كثيرون يعترضون على من يذهب الى الحج او العمرة ويرى انه لو صرف هذه المبالغ لاطعام الفقراء كان افضل له من ذهابه
وعلى الرغم من ان بعض العلماء يفضل صدقة التطوع على حج التطوع الا انني ارى للامر وجها اخر فان الله تعالى نوع العبادات ولم يجعل عبادة تنوب عن اخرى فالانسان لو زكى وانفق كل ماله ما اغناه ذلك عن الصيام او الحج فلكل عبادة استقلاليتها وفضلها
وعلى الرغم من ان بعض العلماء يفضل صدقة التطوع على حج التطوع الا انني ارى للامر وجها اخر فان الله تعالى نوع العبادات ولم يجعل عبادة تنوب عن اخرى فالانسان لو زكى وانفق كل ماله ما اغناه ذلك عن الصيام او الحج فلكل عبادة استقلاليتها وفضلها
إنَّ تَقَلُّبَ مواسم الطاعات وتنوعها مع ما فيها من تنوع العبادات لهو رسالة من الله على اختبار عباده ؛ ليعلم المحسن من المسيء ، وليتميز الطائع المتبع لشرع الله على المتبع لهواه ، فعبادات الله متنوعة مختلفة وجعلت شعارا على مواسم الطاعات ، وفيها تظهر حقيقة الابتلاء وقوة التمحيص ،
فكم من الناس يبذل ألوف الدراهم ولا يمتنع عن طعام وشراب ونساء ، وكم من الناس يقوى على الصيام وطول القيام ولايخرج من جيبه دينارا ولا درهما ، فجاء تنوع العبادات لينقاد العبد في أمره كله ولتتشكل شخصيته على وفق ما شرعه ربه لا على ما تهواه نفسه ويميل إليه قلبه ، حتى يصير لسان حال العبد الطائع قائلاً :
( يارب أي عبادة تأمرني بها فأنا مطيع لك متبع لشرعك ؛ إن أمرتني بركوع وسجود وقيام فأنا العبد القانت ، وإن أمرتني ببذل مالي صدقة وزكاة فأنا العبد المنفق المعطي ، وإن أمرتني بالإمساك عن طعامي وشرابي وترك شهوتي فأنا العبد المطيع ،
وإن أمرتني بقصد بيتك الحرام والوقوف على مشاعر الأنبياء فأنا العبد الساعي إليك لترضى ، إن أمرتني بعمل وإقدام فأنا المقبل على عملي كما تحب وترضى ، وإن أمرتني بالكفِّ والإحجام فأنا العبد المطيع المباعد لما يسخطك ولا يرضيك ، ويارب ما علِمتُ الصلاة إلا بتعلم شرعك فأديتها كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما صمت إلا إتباعا لأمرك من طلوع الفجر إلى غروبها ، وما حججنا إلا إلى بيتك الحرام في الزمن الذي بينته لنا كما حج نبينا صلى الله عليه وسلم ) .
هذا لسان حال العبد المقبل على ربه المنقاد لشرع الله في أمره ونهيه ، وما تقلُّبُ مواسم الطاعات وتكررها على العبد المسلم مع ما فيها من تنوع طرق الطاعات إلا لترسخ له حقيقةُ انقياده واستسلامه لله ، فهو يعبد الله في كل وقت وحين حسبما أمره الله على الصفة التي يحبه الله تعالى من غير إفراط ولا تفريط ومن غير ابتداع ولا اختراع .
وهذا كله ترويض لنفس المؤمن على طاعة الله بكل مايحبه ويرضاه سبحانه ، حتى يصل العبد إلى درجة الأصفياء الذين ما أحب الله رؤيتهم في موطن من مواطن الطاعة إلا وجدهم فيه ، وروى لنا الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أصبح منكم اليوم صائما ؟ " ، قال أبو بكر رضي الله عنه : " أنا " ، قال : " فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ " ، قال أبو بكر رضي الله عنه : " أنا " ، قال : " فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟ " ، قال أبو بكر رضي الله عنه : " أنا " ، قال : " فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ " ، قال أبو بكر رضي الله عنه : " أنا " ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة ؟ " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق