسدتان:التقليد لشخص معين ,ولمن كان على شاكلته ,مع الحط من قدر مخالفهم من الأفاضل الأماثل,والولاء والبراء على ذلك،وباجتماعهما ينتج مولود مشؤم ، هو الحزبية الجديدة  التي تتظاهر بالسلفية والغيرة على منهج الأئمة !!

22 ـ ومن أساليب هذه الطائفة: أنهم إذا احتج عليهم مخالفهم بأدلة مفحمة لهم؛قالوا له متنكرين: هذه غزالية، أو إخوانية، أو عرعورية، أوهذه الحزبية، إلى غير ذلك من العبارات التي تخيف صاحب الحق الضعيف، فيتخلى عنه، إلا من رحم ربك، ومن المعلوم أن الحق الذي ثبت بالدليل؛ مقبول وإن كان من كلام اليهود، فضلا عن الشيعة ، فضلاً عن غيرهم، وقد نقلت كثيرًا من كلام العلماء في ذلك، في كتابي "قطع اللجاج" فارجع إليه إن شئت.
وفي المقابل: أنك إذا سألت كثيرًا منهم عن الدليل؟؛ قال: قال الشيخ ربيع، قال المجاهد السلفي فالح الحربي، قال عالم الجزيرة فلان،قال مفتي الجنوب فلان !! وقال محنة أهل البدع فلان، أو قال حامل لواء الجرح والتعديل فلان، فإلى الله المشتكى من أقوام لا يعرفون الفرق بين الدليل والدعوى!!
ولقد أعجبني نقاش جرى من أحد الدعاة بجدة مع أحد هؤلاء الشباب، فلما سأله عن الدليل؟ قال له: قال الشيخ ربيع كذا، فقال له: يا بني، ألست سلفيًا تعرف أن الدليل كتاب وسنة وإجماع؟! فاحتج الشاب بحجج مقلدة المذاهب،قائلاً:وهل الشيخ ربيع مخالف للكتاب والسنة؟!! أولا يعرف هذه الأدلة؟!! ولما ذكر هذا الداعية لهذا الشاب قول بعض أهل العلم في بعض المسائل؛ قال الشاب: هذه عرعورية، فقال الداعية: أذكر لك كلام أهل العلم،فترد ذلك قائلاً: هذا كلام عرعور؟ إذًا فعرعور أعلم بكلام أهل العلم منكم، وهو به أسعد،إذا كان الأمر كذلك!!
فتأملوا كيف يردى الجهلُ والتقليد أهله، ويلقيانهم في مصارع الهلكة والافتضاح، والله المستعان.

23 ـ لقد صدَّ هذا المنهجُ المخترعُ الكثير من طلاب العلم عن الإقبال على العلوم الشرعية، بحجة أن العلوم الشرعية ليست كافية لكشف الحزبية، فلابد من الإقبال على ما يُسَمَّى عندهم بـ"كتُب المنهج"، بل إن الشيخ ربيعًا طلب مرة من الشيخ مقبل -رحمه الله- أن لا يشتغل بتدريس علوم الحديث وغيرها من العلوم، ويهتم بتدريس المنهج، ويُسأل عن هذا عبدالعزيز البرعي المفتون بالشيخ ربيع، هل نقل هذا عن الشيخ مقبل، أم لا؟!
ومما يؤكد انصراف هذه الطائفة عن تحصيل العلوم الشرعية؛ حالهم المشاهد اليوم، فكثير منهم يجهل أيسر القواعد السلفية في الاستدلال والاستنباط، وكثير منهم -إن كان عنده شيء من العلوم- لا يحسن فهمها، وكثير منهم هبط مستواه العلمي إلى حد فاضح كاشف، بل قد حدثني أسامة العمري، أنه سمع الشيخ ربيعًا يقول: (إن الكلام في الجماعات أنساني الكثير من العلوم، حتى كدت أن أصير عامياً )، والعهدة في ذلك على أسامة العمري، وما أظنه -الآن- يُنكر ذلك!! ولقد نُشر عنه الإنكار فدعوته للمباهلة علناً؛فلم أسمع منه في ذلك صوتاً ولا غيره !!
وعلى كل حال: فالواقع دليل على تفلّت كثير من العلوم عند الشيخ ربيع، وأجوبته العقدية والحديثية والفقهية فيها نبأ اليقين بذلك ﴿وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾،وهذا الحال فرع عن ذلك ،وفرع أيضاً عن ظلم بعض الأبرياء من أهل السنة !! بل ولا يجوز ظلم كافر ، ودعوة المظلوم عواقبها وخيمة !!
وإذا كان هذا حال الشيخ ربيع؛ألا فليستدرك العاقل نفسه، ويتكلم في المخالفين بعدل وعلم وحلم وقَدَر،فلا يشدد إلا حيث يأمره الشرع ،ولا يرفق إلا حيث يوافق الحق،وإلا ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فانظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُالذين من قبل﴾، وقال تعالى: )فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ للَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.
      
 
24 ـ لقد سلك القوم مسلك الإستكثار بمن يوافقهم ـ ولو بدون دليل – وهذا لضعف حجتهم ،وفساد طريقتهم ،فيهمّهم أن يوافقهم -حتى الصغار-على أقوالهم ،ليقولوا : هل كل هؤلاء على باطل ،وفلان على الحق ؟!ليموِّهوا بذلك على العامة وأشباههم ،ولو نظرت في ردودهم ومقالاتهم ؛علمت أنهم قد خذلهم منهجهم المنحرف عن منهج السلف .

25 ـ ويرى بعضهم أن من تاب ؛فيحذر منه أيضاً،حتى يبلغ التحذير من لم تبلغه التوبة ،وهذا قد صرح به محمد بن هادي في شريط له ،وليس ذلك على إطلاقه ،ولو عملنا به - لحاجة شرعية-فلا بد من بيان أن الشخص قد تاب – ولله الحمد- فنتكلم عن المقالة ونذمها،ونمدح قائلها بعد قيامه بشروط التوبة الصحيحة،مع أنهم مع موافقيهم ومقلديهم ،لا يلزمونهم بشيء من ذلك ، بزعم أننا لا نحب أن نختلف ؛ فيفرح فينا أتباع أبي الحسن!!
26 ـ ويطلق بعضهم القول بأنهم لا يقبلون توبة من تاب من مخالفيهم، إلا بعد مرور سنة !!وهذا ليس على إطلاقه، إنما له حالات معينة،كما أنهم لا يستعملونه مع أذنابهم !!

27 ـ من خالف هؤلاء؛ اتهموه بالركون إلى الدنيا،مع أن كثيراً من مخالفيهم لا يملك أحدهم بيتاً لأولاده ، وهم فيما يعيشون فيه من بيوت عامرة ، وسيارات فاخرة ، وغير ذلك ، إلى أنهم عند مقلديهم عباد و زهاد !!!

28 ـ لقد تورطوا في الاعتقاد ثم الإستدلال ، فيتخذون أحكاماً جزافاً، فإذا حوققوا؛ فزعوا ليتعلقوا بكسير وعوير وثالث ما فيه خير، من أجل أن يُظهروا أنهم أصحاب أدلة، فإذا بُيِّن لهم حال ما استدلوا به ؛ كلحوا وبلحوا؛ ولم يبق إلا أن يصرحوا بأن ربيعهم موثوق به، وأنه لا يفتري على خصمه، وأنهم سيسألونه عن أدلة هذا الحكم، ثم يظهرون ذلك إذا أجابهم!! فإذا رُدَّ على الشيخ ربيع دعواه العاطلة العارية عن الأدلة؛ وعلم هؤلاء أنه قد أُسقط في أيديهم؛ قالوا : هناك أمور في أنفسنا، ولا نحب أن نظهرها الآن ، وهكذا حال الباطل وأهله، ومثال ذلك : حال من صرح بأن عند أبي الحسن أصولاً عشرين فاسدة ،وقد فضحتهم الأيام ،فأصبحوا يسمعون الأشرطة التي سجلتها بعد هذه الكلمة التي قالوها،ثم يجمعون كلاماً يكشفهم،و يظنون أنه لصالحهم، ليكملوا بذلك عدة الأصول المزعومة !!

29 ـ عدم تمييزهم لأنواع مسائل الخلاف ،فتراهم لا يفرقون بين مسائل الإجتهاد ،ومسائل العقوبات ،ومسائل الأصول، ومن خالفهم ولو في سنة من السنن، أو في تقدير المصالح والمفاسد وإن كانوا متفقين على الحكم في الجملة،أو خالفهم في تزكية شخص أو جرحه؛رموه بأنه مميع ، وأمثلة ذلك يطول المقام بذكرها،وتراهم يبدُعون من لم يقع في بدعة أصلاً،إنما خالفهم فيما لم يعرفوا غيره ،وإن كان الحق مع مخالفهم !!
مثال ذلك : أن الحجوري وغيره يرون أن مما يدل على تمييعي للدعوة ، وحزبيتي المتسترة؛أنني أرى للعيد خطبتين لا خطبة واحدة، عملاً باتفاق أهل العلم ، الذي نقله بعض العلماء !! فالله المستعان .
30 ـ أما الفجور في الخصومة ؛فحدث ولا حرج !!

31 ـ وتمنيهم هلاك مخالفهم -وإن كان محقاً-ودعاؤهم عليه بالموت والهلاك؛ وتحريش الناس عليه؛كل هذا كثير ومشهور عنهم .

32 ـ لسان حالهم يردد مقالة :نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، وإن كانوا يزعمون أنهم ضد هذه المقالة ،فهم تجاهها بين إفراط وتفريط !! ويطبقونها مع أذنابهم ومقلديهم، بشرط أن تكون المخالفة في أمر معين !!

33 ـ تعيير مخالفهم بماضيه الذي تاب إلى الله عزوجل منه !!

34 ـ ذا كان لبعضهم مصلحة مادية عند رجل من أهل السنة ؛تنازلوا عن هجره،وأخفوا أحكامهم عليه بالبدعة والضلال،فسقطوا ـ حسب اعتقادهم الفاسد ـ في شىء من التقية الفاجرة ...

35
ـ الوقوع في أمور وأصول تدل على تخليهم عن كثير من مكارم الأخلاق، فحسبنا الله ونعم الوكيل !! وتفصيل ذلك يطول .

36 ـ الخوض في النيات ،وعدم التقيد بالظاهر،فترى الشيخ ربيعاً يترك الأدلة الواضحة التي يستدل بها خصمه ،ويفزع إلى قوله :هو يقصد كذا،هو يعني كذا،هو مايريد إلاكذا،وتراهم يتنافسون في هذا الأمر ،ويعدونه من الفراسة ،ويفتخر بعضهم بأنه تكلم في فلان قبل سنتين أو ثلاث ،وقبل أن يتكلم غيره من العلماء فيه ،وأن الأمور جاءت بصدق ما قال !!وهذا كذب وافتراء ،وإلا فأين صدق ما قالوه في الشيخ المغراوي: بأنه أخبث من هو على وجه الأرض،وأنه يكفر بمعصية ،فقد أثبتت الأيام إفكهم وزورهم!!وأما كلامهم فيَّ؛فبحر لا ساحل له ،وقد أجرى الله عزوجل لي بهذا الكلام خيراً كثيراً،فله الحمد وله الثناء الحسن، وصدق من قال:
             قضى الله أن البغي يهلك أهله ..... وأن على الباغي تدور الدوائر.

37
ـ يرمون مخالفهم بالحزبية –بلا حساب – ويستدلون على ذلك بأدلة تدل على جهلهم ،كأن يقولوا:فلان معه أموال،فهذا يدل على أنه حزبي،أو أنه يكفل الأيتام،أو يوزع صدقات على الفقراء ،وهذا عمل الحزبيين !!ويحكمون على الجمعية الخيرية البعيدة عن الحزبية بذلك،ودليلهم أنها مسجلة في وزارة العمل!! إلى غير ذلك من الفضائح التي تكلم بها محمد بن عبدالوهاب الوصابي وغيره!!

38 ـ قبولهم خبر الهالك والمجهول إذا كان لصالحهم ،فإن أتيت بكلامهم المسجل في الأشرطة؛ والذي يدينهم،قالوا :فلان قلد الأصوات ، فيا سبحان الله ،من قلوب بلغ بها الحال هذا المبلغ !!! ومن مكاييل مضطربة ، ومقالات متناقضة !!!
39 ـ ومن ذلك أن بعضهم يعرف منزلة مخالفه في العلم والفضل، إلا أنه ينكر ذلك، فإذا وجد من مخالفه زلة، سواء كان ذلك صحيحاً، أم لا؛ قال: والله كنت أظنك أعلى من هذا القدر، وإن مستواك أرفع من ذلك، وإلا فإن هذه الزلة؛ أظهرت ضعفك العلمي،أو سوء أدبك،أو نحو ذلك، هذا مع أنه لم يزل يرميه قبل ذلك بالجهل والكذب وغير ذلك من القبائح!! فكيف كان يعتقد فضله، ومع ذلك يرميه بأنه جاهل، ساقط، تافه، كذاب ؟!! إن هذا الحال يدل على أنهم يجحدون ما عند المخالف من خير، وهذا تشبه بمن قالوا: في ابن سلام ـ رضي الله عنه ـ : " شرنا وابن شرنا " ، ولو رجع مخالف هؤلاء إليهم مرة أخرى؛ رفعوه جداًً، وقالوا بلسان الحال: " سيدنا وابن سيدنا " فأعوذ بالله من هذا الحال.
وأيضاً فمن وافقهم ؛ قالو : العلامة المحدث الفقيه المربي . . . الخ فإذا خالفهم الرجل نفسه ؛ قالوا : متعالم جاهل !!! فإذا رجع إليهم رجع للمدح الأول ، ولو سلمنا بأن الرجل التقي قد يفجر، والصالح قد يفسد بين عشية وضحاها ، لكن كيف يصير العامل المحدث الفقيه . . . الخ جاهلاً بين عشية وضحاها ، وكيف يعود علمه وفضله وفضله في لحظة ، إذا رجع أليهم .
إنها تزكيات تابعة للأهواء ولذلك فلم يبارك الله فيها ، وتموت في حياة أصحابها ، والله المستعان !!
40 ـ إذا كان مخالفهم من أهل السنة والعلم والفضل، لكن عنده بعض الأخطاء؛ فإنهم يرونه أضر من اليهود والنصارى وكبار المبتدعة، بزعم أن هؤلاء معروف أمرهم، فلا يغتر أحد بهم، بل بعضهم يصلي وراء الصوفية ونحوهم، ويترك الصلاة وراء من هذا حاله!!
هذا ما تذكرته من منهج الشيخ ربيع ومن جرى مجراه،سواء كانوا كباراً أو صغاراً،وآثار هذا المنهج على الدعوة السلفية اليوم،قد أزكمت رائحتها الأنوف،فإلى الله المشتكى من غربة الدين,وعجز الناصر والمعين!!
( تنبيه ) : علماً بأني أتكلم عن طريقة عامة ظاهرة فيهم،ولا يلزم من ذلك أن كل فرد معهم كذلك ، أو أن هذه الأمور قد اجتمعت في شخص واحد ، وعلى كل حال فالمعين الذي أصله السنة ؛ لا يخرج منها إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع ،لاسيما وكثير من الأشخاص يفعل كثيراً من هذه الأمور عن تأويل ، والله المستعان .
وبعد بيان ما استحضرته من منهج الشيخ ربيع-ومن كان على شاكلته- وآثاره في الصف السلفي، فأقول -مستعينًا بالله عز وجل-:
لقد رددت على الشيخ ربيع قوله في أهم ما اتهمني بسببه، ولا زالت هناك بقية مهمة أيضًا، ولقد عجز الشيخ ربيع عن مقارعة الحجة بالحجة، ومنازلة خصمه بالبيان والبرهان، فعدل عن ذلك إلى مضاعفة السب والشتم، وتكلّم فيّ بما لم يتكلم في أعداء الإسلام !! وصنف ـ هو ومن كان على منهجه الغالي ـ فيّ الرسائل والمقالات، وجمعوها في مجموع سموه – زوراً - بـ"المجموع الحسن"!! بما قد بلغ -حتى الآن- (165) ردًا، ما بين رسالة أو مقال، وشحنوا هذا كله بالسب والافتراء ـ وإن كان البعض قد تكلم فيّ من باب الثقة في نقل الشيخ ربيع عني، مع أنه خصم لي في هذه القضية!! ـ ومع ذلك فإنهم يرمونني بأني أحارب السلفيين بما لم أحارب به أهل البدع!!! فصدق من قال:"رمتني بدائها ،وانسلت "!!
مع أن من نظر في كتبي ورسائلي، أو سمع أشرطتي، رأى المادة العلمية التي أنعم الله بها عليّ، ورأى الأدب الذي ليس فيه مبالغة في المجاملة أو المداهنة، إنما فيه وضوح وتجلية للأمور،وإن كان في كلامي شئ من الشدة في مواضع ؛ فإنه شدة لا تخرج – في الجملة إن شاء الله تعالى – عن كلام أهل العلم السابق منهم واللاحق ، ولها مسوِّغات عندي ، لدفع الغلو في الرجل والمبالغة في تعظيمه،حتى ينـزلوه منـزلة المعصوم في هذه المسائل !!! 
ومع هذا كله،ومع شتائم الشيخ ربيع وجلاوزته وكتّاب شبكة "سحاب"؛ لا زال هناك بعض الطيبين الذين يرون أنه لابد من إضفاء ألقاب المدح والثناء البالغيْن على الشيخ ربيع ومن معه!! وعلى كل حال، فمن كان عنده دليل على أني قد تجاوزت الشرع؛ فليقمه، وأنا راجع إليه حيًا وميتًا، وإلا فالمواقف العاطفية، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لا أراها دينًا أدين الله عز وجل بها.
·
ولقد دعوت الشيخ ربيعًا إلى المناظرة، ثم إلى المحاكمة أو المباهلة، فتجاهل كل هذا، فتوسط الشيخ عبدالمحسن العباد -حفظه الله- واقترح التحاكم إلى لجنة علمية موثوق بها، واختار اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، فقبلت ذلك، وفرحت به، وقلت: لعل الله عز وجل يطفئ هذه الفتنة بفتوى العلماء،الذين هم -ومن كان على شاكلتهم -قد أقام الله بهم الحجة على عباده،ونصر بهم منهج السلف الصالح ـ ولا أزكيهم على الله ـ ففرحت بالتحاكم إليهم،لإصدار فتوى تبين الحق، وإقامة البرهان على ذلك، إلا أن الشيخ ربيعًا تجاهل ذلك أيضًا، مدعيًا أنني سأوقع بينه وبين العلماء -كما بلغني عن بعض من حضر جلسته وكلامه بذلك-!! فأنزلت على شبكة "الإستقامة" المباركة دعوة تلو أخرى للتحاكم إلى لجنة علمية، فتجاهل هذا كله، وكنت من قبل قد ذكرت بعض أخطاء الشيخ ربيع، وسجلتها في تسعة أشرطة، مع التعليق عليها، وأرسلتها له نصيحة، فيما بيني وبينه، قائلاً: عسى أن ينفعه الله بذلك، وأن يعرف خطأه، ويتراجع عنه قبل إشهاره،وأن يتواضع، ويترك هذه الطريقة التي يبغي بها على عباد الله، بزعم أن عندهم أخطاء، فإذا علم أن أخطاءه أفحش من أخطاء غيره؛ سلك معهم الأسلوب العلمي الصحيح في تصحيح الأخطاء، فينصح بدون استعلاء وفوقية، وتهديد ووعيد، ويقبل توبة من تاب إلى الله، دون طعن في نيته، ودون رميه بالزندقة والخبث، أو اللف والدوران والمراوغة، لأنه إن فعل ذلك؛ عُومِل من جنس فعله، فطالما أن عنده أخطاءً فاحشة، وطالما أن الناس نصحوه، وطالما أن الناس قبلوا توبته وتراجعه، دون طعن فيه -كل هذا على افتراض قبوله الأشرطة وتراجعه- فلماذا لا يعامل الناس بهذا العلم والورع اللذين عاملوه بهما ؟
 إلا أن الشيخ لم يقبل استلام الأشرطة، ورفضها، فكررت إرسالها مرة أخرى، فقال بعض خواصِّه للرسول: إن الشيخ إذا وجدك بهذه الأشرطة؛ سيضرب بها في وجهك!! وأردف قائلاً: انشروا الأشرطة، وسنشتريها من التسجيلات، هكذا بصورة الاستهزاء والتحقير!! فصبرت، ولم أنشر الأشرطة، لعله يراجع نفسه، حتى مر على ذلك -حتى الآن، أي نصف شوال- شهر ونصف، ولكن دون جدوى، بل قابل ذلك بعض كُتَّاب شبكة "سحاب" بالطعن والوخز، كما هو مشاهد على شبكتهم، التي جمعت -في كثير من الأحيان- بين حشفة وسوء كيلة!!
·
فلما بذلت كل هذه الجهود، وعرضت كل هذه السبل، ولم أجد مجيبًا؛ عزمت على نشر المادة التي حوتها الأشرطة التسعة - مع زيادات كثيرة ـ بعد استشارة واستخارة، راجيًا من وراء ذلك عدة أمور: بعد رضا الله عزوجل -:
-1
محاربة الغلو الذي أفسد في صف الدعوة كثيرًا.
-2
أن يعرف الشيخ قدر أخطائه؛ويعرف أن من كان من العلماء الكبار ؛فلا يقع قي مثل هذه الطوام،فيتواضع ويخجل،ويسلك سبيل أهل العلم في الإنكار على المخالف،ولا يُنـزل نفسه منـزلة الوصي على الدعوة، فإن مرجعية الدعوة الكتاب والسنة والإجماع، والعلماء المستدلون بذلك، لا الذين يفرضون آراءهم بالتهديد والوعيد!!
-3
أن يدرك الغلاة في الشيخ، والذين يدَّعون له العصمة بلسان الحال أو المقال، قدر ما عند الشيخ من مخالفات، فيساعدهم ذلك على الاعتدال، وتجنب ما يهلكهم في الحال والمآل.
-4
أن تقوى حجة أهل الحق على الغلاة البغاة، فإنهم يدَّعون العصمة بالحال أو المقال لشيخهم، ويحاولون الاستدلال على ذلك، ولو بالحجج الواهية -وبدون خجل- فإذا استدل عليهم أهل الحق بهذه المواضع؛ أيقنوا -وإن كابروا وجحدوا بها- أنهم أخطأوا السبيل، وأن تزكيات العلماء لإمامهم، إنما كانت على حسب ما وقفوا عليه من حاله، لا أنهم استوعبوا النظر في جميع ما كَتبَ وسجَّل، وإلا فحاشا العلماء أن يقروا هذه الأخطاء التي لا تخفى على طالب علم، فضلاً عن عالم. !!
-5
عسى أن يوفق الله الشيخ ربيعًا للتوبة النصوح، فأكون أبرّ به من أقرب الناس إليه، ليرجع عن سنة سيئة سنها في الدعوة،فلا يحمل وزره ,ووزر من اتبعه بعد ذلك ..
-6
عسى أن يحفظ الله من سمع هذه الأمور أو قرأها، من الاقتداء بالشيخ ربيع فيما أخطأ فيه,فإن الرحل له أتباع ومقلدون ‍‍‍!!
-7وبنشر هذه الأخطاء ؛ننظر ما هو موقف الذين أطلقوا لألسنتهم العنان ،في أعراض المسلمين بدون وجه حق-وان أصابوا في شئ يسير,إلا أنهم تجاوزوا الحدود وظلموا-فيا تُرى هل سيغضبون للحق أمام هذه الفواقر ؟!أم أن الشيخ ربيعاً عندهم أكبر من الحق ؟!(ولتعلمن نبأه بعد حين)..
هذا ,وهناك شبهات أحب أن أجيب عنها قبل البدء في المقصود:
الأولى: فقد يقول قائل: إن هذه الردود فيها انتصار للنفس، وإلا فلماذا لم تخرج قبل هذه الخصومة؟!
فالجواب من وجوه:
-1
أن الذي يعلم ما في الضمائر هو الله عز وجل، وأقسم بالله العظيم، الذي يعلم السر وأخفى: أنني لو اطلعت على هذه الأخطاء في كتب الشيخ وأشرطته -كما وقفت عليها الآن-؛ لما ترددت في نصحه -كما فعلت الآن- ولما ترددت في التحذير من أخطائه، إن رفض النصح ومكابر،كما أفعل الآن، وبعض هذه القواعد التي اطلعت عليها من قبل، قد رددت عليها في كتابي "السراج الوهاج" دون تصريح باسمه، للمصلحة المرجوة آنذاك،لأن أضرار هذه الأخطاء لم تكن قد ظهرت لي ولغيري بمثل هذا الظهور,وقد صرح الشيخ في رسالته :"انتقاد عقدي ومنهجي "غير مرة أنني أقصده بعدة فقرات ,ترد عليه غلوه وإسرافه،إذاً فليس ردي عليه الآن فقط ،وإن اختلف الأسلوب رجاء المصلحة آنذاك,والله المستعان.
-2
لم أكن مطلعًا من قبل على أكثر ما كتب الشيخ ربيع؛ وأما الأشرطة: فلا أذكر أني سمعت له من قبل هذه الفتنة شريطًا،بل ولا نصف شريط، فلما وقعت الفتنة؛ تذكرت بأن في بعض المواضع التي قرأتها من كتبه ـ على قلتهاـ ما يرد على كلامه وكلام مقلديه في هذه الأيام، فرجعت لكتبه، فاطلعت عليها، فرأيت ما يصلح من كلامه حجة عليه وعلى أتباعه، ورأيت عدة أخطاء، فسجلت ذلك كله، وعزمت على نصحه في هذه الأخطاء.
ولما لجّ في الخصومة، وشنّع وجدّع، متسترًا بعدة كلمات زل فيها لساني، مع سلامة جناني، فأعلنت توبتي وتراجعي، فادعى أن هذه توبة الزنادقة المراوغين، فأعلنت عدة مرات تراجعي عما جرى على لساني من خطأ -غير مقصود منه النيل من الصحابة رضي الله عنهم- فاستمر في تشنيعه،فطلبت منه المباهلة على ذلك؛فلم يجب ببنت شفة!!
فأخبرني بعض الإخوان أن في أشرطة الشيخ ربيع من الكلام في الصحابة -بل وفيمن هو أفضل منهم، كبعض الأنبياء عليهم السلام-من الخطأ ما هو أشد من ذلك، فطلبت منهم إسماعي ذلك، فلما سمعته؛ تعجبت من هذا الرجل، الذي وقع في أشد مما ينكره، ومع ذلك يبالغ في ظلم خصمه، فيرميه بالرفض، ولئن كان كلامي الذي ينكره -مع تراجعي عنه- رفضًا، فماذا هو قائل في كلامه الذي لا زال مصرًا عليه ؟!!
ثم أطلعني أخوة آخرون على أخطاء أخرى، فرأيت أن تجمع لي أخطاؤه، لنصحه أولاً، فإن أبى؛ فلينشر ذلك، لتحقيق كل أوبعض المصالح السابقة ذكرها قبل قليل،والحق علينا أعز من الشيخ ربيع.
-3
إن الرد على رجل بعينه، قد كثر الفساد بين المسلمين بسبب قواعده وأقواله؛ ليس بدعًا من القول، ولا يكون ذلك إلا بجمع كلامه، ورد بعضه إلى بعض، لتظهر أخطاؤه، أو تناقضاته، والشيخ ربيع قد رد على أناس، وجمع أخطاءهم، ونشر ذلك في الناس، ومنهم المبتدع، ومنهم السني، فأين إنكار هؤلاء المنكرين اليوم الرد على الشيخ ربيع؟!
-4
وأيضًا فإن صاحب الحق إذا كان يرد على المخالفين، دون أن يُعينهم بأسمائهم، فانبرى أحدهم للرد عليه، فوجَّه صاحب الحق سهامه للرد على هذا المنبري بالباطل؛ لا مكروه في ذلك، فشيخ الإسلام كان يرد على أهل الأهواء، ولا يعين أشخاصهم في الغالب، فلما اعتدى عليه البكري والإخنائي وغيرهما؛ خص كلاًّ منهم برد، فهل يقال لشيخ الإسلام : هذا انتصار للنفس؟ لماذا لم تنشر أخطاء البكري والإخنائي قبل اعتدائهما عليك؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.
·
فإن قيل: شيخ الإسلام رد على أهل البدع، أما الشيخ ربيع فهومن أهل السنة، قلت: قد يكون الرد على السني في بعض المواضع، آكد من الرد على بعض أهل البدع، فالسني الذي اخترع قواعد خالف فيها أهل السنة، وغلا فيه أتباعه، وزاد ظلمهم للعباد، وطار شررهم في البلاد، وأشعلوا الفتن بين أبناء الدعوة الواحدة؛ أولى بالرد عليه من مبتدع مغمور غير مشهور، بل ربما كان في الرد على مثل هذا المبتدع ما يقوي من شأنه، وينوِّه بقدره، وقد جمع ابن أبي حاتم أخطاء البخاري في "التاريخ الكبير" وسماها "كتاب بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه" وهو كتاب متداول مشهور، ولم يقل أحد –فيما أعلم -: (لا يُنظر في هذا الكتاب، لأن الباعث عليه حظوظ النفس!!).
وإن الشرالذي جرى بسبب منهج الشيخ ربيع؛قدأثخن في الدعوة، وعمل فيها مالم تعمله أخطاء البخاري في "تاريخه" ولا أظن منصفًا فطنًا مدركًا لذلك يأبى هذا القول.
-5
الرجل الفاضل -فضلاً عمن دونه- إذا أنزل نفسه منـزلة ليست له -ولو بتأويل- وغلا فيه آخرون، فإطلاق عبارات شديدة فيه، للتحذير من أخطائه؛ لا يبعد عن منهج السلف، بل هو منهج جماعة منهم، وانظر ما قاله فيما هو نحو ذلك المعلمي -رحمه الله- في "التنكيل" (1/12-13) ط/مكتبة المعارف.
فكل هذا-ولله الحمد-يرد هذه الشبهة ،التي قد تصدر من رجل صالح ،إلا أنه لم يحط علماً بآثار هذه القواعد المخترعة والذي أظنه بهذا الصنف أنه لو أدرك ذلك,لما تردد في كشف هذا الباطل!!والله أعلم ..
الشبهة الثانية: وقد يقول قائل: إنك تنكر جمع أخطاء المخالف، ونشرها في الناس، فلماذا تفعل ذلك، وأنت تنكره؟.
والجواب: أن الذي أُنكره من ذلك:جمع الأخطاء المندثرة للعالم الذي هو قائم بحجة الله في ثغرة ما، وتُنشر هذه الأخطاء التي قد أُمن على الناس من الوقوع فيها، بنية التشهير وإسقاط هذا العالم، أو أن تكون المفسدة من وراء ذلك أعظم من المصلحة.
أما من قد أصبح كثير من السلفيين بسببه شذر مذر، وشمت بسببه الحاسدون في دعوتنا،ونُزعت هيبة أهل السنة من قلوب أهل البدع بسببه,فهذا شر أعظم من الشر الذي قد يقع من وراء نشر أخطائه- أخطاءه فيما أعلم-فإذا نشرت ، ليرتدع ويتواضع؛ فالمصلحة المرجوة من وراء ذلك أعظم من المفسدة التي قد تقع.
وأيضًا: فأخطاء الشيخ ربيع ليست مندثرة غائبة عن الناس، بل قد تتلمذ عليها كثيرون،ولقد أفسد هذا المنهج كثيرًا، وقد سبق سرد لصفات هذا المنهج وآثاره.
وأيضًا: فالشيخ ربيع -في هذه الأيام- إن وجه سهمًا لأهل البدع -مع غلوه في كثير من الأحيان أيضًا-؛ فإنه يوجه عشرات الأسهم لكثير من طلاب العلم من أهل السنة، فأين هذه الثغرة التي هو قائم عليها الآن؟! نعم، إن له جهودًا مشكورة -في بعض المواضع- فيما قبل، ولا يحملنا ردنا عليه، أن نجحده حقه،ولا يحملنا شكرناله على ذلك؛أن نسكت عن أخطائه الفادحة، فإن الغلو شر، وهو الذي أهلك من كان قبلنا من الأمم، كما في الحديث.
وأيضًا: فأنا لم أبادر بنشرها، حتى أرسلتها إليه أكثر من مرة، كما سبق بيانه، فلما رفض قبولها، ليراجع نفسه بنفسه؛ تعيَّن نشرها لجلب المصالح، ودرء المفاسد، والله هو الذي يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور.
وأيضًا: فأنا - والله- لا أحب لطفل من المسلمين أن تعثر قدمه، فضلاً عن رجل كبير في السن، وله جهود مشكورة-سابقًا- فوالله إنني لأحب للشيخ ربيع الخير في الدنيا والآخرة، وأسأل الله أن يوفقه لإصلاح ما فسد بسببه، حتى لا يحمل وزره ووزر غيره -بعد إقامة الحجة عليه- إلى يوم القيامة، فإن كان كشفي لأخطائه حرصًا على سقوطه -كما هو لهجٌ بالتشكي بذلك- فبماذا يُسَمَّى تشنيعه على بعض أهل السنة قبلي؟ وبماذا تُسمىَّ رسائله، وما يسمونه بـ" المجموع الحسن"!! الذي شحنوه بالتهاويل والتهديد والظلم والافتراء عليّ، وقد طاروا به كل مطار؟ فهل هذا من النصح لعباد الله، أم من السعي في التشويه بالباطل؟.
وكذلك: فلا  عيب في كشف الأخطاء، إذا أُمنت الفتنة، وكانت المصلحة أكبر، كما فعل ابن أبي حاتم في أخطاء البخاري، وكما فعل الخطيب في أخطاء البخاري وغيره، في "موضح أوهام الجمع والتفريق" إذا كان المقصود النصح لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولأئمة المسلمين وعامتهم، والله أعلم.
الشبهة الثالثة: وقد يقول قائل: إن نشر هذه الأخطاء يصدع الصف أكثر وأكثر، ويُشمت الأعداء، ويُفرح أهل البدع، ويجعلهم يحتجون بذلك على أهل السنة.
والجواب: أن المصلحة المرجوة من وراء ذلك -كما سبق تفصيله-، أرجح بكثير -إن شاء الله تعالى- فما هي الفائدة من عدم فرحة أعداء الله -لو سلمنا بذلك جدلاً- مع انتشار هذه القواعد التي أهلكت الحرث والنسل في صفوفنا؟! إن الأعداء إذا فرحوا، في حين أننا نصحح مسيرتنا، ونوقف الغلاة عند حدهم -ما أمكن-؛ فنحن فائزون -بإذن الله عز وجل- وإن أهل السنة لم يتركوا الرد على الخوارج، كي لا يفرح المرجئة، ولم يتركوا الرد على المرجئة، كي لا يفرح الخوارج، وعلى كل حال فلابد من تمييز الخبيث من الطيب ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ﴾، ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾.
·الشبهة الرابعة: وقد يقول قائل: إن الشيخ ربيعًا رجل من الكبار، والكبار يغتفر لهم ما لا يغتفر لمن هو دونهم!!
والجواب:
أننا إن سلمنا بأنه من كبار العلماء ؛فإنما تقولونه في باب إنزال الأحكام والعقوبة على الكبار،لا في باب بيان الخطأ ورده، وتصحيح ما أخطأوا فيه،أو تحذير الناس من اتباعهم عليه، وأيضًا هذا في المسائل التي يكون الأمر فيها راجعًا إلى الاجتهاد، أما هذه المسائل التي سبق وصفها وذكر آثارها: لا يُسكت عنها من أي رجل كائنًا من كان، وبالغًا من العلم ما بلغ.
ثم إن هناك أئمة في السنة قد تكلم فيهم أحمد وغيره لأخطائهم، كما حدث مع يعقوب بن شيبة، وداود بن علي الظاهري، وإسماعيل بن علية؛ وغيرهم، وأين الشيخ ربيع من هؤلاء في علمهم وفضلهم؟!
فإن قيل: إن هؤلاء قالوا مقالات كبيرة، قلت: إذًا فلا تطلقوا القول بأن الكبير يغتفر له مالا يغتفر لغيره، وهذا هو المقصود، ثم إن في كلام الشيخ ربيع مقالات مصادمة لمنهج سلف الأمة ظاهراً وباطناً ، بل ومهلكة للدعوة في بعض الجوانب، كما لا يخفى على منصف مدرك،وكما سيظهر من هذا الكتاب-إن شاء الله تعالى-.
الشبهة الخامسة: وقد يقول قائل مفرط في عدم الإنصاف: إن الشيخ ربيعًا جبل، ولا يفلح من رد عليه!!
والجواب: أن هذا كلام من لم يستأنس بالأدلة، ولم تَزُلْ من قلبه العلة، وإلا فالحق كثير وقوي بنفسه، والواقع اليوم أكبر شاهد -ولله الحمد- فلقد أثخنت الردود العلمية الغلو وحملته، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، والثقة في الله عز وجل أن يرزقني وإخواني المزيد من التأييد في دحض الباطل، وكشف عُواره، والله المستعان، وعليه التكلان، أما من خاصم الشيخ ربيعًا أو غيره بالباطل، فالباطل يخذل أهله، كما جرى لأهل الغلو هذه الأيام، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات،ومقتضى هذه الشبهة:أننا لا نتكلم عل أخطاء العالم مهما عظمت!! فهل يقول هذا سلفي سني؟!! ثم لماذا لا تتمحلون هذا التمحل إلا مع ربيعكم ؟!!
·الشبهة السادسة:قد يقول قائل: لماذا لم تنصح أولاً؟
والجواب من جهتين:
الأولى: أنني -ولله الحمد- أرسلت الأشرطة لنصح الشيخ ربيع، ولكن أغلق دونها بابه، ووضع إصبعه في أذنه، وأهان حملتها، والرسل الذين ذهبوا بها إليه!! فما بقى إلا النشروالبيان.
الثانية: أن الشيخ ربيعًا-ومن جرى مجراه في ذلك - لا يرون أن منهج السلف:وجوب النصح قبل النشر لأخطاء من هو من أهل السنة, بل يرون أن ذلك جائز لمن فعله، وليس بلازم، ومع ذلك فقد عاملتهم بالفضل قبل العدل، فليس لهم أن يطلبوا ذلك مني، لأن مذهبهم بخلاف ذلك، إنما عاملتهم بما أراه حقًا لا بمجرد مذهبهم،والله أعلم.
·الشبهة السابعة:وقد يقول قائل: لماذا لم يتكلم العلماء قبلك في هذه الأخطاء؟ فلو كانت هذه الأمور أخطاءً؛ لعرفها العلماء قبلك!!
والجواب من وجوه:
-1أن هذا كلام من لا يرفع رأسًا بالدليل، وفي هذا من البلاء ماالله به عليم.
-2
أن الصواب في مثل ذلك: أن يُوضع نقدي على ميزان النقد العلمي، فإن وافق الحق؛ نصرناه، وإن خالف الحق؛ رددناه، أما أن يقال: لو كان حقًا، لقاله فلان أو فلان؛ فلا ورب الإنس والجان!!
-3
أن هذه الأخطاء الفاحشة، لو نسبنا إلى العلماء العلم بها، والسكوت عنها؛ لنسبنا إليهم شرًا، ولأسأنا إليهم، ولا أظن عاقلاً يدافع عن الشيخ ربيع، ولو أدى ذلك إلى نسبة الباطل للعلماء!!
-4
أن الكثير من طلاب العلم -فضلاً عن العلماء- لم يقرءوا كتب الشيخ ربيع, كلها أو جلها، ولم يسمعوا كذلك أشرطته، اللهم إلا النادر من ذلك، ومن كان كذلك؛ فلا يُنسب إليه إقرار لما في كل كتب وأشرطة الشيخ ربيع، وإلا كان هذا عين التجني والإفك على العلماء.
-5
العلماء مشغولون بأمور تهم الأمة بأسرها، ويرون ذلك أهم من تتبع هذه الأخطاء، ولكنى أرى أثر هذه الأخطاء وتلكم القواعد على الصف،فاشتغلت بذلك –فترة ما- وكل ميسر لما خلق له، وكل صاحب حق على ثغرة، يدافع فيها عن السنة وأهلها، وإني – والله -لأعد ذلك من الجهاد في سبيل الله عز وجل، كيف لا؟ والغلو لا يُبقي ولا يذر!!
-6
لقد أجاب الشيخ ربيع نفسه عن نحو هذا السؤال، وجوابه على غيره؛لازم له بلا شك!! فقد انتُقد على الشيخ ربيع كلامه في بعض من لم يتكلم فيهم العلماء،مثل سيد قطب فانظر ماذا قال: فقد جاء في شريط "الفرقة الناجية؛ أصولها وعقائدها" (2/أ): (إذا واحد انبرى إلى أهل الباطل، ورد عليهم، بالحجج والبراهين؛ نقول: ما قال فلان، ما قال فلان؟! هذا الكلام غير صحيح، كان السلف ألوفًا، ألوف المحدثين، ينبري أحدهم للرد على أهل البدع، ما قال أحمد بن حنبل: ما قال فلان؟ ما رد فلان...). وذكر أنه قرأ، ووقف على هذه الأخطاء، وغيره ما قرأ، أي فمن علم حجة على من لم يعلم، والمثبت مقدم على النافي، وهكذا موقفي من أخطاء الشيخ ربيع حذو القذة بالقذة، وقد سبق الرد على من فرق -في هذه الحالة التي نحن بصددها- بين من كان الأصل فيه السنة، ومن كان الأصل فيه البدعة، فارجع إليه -إن شئت-.
-7
الشيخ ربيع نفسه طلب في شريط "النقد منهج علمي" وجه) أن تؤخذ كتبه للشيخ سفر والشيخ سلمان من أجل أن تُبيَّين أخطاؤه، فيتوب منها قبل أن يموت،وهذا كلامه: (...الشافعي قال: شوفوا كتبي هذه، لابد فيها شيء خالف كتاب الله، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم شف ،قال: لابد،الشافعي, والله يقول هذا، وأنا أقول: إن كتبي ما فيها أخطاء؟! لابد، بل أنا أؤكد أن فيها أخطاء، قلت: يا فلان، أود أناقشه، قلت: أحب رأسه، والله يا أخي تسرع قبل أن أموت، أن تبين أخطائي، وأنا أرجوكم تسرعوا وتترجّوا سلمان وسفر... كلهم يجمعوا كتبي، ويناقشوها، ويبينوا الحق، حتى أتوب منها قبل أن أموت، ما نغضب من النقد أبدًا، نفرح، والله نفرح، وأنا أحرض كل واحد، وأحرشهم يأخذوا كتبي ويناقشوها، الذي يطلع خطأ؛ أعطيه جائزة،وإن لم أستطع؛ أقول: جزاكم الله خيرًا، وأتوب منها، والله ما نخاف من أحد...).اﻫ
وعلى كل حال، فأرجو أن يكون هذا العمل -الذي يُراد من ورائه تصحيح المسار- قد ادُّخِر لي، وأرجو ثوابه من الله عز وجل، ولا أريد جائزة من الشيخ ربيع!! وقد أثبتت المواقف أن من انتقد الشيخ؛ صبّ عليه جام غضبه، لا كما يقول هنا!! وأنه يصر على الكثير من خطئه، لا كما يدعي هنا!! وأنه يجهر بأن كتبه محكمة، لا كما يصرح بأن فيها أخطاء كثيرة!! فإلى الله المشتكى من تقلب الأحوال، وتناقض الأقوال، والله المستعان.
الشبهة الثامنة: قد يقول قائل: هناك عبارات فيها شيء من الشدة، فلو اجتهدت في التعبير بعبارة لينة؛ فإن ذلك هو الصواب.
والجواب من وجوه:
1 ـ الشيخ ربيع خصم، وكلامي معه على أنه خصم قد تعدى وأساء وظلم، فهل لا يجوز للخصم أن يقول لخصمه: لقد ظلمتني، لقد افتريت عليّ، وقوّلتني مالم أقل؟!
2 ـ وإذا كان الحال كذلك؛ فكيف نوضح للشيخ وللمسلمين مدى إساءته وظلمه لي,ومدى اعتدائه على المنهج السلفي –ولو بحسن نية -؟! أي فلابد من حكاية الحال بكل وضوح، ليرتدع الباغي، ويستيقظ المفرط في الغفلة.
3 ـ أنني أحاول كثيرًا أن ألطِّف عبارتي،والأدلة على ذلك كثيرة،ولو صارحته بحقيقة أحواله، ووصفته بأفعاله؛ لما كنت مخطئًا، لأن الأدلة كثيرة على صدق دعواي، بخلاف ما سلكه الشيخ ربيع معي، فإنه يرميني بأبشع العبارات، وبدون وجه حق، ومع ذلك،فقد عاملته بالفضل قبل العدل، وبعد هذا كله نجد من يتعامل بعاطفة محضة، ويتغافل عن هذا الواقع الذي فاحت رائحة نتنه، فأزكمت أنوف المنصفين!!
4 ـ وعلى كل حال: فأي عبارة جاوزت فيها الحد الشرعي اللازم؛ فأنا متراجع عنها حياً وميتاً،أما العبارة التي تكشف جناية الشيخ على الدعوة وأهلها -وهي حق- فلا أرى ذلك خطأ لمجرد أن الشيخ ربيعًا رجل كبير!! فلا أدين الله عز وجل بعواطف مجردة، لا تقيم حقًا، ولا تزهق باطلاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر -وهو هو-: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، وقال لرجل خطيب: «بئس الخطيب أنت»، وقال لعائشة، لما أشارت بإشارة ما في حق صفية: «لقد قلت كلمة، لو مزجت بماء البحر؛ لمزجته»،...إلى غير ذلك، فأين الشيخ ربيع وأين أنا وملء الأرض من الصحابة الكرام، الذين خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات ؟! وأين كلامي في الشيخ ربيع هذا من قوله: (أخبث وأكذب من هو على وجه الأرض)، أو(أكذب من النصارى، فإن النصارى عندهم شرف، ولو علم النصراني أنه كذب؛فإنه ينتحر، لأن عندهم شرفًا، بخلاف أبي الحسن وأتباعه)، و(أتباع أبي الحسن أضل من جنود فرعون)، و(لو خرج الدجال؛ لركضوا وراءه) و(لو خرج رجل يدعي الألوهية والنبوة؛ لركضوا وراءه)،،(وأبو الحسن أضر من فرعون،فإن فرعون أضر بمصر وحدها، أما أبو الحسن فقد انتشر ضرره في العالم كله )و(أضل من الجهم بن صفوان,وعمرو بن عبيد،وبشر المريسي،وصدام حسين،وأتاتورك)و(أهل شبكة "الإستقامة" ما رأيت أفجر أو أجرم منهم)، إلى غير ذلك مما سبق ذكره من هذا القاموس الربيعي العفن، الذي أمات به سننًا حسنة، وأحيا به سننًا سيئة، فالله المستعان.
5 ـ الشيخ ربيع  يُحَمِّل كلامي مالا يحتمل، أما أنا فالتمس له العذر ما أمكن، كما سيظهر من خلال هذه المادة -إن شاء الله- فكيف يقال بعد ذلك: العبارة شديدة؟
إن أناسًا يبالغون في طلب اللين من غيرهم، فإذا مسّهم شيء يسير؛ فقدوا صوابهم، وانتقوا عبارات الطعن والوخز!! وإني لأحمد الله عز وجل الذي ربط علي قلبي، وثبتني في هذه المحنة، ووفقني للقيام بالأصول والقواعد التي كنت أدعو الناس إليها قبل هذه المحنة، والعبرة بالشدائد والمحن، والله أعلم.
الشبهة التاسعة: قد يقول قائل: الرد على الشيخ ربيع؛ دفاع عن أهل البدع، لأنه يرد عليهم، فالرد عليه؛ نصرة لهم؟!
والجواب: أن هذا قول من لم يعرف طريقة السلف، فقد سبق ذكر موقف ابن أبي حاتم من أوهام البخاري في "تاريخه"،ومعلوم موقف مسلم في مقدمة "صحيحه" ورده على من اشترط اللقاء في الصحة، وقد رد السلف بعضهم على بعض، فقد رد الشافعي على شيخه مالك، ونحن نؤيد كلام الشيخ في أهل البدع -ما دام محقًا- ونناصره على ذلك، لكن نرد عليه أخطاءه وتجاوزاته، كما يُنْكر عليه تبديعه لأهل السنة!!واعلم أن هذا أسلوب قد اتخذه الشيخ ربيع ومقلدوه لصد الناس عن بيان أخطائهم، فجعلوا أنفسهم السنة والسنة إياهم، فمن تكلم فيهم ولو بحق: اتُّهم بأنه يطعن في السنة وأهلها، فيخاف أن يقدم على ذلك من لا بصيرة له، أو من له بصيرة، ولكنه واهي العزم، والله عز وجل يقول: ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، ويقول سبحانه: ( وما يضرونك من شئ ) ويقول جل وعلا: ( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً ) .
فلا تغتر يا صاحب الحق بهذه الأراجيف، فقد كان نعيم بن حماد الخزاعي يرد على أهل البدع، ولم يسكت السلف عن أخطائه، وقد كان أبو إسماعيل الهروي شجي في حلوق أهل البدع، ووخزه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والذهبي بوخزات وطعنات، لقوله في الفناء، ومخالفته لمنهج السلف في ذلك، وكتب الجرح والتعديل طافحة بمس بعض الأئمة،أو الثقات،أو العبّاد، أو المجاهدين بضروب من الطعن،لكن بعلمٍ وتجرد،غير أن المقلدة لا يعرفون من كتب الجرح والتعديل، إلا جزئيات ونتفًا من كلام الأئمة الذي يمِّوهون به على العامة وأشباههم ممن قد ينتسب لشيء من العلم، فيضيعونها في غير موضعها !!
الشبهة العاشرة: وقد يقول قائل: أنت تقول: (نصحح ولا نهدم)، فما بالك تهدم مخالفك من أهل السنة؟!
والجواب: أن قولي: (نصحح ولا نهدم)، قد سبق تفصيلي له في أكثر من موضع،بل صنفت فيه كتابًا سميته "القول المفحم لمن أنكر مقالة نصحح ولا نهدم" وخلاصة ذلك: أن السني إذا وقع في أخطاء، مثلها يقع فيها السني، ولا تخرجه من دائرة أهل السنة، لبقائه على أصول أهل السنة؛ فنحن نصحح خطأه بالنصح، فإن أبى؛ حذرنا من خطئه أو منه في ذلك الموضع بعينه -إن كانت المصلحة أرجح في ذلك- ولا نهدم الخير الباقي عنده،بإطلاق التحذير منه، والتنفير عنه!!
فلم يكن قولي هذا معناه: أننا لا نبين أخطاء من كان سنيًا على وجه الإطلاق، وأنتم تعدون بياني لأخطاء الشيخ ربيع، وتوضيحي لظلمه الأبرياء، وكشف مخالفاته لمنهج السلف؛ من الهدم!! فماذا عليّ إذا ساء قصد بعضكم،وساء فهم كثير منكم؟!
ثم إنني كيف أكون هادمًا للشيخ، وأنا أقول: هو من أهل السنة، لكني لا أعطيه فوق قدره؟ وأقول: إن للشيخ جهودًا لا ننساها، ولا زلنا نؤيده ونناصره عليها، بل لو تركها؛ ما تركناها -إن شاء الله تعالى- وأسأل الله الثبات لي وللمسلمين.
وكيف أكون هادمًا للشيخ ومن جرى مجراه، وأنا أقول: قال صاحب الفضيلة، قال الشيخ سدده الله، ووفقه الله، وأصلحه الله...الخ، وهو يجاهر بتبديعي وزندقتي، ويحكم بأنني أخبث من اليهود والنصارى؟!!
وكيف أكون هادمًا لهؤلاء المقلدة، وهم يبدعونني، بل ويكفرني بعضهم، ويسكت عن ذلك آخرون، وأنا أحكم بأنهم من أهل السنة، لكنهم جهلة بمسائل الأحكام على الناس، ويحكمون بهجري، ولا أجيز-حتى الآن- هجرهم؟.
فبعد هذا كله أكون هادمًا لهم؟ أما هم فأهل الخير والفضل ؟‍‍!!
             وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا!!

الشبهة الحادية عشر: قد يقول قائل: إن الشيخ الألباني قال في الشيخ ربيع: (حامل لواء الجرح والتعديل في هذا العصر) فكيف تكون عنده هذه الأخطاء؟!.
والجواب من وجوه:
1 ـ أن الشيخ الألباني لم يقرأ كل كتبه، وقد سبق أن من علم حجة على من لم يعلم، والمثبت مقدم على النافي،ولما أُطْلع الشيخ الألباني – رحمه الله – على بعض انتقادات الشيخ ربيع – دون أن يُخبر باسمه – قال : هذا كلام رجل سطحي أو لا يفهم !!
2 ـ أن هذه الكلمة ليس معناها أن الشيخ ربيعًا معصوم، فلا يرد قوله ،بل يقبل مطلقاً!!
3 ـ أن الشيخ الألباني نفسه لم يدع لنفسه العصمة، فكيف يدعيها لغيره؟.
4 ـ الحي لا تُؤمن عليه الفتنة، وقد رأينا مالم يره شيخنا الألباني -رحمة الله عليه- ولا أظنه يقف على ذلك؛ ويبقى على هذه الكلمة!!
5 ـ العبرة بالدليل، فإذا نظر منصف في هذه الأخطاء؛ علم أن الشيخ ربيعًا ليس كذلك، واجتهاد الشيخ الألباني ليس نصًا، أو من وحي السماء، وكم مُدح بعض الرواة، بل وذكره بعضهم بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو ليس كذلك، وما أمر محمد بن إسحاق بن بسار صاحب المغازي عنا ببعيد.
6 ـ إذا سلمنا بأن هذه أخطاء فاضحة عند الشيخ ربيع ؛فكيف لا ندينه بذلك ،مستدلين بمقالة الشيخ الألباني –رحمه الله-؟!أليس الحق أحق أن يتبع ؟!وبهذا يظهر أنه لا متعلق في هذه الكلمة للشيخ ربيع وأتباعه ,والله أعلم.
إن هذا صنيع المفلس ، الذي يريد أن يغطي انحرافاته عن منهج السنة وعلمائها بقوله : لقد زكاني فلان ، لقد أثنى عليّ فلان، لقد قدّم لب فلان ، وقرّظ كتبي!!إن هذه التعلقات لا تخفي رائحة النتن التي فاحت من هذا المنهج المنحرف !!
الشبهة الثانية عشرة: قد يقول قائل: الشيخ ربيع وقع فيما وقع فيه للغيرة على السنة، وليس من باب الغلو!!.
والجواب: أن الغيرة مقيدة بالاتباع، وليس كل من كان غيورًا، فله أن يظلم ويبطش!!، فمن الغيرة ما هو مقبول، ومنها ما هو غير مقبول، وانظر ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية، في غيرة بعض الصحابة -رضي الله عنهم- عندما بال أعرابي في المسجد، وإنكار رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، انظر "مجموع الفتاوى" المجلد العاشر.
وأحكام الشيخ ربيع على كثير من مخالفيه؛ منشؤها الغلو، والقواعد البعيدة عن سواء الصراط، وقد كانت سببًا في الصد عن سبيل الله كثيرا، ولو فتحنا هذا الباب، وادعينا أن هذه غيرة؛ فلا ننكر عل الخوارج لغيرتهم واجتهادهم!! فهناك فرق بين بيان الخطأ، والرد على من قال به، وبين رمي المخطئ بما ليس فيه، أو عقوبته على الخطأ دون استيفاء الشروط، وانتفاء الموانع.
وأيضًا: فهل كان الشيخ ابن باز والعثيمين والألباني وغيرهم من هيئة كبار العلماء,ولجنة الإفتاء بالمملكة يفعلون هذه الأفاعيل، ويطلقون هذه العبارات؟. الجواب: لا، فهل ما يوجد عندهم غيرة؟، سبحانك هذا بهتان عظيم،وهل الغيرة لا تكون إلا باقذع العبارات ،وأبشع الكلمات ؟!وهل الغيرة لا تكون إلا بتنكب الصراط,وتتبع العثرات؟!

الشبهة الثالثة عشرة: قد يقول قائل: لا يُقبل منك ذكر الأخطاء، لأنك خصم للشيخ ربيع!!
والجواب: إذا لم أقم دليلاً على صحة كلامي من كتبه وأشرطته؛ فلا تقبل كلامي، أما إذا كنت أنقل لك كلامه من كتبه، وأوثِّق ذلك باسم الكتاب، والصفحة، والطبعة، وأنقل لك كلامه بصوته من الشريط، وأذكر لك اسم الشريط، ورقمه، ورقم الوجه الذي فيه كلامه؛ فهل يدفع هذا منصف؟.
ثم لماذا تقبل طعن الشيخ ربيع فيّ -ولو بدون بينة- أليس خصمًا لي؟ أم أنها المكاييل المضطربة، والأصول المتناقضة؟!
ولو فتحنا هذا الباب: لصح قول المخالفين: إن ما قاله الشيخ ربيع في سيد قطب غير مقبول، لأنه ظالم له، باغٍ عليه!! – وإن كان من كلامه ما هو مقبول ، ومنه ما هو مردود - وهكذا فالجهل يردي أهله، والهوى يُعمي ويُصم،والله تعالى أعلم.
هذا ما استحضرته من الشبهات التي يمكن أن يتكلم بها بعض الناس، وهذا جوابي عنها، فإن أصبت؛ فمن توفيق الله عزوجل ليّ ، وإن أخطأت؛ فمن نفسي والشيطان، وحسبي الله ونعم الوكيل.
وهذا أوان الشروع في المقصود، فأقول -وبالله تعالى أتأيد، ومنه أستمد العون والتوفيق-:
اعلم أن كثيراً من  أخطاء الشيخ ربيع؛أخطاء مستقبحة في حق طالب علم رفع رأسه بالدعوة إلى الله,فكيف إذا صدرت ممن يفاخر أو يُدَّعى له بأنه حامل لواء الجرح والتعديل ؟!! إن هذه الأخطاء لتجعلنا نعيد النظر في هذا الخيال الكاذب المنسوج حول هذا الرجل ،وأن نـنـزله منـزلته،فالإفراط والتفريط ليس من منهج النبوة في شيء،وهذه الأخطاء قد قسمتهاعلى أصناف، فمنها:
- 1
أخطاء تتصل بالعقيدة.
- 2
فتاوى غريبة وعجيبة، خالف فيها علماء السنة المعاصرين.
- 3
أقواله في أهل العلم المعاصرين.
-4
تناقضات، واضطرابات في بعض الأصول.
-5
تهاويل ومبالغات في الجرح والتعديل.
-6
التهييج على كثير من حكام هذا الزمان.
(تنبيه) :سوف أنقل كلام الشيخ ربيع من الشريطما استطعت إن شاء الله تعالى ـ بنص كلامه ،وإن كان فيه لحن من جهة اللغة ،وبعض كلامه لا يكون ظاهراً ،فإما أن أترك مكاناً خالياً بين هلالين هكذا(....)وإما أن أجتهد في الكلمة التي تناسب السياق ،فأضعها أيضاًبين قوسين هكذا"..."،ولا يكون ذلك في موضع الشاهد,فتأمل..

أولاً: الأخطاء التي تتصل بالعقيدة:
إن للشيخ ربيع كلاماً يدل على أنه لم يتقن كلام أهل السنة في عدة مواضع , أو أن الرجل يجازف فيتكلم بما لم يتقنه حال الجواب، وإن كان في الجملة يعتقد المعتقد الصحيح،وإن الواقف على مثل هذه الكلمات ؛ ليتعجب كيف لم تظهر هذه الطامات من قبل ؟!! ولكن لو نظرنا إلى أن العلماء لم يهتموا بكتبه وأشرطته , وأن كثيراً من مخالفيه لم يُوافقوا لذلك ؛ علمنا السبب الذي جعل هذه الأخطاء باقية حتى الآن , وإن أخطاء الشيخ ربيع،لو اعتنى أحد بجمعها من أشرطته؛ لوقف على شطحات مخزية,ولقد كنت أسمع ماقبل موضع الشاهد من الشريط ومابعده , حتى أعرف سياق الكلام ؛ فأقف – في هذه الحالة – على أخطاء أشنع من التي ذُكرَِتْ عنه!! وهذا يدل على أن المجال مفتوح لمن يحب أن يسعى في كسر شوكة الغلو والغلاة ,ولو اعتنى طالب في الدراسات العليا بذلك ؛ لأخرج رسالة دكتوراة , يكشف فيها تناقضات الشيخ ربيع, ولعل في ذلك فائدة؛ليعرف المقلدة العميان أنهم لم يوفقوا فيما ذهبوا إليه , من إعطائهم للشيخ ربيع منـزلة أكبر من حجمه !! إلا أنه يُعكر على ذلك قلة البركة العلمية من هذه الأشرطة، والله أعلم.

وإني لأعلم أن بعض الطيبين مايعجبه مثل هذا الوضوح , ولكن متى كانت العواطف البعيدة عن الأدلة والواقع , والتي لايدرك أهلها أثر الغلو الموجود على دعوتنا؛ متى كانت هذه العواطف تزهق الباطل ؟!! إن الموفق من يدرك حقيقة الفتنة , ويتعامل معها بالشرع , لا بالعواطف والمجاملات .
وهذه بدايةالأخطاء في العقيدة:
(أ)- أقوال الشيخ ربيع في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصفهم بكلام سيئ قبيح !!
سبق أن قد أعلن الشيخ ربيع توبته من قوله في خالد بن الوليد -رضي الله عنه-: (...كان يلخبط)، ومن قوله في سمرة بن جندب -رضي الله عنه-: (عمل حيلة تشبه حيلة اليهود) وقد شكرنا له ذلك، ولا يراد ممن أخطأ أكثر من توبته من الخطأ، إلا أن الشيخ ربيعاً ما يريد إلا أسلوبه الخاص ، وقوالبه المحدثة ، وإلا فمن خالفه مراوغ كذاب . 
 والمقصود هنا: أنه لا يتعامل بالشرع مع مخالفيه، مع أن مخالفيه -في كثير من الأحيان- يتعاملون معه بالشرع، ومع كونه قد تراجع عن الكلمتين السابقتين ؛ إلا أن هناك كلمات أخرى عُرضت على الشيخ،وهي من كلامه في بعض الصحابة، ونبي الله سليمان عليه السلام،ولم يتراجع عنها، بل وبعضها كان سبباً في أن صب جام غضبه على ذاك الناصح، وكال له من التهم ما الله به عليم، فقد عُدَّ سبابه وشتائمه لذاك الناصح في الحلقة الأولى من رسالته الأولى التي أسماها بـ : "الكر على الخيانة والمكر" بنحو سبعين سبة، وفي الحلقة الثانية، بنحو أربعين سبة!!!فهذه مائة سبة وزيادة في أوراق قليلة ، ومع ذلك يُنكر على مخالفه،عندما تكلم على المخالفين من مقلدته !!! يا سبحان الله ها أنت تسب ناصحك -بحق- ومن أظهر لك النصيحة في ثوب الاحترام، إلا أن جريمته الشنيعة عندك:أنه صرح بأخطائك، مع أنه قد شكر لك جهودك، أما أنا فقد تكلمت بما لا يبلغ عشر معشار كلامك في هاتين الحلقتين، في أناس لم يُعرفوا إلا بالفتن، وليس لهم قدم صدق، ولا حسن بلاء، ولا يد بيضاء في الدعوة إلى الله تعالى، لكن التحزّب له في أهله شئون، والله المستعان.
فأين ما سبق نقله عن الشيخ ربيع :في كونه يفرح بالنقد؟ وأنه سيعطي جائزة لمن بيَّن له أخطاءه ؟!نعم لقد جازى أخانا الذي كشف بعض أخطائه بأقذع العبارات ،التي تنبئ عن أمر خطير ،وكما قيل:
           ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تُعْلَم ..
ومن هذه الكلمات-في حق الصحابة- التي لا زالت في ذمة الشيخ ربيع، ولم تبرأ منها ساحته، إلا بتوبة نصوح:
1 ـ قوله في شريط "الشباب ومشكلاته" (ب) في سياق ذم الاشتغال بالسياسة ,واستهجان قول من غلا في فقه الواقع-وهذا حق في الجملة-إلا أنه أساء وظلم ,فقال: (...ورأينا القذف والطعن والإشاعات والتهويش... إلى آخره، شيء رهيب، ما عرفوا ليه؟ قال: دخلنا في السياسة، هذه هي نهايتها، نحن في البداية الآن، كيف النهاية؟ نحن والله في البداية يا إخوتاه،اقرءوا المنار عند تفسير قول الله تبارك وتعالى ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوابه وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، والله كان صحابة فقهاء، في أمور السياسة ما ينجحون، ما يستطيعون يستنبطون، في الإذاعة والإشاعة يقعون في فتنة، قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة، فتنة، ليش؟ ما هم مثل أبي بكر، مثل عمر، مثل علي، هؤلاء وقعوا...).اﻫ
ومع أن هذا الكلام واضح في أن الشيخ ربيعًا يريد أن يذم الجماعات المولعة بالسياسة، ويريد أن يستدل بوجود صحابة كانوا فقهاء في الشريعة، ولهم مكانة رفيعة، إلا أنهم ما كانوا يحسنون باب السياسة، ولا ينجحون فيه، واستدل بقصة الإفك على قوله هذا، وخلاصة ذلك ـ عنده ـ أن تعلم السياسة، لو كان لازمًا؛ لعيب على من لم يتعلمها من الصحابة،ولو تعلمها الصحابة ؛لما وقعوا في فتنة الإفك!!! وهذا حاصل كلامه، وفيه ما فيه ، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
وعلى كل حال: فلا يقول عاقل: إن الصحابة جميعًا كانوا على درجة واحدة في تدبير أمور السياسة، أو قيادة الجيوش، بل وليسوا على درجة سواء في الفقه في الدين، أو الشجاعة، أو الكرم، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان.
لكن السؤال الذي أوجهه للشيخ ربيع ,ويلزمه أن يجيب عنه ,هو: هل الذين تكلموا في حادثة الإفك من الصحابة؛ كانوا من فقهاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقال: (والله، كان صحابة فقهاء، في السياسة ما ينجحون)؟! سمِّ لنا أيها الشيخ واحدًا من فقهاء الشريعة من الصحابة، ومع ذلك طاح في الإذاعة والإشاعة -كما هو لفظ كلامك-!!!
وأيضًا: فهل هذا التعبير منك فيه غض من مكانة هؤلاء الفقهاء -كما تدعي- أم لا؟!
فأين جلاوزة "شبكة سحاب" والجلادون الجزارون من هذه الكلمات؟ بل وأين قواعدك وأصولك التي ترمي بها السني الذي امتلأ قلبه حبًا للصحابة، ورسخت قدمه -بفضل الله- في الدفاع عن منهجهم؛ بأنه رافضي خبيث؟!
واعلم -أخي المسلم- أن الشيخ قد شنَّع على من أنكر عليه بهذه الكلمات، وحاول -عبثًا- التخلص من ذلك، وادعى أن ذاك الأخ الذي نشر بعض أخطائه من قبل , قد حرّف كلامه، ليظهر الشيخ وكلامه في صورة سيئة!! واتهم الناصح له بأنه قد فصَل في كلام الشيخ، وهو متصل!!! كذا يدعي، والشريط هو الحكم، والجعجعة لا تغطي ضوء الشمس!! ولقد رجعت إلى الشريط الذي أحال إليه الأخ،فوجدت فاصلاً واضحًا، وسكتة واضحة، بين قول الشيخ: )والله كان صحابة فقهاء) وبين قوله: (في أمور السياسة ما ينجحون)، وهذا دليل قوي على أمانة الناصح، ولكنهم لا يحبون الناصحين -إلا من رحم ربك-!!
وأيضًا: فالشيخ يقول: إن قولي: (في أمور السياسة) جار ومجرور متعلق بقولي: (فقهاء)، والكاتب -أي الناصح له- جعله متعلقًا بقول الشيخ: (ما ينجحون) وعدّ الشيخ هذا من التحريف للكلم عن مواضعه، والشريط حَكَمٌ كما سبق، وسأنقل العبارة مرة أخرى، ونريد من أي عربي أو غيره يعرف قواعد اللغة العربية، ويعرف السياق والسباق واللحاق، أن يدلي بدلوه، فهذا نص كلامه: (والله كان صحابة فقهاء، في أمور السياسة ما ينجحون، ما يستطيعون يستنبطون، في الإذاعة والإشاعة يقعون في فتنة، قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة، فتنة، ليش؟ ما هم مثل أبي بكر، مثل عمر، مثل علي، هؤلاء وقعوا...).اﻫ
فهذا سياق ظاهر جلي في صحة ما ذهب إليه الناصح، ولو أردنا أن نفهم هذا الكلام بفهم الشيخ ربيع؛ فسيكون التناقض، وعدم انسجام المعاني، وستظهر مخالفة السياق، وذلك أننا لو أخذنا بتأويل الشيخ ربيع، وتقديره للكلام؛ فسيكون الكلام هكذا: (والله، كان صحابة فقهاء في أمور السياسة، ما يستطيعون يستنبطون، في الإذاعة والإشاعة يقعون في فتنة...)الخ.
ووجه نقض هذا التقدير بأمور:
- 1
إذا كانوا فقهاء في أمور السياسة؛ فلماذا طاحوا -كما هو تعبيرك- في الإذاعة والإشاعة -وهذا من أمور السياسة-؟!
-2
وإذا كانوا فقهاء في السياسة؛ فما هو وجه عدم مثليتهم بأبي بكر وعمر وعلي تجاه الفتنة والاشاعات ؟!!
-3
وإذا كانوا فقهاء في السياسة؛ فما هو المقصود بعدم نجاحهم؟ هل لم ينجحوا في حفظ القرآن والتأويل، وحفظ الحديث، ومعرفة الأحكام؟! وهل السياق يشهد لهذا؟!فإنك تستدل بهذا على ذم من يهون من شأن العلم والفقه في الدين , ويحث الناس على أن يخوضوا بحور السياسة , فكيف يشهد هذا السياق لتأويلك الذي تدعيه ؟!!
-4
وإذا كانوا فقهاء في السياسة؛ فما معنى قولك: (ما يستطيعون يستنبطون)؟ وتعقيبك بعد ذلك بقولك: (في الإذاعة والإشاعة يقعون في فتنة...)الخ؟!!
- 5
ولو كانوا فقهاء في السياسة، ووقعوا مع من وقع في الفتنة -كما هو تعبيرك- فأين فقههم بالسياسة إذًا؟!وقد سبق نحوه في الأمر الأول .
 -6
وهل سياق كلامك يشهد لهذا؟! إنك تريد أن ترد على المولعين بالسياسة، بإثبات أن من الصحابة من لم ينجح في السياسة، ومع ذلك فلم يخرجهم عن كونهم صحابة كراماً-رضي الله عنهم-، وقد تاب الله على من أخطأ في هذه الفتنة من الصادقين الأتقياء، على أنني أطالبك بالدليل على أن من وقع في الكلام في أم المؤمنين -رضي الله عنها- كانوا من الفقهاء المعروفين بأنهم فقهاء في الصحابة!!فإن عجزت؛فاتق الله ,واعترف بخطئك !!
 - 7
ومحاولة الشيخ -في هذا الموضع- بأنه لم يقل: إن الصحابة ما ينجحون في السياسة؛ محاولة فاشلة: لما سبق,ولقوله في شريط آخر، باسم "العلم والدفاع عن الشيخ جميل" (ب): (كان عبدالله وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وابن مسعود,وغيرهم وغيرهم، من فقهاء الصحابة وعلمائهم؛ ما يصلحون للسياسة، معاوية ما هو عالم،لكن والله يملأ الدنيا سياسة، ويصلح أن يحكم الدنيا كلها،يصلح لهذا، وأثبت جدارته وكفاءته ...)الخ.
ولا شك أن هذا الحكم من الشيخ موضع نظر، فهل تولى أحد من هؤلاء الصحابة الذين ذكرهم -رضي الله عنهم- إمارة ولم يصلح، أو لم ينجح؟! فليثبت لنا الشيخ ذلك، وإلا فالشيخ يقابل الغلو بغلو أو جفاء، فيريد أن يرد على غلاة السياسة التي يسمونها باسم الإسلام، فيقع في وصف فقهاء وعلماء الصحابة، أو الكثير منهم، بأنهم لا ينجحون في السياسة، أو ما يصلحون للسياسة، وهذا فرع عن نص شرعي بذلك ، أو تجربة عملية لهؤلاء الصحابة،وقد ثبت فشلهم فيها، وهيهات!!!أما كونهم لم يُذكروا بشيء من ذلك نفياً أو إثباتاً؛فلا يسوِّغ هذا الحكم عليهم وعلى غيرهم من علماء الصحابة بهذا الحكم الجائر !!
نعم، الصحابة ليسوا سواء في إدارة هذه الأمور، لكن دعوى الشيخ العريضة؛ تجعله في موضع اعتراض عليه، حتى يأتي بالمخرج، أو يعلن تراجعه عن الدعوات العريضة، التي ما سلم من بلائها حتى الصحابة -رضي الله عنهم-.
إذًا فهذا النص المستقل يؤكد ما ذهب إليه ذلك الأخ الناصح ، ويهدم -مع ما سبق من أدلة- محاولة الشيخ اليائسة في تبرير كلامه، فما بقى إلا الاعتراف بالخطأ، أو اللجاجة في الخصومة، وعقول الشرفاء النبلاء لا تصادرها صيحة وشتائم الشيخ ربيع -وفقنا الله وإياه للتواضع- وبهذا التقرير يظهر من الذي يحرف الكلم عن مواضعه !!! والله أعلم وأحكم.
( تنبيه ) : إن الشيخ ربيعاً يستدل بكلام –لو صح-فهو دليل عليه لا له ،وذلك أنه يرد على الإخوان المسلمين ,ومن كان على شاكلتهم في الغلو في السياسة , حثهم أتباعهم على معرفة الواقع المعاصر ، والسياسة المعاصرة ، والغلو في ذلك ,فاستدل بأن من الصحابة فقهاء، ما يعرفون السياسة،ولو سكت عند هذا؛لهان الخطب ،لكن قال:"ما ينجحون في السياسة ،ما يستطيعون يستنبطون ،في الإذاعة والإشاعة يقعون في فتنة ،قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة ....الخ" وفي هذا حجة عليه للإخوان المسلمين ،فإن لهم أن يقولوا بناء على ما ذكره الشيخ – وهو دليل فاسد منه - :هذا دليل لنا لا علينا ،فهذا الفقه وحده عند هؤلاء الصحابة ؛لم يحمهم ولم يحفظهم من الوقوع في الفتنة ،وهذا هو الذي يجعلنا نؤكد على أبنائنا تعلم السياسة ،فهذه الواقعة ـ بناءً على كلام الشيخ ـ دليل على ضرورة تعلم السياسة ،حتى ننتفع بالفقه ،ونسلم من الفتن ،فإن الفقه وحده لا يكفي,فإن كان الفقه وحده لم ينج الصحابة الكرام من الوقوع في الفتن , وهم هم في الدين والورع , فما ظنك بغيرهم؟!!وإذا كان ذلك كذلك؛ فالشيخ لم يحسن الاستدلال, ولم يحسن دفع شبهة الخصم ، فجمع بين عدة أخطاء :فلا سلم منه الصحابة ،ولا صدق في حكاية الواقع , حيث ادعى أن الذين تكلموا في عائشة كانوا فقهاء ، ولا دفع شبهة الإخوان المسلمين ،بل استدل لهم على نفسه !! وهذا جزاء الغلو والغلاة, ولن يدافع عن الدين إلا أهل الاعتدال ،فلا تغتر أيها الطالب بمن يوهم الناس بالغيرة ،وهي في غير موضعها ،والله المستعان.
)
تنبيه آخر) : لقد شنع الشيخ ربيع – ومن وراءه – عليَّ عندما قلت في حادثة الإفك : "لقد زلق حسان بن ثابت في ذلك " وعد ذلك الشيخ ربيع من سب الصحابة , ومن الرفض والخبث !! وهاهو يقول :" في أمور السياسة ما ينجحون " و" ما يستطيعون يستنبطون " و" في الإذاعة والإشاعة يقعون في فتنة " و" قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة) "و" ....وغيرهم وغيرهم من فقهاء الصحابة ما يصلحون للسياسة" فماذا سيقولون في هذه الكلمات التي جمعت بين القبح , وبين الإفتراء على فقهاء الصحابة ؟!!
                   )كلمة أخرى من الشيخ ربيع في بعض الصحابة (
) 2
قول الشيخ ربيع -وقد سبق بعضه- في شريط "العلم والدفاع عن الشيخ جميل" (ب): كان عبدالله وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وابن مسعود، وغيرهم وغير هم، من فقهاء الصحابة وعلمائهم؛ ما يصلحون للسياسة، معاوية ما هو عالم،..... ويصلح أن يحكم الدنيا كلها، وأثبت جدارته وكفاءته، المغيرة بن شعبة مستعد يلعب بالشعوب على إصبعه دهاءً، ما يدخل في مأزق؛ إلا ويخرج منه، عمرو بن العاص أدهى منه...) اهـ .
ولي على هذه الجملة عدة وقفات واعتراضات:
-1
هذا الإطلاق من الشيخ , لا أعلم من سبقه عليه،عندما عيَّن هؤلاء الصحابة وأبهم غيرهم، وصرح بأنهم لا يصلحون للسياسة؟!
-2
تصريحه بأن معاوية -رضي الله عنه- ليس بعالم؛ قول مردود، ويُطالب الشيخ بدليله، فإن عجز -وهو كذلك- أريناه الدليل على خلاف قوله، فقد جاء في رسالة لأحد إخواننا باسم "فتح البر بالرد على الكر" الحلقة الأولى، الصفحة التاسعة؛ناقلاًعن"الفتح" (7/103-104) برقم (3764-3765) وقد ساق البخاري البخاري سنده إلى ابن أبي مليكة، قال: أوتر معاوية بعد العشاء بركعة، وعنده مولى لابن عباس، فقال: دَعْه؛ فإنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وساق سنده الآخر عن ابن أبي مليكة، قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أوتر إلا بواحدة؟ قال: "إنه فقيه"...).اﻫ
فهذه شهادة من حبر الأمة، وترجمان القرآن، بأن معاوية -رضي الله عنه- فقيه، ومُطَّلٌعِ على سنن خفيت على غيره،وما يكون ذلك إلا باشتغال بالفقه،وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم،فهل نقدم هذه الشهادة على إطلاق الشيخ بأن معاوية ليس بعالم؟ أم نجبن عن ذلك؟! لاشك أننا إن جَبُنّا؛ فقد استبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير، والله المستعان.
وانظر بماذا رد الشيخ على من نصحه بترك هذه الكلمة، فقال في "الكر" ص(9) وما بعدها: (ولم أر من ذكر معاوية من علماء الصحابة، وقولي: ليس بعالم؛ أمر نسبي، إذا قورن بعلماء كبار الصحابة،)أهـ ...
قلت: ويجاب عن ذلك بوجهين:
الأول: في الشريط المذكور جزمت بأن معاوية ليس بعالم، وفي "الكر" تقول: (ولم أر من ذكر معاوية في علماء الصحابة) فغايرت في العبارة، ففي الأولى تجزم، وفي الثانية تقيد ذلك بعلمك أو رؤيتك، وفي هذا نوع تراجع، لكن الاستنكاف له أثره في عدم اعترافك بخطئك !!
الثاني: قولك: (وقولي: ليس بعالم؛ أمر نسبي...الخ)، من الذي يفهم من قولك الأول: (معاوية ما هو عالم) في سياق كلامك على أن هناك فقهاء، لم يصلحوا للسياسة، مع وجود آخرين -ومنهم معاوية- ليسوا بعلماء، وأثبتوا جدارتهم في السياسة، من الذي يفهم من هذا: أن معاوية عالم وفقيه، إلا أنه ليس أفقه الصحابة، أو ليس مساويًا لأفقههم؟!
ثم نحن نناقشك في لفظك الذي تكلمت به، أما قصدك فلا يعلمه إلا الله تعالى، وإن كنا نقبل منك –الآن- ما تدعيه عن قصدك – بخلاف معاملتك لغيرك – إلا أن من تعقب على كلامك السابق ؛ لا إنكار عليه , لظهور كلامك في ذلك !! وهل من أنكر عليك قولك لظاهر كلامك، تكيل له التهم والسباب، لأنك لا تقصد ما فهمه من ظاهر كلامك؟! أم أن هذا رجوع منك للقول بحمل المجمل على المفصل، والمطلق على المقيد، أو ترك ظاهر الكلام السيئ، والعمل بالمقصد الحسن؟! وكم سمعناك تشنِّع على من فعل هذا، وأنت -فيما أعلم- أحوج من انتسب لعلم في هذا العصر، لهذه القاعدة، لأن تهويلاتك لا تكاد تحصى،ولو حوكمت بمقتضاها ؛ لبلغ بك الأمر إلى حال قبيح ، والله أعلم.
- 3
قولك: (المغيرة بن شعبة مستعد يلعب بالشعوب على إصبعه، دهاءً، ما يدخل في مأزق؛ إلا ويخرج منه) هل هذا تعبير تعبر به في حق صحابي جليل؟!(يلعب بالشعوب على إصبعه دهاء)هكذا ياصاحب الفضيلة ؟!! أهذا أسلوب العلماء السابقين واللاحقين؟! إن هذا الكلام يورث الخجل، لو كان هناك إنصاف وتجرد، ثم إن هذا التعبير- لو سلمنا بأن من العلماء من يستعمله ـ فإنه يحتمل المدح والذم، فالدهاء والفطنة تكون للبر وللفاجر، فلماذا لا تعبِّر بتعبير يدل على براءة المغيرة -رضي الله عنه- من المعنى القبيح، فتقول: المغيرة غاية في الدهاء، وقد استعمل ذلك في نصرة دين الله عز وجل، لو قلت هذا أو نحوه؛ لما كان هناك مجال لمتعقب، أما وأنت تصفه بأنه يلعب بالشعوب على إصبعه، لذكائه وفطنته؛ فهذا تعبير قبيح ، ثم تصفه بأنه ما دخل في مأزق إلا وخرج منه، وهنا سؤال: هل يخرج من هذه المآزق بحق، أم بباطل؟ إن كان بباطل؛ فما أسوأ هذا الكلام، وإن كان بحق؛ فلماذا لا تدفع الإيهام واللبس عن كلامك، والذي أعتقده أنك ما قصدت إلا الحسنى، لكن ما هكذا يا سعد تورد الإبل!!
ولو صدرت هذه الكلمات مني أو من غيري الذين تتجرأ عليهم بلا ورع ؛ لما احتملت أنت ولا بقية الجزارين المقلدين لك أدنى عذر لي!! ولكني أعاملكم بما أدين الله به، لا بمكافأتكم بحق أو بباطل،فالواجب عليك أن تحرر هذا اللفظ تحريراً ينبئ عن قصدك الحسن،والله أعلم
 - 4
وقولك في عمرو بن العاص: (...عمرو بن العاص كان أدهى منه –أي من المغيرة-) يقال فيه ما قد قيل في أمر المغيرة وزيادة، لأنك أحلت الكلام إلى أمر معترض عليه بما سبق، والله أعلم.
                     (كلمة أخرى على خالد بن الوليد رضي الله عنه)
-3
ومما يتصل بهذا أيضاً ما جاء في موضع آخر،حيث قال الشيخ في شريط "العلم والدفاع عن الشيخ جميل"وجه (أ) في سياق التقليل من شأن العلم بالسياسة: (خالد يصلح للقيادة، ما يصلح للسياسة، وأحيانًا يلخبط).اﻫ
وقد أعلن الشيخ توبته من قوله: (وأحيانًا يلخبط) فجزاه الله خيرًا على ذلك، لكنه لم يحدد بجلاء موقفه من قوله: (ما يصلح للسياسة)!! بل ظاهر كلامه في رسالته "الكر على الخيانة والمكر" ص(5) أنه لم يتراجع عن ذلك، فإنه ذكر كفاءة -خالد رضي الله- عنه في القيادة، ولم يذكر قدرته على السياسة الشرعية، ثم ذكر تقوى خالد وبذله في سبيل الله-وكل هذا لا خلاف فيه،ولا حاجة له في هذا الموضع- ثم ذكر قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾، ثم قال: (والناس يتفاوتون فيها، وليست السياسة التي هي أعظم مقاييسكم) ثم ذكر أنه لا نقص على خالد، إذا فضل عليه غيره من الصحابة.اﻫ ملخصاً.
المهم، أنه لم يرجع عن قوله هذا، وخالد قائد عسكري مغوار، وهذا لا يكون إلا بكفاءة في سياسة الأمور وتدبيرها، فقد أرسله أبوبكر لردع أعظم جائحة اجتاحت كثيراً من بلاد الإسلام بعد رسول الله صلى الله علية وسلم في ذلك الوقت، وهي حادثة الردة، وتنقل خالد بالجيوش الإسلامية من قبيلة لأخرى، ومن مكان لآخر، وهو يقود جيوش الإسلام، أمام المرتدين وغيرهم، فكيف لا يكون هذا سياسيًا محنكًا موفقًا؟ فلو جمعنا مشاهير السياسة اليوم؛ ما بلغوا في التدبير الموفق ما بلغ خالد، فالله المستعان.
فالسؤال الموجه للشيخ ربيع على ما سبق ذكره من كلماته في حق الصحابة هؤلاء:هل كلامك هذا من باب ذكر الصحابة بالجميل ،والسكوت عن أخطائهم ؟!!
وهل من عاملك بأسلوبك الشنيع فشنع عليك ؛ ستقبل هذا منه ؟!! أم لك حصانة تجعلك فوق النصح ؟!!
(أقوال قبيحة –أيضاً –للشيخ ربيع في بعض الصحابة)
-4ومما سبق انتقاده على الشيخ، إلا أنه لم يُجب عنه,فلم يُبد عذرًا، ولا أعلن تراجعه عنه؛ قوله في كتاب "التعصب الذميم وآثاره" ص(31) ط/دار السلف، وهو يصف ما جرى بين الغلام المهاجري, والغلام الأنصاري -رضي الله عنهما- وقد استنجد كل منهما بقومه، فقال أحدهما: يا للمهاجرين، وقال الآخر: يا للأنصار، فقال الشيخ: (لفظ الأنصار؛ لفظ ممدوح، ولفظ المهاجرين كذلك، وأثنى الله على المهاجرين والأنصار لجميل صنعهم، وكمال أفعالهم، وقوة إيمانهم، لكنها لما استغلت عصبية؛ سماها «صلى الله عليه وسلم دعوة الجاهلية»، فقال: «إنها منتنة» فاللفظ الشريف النبيل إذا استُغل لغرض دنيء؛ يكون ذمًا لقائله، ويدخل هذا اللفظ الإسلامي في إطار آخر، هو إطار الجاهلية «أبدعوى الجاهلية»؟! ماذا قالوا؟ (يا للمهاجرين، يا للأنصار) ولكن ما هو الحافز الدافع إليها؟ التعصب والعنصرية، فالرسول سماها جاهلية، ووصفها بأنها منتنة، ودعا إلى الألفة والمحبة والتناصر على الحق).اﻫ

وهذا أيضًا موجود في شريط بهذا الاسم، وجه (أ)، ولعل الكتاب مفرغ منه، مع شيء من التعديل، إلا أن في الشريط زيادة، وهي: (لكن ما هو الحافز؟ كلمة حق، أُريد بها باطل، الدافع إليها التعصب...).اﻫ
وفي شريط "مرحبًا يا طالب العلم" (ب)وقد أُلْحِقَ به كلام للشيخ ,حيث قال: (الرسول الكريم يحذر يا أخوتاه من التعصب إلى القبائل والعشائر، يا للأنصار وقال واحد: ويا للمهاجرين, الأنصار لفظ شريف، ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, والمهاجرين,كذلك, لكن لما استغلت هاتين اللفظتين في الدعوة إلى الهوى والباطل؛ قال رسول الله :صلى الله عليه وسلم «أبدعوى الجاهلية».؟
فتأمل يا طالب الحق، وتأملوا يا جلاوزة" شبكة سحاب، "كيف أنكر الشيخ ربيع قولي: (زلق حسان بن ثابت -رضي الله عنه- في حادثة الإفك)، أي غلط فيما ثبت عنه من كلامه في أم المؤمنين -رضي الله عنها- وإن كان من الصادقين المنافحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولم يكتف الشيخ بالإنكار عليَّ، بل شنع وجدّع، وعدَّ ذلك رفضًا وخبثًا، وهاهو يقول في صحابيين: (لكنها لما استغلت عصبية)، ويقول: (فاللفظ الشريف إذا استغل لغرض دنيء)، ويقول: (ولكن ما هو الحافز الدافع إليها؟ التعصب والعنصرية)، ويقول:(لكن لما استغلت هاتين اللفظتين في الدعوة إلى الهوى و الباطل..)، وقال: (كلمة حق، أُريد بها باطل)،
فهذه عدة عبارات سيئة ودنيئة حقًا، ولم يتراجع عنها الشيخ، وقد مضى على نشر ذلك -حتى الآن- ستة أشهر،ولم يعلن توبته وخجله من هذه العبارات, فأين الذين يزعمون الغيرة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لقد شنَّعوا عليّ مع تصريحي بتراجعي عن قولي في بعض مسلمة الفتح الجدد:(فيهم غثائية)، وأعلنت بأن هذه عبارة سيئة, أتراجع عنها، وأما حب الصحابة؛فراسخ في قلبي -ولله الحمد- إلا أن أصحاب الغيرة المزيفة -في هذه المواضع- لا يبالون بذلك، لأنهم يغارون على الشيخ ربيع، ولابد أن يظهروا له آيات الولاء، ولو على حساب القواعد الشرعية -علموا ذلك أم لم يعلموا-واستمروا في تشنيعهم عليَّ-بالباطل والإفتراء –زاعمين أن لي عدة مراحل في هذه الكلمة !!وإني لأشهد الله تعالى ,ومن حضرني من الملائكة والمسلمين ,ومن بلغه ذلك :أنني متراجع عن هذه الكلمة ,وأني لم أعد إليها-هي وغيرها من الكلمات التي صدرت مني في حق الصحابة –منذأعلنت تراجعي عن ذلك ,بل وقد طلبت منهم –جميعاً-المباهلة على ذلك ,فانخنسوا,واستمروا في إفكهم,و أهل الباطل لا يسكتهم شيء,ولأنهم إن سلموا بتراجع خصمهم ؛فما يبقي لهم شيء يتكلمون به, والحال أنهم لا بد أن يتكلموا في الأبرياء ,إذالم يخضعوا لهم ,فإلى الله المشتكى.
وعلى كل حال: فالمسلمون ينتظرون مخرجًا شرعياً من الشيخ ربيع من هذه الكلمات ، أوينتظرون صيحة من أصحاب الغيرة المزيفة -هنا-أماالإعتذار من المقلدة بأن الشيخ يحب الصحابة ويدافع عنهم؛ اعتذار غير مسوِّغ له أن يبقى على هذه العبارات أو أكثرها على الأقل، وكذلك فإني أُشهد الله على حبي للصحابة، ودفاعي عنهم، وأنني أحبهم أكثر من والديّ وأولادي، فلماذا كان الإعتذار مقبولاً منه ، ومردودًا على غيره؟! ألم أقل لكم: إن القوم يكيلون بمكاييل مضطربة، ولذلك فقد فضح الله قواعدهم الموتورة المشئومة؟!
(اتهام آخر من الشيخ ربيع لبعض الصحابة)
-5
وأيضا ًفمما يؤخذ على الشيخ من كلامه في الصحابة – رضي الله عنهم – ماجاء في كتاب "أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية" ط/دار المنار، الطبعة الثانية 1413ﻫ ص(133)، وفي سياق الرد على من يدعي أن معاوية -رضي الله عنه- فرّق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، قال الشيخ: (فإذا أساء الظنَّ كل من معاوية وعليٍّ -رضي الله عنهما - بخصمه؛ فليس من هذا المنطلق، ولا من هذا الاصطلاح,الذي لم يكن قد وُجد في عهدهما...) الخ، فهل قوله: (فإذا أساء الظن...)الخ داخل في عموم الحديث الصحيح: «إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا»؟ وانظره في "الصحيحة" (1/42/34) أم هو من باب:أن الصحابة لا يُذكرون إلا بالجميل؟! وهل هذه القواعد تُطبق على خصمكم -وإن جهر بالتراجع- وأما أنتم فقولوا ما شئتم، فقد ضُمنت سلفيتكم، أو ضمن لكم عدم الاعتراض عليكم؟!

وفي ص(134) من الكتاب نفسه ، ذكر أن فرقة عليّ أقرب الطائفتين للحق، وأن طائفة معاوية فيها مجتهدون مخطئون، ثم قال: (انطلقت ألسنة الفريقين باللعن والتكفير، وقد تخلل الطائفتين أهل أغراض وأهواء، مما زادت الفتنة والمواقف إذكاءً).اﻫ
فنريد منك أولاً إثبات التكفير من الصحابة وثقات التابعين لبعضهم البعض!!
إن مذهب الخوارج التكفير بالمعصية، وأنت تتهم الصحابة وخيار التابعين-هنا - بما هو أشد، ألا وهو التكفير للمخالف عن اجتهاد وتأويل!!
وإن كان هذا أيضاً من عمل أهل البدع ,والخوارج وغيرهم.
فإن قلت: إنني لم أقصد أن ذلك وقع من الصحابة وثقات التابعين، إنما أعني وقوعه من المنافقين الذين هم في الصف؛ قلت: لقد أفردتَ هذا الصنف الأخير بقولك: (وقد تخلل الطائفتين أهل أغراض وأهواء، مما زادت الفتنة والمواقف إذكاءً)وسياق الكلام يدل على خلاف ما تدعيه هنا :فقد سبق أن ذكرتَ أن الفتنة العظيمة وملابساتها؛جعلت كلاًّ من الفريقين يعتقد أنه على الحق، وأن الفريق الذي يخاصمه على الباطل، وأنه بسبب هذا الاعتقاد جرت بينهم الحروب الدامية، والقتال المهين في صفين، ثم قلت: (انطلقت ألسنة الفريقين باللعن والتكفير...)الخ.فالسياق يشير إلى أن اللعن والتكفير إنما وقعا من الصحابة وثقات التابعين، لا من المنافقين الذين تخللوا الصفوف، فإن هؤلاء يكيدون للجميع، ولم يكن قتالهم عن اعتقاد أنهم أصحاب حق، إنما كان هذا الاعتقاد عند أهل الدين والعلم والورع من الفريقين،وهذا يشمل من كان في الصفين من الصحابة , ويشمل أيضاً ثقات التابعين الذين قاتلوا مع الفريقين عن تأويل واجتهاد ,وهذا بخلاف أهل الأغراض الذين قاتلوا عن هوى , وأيضاً فدعواك: أنك تقصد المنافقين؛ خروج عن ظاهر السياق، وأنت تنكر صرف الظاهر السيئ بالقصد الحسن، فماذا أنت قائل؟!
ولو سلمنا أن أحد العلماء سبقك بشيء من هذا التعبير، فلا يكن المرء منا حاطب ليل، بل علينا أن ننظر فيما ننقل ونكتب، فعلى كل حال: يلزمك أن تتراجع عن ذلك ,لأن ظاهر كلامك إتهام من شهد هذه الفتنة من الصحابة وخيار التابعين من الفريقين ,بعقيدة سيئة ,وهي أشد من قول الخوارج الذين يكفرون بالمعصية !!والمعلوم عن الصحابة في هذه الفتنة أن كلاًّ منهم كان يعد أخاه المخالف له؛مسلماً متأولاً,وقد صلى علي- رضي الله عنه -على قتلى الفريقين ,فلو كانوا كفاراً ملعونين ؛لما عاملهم معاملة المسلمين !!
وعلى الأقل- إن تسامحنا معك –فيلزمك أن تصلح عبارتك , بما يزيل اللبس , والله أعلم.
 (ب)(كلام للشيخ ربيع في بعض الأنبياء والملائكة – عليهم السلام-!!!)
-1
الشيخ ربيع يصف نبي الله سليمان –عليه السلام -بأنه لا يعرف الواقع، والعصفور عرف الواقع أكثر منه !!
ومما يُلحق بكلمات صدرت من الشيخ ربيع، لها صلة بالعقيدة ولم يتراجع عنها بعد نصحه وتذكيره بذلك:
ما جاء في شريط "العلم والدفاع عن الشيخ جميل الرحمن"وجه (أ) وهو يرد على من يغلو في فقه الواقع، ويجعله ميزاناً ومقياساً، دون النظر إلى العلم بالشريعة، ولقد أجاد الشيخ في ذلك -جزاه الله خيرًا-حيث أنه رد على من بالغ في هذا الأمر,حتى اتهم علماءنا الأعلام بأنهم جهلة بما يحاك لأمة الإسلام , وعلى إثر ذلك ؛فقد زهدوا الشباب في فتاوى العلماء التي تخالف مناهجهم المنحرفة ،بزعم أن هؤلاء العلماء لا يفقهون واقع الأمة !!وأن المفتي لا بد أن يكون
عالماً بالواقع الذي يفتي فيه ,وهذه خطة ماكرة ,يجب مجاهدتها بالحق .
إلا أن الشيخ ربيعاً يعالج الغلو بغلوٍآخر ,أو بجفاء وتفريط ,فقد استدل في رده على هؤلاء بقصة الطير مع نبي الله سليمان - عليه السلام- وقوله: ﴿أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾، فكان من جملة كلامه أن قال: (طير عرف الواقع، ونبي الله ما عرف الواقع، هل يصير الطير أفضل من نبي الله سليمان...)؟ ثم ذكر المتشدقين والمنتفخين بمعرفتهم ما في الجرايد والصحف من أنباء كاذبة،وذلك بخلاف علم الهدهد، فإنه يقين وحق، وأنهم يرفعون من عرف هذه الأخبار، ويسقطون من لم يعرفها، أو من لم يشتغل بها، ثم قال: (نبي الله سليمان يسقط؟ لأن الطير-ماهو إنسان-طير عرف أن هناك دولة، وفيها شرك، وسليمان والله ما يدري؟! والله ما يدري، أن هناك دولة تملكها امرأة، بعْدين يعبدون يسجدون للشمس من دون الله ، وما عنده خبر، وهو نبي الله، عنده الريح، غدوها شهر، ورواحها شهر، وأسرع من هذه الطائرات، وبعْدين يملك الجن والإنس,كلهم تحت خدمته، والله ما يدري، ما يدري سليمان، فهل يا إخوتاه، هل هذا العصفور الذي اكتشف هذه الدولة، بقضها وقضيضها، ودينها وملكها وعقيدتها وتفاصيلها؛ يكون أفضل من نبي الله سليمان؟! يا إخوتاه، والله لأنه هذا هان علينا علم الدين , علم التوحيد, علم السنة؛علم عظيم,والله الذي يعرف عقيدة التوحيد, ويحققها للناس,وينشرها في الناس,ولو ما عرف الأشياء الأخرى ؛يكفيه شرفاً , يكفيه أنه عرف منهج الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - , الذين منهم سليمان , وهو ما كان يعرف الواقع "مثل ماندعي الآن", عرفتم , أنا أقول هذا الكلام صراحة , لأننا عانينا من الواقع هذا , معاناة لايعلمها إلا الله , أصبح والله طاغوتاً ).اﻫ

وفي الشريط نفسه ، وفي الوجه نفسه, قال أيضًا: (شفت، العصفور عرف الواقع أكثرمنه –يعني من سلميان عليه السلام- هل هذا ينقصه؟!).

ففي هذا الموضع صرح الشيخ بقوله: (طير عرف الواقع، ونبي الله ما عرف الواقع) فنفى عن سلميان -عليه السلام- معرفة الواقع، ولعل هذا أشد من نفي فقه الواقع، فالفقه قد يطلق على ما هو أعلى من مجرد المعرفة، فتأمل.
ومن المعلوم أن الشيخ ربيعًا ما قصد نفي معرفة سليمان- عليه السلام - بكل شيء، كما أن المخالفين لنا لا يقصدون بأن علماءنا لا يعرفون كل شيء في الواقع، ومع ذلك فنحن نعيب عليهم هذا الإطلاق في حق العلماء,فكيف نقبل هذا من الشيخ ربيع في حق سليمان,النبي الكريم – عليه السلام-؟!!
وعلى قواعد الشيخ ربيع المنحرفة؛ لا يسلم هو من ذم وطعن-بل ربما اتهم في دينه -، لأنه كان من الممكن أن يتكلم عن علم سليمان -عليه السلام-بواقع المملكة العظيمة التي وهبها الله له, لقوله: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾، إلا أن هناك جزئية في هذه الأرض لم يطلع عليها سليمان، فأطلعه الله عليها بواسطة الهدهد، لوعبَّر بهذا؛لكان قد أظهر -في هذه الجزئية- إجلاله للنبي الكريم سليمان بن داود -عليهما السلام- أما وهو يطلق القول بعدم معرفة سليمان للواقع؟ نعم لقد أظهر أن نبي الله سليمان لا يدري مملكة سبأ, وما فيها من شرك وتفاصيل أخرى، وهذا مما يُوافَُق عليه، لأن سليمان قال بعد ذلك: ﴿قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْكَاذِبِينَ اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾، لكن انظر إلى التعبير السيئ, الذي عبر به الشيخ ,وهو قوله – أيضاً- في الموضع الآخر:(شفت، العصفور عرف الواقع أكثر منه)!! فهل يستجيز مسلم إطلاق هذا التعبير -وإن كان قصده حسناً-؟! وهل كون الهدهد عرف بعض ما في مملكة سبأ,يكون بهذا قد عرف الواقع أكثر من سليمان ؟!!إننا لو جمعنا كل علم الهدهد بالواقع ،هل يكون أكثر من علم سليمان بالواقع ؟!!إن هذه آبدة الأوابد ,لو كان هناك قلوب تغار لله ,لا لفرد لا يملك ضرا ًولا نفعاً,ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً !! فيا تُرى ماذا سيقول الجزارون، والآخذون بسياط أشد من أذناب البقر، يضربون بها جلود وعقائد وأعراض الأبرياء؟!والله لقد عبر الهدهد بعبارة أدق من عبارة الشيخ ربيع!! فإنه ادعى أنه عرف شيئاً لم يعرفه سليمان ،ولا يلزم من هذا أنه أكثر معرفة بالواقع من سليمان في الجملة !!ألا ترى أن التلميذ قد يعرف بعض ما يفوت شيخه من العلوم ,ومع ذلك فليس هو بأعلم منه في الجملة ,ومع أن تعبير الهدهد أدق من تعبير الشيخ ربيع ؛فنحن لا نطلق القول بأن الهدهد أفضل أو أعلم من الشيخ ربيع!! فكيف يستجيز لنفسه أن يقول:(شفت العصفور عرف الواقع أكثر منه ,هل هذا ينقصه ؟)وكيف يستجيز لنفسه أن يقول أيضاً:(طير عرف الواقع ,ونبي الله ما عرف الواقع )؟فإلى الله المشتكى .
فالحمد لله على نعمة التمسك بالسنة ,والحذر من الإفراط والتفريط !! وتأمل كلمته الأخرى:(يكفيه أنه عرف منهج الأنبياء ,عليهم الصلاة والسلام ,ومنهم سليمان ,وهو ما كان يعرف الواقع مثل ما ندعي الآن....) وكأنه يشير بذلك إلى أن الجهل بالواقع المدَّعى من منهج الأنبياء جميعاً!! فالمسألة فيها إفراط وتفريط ,وإلا فأين نحن من قول الله عزوجل: (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين )؟!!
ولقد حاول الشيخ ربيع -كعادته في غير ما موضع- أن يتخلص من هذا الإشكال العضال، ولم يُلهم التوبة والإنابة، ولم يكْف نفسه وغيره العناء، فيتراجع عن هذا اللفظ القبيح، ويتكلم بما يليق بمكانة الأنبياء عليهم السلام، كلا، بل قال:" إن كلامي هذا استفهام إنكاري"!!! وكأنه قال: (وهل سليمان ما يعرف الواقع؟!) فيا سبحان الله، لقد رضينا بأن الكثير من مقلدة الشيخ ربيع، ليس لهم حظ يُذكر من علوم الشريعة،وليس لهم فقه فيما يقفون عليه من نصوص وآثار في موضع النـزاع, لكن أليس منهم كثير ينتسب للعربية؟! فأين كونهم عربًا؟ وأين حفظهم لألفية ابن مالك، وتدريسهم لشروحها؟! أين الاستفهام الإنكاري -يا صاحب الفضيلة- من إنكارك بكل شدة على الغلاة في فقه الواقع، حتى أدى بك الأمر إلى أن تستدل بأن سليمان -عليه السلام- ما عرف الواقع، والعصفور عرف الواقع أكثر منه، ومع ذلك فلم تنقص مكانة سليمان، ولم ترتفع مكانة الطير عن كونه عصفورًا؟! فإذا كان كلامك هذا استفهامًا إنكاريًا- حال استدلالك به - فما معنى الاستدلال بدليل، وأنت تستـنكره؟! وهل يقرك العلماء وطلاب العلم، أو أي عربي - وإن لم يكن له صلة بالعلم - على هذا؟! كيف وأنت تقسم بالله بأن سليمان ما يدري، وتكرر ذلك القسم؟! بل كدت تجعل الجهل بالواقع منهجاً للأنبياء كلهم!!فتباً للغلو ,وسحقاً للإسراف ,وبُعْداً للإجحاف!!!
أما ترى أنني لو فعلتُ هذا معك؛ لقلتَ: هذه مراوغة، هذا لف ودوران، وحشدت الأدلة على حكم من غمز الأنبياء -عليهم السلام- وأسعفك كثير من المقلدة بألفاظ السباب والشتم والوخز والطعن؟! وإني لأعلم أن هذا الحال ما أورثكموه إلا العجز عن مقارعة الحجة بالحجة، والنـزال في ميدان الأدلة، وحلبة البراهين، وقد قلتُ مرة : ن قصر برهانه؛ طال لسانه!!! لكن صدق الله عز وجل القائل: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾.
وفي النهاية :فما هو موقف الشيخ ومقلديه من هذا الإشكال العضال ؟فإما توبة ماحية ,وإما اللجاج والجدال !!!فنستعين-حينذاك- عليهم بالكبير المتعال.
)-2
الشيخ ربيع له كلام فيه نوع استدراك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوْرَدُّ الاحتجاج ببعض أحاديثه!!!)
ذكر الشيخ أيضًا في رسالته المسماة بـ "إعانة أبي الحسن" !!! ص(9) في سياق تعقبه عليّ، وقد استدللت على جواز إجابة الدعوة -لحاجة شرعية- من الحزبي أو المبتدع، فاستدللت بكون النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة يهودية، مع جماعة من أصحابه، فاعترض الشيخ على ذلك الاستدلال قائلاً: (نعم، أجاب النبي صلى الله عليه وسلم دعوتها، لأن الله أباح طعام أهل الكتاب، ثم انظر ماذا عملت اليهودية الخبيثة، وقد يفعل أهل الضلال والبدع بأهل السنة ما هو شر من هذا...).اﻫ ثم ذكر الشيخ تحذير العلماء من مجالسة أهل البدع.
قلت: لقد اعترض أحد طلبة العلم على الشيخ في هذا الكلام، ونشر ذلك في "الانترنت" فرد عليه الشيخ بجواب فيه اضطراب، في رسالته التي أسماها بـ "الكر على الخيانة والمكر" فردّ عليه آخر من طلبة العلم؛ فنظرت في رده الآن؛ فرأيته كافيًا وافيًا، ولذلك فأرى نقل ما كتب الكاتب الأول-حفظه الله- حيث قال: (ماذا يُسمَّى هذا يا شيخنا الكريم؟ هل نسميه ردًا للاحتجاج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح؟ أم نسميه استدراكًا على إمام المرسلين وخيرة الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم؟ أم نسميه طعنًا في فهمه صلى الله عليه وسلم ,ومعرفته بضرر أهل الضلال والزيغ, وخطورة مجالستهم، فهو لم يدرك ما أدركناه, فكان السم جزاءً لزيارته المخالفة للمنهج -وحاشاه-؟ ثلاثة أحلاها مر! وأفضلها حنظل!)أهـ.
واعترض على ذلك الشيخُ بما محصله أن هذا من اتباع المتشابه، وترك المحكم، وأن السلف صرحوا بالتحذير من أهل البدع، وأن الشيخ قدأخذ بالتوجيهات النبوية، والآثار السلفية في ذلك، وأنه لم يَرُدَّ العمل بالحديث، ولا أنه استدرك على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يجوز مخالفة منهج التحذير من أهل البدع بهذه الحادثة من اليهودية الخبيثة, التي لا ينساها المسلمون, وهكذا تكون الدعاوى العريضة المصادمة للأدلة !!
وقد علق صاحب "فتح البر بإبطال الكر" ص(2-3) بجواب سديد،أنقله هنا -مع زيادة مني- ’فقد قال متعقباً على الشيخ: (سبحان الله, بأي شيء أجاب الأستاذ ربيع الآن؟ فأقول للأستاذ ربيع: إما أن يسلِّم بأن ما فعله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حق, أم لا؟!.
فإن كان الأول: فلماذا علق على كلام أبي الحسن بتعليقه السابق؟- أي لماذا يعترض على استدلالي بهذه القصة على موضع النـزاع؟- فعلى هذا يلزم الأستاذ ربيع أن يجيز بهذا الحديث إجابة دعوة مبتدع أو كافر, إذا كان الذي يقبل هذه الدعوة يريد من وراء ذلك تأليف قلب، أو تقليل شر، أو إزالة شبهة, أو نحو ذلك من المقاصد الشرعية-أي بما لا يخالف الشرع- فيلزمه هذا,أو الاستدراك على سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم !!!
وإن كان الثاني: فيلزمه ما قاله الكاتب الأول- جزاه الله خيرًا- وهو رد الحديث الصحيح, ولو أن الأستاذ ربيعًا قبِل هذه الحجة, وأخذ بدلالة الحديث الواضحة الظاهرة، على جواز إجابة دعوة الكافر, ووضع لذلك شروطًا وضوابط شرعية, ولم يطلق المنع؛ لما فهم أحد من ذلك أنه متعقب على رسول الله صلى الله عليه وسلم،أوراد لحديثه أنه صلى الله عليه وسلم, أما وقد استشهد بفعل اليهودية الخبيثة, في مقام إطلاق التحذير من مجالسة أهل البدع الذين يبثون عقائدهم الفاسدة،وذلك منه في مقام الرد على من استدل بالقصة على الجواز –أي مالم يغلب على الظن أن تكون المفسدة أكبر - ثم يخلص بعدم جواز مجالسة المبتدعة على أي وجه كان ,دون النظر للتفاصيل في نوع البدعة والضوابط في ذلك؛ فلا يقف أحد يفهم الكلام العربي على هذا الكلام؛ إلا وفهم منه أحد المحذورات التي ذكرها الكاتب الأول، وهذا إلزام للأستاذ ربيع ,فلابد أن يأتي بمخرج مقبول!!
وقوله: (وقد يفعل أهل الضلال والبدع بأهل السنة...الخ)، ظاهره أنه يجيز المجالسة أحيانًا بالضوابط الشرعية, ويمنعها أحيانًا ,عند تخلف هذه الضوابط, لقوله: (وقد يفعل) فإن كان كذلك؛ فبأي وجه ينكر كلام أبي الحسن, مع التحامل عليه؟!! ثم لماذا يذهب الأستاذ ربيع يمنة ويسرة بكلامه, حتى يكاد يلتبس كلامه على بعض الخاصة, فضلاً عن العامة؟ وإن كان الأستاذ ربيع لا يذهب إلى هذا التفصيل الأصيل- كما صرح هو به بعد ذلك - فيلزمه أيضًا تعطيل العمل بالحديث, واللوازم الأخرى التي ذكرها الكاتب الأول عنه, وإن شتم هو الكاتب, وأوسعه سبًا؛ فلا يضره ذلك, لأن الحق أبلج والباطل لجلج.
                 ألم تر أن الحق تلقاه أبلجا ... وأنك تلقى باطل القول لجلجا

ولقد علق أيضًا الكاتب الثاني صاحب "فتح البر" على قول الشيخ: (أما التحذير من أهل البدع والخيانة؛ فمنهج قرره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ,وسار عليه السلف).اﻫ
فقال: (هذا الكلام حق لا مرية فيه، لكن في المقابل هناك لأهل العلم كلام آخر بجواز زيارة أهل البدع-إذا غلب على الظن أن المصلحة أرجح من المفسدة- بل ونصرتهم والتعاون معهم فيما هو حق يرضى الله سبحانه ونحو ذلك, ولأهل العلم ضوابط وقيود مشهورة في الحالات التي يجوز فيها هذا ,والحالات التي لا يجوز فيها ذلك, فإن كان الأستاذ ربيع يجهل ذلك ؛فلا يجعل ما جهله حجة ملزمة على من عَلمَ ذلك، وكيف يكون حامل لواء الجرح والتعديل ,وهو يجهل هذه القيود؟!! وإن كان الأستاذ يعلم ذلك عن السلف، ولا أظن ذلك يخفى عليه؛ فهو بين أمرين:
الأول: إما أن يعمل بالضوابط الشرعية المعروفة في ذلك, فهذا هو قول أبي الحسن, فلماذا التشنيع على أبي الحسن, وأنت تقول بقوله؟!!
الثاني: وإما أن يعمل به بدون ضوابط، وهذا لم يقل به أحد من السلف ولا الخلف!!
ثم يلزم الأستاذ ربيعًا -الذي يدعي نصرة المنهج السلفي- أن يأخذ بمنهج السلف كله, ويُنْـزل كل قول في محله المناسب بالضوابط الشرعية، لا سيما مع شهرة الأقوال عن السلف في ذلك ,عند توفر الشروط, وانتفاء الموانع؛ فكان الواجب على الأستاذ أن يسعه ما وسعهم, أما أن يأخذ الأستاذ بعض كلامهم, ويترك بعضه؛ فهذه البلية!!
ثم علق الأخ أيضاً على قول الشيخ: (فلا يجوز لمسلم أن يحتج في مواجهة هذا المنهج العظيم بهذه الحادثة من اليهودية الخبيثة، التي لا ينساها المسلمون).أﻫ بقوله: (نعم, بهذا الكلام الواضح منه؛ ظهر جليًا أن الأستاذ لا يرى العمل بهذا الحديث, لأنه- عنده- يخالف منهج السلف، وكيف الجمع بين هذا الكلام، وبين قوله قبل قليل: ليس في كلامي رد للاحتجاج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم-يعني بهذا الحديث-؟!! بل إن في كلام الأستاذ ربيع هذا؛ ما يدل على رده للحديث.. فاللهم سلم).اﻫ
فهذا الكلام من الشيخ يدل على أنه لم ير العمل بهذا الحديث، عندما خالف -ما يفهمه هو من- منهج السلف!! وإلا فلا تعارض بين الحديث، وبين ما يدعيه الشيخ عن السلف، لو وضع كل شيء في موضعه!! وإذا كان كلام الشيخ ليس فيه نوع استدراك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلماذا يقول في "اإعانته"-في هذا المقام-: (ثم انظر ماذا عملت اليهودية الخبيثة!!) أي أنها ما عملت هذا,إلا لما ذهب إليها الرسول صلى الله عليه وسلم!!أي فما كان ينبغي له صلى الله عليه وسلم أن يذهب إليها!!وكان الواجب عليه أن يحذر من مجالسة أهل الضلال , لأنهم يلحقون الضرر بمن جالسهم من أهل الحق!! ألا تجدون – يا أولي الأحلام والنهى -  في هذا نزعة استدراكية؟!
وأما جواب الشيخ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهودية، لأن الله عز وجل أباح طعام أهل الكتاب!! فليس هذا بجواب؛ لأننا نقول له: وهل حرم الله ذبائح وطعام الجماعات الإسلامية من المسلمين؟! فإن كان هذا حلالاً؛ فما معنى جوابك هنا في ردك على استدلالي بذلك على جواز إجابة دعوة المبتدع أو الحزبي-إذا كان في ذلك مصلحة شرعية-؟!
فإذا لم يكن لجوابك هذا معنى هنا؛ فما فائدة إيراده؟! وإذا لم يكن له معنى صحيح في الجواب عليّ، فما بقى إلا عدم رضاك بما فعله الرسول الله صلى الله عليه وسلم ,وهذا فيه نوع من الاستدراك والتعقب، ولو من طرف خفي!! ولو كان هذا القول قد صدر مني ؛ لرأيتك تُسْدي وتُلْحِم في حشد الأدلة,والغوص في النيات والمقاصد ,لتجعل خصمك زنديقاً متهماً في إسلامه!!
ثم إن قولك بعد ذلك في "الكر": (فلا يجوز لمسلم أن يحتج في مواجهة هذا المنهج العظيم, بهذه الحادثة من اليهودية...)الخ دليل على أنك ترى أن هذه الواقعة من النبي صلى الله عليه وسلم معارضة للمنهج، أي أن فعل الرسول هذا، معارض لمنهجه ومنهج السلف!!!وهذا بخلاف نفيك التعقب على رسول الله صلى الله عليه وسلم, أو ردك للعمل بهذا الحديث !! فإلى الله المشتكى.

فأين هؤلاء الذين يباغتون خصومهم ,ويرمونهم بعقائد ومقالات لم تدُرْ بخلَدهم يوماً من الأيام؟ فأين هم من هذه الأخطاء؟!!
ثم إن قولك: (فلا يجوز لمسلم أن يحتج في مواجهة هذا المنهج العظيم بهذه الحادثة من اليهودية الخبيثة...الخ) أمر عجيب!!، فهل نحن نستدل على جواز إجابة دعوة المبتدع -لمصلحة شرعية راجحة - بفعل اليهودية،ووضعها السم في الذراع ؟!! أم بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! لماذا تقلب الحقائق -يا صاحب الفضيلة-؟!هل هذا منك لتوهم الناس أنك صاحب حق في هذا الحال المزري؟!!
فلو أنك قلت:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إليها لتأليف قلبها ,أو لغير ذلك من المقاصد الشرعية ,ولو غلب على ظنه أنها تكيد له ولأصحابه؛لما ذهب إليها صلى الله عليه وسلم ,والله عزوجل لم يبلغه بذلك ,لحكمة علمها من علمها , وجهلها من جهلها ,لو قلت هذا ؛لكان أسلم لك,ولو قلت: إن هذه حادثة عين ؛ لهان الخطب –على ما فيه-لأن هذا يعارض دعواك عدم ردك للحديث ,فوقعت في الاضطراب والتناقض,لكن غلوك في باب ؛يجعلك ترد ما جاء من خصمك – كثيراً-وإن كان حقاً,وما هكذا يا سعد تورد الإبل !!

ومع علمي بأنك لا تقصد التعقب على رسول الله صلى الله عليه وسلم-فإن القاصد لذلك متهم في دينه – إلا أن كلامك لا يخلو من أحد محذورين :
أحدهما: نوع من الاستدراك على النبي عليه الصلاة والسلام .
الثاني :رد الحديث لمخالفته فهمك للمنهج !! ومن باب حسن الظن بك ؛أحمل كلامك على هذا ,وهذا الوجه قبيح أيضاً!!
ومع ذلك:فكلامك هذا يُعرض على العلماء، فإن كان كلامك صافيًا، ليس فيه أي تبرم من فعله عليه الصلاة والسلام؛ فذاك، وإلا فتب إلى الله تعالى.

3-(ولم يسلم جبريل – عليه السلام –أيضا -من الشيخ ربيع المدخلى!!!
فهناك كلام للشيخ ربيع فيه غمز في جبريل عليه السلام:
فقد جاء في شريط :العلم والدفاع عن الشيخ جميل الرحمن "(أ) وفي سياق ذم الجماعات التي تبالغ في فقه الواقع ,وتخوض غمار السياسة العصرية ,قول الشيخ: (هذه طبيعة البشر، ما كل الناس مثل ابن تيمية، وما كل الناس مثل أحمد والبخاري، الناس كإبل مائة، لا تجد فيها راحلة، في ذلك الزمان، أما الآن في المليون، لا تجد في المليون راحلة، كيف تكلفوا الواحد يعرف العلوم الشرعية، ويتقنها كلها، ويخوض في بحور السياسة، إلى آخره، يمكن جبريل يعجز عن هذا، والله سليمان هاه نبي، شوف؛ العصفور عرف الواقع أكثر منه، هل هذا ينقصه؟ ينقصه هذا؟...).اﻫ
قلت: أيجوز للشيخ ربيع أو غيره أن يقول: (يمكن جبريل يعجز عن هذا)؟! وجبريل لا يعمل شيئًا إلا بأمر الله عز وجل، وقد قال تعالى: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾، فإذا أمر الله سبحانه وتعالى جبريل بأي أمر؛ أعانه على ذلك، والله عز وجل قد وصف جبريل بقوله: ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ · مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾، فهل يُحتمل أن يعجز من كان هذا حاله، يا حامل لواء الجرح والتعديل؟!
أليس جبريل هو الذي اقتلع قرى لوط من تخوم الأرض، وعلا بها على طرف جناحه، حتى سمع أهل السماء الأولى صياح الديك ونباح الكلب، ثم جعل الله عاليها سافلها، كما في "تفسير الطبري" 15)/429) وكتاب ابن أبي الدنيا في "ذم اللواط"، بسند صحيح عن حذيفة، وهو موقوف لفظًا، مرفوع حكمًا؟! هل من يكون كذلك، يمكن أن يعجز عن أمر يسير، قام به بعض البشر؟!فقد كان الخلفاء الراشدون علماء في الدين، عظماء في السياسة الشرعية، وكذا كان عمر بن عبدالعزيز، وكم ذكر التاريخ من علماء في الدين وفي السياسة الشرعية معاً , أما السياسة العصرية المخالفة للشرع، فلا يرفع أهل العلم بها رأسًا,ومن أفتى بخوض غمارها؛فإنما ينظر لقاعدة المصالح والمفاسد,وأن الشريعة جاء بتكميل المصالح أو تحصيلها,وبتعطيل المفاسد أو تقليلها،وليس المقام مقام إقراره أو الرد عليه في ذلك . 
ولقد استطاع الكفار في هذا الزمان أن يبلغوا في علوم الدنيا بما يُذهل العقول، ويخطف الألباب، فهل أيضًا تستجيز أيها الشيخ إطلاق عجز جبريل عليه السلام عن ذلك؟!!

وإن سياق الكلام لينبئ عن أمر عظيم ، فإن الشيخ قد ذكر في مطلع كلامه قوله: (ما كل الناس مثل ابن تيمية، وما كل الناس مثل أحمد والبخاري...) ثم أنكر على الإخوان المسلمين تكليفهم الشخص بمعرفة العلوم الشرعية وإتقانها، والخوض في بحور السياسة، واستبعد قدرة جبريل على هذا، وهذا يشير إلى أن شيخ الإسلام ابن تيمية - وهو ممن كانوا متقنين للعلوم الشرعية، مع القدرة السياسية العسكرية ,والتي ظهرت في تجييشه جيوش الإسلام أثناء فتنة التتار -
فهذا شيخ الإسلام قد استطاع أن يجمع بين إتقان العلوم الشرعية، والنجاح السياسي، فهل يكون شيخ الإسلام قد حقق ما يعجز عنه جبريل عليه السلام؟! الله أكبر، إنه الغلو في أمور، والجفاء في أخرى!! فالشيخ ربيع يقابل القول بنقيضه -في كثير من الأحيان- فأراد أن يرد على الغلاة في فقه الواقع والسياسة -وهذا قصد حسن يُشكر عليه- لكن انظر ما آل إليه أمره!! لقد آل به الأمر إلى القول بعجز جبريل, أو باحتمال عجزه عن القيام بالعلوم الشرعية والسياسية!! وهذا حال من يرد القول المجمل بحقه وباطله، ويقبل القول الآخر بحقه وباطله!! و﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾.
هل تطيب نفسك أيها الشيخ أن تصرح بهذا القول الذي تنكره العجائز، ويستهجنه جفاة أعراب البوادي؟! (يمكن جبريل يعجز عن هذا)!! وهاأنت تسلم بأن شيخ الإسلام ابن تيمية ما كل الناس مثله، أي أنه استطاع أن يقوم بذلك، هل جبريل دون ابن تيمية؟!

ثم إن الواقع يشهد بأن كلامك بعيد عن الصواب، فمتى كان الإخوان المسلمون يكلفون الواحد منهم , فيتعلم العلوم الشرعية، ويتقنها كلها؟ إنهم -في حالات كثيرة جداً إلأا من رحم الله- زاهدون في العلوم الشرعية، بل وُيزَهِّدون فيها أتباعهم ,بحجج واهية ,وأمثلة بالية, ، فمتى كانوا كما وصفهتم؟!
أليسوا هم الذين يقولون ليس هذا وقت: "حدثنا وأخبرنا"ولا حديث صحيح ولا ضعيف, ويقولون :الناس طلعوا القمر!! وأنتم ما خرجتم من الحمامات!!.... إلى غير ذلك من الإفتراءات؟!!
فأين فقه الشيخ ربيع بحال الجماعات ؟وأين ادراكه لحيل وخبايا الحزبيات،كما يدعي لنفسه ,أو كما يتبجح به مقلدوه ؟ وهاهو يعطي للإخوان المسلمين وسام الفخر ,ألا وهو تعلم العلوم الشرعية ,وإتقانها كلها !!مع أنهم يعدون ذلك مضيعة للوقت ,واشتغالاً بفقه الحيض والنفاس ,وأحكام الخلاء – إلا من رحم ربي - !!
إن الرد على المخالف بدون أصول سلفية راسخة,وبدون إلمام بمنهج العلماء ؛ يحمل صاحبه إلى هذا الحال، بل وأكثر من هذا، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-لكن العجب من حال من يقول: إن الشيخ ربيعاً معصوم في مسائل المنهج ,أوعلى الأقل هو أعلم بمسائل المنهج ,من غيره من العلماء ,ثم هاهو يدعي هذه الدعوى المخالفة للواقع !!ولو قالها غيره ؛لبحثوا في قاموسهم ومعاجمهم ,ووجدوا عدة عبارات يرمونه بها ,مثل قولهم :فلان مغفل ,وسطحي ,ومميع,وحزبي متستر – إن لم يقولوا:زنديق خبيث ,أو أخبث من هو على وجه الأرض _ !! والله المستعان من غربة الحق بين من يتشدقون بالانتساب إليه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
 (ج)- كلام للشيخ ربيع، لا يليق في حق الله عز وجل:
ومعلوم أن الشيخ ربيعاً يحب الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ,إلا أن الشيخ ربيعاً يعبر في هذا المقام الخطير,بعبارات :منها ماهو خطأ صريح في اللفظ وفي المعنى ,ومنها ما هو خطأ قبيح في اللفظ ,وإن كان قصد الشيخ ربيع حسناً.
فيلزمه التراجع في القسم الأول قلباً وقالباً, ويلزمه التراجع في القسم الثاني عن اللفظ القبيح ,الذي لم يدرج عليه العلماء ,ويستقبحه الجهلاء .
والشيخ ربيع قد أنزله مقلدوه منـزلة لم ينـزلوها أحداً من أهل العلم المعاصرين !! ولا شك أن هذا من الغلو المذموم ,فالحمد لله على العافية .
فهاأنذا أذكر بعض هذه الأخطاء ,التي صدرت من الشيخ ربيع في حق ربنا عزوجل ,ليعرف الشيخ ربيع خطأه في هذا الأمر العظيم !!وليعرف مقلدوه قدر جنايتهم بإعطائهم إياه فوق قدره ,ولعلهم كانوا سبباً في هذه الأخطاء, فإن الرجل إذا أُعطي فوق حجمه ؛تكلم –كثيراً-بلا تحفظ ,لأن من وراءه يقلدونه ولا ينقدونه ,فيكونون بهذا قد أعانوه على الإثم والعدوان !!  
أولاً:فمن هذه الأخطاء : أن الشيخ ربيعًا وصف الشيخ بن باز – رحمه الله –بأنه ما يفقه الواقع كله مثل الله!!!
 ومعلوم أن الصفات توقيفية، وأن لله عزوجل الصفات العُلا، وليس كل ما كان حسناً؛يجوز لنا أن ننسبه لله عزوجل !! فما هو دليل الشيخ ربيع على قوله هذا ؟!
وقد جاء كلامه هذا في شريط "الجلسة الثالثة من المخيّم الربيعي" (أ)، فقد قال الشيخ ربيع في سياق رده على من يدعي محبة الشيخ ابن باز, وهو مع ذلك يخالفه,فقال : (الشيخ ابن باز عالم فاضل، ولكنه إنسان مشغول، ما يعرف كل ما على وجه الأرض، وهذا تشبيه بالله عز وجل، هذا غلو كاذب، دافعه الفجور والتملق، حتى يقال:إنه يحب ابن باز, هم والله لايحبونه , ولايعتبرون أقواله الصحيحة في الجماعات )إلى أن قال الشيخ ربيع :(هو بنفسه- يعني الشيخ ابن باز - هذا كلامه مسجل , يقول : إني ما قرأت للبنا والمودودي ,ولاشئ  ,إنسان وقته كله مشغول بقضايا الأمة ,ماعنده فراغ للهراءات هذه,إحنا عندنا وقت فراغ ,نتابع هذه البليات ) ,فقال السائل: على قولك يا شيخ، راح يقولون: الشيخ ابن باز ما يفقه الواقع؟! قال الشيخ ربيع: (الشيخ يفقه الواقع، لكن ما يفقه الواقع كله مثل الله).اﻫ فهل هذا التعبير فيه إجلال لله عزوجل ؟وهل بمثله يعبِّر العلماء الكبار؟!! إن هذا التعبير لوعبر به طالب علم ؛لابتدرته الأبصار بالتعجب والدهشة ,لكن حدِّث أيها الشيخ بما يحلو لك؛ فإن وراءك أقواماً لا يعرفون معروفاً من غيرك, ولا ينكرون منكراً عليك,فالله المستعان !!
(تنبيه) :قال الإمام ابن القيم –رحمه الله- في"بدائع الفوائد"(1/184):"..... وإذا عرفت هذا؛فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى,وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أونقص,فله من صفة الإدراكات: العليم الخبير,دون العاقل الفقيه,والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر" اهـ
ولو اقتصر الشيخ ربيع على قوله السابق:"ما يعرف كل ما هو على وجه الأرض,هذا تشبيه بالله عزوجل...." لكان أسلم ،والله أعلم .
(تنبيه آخر) مامعنى قول الشيخ ربيع هنا :"ولا يعتبرون أقواله –أي أقوال الشيخ ابن باز- الصحيحة في الجماعات" ؟!! ما المراد بقوله :"الصحيحة"؟!! هل يعني صحة النسبة إليه ؟ أم يعني أن للشيخ أقوالاً صحيحة معتبرة عند الشيخ ربيع , وأخرى موافقة لقول أهل البدع والحزبيات ؟!! – عند الشيخ ربيع - وهذا هو المعروف عن الشيخ ربيع , وإلا فكتب الشيخ ابن باز فيها فتاوى في الجماعات وقاداتهم تخالف قول الشيخ ربيع ,وطريقة تعامل الشيخ ابن باز- رحمه الله - مع الجماعات وقاداتهم؛تختلف كثيراً عن طريقة الشيخ ربيع في ذلك,  وهذا يدلك على شئ من التفاوت في هذا الباب ,فلا تغتر بالتصنع للشيخ ابن باز من الشيخ ربيع أو مخالفيه !!
                  
ثانياً:وللشيخ ربيع كلام قد يُفهم منه أمر قبيح -والعياذ بالله-!!
 فقد جاء في شريط "مناظرة عن أفعانستان" (أ) قال: (ثم لا نهوِّن من أمر الشرك, أمر الشرك,  ونقول: شرك ساذج، لأن هذا يعود بالتهوين من دعوات الأنبياء وجهودهم, ودعوات الأنبياء كلها كانت لمحاربة الأصنام,ومحاربة  القبور، لأن هذا أعظم معصية، وأعظم جريمة عرفتها الأرض، الله أكرم الإنسان، وسخر له الكون ، فينحدر إلى أحض الحضيض، سواء من هذه الحاجات الحقيرة والتافهة، حتى يعبدوا القرود والفروج، فأي إنحدار يلحق هذا الإسلام من الإنسان من هذا ؟ أن يعبد القردة والفرج والصنم والحجر والشجر، هذا خطير،ما هو ساذج, هذا أمر خطي,ر أمر خطير جدًا، ولهذا أدرك خطورته ربنا تبارك وتعالى، فأرسل من أجله الرسل، وأنزل له  الكتب ,وأرسل له كرام الأنبياء ,أولي العزم ,يحاربونه ...).اﻫ
فقوله: (ولهذا أدرك خطورته ربنا ...) هذا لفظ مريب،ووجه ذلك أن الإدراك قد يكون بمعنى العلم والإحاطة,وقد يكون بمعنى القدرة،وأن الله لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء،وأنه فعال لما يريد، وهذا لا اعتراض عليه ,وقد يكون بمعنى العلم المحدث الذي سبقه جهل,وهذا هو البداء ,وتعالى الله عن ذلك ,وسياق كلام الشيخ هنا محتمل,وقد يكون إلى المعنى الثاني أقرب,وعلى كل فمع هذا الإحتمال,يلزمه أن يزيل اللبس , "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه..."والله أعلم. لكن المراد التنبيه على أمرين:
الأول: التراجع عن اللفظ المحتمل، وإن كان القصد حسنا.
الثاني: أن طريقة الشيخ مع خصومه؛وهي قائمة على تصيد الأخطاء، وتحميل الكلام ما لا يحتمل، والغوص في أعماق وسرائر المخالف، والحكم عليه بما يجعله زنديقًا دسيسة على الدين,دون النظر لحال هذا الخصم ,وجهاده في الدعوة إلى الله ,ودون النظر إلى تصريحه بالتراجع عن اللفظ السيئ ,وإعلانه حسن القصد ,والإيمان الصحيح في هذه الأبواب, فلو عاملناه بأسلوبه، وشنعنا عليه، وأغلقنا عليه باب التوبة، بل ورفضنا توبته، ورميناه بما يرمي به غيره، وعاملناه بجنس فعله، والجزاء من جنس العمل، فلو عومل بهذا كله؛ أكان يرضيه، ويستسلم لقواعده وطريقته  بدون أي حرج، أم ماذا؟!
إن هذا كله يدل على انحراف هذه القواعد عن منهج السلف، ويدل على رحمة الله بخصمك أيها الشيخ، إذ هداه الله عزوجل لمنهج السلف، الذي يسير على قواعد متينة،فعاملك بعلم وحلم , ولم يستفزه صنيعك معه بالباطل، فالحمد لله رب العالمين.

ثالثاً:ومما لا يليق ذكره في حق الله عز وجل، ما قاله الشيخ ربيع في نفس الشريط في سياق ذم من يرمي دعاة التوحيد بأنهم دراويش، فقال: (...يعني ربنا درويش، والرسول درويش؟ يا جماعة اتقوا الله، الآن الذي يحارب هذه الأشياء؛ يقولون: درويش، وهذه دروشة!!...).اﻫ
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اتهمه قومه بعدة اتهامات، وذلك لما دعاهم إلى توحيد الله، وحارب الشرك بجميع صوره , ولم يقل لهم: إذا كنتم تقولون عني: كذاب وساحر ومجنون... الخ بسبب دعوتي إياكم إلى التوحيد؛ وتحذيري إياكم من الشرك؛فقولوا مثل ذلك في الرب عز وجل!!هل قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :"يا جماعة اتقوا الله ,يعني ربنا ساحر وشاعر ..."؟!حاشاه صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا !!! أليس لك – أيها الشيخ - في رسول الله أسوة حسنة,الذي لم يعبـر بهذا التعبيـر السيئ  ؟!
وهل يُلزم المخالفون أن ما قالوه في الدعاة من مقالة السوء؛ أن يقولوا ذلك كله في الله عز وجل، أو في رسوله صلى الله عليه وسلم ؟!ولو لزمهم هذا ؛هل نعبر نحن بهذا التعبير ؟!!
(تنبيه): اعتذر بعضهم للشيخ بأن هذا من باب نفي النقص عن الله عزوجل، مع أن خصوم الشيخ لم يتهموا الله بهذا الاتهام القبيح،من أجل أن يحتاج إلى تنـزيه الله عن ذلك، إنما أراد الشيخ أن ينـزه نفسه ودعاة التوحيد عن الدروشة،فعبر بهذا التعبير،ولو فتح هذا الباب؛ لاحتجنا إلى نفي النقص عن الله عزوجل بألفاظ قبيحة جداً،ولو أنصف المعتذرون عن الشيخ بهذا؛ لطالبوه بالتراجع عن هذا اللفظ القبيح، وعند ذاك يكونون قد أراحوا واستراحوا!!
              ( كلام قبيح جداً من الشيخ ربيع في حق الرب عز وجل)!!

رابعاً:ومن ذلك أن الشيخ في سياق رده على الذين يرمون أهل السنة بالعمالة,لأنهم – في نظرهم – لا ينكرون باطل الحكام ,ويطالبونهم بالانضمام إليهم ,في الخروج على الحكام ,أو التهييج عليهم ,ولقد أحسن الشيخُ في رده على ذلك – وإن كانت له تجاوزات - إلا أنه أتى بعبارات سيئة ,تشمئز منها قلوب الموحدين ,وتقشعر منها الجلود ,فقد قال في شريط :"مرحباً يا طالب العلم "(1/أ):

(الآن الذي لا يناطح الحكام عميل !! ليه ربنا ما ناطح الحكام ؟!! ولماذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يناطح هذه المناطحات ؟!! أهؤلاء أهدى من الله ؟!!وأهدى من رسول الله عليه الصلاة والسلام ؟!! يبدأون الدعوة إلى الإسلام, من آخر مراحل الإسلام , ولا يبدأون من الأصول والمنابع الأولى في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ....).
وفي هذا الكلام أمران :
1-هل يجوز للشيخ أن يقول :( ليه ربنا ما ناطح الحكام ؟) هل يوصف الله عزوجل بالمناطحة ؟!!سبحانك هذا بهتان عظيم .
2-الشيخ ربيع يؤكد كثيراًأن من فقه في دين الله ؛فلا يبدأ في دعوته من وقع في شرك القبور ,وشرك التشريع التحليل والتحريم من دون الله ,لا يبدأ معه في التحذير من الشرك الثاني ,حتى يُقْلع عن الشرك الأول ,ويعد خلاف هذا – كما سيأتي إن شاء الله تعالى – سفهاً!!ونطالبه بدليله على هذه الأولوية المزعومة !! وبيان من سبقه من العلماء على هذا ؟!وسيأتي –إن شاء الله تعالى – أن هذا أمر راجع إلى حاجة المدعو,واستطاعة الداعية ,وما تؤول إليه الأمور من مصالح ومفاسد .
وعلى كل حال :فلا نصف الله عزوجل ,إلا بما يليق به ,وليس باب الإخبار مفتوحاً لكل أحد يخبر عن الله عزوجل ولو بصفة وأفعال الحيوانات,ولو كان هذا من باب النفي!!فأسأل الله أن يعصم قلوبنا من الزيغ .
وإني لأعلم أن الشيخ لايقر نسبة القبائح إلى الله عزوجل ,لكن لفظه هذا قبيح ,ولا يعبر به العوام – فيما أعلم – والله تعالى أعلم .
خامساً:أسلوب قبيح من الشيخ ربيع في حق الله عز وجل!!
فقد جاء في شريط "العقيدة أولاً"وجه (ب),وفي سياق الكلام فيمن يسعون للحاكمية ,بغير المنهج الصحيح, وأنهم يتظاهرون بالغيرة على الاسلام, فإذا وصلوا إلى مآربهم ؛تناسوا ذلك كله ؛قال الشيخ:
)
فما هو هذا إلا للتهريج فقط , وللوصول إلى ما يريدون , ثم بعد ذلك , كما والله واحد منهم في الدراسات العليا , وأنطقه الله رغم أنفه,لما ركزت عليه بالكلام؛ انفجر,وقال : والله أنا أعرف واحد من كبار الإخوان يقول : نحن هانهتف باسم الله ,فإذا وصلنا إلى الكراسي؛ نحط ربنا في أي حتة!!!) قال الشيخ ربيع:( والله هذا الذي حكى لي , وهو صادق, وهذا الآن السودان خلاص, انتهى, الله حطوه في أي حتة, ما أدري فين )اهـ..
فتأمل أخي القارئ الكريم –كيف أن الشيخ ربيعاً عندما حكى هذه الكلمة المنكرة ؛لم يكتف بنكارتها وشناعتها, وتسبيح الجالسين حوله ,استعظاماً لهذه الكلمة ,أو لم يعقب عليها بكلمة: تعالى الله عما يقول الظالمون أو الجاهلون أو المبطلون علواً كبيراً, أو قوله تعالى:(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً) إنما أعاد هذه الكلمة الشنيعة مرة أخرى -وإن كان ذلك منه على سبيل الاستهزاء من قائل هذه الكلمة- فقال:(.....وهذا الآن السودان, خلاص, انتهى,الله حطوه في أي حتة،ما أدري فين؟!!) بل أضاف لكلمة ذاك الإخواني الضال ,إضافة باطلة, فقال : (ما أدري فين؟!) يعني بذلك أن الإخوان أخذوا كراسيهم، ووصلوا لما يريدون، ثم إنهم حققوا ـ على سبيل الإستهزاء ـ ما كانوا يقولونه!! فهل هذا من الأدب مع الله عزوجل يا شيخ ربيع؟! أتريد أن تضحك جلساءك بمثل هذه الكلمات التي تزلزل القلوب؟! وهل إذا قال المبطلون قولاً قبيحاً مثل هذا،نردده وراءهم،ونزيده إيضاحاً، وإن كنا ساخرين بهم؟! وهل هذه الكلمة الشنيعة تُحكى , ويُعقَّب عليها بهذا الأسلوب الشنيع ؟! فيا سبحان الله !!
( تنبه ) : ظهر مما سبق أن الشيخ ربيعاً لا يحسن أن يتكلم بكلام أهل العلم – في بعض المواضع – في حق الرب عزوجل ، وهاك عدة مواضع تدل على أن الرجل لا يتكلم في هذا المقام المهيب بكلام أهل العلم :
1 – ففي شريط : " الاعتصام بالكتاب والسنة " ( 1 / ب ) ذكر أحد الذين يمدحون أنفسهم في قصيدة طويلة ، قال فيها :
             وكنـتُ عيـن القـدس في أزل . . . يسبح الكون تسبيحاً لإجلالي 
            فالعرش والفرش والأكوان أجمعها . . . الكل في سعتي مستهلَكٌ بالـي
فاستنكر الشيخ ربيع هذه الكلمات – وحُق له ذلك – إلا أنه عبر بتعبير سئ فقال :
" يعني الكون كله كالرملة في يده ، ما هو بشئ ، هذا إله عظيم ، طاح الله ، مات ، ماله وجود ، خلاص انتهى ، هو سيد هذا الكون " اهـ
فتأمل كيف يحمله الاستهزاء بصاحب القصيدة الفاجرة ؛ فيعبر بهذه الكلمات في حق ربنا عزوجل !!
2 – وفي شريط : " شرح فتح المجيد " ( 2 / ب ) تكلم عن المولعين بالكلام في الحاكمية ، وذلك على حساب أمور مهمة ، فقال : " . . . لكن ما عرف ، لا حاكم لا حاكم إلا الله بس ، ربي بس عسكري كبير ، ما يُعبد ؟!! ما يعبد ما فيه عبادة ؟!! نستغفر الله ، ونتوب إليه ، والله يصوروا ربي كأنه حاكم كبير ، كأنه بس جاء يحكم  . . . " اهـ .
فتأمل قوله – وإن كان على سبيل التهكم - : " ربي بس عسكري كبير " !!  
3 – وفي شريط : " أهل الحديث ومصاب أفغانستان " ( أ ) بدأ بمقدمة بين يدي كلمته ، ومدح فيها الشيخ سفر الحوالي مدحاً لا يجوز إطلاقه إلا في حق الرب عزوجل ، فقال : " الفضل الأول والأخير في هذا الحشد الطيب المبارك ، إنما هو لفضيلة أخينا سفر بن عبدالرحمن الحوالي ، فجزاه الله خيراً . . . " اهـ .
ومعلوم أن الفضل كله لله عزوجل ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) ،ويقول سبحانه : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) وما أجراه الله من خيرٍ في تلك الليلة على يد الشيخ سفر الحوالي فإنما ذلك كله – أوله وآخره – من فضل الله عزوجل عليه ، ولو أنه قال : الفضل لله عزوجل ثم لأخينا . . . لكان له وجه ، لكن الرجل واسع الخطو في الجرح والتعديل ، فنشكوا إلى الله جميعاً من الإفراط والتفريط  .
4 – وفي شريط : " الشباب ومشكلاته " ( أ ) أضاف إلى الله عزوجل صفةً يُطالَب بدليله عليها ، فأثبت لله عزوجل اللسان !! فقال : " يا إخوتاه ، حذر الله كثيراً من التفرق ، وذم التفرق ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ ) أنت بريئ منهم يا محمد ، يا الله !! إذا تبرأ منك رسول الله على لسان ربنا ، على قول الله تبارك وتعالى ( إن الذين فرقوا دينهم . . . ) الآية ، كيف ما نخاف يا إخوتاه ؟!! " اهـ .
فتأمل قوله : " على لسان ربنا " فهل هذا الرجل يتكلم في هذا الموضع المهيب بكلام أهل السنة ؟!! وماذا تظن لوقال هذا القول أحد من مخالفيه ، ماذا كان سيقول في حقه ؟!! وهل هذا الرجل يخجل من كلامه البعيد الغريب عن مشكاة أهل العلم ، فيعلن توبته ، فيريح ويستريح ؟!!
5 – وفي شريط : " وإن تطيعوه تهتدوا " ( ب ) 1421 هـ . قال : " أنا أعتقد أن أعظم أسباب هذا الهوان النازل بهذه الأمة ؛ لـمّا لم تعرف حق هؤلاء الأصحاب ، استهانوا بهم،فسقطوا في عين الله تبارك وتعالى . . . . " اهـ
فقوله : " فسقطوا في عين الله تبارك وتعالى " يشير إلى حلول الحوادث بالرب عزوجل ، لأن " في " تدل على الظرفية هنا ، هذا ظاهر كلامه ، مع علمي بأن الشيخ لا يريد هذا ، فلو عاملناه بأسلوبه الشنيع القائم على السب والتجديع ؛ لرميناه هنا بالبواقع،لكن يأبى الله والمؤمنون إلا العدل والإنصاف !!
والإمام ابن القيم يعبر في نحو هذا المعنى بقوله : " سقط من عين الله " انظر " مدارج السالكين " ، فالله أعلم بالصواب .

(للشيخ ربيع كلام في الصفات الفعلية للرب عزوجل يخالف فيه قول أهل السنة والجماعة )

سادساً:ذكر الشيخ ربيع في شريط "الجلسة الثانية من المخيم الربيعي"وجه (ب) كلامًا عن الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئة الله تعالى، فقال: (إن الله يحدث من أمره ما يشاء،ويفعل ما يشاء , وفعّال لما يريد، ما نقول: إن فعله قديم، شف, نقول: فعله حادث، هذه الأفعال حادثة، لكن لا تُسَمَّى مخلوقة، لأن الحادث هذا إن كان فعل مخلوق؛ فهو مخلوق، وإن كان فعل الله؛ فهو فعل الله, وإن كان حادثًا؛ فلا يسمى مخلوقًا، عرفتم) قال قائل: قديم النوع، قال الشيخ: (قديمة النوع حادثة الأفعال، هذا في كلام الله؛ في الأفعال ما جاء ,إنما هه, فعّال لما يريد, فيما مضى، وفيما سيأتي, إلى مالا نهاية).اﻫ

وعبارة الشيخ هذه ظاهرة في تخصيص القول في هذه الصفات: بأنها قديمة النوع, حادثة الآحاد بالكلام فقط، وهذا هو موضع الاستدراك، فإن السلف قالوا في هذا النوع من الصفات :قديم النوع حادث الآحاد ,ولم يخصصوا ذلك بصفة الكلام، فالله عزوجل خالق ولامخلوق ,والله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء متى شاء ,فكون الله خالقاً ؛هذا قديم ,وأما المخلوق فمحدث,والله عز وجل يخلق ما يشاء، متى شاء، وكذلك الرحمة، فإنها صفة قديمة، ولكن الله عز وجل يرحم من خلقه من شاء ومتى شاء، وهكذا الرزق، فالله عز وجل رازق، وباعث ووارث، ومحي، ومميت، وكل هذا قديم النوع، حادث الآحاد.
فأهل السنة يطلقون هذا القول في الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئة الله عز وجل ,ولا يخصصون ذلك بالكلام ,وانظر بعض ذلك في "مجموع الفتاوى" (6/268) وما بعدها،و(16/365) وقد قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمة الله عليه ـ في الشريط :(5/ب) من"شرح مختصر التحرير":الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئته ,هذه قديمة النوع حادثة الآحاد , قديمة النوع حادثة الآحاد,فمثلاً الاستواء على العرش فعل ,وجنس الفعل قديم ,لكن كونه استوى على العرش؛هذا حادث (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ) وهذا يدل على أن الاستواء حادث بعد أن لم يكن , ينـزل ربنا إلى السماء الدنيا ,حين يبقى ثلث الليل الأخير ,النـزول فعل ,جنس الفعل قديم ,لكن النـزول حادث ,لأنه يكون كل ليلة,وأيضاً هو كان بعد خلق السماء ,الضحك فعل ,وجنس الفعل قديم ،لكن الضحك حادث لوجود سببه ,كقوله :"يضحك الله إلى رجلين ,يقتل أحدهما الآخر ,فيدخلا كلاهما الجنة"هذا حادث ...)أهـ وانظر ما قال الشيخ محمد أمان الجامي في :"الصفات الإلهية في الكتاب والسنة"صـ(211)وما بعدها .
  فإما أن يقول الشيخ ربيع : إن آحاد  الخلق والرزق والنـزول والمجيء وغير ذلك قديم أيضا؛ ففيه ما فيه، وإما أن يقول: صفة الرحمة والخلق والإحياء والإماتة...الخ حادثة، وفيه ما فيه، وإما أن يقول في كل ذلك: (قديمة النوع، حادثة الآحاد) ولا يخصص ذلك بالكلام، وعلى هذا فيلزمه التراجع،وإلا فليذكر مستنده من كتاب أو سنة أو أثر ,وليعز المسلمين إلى مرجع موثوق به ,كما عزوته إلى بعض كلام أهل العلم ,ومنهم شيخه الجامي رحمه الله ,وإلا فليعلم المسلمون أن هذا القول ,وهذا التخصيص الذي ذهب إليه الشيخ ربيع ؛ليس من أقوال أهل السنة!! والله أعلم.
(تنبيه): هذه العبارات السابقة تدل – في الجملة –على أن الشيخ ربيعاً يطلق عبارات في حق ربنا عز وجل ,بعيداً عن طريقة أهل العلم ,بل يتنـزه عن بعضها العوام !!والخطأ في مثل هذا الباب – ولوكان لفظياً-خطير ومعيب على طلاب العلم ،فضلاً عن العلماء ,وهذا يجعلنا ننـزل الرجل منـزلته ,فلا إفراط ولا تفريط !!والعلم عند الله تعالى.






(د)- الشيخ ربيع ينفي عن دعوة الأنبياء: التحذير من الشرك في الحاكمية!!!وأن الأنبياء لم يعلمهم الله السياسة والخطط التي يصرعون بها العلمانيين والمشركين !!
ولاشك أن القول الأول خطأ,وأن إطلاق القول الثاني معيب ,فإن السياسة منها ما هو شرعي, ومنها ما هو جاهلي ,فالأولى لا بد منها،لمن أمره الله عز وجل بالجهاد,وإقامة الدولة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر,وإذا كان هذا لابد منه لمن كان كذلك –كما لا يخفى – فما لايتم الواجب إلا به ؛فتعلمه وفعله واجبان ,فكيف يدعي الشيخ هذا الإطلاق العجيب الغريب؟!!      
ففي شريط "فضل العلم وأهله" (2/ب) وفي سياق الرد على الغلاة في الكلام على الشرك في الحاكمية، حتى هوّن كثير منهم من شأن عبادة القبور، وسموا ذلك شركاً ساذجًا!! أو قالوا: هذا شرك القبور، والآن واجبنا هو محاربة شرك القصور!! يعنون بذلك الخروج على الحكام، والحق أن الدعوة السلفية تأمر بكل معروف، وتنهى عن كل منكر، وذلك بقدر الإستطاعة، وبالنظر إلى ما يؤول إليه الأمر،فإن كان تغيير المنكر,يترتب عليه منكر أكبر ؛فمن المنكر أن يُنهى عن المنكر – في هذه الحالة-كما هو منهج أهل السنة والجماعة،وذلك لأن أهل السنة؛ليسوا دعاة فتنة, ولا زعزعة لأمن البلاد ,بل يحرصون على الحفاظ على بقايا الخير الموجودة في البلاد ,فإن استطاعوا أن يكونوا سبباً في زيادة الخير ؛وإلا صبروا,ودعوا الله عز وجل بإصلاح حال المسلمين ,وماذا حقق المخالفون لهذا المنهج القويم عبر التاريخ ؟!!
ولقد أحسن الشيخ ربيع في إنكاره هذا الغلو، وإن كان قد وقع في الجفاء والاضطراب -كما سيأتي إن شاء الله تعالى-.
 وأيضًا فلقد أحسن عندما بيّن بأن الشرك في هذا الباب؛ ليس خاصًا بالحكام، بل كثير من أهل البدع الذين لا يحتكمون إلى شريعة الله عز وجل في مسائل الخلاف، ويتبعون أهواءهم؛ لهم نصيب من ذلك-وإن كنا لانطلق القول بأنهم جميعاً وقعوا في الشرك السياسي كما يدعي الشيخ !!-.
 والشيخ قد جمع في هذا المقطع بين حق وباطل، وهاك كلامه,فقد قال: (فهذا الشرك الذي يُسَّمى "الشرك السياسي" ؛ليس خاصًا بالحكام، فقد يكون في بعض العلماء، إذا لم يلتزموا حاكمية الله في العقيدة، ولم يلتزموا حاكمية الله في العبادة، ولم يلتزموا حاكمية الله في الحلال والحرام، وفي جهال الناس، وفي سائر الطوائف، فهذا الشرك في حاكمية الله تبارك وتعالى؛ قد يقع فيه فرد جاهل، وقد يقع فيه مجتمع من المجتمعات، وقد يقع فيه طائفة من الطوائف، وقد يقع فيه حاكم من الحكام، وتخصيص هذا خطأ،تخصيصه في الحكام فقط، مع الغفلة عن ناس يضاهونهم,وقد يفوقونهم في شرك الحاكمية، هذه غفلة كبيرة جدًا...) إلى أن قال: (فهناك غفلتان: الغفلة الأولى: في التركيز على الحاكمية، ثم إغفال الشرك الأكبر والبدع وغيرها من الانحرافات، فقد ضيعوا وهالوا التراب على الشرك الأكبر في العبادة، الذي بُعِثَ جميع الأنبياء لمحاربته، أغفلوه، وتهاونوا به، وقالوا : شرك ساذج، وهذا أمر خطير، يؤدي إلى احتقار الأنبياء, وما جاءوا به، بل إلى احتقار منهج الله تبارك وتعالى، فإن الله هو الذي يختار الرسل، ويصطفيهم، ويحمِّلُهم هذه الرسالة، اذهب يا نوح، وحارب ود وسواع ويغوث ونسر، هذه الأصنام،حاربْها, فظل ألف سنة إلا خمسين عامًا يحاربها، يحارب هذه الأصنام، وما تعرض للشرك في الحاكمية أبدًا، ولا نازعهم على الكراسي أبدًا، فإذا عندهم أدلة لنوح؛ يأتون بها؛ أنه كان يصارع على الكراسي، كان يصارع في توحيد العبادة، ألف سنة إلا خمسين، وكذلك إبراهيم: دعا ودعا، وناظر، وجادل وجادل، ثم أخذ معوله،وما صارع الحاكم يوماً من الأيام على الكرسي ,لأن من الخطأ:حاكم كافر يعبد الأصنام , تأتي تنازعه في الشرك السياسي؟!! هذا سفه، تعال علِّمه توحيد العبادة، أخرجه من شرك العبادة، وبعد ذلك أخرجه من الشرك السياسي، ...أنت وحِّد,عرفت الله؟ عرفت كيف تعبده؟نعم, هذا منهج الله، بقي عليك الآن أن تضع قانوناً إسلامياً، تأتي بتشريع الله، وتطبقه، إذا أصر على الحكم بالقوانين الكافرة، التي ورثها عن آبائه وأجداده، وقال: هذا ورثته عن آبائي، عن أجدادي, وأبَى ؛ حينئذ نكفره الكفر السياسي).اﻫ
وفي شريط "وقفات في المنهج" (2/أ) قال الشيخ ربيع: (الأنبياء والله ما صارعوا على الكراسي،الأنبياء دعوا الناس إلى عبادة الله عز وجل، إلى الخروج من الشرك، إلى الخروج من المعاصي، لو كان هذا طريق صحيح؛ والله لوجَّه ربنا الأنبياء، وعلمهم السياسة، وأعطاهم من السياسات والخطط مالا يعلم به إلا الله، يصرعون العلمانيين والمشركين).اﻫ
أقول: لقد جمعت هذه الكلمات حقًا وباطلاً، وأمورًا ملتبسة تحتاج إلى بيان، وقد ذكرت قبل قليل أهم ما فيها من حق.
وأما اللبس: فإنه يظهر من هذا الكلام أن السياسة مرفوضة في دعوة الأنبياء بالكلية، كما في قوله: (ولو كان هذا طريق صحيح؛ والله لوجّه ربنا الأنبياء، وعلمهم السياسة، وأعطاهم من السياسات ...)الخ، ومن المعلوم أن السياسة الشرعية من دعوة الأنبياء، أما السياسات الجاهلية، القائمة على الكذب والفسق، وتحكيم غير شريعة الله؛ فكل ذلك مما يحاربه منهج الأنبياء،ولا تُستعمل إلا بضوابط معلومة عند أهل العلم،فإطلاق الشيخ ربيع عبارته هذه؛يدل على تفريط منه,في مقابل إفراط الجماعات التي دعْوتها دعوات تغلب عليها الصبغة السياسية، وكلاهما مرفوض في دعوتنا.
وأما قوله المرفوض جزماً، فهو قوله: (...فظل -أي نوح عليه السلام- ألف سنة إلا خمسين عامًا، يحارب هذه الأصنام، وما تعرض للشرك في الحاكمية أبدًا، ولا نازعهم على الكراسي...).
والجواب: ما معنى قولك: (ولا نازعهم على الكراسي)؟ إن كان المراد أن نوحًا - عليه السلام -لم يبعثه الله للرئاسة الدنيوية، البعيدة عن إقامة أمر الله في الأرض، المعلوم من قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾، أو أن نوحًا لم يبحث عن الرئاسة لشهوة عاجلة؛فهذا والله حق، بل يتنـزّه عن هذا كثير من الصالحين، وإن لم يكونوا أنبياء؛فضلاً عن كونهم من أولي العزم من الرسل،لكن أين من ادعى هذا ، حتى ترد عليه بذلك ؟!!
وإن كان المراد: أنه لم يدْعُ إلى إفراد الله عز وجل بالتشريع والتحليل والتحريم؛ فهذا عين الباطل!! وظاهر كلامك أنك تريد هذا القسم، وإنما ذكرت جملة (ولا نازعهم على الكراسي) فقط من باب ذر الرماد في العيون، وفتح خطٍّ للرجعة،-فيما يظهر والله أعلم- أو أنك تعدُّ كل من دعا إلى إفراد الله بالحكم والتحليل والتحريم؛ مصارعاً على الكراسي!! وإن كان هناك أناس كذلك؛ فلا يجوز هذا الإطلاق منك، لا سيما وأنت تنسب ذلك إلى منهج الأنبياء ـ عليهم السلام ـ !!
وإلا فقولك: (ما تعرض للشرك في الحاكمية أبدًا)، وقولك بعد ذلك: (...تعال علِّمه توحيد العبادة، أخرجه من شرك العبادة، وبعد ذلك أخرجه من الشرك السياسي)، وقولك: (أنت وحِّد,عرفت الله؟ عرفت كيف تعبده؟ هذا منهج الله، بقى عليك الآن أن تضع قانونًا إسلاميًا، تأتي بتشريع الله، وتطبقه، إذا أصر على الحكم بالقوانين...، حينئذٍ نكفره الكفر السياسي).
فهذا كله يرجح أنك ترى أن نوحًا عليه السلام -وكذا إبراهيم عليه السلام- لم يدعُوَا إلى إفراد الله عز وجل بالتحليل والتحريم، لأن نوحًا استمر في دعوة قومه، ولم يُمَكَّنْ فيهم، بل ما آمن معه إلا قليل، فمتى دعا إلى إفراد الله عز وجل بالتشريع، وعدم اتباع الأهواء في ذلك؟ وإذا كان كذلك؛ فكيف تفسر لنا قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾؟ ومن المعلوم أن التوحيد هو دين الأنبياء -عليهم السلام- جميعًا، إنما الخلاف في الشرائع والمناهج، كما قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾، فأنت –أيها الشيخ- إما أن تخرج إفراد الله عز وجل بالحكم والتشريع والتحليل والتحريم من جملة التوحيد، وإما أن تقر بدخول ذلك في التوحيد؟ فإن أخرجت ذلك من التوحيد؛ فما هو جوابك على ما سبق من آيات ,وعلى قوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾، وقد فسَّر ذلك حديث عدي بن حاتم بالطاعة للأحبار والرهبان،في التحليل والتحريم , وفي الحديث بحث من الجهة الحديثية، وأنت تصححه أو تحسنه، وتحتج به في غير ما موضع من كتبك؟ وكذلك ما هو جوابك على قوله الله عز وجل: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ﴾، وغير ذلك من آيات؟؟!
إن هذه الآيات -وغيرها- تدل على أن إفراد الله عز وجل بالتشريع والتحليل والتحريم والحكم؛ كل ذلك من التوحيد، وهو من توحيد العبادة، كما هو ظاهر من آية يوسف ﴿إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾، وآية التوبة(وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً) في ذكر عبادة الأحبار والرهبان، وهذه العبادة، كانت في طاعتهم في التحليل والتحريم، كما هو ظاهر من الآية،والحديث المشار إليه آنفا .
نعم هذا له صلة بتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات أيضًا, وإن كان من توحيد العبادة، إلا أني أقول لك: هذا الشرك في الحاكمية, وطاعة الأحبار والرهبان والملوك والرؤساء في التحليل والتحريم , دون التزام الرجوع إلى الله عز وجل , أواستحلال ذلك أوتفضيله على حكم الله عز وجل, أو مساواته بحكم الله سبحانه وتعالى ؛ففي أي نوع من أنواع التوحيد قد وقع الخلل عند فاعلي هذه الأمور؟ وبجوابك يظهر الخلل في كلامك ,ففي بعض أشرطتك ذكرت أن توحيد الربوبية؛لم ينازع فيه المشركون ,إلا بعض من شذ ,كالنمرود وغيره,وكذا هو قول أهل العلم ,انظركلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الحسنة والسيئة " (1 / 128 ) وانظر "  شرح الطحاوية " (1/ 25، 32، 36، 42 ـ 43، 53)  إذاً فهذا ليس من توحيد الربوبية عندك ,وما أظنك تقول:إنه من توحيد الأسماء والصفات ,الذي خالفَتْ فيه كثير من الفرق ,فما بقي إلا توحيد العبادة أو الألوهية !!
وإذا كان نوح – عليه السلام -لم يحذر من الشرك في الحاكمية أبداً,-في نظرك-فذلك لأمرين: إمالعدم وجودهذا النوع من الشرك في زمانه؛ وعلى ذلك فلا حجة لك فيه على خصمك, الذي يدعي محاربة هذا النوع من الشرك ,لوجوده بل وانتشاره,وإن كان الشرك هذا موجوداً في زمان نوح – عليه السلام -,ولم يتعرض له أبداً-وهذا ظاهر كلامك ,للأولوية التي ادعيتها بدون دليل – فهذا معناه: أن نوحاً – عليه السلام -لم يَدْعُ لصيانة جناب بعض أنواع التوحيد – وسمِّه ما شئت،من باب إرخاء العنان لك- وقُلْ في إبراهيم مثل ذلك ,وفي هذا من البلاء والتقول على أولي العزم من الرسل؛ما الله به عليم!!
  ثم ما معنى الإسلام الذي هو دين الله ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾، ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾؟ أليس هو الإستسلام والإنقياد والإذعان لله؟ وهل يكون كذلك من كان يشرع من عند نفسه,وينفرد بالتحليل والتحريم,غير مبالٍ بأحكام الله عزوجل؟!!
وإن أقرّ الشيخ بدخول إفراد الله سبحانه وتعالىبالتشريع والحكم في التوحيد، فكيف يدعي أن نوحًا وإبراهيم -عليهما السلام- ما تعرضا للشرك في الحاكمية أبدًا ـ مع ضرورة الحاجة إلى ذلك ـ ودعوتهما قائمة على التوحيد، وهذا من جملة التوحيد؟!
والشيخ نفسه قد أقر بأن من أصر على الحكم الذي ورثه عن آبائه وأجداده، فإنه يكفر الكفر السياسي، إذاً فهذا يدل على أن من حارب الشرك من الأنبياء ومن تبع سبيلهم؛ حارب أيضًا هذه الصورة من الشرك، فما هذا التناقض؟
وتأمل إطلاقه أن الأنبياء ـ عليهم السلام ـ ما علمهم الله عز وجل السياسة!!! إن هذا جفاء ربيعي في مقابل غلو الجماعات السياسية، وليُعلم أن الشيخ ربيعًا إنما يعبِّر عن نفسه بذلك، لا عن دعوة أهل السنة، التي تحارب أيضاً الشرك السياسي، لكن بالحكمة والموعظة الحسنة، ودون ذوبان في دهاليز السياسة، أو قبوع وخنوع تحت قبة البرلمانات،أو خَبٍّ ووضْع تحت غبار المتفجرات،إنما تدعو إلى إفراد الله عز وجل بالدعاء والخوف والمحبة  والرجاء، والتحليل والتحريم والحكم والتشريع، وبعبادة الله عز وجل بالفرائض والنوافل، وبالقيام بالأوامر حسب الاستطاعة، والانتهاء عن المحرمات، هذه دعوتنا -ولله الحمد- فلسنا غلاة في محاربة الشرك السياسي، ولا جفاة،ولسنا من أهل التفجيرات أو الاغتيالات ،أو ممن جعل همه الوصول إلى البرلمانات، أو الدعوات السرية الحزبية، ولا ممن يقول: السياسة ليست من الدين، وأن الله ما بعث الأنبياء بسياسة، ولا علمهم الله السياسات التي يصرعون بها العلمانيين والمشركين!!
الأمر -كما قررتُ غير مرة- أن الشيخ ربيعًا يريد أن يرد غلوًا عند بعض مخالفيه، فيرد ما معهم من الحق أيضًا، ويتبنى قولاً جافيًا فيه جزء من الباطل، والحق وسط بين باطلين، وهدى بين ضلالتين، وهو كالوادي بين جبلين، كما قال الإمام ابن القيم -رحمة الله عليه-.
ثم ما دليل الشيخ على أن من كان من الحكام يعبد القبور، ويحكِّم القوانين الجاهلية؛ أن من السفه أن تدعوه لترك القوانين الجاهلية، قبل أن تدعوه إلى ترك عبادة القبور؟! ما دليله على هذه الأولوية؟! إذا لم يكن معه دليل، فلا يحلِّل ويحرِّم من عند نفسه!!
كان الرجل العربي -في الغالب- إذا سمع كلمة: ﴿لا إله إلا الله﴾ يُدرك أنها تدعوه إلى ترك عبادة الطواغيت بجميع أصنافهم، ولذلك ذكر الله عز وجل عنهم أنهم قالوا :﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ· وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ﴾، نعم الدعوة تكون حسب حاجة المدعوّ، وحسب استطاعة الداعية، ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾، فقد يبدأ الداعية بالكلام على عبادة القبور بين قوم اشتهر فيهم هذا البلاء،ويعجز عن الكلام في غيره،أو يرى أن البدء بغيره يأتي بأمور لا تحمد عقباها،وقد يبدأ في وقت آخر، وفي مكان آخر، بالتحذير من الحكم بغير ما أنزل الله، بين قوم قد شاع فيهم هذا المنكر، وقد لا يبالون بشرك القبور، أو قد يجوِّزون ذلك، لكن لا يهتمون به، فيبدأ الداعية معهم بما هم محتاجون إليه، أو بما هو أشد إفسادًا لهم،كل هذا مع الإشارة لأنواع المنكرات الأخرى ، وإن غلب نوعاً على آخر،وكل ذلك راجع لما يترجح -عند الداعية الموفَّق -نفعه،أما التحديد الذي ذكرتَه والإلزام بالأولويات ؛ فهذا يحتاج إلى دليل يا صاحب الفضيلة!!
وأيضًا:فالشيخ مرة يقول: (الأنبياء ما علمهم الله السياسة)، ومرة يقول: (ما تعرض نوح لشرك الحاكمية أبدًا) ثم يُسمي المصر على الحكم بما ورثه عن آبائه؛ كافرًا كفرًا سياسيًا، فهذا من الاضطراب والتناقض،لأن الفعل لا يكون شركا،إلا إذا كان تركه لله عزوجل توحيدا،وعلى كلام الشيخ يكون نوح ـ عليه السلام ـ قد ترك الدعوة لبعض أنواع التوحيد، أو التحذير من بعض أنواع الشرك!!! وقد كان من الممكن أن نحمل بعض كلامه على أنه أراد السياسة الجاهلية، إلا أن قوله السابق في نوح، وقوله ما معناه: إن من السفه أن تدعوه لترك الحكم الجاهلي، قبل أن يدخل في توحيد العبادة؛ كل هذا يشير إلى أنه لا يرى ذلك من جملة توحيد العبادة، وقد سبق ما فيه،ولو سلمنا بأنه يدخله في توحيد العبادة؛ فهل يجوز أن يقول: إن نوحاً ما تعرض للتحذير من شرك الحاكمية أبداً؟!!ولو ادعى عدم وجوده، وسلمنا له جدلاً بذلك؛ فلا دليل له في ذلك على خصمه،والله أعلم.!!
والخلاصة: أن الشيخ في هذا الموضع لا نجاة له من إيراد أحد هذه الأمور عليه:
1-إما أنه لا يرى أن الحكم بما أنزل الله,وتحليل ما أحل , وتحريم ما حرم , والتزام ما شرع؛من جملة توحيد العبادة ، وأن الشرك السياسي ليس من الشرك في العبادة، وهذا ظاهر كلامه في عدة مواضع مما سبق من كلامه,وفيه مافيه,والله المستعان.
2-وإما أنه يرى أن نوحًا عليه السلام وجد هذا الشرك عند قومه في زمانه، ولم يحذرهم منه-للأولوية المزعومة -وهذا بلاء فوق بلاء، واتهام بعدم أداء نوح عليه السلام  لبعض الرسالة، ومصادم لظاهر كثير من الآيات القرآنية السابقة وغيرها !!
3-وإما أنه يأتي بأولويات في الدعوة بدون سلطان أتاه,وهذا ظاهر لا نزاع فيه ,إلا أن يأتي بنص على قوله ,أو ينقل ما ادعاه هنا بقضه وقضيضه عن العلماء الموثوق بهم ,والذين لا يطلقون هذا إلا بعد استقراء لنصوص الشريعة ,بل ولمنهج الأنبياء جميعاً,فإن دعوى الشيخ ربيع عامة في منهج الأنبياء جميعاً.
  4-      وإما أنه مضطرب متناقض, ولهذا أدلة ستأتي قريباً-إن شاء الله تعالى-
وعلى كل حال، فلابد من تحريرك ـ أيها الشيخ ـ موقفك بجلاء في هذا الموضع،حتى لا تنسب إلى دعوة السنة ماليس منها ,فتدعي عليها الباطل ,وتشمت بأهلها الخصوم ، والله أعلم.
هذا، ومما يدلك على التناقض في هذا الموضع : أن الشيخ أدخل الحاكمية في معنى "لا إله إلا الله"في موضع آخر:
فقد جاء في شريط "مناظرة عن أفغانستان"وجه (أ) أنه قال: (...فيموت الملايين,حتى الآلاف المؤلفة, يموتون في تنظيماتهم السياسية؛ وهم على الشرك بالله تعالى، ولا نبين لهم، وهذا ضلال في ضلال، ودعوات باطلة،دعوات ضالة,أخطأت منهج الله، أخطأت منهج الرسل عليهم الصلاة والسلام،استهانت بتوحيد الله,واستهانت بأخطر الأخطار,وهو الشرك بالله تبارك وتعالى، فأنت إذا جئت للحاكم؛ ادعوه إلى توحيد الله، فإذا آمن بتوحيد الله، قلت: بقى عليك كذا وكذا، كما في حديث معاذ؛ "فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوك..."، بماذا تبدأ؟ بلا إله إلا الله، عرِّفه بمعنى لا إله إلا الله، أيش يعني؟ يدخل فيها الحاكمية، يدخل فيها الولاء والبراء، لا إله إلا الله، اشرحها له، دخِّلْ فيها الحاكمية، دخِّلْ  فيها الولاء والبراء...).اﻫ
فإذا كانت الحاكمية -وكذا الولاء والبراء- من جملة لا إله إلا الله، فكيف تدعي أن نوحًا ما تعرض للشرك في الحاكمية أبدًا؟ أليس قد ظهر خطأ الشيخ في أكثر من موضع في هذه المسألة؟! والله المستعان.

(تنبيه) إذا كان الشيخ ربيع قد ذكر أن الشرك في الحاكمية , قد يقع فيه العلماء الذين لم يلتزموا بحاكمية الله في العقيدة , وفي العبادات , وفي الحلال والحرام؛ وإذا كانت الحاكمية تتدخل في هذه الأمور؛ فكيف يدعي أن نوحاً لم يتعرض للشرك في الحاكمية أبداً؟!!هل نوح لم يتعرض أبداً للحاكمية في العقيدة ,والحاكمية في الحلال والحرام ؟!! أليس هذا من التناقض الفاحش أيضاً؟!! فإن قيل : الشرك في الحاكمية في العقيدة ليس شركاً سياسياً، قلت: قد سماه الشيخ في الموضع السابق شركاً سياسياً، فتم الإيراد عليه, والله أعلم.

وهذا حال من أطال بنياناً على غير أساس قوي , فإنه سرعان ما  يتصدع ,ويظهر فيه الخلل , وهكذا حتى تندك قواعده, وتنهار قوائمه , فأسأل الله أن يعجل بزوال صرحي الغلو والجفاء , وأن يهدي الشيخ ربيعاً إلى الصراط المستقيم , وماذلك على الله بعزيز , والله ولي التوفيق .

(تنبيه آخر) :الشيخ يرى أن المبتدع الذي لا يحتكم  لمنهج السنة,أو لا يلتزم بمنهج الله في الحاكمية ,أن شركه شرك سياسي,ومرة يقول:مشرك في الحاكمية,فهل هذا الإطلاق صحيح؟!! وهل المرجئة شركهم شرك سياسي؟!! لو سلمنا بأن الخوارج والروافض – مثلاً – لهم طموحات سياسية ,فهل كذلك كل أهل البدع؟!! فإن لم يكن الأمر كذلك؛فهل سُبق الشيخ بهذه التسمية,أو بهذا الإطلاق؟!! 













(هـ)- تفسير الشيخ ربيع لكلمة ﴿لا إله إلا الله﴾ بكلام قد أنكره أهل السنة قديمًا وحديثًا:
ذكر الشيخ  في شريط "مناظرة عن أفغانستان" (أ) الكلام المذكور قبل قليل، ثم قال: (لا إله إلا الله، اشرحها له، دخّل فيها الحاكمية، دخّل فيها الولاء والبراء، وأول ما يدخل فيها: لا معبود إلا الله ,نفى عبادة هذه الأصنام، عبادة الملائكة، عبادة الأنبياء، عبادة الأشجار، عبادة الأحجار، التي كان يعبدها المشركون...)الخ، ومن المعلوم أن القول بأنه لا معبود إلا الله؛ قول باطل، وهو قول الحلولية، والصحيح أن يقال: (لا معبود بحق إلا الله، وما عُبِد َمن دون الله، فعبادته باطلة).
وإني لأوقن أن هذا خطأ لفظي من الشيخ ، وأن عقيدة الشيخ ليست كذلك، وفي كلامه الأخير ما يشير إلى ذلك، ومع ذلك فيلزمه تصحيح كلامه، وإنما ذكرت هذا ليَعْلم أنه بأسلوب التصيد والتشهير بعباد الله؛ أنه يسيء إلى الشريعة، وإلى العلم وأهله، بل وإلى نفسه،ويجرئ السفهاء على العلماء , والأدنياء على الأجواد الرفعاء ,  والله المستعان.














(و)الشيخ ربيع له كلام ينفي فيه عن جميع الأنبياء-عليهم السلام- جهادهم أعداءهم من الكفار بالسيوف ,إنما نصرهم الله عزوجل باهلاك أقوامهم !!
فقد قال في شريط :"مناظرة عن أفغانستان " وجه(أ):" العقيدة التي جاء بها جميع الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام –وكان جهاد الأنبياء لأجل هذه العقيدة ,ما كان عندهم جهاد سيوف ,ما عندهم ؟كان عندهم دعوة ,فابتلاهم الله بالكفرة في كل مكان ,فكان الله سبحانه وتعالى ينصر هذا الرسول بإهلاك قومه ,أهلك قوم نوح من أجل العقيدة ,ولأجل التوحيد" أهـ
وهكذا يمعن الشيخ ربيع في رد الغلو بجفاء فاضح, وتخبط واضح !!
إن الموقف الشرعي من مسألة الجهاد :أنه ذروة سنام الإسلام ,إلا أن الجهاد في الإسلام له شروط معروفة في مواضعها ,وليس الجهاد هو ما يفعله بعض المتحمسين – بجهل – من تفجير واغتيال ,وصراع مع الحكومات،سواء كان من أجل الدنيا,أو من أجل أمر شرعي ,لكنهم أخطأوا السبيل,وآل بهم الأمر إلى قتل وقتال بين المسلمين ,وزعزعة لأمن البلاد ,وإذكاء للفتنة !! إن هذه صور من الفتنة والفساد ,لا من إحياء السنن ,ورفع عَلَم الجهاد !!!
لكننا إذا كنا في صدد التحذير من هذا الانحراف ؛فإننا لا ندعي أن جهاد الكفار بالسيف ,لم يبعث به جميع الأنبياء !!! هذا كلام باطل !! فأين سورة القتال ,وهي سورة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ وأين الأنفال ؟وأحكام الأنفال فرع عن تشريع الجهاد !!!
لا أدري أهذا جهل بالشريعة ؟أم أن هذا انهزام نفسي ؟أم أنه تزلف وتملق؟! أم أنه اضطراب وتناقض ؟!!ولعل الأرجح أنه تناقض, أوقعه فيه الغلو والجفاء!!والظاهر – في هذه المواضع – أنها زلة لسان,وأن الشيخ لا يقصد ما خرج من رأسه!!
وإني لأتعجب من صدور هذا من الشيخ ربيع ,ولولا أنه بصوته – والله – لكذبت هذا عنه ,فله كلام آخر – وهو كثير – في الجهاد في سبيل الله ,بل سيأتي عنه – إن شاء الله تعالى – أن من ترك الجهاد العيني؛ فلا يُعَد في الفرقة الناجية بحال ,إلا إذا عشنا في عالم الخيال !!
 هكذا -أيها الشيخ -تدعي أن جميع الأنبياء ما كان عندهم جهاد سيوف ؟إنما عندهم دعوة فقط؟!!نعم الدعوة جهاد في سبيل الله ,فقد قال تعالى في سورة الفرقان- وهي مكية , قبل نزول الأمر بالقتال-(وجاهدهم به جهاداً كبيراً) بل إن الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة؛ أعظم صور الجهاد النافع في هذه الأيام ,لكن نفيك عن جميع الأنبياء جهاد السيوف ؛باطل !!ألم تعلم ما جرى ليوشع بن نون الذي أمره الله سبحانه بفتح ديار العمالقة ,فكادت الشمس أن تغرب ,فقال لها :"إنك مأمورة وأنا مأمور "فأمسك الله له الشمس حتى فتح ديارهم ؟! ألم تعلم أن سليمان-عليه السلام- قال :"سأطوف على نسائي – الليلة وهن مائة- فتأتي كل واحدة بولد ,يكون فارساًفي سبيل الله "؟ألم تعلم أن داود-عليه السلام- قتل جالوت,وذلك في الجهاد في سبيل الله ؟ واقرأ الآيات التي في سورة البقرة، الآية رقم (249) وما بعدها،وأما جهاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فلا يخفى عليك يوم بدر وأحد وغيرهما , فإلى الله المشتكى ,فكيف يجهل أعلم الناس بالمنهج – عند مقلديه - منهج الأنبياء في هذا الباب؟ أو كيف يضطرب كلامه في هذا الباب؛وهو من الشهرة والعلم من الدين بالضرورة بمكان ؟!!
نعم هناك من الرسل من لم يقاتل قومه, ونصره الله على قومه بإهلاكهم ,وهناك من قاتل قومه ,ونصره الله عليهم ,فدخل بعضهم في الإسلام ,وبعضهم قُتل كافراً ,وهناك من الرسل من قاتل قومه ,إلا أن الله نصره عليهم بسنة كونية ,لا بغلبة جنود النبي  منهم ,لكن هذا كله لا يسوغ هذا الإطلاق!نعم فإن أكثر الأنبياء غير أنبياء بني إسرائيل لم يؤمروا بقتال,كما قال شيخ الإسلام في "الصارم المسلول"(2/209) لكن الشيخ ربيعاً أطلق هذا القول في جميع الأنبياء,فالله المستعان!!!
وقد حاولت أن أعتذر للشيخ ربيع ,فتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أحلت لي الغنائم ,ولم تحل لأحد قبلي " إلا أن هذا دليل عليه لا له،من وجهين :
1)             ففيه دليل على وجود القتال قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم , لأن الغنائم ما حلت لهم ,ولا غنائم إلا بعد تشريع الجهاد بالسيف ,وقد كانت النار تنـزل فتأكل الغنائم ,إلا إذا وقع غلول ,كما ورد الحديث بذلك !!
2)             أننا لو سلمنا بذلك فيمن قبل النبي صلى الله عليه وسلم ؛فكيف يكون الكلام في حقه صلى الله عليه وسلم؟!فوا أسفاه!!
      (تنبيه) إن هذا الإطلاق من الشيخ ربيع – حسب ظاهر لفظه - أقبح من قول العلمانيين بنسخ الجهاد ,فإن هؤلاء -على خبثهم-, قد أقروا بالجهاد فترة من الزمن – في حق نبينا صلى الله عليه وسلم – أما هو فلم يقر به ـ في هذا الموضع ـ أصلا ًفي حق جميع الأنبياء ,فإنا لله وإنا إليه راجعون !!!! والسبب في هذا كله الاضطراب والتردد بين الغلو والجفاء، وإلا فالشيخ لا يخفى عليه فساد هذا الكلام،وقد عاملته هنا بأسلوبه الذي هو مولع به,ألا وهو أسلوب التصيد!!كل هذا من أجل أن يتراجع ويتواضع ,وإلا فإني لا أشك في أن معتقده في هذا الباب صحيح,والله تعالى أعلم.

















(ز)- الشيخ ربيع له كلام ظاهر يدل على أنه يدعي أنه يرى الله بقلبه ـ أي في اليقظة ـ بل وكل من يؤمن بأن الله في السماء كذلك!! وهذا قول المبتدعة الضُّلاّل!!
فقد جاء في شريط "الجلسة الرابعة في المخيم الربيعي" وجه ( أ ): قال السائل للشيخ ربيع: هل صحيح أن الصحابة اختلفوا في العقيدة؟ قال الشيخ: (لا,لا) قال السائل: لكن يقولون اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج؟ قال الشيخ :(اختلفوا في رؤية الله في الجنة ؟)قال السائل ,لا, قال الشيخ: (اختلفوا في جزئية،) قال السائل: هذا ما يكون في العقيدة ياشيخ؟ قال الشيخ: (لا, نحن ما نقول اختلفوا, ما يحق لنا أن نقول :اختلفوا في العقيدة ,ابن عباس يقول: رآه بقلبه, وعائشة تقول:مارآه, فهم متفقون مارآه بعينه ,أما الرؤية بالقلب :أنا أرى الله بقلبي, أنت ما ترى ربك بقلبك؟!) فتكلم السائل كلمات لاتفهم, فقال الشيخ: قليل ( تؤمن بالله، وتعرف أن الله في السماء؟) قال: نعم، قال: (فهذه الرؤية القلبية).اﻫ
فهذا كلام من الشيخ ربيع ـ هداني الله وإياه ـ قد جمع عدة مجازفات، والحامل له على ذلك – فيما يظهر من حاله- الغلو في الرد على بعض الجماعات!! فلما رأى بعض الناس يقولون: ليس كل خلاف في العقيدة, يُخرج من دائرة السنة، أراد -لغلوه- أن يسد هذا الباب، فادعى أن السلف لم يختلفوا في العقيدة أصلاً، من أجل أن يقرر أن أي خلاف في مسألة العقيدة ؛ فإنه يخرج صاحبه من دائرة السنة,مع أن في المسألة تفصيلاً , ليس هذا موضعه ,بل الشيخ نفسه له كلام في بعض أشرطته، يدل على أن العالم إذا وقع في بدعة عن اجتهاد ؛ فلا يسقطه أهل السنة, وقد يفصِّل في نوع البدعة في مواضع , وقد لايفصِّل.
فلما ذُكِر له أن الصحابة-رضي الله عنهم- فمن بعدهم، اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج ـ وهذا أمر عقدي بلا شك ـ اضطرب الشيخ، فقال: (هذه جزئية)!! نعم يا شيخ ربيع هذه جزئية، لكن هل هي جزئية من أجزاء العقيدة, أم جزئية خارج العقيدة؟!! لاشك أنها من العقيدة,وقد صرح بعض السلف بذلك ، إذاً فدعواك أنها جزئية؛ ليست جوابًا على الإيراد الوارد عليك!!
وهل الاختلاف في العقيدة محصور في الاختلاف في رؤية الرب عزوجل في الجنة فقط ؟من سبقك إلى هذا؟!!
والشيخ قد ادعى الاتفاق على أنهم لا يقولون بالرؤية البصرية , وقد أثبت الخلاف في هذا القاضي عياض، انظر " الشفاء " (1/ 375) وما بعدها، إلا أن شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم نفيا صحة هذا القول عن أحد من الصحابة، انظر " مجموع الفتاوى" ( 6 / 509) وما بعدها،  و" زاد المعاد" ( 3 / 33 )وما بعدها، ولست الآن بصدد تحرير هذا ، فينظر في حينه.
ثم تأمل كيف لجّ الشيخ في الخطأ؛ فادعى أنه يرى ربه بقلبه، وذلك في اليقظة بلا شك، لأن السياق وكلامه الذي بعد هذا؛ يدل على هذا، والإسراء والمعراج كانا في اليقظة، وليس في نوم النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن ذلك في المنام، انظر" شرح الطحاوية" ( 1/ 273).
وعلى هذا فقد ادعى الشيخ قولاً لم يقل به إلا أهل البدع،ومع ذلك ، فإنهم لم يقولوا: إن كل من عرف أن الله فوق السماء؛ يرى ربه بقلبه، إنما يراه أقوام خواص، بلغوا رتبة سَنَّيِةً -عندهم-!!
أهكذا أيها الشيخ، يحملك حرصك على إبطال قول مخالفك -وإن كان حقًا، إلا أنه وضعه في غير موضعه- فتذهب إلى مالم يذهب إليه أحد من أهل العلم والدين؟! بل ولا ادعاه أحد  ممن قال بالرؤية القلبية لجميع من آمن بالعلو!!
فأين الجزارون والجلادون في "شبكة سحاب" وأخواتها ؟! هل ستهبون غيرة على الدين، وحربًا لهذه الصوفية الجديدة؟! أم ستنخنسون وتوسوسون قائلين: احذروا هذا الملبِّس!! فأعوذ بالله من شر كل وسواس خناس، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
( تنبيه ) لقد ذكر شيخ الإسلام ـ في عدة مواضع ـ كلاماً له صلةٌ وثيقةٌ بهذا الأمر:
   فقد قال كما في "مجموع الفتاوى" ( 5 / 251 ) : " ومن رأى الله عزوجل في المنام؛ فإنه يراه في صورة من الصور، بحسب حال الرائي:" إن كان صالحاً ؛ رآه في صورة حسنة، ولهذا رآه النبي صلى الله عليه وسلم في أحسن صورة.
والمشاهدات التي قد تحصل لبعض العارفين في اليقظة: كقول ابن عمر لابن الزبير، لما خطب إليه ابنته في الطواف: " أتحدثني في النساء، ونحن نرى الله عزوجل في طوافنا؟! وأمثال ذلك ؛ إنما يتعلق بالمثال العلمي المشهود، لكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه؛ فيها كلام ليس هذا موضعه؛ فإن ابن عباس قال:" رآه بفؤاده مرتين، فالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بما لم يشركه فيه غيره" إ هـ .
فتأمل قوله ـ رحمه الله ـ : " والمشاهدات التي قد تحصل لبعض العارفين في اليقظة"  فجعل هذه المشاهدات لبعض العارفين، لا كل العارفين، فضلاً عن كل من آمن بالعلو، وإن كان فاجراً من جهةٍ أخرى!!
كما أدعوك لتأمل قوله: ـ رحمه الله ـ : " إنما يتعلق بالمثال العلمي المشهود" وهذا معناه أن  هذه الرؤية، ليست رؤية القلب لذات الرب كفاحاً ، بعد رفع الحُجب المانعة من الرؤية، كما سيأتي عنه ـ إن شاء الله تعالى ـ بعد قليل.
وتأمل قوله ـ رحمه الله ـ :" فالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بما لم يشركه فيه غيره" أي أن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قد أثبت رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ربه بقلبه، بخلاف ما يقع لبعض العارفين من رؤية تتعلق بالمثال العلمي المشهود.
فلو كان الشيخ ربيع صادقاً في دعواه هذه ؛ لكان مزاحماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخصيصة، فيا لله العجب!!
وقال شيخ الإسلام ـ أيضاً ـ كما في " مجموع الفتاوى" ( 5 / 492 ) : " ...... وكذلك غير الجنيد من الشيوخ ، تكلموا فيما يعرض للسالكين، وفيما يرونه في قلوبهم من الأنوار، وغير ذلك، وحذروهم أن  يظنوا أن ذلك هو ذات الله تعالى.
وقد خطب عروة بن الزبير من عبد الله بن عمر ابنته، وهو في الطواف، فقال: " أتحدثني في النساء، ونحن نتراءى الله في طوافنا؟ فهذا كله وما أشبهه؛ لم يريدوا أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله تعالى، حتى تكافح الروح ذات الله، كما يرى هو نفسه،فإن هذا لا يمكن لأحد  في الدنيا، ومن جوزّ ذلك؛ إنما جوّزه للنبي صلى الله عليه وسلم ، كقول ابن عباس: رأى محمد ربه بفؤاده مرتين، ولكن هذا التجلي ، يحصل بوسائط، بحسب إيمان العبد، ومعرفته وحبه، ولهذا تتنوع أحوال الناس في ذلك ، كما تتنوع رؤيتهم لله تعالى في المنام، فيراه كل إنسان بحسب إيمانه، ويُرى في صور متنوعة" إ هـ .
فتأمل قوله ـ رحمه الله ـ : " وفيما يرونه في قلوبهم من الأنوار ..... وحذروهم  أن يظنوا أن ذلك هو ذات الله تعالى" وأنها رؤية أنوار لبعض الناس، فأين هذا ممن أطلق ـ في حق نفسه وحق من آمن بالعلو ـ رؤية الله عزوجل بالقلب؟!
وإذا رجعت إلى سياق كلام الشيخ ربيع؛ ظهر لك أنه يرى الله بقلبه، تلك الرؤية التي عزاها ابن عباس ـ  رضي الله عنهما ـ لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وهذا سياق كلامه مرة أخرى ، قال :
" ...... ما يحق لنا أن نقول : اختلفوا في العقيدة، ابن عباس يقول : رآه بقلبه ، وعائشة تقول: مارآه، فهم متفقون مارآه بعينه ، أما الرؤية بالقلب: أنا أرى الله بقلبي، أنت ما ترى الله بقلبك؟! .... تؤمن بالله ، وتعرف أن الله في السماء؟.... فهذه الرؤية القلبية" إ هـ .
فها هو يذكر الاتفاق على عدم الرؤية البصرية،  ويدعي مباشرة أنه يرى الله بقلبه، أي أن الرؤية القلبية التي ادعاها ابن عباس؛ موجودة عنده وعند آخريين !! لأن الصحابة لم يختلفوا في المثال العلمي المشهود ، إنما اختلفوا في الرؤية البصرية ، أو القلبية ، أو نفي ذلك كله ، لحديث : " نور أني أراه ؟ "
وإذا ظهر لك هذا الحال من كلام الشيخ ربيع، فتأمل قول شيخ الإسلام:" فهذا كله وما أشبهه، لم يريدوا به أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله تعالى .... الخ.
فهذا شيخ الإسلام يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم رؤيةً قلبية ـ على قول ابن عباس ـوفسَّر الرؤية القلبية بقوله:"حتى تكافح الروح ذات الله" وأما غيره فلم يجوّز ذلك له أحد من العلماء ، إنما هي مشاهدة تتعلق بالمثال العلمي، ولعل ذلك لزيادة الإيمان في بعض الأوقات، كما جاء في الحديث ، في تعريف الإحسان:" اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه؛فإنه يراك " وأكد ذلك شيخ الإسلام بقوله : "ولكن هذا التجلي، يحصل بوسائط .. "
فلو أن الشيخ ربيعاً أثبت لنفسه هذا التجلي ـ فمع ما فيه من التزكية لنفسه، وناهيك بهذه الرتبة التي ادعاها لنفسه ـ لربما نازعه في ذلك غير واحد ، كما هو ملاحظ من حاله في ظلم كثير من العباد !! فكيف وهو يدعي رؤيةً قلبيةً، بل جاد بهذه الرتبة السَّنِيّة على كل من آمن بالعلو !!!
هذا، وإن وُجد في كلام شيخ الإسلام أو غيره ما يوهم خلاف هذا ؛ فيُرد إلى ما فصّله هنا، لقوله ـ رحمه الله ـ فهذا كله وما أشبهه ، لم يريدوا أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله تعالى ، حتى تكافح الروح ذات الله ، كما يرى هو نفسه ، فإن هذا لا يمكن  لأحد في الدنيا، ومن جوّز ذلك ؛ إنما جوّزه للنبي صلى الله عليه وسلم .....   ولكن هذا التجلي يحصل بوسائط ، بحسب إيمان العبد .... "إهــ .
وبمثل قول شيخ الإسلام هذا,أفتت اللجنة الدائمة,كما في "فتاوى اللجنة الدائمة"جمع الدويش (2/191) ط/دار بلنسية.
ومما يقوي لك ذلك : أن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب النجدي ـ رحمه الله ـ قد فهم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- أن من قال بأنه يرى الله بفؤاده ؛فهو مبتدع ضال،‍‍ فقد جاء في مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب "(11/13-14) ملحق المصنفات,المسألة (17) أنه قال : رؤيته صلى الله عليه وسلم ربه بعيني رأسه ؛ لم يَثبت عنه ,ولا عن أحد من الصحابة ,ولا الأئمة المشهورين ، لا أحمد ولا غيره,لكن ثبت عن الصحابة كأبي ذر وابن عباس وغيرهما,وأحمد بن حنبل ، أنه رآه بفؤاده ، كما في"صحيح مسلم"  ..عن ابن عباس (( رأى محمد ربه بفؤاده مرتين)) وثبت عن عائشة الإنكار ,فمن العلماء من قال :أنكرت رؤية العين ,فلا منافاة ، ومنهم من جعلها على قولين , فمن قال: لا يُرى في الآخرة ؛ فهو جهمي ضال, ومن قال :يُرى في الدنيا بالفؤاد لغيره صلى الله عليه وسلم؛فهو مبتدع ضال,ومن قال: إنه صلى الله عليه وسلم رآه بعينه ؛ فهو غالط....أهـ
فهذا تصريح من الإمام محمد بن عبد الوهاب بتبديع وتضليل من قال بهذا ، ولا شك أن هذه الأقوال لا تصدر من متقن لعقيدة أهل الحديث والأثر !! فهل هناك مخرج من هذه الورطة ، إلا بالتوبة إلى الله عزوجل ، ويا تُرى ماذا سيقول الشيخ وجنوده ؟! عسى أن يكون خيراً ، فوا الله ما نريد إلا الخير ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
 (تنبيه آخر): الاختلاف في بعض مسائل عقدية ؛موجود بين السلف، فلا حاجة للإنكار الشديد من الشيخ ربيع لهذا !!
فقد أشار شيخ الإسلام لبعض مسائل علمية عقدية، ومسائل عملية، ثم قال: (وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد على أحد بكفر، ولا بفسق، ولا معصية...)،الخ كلامه في "مجموع الفتاوى" (9/229) وما بعدها، وقال أيضًا في (19/123): (وتنازعوا -أي الصحابة- في مسائل علمية اعتقادية، كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الحي ببكاء أهله، ورؤية محمد صلى الله عليه وسلم ربه قبل الموت، مع بقاء الجماعة والألفة...).اﻫ
هذا مع أن الشيخ ربيعاً إذا خالفه رجل في مسألة ليست عقدية ؛حرص على الزج بهذه المسألة في ميدان العقيدة ,حتى يسوِّغ لنفسه – في نظره ونظر مقلديه – إخراج خصمه من أهل السنة ,ورميه بأقذع الشتائم !!وهاهو يُخْرج مسائل عقدية –صرح السلف فيها بأنها من قسم العقائد –!!فالشيخ له الحق أن يقول ماشاء ,لأن سلفيته مضمونة,بل وإمامته التي لاتدانيها رتبة غيره من علماء العصر مضمونة أيضاً عند المقلدين من الجهلة !!!
(تنبيه آخر): لو كان الشيخ ربيع وكل من آمن بالعلو يرى ربه بقلبه؛ فلماذا اختلف الصحابة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه، هل كان ذلك بعينه أم بقلبه؟ فلو كان كل من آمن بالعلو -وإن كان فاجرًا من جهة أخرى- يرى ربه بقلبه، فما هي المزية التي اختص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الحدث العظيم، والمنـزل الكريم؟ ولماذا لم يقل من قال بالرؤية البصرية: إنكم معشر القائلين بالرؤية القلبية، لم تأتوا بجديد، فإننا متفقون على الرؤية القلبية قبل المعراج وبعده للرسول صلى الله عليه وسلم ولغيره من أهل السنة، إلا أننا متفقون على مزية خاصة به صلى الله عليه وسلم في هذا الحال، فلا تكون إلا الرؤية البصرية؟! لماذا لم يحتجوا بذلك على من قال بالرؤية القلبية؟! إن السبب في ذلك أنهم يعلمون أنه لا قائل بالرؤية القلبية مطلقًا، وفي كل الأزمنة، ولكل من آمن بالعلو!! وهذا وحده كاف في هدم هذه المجازفات، وقد جاء في "صحيح مسلم" أن ابن عباس قال في قوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾، وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾، قال: رآه بفؤاده مرتين.إهـ من أول كتاب الإيمان في "صحيح مسلم",فلو كان النبي  صلى الله عليه وسلم -فضلاً عن الشيخ ربيع- يرى ربه بقلبه دائمًا؛ فلماذا حدد ذلك ابن عباس بمرتين؟! وانظر البحث ملخصًا في "مجموع الفتاوى" (6/509-510).
إن المرء ليخجل من هذه المجازفات إذا صدرت من طالب علم ، فكيف إذا صدرت ممن يوصف بأنه حامل لواء الجرح والتعديل،وأنه أعلم بمنهج أهل السنة من علماء هذا العصر,بل ويدعي له بعض مقلديه العصمة في مسائل منهج أهل السنة والجماعة، وهذا التقصير الفاضح موجود عنده في أمور عقدية، فإلى الله المشتكى!!
إن هذا خطأ لفظي وعقدي، يلزم الشيخ أن يتخلص منه، ويا سبحان الله، لو وقف على مثل هذه الفاقرة في كلامي أو كلام غيري ممن لا يقلدونه، فماذا كان سيفعل؟!
والذي يظهر لي أن الشيخ يكره معتقدات الصوفية المنحرفة، لكن حمله على هذه المجازفات: الجواب على السائل، والرد على الآخرين،كي لا تُهدم السلفية بسكوته !!فرد -في هذه المرة- حقًا بباطل، وما هكذا يا سعد تورد الإبل!!.
(تنبيه أخير):ومع أنني قد صرحت بأن الشيخ ربيعاً لا يقر عقائد الصوفية القبيحة ,إلا أنه وقع في هذا الخطأ الفاحش لتسرعه في الجواب على السائل ,مع أنه لم يحسن في الجواب!! فمع هذا التصريح؛اعترض بعض الإخوة,بأن الشيخ لا يمكن أن يقصد الرؤيا بالمعنى المذكور في حقه صلى الله عليه وسلم ,إنما يقصد العلم بالله عزوجل ومعرفته!!
فلا أدري هل زاد أخونا هذا شيئاً عما اعتذرت به للشيخ؟!! فكان الأولى به أن يصرح بنكارة وشناعة هذا التعبير,وإن كان القصد حسناً ,فإن في ذلك التعاون على البر والتقوى .
وأعيد مرة أخرى سياق كلام الشيخ ,لينظر الجميع؛هل في كلام الشيخ ما يدل على أن المراد بالرؤية القلبية العلم والمعرفة,أم لا؟!!
فهاهو يقول:" ما يحق لنا أن نقول:اختلفوا في العقيدة ,ابن عباس يقول :رآه بقلبه ,وعائشة تقول: ما رآه ,فهم متفقون :مارآه بعينه ,أما الرؤية بالقلب؛أنا أرى الله بقلبي ,أنت ما ترى الله بقلبك؟.... تؤمن بالله ,وتعرف أن الله في السماء؟.... فهذه الرؤية القلبية "أهـ فقد نقل الشيخ قول عائشة وابن عباس,وخلص بأنهما متفقان على عدم الرؤية الرؤية البصرية,فما بقى إلا قول ابن عباس بالرؤية القلبية,وحقيقتها معروفة,ثم عقب بقوله :أما الرؤية بالقلب ,أنا أرى الله بقلبي .....الخ. وتأمل أن هذا القول منه جواب عمن يدعي اختلافاً في العقيدة بذلك,فأظهر أنه لا خلاف ,بل لا حاجة للخلاف،لأنه وآخرين يرون الله بقلوبهم!! فهل كان المعنى الذي أثبته المدافع عن الشيخ ربيع له أدنى ذكر في سياق هذا الكلام؟!! فقوله:"أما الرؤية بالقلب " أي تلك التي يذكرها ابن عباس- كما هو ظاهر السياق- لا تستدعي اختلافاً ,بعد الإتفاق على عدم الرؤية البصرية,لأنه مع آخرين يرون الله بقلوبهم!! فهل بعد هذا اشتباه في نكارة هذا السياق ,وأما قصد الشيخ؛فقد أثنيت عليه ,لما أعرفه عنه في الجملة,وأما اللفظ فقبيح قبيح,والله المستعان.















(ح)- للشيخ ربيع كلام، يدل على عدم تحريره موضع النِّزاع بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء والمعتزلة!!
فقد قال في شريط "الجلسة الثالثة في المخيم الربيعي" وجه ( أ ): (...في المرجئة غلاة، كفَّروا-أي السلف-بعض غلاتهم،بعض الطوائف المبتدعة الغلاة كفَّروهم,لكن مرجئة الفقهاء,هؤلاء ما كفروا، لأنهم يوافقون السلف في اشتراط العمل، ويوافقونهم في القول بنفوذ الوعيد في أهل الكبائر).اﻫ
وهذا الكلام فيه حق وباطل:
فأما الحق الذي فيه: أن من السلف من كَفَّر بعض غلاة المرجئة، وأنهم لم يكفروا مرجئة الفقهاء، أو مرجئة أهل الكوفة، وتفصيل ذلك: أن المرجئة قسمان: غلاة متكلمون، وفقهاء غيرغلاة،أما المتكلمون:
فمنهم: الجهمية: وقد قالوا: الإيمان هو المعرفة، فمن عرف؛ فهو كامل الإيمان، وعلى هذا فالشيطان يكون كامل الإيمان، لمعرفته بالرب،!!والكفر عندهم هو الجحود فقط، فإنه المقابل للمعرفة.!!
ومنهم الأشاعرة: وقد قالوا: الإيمان التصديق، وأما الإقرار بلا إله إلا الله؛ فليس من الإيمان، إنما هو دليل على الإيمان، وعلامة إقرار به فقط.!!
ومنهم الكرامية: وقد قالوا: الإيمان هو الإقرار، فمن أقر ولم يصدق؛ فهو كامل الإيمان، وعلى هذا فالمنافقون كاملو الإيمان عندهم!!
وأما مرجئة الفقهاء,أو مرجئة أهل الكوفة: فقد قالوا: الإيمان هو النطق باللسان، والتصديق بالجنان؛
واتفقت جميع فرق المرجئة على أمور:
  1-      عدم دخول العمل الظاهر في مسمى الإيمان، فليس العمل الظاهر جزءًا من الإيمان.
  2-      كمال الإيمان مع ترك العمل الظاهر، فالإيمان لا يتفاضل عندهم، أي أنه سواء في الناس جميعاً ، فإيمان الفساق كإيمان أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ بل وكإيمان جبريل وميكائيل ـ عليهما السلام ـ !!!
  3-      أن الإيمان كلية واحدة لا يتجزأ، فإما أن يبقى كله، وإما أن يذهب كله، ووافقوا في ذلك أيضًا المعتزلة والخوارج، إلا أن الخوارج كفَّروا بالمعصية، لزوال الإيمان كله بها، والمرجئة لم يجعلوا المعصية سببًا في نقص الإيمان، لأن نقصه يؤدي – ولابد عندهم ـ  إلى زواله، ففروا من قول الخوارج -بعد اتفاقهم معهم على قاعدة فاسدة- فوقعوا فيما وقعوا فيه!!
  4-      الاستثناء في الإيمان شك عندهم، والشك كفر،لأن الاستثناء يرجع إلى خشية التقصير في العمل ، وهم لم يشترطوا العمل في مسمى الإيمان !!!
فكيف يقول الشيخ ربيع بعد ذلك في مرجئة الفقهاء: (لأنهم يوافقون السلف في اشتراط العمل)؟! أَيُّ عملٍ يقصده الشيخ ربيع ؟إن كان يعني العمل الظاهر، فلم ير ذلك مرجئ على ظهر الأرض، وتصريح العلماء بذلك أشهر من نار على عَلَم!! وقد قال الإمام أحمد : " من قال : الإيمان قول وعمل ؛ فقد برئ من الإرجاء " وقال البربهاري : " من قال الإيمان قول وعمل،يزيد وينقص ؛ فقد برئ من الإرجاء أوله وأخره " فأين دليل دعوى الشيخ ربيع هذه ؟!
فعلى الشيخ ربيع الدليل على قوله، والعزو إلى كلام عالم موثوق به، وإلا فليتراجع!!
نعم, مرجئة الفقهاء ترى أن من ترك شيئاً من الأعمال الظاهرة ؛فهو معرَّض للوعيد في الآخرة، كما هو قول أهل السنة، لكنهم يرون كمال إيمانه مع تركه لهذا العمل الظاهر، وهذا من التناقض!! كما صرح بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ، في غير ما موضع .
فإن قال الشيخ ربيع: قصدي بقولي السابق : أن مرجئة الفقهاء يرون تعرض صاحب الكبيرة للوعيد في الآخرة.
فالجواب: أي دليل من سياق كلامك هنا يدل على ذلك؟ ألست تنكر حمل كلام العالم بعضه على بعض، ليفسر بعضه بعضًا، إلا في حالة السياق الذي يدل على ذلك فقط؟! هل بان لك ـ أيها الشيخ ـ أنك في أمس الحاجة إلى حمل المجمل على المفصل، لكثرة إطلاقاتك وعموماتك؟!
وإن سلمنا لك بهذا-لمانعلمه عنك من اعتقادك عقيدة السلف في الجملة- فيلزمك تصحيح عبارتك أولاً، وبيان موقفك من هذه المسألة بجلاء,وأن تتكلم فيها بكلام أهل العلم , لابكلام من لايحسن عزو الأقوال إلى أهلها في هذاالباب الخطير!! والذي يظهر لي أنك غير متقن لبعض هذه الأمور !! وما ذلك –في نظري ونظر عدد كبير من طلاب العلم ,بل وفي نظرك أيضاً كما سبق –إلا لمبالغتك في الكلام على مخالفيك ,فشغلك ذلك عما هو أهم،وعما أنت إليه أحوج،وياليتك أحسنت في ردك على المخالف,فلو فعلت هذا؛لكان ذلك مقبولاً – وإن كنت قد أجبت في مواضع - فالتخصص في الخير محمود, إلا أن هذا الحال يؤكد لنا دقة وقوة وشمولية منهج السلف، وجزاء من خالفه من الخلف ، والله المستعان .
وأيضًا فقولك: (ويوافقونهم في القول بنفوذ الوعيد في أهل الكبائر) يا سبحان الله، هل أهل السنة يقولون بإنفاذ الوعيد في جميع أهل الكبائر,كما هو ظاهر إطلاقك؟! أليس هذا قول المعتزلة، ومن أصولهم الخمسة؟ أليس الله عز وجل يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾، فكيف يقال بإنفاذ الوعيد، مع قوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾؟!! هذا أمر قبيح من طالب علم، فكيف من حامل لواء الجرح والتعديل، ذاك المعصوم في المنهج، الذي سلفيته أقوى من سلفية الألباني – عند نفسه وعند الأذناب - ؟!!
فإن قال الشيخ: أنا أقصد بقولي هذا: أن أهل الكبائر معرضون للوعيد، لا ضرورة إنفاذ الوعيد فيهم!!
قلت: قد التمسنا لك العذر ـ من عند أنفسنا ـ في كلمتك الأولى بهذا المعنى، فكيف تكرر كلامك، وتعيده مرة أخرى بالمعنى نفسه ؟! هذا مع بُعْد هذا التأويل هنا ,وهاأنت تردد ألفاظ المعتزلة ,بقولك :"نفوذ الوعيد في أهل الكبائر "!!
ولعلمي بأن هذا الأمر واضح جداًعند أهل السنة , فلا يخفى على طلاب العلم منهم ,فضلاًعن العلماء , وإلا لأحلتكم على مواضع كثيرة من كتب العقيدة في ذلك.
وسيأتي -إن شاء الله –أنك ترى عدم الحاجة لتدريس كتب العقيدة التي تتكلم على الفِرَق الأولى , وتوجب الاشتغال بالفرق المعاصرة كالإخوان المسلمين والتبليغ !! ولعل تزهيدك في هذه الكتب هو الذي أوقعك في مثل هذه المضحكات !!
وعلى كل حال، فالإيراد وارد لا محالة، وانظر – أخي المنصف –كيف أنّي أحاول التماس المخارج للشيخ،عسى أن يوافق كلامه كلام أهل السنة ,إلا إذا أدى هذا إلى التكلف والتعسف ؛فلا ,أما هو فيطحن مخالفه بحقه وباطله، وينسفه بخيره وشره، وما على هذا منهج العلماء, ونعوذ بالله من الفجور في الخصومة‍‍‍‍‍ ‍‍‍!!
فأين الغلاة المقلدة من عدم تحرير الشيخ ربيع للفرق بين كلام أهل السنة ومرجئة الفقهاء، وبين أهل السنة والمعتزلة، فينسب لمرجئة الفقهاء مقالة أهل السنة، وينسب لأهل السنة ومرجئة الفقهاء، مقالة المعتزلة، وهذا تخبط فاضح، وهذا جزاء من تتبع عورات الناس -لحظوظ نفسية-فقد أوقعه الله فيما يفضحه به في جوف داره، ومن جرّ ذيل الناس بالباطل؛ جرّوا ذيوله بالحق، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
( تنبيه): اعتذر بعض إخواننا عن الشيخ ربيع في قوله هذا,بقوله :" أهل السنة يوافقون المعتزلة في نفوذ الوعيد ,ولا يوافقونهم في وجوب نفوذ الوعيد"أهـ
 قلت:في هذا الإعتذار نظر من وجوه:
1-           أن أهل السنة لم يقولوا بنفوذ الوعيد في جميع أهل الكبائر ,بل يرون ذلك في بعضهم ,وبعضهم- وإن عُرِّض للوعيد- إلا أنه قد تكون له حسنات غالبة ,أو مصائب مكفِّرة ,أو شفاعة ,ونحو ذلك, ثم كيف يعترض أخونا بذلك الإعتراض على قولي:" يا سبحان الله,وهل أهل السنة يقولون بإنفاذ الوعيد في جميع أهل الكبائر"؟!! فإن إعتذار أخينا بهذا الجواب ,على هذا الإستفهام الإنكاري؛لا زمه انه يرى نفوذ الوعيد في جميعهم,وهذا مردود بلا شك!!
2-           هذا اللفظ الذي عبر به الشيخ ربيع, هو تعبير العلماء عن المعتزلة في عشرات المواضع من الكتب ,ولا أعرف موضعاً واحداً أطلق فيه العلماء هذا القول عن أهل السنة,وأنهم ذكروا في معتقدات أهل السنة,القول بنفوذ الوعيد ، ويعنون بذلك جواز النفوذ ,لا وجوب الإنفاذ,فإن كان عند أخينا ما يدل على ذلك؛فجزاه الله خيراً على هذه الإحالة الجديدة السديدة ,ومعرفة ذلك عندي أحب إليّ من صحة الإنتقاد أو بطلانه,لأنني – في الجملة-أرى أن الشيخ ربيعاً لا يرى ضرورة دخول العاصي النار ,إنما أوقعه في هذا التعبير السئ ؛الحال الذي لا يخفى على كثير من الناس!!
نعم ,قد يقول العالم من أهل السنة, راداً على غلاة المرجئة ,الذين لا يرون لحوق الوعيد أصلاً بأهل الكبائر ,فيرد عليهم ,فيقول:وشككتم في نفوذ الوعيد في أهل القبلة جملة ,كما قاله شيخ الإسلام في "الفتاوى الكبرى"(5/322) أو كثير من المرجئة والجهمية من يقف في الوعيد, فلا يجزم بنفوذ الوعيد في حق أحد من أرباب الكبائر,قاله شيخ الإسلام- أيضاً – في "الأصفهانية"(1/182) إلا أن هناك فرقاً بين ورود هذا التعبير في هذا السياق ,وبين قول الشيخ ربيع- عازياً ذلك لعقيدة أهل السنة - :"ويوافقونهم في القول بنفوذ الوعيد في أهل الكبائر"
فمن كان عنده علم بأن هذا التعبير قد عبّر به السلف ,فليفدني بذلك :( وفوق كل ذي علم عليم)
وأيضاً: فتأمل دقة عبارة شيخ الإسلام,حيث يقول :"في أهل القبلة جملة" ويقول:" في حق أحد من أرباب الكبائر" فإن هذا يدل على نفوذ الوعيد في البعض لا الكل .
3- الذي حمل أخانا على هذا الإعتذار للشيخ ؛ ما يعرفه عنه من صحة معتقده في هذا الباب ,وأنا لا أعارضه في ذلك, لكن يجب أن يعرف أيضاً:أن الشيخ يصرح بأنه لا يُحمل كلام العالم بعضه على بعض ,وبناءً على قاعدته – المشئومة - هذه: فما هو الدليل الذي يجعلنا نصرف ظاهر كلامه:" بنفوذ الوعيد في أهل الكبائر"  إلى بعضهم دون البعض الآخر؟!! وكذلك يجعلنا نصرف ظاهر كلامه :"نفوذ الوعيد" بمطلق النفوذ ,لا النفوذ المطلق,ومع أن هذا خلاف الأصل ؟!! إذاً فكلمة الشيخ معترضة ,ولو عاملناه بقواعده؛لاتهمناه بمقالات شنيعة؛ألا فليتراجع عن قواعده المنحرفة,وليتواضع للحق,وليُنصفْ من أراد الدفاع عنه، والله أعلم  





 (ط)-هل الشيخ ربيع يُخرج العصاة أهلَ الكبائر، من أهل السنة والجماعة؟!!
ففي كتاب "أهل الحديث هم الطائفة المنصورة الناجية" ط/دار المنار,ص(156)الحاشية(1) قال الشيخ: (ومعلوم أن للفرقة الناجية ميزة,اختصت بها على سائر الفرق، وهي ضمان نجاتها من النار، وهي غير النجاة التي ضُمِنَت للفرق الهالكة، وهي: النجاة من الخلود في النار).اﻫ
قلت:هذا كلام ظاهره لا غبار عليه، فإن المتبادر عند الكثير من معنى الفرقة الناجية، أي الناجية من النار، وإذا كان أهل البدع -غير المكفرة- مسلمين، فأي مسلم قد ضُمنت له النجاة من الخلود، مهما طال مكثه في النار -عياذًا بالله من النار- وإذا كان أهل البدع لا يُخلدون، فإن قلنا: إن نجاة الفرقة الناجية: هي عدم الخلود أيضًا، إذًا فما وجه مزية الفرقة الناجية على الفرق الهالكة ؟!! إذًا فالنجاة نجاة من الدخول أصلاً.
لكن هذا الكلام عند التأمل فيه تفصيل، وذلك: أن الفرقة الناجية قد يكون فيها بعض العصاة، الذين يقترفون الكبائر، فهل هؤلاء ضُمنت لهم النجاة من دخول النار أصلاً؟!
فلو أن رجلاً مات على كبيرة، أي لم يتب منها، ولم يقع في بدعة من البدع المعروفة قديمًا وحديثًا، فهل هذا الرجل من أهل السنة، الذين هم عندنا وعند الشيخ ربيع : هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ؟
فإن قال الشيخ ربيع: إنه من أهل السنة، إذًا فقوله هنا بضمان النجاة من الدخول أصلاً؛ قول غلاة المرجئة، الذين يجزمون بالنفي العام، كما قال شيخ الإسلام، أي يطلقون القول بأن العصاة لا يدخلون النار أصلاً، وهذا هو لازم قول الشيخ ربيع هنا، بل إن جمهور الغلاة لا يجرؤ على هذا الجزم بالنفي العام، فيتوقف في ذلك، كما في "مجموع الفتاوى" (7/ 297 ) فقد قال شيخ الإسلام :"... وقول غلاة المرجئة، الذين يقولون: مانعلم أن أحداً منهم يدخل النار، بل نقف في هذا كله، وحُكِي عن بعض غلاة المرجئة الجزم بالنفي العام" وانظر نحو ذلك في"الفتاوى الكبرى "(5/322), إذًا فهذه طامة كبرى -على هذا القول- لأن هذا قول بعض غلاة المرجئة، وهم غلاة الغلاة، وأهل السنة يقولون فيمن كان كذلك: هو ليس آمناً من دخول النار، بل هو معرّض لذلك، وقد يدخلها، وقد ينجو منها بشفاعة، أو رحمة، أو عمل صالح يثقل به ميزانه، أو غير ذلك.
وإن قال الشيخ: إن العاصي لا يدخل في الفرقة الناجية؛ فيقال له: إلى أي الفِرَق تنسبه؟ هل الزاني جهمي، أو مرجئي، أو معتزلي ، أو قدري ، أو رافضي، أو أشعري...الخ؟! فإذا لم يكن كذلك، فكيف تخرجه من دائرة السنة؟ أم أنك ستتوقف فيه؟!!
 وقد كنتُ مرة عند الشيخ ربيع، وذُكر له أن من جملة أقوال يحيى الحجوري, قوله:"الزاني ليس من أهل السنة" فسكت الشيخ ربيع، فسألته، وقلت:ماذا تقول في هذا القول؟ فقال:لا نقول من أهل السنة، ولا من غير أهل السنة"؟!!فأثار هذا في نفسي منه ريباً،زد على ذلك ما سيأتي من كلامه عن تارك الجهاد العيني،فرأيت أن يُجمع بين هذا كله،وبين كلامه في تعريف الفرقة الناجية ليُنظر هل سيعد العاصي منها؟ إذاً فكيف يخرج الشيخ من ذلك الإشكال؟!أم يخرجه منها، فإلى أي جهة يذهب به؟!! فذكَّرني ما في كتابه هنا هذا موقفه من كلام الحجوري!!
ومع أن الشيخ قد توقف في جوابه عن كلام الحجوري في الزاني، وجعله في منـزلة بين المنـزلتين، فلا هو بسني، ولا هو خارج عن أهل السنة، وهذا ضرب من الاضطراب، وعدم إتقان الأصول في هذه المسائل الخطيرة!! أو على الأقل: أن ذلك يدل على التسرع في موضع الأناة!!
والشيخ في الكتاب نفسه "أهل الحديث هم الطائفة المنصورة" ص(163) ذكر من ترك الجهاد العيني, ولم يرفع به رأسًا، وذكر أنه لا يمكن أن يكون صحيح العقيدة، نقي السريرة.
وكما ذكرتُ -من قبل- أن الشيخ قد يُدخل بعض كلمات مطاطة، ليكوِّن منها خط رجعة عند المحاققة -فيما يظهر، والله أعلم- فما معنى قوله هنا: (ولم يرفع به رأسًا)؟ فإن كان المراد التكذيب أو الاستهزاء بفريضة الجهاد، أو نحو ذلك؛ فهذا كفر مجرد، ولا يُقال في صاحبه: (غير صحيح العقيدة، ولا نقي السريرة) فقط!! وإن كان المراد: ترك الجهاد لشهوة, أو لضعف, أو لسبب من الأسباب التي لا يُعذر بها المرء، والتي وقعت لبعض الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ في غزوة تبوك؛ فهل يقال في حق هؤلاء الثلاثة -رضي الله عنهم- (لم يكونوا صحيحي العقيدة، ولا سريرتهم نقية)؟!﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾، وهل نتهم هؤلاء بأنهم على شعبة من النفاق، كما أشار لذلك الشيخ في الصفحة نفسها؟! كلا، ورب الكعبة، إنهم أهل الصدق الذين مدحهم الله تعالى بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾، ومن المعلوم أن تخلف كعب ومن معه من الصادقين ـ رضي الله عنهم ـ كان تخلفاً عن جهاد عيني، لا كفائي، وإلا لما عوتبوا بل ولما هُجِروا هذا الهجر الشديد !!
ومما يدل على أن الشيخ يُخرج تارك الجهاد العيني من الفرقة الناجية: قوله في الصفحة نفسها : (ولا يجوز عَدُّ هذا الصنف في الفرقة الناجية بحال، إلا إذا عشنا في الخيال).اﻫ
فهذا وما قبله يرجح أنه لا يعد العاصي من أهل السنة-وبعبارة أدق : لا يعد الزاني وتارك الجهاد العيني ,مع إقرارهما بحكم الله في ذلك, من أهل السنة ـ فعلى هذا يرد عليه ما قد سبق ، ولا أعلم ما بفرق به بين هذين وبين بقيته أهل الكبائر الأخرى !!!
والخلاصة: إن كان الشيخ ربيع يعد العاصي من أهل السنة، فكيف يطلق ـ هنا ـ ضمان نجاته من دخول النار أصلاً. ؟! وهل هذا إلا قول غلاة غلاة المرجئة؟! وإن كان لا يعده منهم ـ ولعله الظاهر من كلامه ـ  فمن سلفه في هذا؟ وبماذا يحكم الشيخ على من وقع في معصية ، وقبل أن يتوب، أو قبل أن يقام عليه الحد؟ هل هو من أهل السنة ، أم من الفرق الهالكة، أم يُتوقف فيه ؟! وكذلك هل الكبيرة تلحق صاحبها بأهل البدع؟ وإذا كان الأمر عنده كذلك !! فإلى أي فرقة ينسبه ؟! كل هذا يحتاج الشيخ ربيع أن يتخلص منه بطرق علمية، لا بسب ولا شتم، ولا طعن ولا وخز!! ويراعى في ذلك إعادة النظر في عباراته السابقة .
 (تنبيه): الفرقة الناجية : هي الفرقة التي تسير على ماكان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه- رضي الله عنهم- وعلى ذلك: فهي الفرقة التي منهجها معصوم من الانحراف, فمن تمسك بهذا المنهج المعصوم ؛ فهو ناج من دخول النار أصلاً, ومن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً –لكنه لم يقع في بدعة – فهو من عصاة أهل السنة , وليس ناجياً من دخول النار أصلاً , إنما هو معرض للوعيد ، وهو ناج من الخلود إن دخل النار ,فإن أطلقنا القول بالنجاة من دخول النار أصلاً ؛ فإنما نعني الحالة الأولى ,وإن أطلقنا القول بالنجاة من الخلود؛فإنما نعني الحالة الثانية , والله أعلم.
    ( تنبيه آخر ) : العاصي لا يخرج بكبيرته عن دائرة أهل السنة والجماعة ، وإن كنا نعامله بما يقتضيه الشرع ، من إقامة حدٍ ، أو تعزيز ،أو نحو ذلك ، وقد صرح البربهاري في  " شرح السنة " ص ( 114 ـ 115 ) الفقرة رقم ( 150 ) بذلك،فقال :"وإذا رأيت الرجل من أهل السنة ، ردئ الطريق والمذهب ، فاسقاً فاجراً ، صاحب معاصٍ ، ضالاً ، وهو على السنة ؛ فاصحبه ، واجلس معه ، فإنه ليس يضرك معصيته ، وإذا رأيت الرجل مجتهداً في العبادة ، متقشفاً محترقاً بالعبادة ، صاحب هوى ؛ فلا تجالسه ، ولا تقعد معه ، ولا تسمع كلامه ، ولا تمش معه في طريق ، فإني لا آمن أن تستحلي طريقته ...... الخ " إ هـ .
فجعل العاصي الضال الفاسق الفاجر من أهل السنة ، ما لم يكن من أصحاب الأهواء فتأمل .
( تنبيه أخير) : اعتذر بعضهم للشيخ بأنه لا يمكن أن يخرج الزاني من أهل السنة،إنما يعني أنه ليس من أهل الكمال في السنة!! وإني لأتعجب من هذا الاعتذار، مع تصريحي عنه بأنه قال  منكراً على الناقل:" اسكت،لا تقول الزاني ليس من أهل السنة، ولا ليس من أهل السنة"!! ثم مع تصريحه أيضاً بأنه عد التارك للجهاد العيني في الفرقة الناجية؛ لا يكون إلا إذا عشنا في الخيال!! وليس مع صاحب هذا الاعتذار إلا مجرد حسن الظن بالشيخ ربيع، وهذا الشعور - وإن كان حسناً - إلا أن ذلك له حدود، فالحق صديقنا، والشيخ صديقنا، فإذا افترقا؛ فنحن مع الصديق الدائم، ألا وهو الحق، والله أعلم.
أضف إلى ذلك أن الشيخ ربيعاً يتصيد إطلاقات الخصم، ويحملها مالا تحتمل، فمع حسن ظننا به ـ وبدون تكلف ـ ينبغي كشف عوار طريقته المحدثة،وإلزامه بجنس عمله ، حتى يتراجع ويتواضع، وفي هذا مصلحة لا تخفى، والله أعلم .






(ي)- تعريف الشيخ ربيع للإرجاء؛ بتعريف لم يُسْبَق إليه أحد!! وهذا فرع عن غلوه !!
فمن المعلوم أن المرجئة فرقة تاريخية , معروفة بعقائدها ومقالاتها, وأنهم الذين يقولون بكمال إيمان من ترك العمل الظاهر، ومنهم الغلاة، ومنهم مادون ذلك، كما سبق تفصيل القول فيهم.
إلا أن الشيخ ربيعًا، يتهم جماعة الإخوان المسلمين والقطبيين ونحوهم, بأنهم غلاة المرجئة، وذلك لتقليدهم لسيد قطب، ومن المعلوم أن من أفكار سيد قطب ؛ أفكاراً منحرفة عن منهج النبوة -في كثير من الأمور- وقد فصّل ذلك غير واحد من أهل العلم، لكن رمْي مَن بالغ في حبه ، ووثق فيه , ودافع عنه مطلقاً - وهو في ذلك مخطئ- بأنه من غلاة المرجئة؛ فهذا ما لم أعرف نظيره عن السلف، فقد كان هناك مقلدة لرؤوس الفرق، ومتزلفون للملوك وذوي السلطان، ومغترون بقائد عسكري مبتدع، أو مفتونون بفلان أو فلان،وربما والوا وعادوا في ذلك ,فهل أطلق عليهم السلف أنهم مرجئة، فضلاً عن كونهم غلاة المرجئة؟!
وإن الشيخ ليُشكر على رده هذا الغلو، ورده على من يهوِّن من شأن البدعة، لكن الغلو والتجاوز ضرب من البدع، فلا يجوز رد باطل بباطل، إنما يُرَدُّ عليهم بالقدر الشرعي، بلا إفراط ولا تفريط.
فالشيخ يقول في كتاب "النصر العزيز" ط/مكتبة الغرباء الأثرية ص(89-90): (سلهم عن ضلالات الإخوان الأخرى، وعن ضلالات جماعة التبليغ، فإن قالوا: إن هذه كلها بدع وضلالات، ونقدها وتحذير الناس منها؛ من أوجب الواجبات، وأن بدعهم أكبر المنكرات؛ فهم من أهل الحق، وإن تأولوها، وجاءوا بمنهج الموازنات بين الحسنات والسيئات؛ فهم من غلاة المرجئة، وقولهم شر من قول غلاة المرجئة: لا يضر مع الإيمان ذنب...).اﻫ
ومعلوم أن المرجئة فرقة عقدية تاريخية، لها عقائدها ومقالاتها، فلو فتحنا المجال لإطلاق أسماء الفرق القديمة على من لم يقل بمقالاتهم اليوم ، وإنما شابههم في إفراط أو تفريط ؛ لانطمست معالم كثيرة، فلماذا لا نسمي الشيء بصفته,ولماذا لانسلك طريقة السلف ؟!أم أننا نرد الغلو بغلو ؟!
لماذا لانقول لهم : التأويل بالباطل لنصرة المناهج المنحرفة ، أو نصرة أشخاص بأعيانهم ؛ اتباع للهوى، وهذا من عمل أهل البدع، الذين سمى الله، وحذرنا منهم، فقال تعالى : ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾.
لماذا لا نقول لهم : إن من أوجب ذكر حسنة أهل البدع كلما ذُكروا ببدعتهم؛ فقد افترى على منهج السلف، وأحدث في الدين ما ليس منه؟ أما أن نسميه من غلاة المرجئة لذلك؛ فهذا من الخلط والخبط بدون بينة ولا برهان!!
ألست أيها الشيخ تعلم قول أحمد:" من قال: الإيمان قول وعمل؛ فقد برئ من الإرجاء"، وقول البربهاري: "من قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص؛ فقد برئ من الإرجاء، أوله وآخره؟" فكيف تسمي أقوامًا يصرحون بذلك وزيادة، بأنهم من غلاة المرجئة؟! بل إن بعضهم يتهم بعض علماء السنة -فضلاً عن طلاب العلم- بأنهم مرجئة!! أنرد الغلو بغلو؟!
إن الواجب على الشيخ أن يقيم لهم الأدلة على أن التعصب للأشخاص على حساب الحق؛ قد يصل بصاحبه إلى الكفر -والعياذ بالله- ويحذرهم من هذا الحال السيئ، أما أن يطلق هذه الأسماء، لمجرد أنهم إذا وافقتهم في سيد قطب؛ سكتوا عن عيوبك، وإذا خالفتهم فيه ؛ جحدوا حسناتك ، أو أهملوها ؟! لا، لأن هذا الحال لا يسوِّغ الحكم بأنهم مرجئة -فضلاً عن كونهم غلاة مرجئة ـ علماً بأن هذا حال بعضهم لا كلهم ، فإن فيهم علماء ودعاة وطلاباً أفاضل ، وقد جعل الله لكل شئ قدرا !!
 هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى : فكثير منهم، وإن سكت عن عيوب من وافقه على تقليد سيد قطب، إلا أنه لا يشهد له بكمال إيمانه, مع تركه لبعض العمل الظاهر، ولو أخذنا هذا الأم ر قاعدة؛ لحكمنا على المتعصبين لك أيها الشيخ، والمقلدة لأمرك، والذين يوالون ويعادون في محبتك وبغضك؛ لحكمنا عليهم بهذا الحكم!! فقد رأينا ـ والله ـ من الغلو فيك، ما الله به عليم، لكننا لا نستجيز تغيير عقيدتنا وأصولنا لهذه المواقف المضطربة ، أو لردود الأفعال ، بخلاف ما لمسناه عند كثير من أتباعك، والله المستعان.
وقد قال الشيخ أيضًا في شريط "من هم المرجئة؟ وجه " ( ب )وهو في سياق ذكر حال أصحاب البيعات السرية، وأنهم خوارج على حكام البلاد المسلمة، فقال: (يجيزون تعدد الجماعات، ويعتبرون كل ما دوّن أئمة البدع والضلال -يعني سيد قطب والمودودي ومن جرى مجراهما ، والله أعلم- جهود إسلامية، فأنا والله ما أدري ما أعرف مرجئة عند الحكام، وعند المعاصي والبدع ؛ مثل مرجئة الإخوان والقطبية، عرفتم)، وقال أيضًا بعد أن وصفهم بأنهم خوارج: (والمرجئة أولاً تنطبق عليهم، هذا واقعهم، هذه كتابتهم، وهذه أشرطتهم، وهذه منابرهم، وهذه جلساتهم السرية والعلنية، فمن بعد هذا الفكر الإرجائي الخبيث، الذي كفر به السلف، والله السلف كفروا المرجئة الغالية، وهؤلاء أشنع منهم).اﻫ
فتأمل كيف وصل الغلو بأهله، وتأمل أدلة الشيخ ـ هنا ـ على كونهم أشد من غلاة المرجئة!!
وزد على ذلك أن هذا التأصيل الغالي عليه مؤاخذات:
1-إذا كان السلف قد كفَّروا من دون هؤلاء في الخبث – كما تدعي - فلماذا لا تكفرهم أنت؟! إن هذا ليدل على أنك تبذر بذور التكفير ، فإن رأيت أن العلماء سينكرون عليك أحكامك الجائرة ؛ تكتفي بفتح بوابة التكفير ، ليدخل غيرك ، وهم كثير ـ لا كثرهم الله  ـ ولهذا فصل مستقل ـ إن شاء الله تعالى ـ أظهر فيه حقيقة هذه القواعد الموتورة !!
  2-      مخالفتك منهج السلف -حسب اعتقادك- فإن السلف قد كفروا من هم أحسن حالاً أو أقل شراً من هؤلاء ، وأنت لا تكفر هؤلاء !!
  3-      هذا يجرئ الشباب على تكفير هذه الجماعات، والشيخ إذا وضع أصلاً فاسدًا، وهاب أن يسير عليه، حتى لا يشنع عليه العلماء، فسيأتي غيره  -إلا أن يشاء الله- من لا يبالي بإنكار العلماء، ويطلق تكفير المسلمين، ولذلك فهذه الأصول المخترعة, والإستحسانات المبتدعة ؛قد بذرت بذور التكفير والتبديع في الناس، بدون وجه حق ،فمن المسئول عن ذلك؟! والله المستعان.







(ك)- هل الشيخ ربيع يرى أن الطائفة المنصورة، أو الإجماع معصوم، أم لا؟
في كتاب "أهل الحديث الطائفة المنصورة" ص(20) نقل الشيخ ربيع عن الشيخ سلمان العودة أنه قال : ( ولكن مع ذلك؛ فإن مما لا شك فيه : أن كل طائفة من المسلمين ، مهما جلت وعظم شأنها؛ ليست معصومة عن التقصير، ولا محفوظة بالكلية من كيد الشيطان).اﻫ
هكذا أطلق الشيخ سلمان ، وإطلاقه هذا يشمل حتى طائفة الصحابة الكرام، ويشمل الطائفة المنصورة - إلا أن يُحمل على أن المراد بذلك الأفراد لا الجموع -
 ومعلوم أن إجماع الصحابة، أو إجماع الطائفة المنصورة الظاهرة على الحق؛ لا يكون إلا حقًا معصومًا من الضلالة والتقصير، ومن كيد الشيطان، نعم آحاد الصحابة، وآحاد الطائفة المنصورة غير معصومين، وكل يُؤْخذ من قوله ويُرَد، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الإجماع -إن ثبت- فمعصوم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجتمع أمتي على ضلالة»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ، ولا من خذلهم، حتى تقوم الساعة»، ومن المعلوم أن الطائفة المنصورة ، هي التي تتبع الإسلام الصحيح، وكيف يكون منهج هؤلاء غير معصوم؟ والله عز وجل يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾. وكيف يقال : إن هؤلاء وإن أجمعوا ، فغير معصومين من التقصير ، أو غير محفوظين بالكلية من كيد الشيطان ؟!
هذا الكلام الذي نقله الشيخ ربيع عن الشيخ سلمان العودة، كان الواجب على الشيخ أن يفصِّل فيه هذا التفصيل، وهو التسليم بكلامه إن كان المقصود آحاد الصحابة، أو آحاد الفرقة الناجية،وهذا بخلاف المنهج؛ فإنه معصوم ولابد ، وإلا ما قامت حجة الله على عباده بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدًا!!
إلا أن القارئ يفاجأ بموافقة الشيخ ربيع وتسليمه بهذا الكلام ، فقد قال في  ص(20-21): (أقول: أولاً: أننا لا ندعي ولا نعتقد عصمة أحد بعد الأنبياء، لا الطائفة الناجية المنصورة، ولا غيرها!!).اﻫ
يا سبحان الله، الطائفة المنصورة -بمجموعها- غير معصومة، أي من الممكن أن تجتمع على باطل؟!
قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة النبوية" (3/98): (والحق أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ).اﻫ والحديثان السابقان دليلان على أن الإجماع من الطائفة المنصورة – الصحابة أو من بعدهم- إن ثبت ؛ فلا يكون إلا على الحق , فما أدري كيف فات هذا الشيخ ربيعاً, حتى أقر الشيخ سلمان على هذا الإطلاق ؟!!
وأيضًا فقد رد الشيخ ربيع  على الشيخ سلمان العودة تسويته هنا بين الفرق, ومن جملتهم الطائفة المنصورة، إلا أنه لم يفصل القول بعصمتهم، ولا يلزم من عدم تسويتهم بغيرهم عصمتهم، كما لا يخفى!!
ولقد حملت كلام الشيخ ربيع -لما أعلمه عنه من إشادته بمنهج السلف- على أنه يقصد بذلك آحاد الطائفة، وقد ظهر من رده على سلمان بعد ذلك ، أنه وصف منهج هذه الطائفة بأنه "منهج صحيح سليم".
على كل حال: فأحسن أحوال الشيخ أن كلامه فيه إيهام ولبس، ولو عاملناه بمعاملته غيره؛ لقلنا: كلامك في عدم عصمة الطائفة المنصورة صريح، ومدحك لمنهجهم بالصحة والسلامة ؛ لا يلزم منه  صحة إجماعهم ، فقد يجمعون ـ لعدم عصمتهم وحفظهم من كيد الشيطان - على شئ فيه نوع خطأ !! وعلى هذا فالصريح أو النص يقدم على الظاهر، فننسب إليك القول بعدم عصمة إجماع الصحابة ، فمن دونهم من الطائفة المنصورة!!
لكني أخاف الله عز وجل، أن أقوِّلك قولاً أعلم عنك خلافه، وإن كان كلامك ظاهراً في ذلك: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾، ولذلك فالمطلوب منك أن تحرر عبارتك، الموهمة والمضطربة ،  وترجع عن إطلاقك الأول، وتفصل في هذا المقام الذي لا يليق به الإطلاق، والله أعلم.



 (ل)- الشيخ ربيع قد وافق المرجئة والخوارج والمعتزلة في بعض المسائل!!
فقد أنكر الشيخ ربيع بشدة قول أهل السنة: (إن المسلم يُحَب ويُبْغَض، ويُمدح ويُذم, على حسب ما فيه من خير وشر، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة، وبر وفجور...)، وصرح بأن من قال بذلك؛ فقد قال بمنهج الموازنات المنحرف، وأن هذا كلام أهل البدع، وأن من كان عنده بدعة، ولم يرجع عنها؛ فإنه يسقط بالكلية، ولا يُحب لما بقي عنده  من خير!! ولا يُمدح قط !!
وقد نصر هذا القول في رسالته "انتقاد عقدي ومنهجي على السراج الوهاج" وقال بذلك أيضًا في شريط "وقفات في المنهج" (1/أ) ونقل كلام شيخ الإسلام في ذلك، ثم قال: (وجدنا في كلام السلف ما يخالفه، وقد نقل البغوي أن السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الإسلام على بغض أهل البدع، وهجرهم، ومنابذتهم، عرفتم، فالأمر يحتاج إلى نظر، ولا ينبغي للمسلم أن يتعلق بكلام إمام  لنصرة ما فيه من باطل، فكثير من أهل الأهواء يتعلقون بكلام شيخ الإسلام هذا، ويشهرونه سلاحًا في وجه من يدعو إلى السنة، ويحذر من البدع، ويضع أهل البدع في المنازل التي يستحقونها، ولا يرفعهم فوق قدرهم).اﻫ
وسمعته مرة يقول : " هذه قاعدة الإخوان المسلمين " ، فقلت له : لقد ذكر هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقال : غفر الله لابن تيمية ، فتح الباب لأهل البدع ، أو كلاماً هذا معناه !!
هذا، مع أن شيخ الإسلام ابن تيمية لم ينفرد بهذا القول, بل عزاه لإجماع أهل السنة وأصولهم في أكثر من موضع، والله المستعان.
واعلم أن هذه المسألة قد بسطت فيها القول في كتابي "قطع اللجاج بالرد على من طعن  في السراج الوهاج" ونقلت كلام الأئمة الذين صرحوا بأنه لم يخالف في هذا إلا المرجئة ، الذين يمدحون أو يحبون الرجل مطلقًا، ويتركون عيوبه، وكذلك لم يخالف في هذا أيضًا إلا الخوارج والمعتزلة، الذين يذكرون عيوب الرجل، ولا يرون له حسنة،كما لا يرون له شيئًا من المحبة، والحق وسط بين طرفين، فالأصل عدم ذكر حسنة المبتدعة، أو مدحهم ، إلا في مواضع معروفة، تأتي في محلها إن شاء الله تعالى، وأحيلك ـ فيما نحن بصدده ـ إلى "مجموع الفتاوى" (28/209-210) (35/94-95)، و"منهاج السنة" (4/543-544)، و"الدرر السنية" (10/451-452)، و"شرح الواسطية" للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- (2/647)، و"مجلة البحوث الإسلامية" (25/126-127) من رسالة للشيخ الفوزان -حفظه الله- وغير ذلك.
إلا أنني أذكر موضعاً واحداً  ـ أو أكثر ـ في هذا المقام ,وهو يبين لك خطأ الشيخ ربيع في ذلك، وبُعْدَه عن المنهج السلفي في هذا الموضع:
فقد قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى"(11/15-16):
" ثم الناس في الحب والبغض ,والموالاة والمعاداة ؛هم أيضاً مجتهدون ,يصيبون تارة,ويخطئون تارة, وكثير من الناس إذا علم من الرجل ما يحبه ؛أحب الرجل مطلقاً,وأعرض عن سيئاته ,وإذا علم منه ما يبغضه ؛أبغضه مطلقاً ,وهذا من أقوال أهل البدع والخوارج والمعتزلة والمرجئة ....وأهل السنة والجماعة يقولون ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع: وهو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله :الثواب على حسناته ,ويستحق العقاب على سيئاته ,فإن الشخص الواحد يجتمع فيه ما يثاب عليه ,وما يعاقب عليه ,وما يحمد عليه ,وما يذم عليه ,وما يحب منه ,وما يبغض منه ,فهذا وهذا ".أهـ  وقال في موضع آخر :"هذاهو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة,وخالفهم الخوارج والمعتزلة ,ومن وافقهم عليه "أهـ فهل الشيخ ربيع قال في هذا الموضع بقول أهل السنة, أو هو ممن خالفهم في ذلك ,ووافق أهل البدع على إنكار هذا الأصل ؟!! فلْيُجِبْ على ذلك من كان له قلب ,أو ألقى السمع وهو شهيد .
ومن كلام شيخ الإسلام أيضاً في هذا:"وهذا مذهب أهل السنة والجماعة ,بخلاف الخوارج والمعتزلة ,وبخلاف المرجئة والجهمية ,فإن أولئك يميلون إلى جانب ,وهؤلاء يميلون إلى جانب ,وأهل السنة والجماعة وسط ...."أهـ  فاختر لنفسك أيها الشيخ أي طريق تسلكها ، فأي طريق سلكتها؛ سوف توردك على أهلها !!
وقد ذكر هذا الأصل أيضاً من العلماء المعاصرين :فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله-وفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله- وفضيلة الشيخ عبد المحسن العباد –حفظه الله -وغيرهم،وانظر المواضع المشار إليها سابقاً وغيرها .
فلا أدري كيف يستجيز الشيخ ربيع لنفسه؛أن يجاهر بمخالفة هذا الأصل ,فضلاً عن تخطئة العلماء في هذا الأصل الأصيل ؟‍‍! متهماً من قال بذلك ؛ بأنه قد قال بقول الإخوان المسلمين !! فيلزم من صنيعه هذا, أن يكون الإخوان المسلمون ومن جرى مجراهم ؛أسعد بأصول السلف من السلفيين !!
والذي أوقع الشيخ في هذا: ظنه أن هذا يخالف القول بهجر أهل البدع !! وليس كذلك، فإن هجر أهل البدع ليس على الإطلاق، فمن كان عنده علم شرعي، وسيترتب على هجره مفسدة؛ فلا يُهجر، لكن ليس كل أحد يَطْلُبُ هذا العلم عنده، وكذلك الجهاد وراء أئمة الجور، وقد يكون منهم مبتدعة، وذلك لمصلحة الإسلام، ومسائل الهجر مقيدة بإزالة الشر أو تقليله؛ وإلا كان الهجر ممنوعًا، وفي هذه المسألة رسائل مطبوعة وغير مطبوعة، تدل دلالة ظاهرة على أن فهم الشيخ ربيع لكلام علماء السنة في هذا الباب؛ فهم غير سديد، وكيف لا يكون كذلك؛ وهو يرد به أصلاً من أصول أهل السنة، ويعد القائل به مبتدعًا، مع أنه لا ينكره إلا أهل البدع، وتفصيل ذلك، والرد على شبهات الشيخ ربيع؛موجود في "قطع اللجاج" فارجع إليه -إن شئت- والله المستعان.
(تنبيه):إن الخلاف في هذا الأصل ؛ليس خلافاً هيناً , لعدة أسباب :
الأول :أن الخلاف في الأصول – بصفة عامة – أشد من الخلاف في غيرها,لأن الأصل ينضوي تحته كثير من الأمثلة ,والخلاف في أمثلة؛ ليس كالخلاف في مثال واحدٍ منها ,كما لا يخفى .
الثاني :أن الشيخ ربيعاً بنى على هذه المخالفة ,أموراً عظيمة :فجعل القائل بذلك مبتدعاً ,ومقوياً لشوكة أهل البدع ,ومخالفاً لإجماع أهل السنة ,ناهيك عما وراء ذلك من عبارات الطعن والوخز التي تسوِّد وجه قائلها – إلا أن يرحمه الله تعالى- وما يتبع ذلك من هجر وقطيعة ,وغيبة ووشاية ,وشماتةٍ ونكايةٍ بأولياء الله العاملين!!
الثالث :أن إهمال هذا الأصل ,يترتب عليه ترك الجهاد مع المبتدعة ضد الكفار ، أو ضد من هم أشد منهم ضرراً،ويترتب عليه أيضاً,تضييع العلوم التي عندهم ,مع حاجة أهل السنة إليها ,وفي هذا تضييع لكثير من أمور الخير , وسبب لتسلط أعداء الإسلام على بلاد المسلمين، وقد قال:شيخ الإسلام كما في"مجموع الفتاوى "(28/212):"فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد ,وغير ذلك ,إلا بمن فيه بدعة ,مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب ؛كان تحصيل مصلحة الواجب, مع مفسدةٍ مرجوحةٍ معه ؛خيراًمن العكس ,ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل ".أهـ 
فتأمل هذا الكلام النفيس ,الذي يقصم ظهر الغلو والغلاة:فإننا إن تركنا هذا الأصل السلفي ,وأخذنا بفهم الشيخ ربيع للإجماع المذكور؛ضيعنا الجهاد والعلم ، وغير ذلك,وتركنا موالاة المسلم في وقتٍ وجب علينا فيه موالاته ونصرته ,وفيه ما فيه, هذا مع بغضنا له في بدعته – بعد نصحه وإزالة عذره مع إصراره - إلا أن جلب المصالح الشرعية ودرء المفاسد الراجحة؛ هو الذي ألجأنا إلى هذا ، والله أعلم .
فهذا وغيره يرجح أن المخالف في ذلك ؛ سالك مسلك أهل البدع والأهواء !!
(تنبيه آخر):لا خلاف بين ماقاله شيخ الإسلام ,وعزاه إلى أهل السنة والجماعة ,وبين ما نقله البغوي عن الصحابة فمن بعدهم:
فإن ما ذكره شيخ الإسلام, إنما يكون عند الحاجة الشرعية للتعاون مع أهل البدع ,أومدحهم ,أو إظهار حبهم, وذلك كله بقدر ما عندهم من الخير, وبقدر تحقيق المصلحة الشرعية للسنة وأهلها, فهذا كلام ليس على إطلاقه ، إنما له قيود مشهورة عند العلماء ،وأما كلام البغوي فيكون عند عدم الحاجة إليهم ,أو عند ترجح المفسدة من مخالطتهم , أو أن ذلك هو الأصل ، ثم نخرج عنه لحاجة شرعية تقدر بقدرها ، ولهذا كان الهجر عند أهل السنة منوطاً بالمصلحة والمفسدة,فلا يطلقون القول بالهجر,ولا يطلقون القول بالمداراة ,ولايطلقون القول بجواز المخالطة أو عدمها،ولذلك قال شيخ الإسلام –كما سبق-:(ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل )أهـ فلو أدرك الشيخ ربيع هذا التفصيل؛لأراح واستراح ,والله تعالى أعلم.   
( تنبيه أخير):إن الإجماع الذي نقله البغوي ـ رحمه الله ـ ليس على إطلاقه، فقد خُصَّ بأخذ السلف الحديث وغيره عن بعض أهل البدع، فكيف هجروهم، واعتزلوا مجالسهم، وحذروا من مجالستهم في هذه الحالة؟! كما خُصَّ بالجهاد مع أئمة الجور، وفيهم مبتدعة، فكيف يُعتزلون ويحذَّر من  القُرْب منهم، أو الإستماع إليهم في هذه الحالة؟! وقد عد العلماء هذا الجهاد مع أئمة الجور، من أصول أهل السنة والجماعة، فكيف يعدون شيئاً من أصول أهل السنة؛ وهو مخالف للإجماع؟!
ولا غرابة من الشيخ ربيع عندما ادعى أن ماذكره البغوي مصادم لما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ فقد سبق أن الشيخ ربيعاً أشار للاعتداد بما جرى في قصة إجابة النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه دعوة امرأة يهودية ، وادعى الشيخ أن هذا يخالف ما عليه أهل السنة من التحذير من أهل البدع وعدم مجالستهم ، وقد سبق أن في هذا نزعة استدراكية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن الرجل ومقلديه لا يبالون بهذا الإلزام الفاحش ، والله المستعان .
فإذا كان هذا الإجماع ليس على إطلاقه ـ لما سبق ـ فلا بد من النظر في المواضع التي يُعتد فيها بهذا القول ، والمواضع التي يتخلف عنها هذا القول، وتفصيل ذلك راجع إلى ما سبق ذكره في التنبيه الثاني، الذي هو قبل هذا، فارجع إليه، والعلم عند الله تعالى .
















(م)- الشيخ ربيع له كلام يُزهِّد في قراءة كتب العقيدة، التي تتكلم عن الفِرَق الإسلامية القديمة، بزعم أنها لم تحْمِ السلفيين من الإخوان المسلمين وغيرهم!!وهذه باقعة,ليس لهاراقعة ,إلا التوبة إلى الله تعالى!!!
فقد جاء في شريط "من هم المرجئة"وجه (ب) وقد كان الشيخ يتكلم مع رجل آخر، وكان الآخر مُصرًا على تدريس الفرق القديمة،للحذر والتحذير من عقائدها,والشيخ ربيع  كان مخالفاً له في ذلك، فقال الشيخ ربيع : (قلت لكم فيما سبق: أننا درسنا الفرق، أسماءها وعقائدها وحقائقها، فلم ندرك الإخوان المسلمين، فكادوا لنا، أوصلوا أبناءنا إلى ما وصلوا إليه، ما يقوله الأخ الشيخ بارك الله فيه، هو واقع ندرسه، لكن لما أغفلنا واقع هذه الجماعة، لأنها ضَمَّت إلى بدع القدماء بدع حديثة، وأساليب سياسية،وخطط سياسية، فندرسها بعقائدها وبفكرها وبخططها وبمكائدها، ندرسها كما هي، أنا ما قلت لك ذا الكلام، أنا قلت: منذ وصلنا السنة الرابعة من الجامعة الإسلامية؛ قُرِّر علينا المذاهب، والفرق القديمة، والمذاهب المعاصرة، واستطاع الإخوان المسلمون الموجودون في الجامعة؛ أن يستلّوا أنفسهم، ويستلّوا الصوفية، لأن المذاهب الصوفية ما قُرِّرت في منهج الجامعة الإسلامية، ما أدري أيش الذي حصل؟ استطاع الإخوان المسلمون أن يحموا أنفسهم، لم يُذكروا في المذاهب السياسية المعاصرة، وطبعًا هي قائمة، ولم يفسحوا المجال لدراسة الصوفية؛ لأنهم هم أُمُّ الصوفية، فالشيخ كلامه حق، بارك الله فيكم؛ لو كان الوضع على خلاف ما نحن عليه الآن، أما والوضع كما ذكرنا؛ فإنه والله ما حمانا معرفة الفرق كلها من مكائد الإخوان المسلمين، نتكلم على هذه الفرق؛ يضحكون، أنتم تتكلمون على فرق قد اندثرت، وماتت، ونحن ما تنبهنا، قلنا: والله صحيح، كلامكم صح، يجب أن ندرس الفرق المعاصرة الآن، ونعرف حقيقة الإخوان المسلمين، ليه نروح ندرس فرق اندثرت، كما تقولون؟! ونترككم الآن، وأنتم تنخرون كالسوس في هذا المجتمع الصالح القائم على المنهج الصحيح، وعلى المنهج السلفي، فأظن: أن الأخ يوافقني على ما أقول الآن، وأن اقتراحه: لابد من دراسة الفرق الماضية؛ ما نجانا, وما حمانا, ولا حمى مدارسنا وأبناءنا من كيد الفرق المعاصرة، التي حالت بيننا وبين معرفتها،وشاء الله تبارك وتعالى أن يسخرهم بأنفسهم، ويكتبون عن عقائدهم، وعن طرقهم، وعن خططهم، فجئنا بعدما طُرِحَت في المكتبات والجامعات والمدارس؛ نقرأ، لأنهم يرون أننا مغفلين...).اﻫ
قلت: في هذا الكلام مغالطات وتجاوزات وبلايا، والذي زجّ بالشيخ في ذلك؛ هو الغلو في محاربة منهج الإخوان المسلمين، وقد كان من الممكن أن يحاربه بطريقة العلماء الراسخين، فلما خالف طريقتهم؛ وقع فيما وقع فيه!!
وما أشبه هذا بحال علماء الكلام، الذين خالفوا طريقة علماء الإسلام، فابتلعوا الباطل، ولم يستطيعوا أن يقذفوه، فَولّد ذلك قواعد تشككهم ، وتشكك المسلمين في عقائدهم، فلا سلمت لهم مناهجهم، ولا انتفع المسلمون من عقولهم وذكائهم، وهكذا الغلو الذي وصل بالشيخ ربيع إلى هذا الحد، فلا نكاية له في عدو ـ وهو كذلك ـ ولا انتفع به المسلمون، مادام على هذا الغلو، بل ما سلم أهل السنة من فتنته، فتفرق السلفيون شذر مذر، وكاد كل أخٍ لأخيه ـ إلا من رحم ربك ـ وقد سبق بيان آثار هذه القواعد في صفوف أهل السنة ، فتبّاً للغلو حيث ما أصبح، أو قال ، أو بات ، والله المستعان .
  إن هذه الجملة -وحدها- كافية في إعادة النظر في منهجية الشيخ ربيع، ذلكم الرجل الذي يصرح هنا بأن دراسة الفرق الإسلامية القديمة, لا تنفعنا في مواجهة الإخوان المسلمين اليوم،بل قد يُفهم من كلامه :أن دراسة الفرق الإسلامية هي التي حالت بيننا وبين معرفة الفرق المعاصرة, وعلى كل حال, فهاك ملخص ما في هذه الجملة الموتورة المشئومة من فواقر , والرد عليها :
1-هذه الدعوى من الشيخ ربيع؛مردودة عليه بكل قوة، وليشهد الثقلان بأنه بهذا يتحدث عن نفسه وعمن كان على شاكلته، بأنهم درسوا الفرق الإسلامية، ومع ذلك تورّطوا في حزب الإخوان المسلمين،أو ما حمتهم هذه الدراسة من حزبية الإخوان !!
وذلك أن هناك علماء راسخين، درسوا -حقًا- طريقة السلف،وكلامهم في الفرق الإسلامية، وعرفوا كل فرقة وعقيدتها، والفرق التي تشعبت منها، ووجوه الاتفاق بين فرقة وأخرى، ووجوه الافتراق بينهما، ومقالة هذه الفرقة في بداية أمرها، ومقالاتها بعد ذلك، وعرفوا الأدلة الشرعية التي تكشف عُوارهم، وتهتك أستارهم، ولما كانوا كذلك؛ فلم يتورطوا ـ بفضل الله عزوجل ـ  في هذه الجماعة ولا غيرها، مثل سماحة الشيخ ابن باز،ومحدث العصر الأالباني ،  وفضيلة الشيخ العثيمين، وقبلهم فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم، -رحمهم الله جميعًا- وكذلك كثير من العلماء المعاصرين من كبار العلماء،ولجنة الإفتاء، وغيرهم وغيرهم كثير،ممن يرفعون لواء الدعوة السلفية في هذا العصر،كل هؤلاء عصمهم الله بالمنهج السلفي،والدراسة في كتب العقائد ، والشيخ ربيع نفسه، ذكر في الشريط نفسه ، أن الملك عبدالعزيز -رحمة الله عليه- لما عرض عليه الشيخ حسن البنا أن يفتح مراكز للإخوان في المملكة؛ رفض، وقال الشيخ ربيع - معلقاً على ذلك-:فإنه ذكي، وعرف ما عند الإخوان المسلمين، وما هم عليه من مخالفة للمنهج السلفي، إذاً فهذا الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لما عرف منهج السلف، ودرس الفرق؛ نجاه الله من حبائل الإخوان المسلمين، فكيف تجعل حالك أنت ميزاناً للأمة، وتتهم طريقة السلف بالعجز عن حماية الأمة من مخططات الفرق المعاصرة ,مع أن هذه الطريقة، هي التي درج عليها العلماء منذ ظهرت هذه الفرق،حتى هذا العصر؟!
إن هذا ليذكرِّني بطلبك من الشيخ مقبل -رحمه الله- أن يترك الدروس التي يدرسها، أو كثيرًا منها، ويدرس ما تسميه بـ "المنهج"!!! وسل عن هذاعبد العزيز البرعي -أحد صرعى هذه المجزرة العصرية- ينبئك عن صحة هذه المقولة عنك، وسنده في ذلك!!فإنها بلغتني عنه,قبل أن يدخل في ربقة التقليد!!
فمتى كانت دراسة كتب شيخ الإسلام مثل "منهاج السنة" و"درء تعارض العقل والنقل" وكتب تلميذه ابن القيم: "الصواعق المرسلة" و"شفاء العليل" وغيرهما، وكتب أهل السنة في ذلك، لا تحصِّن شبابنا من كيد الفرق المعاصرة؟!
إن الباطل يعيد نفسه، ومعلوم أن بعض الفرق المعاصرة تردد كلام الفرق الأولى،﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾، ومن عرف طريقة السلف حقًا؛ نجاه الله من ضلالات فرق هذا العصر، والحمد لله رب العالمين.
2-في هذا الكلام تزهيد واضح في دراسة كتب العقيدة في باب الفرق الإسلامية، وهذا قسم عظيم جداً من كتب العقيدة ، فأين أنتم يا علماء الإسلام، من هذه الاجتهادات المخترعة، التي تأتي على دعوتنا من أصولها؟ وأين أنتم يا من ورثتم علوم السلف، من هذه الاستحسانات الربيعية المستبشعة ؟!
3-وهل صح أن هذه البدع القديمة قد اندثرت؟ أليس الشيخ ربيع نفسه يقول في الإخوان المسلمين: روافض، وجهمية، وحلولية، وخوارج، وغلاة مرجئة...الخ؟ حتى إنه يقول فيهم: (سوبر ماركت البدع) و(معرض البدع الكبير) فكيف يقال: إن البدع القديمة قد ماتت؟! ثم أليس الشيخ نفسه يقول في هذا المقطع: ( لأنها ضمت إلى بدع القدماء بدعاً حديثة ) !!
وهذا الشاطبي ـ رحمه الله ـ يقول في "الاعتصام" (1/211) في سياق انتشار البدع، لا اندثارها: (فليتق امرؤ ربه، ولينظر قبل الإحداث في أي مزلّة يضع قدمه...)، إلى أن قال: (ولا يدري المسكين ما الذي وضع في ميزان سيئاته، ما ليس في حسابه، ولا شعر أنه من عمله، فما من بدعة يبتدعها أحد، فيعمل بها من بعده، إلا كتب عليه إثم ذلك العامل، زيادة إلى إثم ابتداعه أولاً، ثم عمله ثانيًا...)، إلى أن قال: (وإذا ثبت أن كل بدعة تُبتدع، فلا تزداد على طول الزمان إلا مضيًا حسبما تقدم، واشتهارًا، وانتشارًا، فعلى وزان ذلك إثم المبتدع لها...).اﻫ وهذا كلام لا شك أنه على وجه الأغلبية، فأين كلام هذا العالم النحرير، من ذاك الكلام المفسِد المبير؟!
ثم أليس للروافض أو الخوارج اليوم ـ يا شيخ ربيع ـ دولة، وللصوفية دول، وللباطنية دول أخرى، وهكذا؟! أليس لأهل الباطل هؤلاء جامعات ومدارس، ومساجد ومنابر، وصحف وإعلام مقروء ، ومسموع، ومشاهد، ورؤوس أموال تدعمهم،وغير ذلك من وسائل القوة؟!
ولقد كانت الفرق الهالكة في ذاك الزمان تتمثل في أفراد، أو طوائف قليلة العدد والعدة، إلا ما عُرف عنهم من قوة زمن فتنة خلق القرآن، أما اليوم فالبدع تحكم دولاً وشعوباً، والله المستعان!!
4-لقد قال هذه الكلمة الدكتور صلاح الصاوي في كتابه "جماعة المسلمين مفهومها وكيفية لزومها في واقعنا المعاصر" ص(26) وهو يتكلم على سلفية المنهج، عصرية المواجهة، وذكر أن السلفيين مشتغلون بالكلام على فرق اندثرت، أو يصطنعون معارك ليس أمامهم فيها عدو، وإن وُجد؛ فهو عدو لا يملك رمحاً ولا سِناناً، ويتركون المعارك الحقيقية...الخ، فقد قال: (فلا تعني السلفية إذاً مجرد الوقوف عند بعض المعارك التاريخية، التي طُويت صفحاتها، واندثرت فتنتها...)، ويقول: (ولا نعني بهذا التخلي المطلق عن هذه القضايا، وإنما التناول المجمل لها، بما يكفل بيان الحق من ناحية، ثم التفرغ لمواجهة فتنة العصر...)، وكم عاب هذا الكلام السلفيون على قائله،وشنَّعوا عليه في كل محفل,عندما أدركوا أن هذا الكلام يأتي على بنيانهم من الأساس,فإذا بك تطالعنا اليوم ـ أيها الشيخ ـ بهذه الكلمة مره أخرى!! والتي هي أشد من كلمة الدكتور صلاح الصاوي!! فالصاوي لم ير التخلي المطلق عن دراسة هذه الأمور، أما أنت فتقسم بالله أنها ما حمتنا ولا أنجتنا من مكائد الإخوان المسلمين، وتقسم بالله أن كلام الإخوان المسلمين صحيح، في كون هذه الفرق قد ماتت واندثرت !! وتدعي أن السلفيين ما تنبهوا إلى موت هذه الفرق واندثارها ، إلا بعد أن أخبرك بذلك الإخوان المسلمون!!وتستهجن اقتراح من كلمك في دراسة الفرق القديمة!!!أتظن أن السلفيين لا ينكرون منكرًا؟! أو أنهم يردون على الإخوان وغيرهم باطلهم، فإذا قاله أو أعاده ربيع السنة !! ؛كان ذلك حقًا؟!
5-ومما يدل على أن هذا الكلام ليس مجرد فلتة لسان من الشيخ ربيع- وياليته كان كذلك-: أن الشيخ الآخر الذي كان يتكلم مع الشيخ ربيع،كان مصرًا على تدريس الفرق القديمة، والشيخ ربيع يقرر ما يريده هنا، ويؤكد أن كلام معارضه إنما كان يكون مقبولاً؛لو كان الحال غير هذا الحال، أي لا يوجد فيه جماعة الإخوان وغيرها، أما والحال أنها موجودة؛ فلا حاجة لدراسة كتب ما حمتنا ولا أنجتنا من هذه الجماعة!! ثم يقول بعد هذا الكلام العاطل الباطل: (فأظن: أن الأخ يوافقني على ما أقول الآن؟). والله لا يوافقك على هذا إنسان شرح الله صدره للسلفية ـ و إن لم يكن عالماً ـ وها هو يراك تصادر هذا القسم العظيم من المكتبة السلفية !!!
6-الشيخ قال في شريط -سيأتي ذكره مفصلاً إن شاء الله-: (والله سلفيتنا أقوى من سلفية الألباني)، فأين آثار هذه السلفية عليك يا صاحب الفضيلة، وهذه طوام من بعض الأشرطة فقط؟!
7-دراسة الفرق المعاصرة، وما عندها من مخالفات شرعية، والرد على ذلك بعلم وتأصيل ، دون تلميع أو بخس وتضييع ؛ لا ينكره إلا جاهل بالسلفية، أو حاقد ماكر، أما الرد بطريقة الشيخ ربيع ومن جرى مجراه؛ فلا يغير من منكر هؤلاء، بل يزيدهم نفورًا، ويزيدهم طعنًا في السلفيين، ويعطيهم سهاماً من كنانته يرمون بها السلفيين،ويربي على هذا المنهج المنحرف جيلاً لا يحسن الرد على المخالف بالأدلة، إنما يرد عليهم بأسنانه وأظافره!!
8- والرد على الفرق المعاصرة؛ لا يلزم منه طي سجل الفرق الأولى، فإن الفرق المعاصرة، منها ما هو امتداد للفرق القديمة، ومنها بدع جديدة، تُعرف أصولها وحقيقتها، بدراسة أصول البدع القديمة،ومنها فرق جمعت بين هذا وذاك, فعلى كل حال؛ هذا داءٌ أصاب الشيخ ربيعاً,فلا طب له، إلا التوبة إلى الله عز وجل، وترك الغلو الذي كان سبباً لهذا الداء!!
9-عاقبة الغلو وخيمة، فقد وصل الشيخ ربيع بغلوه في بغض ومحاربة الإخوان المسلمين، إلى أن تبعهم على الباطل، فصدّق باطلهم، وصحح إفكهم، عندما قالوا -وبئس ما قالوا-: (أنتم تشتغلون بفرق قد اندثرت وماتت)!!! فقال:( ونحن ما تنبهنا، والله صحيح، كلامكم صح)!! فلو كان هذا الرجل إماماً في المنهج السلفي-كما يُدَّعىله-لما اغتر بهذا الكلام الباطل في حاله وفي مآله، فالواقع يشهد بعدم موت الفرق الأولى، والسلفيون يُشيدون بمؤلفات علمائهم في هذا الباب، يدرسونها، ويحفظون متونها، نظماً ونثراً ، فكيف غاب هذا كله عن أعلم أهل الأرض بالمنهج السلفي اليوم؟!!! فهل بعد هذا كله،يغتر طالب علم يعلم العقيدة السلفية- وهو قوي الحزم والعزم - بهذا الخيال المنسوج حول هذا الرجل؟! وأنه أعلم بالجماعات من كبار العلماء في هذا العصر؟!وأنه إن جرح شخصاً ؛فإن جرحه لا يندمل؟!! صدق الله عزوجل القائل: ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ) والقائل: ( ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور ) .
10-فأين أنتم يا من تزعمون الغيرة على العقيدة،وترددون كلام الشيخ ربيع بدون رويّة,وتساعدونه على ظلم العباد,والإفتراء عليهم !!فأين أنتم وقد صودر من كتب العقيدة جزء كبير بهذه الإجتهادات الربيعية؟ ﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ﴾، ﴿فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾، «لا يمنعك هيبة الناس أن تقول بحق إذا علمته» أم أن الحال كما قال تعالى(وان فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)  والله المستعان، وعليه التكلان.
11- معلوم أن الشيخ ربيعاً له كلام كثير في مدح كتب العقيدة السلفية, لكن كلامه هنا إما أن يحمل على أنه وثبة وهجمة غير معتقد لها – وهذا أحسن ما يمكن حمله عليه,مع أن ظاهر كلامه يدفع هذا-!! وإما أن يُحمل على أن مدحه لكتب العقيدة في هذا الباب قديم,لقوله:(ونحن ما تنبهنا) ولقوله:( فكلام الشيخ حق؛ لوكان الحال على غير ما نحن عليه الآن) وغير ذلك,وفي هذا من البلاء ما الله به عليم!! وعلى كل حال:فلو عاملنا الشيخ بأسلوب التصيد والتشهير الذي عُرف به؛لكان الحال غير الحال ,والله المستعان!!






















( ن )- الشيخ ربيع يطلق القول بأن عقيدة الخوارج, الذين قاتلهم علي رضي الله عنه؛ عقيدة سلفية، كعقيدة الصحابة وخيار التابعين، في توحيد العبادة أو الألوهية والأسماء والصفات،وأنهم موحدون تمامًا في ذلك، وإنما خالفوا في مسألة أو مسألتين في المنهج!!!
فقد قال الشيخ ربيع في شريط:" التقوى وآثارها"(2/ب):( نأتي لهذا الذي يدعي السلفية, ونشوفه, إن كان والله يدعو متمسكاً بكتاب الله وسنة الرسول؛ عقيدته صحيحة, منهجه صحيح, متمسك في صلاته ,في صيامه ,في زكاته ,في حجه,في سائر تعاملاته ,في ضوء الكتاب والسنة ,وفي ضوء منهج السلف "....." تسميتك صحيحة , وجدناه مخالف في العقائد, والمنهج وغيره ,قل: والله أنت كذاب, كائن من كان ,هذا الذي يقول: أنا إخواني تنظيماً,وسلفي منهجاً, ليه يا أخي  تفرق بين المنهج وبين التنظيم ؟إيش هذا الكلام الفارغ ؟هذا كلام فارغ ,لو أنت ملتزم بالكتاب والسنة ؛ما خالفت منهج أهل السنة والجماعة, ورحت تختار منهج جماعة أخرى ,الخوارج كان عندهم خطأ في المنهج ,عقائدهم في الصفات ما شاء الله, مثل السلفيين, مثل الصحابة, عقيدتهم في عبادة الله, في توحيد العبادة؛ مثل الصحابة,على الكتاب والسنة, خرجوا في الحاكمية, سُموا خوارج, وسماهم الرسول,هذا خطأفي المنهج, سُموا خوارج, وأمر الرسول بقتلهم ,ووصفهم بأنهم شر الخلق والخلقية, فأنت الآن  تحذو حذو الخوارج ياأخي, لاتقل هذا الكلام: أنت سلفي عقيدة, كن سلفياً منهجاً, وإلا لست بسلفي, ولست من السلفية بشئ, بل أنت من أهل البدع ..اهـ   
وقال أيضاً في شريط :"التنظيمات والجماعات"(2/أ) :(ثم إن الفصل بين العقيدة والمنهج ,أنا أقول غير مرة:إن الخوارج الذين أمر رسول الله بقتلهم, وقال: "هم شر الخلق والخليقة,وشر ما تحت أديم السماء ,ولو أدركتهم ؛ لقتلتهم قتل عاد وإرم" كان عندهم عقائد سلفية, يعني يؤمنون بتوحيد العبادة, وبتوحيد الأسماء والصفات, ما عندهم شرك ,ما عندهم قبور,ما عندهم تجهم, كانوا عندهم فساد في الحاكمية ,مثل ماحصل لشبابنا الآن, اعتبرهم رسول الله شر الخلق والخلقية ,وأمر بقتلهم, والتشريد بهم, وفعلاً اتفق الصحابة على قتالهم, اختلفوا في وقعة الجمل, واختلفوا في وقعة صفين ,ورأوا ذلك فتنة ,ولكن لما برز هؤلاء الخوارج, الذين تعتبر عقيدتهم السلفية أحسن من عقائد هؤلاء, الذين يتبعون سيد قطب, ويتبعون "...."  التبلغيين والإخوانيين, والله عقائدهم أصفى من عقائد هؤلاء, وكان ضلالهم في الحاكمية ,لاحكم إلا لله,لاحكم إلا لله,وقال علي –رضي الله عنه-: كلمة حق أُريدَ بها باطل ,وسلَّ عليهم سيفه, وقتلهم, كما أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام, فوالله إن هؤلاء أكذب من الخوارج ,وأشد خصومة للعقيدة السلفية وأهلها من الخوارج والروافض ,فلماذا يقول: إننا ما تضررنا بأهل البدع ؟هذا من الكذب اهـ
وقال أيضاً في شريط:"الجلسة الخامسة من المخيم الربيعي"وجه (أ) :(الخوارج منهجهم خالف عقيدتهم, فما كان مصيرهم؟!! يعني عقيدتهم أسماء وصفات ماشاء الله, مضبوطين ,ما عندهم تعطيل ,ليسوا جهمية,في توحيد العبادة ما هم بصوفية ,ولا قبوريين ,موحدين تماماً,إلى اليوم الخوارج بقي فيهم توحيد العبادة أحسن من المنتسبين إلى المذاهب ,إلى الآن ما عندهم شرك ,شفت, مع ذلك سماهم الرسول: شر الخلق والخليقة,وأمر بقتالهم, وقال:" أينما وجدتموهم؛ فاقتلوهم, لو أدر كتهم؛ لقتلتهم قتل عاد وإرم ,كلاب النار" يعني خالفوا في مسألة واحدة تقريباً, أو مسألتين, المنهج خالف العقيدة, هذا مصيره) ...اهـ    
  قلت:وإذا كانوا قد فعلوا ما فعلوا، وهم موحدون تمامًا؛ فما الفرق بين هذا القول، وبين قول المرجئة؟!الذين يقولون:لايضر مع الإيمان ذنب ؟! أليست البدعة تنقص الإيمان؟ أليس قتل أهل الإيمان، وتكفير الصحابة الكرام، وقطع السبل، وبقر بطون النساء، وغير ذلك ، مما ينقص الإيمان؟ فكيف يكون التوحيد تاماً مطلقاً، أو تاماً في الألوهية والأسماء والصفات، وهم قد فعلوا هذا كله وغيره، كما سيأتي؟! هذه ادعاءات لا ساحل لبحرها، وبعضها كافٍ في إدانة هذا الرجل، لو كانت العقيدة- عند مقلديه-أعز منه !! وهي ـ  ولله الحمد ـ كذلك في نفوس الصادقين, وأسأل الله أن يحشرني في زمرتهم.
فالشيخ ربيع: يرد الغلو بجفاء، أو بغلو آخر: فإنه في صدد الرد على من يقول: فلان عقيدته سلفية، ومنهجه إخواني، والشيخ يُنكر أن يكون هناك سلفي في صفوف الإخوان المسلمين,وجماعة التبليغ,أو غير ذلك من الجماعات ، بل قد صرح بأن من دخل معهم-وإن كان سلفياً, وما دخل إلا بفتوى بعض العلماء,ليصلح من شأنهم – مثلاً - سواء أصاب في ذلك أو أخطأ-فالشيخ ربيع يصرح بأنه مبتدع مثلهم،وأنه كذاب غير صادق في دعواه السلفية!!ولهذا موضع سيأتي في وقته -إن شاء الله تعالى- المهم أن الشيخ يريد أن يرد على هؤلاء، فذكر أن الخوارج الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كانت عقيدتهم سلفية، وكانوا موحدين تمامًا، في الألوهية والأسماء والصفات،ولم يكن عندهم شرك القبور، أو تعطيل الجهمية، إنما خالفوا في مسألة أو مسألتين – هكذاباستهانة,كما يظهر لمن سمع صوته في الشريط - في المنهج أو الحاكمية أو السياسة ، ومع ذلك؛ فهم شر الخلق والخليقة، وكلاب أهل النار...الخ.
أي أن من يقال فيه: "عقيدته سلفية، ومنهجه إخواني" أو " إخواني التنظيم ، سلفي العقيدة " فهو شر من الخوارج، لأن الخوارج ما خالفوا إلا في مسألة أو مسألتين، أما الإخوان فقد خالفوا في أمور كثيرة ، هذا محصل كلام الشيخ ربيع في هذا الموضع، وهذا معنى كلامه في شريط "الجلسة الخامسة من المخيم الربيعي" وجه(أ)، وقد كرر هذا المعنى في أكثر من شريط،وكما هو مسجل بصوته في الأشرطة التي نشرتها باسم : "البديع في نصح الشيخ ربيع".
وإني لأعجب من قول الشيخ ربيع هذا؛والخوارج قد كفّروا الصحابة، واستحلوا دماءهم وأموالهم، واستحلوا قتال أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ويكفرون مرتكب المعصية، فهل يقال: هؤلاء عقيدتهم كعقيدة الصحابة وخيار التابعين ، في توحيد الألوهية والأسماء والصفات، إلا في مسألة أو مسألتين في المنهج؟ وهل يقال: هؤلاء موحدون تمامًا في الألوهية والأسماء والصفات؟ أليست المعصية -فضلاً عن بدعة الخوارج- تخدش في التوحيد؟! فكيف يقال: موحدون تمامًا؟ هل التوحيد -فقط- السلامة من شرك القبور، وتعطيل الجهمية؟!
وهاك كلام شيخ الإسلام الذي يبين كيف كان الخوارج الأوائل، ففي "مجموع الفتاوى" (13/30-31) قال - رحمه الله -: (وكانت البدع الأولى، مثل بدعة الخوارج، إنما هي من سوء فهمهم للقرآن، لم يقصدوا معارضته، ولكن فهموا منه مالم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب).اﻫ
فأثبت شيخ الإسلام أن الخوارج الأوائل كانوا يكفرون بالذنب، وهذا خلل عقدي، ليس منهجيًا فقط,ولا في مسألة الحاكمية أو السياسة فقط!!
وقال شيخ الإسلام أيضًا في السياق نفسه : "إذا كان البر هو التقىُّ؛ قالوا: فإذا لم يكن برًا تقيًا؛ فهو كافر، وهو مخلد في النار، ثم قالوا: وعثمان وعلي ومن والاهما ليسوا بمؤمنين، لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله، فكانت بدعتهم لها مقدمتان:
الأولى: أن من خالف القرآن بعمل أو برأي أخطأ فيه؛ فهو كافر.
والمقدمة الثانية: أن عثمان وعليًا ومن والاهما؛ كانوا كذلك، ولذلك يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا، فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام، فكفَّر أهلها المسلمين، واستحلوا دماءهم وأموالهم".اﻫ
قلت:كما أنهم كانوا يعتقدون أن دارهم هي دار الإسلام، وما سواها دار حرب.
وفي (20/104) قال - رحمه الله -: (وأهل البدع ذنوبهم: ترك ما أُمروا به من اتباع السنة وجماعة المؤمنين، فإن الخوارج أصل بدعتهم: أنهم لا يرون طاعة الرسول واتباعه فيما خالف ظاهر القرآن عندهم، وهذا ترك واجب..).اﻫ
وفي (19/72) وما بعدها، ذكر أن الخوارج يُجَوِّزون على رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن يجور ويضل في سنته, وانظر "منهاج السنة" (3/460) وما بعدها.
فهذه أخطاء عقدية كثيرة، ومن ذلك نفي الشفاعة، ليخلد العاصي في النار، وتفريق جماعة المسلمين، وبقر بطون النساء، وحقن دماء أهل الأوثان، وقتل واستباحة دماء أهل الإيمان، أكُل هذا مسألة أو مسألتان، في المنهج أو الحاكمية أو السياسة فقط ،أيها الشيخ؟!
- وهل أمور العقيدة منحصرة في توحيد العبادة والأسماء والصفات فقط؟ فإذا سلم الخوارج من شرك القبور، وشرك التعطيل، فعقيدتهم صحيحة، كعقيدة الصحابة وخيار التابعين ، وتوحيدهم في ذلك تام،وإنما خالف منهجهم عقيدتهم في مسألة أو مسألتين,كما هو كلام الشيخ ؟!
( تنبيه ) : ما ذكره الشيخ هنا من كون مخالفة الخوارج ليست عقدية، إنما هي في مسائل المنهج والحاكمية!! كلام لم يُسبق إليه ـ فيما أعلم ـ وعليه الدليل الدال على صحة قوله هذا؛ وأيضاً ففيه دليل للإخوان المسلمين، فإن لهم أن يقولوا ـ بناءً على كلام الشيخ ـ إذا كانت المخالفة في مسألة أو مسألتين من مسائل الحاكمية أو السياسة،كانت سبباً في جعل الخوارج شر الخلق والخليقة، وكانت سبباً في قتالهم وقتلهم قتل عاد وإرم؛ فلماذا تستنكرون علينا اهتمامنا أو تحذيرنا من شرك الحاكمية، الذي بلغ مبلغ الشرك – في كثير من الحالات - لا البدعة فقط؟! وهكذا من رد على المبتدع ببدعة أخرى؛ فقد فتح له الباب على نفسه، وأضعف حجة أهل السنة، فأين العصمة في منهج هذا الشيخ؟!! وأين كونه أعلم الناس بمنهج أهل السنة في هذا العصر, كما يدعي هذا له المفتونون به ؟!
فتأمل أيها المنصف الفرق بين طريقة أهل العلم, وبين طريقة الشيخ ربيع،وهل يستطيع أتباعه أن ينقلوا هذه الادعاءات عن أحد من علماء السنة في هذا العصر؟!!أولئكم العلماء الذين يحاول الشيخ ربيع جاهداً أن يحشر أسماء كثير منهم في قائمة المؤيدين لمنهجه,والموافقين له على طريقته ، حتى يتسن له أن يموِّه على الشباب السلفي ، كي ينقادوا له ، طالما أنه حامل راية العلماء في الدفاع عن حياض الدين !!
ألا فإننا منتظرون من يسمى لنا ذلك,ويحيلنا إلى ملئ,وإلا فما أسهل الدعاوى!!لكنها لا تنفق إلا على خفافيش البصيرة,  والحمد لله على كل حال، ونسأل الله أن يحفظ لنا ديننا, الذي هو عصمة أمرنا، والله تعالى أعلم وأحكم.
(تنبيه آخر):قال الشيخ ربيع في رسالته :"انتقاد عقدي ومنهجي"(ص 6)الانتقاد رقم(4):"لا تنس أن أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والأشاعرة والصوفية؛عندهم بدع مكفرة,مثل تعطيل الصفات,والقول بإنكار القدر,والقول بخلق القرآن,وأنواع من الشركيات يقعون فيها,ولكننا لا نكفرهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم....." إهـ
فهذا النص منه عام يشمل الخوارج الأولين والمتأخرين!! فكيف يُوفَّق بينه وبين كلامه السابق,الذي فيه أن الخوارج الأولين كانوا موحدين تماماً في الألوهية والأسماء والصفات؟!!
فإن قال:إن هذا الكلام المطلق يحمل على المقيد!! قلت:إنك تعد هذه القاعدة, من قواعد أهل البدع!! 
فكيف تستدل بها الآن ؟!! كل هذا لتعلم أنك ضيقت – بإنكارك هذه القاعدة- واسعاً عليك وعلى غيرك ,وأنك تنقض ما تقرره!!
وإن قلت: يُرجع إلى السياق !! قلت:هاهو السياق أمامك,وقد نقلت الكلام بنصه من رسالتك ,وليس في السياق ما يدل – ولو من بعيد – أنك تتكلم عن الخوارج المتأخرين دون المتقدمين ,فما بقي إلا أن نجمع كلامك, من هنا ومن هناك,ونرد بعضه إلى بعض,فنحمل مطلقه على مقيده,ومجمله على مفصله,ومحتمله على محكمه وصريحه!! وصدق الله عزوجل القائل:(فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) والقائل : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) والحمد لله رب العالمين.
  ( تنبيه أخير ) : وأما دعواك العريضة بأن الخوارج إلى الآن لم يقعوا في شرك العبادة ؛ فهذا مما لا تطمئن النفس إلى التسليم به بمجرد دعواك ، وهذه شهادة نفي تحتاج إلى استقراءٍ تام ، وقد بلغنا خلا فها ، فتباً للغلو حيثما وَلَّى وجهه ، فإنه يحمل صاحبه إلى مثل هذه المجازفات ، والله تعالى أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
وجزى الله إخواننا المساعدين في هذا الكتاب خيراً كثيراً ، ودفع الله عني وعنهم وعن ذرياتنا مصارع السوء والهلكة ، وأحيانا وإياهم حياةً طيبة في الدارين .
وبهذا أنتهي من الجزء الأول من هذا الكتاب ، ويليه الجزء الثاني – إن شاء الله تعالى - .
كتبه : أبو الحسن السليماني .
دار الحديث بمأرب .
( 15 / 11 / 1423 هـ ) .










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق