هدم نظرية
التطور في عشرين سؤالا
مقدمة
1
لماذا
لا تعتبر نظرية التطور نظرية صحيحة من الناحية العلمية؟
2
كيف
يثبت انهيار نظرية التطور حقيقة الخلق؟
3
إلى أي مدى تمتد آثار الإنسان؟ ولماذا لا تدعم
هذه الآثار نظرية التطور؟
4
لماذا لا تعد نظرية
التطور "الأساس لعلم الأحياء"؟
5
لماذا لا يعد وجود
أجناس مختلفة دليلا على نظرية التطور؟
6
لماذا يعد الادعاء
بوجود تشابه بين جينوم البشر وجينوم القردة بنسبة 99 في المائة وبأن هذا يؤكد
نظرية التطور ادعاءً خاطئا؟
7
لماذا يعد الادعاء
بأن الديناصورات تطورت إلى طيور خرافة غير علمية؟
8
إلى
أي تزييف علمي تستند خرافة أن "للأجنة البشرية خياشيم"؟
9
لماذا
يعد وصف الاستنساخ بأنه "دليل على التطور" ضربا من الخداع؟
10 هل يمكن أن تكون الحياة قد أتت من الفضاء الخارجي؟
11 لماذا لا تدعم حقيقة أن عمر الأرض أربعة ملايين سنة نظرية
التطور؟
12 لماذا
لا تعد ضروس العقل دليلا على التطور؟
13 كيف
تقوض التراكيب المعقدة الموجودة في أقدم الكائنات نظرية التطور؟
14 لماذا
يُصوَّر رفض نظرية التطور وكأنه نبذ للتطور والتقدم؟
15 ما هو الخطأ في الاعتقاد بأن من الممكن أن يكون الله قد خلق
الكائنات الحية بواسطة التطور؟
16 ما
هو الخطأ في الاعتقاد بأن التطور يمكن أن يتأكد في المستقبل؟
17 لماذا لا يعد تحول الشكل دليلا على التطور؟
18 لماذا
يستحيل تفسير جزيء (د ن أ) بواسطة المصادفة؟
19 لماذا لا تعتبر المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية مثالا على
التطور؟
20 ما هو نوع العلاقة بين الخلق والعلم؟
الهوامش
مـقدمة
لقد طُرحت نظرية التطور منذ نحو 150 سنة، وكان
لها تأثير كبير على الطريقة التي ينظر بها الناس إلى العالم. إذ تقترح هذه النظرية
كذبة تقوم على أن الناس قد ظهروا في هذا العالم نتيجة المصادفةوأنهم "نوع من
الحيوانات". وفضلا عن ذلك، تعلِّم هذه النظرية الناس أن القانون الوحيد في
الحياة هو الصراع الأناني من أجل البقاء على قيد الحياة. وتتضح آثار هذه الفكرة
بشكل جلي في القرنين التاسع عشر والعشرين؛ وذلك من خلال تزايد أنانية الناس،
والانحطاط الأخلاقي في المجتمع، وسرعة انتشار المصلحة الذاتية، والقسوة، والعنف،
ونشوء أيديولوجيات شمولية ودموية مثل الفاشية والشيوعية، والأزمات الاجتماعية
والفردية التي تظهر كلما ابتعد الناس عن أخلاقيات الدين، ...
وقد تم تناول النتائج الاجتماعية لنظرية
التطور في كتب أخرى للمؤلف (انظر كتب هارون يحيى التي تحمل عناوين "المصائب
التي جلبتها نظرية التطور للإنسانية"، "الشيوعية تترقب وتتهيأ"،
"السحر المظلم للداروينية"، "الداروينية دين". وقد كشفت تلك
الكتب أن هذه النظرية، التي تدعي أنها "علمية"، ليس لها أي أساس علمي
على الإطلاق، وأنها عبارة عن سيناريو يدافع عنه مؤيدوه بتعنت على الرغم من كل الحقائق،
وهو لا يعدو أن يكون مجرد خرافات.
ومن الضروري أن يطلع على هذه الكتب أولئك
الذين يرغبون في معرفة الجوهر الحقيقي لنظرية التطور ووجهة النظر الداروينية
"العالمية" التي جَرَّت العالم بشكل منظم نحو العنف، والوحشية، والقسوة،
والصراع خلال السنوات المائة والخمسين الأخيرة.
وسيتناول هذا الكتاب
بطلان نظرية التطور من منظور أعم. وسيتصدى الكتاب أيضا لادعاءات أنصار التطور حول
موضوعات معينة من خلال أسئلة كثيرا ما تطرح دون أن تُفهم معانيها فهما كاملا. ويمكنك أن تجد الإجابات المقدمة في هذا الكتاب
بقدر أكبر من التفصيل العلمي في كتب أخرى للمؤلف مثل "خديعة التطور"،
و"دحض الداروينية".
1
لماذا لا
تعتبر نظرية التطور نظرية صحيحة من الناحية العلمية؟
تؤكد نظرية التطور أن الحياة على الأرض
وليدة المصادفة، وأنها نشأت من تلقاء نفسها نتيجة ظروف طبيعية. ولكن هذه النظرية
ليست قانونا علميا ولا حقيقة مثبَتة، إذ تكمن تحت هذه الواجهة العلمية الكاذبة
وجهة نظر عالمية مادية يحاول الداروينيون فرضها على المجتمع. وتستند أسس هذه
النظرية، التي دحضها العلم في كل فرع من فروعه، إلى إيحاءات ووسائل دعائية تقوم
على الخداع، والكذب، والتناقض، والغش، والحيل البارعة.
لقد تم تقديم نظرية التطور بوصفها فرضية
تخيلية في سياق الفهم العلمي البدائي الذي ساد القرن التاسع عشر، وحتى يومنا هذا
لم يدعم هذه النظرية أي اكتشاف أو تجربة علمية. بل على العكس، فإن كل الوسائل التي
استخدمت لتأكيد النظرية أثبتت شيئا واحدا ألا وهو: بطلان النظرية.
ومع ذلك، يعتقد كثير من الناس حتى الآن أن
النظرية حقيقة مثبتة مثل قوة الجاذبية أو قانون الطفو. وذلك، كما ذكرنا في
البداية، يعود إلى أن طبيعة نظرية التطور تختلف اختلافا كبيرا في جوهرها عما هو
مفترض في العادة، لذلك يجهل بعض الناس الأسس الفاسدة التي تقوم عليها هذه النظرية،
وكيف أن العلم يدحضها في كل مناسبة، وكيف أن أنصار التطور يحاولون إبقاءها على قيد
الحياة رغم دخولها في طور الاحتضار. ولا يجد أنصار التطور أي أدلة سوى فرضيات غير
مؤكدة، وملاحظات مريبة وغير واقعية، ورسوم خيالية، ووسائل إيحاء نفسي، وأكاذيب لا
حصر لها، وأساليب احتيال بارعة.
واليوم، أثبتت فروع علمية مثل علم
الحفريات، والوراثة، والكيمياء الحيوية، والأحياء الجزيئية استحالة أن تكون الحياة
قد نشأت بالمصادفةأو أن تكون قد ظهرت من تلقاء نفسها نتيجة ظروف طبيعية. وهناك
اتفاق سائد في الأوساط العلمية على أن الخلية الحية تشكل أعقد تركيب واجهته
البشرية حتى الآن. وقد كشف العلم الحديث أن التعقيد الموجود في تركيب خلية حية
واحدة وفي ترابط نظمها يفوق ذلك الموجود في أي مدينة كبرى. ولا يمكن أن يعمل هذا
التركيب المعقد إلا إذا نشأت كل أجزائه المتفرقة في وقت واحد وفي حالة عمل على
أكمل وجه، وإلا فسيكون هذا التركيب بلا جدوى وسينهار بمرور الوقت ويختفي. ولا
يمكننا أن نتوقع ظهور أجزاء هذا التركيب بمحض المصادفةعلى مدى ملايين السنين كما
تدعي نظرية التطور. ولهذا السبب، يتضح بجلاء من خلال التصميم المعقد لخلية واحدة
فحسب أن الله سبحانه وتعالى خلق الحياة (لمزيد من التفاصيل، انظر كتاب هارون يحيى
بعنوان "الإعجاز في الخلية").
ومع ذلك، لا يريد أولئك المدافعون عن
الفلسفة المادية قبول حقيقة الخلق لأسباب أيديولوجية متنوعة. ذلك أن ظهور وانتشار
مجتمعات تعيش في ظل هذا المبدأ الخلقي الجميل الذي يستمده الإنسان من الدين الحق
عن طريق أوامر الله ونواهيه لا يخدم مصالح هؤلاء الماديين. فوجود جماهير مجردة من
أي قيم روحية أو أخلاقية يتلاءم أكثر مع أغراض هؤلاء الناس، لأنهم يتمكنون بذلك من
التلاعب بتلك الجماهير من أجل تحقيق مصالحهم الدنيوية. ولهذا السبب، يحاول هؤلاء
الناس فرض نظرية التطور، وإبقاءها على قيد الحياة مهما كان الثمن، لأنها تروج
لكذبة مفادها أن البشر لم يُخلقوا بل نشأوا بمحض المصادفةوتطوروا عن الحيوانات.
وعلى الرغم من كل الأدلة العلمية الواضحة التي تقوض أسس نظرية التطور وتؤكد حقيقة
الخلق، فإن أنصار التطور يتجردون من كل أسباب المنطق ويدافعون عن هذا الهراء كلما
سنحت لهم الفرصة.
لقد برهنت التجارب العلمية في الواقع
استحالة أن تكون أول خلية حية، أو حتى جزيء واحد من ملايين جزيئات البروتين في تلك
الخلية، قد نشأت بالمصادفة. ولم يثبت ذلك من خلال التجارب والملاحظات فحسب، بل
أيضا من خلال حسابات الاحتمالية الرياضية. وبعبارة أخرى، تنهار نظرية التطور عند
الخطوة الأولى ألا وهي: تفسير نشوء أول خلية حية.
ويستحيل أن تكون الخلية، أصغر وحدة
للحياة، قد ظهرت مصادفة في الظروف البدائية غير الخاضعة لأي ضوابط في الأيام الأولى
لتكوين الأرض، كما يريدنا أنصار التطور أن نصدق، ولا تقتصر الاستحالة على هذا
الفرض فحسب، ذلك أن تصنيع هذه الخلية غير ممكن حتى في أكثر معامل القرن العشرين
تقدما. إن الأحماض الأمينية، التي تمثل وحدات بناء البروتينات المكوِنة للخلية
الحية، تعجز عن تكوين الجزيئات العضوية organelles في الخلية مثل الفتيلات الخيطية mitochondria، أو الريبوسومات ribosomes، أو أغشية الخلايا cell membranes، أو شبكة الخلية الباطنية endoplasmic reticulum، ناهيك عن تكوين خلية كاملة. ولهذا السبب،
يظل الادعاء بأن التطور قد أوجد أول خلية حية بمحض المصادفةنتاجا لوهم قائم كليا
على الخيال.
وتشكل الخلية الحية، التي ما زالت تحوي
كثيرا من الأسرار غير المفسَّرة، إحدى أكبر العقبات التي تواجه نظرية التطور.
وهناك مأزق آخر كبير من وجهة نظر التطور
ألا وهو جزيء (د ن أ) الموجود في نواة الخلية الحية، وهو عبارة عن نظام تشفير
يتكون من 3.5 بليون وحدة تتضمن كل تفاصيل الحياة. وفي أواخر الأربعينيات وبداية
الخمسينيات، تم اكتشاف جزيء (د ن أ) لأول مرة عند دراسة البلّورات بالأشعة
السينية، وهو عبارة عن جزيء ضخم يتسم بقدر عال من التميز من ناحيتي التخطيط والتصميم.
ولسنوات عديدة، آمن فرانسيس كريك Francis
Crick، الحائز على جائزة نوبل، بنظرية التطور الجزيئي، ولكن حتى هو
اضطُّر في النهاية للاعتراف لنفسه بأن مثل هذا الجزيء المعقد لا يمكن أن يكون قد
نشأ تلقائيا بمحض المصادفةنتيجة عملية تطورية:
"لا
يسع الإنسان الصادق، المزوَّد بكل المعرفة المتاحة لدينا الآن، إلا أن يعلن أنه،
من بعض النواحي، يبدو أصل الحياة في الوقت الحاضر أقرب ما يكون إلى المعجزة".
1
وقد اضطر الأستاذ التركي نصير التطور، علي
دِميرسوي Ali Demirsoy،
إلى تقديم الاعتراف التالي حول هذا الموضوع:
"في
الواقع، إن احتمال تكوُّن بروتين وحمض نووي (د ن أ – ر ن أ) احتمال أبعد من أن
يخضع للتقييم. وعلاوة على ذلك، فإن فرصة نشوء سلسلةٍ بروتينيةٍ معينةٍ ضئيلةٌ
للغاية بحيث يمكن اعتبارها فرصة فلكية". 2
ويسلم هومر جاكوبسون Homer Jacobson، أستاذ كرسي في الكيمياء، باستحالة تكوُّن
الحياة بمحض المصادفة:
"إن
التعليمات اللازمة لإعادة إنتاج التصميمات، والطاقة، واستخلاص أجزاء من البيئة
الحالية، وتسلسل النمو، وقيام آلية الاستجابة للتأثير effector
mechanism بتحويل الأوامر إلى نمو – كل هذا كان لا بد أن يوجد في آن واحد في
تلك اللحظة (عند بدء الحياة). وقد بدا أن توافق هذه الأحداث مصادفة غير محتملة على
الإطلاق".3
ويمثل سجل
الحفريات هزيمة أخرى ساحقة لنظرية التطور. ذلك أنه من بين كل الحفريات التي اكتشفت
على مدار السنين، لا يوجد أي أثر لأي أشكال وسيطة لا بد من توافرها لو كانت الكائنات
الحية قد تطورت من طور إلى آخر من أنواع بسيطة إلى كائنات أكثر تعقيدا، كما تدعي نظرية
التطور. ولو كانت هذه الكائنات قد وُجدت في الحقيقة، لكانت هناك الملايين، بل
البلايين، منها. والأهم من ذلك، كان يجب أن تكون بقايا هذه الكائنات موجودة في سجل
الحفريات. ولو كانت هذه الأشكال الوسيطة قد وجدت حقا، لكانت أعدادها أكبر بكثير من
أعداد أنواع الحيوانات التي نعرفها اليوم، ولَما خَلا مكان في العالم من بقاياها
الحفرية. ويبحث أنصار التطور عن هذه الأشكال الوسيطة في كل البحوث المحمومة التي
أجريت على الحفريات منذ القرن التاسع عشر. ومع ذلك، لم يجدوا أي أثر لهذه الأشكال
الوسيطة، على الرغم من سعيهم الحثيث لإيجادها طوال المائة والخمسين سنة الماضية.
وباختصار، يبين
سجل الحفريات أن أنواع الأحياء ظهرت فجأة وبكامل تكوينها، ولم تتطور من أشكال
بدائية إلى أشكال متقدمة كما تدعي نظرية التطور.
لقد حاول أنصار
التطور جاهدين أن يجدوا أدلة تدعم نظريتهم المزعومة، ولكنهم في الواقع أثبتوا
بأيديهم استحالة حدوث أي عملية تطورية. وختاما، يكشف العلم الحديث عن الحقيقة
التالية غير القابلة للجدل: لم تنشأ الكائنات الحية نتيجة مصادفة عمياء، بل
خلقها الله جل جلاله.
2
كيف يثبت
انهيار نظرية التطور حقيقة الخلق؟
عندما نتساءل عن
كيفية نشأة الحياة على الأرض، نحصل على إجابتين مختلفتين:
الأولى هي أن الكائنات الحية نشأت من خلال التطور. ووفقا
لنظرية التطور، التي تتبنى هذا الادعاء، فقد بدأت الحياة مع أول خلية تكونت هي
ذاتها بمحض المصادفةأو وفقا لقوانين طبيعية افتراضية قائمة على "التنظيم
الذاتي". ومرة أخرى، نتيجة للمصادفة والقوانين الطبيعية، نمت هذه الخلية
الحية وتطورت، وعن طريق اتخاذها أشكالا مختلفة نشأ على الأرض ملايين الأنواع من
الأحياء.
أما الإجابة
الثانية فهي "الخلق". فقد جاءت كل الكائنات الحية إلى حيز الوجود بعد أن
خلقها خالق مبدع. وعندما خُلقت لأول مرة الحياة وملايين الأشكال التي تتخذها،
والتي لا يمكن أن تكون قد ظهرت بمحض المصادفة، كان لها نفس التصميم الكامل المتميز
الخالي من العيوب الذي يميزها اليوم. وهناك برهان واضح على ذلك يتجسد في حقيقة أنه
حتى أبسط أشكال الحياة تتضمن هذه التراكيب والنظم المعقدة التي لا يمكن أبدا أن
تكون قد جاءت وليدة المصادفةوالظروف الطبيعية.
وبعيدا عن هذين
البديلين، لا يوجد اليوم ادعاء أو فرضية ثالثة فيما يتصل بكيفية نشأة الحياة.
ووفقا لقواعد المنطق، إذا ثبت خطأ إحدى إجابتين محتملتين بديلتين لسؤال ما، فلا بد
أن تكون الإجابة الأخرى هي الإجابة الصحيحة. ويطلق على هذه القاعدة، التي تعتبر
إحدى القواعد الأساسية في علم المنطق، اسم الاستدلال التخييري disjunctive inference (modus tollendo ponens).
وبعبارة
أخرى، إذا ثبت أن أنواع الأحياء على الأرض لم تتطور بمحض المصادفة، كما تدعي نظرية
التطور، فإن ذلك يعد دليلا واضحا على أنها تشكلت على يدي خالق. ويتفق العلماء
الداعمون لنظرية التطور على عدم وجود بديل ثالث. وقد صدر عن أحد هؤلاء العلماء،
دوجلاس فوتويما Douglas Futuyma، التصريح التالي:
"إما أن تكون الكائنات الحية قد
ظهرت على الأرض كاملة التطور وإما ألا تكون. وإذا لم تكن قد ظهرت كاملة التطور،
فلابد أنها تطورت من خلال إحدى عمليات التحوير عن أنواع كانت موجودة من قبل. وإذا
كانت قد ظهرت كاملة التطور، فلا بد أنها قد خُلقت بالفعل بواسطة قوة عاقلة غير
محدودة القدرة."4
ويجيب
سجل الحفريات على فوتويما نصير التطور، إذ بيّن علم الحفريات أن كل مجموعات
الأحياء ظهرت على الأرض في أزمنة مختلفة، وعلى نحو مفاجئ، وفي شكل كامل.
وجدير
بالذكر أن كل الاكتشافات الناتجة عن الدراسات وعمليات الكشف عن الحفريات التي
أجريت على مدار المائة عام الماضية تقريبا بيّنت، خلافا لتوقعات أنصار التطور، أن
الكائنات الحية ظهرت فجأة وفي شكل كامل وخال من العيوب. وبعبارة أخرى، فإن هذه
الكائنات قد "خُلقت". فالبكتيريا، والحيوانات وحيدة الخلية، والديدان،
والرخويات، والكائنات البحرية الأخرى اللافقارية، والمفصليات، والأسماك،
والبرمائيات، والزواحف، والطيور، والثدييات ظهرت كلها فجأة بأعضائها وأجهزتها
المعقدة. ولا توجد أي حفريات تبين أيا من الأشكال "الانتقالية" المزعومة
التي تربط بينها. وينطوي علم الحفريات على نفس المغزى شأنه في ذلك شأن فروع العلم
الأخرى: لم تتطور الكائنات الحية بل خُلقت. ونتيجة لذلك، بينما كان أنصار التطور
يحاولون إثبات نظريتهم غير الواقعية، قدموا بأيديهم الدليل على الخلق.
وقد
اعترف روبرت كارول Robert Carroll،
الخبير في حفريات الفقاريات وأحد أنصار التطور المتعصبين، بأن الأمل الدارويني لم
يتحقق من خلال الاكتشافات الحفرية:
"على الرغم من انقضاء مائة عام على
الجهود الحثيثة التي بذلت لجمع الحفريات وعلى وفاة داروين، فسنجد أن سجل الحفريات
لم يقدم حتى الآن الصورة التي توقعها داروين للروابط الانتقالية المتنوعة التي
لا حصر لها". 5
الانفجار الكمبري كفيل بهدم نظرية التطور
يقسِّم علماء الأحياء عالم الأحياء إلى
مجموعات أساسية مثل النباتات، والحيوانات، والفطريات، إلخ. وتنقسم هذه المجموعات
بدورها إلى "شعب" phyla”“
مختلفة. وعند تصنيف هذه الشعب، يجب أن يؤخذ في الاعتبار حقيقة أن كل شعبة من هذه
الشعب تتميز بتركيب جسماني يختلف اختلافا كاملا عما سواه. فعلى سبيل المثال، تعتبر
شعبة المفصليات Arthropoda
(التي تتضمن الحشرات، والعناكب، وكائنات أخرى ذات أرجل مفصلية)، شعبة قائمة
بذاتها، وتتسم كل الحيوانات المندرجة تحتها بنفس التركيب الجسماني الأساسي. وتتضمن
شعبة الحبليات Chordata
كائنات لها حبل ظهري، أو حسب التسمية الشائعة، عمود فقري. وجدير بالذكر أن كل
الحيوانات الكبيرة مثل الأسماك، والطيور، والزواحف، والثدييات التي نألفها في
حياتنا اليومية تندرج تحت شعبة فرعية من الحبليات تعرف باسم الفقاريات.
وتوجد نحو 35 شعبة مختلفة من الحيوانات،
منها شعبة الرخويات Mollusca
التي تتضمن كائنات رخوة مثل القواقع والأخطبوطات، أو شعبة الخيطيات Nematoda التي تتضمن ديدانًا متناهية الصغر. وأهم
خاصية في هذه الشعب، كما ذكرنا آنفا، هي اختلاف سماتها الجسمانية اختلافا كاملا
عما سواها. إذ تتميز الفئات المندرجة تحت الشعبة الواحدة بتشابه التصميم الجسماني
الأساسي، ولكن الشعب تختلف اختلافا تاما فيما بينها.
إذن، كيف حدثت هذه
الاختلافات؟
دعونا أولا نتناول الفرضية الداروينية.
كما نعلم، فإن الداروينية تفترض أن الحياة قد نشأت عن سلف واحد مشترك، واتخذت كل
أشكالها المتنوعة من خلال سلسلة من التغييرات الطفيفة. وفي هذه الحالة، لا بد أن
تكون الحياة قد نشأت أولا في أشكال متشابهة وبسيطة للغاية. ووفقا لنفس النظرية، لا
بد أن تكون الاختلافات بين الكائنات الحية والتعقيدات المتزايدة فيها قد حدثت
بالتوازي مع مرور الوقت.
ووفقا للداروينية، ينبغي أن تكون الحياة
مثل الشجرة، لها جذر مشترك يتفرع لاحقا إلى غصون مختلفة. ويتم التأكيد على هذه
الفرضية باستمرار في المصادر الداروينية، حيث يكثر استخدام مبدأ "شجرة
الحياة". ووفقا لمبدأ الشجرة هذا، لا بد أولا أن تنشأ شعبة ما، ثم تظهر شعبة
أخرى ببطء مع حدوث تغييرات دقيقة على مدار فترات زمنية طويلة جدا.
هذا ما تدعيه نظرية التطور. ولكن هل هذه
هي الكيفية التي سارت بها الأحداث حقا؟
قطعا لا. بل على العكس تماما، كانت
الحيوانات شديدة الاختلاف والتعقيد منذ اللحظة الأولى لنشأتها. فقد ظهرت كل شعب
الحيوانات المعروفة اليوم في نفس الوقت، في منتصف الحقبة الجيولوجية المعروفة باسم
العصر الكمبري. والعصر الكمبري عبارة عن حقبة جيولوجية يُقدر أنها استمرت لنحو
65 مليون سنة، أي ما بين نحو 570 إلى 505 مليون سنة ماضية. ولكن الظهور المفاجئ
لمجموعات الحيوانات الرئيسية قد استغرق فترة زمنية قصيرة من العصر الكمبري، وتعرف
هذه الفترة غالبا باسم "الانفجار الكمبري". وقد ذكر ستيفان سي. مِيِر Stephen C. Meyer، وبي. إيه. نِلسون P. A. Nelson، وبول شين Paul Chien، في مقالة تستند إلى دراسة مفصلة للأدبيات
في هذا المجال بتاريخ 2001، ذكروا أن "الانفجار الكمبري حدث خلال فترة
زمنية قصيرة للغاية من الزمن الجيولوجي، لم تدم لأكثر من 5 ملايين سنة". 6
وقبل ذلك، لم يكن هناك أي أثر في سجل
الحفريات لأي شيء باستثناء الكائنات وحيدة الخلية وبضع كائنات بدائية للغاية من
متعددات الخلايا. ونشأت كل الشعب الحيوانية في أكمل شكل وعلى نحو فجائي خلال فترة
زمنية قصيرة للغاية تعرف بالانفجار الكمبري. (خمسة ملايين سنة فترة قصيرة للغاية
من الناحية الجيولوجية!).
وترجع الحفريات المكتشفة في الصخور
الكمبرية لكائنات شديدة التنوع مثل القواقع، وثلاثيات الفصوص، والإسفنجيات،
وقناديل البحر، ونجوم البحر، والمحار، إلخ. وتتميز معظم الكائنات الموجودة في تلك
الطبقة بأجهزة معقدة وتراكيب متقدمة، مثل الأعين، والخياشيم، وأجهزة دوران الدم،
تماما مثل تلك الموجودة في النماذج العصرية. وتتميز هذه التراكيب في ذات الوقت
بقدر عال من التقدم والاختلاف.
وفي هذا الصدد، قدم ريتشارد موناسترسكي Richard Monastersky، الكاتب في جريدة ساينس نيوز Science News journal، التصريح التالي حول الانفجار الكمبري، الذي
يشكل مأزقا خطيرا بالنسبة لنظرية التطور:
"قبل نصف بليون سنة... ظهرت فجأة أشكال الحيوانات شديدة
التعقيد التي نراها اليوم. وترمز تلك اللحظة، في بداية العصر الكمبري للأرض،
أي قبل نحو 550 مليون سنة، إلى الانفجار التطوري الذي ملأ البحار بأولى الكائنات المعقدة
في
العالم".7
أما فيليب جونسون Phillip Johnson، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في بيركلي وأحد
أبرز منتقدي الداروينية في العالم، فقد وصف التناقض بين هذه الحقيقة الحفرية وبين
الداروينية:
"تتنبأ
النظرية الداروينية "بمخروط من التنوع المتزايد" عند تشكل أول كائن حي،
أو أول نوع حيواني، تنوَّع بالتدريج وباستمرار ليكوِّن المستويات العليا من
الترتيب التصنيفي. ولكن سجل الحفريات الحيواني أقرب إلى المخروط المقلوب رأسا على
عقب، مع وجود الشعب في البداية وتناقصها بعد ذلك".8
وكشف فيليب جونسون، على عكس ما يشاع عن الظهور
المرحلي للشعب، أن كل الشعب ظهرت في واقع الأمر فجأة، بل لقد انقرض البعض منها في
فترات لاحقة. ومن ثم، فإن النشوء المفاجئ لكائنات حية شديدة الاختلاف وهي في أكمل
شكل يعني الخلق، كما قبِل بذلك أيضا فوتويما نصير التطور. ومثلما رأينا، فإن كل
الاكتشافات العلمية المتاحة تدحض ادعاءات نظرية التطور وتكشف حقيقة الخلق.
3
إلى أي مدى تمتد آثار
الإنسان؟
ولماذا لا تدعم هذه الآثار
نظرية التطور؟
يجب أن نتحول إلى سجل الحفريات كي نعثر
على إجابة للسؤال التالي: متى ظهر الإنسان على الأرض؟ ذلك أن هذا السجل يبين أن
ظهور الإنسان يمتد إلى ملايين السنين الماضية. وتتكون هذه الاكتشافات من هياكل
عظمية، وجماجم، وبقايا أناس عاشوا في مختلف الأزمنة. ويتمثل أحد أقدم آثار الإنسان
في "آثار الأقدام" التي عثرت عليها عالمة الحفريات الشهيرة ماري ليكي Mary Leakey في سنة 1977 بمنطقة ليتولي Laetoli في تنزانيا.
وأثارت هذه البقايا ضجة كبيرة في دنيا
العلوم. فقد أشارت البحوث إلى أن تلك الآثار كانت موجودة في طبقة عمرها 3.6 مليون
سنة. وكتب راسل تاتل Russle Tuttle،
الذي شاهد آثار الأقدام، ما يلي:
"من الممكن أن يكون
هومو سابيانس صغير حافي القدمين قد خلَّف هذه الآثار ... وعند دراسة كل السمات التشكلية
القابلة للتمييز، لا يمكن التمييز بين أقدام الأفراد الذين خلفوا تلك الآثار وبين
أقدام البشر العصريين".9
وكشفت
الدراسات المحايدة التي أجريت على آثار الأقدام عن أصحابها الحقيقيين. وفي الواقع،
تألفـت آثار الأقدام هذه من 20 أثرا متحجرا لإنسان عصري في العاشرة من عمره و27
أثرا لإنسان يصغره عمرا. وأيد هذه النتيجة مشاهير علماء الأنثروبولوجيا القديمة من
أمثال دون جونسون Don Johnson
وتيم وايت Tim White،
اللذين فحصا الآثار التي اكتشفتها ماري ليكي. وكشف وايت عن أفكاره قائلا:
"لا يوجد أدنى شك ... في أن هذه
الآثار تشبه آثار أقدام الإنسان العصري . فإذا تُرك أحد هذه الآثار اليوم على
رمال أحد شواطئ كاليفورنيا، وسئل طفل في الرابعة من عمره عن ماهيتها، سيجيب على
الفور أن شخصا ما مشى هناك. ولن يستطيع هذا الطفل، ولا أنت كذلك، التمييز بينها
وبين مئات الآثار الأخرى المطبوعة على رمال الشاطئ. ".10
أثارت
آثار الأقدام هذه جدلا مهما في أوساط أنصار التطور. ذلك أنهم إذا قبلوا أن هذه
الآثار هي آثار أقدام آدمية فسيعني ذلك أن التطور الخيالي الذي صاغوه في أذهانهم
من القرد إلى الإنسان لم يعد من الممكن الاعتداد به بعد الآن. ومع ذلك، بدأ المنطق
التطوري الدوغماتي يبرز من جديد في تلك المرحلة. ومرة أخرى، تخلى معظم العلماء
المناصرين للتطور عن العلم من أجل أهوائهم، وادعوا أن آثار الأقدام التي عثر عليها
في ليتولي تخص كائنا شبيها بالقرد. وكتب راسل تاتل، أحد أنصار التطور الذين دافعوا
عن هذا الادعاء، قائلا:
"خلاصة الأمر هي أن
آثار الأقدام البالغة من العمر 3.5 مليون سنة والتي عثر عليها في الموقع G بمنطقة ليتولي تشبه آثار الأقدام المعتادة
لإنسان عصري لا ينتعل حذاء. ولا توحي أي من سماتها أن هومينيدات (بشريات) ليتولي
كانت حيوانات ثنائية القدمين أقل قدرة منا. ولو لم يكن معروفا أن آثار الأقدام التي
اكتشفت في الموقع G
قديمة جدا، لاستنتجنا على الفور أن فردا من أفراد جنسنا الهومو
قد خلفها وراءه... وعلى أي حال، يجب أن نصرف النظر عن الافتراض غير الدقيق بأن
آثار أقدام ليتولي قد خلفها فرد من نوع لوسي ، أي أسترالوبيثيكوس عفارنسز Australopithecus
afarensis*"" .11
ومن بين أقدم المخلفات الإنسانية بقايا
كهف حجري عثر عليه لويس ليكي Louis
Leakey في ممر ألدوفاي Olduvai
Gorge في السبعينيات. وقد عثر على بقايا الكوخ في طبقة عمرها 1.7 مليون
سنة. ومن المعروف أن مثل هذا النوع من البنيان، الذي ما زالت هناك نماذج شبيهة له
تستخدم في إفريقيا حتى يومنا هذا، لا يمكن أن يبنيه غير الهومو سابيانس (الإنسان
الحكيم) Homo Sapiens،
وبعبارة أخرى الإنسان العصري. وتتمثل أهمية هذه البقايا في أنها تكشف أن الإنسان
عاش في نفس الوقت الذي عاشت فيه أشباه القردة المزعومة التي يصورها أنصار التطور
على أنها أسلافه.
وكان لفك الإنسان العصري البالغ من العمر
2.3 مليون سنة، الذي عثر عليه في منطقة هدار Hadar بإثيوبيا، أهمية كبيرة لأنه بيّن أن الإنسان
العصري وُجد على الأرض قبل فترة أطول مما توقعه أنصار التطور.12
وتتمثل إحدى أقدم وأكمل الحفريات البشرية
في الحفرية KNM-WT 1500،
المعروفة أيضا باسم الهيكل العظمي "لطفل توركانا" “Turkana Child”. وقد وصف نصير التطور دونالد يوهانسون Donald Johanson الحفرية البالغ عمرها 1.6 مليون سنة
بالعبارات التالية:
"كان طويلا ونحيفا، ويشبه في شكله الجسماني ونسب أوصاله
الأفارقة الحاليين الذي يعيشون عند خط الاستواء. وعلى الرغم من صغر سنه، فإن
أوصاله تضاهي في مقاييسها تقريبا متوسط مقاييس الذكور البيض البالغين في أمريكا
الشمالية".13
وقد تأكد أن الحفرية خاصة بصبي في الثانية
عشرة من عمره، كان سيبلغ طوله 1.83 متر في مرحلة المراهقة. وقال عالم
الأنثروبولوجيا القديمة الأمريكي آلان ووكر Alan Walker إنه يشك في أن "بمقدور عالم
الحفريات العادي أن يفرق بين الهيكل العظمي الأحفوري وبين الهيكل العظمي لإنسان
عصري". وكتب ووكر فيما يتعلق بالجمجمة أنه ضحك عندما رآها لأنها "تشبه
كثيرا جمجمة الإنسان النياندرثالي".14
ومن الحفريات البشرية التي حظيت بأكبر
قدر من الاهتمام تلك التي عثر عليها في أسبانيا في سنة 1995. وقد تم اكتشاف
الحفرية موضع النقاش في كهف يدعى جران دولينا Gran Dolina في منطقة أتابويركا Atapuerca بأسبانيا على يد ثلاثة علماء أسبان من جامعة
مدريد متخصصين في الأنثروبولوجيا القديمة. وكشفت الحفرية عن وجه صبي في الحادية
عشرة من عمره كان يبدو مثل الإنسان العصري تماما، على الرغم من مرور800.000 سنة
على وفاته. وقد هزت هذه الحفرية أيضا ما كان مقتنعا به خوان لويس أرساجا فريراس Juan
Luis Arsuaga Ferreras نفسه، الذي قاد عمليات الكشف في جران دولينا.
وقال فريراس:
"لقد توقعنا أن نجد شيئا كبيرا،
شيئا ضخما، شيئا منتفخا... كما تعلم، شيئا بدائيا. لقد توقعنا أن يكون غلام عمره
800.000 سنة مشابها لطفل توركانا. ولكن ما عثرنا عليه كان وجها عصريا تماما...
بالنسبة لي كان الأمر مثيرا للغاية... إن العثور على شيءٍ كهذا غيرِ متوقع على
الإطلاق لهُوَ من الأشياء التي تهز كيانك. فعدم العثور على حفريات أمر غير متوقع، تماما
مثل العثور عليها، ولكن لا بأس. إلا أن أروع
ما في الأمر هو أن تجد شيئا في الماضي كنت تعتقد أنه ينتمي إلى الحاضر. إن الأمر أشبه
بالعثور على شيء مثل... مثل جهاز تسجيل في كهف جران دولينا. سيكون ذلك مدهشا
للغاية، لأننا لا نتوقع العثور على أشرطة كاسيت وأجهزة تسجيل في العصر البلستوسيني
الأدنى. وينطبق ذات الشيء على اكتشاف وجه عصري عمره 800.000 سنة. لقد اندهشنا جدا
عندما رأينا هذا الوجه".15
وكما رأينا، فإن الاكتشافات الحفرية تدحض
ادعاء "تطور الإنسان". ولكن بعض وسائل الإعلام تقدم هذا الادعاء كأنه
حقيقة مثبتة، في حين أن كل ما هو موجود في الواقع ليس سوى نظريات زائفة. وفي
الواقع، يقبل علماء التطور هذه الحقيقة، ويعترفون بأن ادعاء "تطور
الإنسان" يفتقر إلى الدليل العلمي.
فمثلا، حينما يقولون "نحن ظهرنا
فجأة في سجل الحفريات" يعترف أنصار التطور من علمـاء الحفريات من أمثال
سي. إيه فيلي C. A. Villie،
و
إي. بي. سولومان E. P. Solomon،
وبي. دبليو. دافيس P. W. Davis
بأن الإنسان نشأ فجأة، وبعبارة أخرى بدون سلف تطوري.16
وقد
اضطر مارك كولارد Mark Collard
وبرنارد وود Bernard Wood،
عالما الأنثروبولوجيا ونصيرا التطور، إلى الاعتراف في مقالة كتباها في سنة 2000
بأن "فرضيات تاريخ تطور السلالات الحالية حول تطور الإنسان لا يمكن
الاعتداد بها".
وجدير
بالذكر أن كل اكتشاف حفري جديد يضع أنصار التطور في مأزق أسوأ من سابقيه، حتى
عندما تطالعنا بعض الصحف التافهة بعناوين مثل "اكتشاف الحلقة
المفقودة". وكان آخر مثال على ذلك هو الجمجمة الحفرية التي اكتشفت في سنة
2001 وأطلق عليها اسم كينيانثروباس بلاتيوبس Kenyanthropus
platyops. وقد أدلى عالم
الحفريات ونصير التطور دانيال إي. ليبرمان Daniel E. Lieberman، من قسم الأنثروبولوجيا بجامعة هارفارد، بالتصريح
التالي حول الكينيانثروباس بلاتيوبس في مقالة نشرها في المجلة العلمية
الرائدة ناتشر Nature:
"إن التاريخ التطوري للبشر معقد
وغير محسوم. ويبدو الآن أنه على أعتاب الدخول في مزيد من الفوضى بسبب اكتشاف
نوع وجنس آخرين، يرجع تاريخهما إلى 3.5 مليون سنة ماضية... وتثير طبيعة الكينيانثروباس
بلاتيوبس تساؤلات كثيرة حول تطور البشر عموما وسلوك هذا النوع خصوصا. لماذا، على
سبيل المثال، يجمع هذا النوع بشكل غير اعتيادي بين أسنان الوجنة الصغيرة والوجه
المفلطح الكبير الذي يوجد فيه قوس عظام الوجنة في الناحية الأمامية؟ فكل أنواع
الهومينين[1]
(hominin species)
الأخرى المعروفة التي تتميز بأوجه كبيرة وعظام وجنة في مواضع مشابهة لديها أسنان
كبيرة. أنا أظن أن الدور الرئيسي للكينيانثروباس بلاتيوبس خلال السنوات القليلة
القادمة هو أن يكون بمثابة هادم اللذات، لأنه يؤكد على الفوضى التي تواجه البحث في
العلاقات التطورية بين أنواع الهومينين".18
ويجب
ألا ننسى هنا أحدث دليل ساهم في تحطيم ادعاء نظرية التطور بشأن أصل الإنسان ألا
وهو، الحفرية الجديدة المسماة ساحلنثروباس تشادينسيز Sahelanthropus
tchadensis
التي اكتشفت في التشاد بوسط إفريقيا في صيف 2002.
وأثارت
هذه الحفرية عاصفة في عالم الداروينية. وقد اعترفت مجلة ناتشر ذات الشهرة
العالمية في مقالها الذي أعلنت فيه خبر الاكتشاف أن "الجمجمة المكتشفة
حديثا يمكن أن تقضي على أفكارنا الحالية بشأن تطور الإنسان".19
كما
قال دانيال ليبرمان من جامعة هارفارد: "سيكون لهذا (الاكتشاف) أثر قنبلة
نووية صغيرة".20
ويرجع
السبب في ذلك إلى أنه على الرغم من أن الحفرية موضع النقاش عمرها 7 ملايين سنة،
فإن لها بنية "تشبه بنية الإنسان" (وفقا للمعايير التي استخدمها أنصار
التطور حتى الآن) أكثر من بنية قردة الأوسترالوبثيكوس Australopithecus التي يبلغ عمرها 5 ملايين سنة والتي يُزعم
أنها "أقدم سلف للبشرية". ويبين ذلك أن الروابط التطورية التي تم
تحديدها بين أنواع القردة المنقرضة بناء على المعيار غير الموضوعي والمتحيز للغاية
المتصل "بالتشابه مع البشر" إنما هي روابط خيالية تماما.
وأكد
هذا الرأي جون وايتفيلد John Whitefield،
في مقالته المعنونة "اكتشاف أقدم عضو في العائلة البشرية" Oldest
Member of Human Family Found”“
المنشور في مجلة ناتشر بتاريخ 11 تموز/ يوليو 2002، حيث استشهد ببرنارد
وود، عالم الأنثروبولوجيا ونصير التطور من جامعة جورج واشنطن بولاية واشنطن:
" يقول برنارد وود: "عندما التحقت
بكلية الطب في سنة 1963، كان التطور البشري أشبه بالسلم". وقد تدرجت درجات
السلم من القرد إلى الإنسان من خلال تطور الأشكال الوسيطة، التي كان شَبَه القردة
في كل منها يقل شيئا فشيئا عن سابقه. والآن، أصبح التطور البشري أشبه بالأجمة. فقد
أصبح لدينا معرض من حفريات الهومينيد[2]...
وما زال الجدل دائرا حول علاقة كل منها بالآخر وحول أيها، إن وجد، هو سلف
البشر". 21
ولا
بد أن نشير هنا إلى تعليقات هنري جي Henry Gee،
كبير محرري مجلة ناتشر وعالم الأنثروبولوجيا القديمة الشهير، حول حفرية
القرد المكتشفة حديثا لأنها جديرة بالذكر. فقد كتب جي في مقالته المنشورة في صحيفة
الجارديان Guardian
عن الجدل الدائر حول الحفرية قائلا:
"مهما كانت
النتيجة، تُبين الجمجمة، بشكل حاسم، أن الفكرة القديمة المتصلة "بالحلقة
المفقودة" ما هي إلا هراء... ولا بد أن يكون جليا جدا الآن أن لب فكرة الحلقة
المفقودة، الذي طالما كان موضع شك، لا يمكن التمسك به مطلقا بعد الآن ".22
وكما
رأينا، يثمر العدد المتزايد من الاكتشافات عن نتائج مخالفة لنظرية التطور، وليست
في صالحها. ولو كانت هذه العملية التطورية قد حدثت في الماضي، فمن المفترض أن نجد
لها آثارا كثيرة، كما يفترض أن يقدم كل اكتشاف جديد مزيدا من الدعم للنظرية. وفي
الواقع، ادعى داروين في كتاب أصل الأنواع Origin of Species أن العلم سوف يتطور في هذا الاتجاه بالذات. وفي رأيه أن
المشكلة الوحيدة التي تواجه نظريته في سجل الحفريات هي نقص الاكتشافات الحفرية.
وظل يأمل في أن تكشف البحوث المستقبلية عن حفريات لا حصر لها تدعم نظريته. ومع
ذلك، أثبتت الاكتشافات العلمية اللاحقة فعليا أن أحلام داروين ليس لها أي أساس.
أهمية البقايا الإنسانية
لا شك في أن الاكتشافات المتصلة بالإنسان،
التي رأينا بضعة أمثلة منها هنا، تُظهر حقائق مهمة للغاية؛ لا سيما أنها أثبتت مرة
أخرى أن ادعاء أنصار التطور بأن سلف الإنسان كان كائنا شبيها بالقرد إنما هو من
محض الخيال. ولهذا السبب، يستحيل أن تكون أنواع القردة هذه هي سلف الإنسان.
وخلاصة
القول، يبين لنا سجل الحفريات أن الإنسان قد جاء إلى حيز الوجود قبل ملايين السنين
بنفس الشكل الذي هو عليه الآن، وأنه واصل رحلته إلى الحاضر بدون أي نوع من أنواع
النمو التطوري. وإذا كان أنصار التطور يدعون أنهم علماء وأشخاص صادقون بحق، فيجب
عليهم في هذه المرحلة أن يلقوا بتطورهم الخيالي من القرد إلى الإنسان داخل سلة
المهملات. وتبين حقيقة تمسكهم بشجرة العائلة المزيفة تلك أن التطور ليس نظرية
يدافعون عنها باسم العلم، بل هو عقيدة يكافحون لإبقائها على قيد الحياة على الرغم
من الحقائق العلمية.
4
لماذا لا تعد نظرية التطور
"الأساس لعلم الأحياء"؟
من
بين أحد الادعاءات التي يكثر أنصار التطور ترديدها تلك الكذبة القائلة بأن نظرية
التطور هي الأساس لعلم الأحياء... ويقترح أولئك الذين قدموا هذا الادعاء أن علم
الأحياء لا يمكن أن يتطور، بل حتى أن يوجد، بدون نظرية التطور. وينبع هذا الادعاء
في الواقع من عمومية منشَؤها اليأس. وجدير بالذكر أن الأستاذ الفيلسوف أردا دينكل Arda
Denkel، أحد أبرز الأسماء
في ميدان العلوم التركي، قد علق على هذا الموضوع قائلا:
"على سبيل المثال، من الخطأ الفادح
أن يقترح المرء أن "رفض نظرية التطور يعني رفض العلوم الحيوية والجيولوجية
والاكتشافات الفيزيائية والكيميائية". ذلك أنه للوصول إلى مثل هذا الاستدلال (استدلال تخييري هنا)، لا بد أن توجد
بعض الافتراضات حول الاكتشافات الكيميائية، والفيزيائية، والجيولوجية، والحيوية
تلمح إلى نظرية التطور. ومع ذلك، نجد أن الاكتشافات، أو لسان حالها، لا تلمح إلى
النظرية. ومن ثم، فإنها لا تثبتها".23
وحسبُ المرء أن يتأمل في تاريخ العلم حتى
يدرك مدى بطلان وعدم منطقية الادعاء القائل بأن "نظرية التطور هي الأساس لعلم
الأحياء". ولو صح هذا
الادعاء، لكان معنى ذلك أن العالم لم يعرف العلوم الحيوية إلا بعد ظهور نظرية
التطور، وأن كل هذه العلوم وليدة تلك النظرية. ومع ذلك، فالكثير من فروع علم الأحياء، مثل علوم التشريح،
ووظائف الأعضاء، والحفريات، نشأت وتطورت قبل نظرية التطور. ومن ناحية أخرى، فنظرية
التطور فرضية نشأت بعد هذه العلوم، يحاول الداروينيون فرضها عليها بالقوة.
وقد استخدم أنصار التطور أسلوبا مشابها
لذلك في الاتحاد السوفييتي إبان عهد ستالين. ففي تلك الفترة، اعتبرت الشيوعية،
الأيديولوجية الرسمية للاتحاد السوفييتي، أن فلسفة "المادية الجدلية" dialectical materialism”“ هي الأساس لكل العلوم. وأمر ستالين بأن
تتمشى كل البحوث العلمية مع المادية الجدلية. وبهذه الطريقة، كانت كل كتب علم الأحياء، والكيمياء،
والفيزياء، والتاريخ، والسياسة، بل حتى الفنون تحتوي على أقسام تمهيدية مفادها أن
كل هذه العلوم تستند إلى المادية الجدلية وآراء ماركس، وإنجلز، ولينين.
ومع ذلك، تم رفع هذا الالتزام عند انهيار
الاتحاد السوفييتي، وعادت الكتب إلى كونها نصوصا علمية فنية عادية تحتوي على نفس
المعلومات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التخلي عن سخافات مثل المادية الجدلية لم
يتسبب في تخلف العلم، بل أزال عن كاهله الضغوط والالتزامات المفروضة عليه.
وفي الوقت الحاضر، لا يوجد سبب يدعو إلى
ربط العلم بنظرية التطور. فالعلم يقوم على الملاحظة والتجريب، بينما تعبر نظرية
التطور، من ناحية أخرى، عن فرضية متصلة بماض لا يمكن إخضاعه للملاحظة. وفضلا عن
ذلك، فالعلم وقوانين المنطق يدحضان دائما ادعاءات النظرية وافتراضاتها. ولن يتكبد
العلم، بالطبع، أي خسارة عند تخليه عن هذه الفرضية. وقد عبر عالم الأحياء الأمريكي
جي. دبليو. هاربر G. W. Harper
عن رأيه حول هذا الموضوع قائلا:
"كثيرا ما يدعي البعض أن الداروينية محورية
بالنسبة لعلم الأحياء الحديث. ولكن على العكس، إذا اختفت فجأة كل الإحالات إلى
الداروينية، سيظل علم الأحياء دون أي تغيير يذكر..."24
وفي الواقع، سيحدث العكس تماما، إذ سيتقدم
العلم على نحو أسرع وأسلم بكثير عندما يتحرر من إلحاح نظرية مليئة بالدوغماتية،
والتحيز، والسخافة، والتلفيق.
5
لماذا لا
يعد وجود أجناس مختلفة دليلا على نظرية التطور؟
يحاول بعض أنصار التطور أن يتخذوا من وجود
أجناس مختلفة دليلا على صحة نظرية التطور. وفي الواقع، كثيرا ما يصدر هذا الادعاء
عن أنصار التطور الهواة الذين لا يملكون قدرا كافيا من المعرفة عن النظرية التي
يدافعون عنها.
وتقوم الفرضية التي يقترحها أولئك
المدافعون عن هذا الادعاء على السؤال التالي: "إذا كانت الحياة قد بدأت،
حسبما تقول المصادر الإلهية، برجل واحد وامرأة واحدة، فكيف نشأت مختلف
الأجناس؟" وبعبارة أخرى، "إذا كان طول قامة آدم وحواء، ولونهما،
وسماتهما الأخرى هي سمات شخصين فقط، فكيف نشأت أجناس ذات سمات مختلفة تماما؟"
في الواقع، فإن المشكلة الكامنة وراء كل
هذه الأسئلة أو الاعتراضات هي نقص المعرفة بقوانين الوراثة، أو تجاهلها. ولفهم
السبب وراء الاختلافات الموجودة بين الأجناس في عالمنا اليوم، لا بد أن نأخذ فكرة
عن موضوع "التغاير" variation”“، الذي تربطه صلة وثيقة بهذه المسألة.
التغاير هو مصطلح يستخدم في علم الوراثة
للإشارة إلى حدث وراثي يتسبب في اختلاف الصفات التي يحملها الأفراد أو المجموعات
المنتمية لنوع أو جنس معين من فرد إلى آخر. ويعود مصدر هذا التغاير إلى المعلومات
الوراثية الخاصة بأفراد ذلك النوع. ونتيجة التزاوج بين أفراد النوع، تتجمع تلك
المعلومات الوراثية في الأجيال التالية بمختلف التوليفات. إذ يحدث تبادل للمادة
الوراثية بين صبغيات chromosomes
الأم والأب. وهكذا، تختلط الجينات ببعضها البعض وينتج عن ذلك تنوع واسع في السمات
الفردية.
وترجع مختلف السمات الجسمانية بين الأجناس
البشرية إلى تغايرات داخل الجنس البشري. وفي الأساس، يحمل كل الناس على كوكب الأرض
نفس المعلومات الوراثية، ولكن لبعضهم عيون مائلة، ولبعضهم شعر أحمر، ولبعضهم أنف طويل،
ولبعضهم قامة قصيرة، ويتوقف كل ذلك على إمكانية تغاير هذه المعلومات الوراثية.
ولفهم إمكانية التغاير، دعونا نتخيل
مجتمعا يغلب فيه الأفراد السمر ذوو العيون البنية على الأفراد الشقر ذوي العيون
الزرقاء. ونتيجة لاختلاط أفراد الجماعتين والتزاوج فيما بينهم، سوف تظهر بمرور
الوقت أجيال جديدة سمراء ولكن عيونها زرقاء. وبعبارة أخرى، سوف تتجمع الصفات
الجسمانية لكلتا المجموعتين في أجيال لاحقة وسينتج عنها أفراد بأشكال جديدة.
وعندما يتخيل المرء اختلاط صفات جسمانية أخرى بنفس الطريقة، سيتضح أن تنوعا كبيرا
سينشأ عن ذلك.
والنقطة المهمة التي ينبغي أن نفهمها هنا
هي كالتالي: هناك جينان genes
يحكمان كل سمة جسمانية. وقد يسود أحدهما على الآخر، أو قد يؤثران كلاهما على
مجريات الأمور بشكل متساو. فعلى سبيل المثال، هناك جينان يحددان لون عيون الشخص؛
أحدهما من الأم والآخر من الأب. وأيا كان الجين السائد، فسوف يتحدد لون عيون الشخص
بواسطة هذا الجين. وبشكل عام، تسود الألوان الداكنة على الألوان الفاتحة. وبهذه
الطريقة، إذا كان لدى الشخص جينات للعيون البنية والعيون الخضراء، ستكون عيناه
بنيتين لأن جين العيون البنية هو السائد. ومع ذلك، يمكن أن يُورَّث اللون الأخضر
المتنحي عبر الأجيال ويظهر في وقت لاحق. وبعبارة أخرى، يمكن أن ينجب والدان
عيونهما بنية طفلا أخضر العينين، لأن جين اللون الأخضر متـنحٍّ في كلا الوالدين.
وينطبق هذا القانون على كل السمات
الجسمانية الأخرى والجينات التي تحكمها. إذ
إن مئات، بل آلاف السمات الجسمانية، مثل الأذنين، والأنف، وشكل الفم، وطول
القامة، وبنية العظام، وبنية العضو وشكله وصفاته، كلها يتم التحكم فيها بنفس
الطريقة. ونتيجة لذلك، يمكن أن تُورَّث كل المعلومات اللامحدودة الموجودة في
التركيب الوراثي إلى الأجيال اللاحقة دون أن تظهر للعيان. واستطاع آدم، أول إنسان،
وحواء أن ينقلا المعلومات الغنية الموجودة في تركيبهما الجيني إلى الأجيال اللاحقة
على الرغم من أن جزءا فقط من هذه المعلومات قد انعكس في هيئتها الجسمانية. وقد أدت
العزلة الجغرافية التي حدثت على مدار التاريخ البشري إلى خلق جو تجمعت فيه مختلف
السمات الجسمانية في مجموعات متنوعة. وعلى مدار فترة زمنية طويلة، أدى ذلك إلى
ظهور مجموعات مختلفة تتميز بتنوع في تركيبها العظمي، ولون بشرتها، وطول قامتها،
وحجم جمجمتها. وأدى ذلك بدوره في النهاية إلى ظهور أجناس مختلفة.
ومع ذلك، هناك شيء واحد، بالطبع، لم تغيره
هذه الفترة الزمنية الطويلة: مهما كان طول قامتها، ولون بشرتها، وحجم جمجمتها، فكل
الأجناس جزء من النوع البشري.
6
لماذا يعد الادعاء بوجود تشابه بين جينوم البشر وجينوم القردة بنسبة
99 في المائة وبأن هذا يؤكد نظرية التطور ادعاءً خاطئا؟
تتبنى كثير من
مصادر التطور من وقت إلى آخر الادعاء بأن البشر والقردة يشتركون في 99 في المائة
من معلوماتهم الوراثية، وأن هذا دليل يدعم نظرية التطور. ويركز هذا الادعاء بشكل
خاص على الشمبانزيات، ويزعم أن هذا الكائن هو أقرب القردة إلى الإنسان، ولهذا السبب
توجد قرابة بين الاثنين. ومع ذلك، فهذا دليل كاذب قدمه أنصار التطور الذين يستغلون
نقص معلومات الشخص العادي حول هذه الموضوعات.
ادعاء التشابه بنسبة 99%
وسيلة دعائية مضللة
ظلت جوقة أنصار
التطور تردد لفترة طويلة جدا الفرضية غير المدعمة بالأدلة، القائلة بوجود فرق
وراثي ضئيل بين البشر والشمبانزيات. وفي كل أدبية من أدبيات التطور، يمكنك أن تقرأ
جملا مثل "نحن نتطابق مع الشمبانزيات بنسبة 99 في المائة" أو "لا
يوجد إلا واحد في المائة من جزيء (د ن أ) يجعلنا بشرا". وعلى الرغم من عدم
إجراء مقارنة حاسمة بين جينوم البشر والشمبانزيات، فالأيديولوجية الداروينية دعتهم
إلى الافتراض بأنه لا يوجد إلا فرق ضئيل جدا بين النوعين.
وفي تشرين أول/ أكتوبر 2002، كشفت إحدى
الدراسات أن الدعاية التي ينشرها أنصار التطور حول هذا الموضوع – شأنها في ذلك شأن
الكثير من الدعايات الأخرى- زائفة تماما. ذلك أن البشر والشمبانزيات "لا
يتشابهان بنسبة 99%" كما جاء في الحكاية الملفقة التي يسردها أنصار التطور.
إذ تبين أن التشابه الوراثي بينهما أقل من 95%. وفي قصة إخبارية نقلها موقع CNN.com بعنوان "البشر والشمبانزيات أكثر
اختلافا مما نعتقد"“Human,
chimps more different than thought”، ورد ما يلي:
"وفقا لدراسة
وراثية جديدة، تبين أن الاختلافات بين الشمبانزي والإنسان أكثر مما كنا نعتقد في
الماضي.
فلطالما
اعتقد علماء الأحياء أن جينات الشمبانزيات والبشر متطابقة بنسبة 98.5 في المائة
تقريبا. ولكن روي بريتن Roy
Britten، عالم الأحياء في معهد كاليفورنيا
للتكنولوجيا، ذكر في دراسة نشرت هذا الأسبوع أن هناك طريقة جديدة لمقارنة الجينات
أظهرت أن التشابه الوراثي بين الإنسان والشمبانزي لا يتعدى نسبة 95 في المائة
تقريبا.
وقد
استند بريتن في دراسته تلك إلى برنامج كمبيوتر قارن من خلاله 780.000 زوج من بين
الثلاثة بلايين زوج الأساسية base
pairs الموجودة في حلزون جزيء (د ن أ) البشري بتلك الخاصة بالشمبانزي.
واكتشف فروقا أكثر من تلك التي اكتشفها الباحثون السابقون، واستخلص أن 3.9 في
المائة على الأقل من أزواج جزيء (د ن أ) الأساسية مختلفة.
ودعاه ذلك إلى
الاستنتاج بوجود اختلاف وراثي جوهري بين النوعين يبلغ 5 في المائة". 25
وفي مجلة نيو ساينتست New Scientist، إحدى المجلات العلمية الرائدة الداعمة بقوة
للداروينية، نشرت حول هذا الموضوع مقالة بعنوان "الاختلاف بين جزيء (د ن أ)
في الإنسان والشمبانزي يزداد ثلاثة أضعاف" “Human-chimps DNA difference trebled”، جاء فيها:
"نحن
أكثر تفردا مما اعتقدنا في السابق، وذلك وفقا لمقارنات جديدة أجريت على جزيء (د ن
أ) في الإنسان والشمبانزي. فلطالما كان هناك اعتقاد بأننا نشترك في 98.5 في المائة
من مادتنا الوراثية مع أقرب أقربائنا. ولكن يبدو الآن أن هذا خطأ. وفي الواقع، نحن
نشترك في أقل من 95 في المائة من مادتنا الوراثية مع الشمبانزي، وهو ما يعني أن
التغاير بيننا وبين الشمبانزيات ازداد ثلاثة أضعاف".26
وما زال عالم الأحياء روي بريتن وغيره من
أنصار التطور يقيّمون هذه النتيجة في ضوء نظرية التطور، ولكن في الواقع لا يوجد
سبب علمي يدعو لذلك. ذلك أن نظرية التطور لا يدعمها سجل الحفريات ولا أي بيانات
وراثية أو كيميائية حيوية. بل على العكس، تبين الأدلة أن مختلف أشكال الحياة على
الأرض ظهرت على نحو فجائي تماما دون أي أسلاف تطورية وأن تعقيد نظم الكائنات يثبت
وجود "تصميم بارع".
جزيء (د ن أ) البشري مشابه أيضا لنظيره في
الديدان، والبعوض، والدجاج!
وعلاوة على ذلك، فإن البروتينات الأساسية
المذكورة أعلاه هي عبارة عن جزيئات حيوية شائعة لا توجد فقط في الشمبانزيات، بل
إنها توجد أيضا في كائنات حية كثيرة مختلفة كل الاختلاف عن بعضها البعض. كما أن
تركيب البروتينات في كل هذه الأنواع مشابه جدا لتركيب البروتين البشري.
فعلى سبيل المثال، كشفت التحاليل الوراثية
المنشورة في مجلة نيو ساينتست عن وجود تشابه بنسبة 75% بين جزيء (د ن أ)
في الديدان الخيطية وفي الإنسان.27 ولا يعني ذلك بالقطع أن الاختلاف بين
الإنسان وهذه الديدان يبلغ 25% فقط!
ومن ناحية أخرى، ذُكر في اكتشاف آخر، ظهر
أيضا في وسائل الإعلام، أن المقارنات التي أجريت بين جينات ذباب الفاكهة
المنتمي إلى جنس الدروسوفيلا وجينات الإنسان أثمرت عن وجود تشابه بينهما
بنسبة 60%.28
وعند دراسة كائنات حية أخرى غير الإنسان،
يتضح عدم وجود أي علاقة جزيئية كتلك التي يدعيها أنصار التطور.29 وتبين هذه
الحقيقة أن مبدأ التشابه ليس دليلا على التطور.
"التصميم المشترك": سبب أوجه
التشابه
من الطبيعي بالتأكيد أن يكون في الجسم
البشري بعض أوجه الشبه الجزيئي بالكائنات الحية الأخرى؛ لأنها جميعا مكونة من نفس
الجزيئات، وكلها تستخدم نفس المياه والهواء، وكلها تستهلك أطعمة مكونة من نفس
الجزيئات. ولا ريب في أن يكون تكوينها الجيني، متشابها. ومع ذلك، لا يعد ذلك
دليلا على أنها تطورت من سلف مشترك.
ذلك أن هذه "المادة المشتركة"
ليست نتاجا لتطور بل "لتصميم مشترك"، أي، لكونها خُلقت وفقا لنفس الخطة.
ومن الممكن أن نوضح هذه المسألة بمثال:
تستخدم كل الإنشاءات في العالم مواد متشابهة (قرميد، وحديد، وإسمنت، إلخ). ومع
ذلك، لا يعني ذلك أن تلك المباني "تطورت" من بعضها البعض. فقد أُنشئ كل
منها بشكل منفصل باستخدام مواد بناء مشتركة. وينطبق ذات الشيء على الكائنات الحية
أيضا.
ومع ذلك، لا يمكن بالطبع مقارنة التركيب
المعقد للكائنات الحية بذلك الموجود في الجسور.
ولم تنشأ الحياة نتيجة لصدف غير واعية كما
تدعي نظرية التطور، بل نشأت نتيجة لخلق الله، القوي المقتدر، مالك المعرفة والحكمة
المطلقتين.
7
لماذا يعد الادعاء بأن
الديناصورات
تطورت إلى طيور خرافة غير علمية؟
إن نظرية التطور هي حكاية خيالية قائمة
على أمل تحقق المستحيل. وتحتل الطيور مكانة خاصة في هذه القصة. فأهم ما في الطيور
هو أنها تملك ذلك العضو الرائع، الجناح. وبخلاف العجائب التكوينية في الأجنحة، فإن
وظيفتها أيضا تثير الدهشة، لدرجة أن الطيران ظل هاجس الإنسان لآلاف السنين، وبذل
آلاف العلماء والباحثين جهودا كبيرة لمحاكاته. وبصرف النظر عن بضع محاولات بدائية
للغاية، لم يتمكن الإنسان من بناء آلات قادرة على الطيران إلا في القرن العشرين.
لقد حاول الإنسان بكل التكنولوجيا التي تجمعت لديه على مدار مئات السنين أن يمارس
شيئا مارسته الطيور عبر ملايين السنين التي وُجدت فيها. وعلاوة على ذلك، فبإمكان
الطير الصغير أن يكتسب هذه المهارة بعد بضع محاولات فقط. كما أن كثيرا من صفات
الطيور من الكمال بمكان بحيث تعجز حتى أحدث منتجات التكنولوجيا الحديثة عن
مضاهاتها.
وترتكن نظرية التطور إلى ملاحظات متحيزة
وليِّ الحقائق كي تفسر نشوء الحياة بكل تنوعها. وعندما يتعلق الأمر بكائنات حية
مثل الطيور، يُنحَّى العلم جانبا تماما، لتحل محله قصص أنصار التطور الوهمية.
ويرجع السبب في ذلك إلى الكائنات التي يدعي أنصار التطور أنها أسلاف الطيور. إذ
تؤكد نظرية التطور أن أسلاف الطيور هي الديناصورات، أعضاء عائلة الزواحف. ويثير
هذا الادعاء سؤالين لا بد من الإجابة عليهما. السؤال الأول هو: "كيف نبتت
للديناصورات أجنحة؟" أما الثاني فهو: "لماذا لا يوجد أي أثر لهذا التطور
في سجل الحفريات؟"
وفيما يتعلق بكيفية تحول الديناصورات إلى
طيور، ظل أنصار التطور يناقشون تلك المسألة لفترة طويلة وتوصلوا إلى نظريتين.
الأولى هي نظرية "العدو السريع" “cursorial” theory. وتؤكد هذه النظرية أن الديناصورات تحولت
إلى طيور من خلال العدو السريع للطيران من الأرض إلى الجو. ويعترض مؤيدو النظرية
الثانية على نظرية العدو السريع، ويقولون إن من غير الممكن أن تكون الديناصورات قد تحولت
إلى طيور بهذه الطريقة. ويقترحون حلا آخر لهذه المسألة. إذ يدعون أن الديناصورات
التي عاشت على أغصان الشجر تحولت إلى طيور لأنها كانت تحاول القفز من غصن إلى آخر.
وتعرف تلك النظرية بالنظرية "الشجرية" “arboreal” theory. كما أن الإجابة على السؤال المتعلق بكيفية
طيران الديناصورات في الجو جاهزة أيضا: "أثناء محاولتها لاصطياد
الذباب".
ومع ذلك، ينبغي أولا أن نطرح السؤال
التالي على أولئك الذين يدعون أن جهاز الطيران، علاوة على الأجنحة، نشأ من جسم
حيوان مثل الديناصور: كيف ظهر في الذباب جهاز الطيران، الذي تفوق كفاءته كفاءة
الطائرة المروحية، التي تم تصميمها على غراره؟ سترى أن أنصار التطور ليس لديهم
إجابة. ومن غير المعقول بالتأكيد لنظرية لا تستطيع أن تفسر وجود جهاز الطيران في
كائن صغير مثل الذبابة أن تدعي أن الديناصورات تحولت إلى طيور.
ونتيجة لذلك، يتفق كل العلماء العقلاء
المنطقيين على أن كل ما هو علمي في تلك النظريات هي أسماؤها اللاتينية. ولب
المسألة هو أن طيران الزواحف ما هو إلا نسج من الخيال.
وينبغي أن يكون بمقدور أنصار التطور،
الذين يدعون أن الديناصورات قد تحولت إلى طيور، إيجاد أدلة على ذلك في سجل
الحفريات. فإذا كانت الديناصورات قد تحولت حقا إلى طيور، فلا بد أن توجد كائنات
نصفها ديناصور ونصفها الآخر طير عاشت في الماضي وخلفت وراءها بعض الآثار في سجل
الحفريات. لقد ادعى أنصار التطور لسنوات طويلة أن طيرا يدعى "أركيوبتركس"“Archaeopteryx” جسَّد
هذا التحول. ومع ذلك، فهذه الادعاءات ما هي إلا خدعة كبيرة.
خدعة الأركيوبترِكس
عاش طير الأركيوبتركس، السلف
المزعوم للطيور الحديثة وفقا لأنصار التطور، قبل 150 مليون سنة تقريبا. وترى
النظرية أن بعض الديناصورات الصغيرة، مثل الفيلوسيرابتور Velociraptor أو الدروماصور Dromaeosaur، تطورت من خلال اكتساب الأجنحة ثم بدأت في
الطيران. ومن ثم، يفترض أن يكون الأركيوبتركس شكلا انتقاليا تفرع عن أسلافه
الديناصورات وبدأ في الطيران لأول مرة.
ومع ذلك، تشير أحدث الدراسات حول حفريات الأركيوبتركس
إلى أن هذا التفسير ليس له أي أساس علمي. فمن المؤكد أن هذا الطير ليس شكلا
انتقاليا، إنما هو نوع منقرض من الطيور، لا يوجد بينه وبين الطيور الحديثة أي
اختلاف يذكر.
ولفترة ليست بعيدة، شاعت بين دوائر أنصار
التطور الفرضية القائمة على أن الأركيوبتركس كان "نصف طير" لا
يستطيع الطيران على النحو الأمثل. وكان غياب القص sternum (أو عظم الصدر) في هذا الكائن يعتبر أهم
دليل على أن هذا الطير لم يكن بمقدوره الطيران كما ينبغي. (والقص هو عظمة موجودة
تحت الصدر تتصل بها العضلات اللازمة للطيران. وفي الوقت الحاضر، يُلاحَظ وجود عظم
الصدر هذا في كل الطيور القادرة وغير القادرة على الطيران، بل حتى في الخفافيش،
التي هي ثدييات طائرة تنتمي إلى عائلة مختلفة تماما).
ومع ذلك، فقد دحضت هذه الحجة حفرية الأركيوبتركس
السابعة، المكتشَفة في سنة 1992. ويرجع السبب في ذلك إلى أنه في هذه الحفرية
المكتشفة حديثا، تبين رغم كل شيء وجود عظم الصدر الذي لطالما اعتقد أنصار التطور
أنه كان مفقودا. ووصفت مجلة ناتشر تلك الحفرية على النحو التالي:
"تحتفظ
العينة السابعة المكتشفة حديثا من الأركيوبتركس بجزء من قص مستطيل لطالما دار شك
حول وجوده ولكنه لم يوثَق قط من قبل. ويشهد ذلك على قوة عضلات الطيران في هذا
الطائر، ولكن قدرته على الطيران لمسافات طويلة ما زالت موضع جدل". 30
وقد أبطل هذا الاكتشاف الدعامة الأساسية
للادعاء القائم على أن الأركيوبتركس كان نصف طير ليس بمقدوره الطيران كما
ينبغي.
وعلاوة على ذلك، أصبح تكوين ريش هذا الطير
أحد أهم الأدلة التي تؤكد أن الأركيوبتركس كان طيرا قادرا تماما على
الطيران. ذلك أن التكوين غير المتماثل لريش الأركيوبتركس لا يمكن تمييزه عن
نظيره في الطيور الحديثة، وهو يشير إلى أن ذلك الطير كان بمقدوره الطيران على أكمل
وجه. وكما قال عالم الحفريات البارز كارل أو. دانبر Carl O. Dunbar :
"لا ريب في أن يصنف (الأركيوبتركس) تحت فئة الطيور بسبب ريشه ".31
ويسهب عالم الحفريات روبرت كارول في شرح هذا الموضوع:
"تتطابق
هندسة ريش الطيران في الأركيوبتركس مع نظيرتها في الطيور الحديثة القادرة على
الطيران، بينما تتميز الطيور غير القادرة على الطيران بريش متماثل. كما أن طريقة
ترتيب الريش على الجناح تندرج كذلك في نطاق الطيور الحديثة... ووفقا لفان تاين
وبرجر، فإن الشكل والحجم النسبيين لجناح الأركيوبتركس مشابهان لنظرائهما في الطيور
التي تتنقل عبر فتحات محدودة بين النباتات، مثل الطيور الدجاجية، واليمام، ودجاج
الأرض، ونقار الخشب، ومعظم الطيور الجاثمة... لقد ظل ريش الطيران بلا حراك لمدة
150 مليون سنة على الأقل..."32
وهناك حقيقة أخرى تكشفت من خلال تركيب ريش
الأركيوبتركس ألا وهي أنه من ذوات الدم الحار. وكما ناقشنا أعلاه، فالزواحف
والديناصورات – على الرغم من رغبة بعض أنصار التطور في أن يكون الوضع خلافا لذلك –
حيوانات باردة الدم تتقلب حرارة جسمها بتغير حرارة البيئة، بدلا من أن تنتظم من
داخل الجسم. وتتمثل إحدى أهم وظائف ريش الطيور في المحافظة على استقرار درجة حرارة
الجسم. وتبين حقيقة أن للأركيوبتركس ريشا أنه كان طيرا حقيقيا حار الدم
يحتاج إلى الحفاظ على ثبات درجة حرارة جسمه، خلافا للديناصورات.
تشريح الأركيوبتركس وخطأ أنصار التطور
هناك نقطتان مهمتان يستند إليهما علماء
الأحياء من أنصار التطور عند ادعائهم بأن الأركيوبتركس كان شكلا انتقاليا،
ألا وهما المخالب الموجودة على جناحي الطير وأسنانه.
وصحيح أن للأركيوبتركس مخالب على
جناحيه وأسنانًا في فمه، ولكن هذه السمات لا تعني أن لهذا الكائن أي علاقة
بالزواحف. وإلى جانب ذلك، فهناك نوعان من أنواع الطيور التي تعيش في وقتنا الحاضر،
الطَّوْرَق touraco
و
الهوآتزن hoatzin،
لديهما مخالب تمكنهما من التمسك بالأغصان. إن هذه الكائنات طيور كاملة، ولا توجد
بها أي صفة من صفات الزواحف. لذا، لا يوجد أي أساس قط للجزم بأن الأركيوبتركس
شكل انتقالي لمجرد وجود مخالب على جناحيه.
ولا تعني الأسنان الموجودة في منقار الأركيوبتركس
أن هذا الطير شكل انتقالي. ويخطئ أنصار التطور بقولهم إن هذه الأسنان من صفات
الزواحف، لأن الأسنان ليست سمة نموذجية في الزواحف. وفي الوقت الحاضر، تملك بعض
الزواحف أسنانا في حين يفتقر إليها البعض الآخر. وعلاوة على ذلك، فالأركيوبتركس
ليس النوع الوحيد من الطيور ذوات الأسنان. وصحيح أنه لا يوجد في الوقت الحاضر طيور
ذوات أسنان، ولكن عندما ندرس سجل الحفريات بعناية، يتبين أنه خلال عصر الأركيوبتركس
وما تلاه من عصور، بل حتى وقت قريب إلى حد ما، كانت هناك مجموعة مميزة من
الطيور يمكن تصنيفها تحت بند "الطيور ذوات الأسنان".
وأهم ما في الأمر هو أن بنية أسنان الأركيوبتركس
وغيره من الطيور ذوات الأسنان تختلف اختلافا تاما عن بنية أسنان أسلافها
المزعومة، أي الديناصورات. وقد لاحظ علماء الطيور المشهورون إل. دي. مارتن L. D. Martin، وجيه. دي. ستيوارت J. D.Stewart، وكيه. إن. ويتستون K. N. Whetstone أن للأركيوبتركس وغيره من الطيور
المشابهة أسنانا غير مشرشرة محدودة القواعد وممتدة الجذور. بيد أن أسنان
الديناصورات ذوات الأقدام theropod
dinosaurs، الأسلاف المزعومة لتلك الطيور، مشرشرة ومستقيمة الجذور.33 كما
قارن هؤلاء الباحثون أيضا عظام كاحل الأركيوبتركس بنظيرتها في أسلافه
المزعومة، الديناصورات، ولم يلاحظوا أي تشابه بينهما.34
وكشفت دراسات أجراها علماء تشريح من أمثال
إس. تارسيتانو S. Tarsitano،
وإم. كيه. هيخت M. K. Hecht،
وإيه. دي. ووكر A. D. Walker
أن جون أُستروم John Ostrom،
أحد أبرز الثقات في هذا الموضوع، الذي يدعي أن الأركيوبتركس تطور عن
الديناصورات، وغيره من العلماء قد أخطئوا تفسير ما رأوه من أوجه تشابه بين أوصال الأركيوبتركس
والديناصورات.35 فمثلا، حلل إيه. دي. ووكر منطقة الأذن لدى الأركيوبتركس
واكتشف أنها شديدة الشبه بنظيرتها في
الطيور الحديثة.36
وفي كتابه أيقونات التطور Icons of Evolution، لاحظ عالم الأحياء الأمريكي جوناثان وِلز Jonathan Wells أن الأركيوبتركس قد تم تحويله إلى
"أيقونة" لنظرية التطور، في حين أن الأدلة تبين بوضوح أن هذا الكائن ليس
السلف البدائي للطيور. ووفقا لوِلز، فإن أحد المؤشرات على ذلك تتمثل في أن
الديناصورات ذوات الأقدام – الأسلاف المزعومة للأركيوبتركس – هي في الواقع
أصغر سنا من الأركيوبتركس: "وتظهر لاحقا، الزواحف ذوات الأقدام
التي كانت تعدو على الأرض، وتميزت بسمات أخرى غير التي يمكن أن يتوقع المرء أنها
من سمات سلف الأركيوبتركس."37
وتشير كل هذه النتائج إلى أن الأركيوبتركس
لم يكن حلقة انتقالية وإنما مجرد طير اندرج تحت فئة يمكن أن يطلق عليها
"الطيور ذوات الأسنان". ولا يصح على الإطلاق ربط هذا الكائن
بالديناصورات ذوات الأقدام. وفي مقالة بعنوان "زوال نظرية ’الطيور هي ديناصورات‘" “The Demise of the ‘Birds Are Dinosaurs’ Theory”،
كتب عالم الأحياء الأمريكي ريتشارد إل. ديم Richard L. Deem عن الأركيوبتركس وادعاء تطور الطيور
عن الديناصورات ما يلي:
"تبين
نتائج الدراسات الحديثة أن أيدي الديناصورات ذوات الأقدام قد اشتقت من الأرقام
واحد، واثنين، وثلاثة، في حين أن أجنحة الطيور، على الرغم من تشابههما من ناحية
البنية، مشتقة من الأرقام اثنين، وثلاثة، وأربعة... وهناك مشكلات أخرى تواجه نظرية
"الطيور هي ديناصورات". فالطرف الأمامي للوحوش ذوات الأقدام أصغر بكثير
(بالنسبة لحجم الجسم) من الطرف الأمامي للأركيوبتركس. كما أن "الجناح
البدائي" الصغير للوحوش ذوات الأقدام ليس مقنعا جدا، خاصة عند الأخذ في
الاعتبار وزن هذه الديناصورات الثقيل للغاية. ويجب ألا ننسى أن الغالبية العظمى من
الوحوش ذوات الأقدام تفتقر إلى عظام المعصم شبه الهلالية، وتستعيض عنها بعدد كبير
من عناصر المعصم الأخرى التي لا يوجد أي تماثل بينها وبين عظام الأركيوبتركس.
وبالإضافة إلى ذلك، ففي كل الوحوش ذوات الأقدام تقريبا، يخرج العصب السادس من
الجزء الجانبي من قحف المخ (الجمجمة)، بالإضافة إلى عدة أعصاب أخرى، بينما في
الطيور، يخرج هذا العصب من الجزء الأمامي من قحف المخ، عبر فتحة خاصة به. كما توجد
مشكلة أخرى صغيرة ألا وهي أن الغالبية العظمى من الوحوش ذوات الأقدام ظهرت بعد
ظهور الأركيوبتركس".38
وتشير هذه الحقائق مرة أخرى بكل تأكيد إلى
أن لا الأركيوبتركس ولا الأنواع الأخرى من الطيور القديمة المشابهة له
كانوا أشكالا انتقالية. ولا تشير الحفريات إلى أن أنواع الطيور المختلفة تطورت من
بعضها البعض. بل على العكس، يثبت سجل الحفريات أن طيور اليوم الحديثة وبعض الطيور
القديمة مثل الأركيوبتركس عاشت في الواقع مع بعضها البعض في نفس الوقت. وصحيح
أن بعضا من أنواع هذه الطيور، مثل الأركيوبتركس والكونفيوشسورنيس Confuciusornis، قد انقرض، لكن الحقيقة المتمثلة في أن بعض
الأنواع التي كانت موجودة فيما مضى قد تمكنت من البقاء حتى يومنا هذا لا تدعم في
حد ذاتها نظرية التطور.
أحدث الأدلة:
دراسة النعامة تفند قصة الطير-الديناصور
جاءت أحدث ضربة لنظرية "الطيور تطورت
عن الديناصورات" من دراسة أجريت في علم أجنة النعام.
فقد قام الدكتوران ألان فيدوتشيا Alan Feduccia و جولي نُويكي Julie Nowicki من جامعة نورث كارولينا بتشابل هيل بدراسة
سلسلة من بيض النعام الحي، واستنتجا، مرة أخرى، أن من غير الممكن أن توجد حلقة
تطورية بين الطيور والديناصورات. وقد ورد في يورِك أليرت Eurek Alert، وهي ندوة علمية تعقدها الجمعية الأمريكية
لتقدم العلوم، ما يلي:
"قام
الدكتوران آلان فيدوتشيا وجولي نُويكي من جامعة نورث كارولينا بتشابل هيل بفتح
سلسلة من بيض النعام الحي في مختلف مراحل النمو ووجدا ما اعتقداه دليلا على أن
الطيور لا يمكن أن تكون قد انحدرت من الديناصورات...
قال
فيدوتشيا: "أيا كان سلف الطيور، لا بد أن يده كانت بها خمسة أصابع، وليس
ثلاثة كما هي الحال في يد الديناصورات ذوات الأقدام"... وأضاف فيدوتشيا،
أستاذ ورئيس قسم الأحياء السابق بجامعة نورث كارولينا، قائلا: "يتفق العلماء
على أن "أيدي" الديناصورات نمت بها الأصابع الأول والثاني والثالث...
ومع ذلك، فقد بيَّنت دراستنا لأجنة النعام بشكل قاطع أنه في الطيور لم تَنْمُ سوى
الأصابع الثاني والثالث والرابع، التي تقابل في يد الإنسان أصابع السبابة،
والوسطى، والخنصر، ولدينا صور تثبت ذلك". "وينشئ هذا مشكلة جديدة لأولئك
الذين يصرون على أن الديناصورات كانت أسلاف الطيور الحديثة. فكيف يمكن، مثلا، ليد
طير بها الأصابع الثاني والثالث والرابع أن تتطور من يد ديناصور لا يوجد بها سوى
الأصابع الأول والثاني والثالث؟ يكاد يكون ذلك مستحيلا"".39
وفي نفس التقرير، علق دكتور فيدوتشيا
تعليقات مهمة أيضا على بطلان وسطحية نظرية "الطيور تطورت عن ديناصورات":
"قال دكتور فيدوتشيا: "تواجه
هذه النظرية مشكلات لا يمكن حلها". "فبخلاف ما أوردناه للتو هناك مشكلة
الوقت، ذلك أن الديناصورات الشبيهة ظاهريا بالطيور ظهرت بعد حوالي 25 إلى 80 مليون
سنة من ظهور أقدم طير معروف لنا، والذي يبلغ عمره 150 مليون سنة".
وقال
فيدوتشيا: "إذا فحص المرء هيكلا عظميا لدجاجة وآخر لديناصور من خلال منظار
ثنائي العينيّتين سيبدو الهيكلان متشابهين، ولكن بفحصهما فحصا دقيقا عن كثب ستتكشف
فروق كثيرة". "فقد كانت أسنان الديناصورات ذوات الأقدام، مثلا، منحنية
ومشرشرة، في حين كانت أسنان أقدم الطيور مستقيمة وغير مشرشرة وشبيهة بالوتد. كما
كان لكليهما أساليب مختلفة في زرع الأسنان واستبدالها".40
وتكشف الأدلة مرة أخرى أن خدعة
"الطير-الديناصور" هي مجرد "أيقونة" داروينية؛ أي خرافة لا
تلقى دعما إلا لمجرد الإيمان الدوغماتي
بالنظرية.
حفريات
أنصار التطور الزائفة الخاصة بالطير-الديناصور
لا شك في أن انهيار ادعاءات أنصار التطور
المتعلقة بحفريات مثل الأركيوبتركس أوصلهم الآن إلى طريق مسدود تماما حول
أصل الطيور. لذا، اضطر بعض أنصار التطور للجوء إلى الأساليب التقليدية، أي
التزييف. ففي التسعينيات، تلقى الجمهور عدة مرات إرهاصات "بالعثور على حفرية
نصفها ديناصور ونصفها طير". ونشرت وسائل الإعلام الداعمة لأنصار التطور صورا
لتلك الكائنات التي أطلق عليها "الطيور-الديناصورات" وبدأ العمل بالتالي
في حملة دولية. ومع ذلك، سرعان ما بدأ يظهر أن الحملة استندت إلى التناقض
والتزييف.
وكان أول بطل للحملة ديناصورا يدعى سيناصوروبتركس
Sinosauropteryx
تم اكتشافه في الصين في سنة 1996. وقُدمت الحفرية للعالم بأسره بوصفها
"ديناصورا ذا ريش"، وتصدرت أخبارها عددا من عناوين الصحف. ومع ذلك، كشفت
التحاليل المفصلة في الشهور التالية أن التراكيب التي صورها أنصار التطور بإثارة
على أنها "ريش طير" لا تمت في الواقع للريش بصلة.
هكذا قُدمت المسألة في مقالة بعنوان "نتف
الريش من الديناصور ذي الريش" “Plucking the Feathered Dinosaur” في مجلة ساينس Science:
"قبل
عام واحد بالضبط، أثار علماء الحفريات ضجة حول صور ما أطلق عليه "الديناصور
ذو ريش"، التي تم توزيعها في أروقة الاجتماع السنوي لجمعية الحفريات
الفقارية. وقد تصدرت الصفحة الأولى لجريدة نيويورك تايمز عينة السيناصوروبتركس
المأخوذة من التكوين اليزيني Yixian
Formation في الصين، ورأى البعض أنها تؤكد الأصول
الديناصورية للطيور. ولكن في اجتماع جمعية الحفريات الفقارية لهذا العام، الذي عقد
في شيكاغو أواخر الشهر الماضي، كان الحكم مختلفا بعض الشيء: فقد قال ما يقرب
من ستة علماء حفريات غربيين ممن شاهدوا العينات إن التراكيب ليست ريشا حديثا...
ويعتقد عالم الحفريات لاري مارتن من جامعة كنساس بلورنس أن التراكيب هي عبارة عن
ألياف كولاجينية بالية تحت الجلد، وبالتالي ليست لها أي علاقة بالطيور".41
وفي سنة 1999، هبت مرة أخرى عاصفة
"الطير-الديناصور". إذ قُدمت للعالم حفرية أخرى اكتشفت في الصين بوصفها
"دليلا مهما على التطور". وقامت مجلة ناشونال جيوجرافيك National Geographic، أصل الحملة، برسم ونشر صور خيالية
"لديناصور ذي ريش" مستوحاة من الحفرية، وتصدرت هذه الصور عناوين الأخبار
في عدد من البلدان. وأطلق في الحال الاسم العلمي أركيورابتور لياونِنجنسز Archaeoraptor liaoningensis
على هذا النوع، الذي قيل إنه عاش قبل 125 مليون سنة مضت.
ومع ذلك، كانت الحفرية مزيفة لأنها ركِّبت
بمهارة من خمس عينات منفصلة. وبعد عام واحد، أثبتت مجموعة من الباحثين، كان من
بينهم أيضا ثلاثة علماء حفريات، زيف هذه الحفرية بمساعدة التصوير المقطعي بالأشعة
السينية عن طريق الكمبيوتر. وفي الواقع كان الطير-الديناصور من تدبير أحد أنصار
التطور الصينيين. إذ شكل الهواة الصينيون الطير-الديناصور من 88 عظمة وحجر بعد
لصقها بالغراء والإسمنت. وتشير البحوث إلى أن الأركيورابتور قد بُني من
الجزء الأمامي لهيكل عظمي خاص بطير قديم، وأن جسمه وذيله تضمنا عظاما من أربع
عينات مختلفة. ونشرت المجلة العلمية ناتشر مقالة وصفت فيها التزييف على هذا
النحو:
"تم
الإعلان عن حفرية الأركيورابتور بوصفها "الحلقة المفقودة" وزُعم أنها
ربما كانت أفضل دليل منذ الأركيوبتركس على أن الطيور تطورت، في الواقع، من أنواع
معينة من الديناصورات آكلة اللحوم. ولكن، تبين أن الأركيورابتور تزييف تم فيه
تجميع عظام طير بدائي وديناصور دروماصوري غير قادر على الطيران... وقد تم تهريب
عينة الأركيورابتور، التي قيل إنها جُمعت من تكوين جيوفوتانج الذي ينتمي إلى العصر
الطباشيري المبكر في لياونِنج، خارج الصين ثم بيعت فيما بعد في السوق التجارية بالولايات
المتحدة.... ونستخلص من ذلك أن الأركيورابتور يمثل نوعين أو أكثر من الأحياء وأنه
جُمِّع من عينتين مختلفتين على الأقل، بل ربما من خمس عينات مختلفة..."42
ولكن كيف استطاعت الناشونال جيوجرافيك
أن تقدم إلى العالم بأسره مثل هذا التزييف العلمي الهائل بوصفه "دليلا مهما
على التطور؟" تكمن الإجابة على هذا السؤال في أوهام المجلة التطورية. فبما أن
الناشونال جيوجرافيك كانت تؤيد الداروينية تأييدا أعمى ولم تتردد في
استخدام أي أداة دعائية ترى أنها في صالح النظرية، فقد انتهى بها الأمر إلى خلق
فضيحة جديدة تشبه "فضيحة إنسان بِلْتداون" Piltdown man scandal”".
كما قبل العلماء من أنصار التطور الأوهام
التي رددتها الناشونال جيوجرافيك. وأعلن دكتور ستورس إل. أولسون Storrs L. Olson، رئيس قسم علم الطيور بالمعهد السِّمِثسوني
الأمريكي الشهير، أنه حذر في السابق من أن الحفرية زائفة، ولكن إدارة المجلة
تجاهلت تحذيراته. وفي رسالة إلى بيتر رافين Peter Raven من مجلة الناشونال جيوجرافيك، كتب
أولسون:
"قبل
نشر المقالة المعنونة "الديناصورات تتخذ أجنحة" في عدد تموز/ يوليو 1998
من مجلة ناشونال جيوجرافيك، دعاني لو مازاتِنتا، مصور مقالة سلوآن، إلى الجمعية
الوطنية الجغرافية National
Geographic Society لمشاهدة الصور التي التقطها للحفريات
الصينية وللتعليق على التحيز الموجود في القصة. في ذلك الحين، حاولت أن أنقل
للقائمين على المجلة حقيقة أن هناك وجهات نظر بديلة تلقى تأييدا قويا تخالف ما
تنوي الناشونال جيوجرافيك تقديمه، ولكن اتضح لي في النهاية أن الناشونال جيوجرافيك
لم تكن مهتمة بأي شيء عدا المبدأ الدوغماتي الغالب بشأن تطور الطيور عن
الديناصورات".43
وفي تصريح لصحيفة يو. إس. إيه توداي USA Today، قال أولسون: "تكمن المشكلة في
أن الناشونال جيوجرافيك عرفت في وقت من الأوقات أن الحفرية مزيفة، لكن هذه
المعلومات ظلت في طي الكتمان".44 وبعبارة أخرى، قال إن الناشونال
جيوجرافيك تمسكت بالخدعة، على الرغم من معرفتها بزيف الحفرية التي كانت تصورها
على أنها دليل على التطور.
وينبغي أن نوضح هنا أن موقف الناشونال جيوجرافيك
هذا لم يكن أول تزييف يتم تنفيذه باسم نظرية التطور. فقد وقعت حوادث كثيرة منذ طرح
النظرية لأول مرة. إذ رسم عالم الأحياء الألماني إرنست هيجل Ernst Haeckel صورا مزيفة لأجنة تأييدا لداروين. كما ركب
أنصار التطور البريطانيون فكا لإنسان غاب على جمجمة إنسان وعرضوها لنحو 40 سنة في
المتحف البريطاني بوصفها "إنسان بلتداون، أعظم دليل على التطور". وقدم
أنصار التطور الأمريكيون "إنسان نبراسكا" “Nebraska man” من سن خنزير منفردة. وفي كل أنحاء العالم،
تم رسم صور زائفة تدعَى "إعادة التركيب" “reconstructions” لكائنات لم تعش قط على أرض الواقع، بوصفها
"كائنات بدائية" أو "بشرًا قردة".
وباختصار، استخدم أنصار التطور مرة أخرى
الوسيلة التي جربوها لأول مرة في تزييف إنسان بلتداون. إذ ابتدعوا بأنفسهم الشكل
الوسيط الذي لم يستطيعوا العثور عليه. واستمر هذا الأمر على مدار التاريخ ليبين
مدى الخداع الذي تمارسه وسائل الدعاية الدولية على الجمهور لمصلحة نظرية التطور،
وليبين أيضا أن أنصار التطور سيلجئون إلى كل أنواع الكذب من أجل تلك النظرية.
8
إلى أي تزييف علمي تستند
خرافة أن "للأجنة البشرية خياشيم"؟
إن الفرضية القائمة على أن الكائنات الحية
تمر بمراحل متعددة أثناء وجودها في أرحام أمهاتها، مما يعد دليلا على التطور، تحظى
بمكانة خاصة بين الادعاءات العارية من الصحة التي تزعمها نظرية التطور. ذلك أن
الفرضية المعروفة باسم "التلخيص" “recapitulation” في أدبيات أنصار التطور، هي أكثر من مجرد
خدعة علمية؛ إنها تزييف علمي.
خرافة هيجل التلخيصية
مصطلح
"التلخيص" هو إيجاز لرأي مفاده أن "مراحل تطور الفرد تلخص مراحل
تطور الجماعة"، وقد طرحه عالم الأحياء التطوري إرنست هيجل في نهاية القرن
التاسع عشر. وتفترض نظرية هيجل هذه أن الأجنة الحية تعيد معايشة العملية التطورية
التي مر بها أسلافها الزائفون. وتقوم نظريته هذه على أنه أثناء نمو الأجنة في
أرحام أمهاتها، تُظهِر هذه الأجنة في البداية صفات الأسماك، ثم صفات الزواحف، ثم
في النهاية صفات البشر. وقد نشأ عن هذه الفرضية الادعاء القائم على أن الجنين تنمو
له "خياشيم" أثناء نموه.
ومع ذلك، فهذه خرافة محضة. ذلك أن
التطورات العلمية - في السنوات التالية لطرح فرضية التلخيص لأول مرة - مكنت
العلماء من إجراء دراسات حول مدى صحة هذه الفرضية. وقد بيّنت هذه الدراسات أن مبدأ
التلخيص ليس له أساس سوى خيالات أنصار التطور والتحريفات المتعمدة للحقائق.
ومن المعروف الآن أن "الخياشيم"
التي يفترض أن تظهر في المراحل المبكرة من نمو الجنين البشري هي في الواقع المراحل
الأولية لتكوُّن قناة الأذن الوسطى، والغدة جَنْب الدرقية parathyroid، والغدة الصعترية thymus. وتبيَّن أيضا أن ذلك الجزء من الجنين الذي
يشبه "جراب مح البيض" هو عبارة عن جراب ينتج الدم للطفل. أما ذلك الجزء
الذي عرَّفه هيجل وأتباعه على أنه "ذيل" هو في الواقع العمود الفقري،
الذي يشبه الذيل لا لشيء إلا لأنه يتشكل قبل الأرجل.
وهذه حقائق علمية معترف بها في جميع أنحاء
العالم، وهي مقبولة حتى بالنسبة لأنصار التطور أنفسهم. وقد كتب جورج جايلورد
سمبسون George Gaylord Simpson،
أحد مؤسسي الداروينية الجديدة، ما يلي:
"لقد
حرّف هيجل المبدأ التطوري ذا الصلة. لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك الآن أن مراحل
تطور الفرد ليست تكرارا لمراحل تطور الجماعة".45
وقد ورد الجزء التالي في مقالة نشرت في
مجلة نيو ساينتست بتاريخ 16 تشرين أول/ أكتوبر 1999:
"أطلق
(هيجل) على ذلك اسم القانون البيوجيني، وعرفت الفكرة بين الناس باسم التلخيص. وفي
الواقع، سرعان ما تبين أن قانون هيجل الصارم كان خاطئا. فعلى سبيل المثال، لم
يكن لدى الجنين البشري البدائي قط خياشيم مثل الأسماك، ولم يمر قط بمراحل تشبه
الزاحف أو القرد البالغ".46
وفي مقالة نشرت في مجلة أمِريكان
ساينتست American Scientist،
نقرأ:
"من
المؤكد أن القانون البيوجيني لا حياة فيه شأنه شأن المسمار كبير الرأس. لقد تم أخيرا
تطهير كتب الأحياء الدراسية منه في الخمسينيات. وقد انقرض كموضوع للبحث النظري
الجاد في العشرينيات..." 47
وكما رأينا، بيّنت التطورات التي حدثت منذ
طرح الموضوع لأول مرة افتقار التلخيص المطلق لأي أساس علمي. ومع ذلك، سوف تُظهر
هذه التطورات ذاتها أنه لم يكن خدعة علمية فحسب، وإنما نشأ عن "تزييف"
كامل.
رسوم هيجل المزيفة
نشر إرنست هيجل، أول من طرح فرضية
التلخيص، عددا من الرسوم ليدعم بها نظريته. فقدّم هيجل رسوما مزيفة ليجعل أجنة
الأسماك والبشر شبيهة ببعضها البعض! وعندما افتضح أمره، كان دفاعه الوحيد هو
أن أنصار التطور الآخرين ارتكبوا جرائم مشابهة:
"بعد
هذا الاعتراف "بالتزييف"، الذي يضعني موضع الشبهات، يفترض بي أن أعتبر
نفسي مجرما مدانا ومقضيا عليه لكن عزائي أنني أراني جنبا إلى جنب في قفص الاتهام
مع مئات المجرمين الرفقاء، من بينهم العديد من أكثر المراقبين ثقة وأكثر علماء
الأحياء تقديرا. وستتعرض الغالبية العظمى من مجمل الرسوم التخطيطية الموجودة
في أفضل كتب الأحياء الدراسية، وبحوثها،
ومجلاتها لتهمة "التزوير" بنفس الدرجة، لأنها جميعا غير دقيقة، وإلى حد
ما متلاعب بها، ومخطط لها، ومدبرة".48
وفي عدد الخامس من أيلول/ سبتمبر 1997 من
المجلة العلمية المعروفة ساينس، تم نشر مقالة تكشف أن رسوم الأجنة الخاصة
بهيجل كانت نتاج خدعة. وورد الجزء التالي في المقالة المعنونة "أجنة هيجل،
إعادة كشف الاحتيال" “Haeckel’s
Embryos: Fraud Rediscovered”:
"يقول
مايكل ريتشاردسون، عالم الأجنة بكلية الطب التابعة لمستشفى سانت جورج بلندن:
"إن الانطباع الذي تعطيه (رسوم هيجل)، بأن الأجنة متشابهة
تماما، هو انطباع خاطئ"... لذلك أجرى ريتشاردسون وزملاؤه دراسة مقارنة خاصة
بهم، أعادوا فيها دراسة وتصوير أجنة تضاهي بشكل تقريبي من حيث النوع والعمر الأجنة
التي رسمها هيجل. ويا للعجب، "بدت الأجنة في كثير من الأحيان مختلفة اختلافا
مذهلا"، كما أعلن ريتشاردسون في عدد آب/ أغسطس من مجلة علم التشريح
والأجنة".49
ولاحقا في نفس المقالة، تم الكشف عن
المعلومات التالية:
"
أعلن ريتشاردسون وزملاؤه أن هيجل لم يكتفِ فقط بإضافة أو حذف سمات، بل تلاعب
أيضا في المقاييس ليضخم أوجه التشابه بين الأنواع، حتى وإن بلغت الاختلافات في
الحجم 10 أضعاف. ولجأ هيجل إلى وسيلة أخرى كيلا يوضح الاختلافات، إذ أهمل
تسمية الأنواع في معظم الحالات وكأن حيوانا واحدا يمثل بدقة مجموعة الحيوانات بأكملها.
وفي الحقيقة، لاحظ ريتشاردسون وزملاؤه، أنه حتى الأجنة شديدة القرابة، مثل أجنة
الأسماك، تختلف إلى حد بعيد في شكلها الخارجي وطريقة نموها. ويخلص ريتشاردسون إلى
أن: "(رسوم
هيجل) يبدو أنها ستثبت في النهاية أنها أحد أشهر الرسوم المزيفة في علم
الأحياء".50
وجدير بالذكر أنه على الرغم من أن رسوم
هيجل المزيفة ظهرت في سنة 1901، فقد ظل الموضوع يُصوَّر في كثير من منشورات أنصار
التطور لما يقرب من القرن وكأنه قانون علمي مثبت. لقد قصد أولئك الذين تمسكوا
بالمعتقدات التطورية أن يرسلوا رسالة مهمة للغاية من خلال وضع أيديولوجيتهم قبل
العلم: التطور ليس علما، وإنما هو مبدأ دوغماتي يحاولون إبقاءه على قيد الحياة على
الرغم من الحقائق العلمية.
لماذا يعد وصف الاستنساخ بأنه
"دليل على التطور" ضربا من الخداع؟
إن طرح مثل هذا السؤال حول ما إذا كان
تقدم علمي مثل الاستنساخ "يدعم التطور"، أو حتى مجرد تبادره إلى الذهن،
يكشف في الواقع عن حقيقة مهمة جدا. فهذه هي الدعاية الرخيصة التي يلجأ إليها أنصار
التطور ليجعلوا الناس يقبلون بنظريتهم. وبما أن موضوع الاستنساخ ليس له أي علاقة
بنظرية التطور، فلا يمكن أن يكون موضع اهتمام بالنسبة لأي نصير من أنصار التطور
المتخصصين. ومع ذلك، فقد حاول بعض أولئك المؤيدين للتطور تأييدا أعمى على حساب أي
شيء آخر، لا سيما أولئك الذين ينتمون إلى أوساط معينة داخل المنظمات الإعلامية،
حاولوا أن يحولوا موضوعا كالاستنساخ، لا علاقة له البتة بالتطور، إلى دعاية لنظرية
التطور.
ماذا يعني استنساخ كائن حي؟
يُستخدم في عملية الاستنساخ حمض (د ن أ)
الخاص بالكائن الحي المعتزم نسخه. ويُستخلص حمض (د ن أ) من أي خلية في جسم الكائن
الحي المستنسَخ، ثم يوضع في خلية بويضة egg cell خاصة بكائن حي آخر من نفس النوع. بعد ذلك
مباشرة، ُتعرَّض خلية البويضة لصدمة تحثها على بدء الانقسام. عندئذ يتم وضع الجنين
في رحم كائن حي، حيث يستمر في الانقسام. وينتظر العلماء بعد ذلك نموه وولادته.
لماذا لا توجد
علاقة بين الاستنساخ والتطور؟
يختلف مفهوما الاستنساخ والتطور اختلافا
كاملا. إذ تقوم نظرية التطور على الادعاء بأن المادة غير الحية تحولت إلى مادة حية
بالمصادفة. (لا يوجد أدنى دليل علمي على أن هذا يمكن حدوثه فعليا). ومن ناحية
أخرى، فالاستنساخ هو عبارة عن نسخ كائن حي عن طريق استخدام مادة وراثية من خلايا
ذلك الكائن. وينشأ الكائن الحي الجديد من خلية مفردة، ثم يتم تحويل العملية
الحيوية إلى المختبر وتُكرَّر هناك. وبعبارة أخرى، لا يوجد مجال لحدوث هذه العملية
"بالمصادفة" – الادعاء الأساسي لنظرية التطور – ولا "لنشوء الحياة
في مادة غير حية".
إن عملية الاستنساخ ليست دليلا على التطور
البتة. ومع ذلك، فهي دليل واضح على قانون حيوي يقوض أساس التطور تقويضا تاما. وهذا
القانون هو المبدأ الشهير القائم على أن "الحياة لا يمكن أن تنشأ من غير
الحياة"، وقد طرح هذا المبدأ العالم الشهير لويس باستور Louis Pasteur قرب نهاية القرن التاسع عشر. وفيما يتعلق
بتقديم الاستنساخ بوصفه دليلا على التطور، بالرغم من الحقيقة الصريحة، فإن تلك
خدعة تروج لها وسائل الإعلام.
لقد بيَّن التقدم العلمي الذي طرأ في
العديد من فروع العلم على مدى الثلاثين سنة الماضية أن نشوء الحياة لا يمكن تفسيره
عن طريق المصادفة. فالأغلاط العلمية التي ارتكبها أنصار التطور وتعليقاتهم
المتحيزة موثقة توثيقا جيدا، وقد أصبح من غير الممكن الدفاع عن نظرية التطور داخل
دنيا العلوم. وقد دفعت هذه الحقيقة بعض أنصار التطور للبحث في مجالات أخرى. ولهذا
السبب، نجد أن أشكال التقدم العلمي، مثل "الاستنساخ" أو "أطفال
الأنابيب"، استخدمت بتعصب في الماضي القريب بوصفها دليلا على التطور.
وليس لدى أنصار التطور شيء إضافي يقولونه
للمجتمع باسم العلم، لذلك يلجئون إلى الثغرات الموجودة في معرفة الناس العلمية
ومحاولة إطالة عمر النظرية بتلك الطريقة، على الرغم من أن ذلك سيجعل النظرية مثار
شفقة ليس إلا. وشأنه شأن كل أشكال التقدم العلمي الأخرى، فالاستنساخ تقدم علمي مهم
للغاية يكشف الكثير من الحقائق كما أنه يلقى الضوء أيضا على حقيقة أن الحياة قد
خُلقت.
تفسيرات أخرى
خاطئة للاستنساخ
هناك سوء فهم آخر وقع فيه الناس عند
تفسيرهم للاستنساخ، ألا وهو أن الاستنساخ يستطيع "أن يخلق بشرا". ومع
ذلك، فالاستنساخ لا يحتمل مثل هذا التفسير. ذلك أن الاستنساخ ينشأ نتيجة إضافة
معلومات وراثية موجودة فعليا إلى آلية التكاثر في كائن حي موجود فعليا أيضا.
وبالتالي لا تُخلَق خلال العملية أي آلية أو معلومة وراثية جديدة. إذ تؤخذ المعلومات
الوراثية من شخص موجود فعليا وتوضع داخل رحم أنثى. ويمكّن ذلك الطفل المولود في
النهاية من أن يكون "توأما مطابقا" للشخص الذي أخُذت منه المعلومات
الوراثية.
لذا نجد أن كثيرا من الناس ممن لا
يستوعبون ماهية الاستنساخ استيعابا كاملا تدور في أذهانهم أفكار خيالية كثيرة حول
الاستنساخ. فعلى سبيل المثال، يتخيل هؤلاء الناس أن الخلية يمكن أن تؤخذ من رجل
عمره 30 سنة ليُخلَق رجل آخر عمره 30 سنة في نفس اليوم. ولا يوجد مثل هذا النوع من
الاستنساخ إلا في الخيال العلمي، وهو غير ممكن ولن يكون ممكنا قط. ذلك أن الاستنساخ
يقوم أساسا على الإتيان إلى الحياة "بتوأم مطابق" لشخص ما بوسائل طبيعية
(وبعبارة أخرى في رحم الأم). ولا علاقة لذلك بنظرية التطور، ولا بفكرة "خلق
الإنسان".
ذلك أن خلق إنسان أو أي كائن حي آخر –
وبعبارة أخرى الإتيان بشيء من العدم إلى
حيز الوجود – هو قوة خاصة تقتصر على الله وحده. ويؤكد التقدم العلمي ذات الشيء من
خلال البرهنة على أن هذا الخلق لا يمكن أن يقوم به إنسان، وهو ما تعبر عنه الآية
القرآنية التالية:
"بَدِيعُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن
فَيَكُونُ " (الآية 117 من سورة البقرة).
هل يمكن أن تكون الحياة قد
أتت من الفضاء الخارجي؟
عندما طرح داروين نظريته في منتصف القرن
التاسع عشر، لم يذكر شيئا قط عن كيفية نشوء أصل الحياة، وبعبارة أخرى عن كيفية
نشوء أول خلية حية. وفي بداية القرن العشرين، بدأ العلماء الباحثون عن أصل الحياة
يدركون بطلان النظرية. ذلك أن تعقيد ومثالية تركيب الحياة مهَّدا الطريق لكثير من
الباحثين كي يدركوا حقيقة الخلق. كما أثبتت الحسابات الرياضية والتجارب والملاحظات
العلمية أن الحياة لا يمكن أن تكون "وليدة المصادفة"، كما تدعي نظرية
التطور.
وبانهيار الادعاء القائم على أن
المصادفةهي المسؤولة عن نشوء الحياة، وبإدراك أن الحياة كان "مخططا
لها"، بدأ بعض العلماء يبحثون عن أصل الحياة في الفضاء الخارجي. ومن أشهر
العلماء الذين تبنوا هذا الادعاء فريد هويل Fred Hoyle وتشاندرا ويكراماسنجي Chandra Wickramasinghe. وقد وضع هذا العالمان سيناريو غير متقن
اقترحا فيه أن هناك قوة "بذرت" الحياة في الفضاء. ووفقا للسيناريو، فقد
حُمِّلت هذه البذور عبر فراغ الفضاء من خلال الغازات، أو السحب الترابية، أو
الكويكبات ووصلت أخيرا إلى الأرض، وهكذا بدأت الحياة هنا.
وكان فرانسيس كريك Francis Crick، الحائز على جائزة نوبل وشريك جيمس واطسون James Watson في اكتشاف التركيب الحلزوني المزدوج لجزيء (د
ن أ)، أحد أولئك الذين بحثوا عن أصل الحياة في الفضاء الخارجي. وأدرك كريك أن من
غير المعقول حقا أن يتوقع المرء أن الحياة قد بدأت مصادفة، ولكنه ادعى بدلا من ذلك
أن الحياة على الأرض قد بدأتها قوى بارعة "من خارج الأرض".
وكما رأينا، فقد أثرت فكرة نشوء الحياة من
الفضاء الخارجي على علماء بارزين. وليس هذا فحسب، بل إن المسألة مطروحة الآن
للنقاش في كتابات ومناظرات حول أصل الحياة. ويمكن دراسة فكرة البحث عن أصل الحياة
في الفضاء الخارجي من منظورين أساسيين.
التضارب العلمي
يكمن مفتاح تقييم فرضية "بداية
الحياة في الفضاء الخارجي" في دراسة الأحجار النيزكية meteorites التي وصلت إلى الأرض والسحب الغازية
والترابية الموجودة في الفضاء. ولم تُكتشف حتى الآن أي أدلة تدعم الادعاء القائم
على أن الأجرام السماوية تحتوي على كائنات غير أرضية بذرت في النهاية الحياة على
الأرض. ولم يكشف حتى الآن أي بحث من البحوث التي أجريت عن أي من الجزيئات الكبيرة macromolecules المعقدة التي تظهر في أشكال الحياة.
وفضلا عن ذلك، فالمواد الموجودة في
الأحجار النيزكية ليس بها نوع معين من عدم التماثل الموجود في الجزيئات الكبيرة
التي تكوِّن الحياة. فمثلا، الأحماض الأمينية المكونة للبروتينات، التي هي ذاتها
وحدات البناء الأساسية للحياة، يجب أن توجد نظريا في شكل أعسر وشكل أيمن
("الأيسومرات البصرية" “optical
isomers”) بأعداد متساوية تقريبا. ومع ذلك، لا توجد في البروتينات سوى
الأحماض الأمينية العسراء، بينما هذا التوزيع غير المتماثل لا يظهر بين الجزيئات
العضوية الصغيرة (الجزيئات ذوات القاعدة الكربونية في الكائنات الحية) المكتشفة في
الأحجار النيزكية. وتوجد الأخيرة في شكل أعسر وشكل أيمن.51
وهذه ليست بأي حال من الأحوال نهاية
العقبات التي تواجه الفرضية القائمة على أن الأجسام والمواد الموجودة في الفضاء
الخارجي هي التي أنشأت الحياة على الأرض. ويجب أن يكون بمقدور أولئك المتمسكين
بتلك الفكرة تفسير السبب وراء عدم حدوث ذلك الآن، لأن الأرض ما زالت تُقذف
بالأحجار النيزكية. ومع ذلك، لم تكشف دراسة هذه الأحجار النيزكية عن أي
"بذور" تؤكد الفرضية بأي شكل من الأشكال.
وهناك سؤال آخر يواجه المدافعين عن
الفرضية وهو: حتى لو كان من المقبول أن تكون الحياة قد تكونت بواسطة إرادة واعية
في الفضاء الخارجي، ووصلت إلى الأرض بطريقة ما، فكيف نشأت ملايين الأنواع على
الأرض؟ هذا مأزق هائل بالنسبة لأولئك الذين يقترحون أن الحياة بدأت في الفضاء.
وإلى جانب كل هذه العقبات، لم يُعثر في
الكون على أي أثر لحضارة أو شكل من أشكال الحياة يمكن أن يكون قد بدأ حياة على
الأرض. ولم تعطِ الملاحظات الفلكية، التي تقدمت بخطى هائلة في السنوات الثلاثين
الماضية، أي إشارة إلى وجود مثل هذه الحضارة.
ماذا يكمن وراء
فرضية "من خارج الأرض"؟
كما رأينا، لا يوجد أساس علمي للنظرية
القائمة على أن الحياة على الأرض قد بدأتها كائنات من خارجها. ولا توجد أي
اكتشافات تؤكد ذلك أو تدعمه. ومع ذلك، عندما بدأ العلماء الذين قدموا هذا الاقتراح
يبحثون في هذا الاتجاه، كان ذلك بسبب إدراكهم لحقيقة مهمة.
وهذه الحقيقة هي أن النظرية التي تسعى
لتفسير الحياة على الأرض بوصفها وليدة المصادفةلا يمكن التمسك بها بعد الآن. فقد
أدرك العلماء أن التعقيد المكتشَف في أشكال الحياة على الأرض لا يمكن أن ينتج إلا
عن تخطيط بارع. وفي الواقع، فإن مجالات خبرة العلماء الذين بحثوا عن أصل الحياة في
الفضاء الخارجي تلمح إلى رفضهم لمنطق نظرية التطور.
ذلك أن كلا العالِمين اللذين تبنيا فرضية
نشوء الحياة من الفضاء الخارجي هما من العلماء المشهورين على مستوى العالم: ففريد
هويل فلكي وعالم رياضيات حيوية، وفرانسيس كريك عالم أحياء جزيئية.
وهناك نقطة أخرى لا بد من مراعاتها، ألا
وهي أن أولئك العلماء الباحثين في الفضاء الخارجي عن أصل الحياة لا يقدمون في
الواقع أي تفسير جديد للمادة. وبدأ علماء من أمثال هويل، وويكراماسنجي، وكريك في
التفكير في إمكانية نشوء الحياة من الفضاء لأنهم أدركوا أن الحياة لا يمكن أن تكون
وليدة المصادفة. وبما أن من المستحيل أن تكون الحياة على الأرض قد بدأت مصادفة،
فقد كان عليهم أن يقبلوا بوجود مصدر للتخطيط البارع في الفضاء الخارجي.
ومع ذلك، فالنظرية التي طرحوها حول موضوع
أصل هذا التخطيط البارع متناقضة وبلا مغزى. فقد كشفت علوم الفيزياء والفلك الحديثة
أن كوننا نشأ نتيجة انفجار هائل قبل حوالي 12-15 بليون سنة يُعرف باسم
"الانفجار الأعظم" ”
“the Big Bang. وقد ظهرت كل المادة الموجودة في الكون نتيجة هذا الانفجار. ولهذا
السبب، فإن أي فكرة تبحث عن أصل الحياة على الأرض في شكل آخر من أشكال الحياة في
الكون، قائم على المادة، يجب أن تفسر بدورها كيفية ظهور ذلك الشكل الآخر من
الحياة. ومعنى ذلك أن مثل هذا الاقتراح لا يحل المشكلة فعليا، بل يرجع بها خطوة
أخرى إلى الوراء. (لمزيد من التفاصيل، انظر كتابَي هارون يحيى "خلق الكون"،
و"اللازمان: حقيقة القدر").
وكما رأينا، ففرضية "قدوم الحياة من
الفضاء الخارجي" لا تدعم نظرية التطور، وإنما هي رأي يكشف استحالة التطور
ويقبل بعدم وجود تفسير آخر للحياة غير التخطيط البارع. وبدأ العلماء الذين اقترحوا
تلك الفرضية بتحليل صحيح ولكنهم سلكوا طريقا خاطئا، وبدؤوا في البحث السخيف عن أصل
الحياة في الفضاء الخارجي.
ومن الواضح أن فكرة "الكائنات
القادمة من خارج الأرض" لا يمكن أن تفسر أصل الحياة. وحتى إذا قبلنا للحظة
واحدة الفرضية القائمة على أن "الكائنات القادمة من خارج الأرض" موجودة
حقا، فما زال واضحا أنها لا يمكن أن تكون قد أتت إلى حيز الوجود مصادفة، وإنما هي
ذاتها وليدة تخطيط بارع. (ذلك أن قوانين الفيزياء والكيمياء واحدة في كل مكان في
هذا الكون، وهي تقود إلى استحالة نشوء الحياة بالمصادفة). ويبين ذلك أن الله جل
جلاله، الذي هو فوق المادة والزمن، ومالك القدرة والحكمة والمعرفة المطلقة، خلق
الكون وكل ما فيه.
لماذا لا تدعم حقيقة أن عمر
الأرض أربعة بلايين سنة نظرية التطور؟
يبني أنصار التطور ما لديهم من سيناريوهات
على التأثيرات الطبيعية والمصادفة. وتتمثل إحدى الأفكار التي كثيرا ما يحتمون
وراءها أثناء قيامهم بذلك في فكرة "الوقت الوفير" “considerable time”. فعلى سبيل المثال، ادعى العالم الألماني
إرنست هيجل، الداعم لداروين، أن الخلية الحية يمكن أن تنشأ من طين بسيط. ومع إدراك
مدى تعقيد الخلية الحية فعليا في القرن العشرين، اتضحت سخافة ذلك الادعاء، ولكن
أنصار التطور ظلوا يخفون الحقيقة بفكرة "الوقت الوفير".
وهم يحاولون بفعلتهم هذه أن يحرروا أنفسهم
من المشكلة بإقحام النظرية في ورطة بدلا من الإجابة على السؤال المتعلق بكيفية
نشوء الحياة بالمصادفة. فمن خلال الإيحاء بأن مرور فترة زمنية طويلة يمكن أن يكون
مفيدا من حيث نشأة الحياة وازدياد التنوع، فإنهم يقدمون الوقت بوصفه شيئا مفيدا
على الدوام. فمثلا، يقول نصير التطور التركي الأستاذ يامان أورس Yaman Örs: "إذا أردت أن تختبر نظرية التطور،
ضع مزيجا مناسبا في مياه، وانتظر لبضعة ملايين من السنين، وسوف تشاهد نشوء بعض
الخلايا".52
هذا الادعاء غير منطقي البتة. ولا يوجد
دليل يوحي بإمكانية حدوث هذا الشيء. ذلك أن فكرة نشوء المادة الحية من مادة غير
حية هي في الواقع خرافة تعود إلى العصور الوسطى. ففي ذلك الوقت، افترض الناس أن
ظهور بعض الكائنات الحية فجأة كان نتيجة "توالد تلقائي" “spontaneous generation”.
ووفقا لهذا الاعتقاد، اعتبر الناس أن الإوز نشأ من الشجر، وأن الحملان نشأت من
البطيخ، بل حتى أن شراغف الضفادع (صغارها) نشأت من كميات المياه الصغيرة المتكونة
في السحب، وسقطت إلى الأرض في شكل مطر. وفي القرن السابع عشر، بدأ الناس يعتقدون
أن الفئران يمكن أن تولد في مزيج من القمح وقطعة متسخة من القماش، وأن الذباب
تكوَّن عند اختلاط الذباب الميت بالعسل.
ومع ذلك، أثبت العالم الإيطالي فرانشيسكو
رِدي Francesco Redi
أن الفئران لم تتكون في مزيج من القمح وقطعة متسخة من القماش، ولا الذباب الحي
تكوّن من مزيج من الذباب الميت والعسل. فهذه الكائنات الحية لم تنشأ من تلك المواد
غير الحية، بل استخدمت تلك المواد غير الحية كوسيلة ليس إلا. فمثلا، تضع الذبابة
الحية بيضها على ذبابة ميتة، وبعد فترة قصيرة ينشأ عدد من الذباب الجديد. وبعبارة
أخرى، نشأت الحياة من الحياة، وليس من المادة غير الحية. وفي القرن التاسع عشر،
أثبت العالم الفرنسي لويس باستور أن الجراثيم لم تنشأ أيضا من مادة غير حية.
ويعتبر هذا القانون، أن "الحياة لا تنشأ إلا من الحياة"، أحد أسس علم
الأحياء الحديث.
وقد
يكون هناك مبرر لحقيقة أن تلك الادعاءات الغريبة التي كنا نناقشها أعلاه قد وجدت
من يصدقها بالفعل بسبب نقص المعرفة لدى علماء القرن السابع عشر، مع الأخذ في
الحسبان الظروف السائدة في ذلك الوقت. ولكن، الآن، في وقت تقدمت فيه العلوم
والتكنولوجيا تقدما كبيرا، وبعد أن أثبتت التجارب والملاحظات حقيقة أن الحياة لا
يمكن أن تنشأ من مادة غير حية، فإن من المدهش حقا أن نجد أنصارا للتطور من أمثال
يامان أورس ما زالوا يدافعون عن مثل هذا الادعاء.
لقد أثبت العلماء المعاصرون في مرات عديدة
أن تحقق هذا الادعاء مستحيل على أرض الواقع. فقد أجروا تجارب مقارنة controlled experiments في أكثر المختبرات تقدما، حيث أعادوا تهيئة
الظروف السائدة وقت ظهور الحياة لأول مرة، ولكن كل ذلك ذهب سدى.
فعندما يتم تجميع ذرات الفوسفور،
والبوتاسيوم، والمغنيسيوم، والأكسجين، والحديد، والكربون، التي هي جميعها ضرورية
للحياة، تنشأ عن كل ذلك كتلة من مادة غير حية. ومع ذلك، يقترح أنصار التطور أن
كتلة من الذرات تجمعت ورتبت نفسها، بمرور الوقت، وبنسب مثالية، وفي الوقت والمكان
المناسبين، وبكل الروابط الضرورية فيما بينها. بل ويدعون أيضا أنه نتيجة للتنظيم
المثالي لهذه الذرات غير الحية، وحقيقة أن كل هذه العمليات تمت دون عوائق، نشأ على
نحو ملائم بشر قادرون على الإبصار، والسمع، والتحدث، والشعور، والضحك، والابتهاج،
والمعاناة، والشعور بالألم والسعادة، والحب، والتعاطف، وإدراك الألحان الموسيقية،
والاستمتاع بالطعام، وإقامة الحضارات، وإجراء البحوث العلمية.
ومع ذلك، فمن الجلي للغاية أنه حتى لو
تحققت كل الظروف التي يصر عليها أنصار التطور، وحتى لو مرت ملايين السنين، فسيكون
الفشل حليف هذه التجربة.
ومع ذلك، يحاول أنصار التطور إخفاء هذه
الحقيقة بتفسيرات خادعة مثل "كل الأشياء ممكنة مع الوقت". وبطلان هذا
الادعاء واضح أيضا لأنه يستند إلى إدخال عنصر الخداع إلى العلم. ويتجلى هذا
البطلان بكل وضوح عند دراسة الموضوع من وجهات نظر مختلفة. فلنضرب مثالا واحدا
بسيطا نتأمل فيه متى يكون مرور الوقت مفيدا، ومتى يكون مضرا. تخيل، إن شئت، قاربا
خشبيا على شاطئ البحر، وربّانا يقوم في البداية بصيانة هذا القارب، وإصلاحه،
وتنظيفه، وطلائه. وطالما ظلّ الربان مهتما بالقارب، سيزداد القارب جاذبية، وسلامة،
وسيظل في حالة جيدة جدا.
والآن فلنتخيل أن القارب صار مهجورا. في
هذه المرة، سيتسبب تأثير الشمس، والمطر، والريح، والرمال، والعواصف في فساد
القارب، وبلائه، وفي النهاية لن يصلح للاستخدام.
ويكمن الفرق الوحيد بين هذين السيناريوهين
في أنه في السيناريو الأول حدث تدخل بارع، وذكي، وفعال. ولا يمكن أن يثمر مرور
الوقت عن فوائد إلا إذا كان خاضعا لسيطرة قوة بارعة. وإذا لم يخضع لتلك السيطرة،
ستكون آثار الوقت هدامة لا بناءة. وفي الواقع، هذا قانون علمي. إذ ينص قانون
القصور الحراري entropy،
المعروف باسم "القانون الثاني للديناميكا الحرارية"، على أن كل نظم
الكون تميل ميلا مباشرا نحو الفوضى، والتشتت، والفساد إذا ترك زمام الأمر لها
وللظروف الطبيعية.
وتثبت هذه الحقيقة أن طول عمر الأرض عامل
يدمر المعرفة والنظام ويزيد الفوضى– وهو ما يناقض ادعاء أنصار التطور تماما.
وبالتالي، فإن نشوء نظام مرتب مستند إلى المعرفة لا يمكن أن يكون إلا نتاجا لتدخل
بارع.
وعندما يروي مؤيدو نظرية التطور الحكاية
الخيالية حول تحول أحد الأنواع إلى نوع آخر، فإنهم يحتمون بالفكرة القائمة على أن
هذا التحول يحدث "على مدى فترة زمنية طويلة". وبهذه الطريقة، فإنهم
يقترحون أن الأشياء حدثت بطريقة ما في الماضي وهو ما لم تؤكده قط أي تجارب أو
اكتشافات. ومع ذلك، فكل شيء في العالم وفي الكون يحدث وفقا لقوانين ثابتة لا تتغير
بمرور الوقت. فمثلا، تسقط الأشياء إلى الأرض بسبب قوة الجاذبية، ولا تبدأ في
السقوط إلى أعلى بمرور الوقت. ولن تفعل ذلك حتى إذا مرت تريليونات السنين. كما أن
نسل السحلية يكون دوما من السحالي. ذلك أن المعلومات الوراثية التي تُورَث تخص
السحالي دائما، ولا يمكن أن تضاف إليها أي معلومات تكميلية بالأسباب الطبيعية. وقد
تنقص المعلومات، بل وقد تفسد، ولكن من المستحيل تماما إضافة أي شيء إليها. ويرجع
ذلك بدوره إلى أن إضافة معلومات إلى نظام ما تحتاج إلى تدخل وسيطرة خارجية على قدر
من البراعة والذكاء. ومن الواضح أن الطبيعة ذاتها لا تملك تلك الصفات.
وتجدر الإشارة إلى أن التكرار الذي يحدث
بمرور الوقت، وحقيقة حدوثه بكثرة، لا يغير من الأمر شيئا. فحتى إذا مرت تريليونات
السنين، لن يفقس الطير من بيضة سحلية. وقد تكون هناك سحلية طويلة أو قصيرة - وأخرى
قوية أو ضعيفة – ولكنها ستظل دوما سحلية. ولن ينشأ نوع مختلف قط. ومن الواضح أن
فكرة "الوقت الوفير" خدعة صُممت لإخراج الموضوع خارج دنيا التجارب
والملاحظات. ولا فرق بين مرور 4 بلايين سنة، أو 40، أو حتى 400 بليون سنة، نظرا
لعدم وجود قانون أو ميل طبيعي يجعل المستحيلات الموصوفة في نظرية التطور ممكنة على
أرض الواقع.
لماذا لا تعد ضروس العقل
دليلا على التطور؟
تتمثل إحدى أهم خدع نظرية التطور في
ادعائها المتصل "بالأعضاء اللاوظيفية" “vestigial organs”. إذ يدعي أنصار التطور أن بعض أعضاء
الكائنات الحية تفقد وظيفتها الأصلية بمرور الوقت، وأن مثل هذه الأعضاء تختفي بعد
ذلك. وبعد أن اتخذ أنصار التطور من هذا الادعاء نقطة بداية، يحاولون الآن أن
يرسلوا الرسالة التالية: "لو كان جسم الكائن الحي مخلوقا حقا، لما وُجدت فيه
أعضاء بلا وظيفة".
أعلنت منشورات أنصار التطور في مطلع القرن
العشرين أن جسم الإنسان يحتوى على ما يربو عن مائة عضو لم تعد تفي بأي غرض، منها
الزائدة الدودية، والعصعص، واللوزتان، والغدة الصنوبرية، والأذن الخارجية، والغدة
الصعترية، وضروس العقل. ومع ذلك، فقد شهدت العقود التالية تقدما كبيرا في علم
الطب، وازدادت معرفتنا بأعضاء جسم الإنسان وأجهزته. ونتيجة لذلك، اتضح أن فكرة
الأعضاء اللاوظيفية هي مجرد خرافة ليس إلا. وتقلصت بسرعة القائمة الطويلة التي
وضعها أنصار التطور. إذ تبين أن الغدة الصعترية هي عضو ينتج خلايا مهمة في الجهاز
المناعي، وأن الغدة الصنوبرية مسؤولة عن إنتاج هرمونات مهمة. كما ظهر أيضا أن
العصعص يدعم العظام المحيطة بالحوض، وأن الأذن الخارجية تلعب دورا مهما في تحديد
مصادر الأصوات. وباختصار، ظهر أن الجهل كان الأساس الوحيد الذي ارتكنت إليه فكرة
"الأعضاء اللاوظيفية".
لقد أثبتت العلوم الحديثة في مرات كثيرة
خطأ مفهوم الأعضاء اللاوظيفية. ولكن بعض أنصار التطور ما زالوا يحاولون الاستفادة
من هذا الادعاء. ومع أن الطب أثبت أن كل الأعضاء تقريبا التي ادعى أنصار التطور
أنها أعضاء لاوظيفية تؤدي غرضا معينا في الواقع، فإن التخمينات التطورية ما زالت
تحيط بعضو أو اثنين.
وأجدر تلك الأعضاء بالذكر هي ضروس عقلنا.
فما زالت مصادر أنصار التطور تدعي أن هذه الأسنان جزء من جسم الإنسان فقدَ الغرض
من وجوده. وتدلل تلك المصادر على ذلك بأن تلك الأسنان تسبب متاعب كثيرة لعدد كبير
جدا من الناس، وأن المضغ لا يضعف بإزالتها
جراحيا.
وأصبح كثير من أطباء الأسنان، ممن تأثروا
بادعاء أنصار التطور القائم على أن ضروس العقل لا تفي بأي غرض، أصبحوا يرون أن خلع
تلك الضروس أمر روتيني، ولا يبذلون لحمايتها نفس الجهد الذي يبذلونه لحماية
الأسنان الأخرى.53 ومع ذلك، فقد بيّنت البحوث التي أجريت في السنوات الأخيرة أن
ضروس العقل تقوم بنفس وظائف المضغ التي تقوم بها الأسنان الأخرى. كما بيّنت دراسات
أخرى أن الاعتقاد بأن ضروس العقل تتلف موضع أسنان أخرى في الفم لا أساس له من
الصحة البتة.54 ويجمع النقد العلمي الآن طرقا كثيرة يمكن من خلالها حل مشكلات ضروس
العقل بوسائل أخرى إلا إنها تحل بدلا من ذلك بخلع الضروس.55 وفي الواقع، يشير
الإجماع العلمي إلى أن ضروس العقل تؤدي وظيفة في المضغ شأنها شأن كل الأسنان
الأخرى، وأنه لا يوجد أي مبرر علمي للاعتقاد بأنها لا تفي بأي غرض.
إذن، لماذا تسبب ضروس العقل مشكلات لعدد
كبير من الناس؟ لقد اكتشف العلماء الذين بحثوا في هذا الموضوع أن مشكلات ضرس العقل
قد ظهرت بطرق مختلفة بين المجتمعات البشرية وفي أوقات مختلفة. ومن المفهوم الآن أن
هذه المشكلة كانت نادرة الحدوث في مجتمعات ما قبل الثورة الصناعية. وقد اكتُشف أن
الميل لتناول المأكولات الطرية أكثر من المأكولات الصلبة، وبالتحديد خلال مئات
السنوات القليلة الماضية، قد أثر تأثيرا سلبيا على طريقة نمو فك الإنسان.
وبالتالي، تبين أن معظم مشكلات ضرس العقل تنشأ نتيجة لمشكلات في نمو الفك تتصل
بالعادات الغذائية.
ومن المعروف أيضا أن عادات المجتمع
الغذائية لها آثار سلبية كذلك على أسناننا الأخرى. فعلى سبيل المثال، أدى
الاستهلاك المتزايد للمأكولات التي ترتفع فيها نسبة السكر والحمض إلى زيادة معدل
تسوس الأسنان الأخرى. ومع ذلك، لا تدعونا هذه الحقيقة للاعتقاد بأن كل أسناننا قد
"ضمرت" بطريقة ما. وينطبق ذات المبدأ على ضروس العقل. إذ تنشأ مشكلات
تلك الأسنان من العادات الغذائية المعاصرة، وليس من أي "ضمور تطوري".
كيف تقوض التراكيب المعقدة
الموجودة
في أقدم الكائنات نظرية
التطور؟
تشكل الكائنات الحية سلسلة في سجل
الحفريات. وعندما نتأمل تلك الكائنات من الأقدم إلى الأحدث، سنجد أنها نشأت في شكل
كائنات مجهرية، وكائنات بحرية لافقارية، وأسماك، وبرمائيات، وزواحف، وطيور،
وثدييات. ويصف مؤيدو نظرية التطور تلك السلسلة بشكل متحيز، ويحاولون أن يقدموها
بوصفها دليلا على نظرية التطور. إذ يدّعون أن الكائنات الحية تطورت من أشكال بسيطة
إلى أشكال معقدة، وأنه خلال تلك العملية ظهر تنوع واسع في أنواع الأحياء. فمثلا،
يقترح أنصار التطور أن حقيقة عدم العثور على أي حفريات بشرية عند دراسة طبقات
الحفريات البالغ عمرها 300 مليون سنة تعتبر بطريقة ما دليلا على ذلك. ويقول نصير
التطور التركي الأستاذ أيكوت كنجه Aykut
Kence:
"هل
تريد أن تبطل نظرية التطور؟ إذن، اذهب واعثر على حفريات بشرية من العصر الكمبري! إن
أي شخص يقوم بذلك سوف يدحض نظرية التطور، بل وسيفوز بجائزة نوبل عن
اكتشافه".56
التطور من
البدائي إلى المعقد فكرة خيالية
دعونا ندرس المنطق التطوري السائد في
كلمات الأستاذ كنجه. إن التصريح بأن الكائنات الحية تطورت من أشكال بدائية إلى
أشكال معقدة هو تحيز من أنصار التطور لا يعكس الحقيقة بأي حال من الأحوال. ويؤكد
أستاذ الأحياء الأمريكي فرانك إل. مارش Frank L. Marsh الذي درس ادعاء أنصار التطور هذا في كتابه
الذي يحمل عنوان التغير والثبات في الطبيعة Variation and Fixity in Nature،
يؤكد أن الكائنات الحية لا يمكن ترتيبها في سلسلة متصلة كاملة من الأبسط إلى
الأعقد.57
ولاشك في أن حقيقة النشوء المفاجئ لكل
الشعب الحيوانية المعروفة تقريبا في العصر الكمبري تعتبر دليلا قويا ضد ادعاءات
أنصار التطور في هذا الصدد. وفضلا عن ذلك، فقد اتسمت تلك الكائنات التي نشأت فجأة
بتكوين جسماني معقد وليس بسيطا – وهو ما يخالف افتراض أنصار التطور تماما.
كانت ثلاثيات الفصوص trilobites تنتمي إلى شعبة المفصليات، وكانت كائنات
معقدة للغاية ذات أصداف صلبة، وأجسام مفصلية، وأعضاء معقدة. وقد أتاح سجل الحفريات
إجراء دراسات تفصيلية للغاية حول عيون ثلاثيات الفصوص. وتتكون عين ثلاثي الفصوص من
مئات العدسات القرنية متناهية الصغر التي تحتوي كل واحدة منها على طبقتين من
العدسات. ويعتبر تركيب العين هذا إحدى العجائب الحقيقية في عالم التصميم. ويقول
ديفيد روب David Raup،
أستاذ الجيولوجيا في جامعات هارفرد وروتشستر وشيكاغو: "استخدمت ثلاثيات
الفصوص قبل 450 مليون سنة تصميما مثاليا يتطلب مهندسا بصريا جيد التدريب وواسع
المُخيلة كي يصممه اليوم".58
وهناك جانب آخر مشوق في المسألة، ألا وهو
أن عين الذباب في وقتنا الحاضر تتسم بتركيب العين ذاته. وبعبارة أخرى، إن نفس
التركيب كان موجودا طوال الخمسمائة وعشرين مليون سنة الماضية.
ولم يكن يُعرف سوى القليل جدا عن هذا
الوضع الاستثنائي الموجود في العصر الكمبري عندما كان تشارلز داروين يؤلف كتابه أصل
الأنواع. ولم يكشف سجل الحفريات أن الحياة نشأت فجأة في العصر الكمبري وأن
ثلاثيات الفصوص واللافقاريات الأخرى ظهرت فجأة إلا بعد عصر داروين. ولهذا السبب،
لم يتمكن داروين من تناول الموضوع كاملا في كتابه. ولكنه تعرض له تحت عنوان
"حول الظهور المفاجئ لمجموعات الأنواع المترابطة في أدنى طبقة حفرية
معروفة"، حيث كتب ما يلي عن العصر السيلوري (اسم كان يتضمن في ذلك الوقت ما
نسميه الآن بالعصر الكمبري):
"فعلى
سبيل المثال، لا شك لدي في أن كل ثلاثيات الفصوص السيلورية قد انحدرت من أحد
القشريات، الذي لا بد أنه عاش قبل العصر السيلوري بفترة طويلة، والذي اختلف
اختلافا كبيرا على الأرجح عن أي حيوان معروف... وبالتالي، إذا صحت نظريتي،
فلا جدال في أنه قبل أن تترسب الطبقة السيلورية الدنيا، انقضت فترات طويلة، تصل
إلى، بل وربما تتعدى بكثير، مجمل الفترة الفاصلة بين العصر السيلوري والوقت
الحاضر؛ وأنه خلال تلك الفترات الزمنية الواسعة، والمجهولة تماما مع ذلك، كان
العالم يعج بالكائنات الحية. أما بالنسبة إلى السؤال المتصل بالسبب وراء عدم
عثورنا على سجلات لتلك الفترات البدائية الواسعة، فلا يسعني أن أقدم إجابة
مرضية".59
قال داروين: "إذا صحت نظريتي، فلا
جدال في أن العالم كان يعج بالكائنات الحية قبل العصر السيلوري". أما
بالنسبة إلى السؤال المتصل بالسبب وراء عدم وجود حفريات لتلك الكائنات، فقد حاول
داروين أن يقدم إجابة لهذا السؤال عبر صفحات كتابه، مبررا ذلك بأن "سجل
الحفريات ينقصه الكثير". ولكن سجل الحفريات في الوقت الحاضر مكتمل إلى حد
بعيد، وهو ما يكشف بوضوح أن كائنات العصر الكمبري لم يكن لها أسلاف. ويعني ذلك
أننا يجب أن نرفض عبارة داروين التي تبدأ على النحو التالي: "إذا صحت
نظريتي". لقد كانت فرضيات داروين باطلة، ولهذا السبب، فإن نظريته خاطئة.
وهناك مثال آخر يثبت أن الحياة لم تتطور
من أشكال بدائية إلى أشكال معقدة وأن الحياة كانت معقدة للغاية في الواقع منذ
اللحظة الأولى لنشوئها. ويتجسد هذا المثال في سمكة القرش، التي يبين سجل الحفريات
أنها نشأت قبل نحو 400 مليون سنة ماضية. ويتسم هذا الحيوان بسمات مميزة للغاية لا
مثيل لها حتى في الحيوانات التي خُلقت بعده بملايين السنين، ومن هذه السمات
الطريقة التي يستطيع بها تجديد أسنانه المفقودة. وهناك مثال آخر يتجسد في التشابه
المذهل بين عيون الثدييات وعيون الأخطبوطات التي عاشت على الأرض قبل الثدييات
بملايين السنين.
وتوضح تلك الأمثلة أن أنواع الأحياء لا
يمكن أن تُرتَّب ترتيبا دقيقا من البدائي إلى المعقد.
وقد ظهرت هذه الحقيقة أيضا نتيجة تحاليل
لدراسات حول أشكال الكائنات الحية، ووظائفها، وجيناتها. فعلى سبيل المثال، عندما
ندرس أدنى مستويات سجل الحفريات من حيث الشكل والحجم، نرى كائنات كثيرة كانت أكبر
بكثير من تلك التي جاءت بعدها (مثل الديناصور).
وعندما نتأمل الخصائص الوظيفية للكائنات
الحية، نرى الشيء ذاته بالضبط. وفيما يتعلق بالتطور التركيبي، تقدم الأذن مثالا
يدحض ادعاء "التطور من البدائي إلى المعقد". إذ كان لدى البرمائيات فراغ
الأذن الوسطى، في حين كان لدى الزواحف، التي نشأت بعدها، جهاز أبسط من ذلك بكثير،
مركب من عظمة صغيرة منفردة ومفتقر تماما لفراغ الأذن الوسطى.
وقد أثمرت الدراسات الوراثية عن نتائج
مشابهة. فقد أثبتت البحوث أن عدد الصبغيات (الكروموسومات) ليس له علاقة بتعقيد
الحيوانات. فمثلا، يوجد لدى البشر 46 صبغيا، ولدى مجدافيات الأرجل copepodes ستة صبغيات، ولدى الكائنات المجهرية المسماة
بالشعاعيات 800 صبغي بالضبط.
خُلقت الكائنات
الحية في "أنسب" وقت بالنسبة لها
إنّ الحقيقة الواقعية التي تظهر عند دراسة
سجل الحفريات هي أن الكائنات الحية نشأت في أنسب الفترات بالنسبة لها. فقد أبدع
الله عز وجل تصميما رائعا لكل الكائنات الحية، وجعلها قادرة على التلاؤم بشكل جيد
مع بيئتها بما يفي باحتياجاتها في الأوقات التي نشأت فيها على الأرض.
ودعونا نتأمل مثالا واحدا على ذلك، ألا
وهو مثال الأرض وقت نشوء أقدم حفرية بكتيرية، قبل نحو 3.5 بليون سنة. إذ لم تكن
الظروف المناخية والحرارية في ذلك الوقت مناسبة البتة لكي تعيش فيها الكائنات
المعقدة أو البشر. وينطبق ذات الشيء على العصر الكمبري، الذي قال عنه نصير التطور
كنجه إن العثور فيه على حفريات بشرية سيبطل نظرية التطور. ولا ريب في أن تلك
الفترة، التي ترجع إلى حوالي 530 مليون سنة ماضية، لم تكن مناسبة بالتأكيد لحياة
الإنسان. (لم تكن هناك حيوانات برية مطلقا في ذلك الوقت.)
وكان الحال مشابها في الغالبية العظمى من
الفترات اللاحقة. وتبين دراسة سجل الحفريات أن الظروف المساعدة لمعيشة الإنسان لم
توجد إلا خلال البضعة ملايين سنة الأخيرة. وينطبق ذات الشيء على كل الكائنات الحية
الأخرى. فقد نشأت كل مجموعة من الأحياء عند حلول الظروف الملائمة لها - وبعبارة
أخرى، "عندما حان الوقت الصحيح".
ويقع أنصار التطور في تناقض هائل في
مواجهة تلك الحقيقة، في محاولة منهم لتفسيرها وكأن تلك الظروف الملائمة هي ذاتها
التي خلقت الكائنات الحية، في حين أن ظهور "الظروف المناسبة" لم يكن
يعني سوى حلول الوقت الصحيح. إذ لا يمكن أن تنشأ الكائنات الحية إلا بتدخل واع –
وبعبارة أخرى، بخلق خارق للطبيعة.
ولهذا السبب، لا يعد نشوء الكائنات الحية
على مراحل دليلا على التطور، بل هو دليل على المعرفة والحكمة المطلقتين لله جل
جلاله، خالقها. وقد هيأت كل مجموعة حية مخلوقة الظروف المناسبة لنشوء المجموعة
التالية، وقد وُضع لنا توازن بيئي مع جميع الكائنات الحية على مدى فترة زمنية
طويلة.
ومن ناحية أخرى، ينبغي أن ندرك أن هذه الفترة
الزمنية الطويلة تعتبر طويلة بالنسبة إلينا فقط، أما بالنسبة إلى المولى جل جلاله،
فهي عبارة عن "لحظة" منفردة. إن الوقت مفهوم لا ينطبق إلا على
المخلوقات. ذلك أن خالق الوقت ذاته، الله سبحانه وتعالى، لا يحده وقت. (لمزيد من
التفاصيل، انظر كتاب هارون يحيى "اللازمان: حقيقة القدر").
وإذا أراد أنصار التطور البرهنة على أن
أحد الأنواع تحول إلى نوع آخر، فلن تفيدهم في ذلك البرهنة على أن الكائنات الحية
نشأت تدريجيا على الأرض. وتجدر الإشارة إلى أن الدليل الذي ينبغي أن يقدموه إنما
يتمثل في حفريات الأشكال الوسيطة التي تربط تلك الأنواع المختلفة ببعضها البعض. إذ
يجب على النظرية التي تؤكد أن اللافقاريات تحولت إلى أسماك، وأن الأسماك تحولت إلى
زواحف، وأن الزواحف تحولت إلى طيور وثدييات، يجب عليها أن تجد الحفريات التي تثبت
ذلك. وقد قبِل داروين بذلك، وكتب مؤكدا على ضرورة العثور على أمثلة لا حصر لها من
تلك الحفريات، على الرغم من عدم العثور على أي منها حتى الآن. وخلال المائة
والخمسين سنة المنقضية منذ ذلك الحين، لم يتم العثور على أي أشكال وسيطة. وكما
اعترف عالم الحفريات ونصير التطور ديريك دبليو آجِر Derek W. Ager، فإن سجل الحفريات لا يُظهر "تطورا
تدريجيا، بل الانفجار المفاجئ لمجموعة على حساب الأخرى".60
وفي الختام، يكشف التاريخ الطبيعي أن
الكائنات الحية لم تظهر مصادفة، وإنما خُلقت
بمرور الوقت على مراحل عبر فترات زمنية طويلة. ويتفق ذلك اتفاقا تاما مع
المعلومات المتصلة بالخلق التي وردت في القرآن الكريم، والتي يكشف لنا فيها الله
عز وجل أنه خلق الكون وكل الكائنات الحية في "ستة أيام":
"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ
وَلا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ." ( السجدة،
الآية 4)
وكلمة "يوم" الواردة في الآية
تعني أيضا فترة زمنية طويلة. وبعبارة أخرى، يشير القرآن الكريم إلى أن الطبيعة
بأكملها قد خُلقت على فترات مختلفة، وليس على نحو فجائي. ويتأكد ذلك من خلال
الصورة التي ترسمها الاكتشافات الجيولوجية الحديثة.
لماذا يُصوَّر رفض نظرية
التطور
وكأنه نبذ للتطور والتقدم؟
استخدمت كلمة "التطور" بمعان
مختلفة في الفترات الأخيرة. فقد أضيف لها، على سبيل المثال، جانب اجتماعي وأصبحت
تعنى التقدم الإنساني والتطور التقني. ولا يوجد خطأ في مفهوم "التطور"
عند استخدامه بهذا المعنى. ولا شك في أن الإنسان سيستخدم ذكاءه، ومعرفته، وقوته
لتطوير نفسه مع الوقت. وستزداد حصيلة المعرفة البشرية من جيل إلى آخر. وبنفس
الطريقة، فإن هذا لا يعد دليلا على نظرية التطور ذاتها، التي تسعى لتفسير نشوء الحياة
من خلال المصادفة، ولا يتعارض بأي شكل من الأشكال مع حقيقة الخلق.
ولكن أنصار التطور منهمكون في لعبة كلمات
سطحية هنا، يخلطون فيها بين مفهوم صحيح وآخر خاطئ. فمثلا، لا خطأ في القول بأنه
"نتيجة للسنوات الطويلة التي عاشها الإنسان ككائن اجتماعي، فإن معرفته،
وثقافته، وتقنيته في حالة مستمرة من التطور". (ومع ذلك، علينا أن نتذكر أن
التراجع قد يحدث بمرور الوقت مثلما قد يحدث التقدم. ومن الناحية الاجتماعية، حدثت
فترات من التقدم، مثلما حدثت فترات من الركود والتراجع). ومع ذلك، يخطئ تماما من
يدعي أن "أنواع الأحياء قد تقدمت وتغيرت بمرور الوقت مثلما تطور الإنسان
وتقدم". وعلى الرغم من أن المنطق والعلم يتفقان تماما على أن معرفة الإنسان،
بوصفه كائنا مفكرا، قد ازدادت ونُقلت إلى الأجيال اللاحقة بما يتيح الفرصة للتقدم
المستمر؛ فإن من الحماقة التامة الادعاء بأن أنواع الأحياء قد نمت وتطورت بالحظ
والمصادفة، وفقا لظروف طبيعية غير خاضعة للسيطرة ومجردة من الوعي.
أعظم الأسماء في تاريخ
التقدم العلمي كانت كلها من أنصار الخلق
مهما حاول أنصار التطور أن ينسبوا إلى
أنفسهم أفكارًا مثل الابتكار والتقدم، فقد أظهر التاريخ أن الرواد الحقيقيين
للابتكار والتقدم لطالما كانوا من العلماء المؤمنين بالخلق الإلهي.
ونحن
نرى أثر هؤلاء العلماء المؤمنين في كل موضع من مواضع التقدم العلمي. فهناك ليوناردو
دافنشي Leonardo
da Vinci؛ وكوبرنيكوس Copernicus، وكِبلر
Kepler وجاليليو
Galileo، الذين استهلوا عصرا جديدا في علم الفلك؛ وكوفييه Cuvier مؤسس علم الحفريات؛ ولينوس
Linnaeus واضع النظام الحديث لتصنيف النباتات والحيوانات؛
وإسحاق نيوتن Isaac Newton
مكتشف قانون الجاذبية؛ وإدوين هابل Edwin
Hubble، الذي اكتشف وجود
المجرات وتمدد الكون، وكثيرون آخرون آمنوا بالله سبحانه وتعالى وبأن الحياة والكون
من خلقه.
وقال ألبرت أينشتاين Albert Einstein، أحد أعظم علماء القرن العشرين:
"لا أستطيع أن أتصور عالِما حقيقيا دون ذلك
الإيمان العميق. ويمكن التعبير عن هذا الوضع من خلال الصورة التالية: العلم بدون
دين علم أعرج".61
كما قال
الألماني ماكس بلانك Max Planck،
مؤسس الفيزياء الحديثة:
"يدرك أي شخص منخرط انخراطا جادا
في أي نوع من أنواع العمل العلمي أن مدخل بوابات معبد العلم مكتوب عليها الكلمات
التالية: ينبغي أن تتحلى بالإيمان. إنها صفة لا يستطيع العالِم الاستغناء عنها".62
ويكشف تاريخ العلم أن التغيير والتقدم
كانا نتاجا لعمل علماء من أنصار الخلق. ومن ناحية أخرى، لا شك في أن التطورات
العلمية التي حدثت خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين بشكل خاص قد أتاحت لنا
الحصول على أدلة لا حصر لها على الخلق. فقد أتاح لنا العلم والتكنولوجيا الحديثة أن
نكتشف حقيقة أن الكون نشأ من العدم، وبعبارة أخرى أنه "مخلوق". ومن
الحقائق المقبولة في دنيا العلوم بأكملها أن الكون نشأ وتطور نتيجة انفجار نقطة
وحيدة. وبهذه الطريقة، تم تدمير نموذج الكون السرمدي، الذي لا بداية له ولا نهاية،
والذي أكد الماديون على وجوده إبان الظروف العلمية البدائية التي سادت القرن
التاسع عشر. وقد أدرك العلماء أن الكون مخلوق، كما هو مذكور في القرآن الكريم، وأن
له بداية وحدودا كما أنه قد تمدد بمرور الوقت. ويُعبر القرآن الكريم عن هذه
الحقيقة على النحو التالي:
"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ
وَالأََرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ
شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ." (سورة
الأنبياء، الآية 30)
"وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا
لَمُوسِعُونَ." (الذاريات، الآية 47)
لقد أتاح لنا التقدم العلمي الذي تحقق
خلال القرن العشرين أن نكتشف مزيدا من الأدلة على التصميم الموجود في الحياة. فقد
كشف المجهر الإلكتروني تركيب الخلية، أصغر وحدة للحياة، بالإضافة إلى الأجزاء التي
تتألف منها. كما أثبت اكتشاف جزيء (د ن أ) الذكاء المطلق الموجود في الخلية. وبيَّن
التقدم الذي تحقق في مجالًي الكيمياء الحيوية وعلم وظائف الأعضاء الصنعة الخالية
من العيوب على المستوى الجزيئي للجسم، وتصميمه شديد التميز الذي لا يمكن تفسيره
بأي شيء آخر سوى الخلق.
وخلافا لكل ذلك، فإن الحالة البدائية التي
كان عليها العلم قبل 150 سنة هي التي مهدت الطريق لتكوين نظرية التطور.
وختاما، يستحيل أن يُعتبر من يؤمنون
بالخلق، الذين يقدمون باستمرار أدلة جديدة عليه، معارضين للتقدم، والتطور، والعلم.
بل على العكس، فهؤلاء الناس هم أكبر المؤيدين لما سبق. ذلك أن المعارضين الحقيقيين
للتقدم هم أولئك الذين يديرون ظهورهم لجميع الأدلة العلمية ويدافعون عن نظرية
التطور، التي لا تعدو أن تكون وهمًا لا أساس له من الصحة.
15
ما هو الخطأ في الاعتقاد بأن
من الممكن أن يكون الله قد خلق الكائنات الحية بواسطة التطور؟
في حين أنه ثبت علميا أن التصميم الرائع
والظاهر في كل الكائنات الحية وغير الحية الموجودة في الكون لا يمكن أن يكون قد
حدث نتيجة قوى الطبيعة العمياء والمصادفة، فإن بعض الناس يدّعون رغم ذلك أن هناك
خالقا بالفعل، ولكنه خلق الحياة من خلال عملية تطورية.
ومن الجلي أن الله، القدير، خلق الكون
والحياة بأكملهما. فالحكم راجع إليه حول ما إذا كان الخلق يجب أن يكون فوريا أو
مرحليا. ولا نستطيع أن نفهم الكيفية التي حدث بها ذلك إلا من خلال المعلومات التي
زودنا بها الله جل جلاله (وبعبارة أخرى، من الآيات القرآنية)، والأدلة العلمية
الظاهرة في الطبيعة.
وعندما نتأمل هذين المصدرين، يتبين لنا
أنه لا حُجّة لمقولة "الخلق عن طريق التطور".
لقد أنزل الله عز وجل آيات قرآنية كثيرة
تتناول خلق الإنسان، والحياة، والكون. ولا تحتوي أي منها على أي معلومات عن الخلق
بواسطة التطور. وبعبارة أخرى، لا تشير أي آية إلى أن الكائنات الحية قد نشأت من
بعضها البعض بواسطة التطور. بل على العكس، تكشف لنا تلك الآيات أن الحياة والكون
قد وُجدا بأمر الله "كن".
كما أظهرت الاكتشافات العلمية أيضا أن
"الخلق بواسطة التطور" مستحيل. إذ يبين سجل الحفريات أن الأنواع
المختلفة لم تنشأ من خلال التطور من بعضها البعض، بل نشأت بشكل مستقل ومفاجئ وبكل
تركيباتها الذاتية. وبعبارة أخرى، يختلف الخلق من نوع لآخر.
ولو كان هناك ما يُسمى "بالخلق
بواسطة التطور"، لكان بمقدورنا اليوم أن نشاهد الدليل عليه. فقد خلق الله عز
وجل كل شيء وفقا لنظام معين، وفي إطار من الأسباب والقوانين. فعلى سبيل المثال، من
المؤكد تماما أن الله هو الذي يجعل السفن تطفو على سطح الماء. ومع ذلك، عندما نبحث
عن سبب ذلك، يتبين لنا أنه نتيجة لخلق قوة الماء الداعمة. كما أن قدرة الله وحدها
هي التي تسمح للطيور بالطيران. وفي الواقع، عندما ندرس كيفية حدوث ذلك، نجد قوانين
الديناميكا الهوائية. ولهذا السبب، فإنه لو كانت الحياة قد خُلقت من خلال عملية
متعددة المراحل، لكانت هناك نظم واضحة تمدنا بالقوانين وأشكال التقدم الوراثية
التي تفسر ذلك. وفضلا عن ذلك، لعُرفت قوانين فيزيائية، وكيميائية، وحيوية أخرى.
ولكان هناك دليل من البحوث المخبرية يبين أن نوعا حيا يمكن أن يتحول إلى نوع آخر.
وأيضا لو كانت الحال كذلك، لكان ينبغي أن يكون من الممكن بفضل تلك البحوث صنع
إنزيمات، وهرمونات، وجزيئات مشابهة لتلك التي تنقص النوع من أجل جلب الفوائد له.
وبالإضافة إلى ذلك، سيتسنى خلق جزيئات عضوية وتركيبات جديدة لم تكن متوفرة قط لدى
الكائن الحي موضع البحث.
ولتمكنت الدراسات المخبرية من عرض أمثلة
لكائنات تعرضت لطفرات واستفادت فعلا من العملية. ولَتبين لنا فضلا عن ذلك أن تلك
الطفرات يمكن أن تُورَّث إلى الأجيال اللاحقة لتصبح جزءا فعليا من النوع. ولكن مرة
أخرى، كنا سنجد ملايين الحفريات للأشكال الوسيطة التي عاشت في الماضي، ولكانت هناك
كائنات حية في عصرنا الحاضر لم تُكمِل بعد عمليات التحول الخاصة بها. وباختصار،
يفترض أن توجد أمثلة لا حصر لها على مثل هذه العملية.
ومع ذلك، لا يوجد دليل واحد على أن أحد
الأنواع يتحوّل إلى نوع آخر. وكما رأينا سابقا، فإن المعلومات الحفرية تُبين أن
الكائنات الحية نشأت فجأة، دون أن يكون لها أسلاف قبلها. وبنفس الطريقة التي تهدم
بها هذه الحقيقة نظرية التطور، التي تدعي أن الحياة ظهرت بالمصادفة، فإنها تبين
أيضا البطلان العلمي للادعاء بأن الله أوجد الحياة ثم تطورت على مراحل.
ذلك أن الله جل جلاله خلق الكائنات الحية
بطريقة خارقة للطبيعة، بأمر واحد "كن". ويؤكد العلم الحديث هذه الحقيقة،
ويثبت أن الكائنات الحية نشأت فجأة على الأرض.
إن أولئك الذين يؤيدون فكرة أن "من
الممكن أن يكون الله قد خلق الكائنات الحية بواسطة التطور" يحاولون فعليا
"التوفيق" بين الخلق والداروينية. ومع ذلك، فهم يرتكبون خطأ جوهريا. ذلك
أنهم يغفلون المنطق الأساسي للداروينية ونوع الفلسفة التي تخدمها. فالداروينية لا
تقوم على فكرة تحول الأنواع، وإنما هي في الحقيقة محاولة لتفسير أصل الأنواع الحية
بواسطة العوامل المادية فحسب. وبعبارة أخرى، تحاول الداروينية أن تكسب قبولا
للادعاء القائم على أن الكائنات الحية هي نتاج للطبيعة، من خلال إظهاره بمظهر علمي
خادع. ولا يمكن أن توجد "أرضية مشتركة" بين فلسفة المذهب الطبيعي وبين
الإيمان بالله جل وعلا. إن هذا خطأ خطير نتج عن محاولة إيجاد هذه الأرضية
المشتركة، من أجل إفساح المجال للداروينية، والاتفاق مع الادعاء الخاطئ الذي يزعم
أنها نظرية علمية. وكما بينت 150 سنة من التاريخ، فإن الداروينية هي العمود الفقري
للفلسفة المادية والإلحاد، ولن يغير هذه الحقيقة مطلقا أي بحث عن أرضية مشتركة.
ما هو الخطأ في الاعتقاد بأن
التطور يمكن أن يتأكد في المستقبل؟
عندما يوضع بعض الناس ممن يؤيدون نظرية
التطور في موقف حرج، فإنهم يلجئون إلى الادعاء بأنه "حتى إذا لم تؤكد
الاكتشافات العلمية نظرية التطور اليوم، فإن تلك التطورات سوف تحدث في
المستقبل".
وتتمثل نقطة البداية الأساسية هنا في
اعتراف أنصار التطور بالهزيمة في ميدان العلوم. فبقراءة ما بين السطور يمكننا أن
نتبين التالي: "نعم، نقر نحن المدافعين عن نظرية التطور بأن اكتشافات
العلوم الحديثة لا تؤيدنا. ولهذا السبب، لا نرى بديلا عن إحالة الموضوع إلى
المستقبل".
ولكن العلم لا يعمل بهذا المنطق. فالعالِم
لا يكرس نفسه تكريسا أعمى منذ البداية لنظرية ما، أملا في ظهور الأدلة المؤيدة
لتلك النظرية في يوم من الأيام. ذلك أن العلم يدرس الأدلة المتاحة ويستخلص منها
الاستنتاجات. لهذا، يجب أن يقبل العلماء "التصميم"، أو بعبارة أخرى
حقيقة الخلق، التي أثبتتها الاكتشافات العلمية.
ومع ذلك، وعلى الرغم مما سبق، فإن التحريض
والدعاية التي يُروج لها أنصار التطور ما زالت قادرة على التأثير على الناس، لا
سيما أولئك الذين لا يلمون إلماما كاملا بالنظرية. ولهذا السبب، سيكون من المفيد
أن نعرض الإجابة بالكامل:
يمكننا أن نبحث صحة نظرية التطور من خلال
ثلاثة أسئلة أساسية:
1.
كيف نشأت أول خلية
حية؟
2.
كيف يمكن لنوع حي أن
يتحول إلى نوع آخر؟
3.
هل يوجد أي دليل في
سجل الحفريات على أن الكائنات الحية خضعت لمثل تلك العملية؟
لقد أُجرِي خلال القرن العشرين عدد كبير
من البحوث الجادة حول هذه الأسئلة الثلاثة، التي ينبغي على النظرية أن تجيب عليها
بوضوح. ومع ذلك، فقد كشفت تلك البحوث أن نظرية التطور لا تستطيع تفسير الحياة.
وسيتضح ذلك عندما نتناول تلك الأسئلة الواحد تلو الآخر.
1. يمثل السؤال المتعلق "بأول
خلية" مأزقا مهلكا للغاية بالنسبة إلى مؤيدي التطور. فقد كشفت البحوث التي
أجريت حول هذا الموضوع أن من المستحيل تفسير نشوء أول خلية بواسطة مفهوم
"المصادفة". وقد صاغ فريد هويل ذلك على النحو التالي:
"إن فرصة نشوء
أشكال الحياة العليا بهذه الطريقة تضاهي فرصة اكتساح إعصار لساحة خردة وتجميعه
لطائرة بوينج 747 من المواد الموجودة داخل الساحة".63
دعونا نستخدم مثالا نبين من خلاله التناقض
الذي وقع فيه أنصار التطور. تذكّر المثال الشهير الذي ضربه ويليام بيلي Willian Paley وتخيل شخصا لم يشاهد في حياته ساعة قط، شخصا
على جزيرة مجدبة مثلا، عثر في أحد الأيام على ساعة بالمصادفة. لن يكون بمقدور هذا
الشخص الذي يرى ساعة حائط من بعد 100 متر أن يتبين كنهها بالضبط، وقد لا يتمكن من
التمييز بينها وبين أي ظاهرة طبيعية من صنع الرياح، والرمال، والأرض. ومع ذلك، فمع
اقتراب هذا الشخص من الساعة، فإنه سيفهم بمجرد النظر إليها أنها مصممة. وكلما
اقترب منها أكثر، فلن يساوره أدنى شك في ذلك. وقد تكون الخطوة التالية هي فحص سمات
هذا الشيء، وما فيه من فن واضح. وعندما يفتح الساعة ويتأملها تفصيليا، سيرى بداخلها
كمًّا هائلا من المعرفة التراكمية يفوق ما كان ظاهرا من الخارج، وأنها نتاج عقل
ذكي. وسيؤدي كل فحص لاحق إلى تأكيد هذا التحليل أكثر فأكثر.
وتظهر حقيقة الحياة في وضع مشابه كلما
تقدم العلم. فقد كشفت التطورات العلمية عن كمال الحياة على مستوى الأجهزة،
والأعضاء، والأنسجة، والخلايا، بل وحتى الجزيئات. ومن خلال كل تفصيل جديد ندركه
نتمكن من رؤية البعد المدهش في هذا التصميم بقدر أكبر من الوضوح. وكان أنصار
التطور في القرن التاسع عشر، الذين رأوا أن الخلية ليست سوى كتلة صغيرة من
الكربون، في نفس موقف ذلك الشخص الذي ينظر إلى الساعة من بعد 100 متر. ومع ذلك،
يستحيل أن نجد اليوم ولو عالما واحدا لا يعترف بأن كل جزء من أجزاء الخلية يمثل في
حد ذاته عملا فنيا وتصميما رائعا. فحتى غشاء الخلية الصغيرة، الذي وُصف بأنه
"مرشح اختياري"، يحتوى على قدر هائل من الذكاء والتصميم. ذلك أنه يميز
الذرات، والبروتينات، والجزيئات المحيطة به وكأن لديه إدراكا واعيا خاصا به، ولا
يسمح بدخول الخلية إلا للمواد الضرورية فقط (لمزيد من التفاصيل، انظر كتاب هارون
يحيى "العلم المخبوء في الخلية"). وعلى عكس التصميم محدود الذكاء في
الساعة، فالكائنات الحية نتاج مذهل للذكاء والتصميم. وبعيدا عن إثبات حدوث التطور،
فإن البحوث التفصيلية التي يتسع نطاقها باستمرار والتي يتم إجراؤها على البُنى
الحية، التي لم يُكشف حتى الآن إلا عن بعض تركيباتها ووظائفها، تتيح لنا فهم حقيقة
الخلق بشكل أفضل.
2. يؤكد أنصار التطور أن النوع يمكن أن
يتغير إلى نوع آخر عن طريق الطفرة والانتقاء الطبيعي. وقد بينت كل البحوث التي
أجريت حول الموضوع أنه ليس لأي من هاتين الآليتين أي تأثير تطوري من أي نوع. وقام
كولين باترسون Colin Patterson،
كبير علماء الحفريات بمتحف التاريخ الطبيعي في لندن، بتأكيد هذه الحقيقة في
الكلمات التالية:
"لم
ينتج أحد قط نوعا من الأحياء بواسطة آليات الانتقاء الطبيعي.
ولم يقترب أحد من ذلك قط، ويتمحور معظم الجدل الدائر حاليا في الداروينية الجديدة
حول هذه القضية".64
وتبين
البحوث التي أجريت حول الطفرة أنها لا تتسم بأي خصائص تطورية. ويقول عالم الوراثة
الأمريكي بي. جي. رانجاناثان B. G.
Ranganathan:
"أولا،
إن حدوث الطفرات الحقيقية في الطبيعة أمر نادر للغاية. ثانيا، إن معظم الطفرات
ضارة لأنها تغييرات عشوائية أكثر منها منظمة في بنية الجينات؛ وأي تغيير عشوائي في
نظام على درجة عالية من الترتيب سيكون إلى الأسوأ وليس إلى الأفضل. فمثلا، إذا ضرب
زلزال منشأة على درجة عالية من النظام مثل أحد المباني، فسيحدث تغيير عشوائي في
هيكل المبنى لن يكون، على الأرجح، تحسنا".65
وكما رأينا، فإن الآليات التي تقترحها
نظرية التطور لتكوُّن الأنواع غير مجدية على الإطلاق، بل إنها ضارة في الواقع. ومن
المفهوم أن تلك الآليات، التي تم اقتراحها في الفترة التي لم يكن العلم
والتكنولوجيا قد وصلا فيها إلى المستوى اللازم لإظهار أن هذا الادعاء ليس أكثر من
نتاج للوهم، ليس لها أي تأثيرات نشوئية أو تطورية.
3. وتُظهر الحفريات أيضا أن الحياة لم
تنشأ نتيجة أي عملية تطورية، بل نشأت فجأة، نتيجة "تصميم" مثالي. وتؤكد
ذلك كل الحفريات التي تم اكتشافها حتى الآن. ويبيِّن نايلز إلدردج Niles Eldredge، عالم الحفريات الشهير من جامعة هارفارد
والقيِّم على المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، أنه لا يوجد أي احتمال للعثور على
أي حفريات في المستقبل قد تغير الموقف:
"هناك
قفزات في سجل الحفريات، وتبين كل الأدلة أن السجل حقيقي؛ ذلك أن الفجوات التي
نراها تعكس أحداثا حقيقية في تاريخ الحياة – وليست نتاجا لسجل حفريات رديء
الصنع".66
ويعلن عالم أمريكي آخر، روبرت ويسون Robert Wesson، في كتابه الصادر في سنة 1991 بعنوان ما
وراء الانتقاء الطبيعي Beyond
Natural Selection، أن "الفجوات الموجودة في سجل
الحفريات حقيقية وغير اعتيادية". ويسهب في هذا الادعاء على النحو التالي:
"ومع
ذلك، فالفجوات الموجودة في السجل حقيقية. ومن غير الاعتيادي على الإطلاق عدم وجود
سجل يحتوي على أي تفرعات ذات أهمية. فالأنواع عادة ما تكون مستقرة، أو قريبة جدا
من الاستقرار، لفترات طويلة، ونادرا ما يُظهر النوع تطورا نحو نوع جديد في حين لا
يُظهر الجنس قط تطورا نحو جنس جديد وما يحدث هو نوع من الإحلال، ويكون التغيير
مفاجئا تقريبا" .67
وختاما، لقد مرت نحو 150 سنة منذ طرح نظرية
التطور لأول مرة، وقد خالفتها كل التطورات
العلمية اللاحقة لها. وكلما تعمق العلم في دراسة تفاصيل الحياة، اكتُشفت أدلة أكثر
على كمال الخلق، وتبينت الاستحالة التامة في نشأة الحياة وتنوعها اللاحق
بالمصادفة. ويكشف كل بحث من البحوث دليلا جديدا على التصميم في الكائنات الحية،
ويزيد من وضوح حقيقة الخلق. وقد تكشّف بطلان نظرية التطور بشكل أكبر مع مرور كل
عَقد من الزمان منذ عصر داروين.
وباختصار، لا يساند التقدم العلمي نظرية
التطور. ولهذا السبب، لن تساند التطورات المستقبلية النظرية أيضا، بل ستثبت
بطلانها أكثر فأكثر.
ويبقى أن نقول إن ادعاءات التطور ليست
شيئا لم يحله العلم أو يفسره بعد، وسيتمكن من تفسيره في المستقبل. بل على العكس،
فقد دحضت العلوم الحديثة نظرية التطور من جميع النواحي وأثبتت من كل وجهات النظر
استحالة أن تكون مثل هذه العملية الخيالية قد حدثت في أي وقت من الأوقات. ومن ثم،
فإن الادعاء بأن مثل هذا المعتقد الذي لا يمكن التمسك به سوف يتم إثباته في
المستقبل لا يعدو أن يكون نتاجا لخيالات وأوهام نابعة من عقليات الدوائر الماركسية
والمادية التي ترى في التطور دعامة لأيديولوجياتها. إنهم يحاولون مواساة أنفسهم
فحسب نظرا ليأسهم الشديد.
ولهذا السبب، فإن الإيمان بفكرة أن
"العلم سوف يثبت التطور في المستقبل" لا يختلف عن الإيمان بأن
"العلم سوف يبين في يوم ما أن الأرض ترتكز على ظهر فيل".
لماذا لا يُعدّ تحول الشكل
دليلا على التطور؟
تخضع بعض الكائنات لتغيرات جسمانية تسمح
لها بالبقاء والتكيف مع مختلف الظروف الطبيعية في مختلف الأزمنة. وتُعرف هذه
العملية باسم تحول الشكل metamorphosis.
ويحاول الأشخاص الذين ليست لديهم معرفة كافية بعلم الأحياء، مثلما يحاول أيضا
أنصار التطور عبر ادعاءاتهم، أن يصوروا هذه العملية وكأنها دليل على نظرية التطور.
وهذه المصادر التي تورد تحول الشكل بوصفه "مثالا على التطور" تمثل
أعمالا دعائية سطحية صادرة عن أناس ضيقي الأفق يحاولون من خلالها أن يضللوا أولئك
الذين لا يملكون معلومات كافية عن الموضوع، أو أنصار التطور اليافعين، أو بعضا من
مدرسي الأحياء الداروينيين الجهلة. لذلك نجد أن العلماء الذين يُعتبرون خبراء في
التطور، والذين يعرفون بالتالي معلومات أكثر عن المآزق والتناقضات المتأصلة في
النظرية، يرفضون مجرد الإشارة إلى هذا الادعاء السخيف. لأنهم يعرفون مدى ما فيه من
حماقة...
وتمثل الفراشات، والذباب، والنحل بعضا من
أشهر الكائنات التي تخضع لتحول الشكل. وتعد الضفادع، التي تبدأ حياتها في الماء ثم
تعيش على اليابسة، مثالا آخر. ولا علاقة لذلك بالتطور، لأن نظرية التطور تحاول أن
تفسر الاختلافات الموجودة بين الكائنات الحية بواسطة الطفرات وليدة المصادفة. ومع
ذلك، لا يوجد تشابه البتة بين تحول الشكل وهذا الادعاء، لأن تحول الشكل عملية مخطط
لها من قبل ولا علاقة له بالتطور أو المصادفة. وليست المصادفة هي المسؤولة عن تحول
الشكل، وإنما المعلومات الوراثية الموجودة في الكائن منذ لحظة ولادته. فالضفدع،
مثلا، يمتلك معلومات وراثية تسمح له بالعيش على اليابسة بينما لا يزال يعيش تحت
الماء. وحتى عندما تكون البعوضة لا تزال في طور اليرقة، فإنها تملك معلومات وراثية
تخص مرحلتي الخادرة والبلوغ. وينطبق ذات الشيء على كل الكائنات التي تخضع لتحول
الشكل.
تحول الشكل
دليل على الخلق
لقد أظهرت البحوث العلمية الحديثة حول
تحول الشكل أنه عملية معقدة تتحكم فيها جينات مختلفة. وفيما يتعلق بتحول شكل
الضفدع، على سبيل المثال، فإن العمليات المتصلة بالذيل وحده يتحكم فيها أكثر من 12
جينا. ويعني ذلك أن هذه العملية تحدث نتيجة لعمل عدة مكونات مع بعضها البعض. وهذه
عملية حيوية تحمل سمة "التعقيد غير القابل للتبسيط" “irreducible complexity”،
مما يبين أن تحول الشكل دليل على الخلق.
و"التعقيد غير القابل
للتبسيط" هو مفهوم حظي بموقعه في الأدبيات العلمية بواسطة الأستاذ مايكل
بيهي Michael Behe،
عالم الكيمياء الحيوية المعروف ببحوثه التي تثبت بطلان نظرية التطور. ويعني هذا
المفهوم أن الأعضاء والأجهزة المعقدة تؤدي وظائفها من خلال عمل كل أجزاء المكونات
التي تتألف منها مع بعضها البعض، وأنه إذا توقف حتى أصغر جزء عن أداء وظيفته،
فسيتوقف أيضا العضو أو الجهاز بأكمله. ومن المستحيل أن تكون مثل هذه التراكيب
المعقدة قد نشأت بالمصادفة، مع تغيرات ضئيلة بمرور الوقت، كما تؤكد نظرية التطور.
هذا هو ما يحدث في عملية تحول الشكل. وتحدث هذه العملية من خلال توازنات وتوقيتات
حساسة للغاية في الهرمونات التي تتأثر بدورها بمختلف الجينات. وسيدفع الكائن حياته
ثمنا لأصغر غلطة. ويستحيل التصديق بأن مثل هذه العملية المعقدة يمكن أن تحدث
بالمصادفة وعلى مراحل. وبما أن أصغر غلطة ستكلف الحيوان حياته، فمن المستحيل
التحدث عن "آلية المحاولة والخطأ"، أو الانتقاء الطبيعي، كما يؤكد أنصار
التطور. إذ لا يستطيع أي كائن أن يهيم على وجهه لملايين السنين في انتظار ظهور
مكوناته الناقصة بالمصادفة.
ومع أخذ هذه الحقيقة في الحسبان، يتضح
أيضا أن الموضوع لا يقدم البتة أي دليل على التطور كما يفترض بعض الناس غير
الملمين بصورة كافية بعملية تحول الشكل. بل على العكس، إذا أُخذ في الاعتبار تعقيد
العملية والأجهزة التي تتحكم فيها، يمكن أن تُعتبر الحيوانات التي تخضع لتحول
الشكل دليلا واضحا على الخلق.
18
لماذا يستحيل تفسير
جزيء (د ن أ) بواسطة "المصادفة"؟
يبين مستوى المعرفة العلمية الذي وصلنا
إليه اليوم أن التصميم الواضح والأجهزة المعقدة في الكائنات الحية يجعلان من
نشوئها بالمصادفة أمرا مستحيلا. فعلى سبيل المثال، بفضل "مشروع الجينوم
البشري" الأخير، أصبح بإمكان الجميع الآن إدراك التصميم العجيب ومحتوى
المعلومات الهائل الموجود في الجينات البشرية.
وفي إطار هذا المشروع، عمل علماء من بلدان
كثيرة، من الولايات المتحدة إلى الصين، لمدة 10 سنوات من أجل فك شفرة الثلاثة
بلايين شفرة كيميائية الموجودة في جزيء (د ن أ) الواحدة تلو الأخرى. ونتيجة لذلك،
تم ترتيب كل المعلومات الموجودة تقريبا في الجينات البشرية في وضعها الصحيح.
وبالرغم من أن هذا تطور مثير ومهم للغاية،
كما أعلن الدكتور فرانسيس كولينز Francis
Collins، الذي يرأس مشروع الجينوم البشري، فإن هذه ليست سوى الخطوة الأولى
في فك شفرة المعلومات الموجودة في جزيء (د ن أ).
ولفهم السبب وراء مضي 10 سنوات والاستعانة
بجهود مئات العلماء للكشف عن الشفرات المكوِّنة لهذه المعلومات، يجب أن نفهم ضخامة
المعلومات المحتواة في جزيء (د ن أ).
جزيء (د ن أ)
يكشف عن وجود مصدر لا نهائي للمعرفة
إن المعلومات المحتواة في جزيء (د ن أ)
الخاص بخلية بشرية واحدة تكفي لملء موسوعة مكوَّنة من مليون صفحة، مما يجعل من
المستحيل قراءتها كلها في عمر واحد. فإذا شرع شخص ما في قراءة شفرة (د ن أ) واحدة
كل ثانية، دون توقف، طوال اليوم، وكل يوم، فسيستغرق ذلك منه 100 سنة. ذلك أن
الموسوعة موضع النقاش تضم ثلاثة بلايين شفرة مختلفة. وإذا دوَّنا كل المعلومات
الموجودة في جزيء (د ن أ) على ورق، فسيمتد هذا الورق من القطب الشمالي إلى خط
الاستواء. وهو ما يوازي نحو 1000 مجلد كبير – وهو أكثر مما يلزم لملء مكتبة كبيرة.
والأهم من ذلك هو أن جميع تلك المعلومات
محتواة في نواة كل خلية، وبما أن كل فرد يتكون من نحو 100 تريليون خلية، فإن هناك
100 تريليون نسخة من نفس المكتبة.
وإذا أردنا أن نقارن خزانة المعلومات هذه
بمستوى المعرفة الذي وصل إليه الإنسان حتى الآن، سيستحيل علينا أن نقدم أي مثال
بنفس الحجم. ذلك أن الصورة التي تقدم نفسها هنا لا يمكن تصديقها: 100 تريليون ×
1000 كتاب! سيفوق الناتج عدد حبات الرمل الموجودة في العالم. وفضلا عن ذلك، إذا
ضربنا هذا العدد في الستة بلايين شخص الذين يعيشون على الأرض حاليا، وبلايين
الأشخاص الذين عاشوا عليها في أي وقت سابق، عندئذ سيفوق العدد قدرتنا الإدراكية،
وستمتد كمية المعلومات إلى ما لا نهاية.
وتعتبر هذه الأمثلة مؤشرا على ضخامة
المعلومات الملازمة لنا. فنحن نملك أجهزة كمبيوتر متقدمة تستطيع أن تخزن كميات
وافرة من المعلومات. ومع ذلك، عندما نقارن جزيء (د ن أ) بأجهزة الكمبيوتر هذه،
سنندهش عندما نرى أن أحدث وسائل التكنولوجيا – التي هي نتاج لجهد ومعرفة بشرية
تراكمية على مدار القرون – لا تمتلك حتى الطاقة التخزينية لخلية واحدة.
وتجدر الإشارة هنا إلى جين مايرز Gene Myers، أحد أبرز خبراء سيليرا جينومكس Celera Genomics، الشركة المنفِّذة لمشروع الجينوم البشري.
وتعتبر الكلمات التي أدلى بها فيما يتعلق بنتيجة المشروع إعلانا عن المعرفة
والتصميم العظيمين في جزيء (د ن أ): "ما أذهلني حقا هو أسلوب بناء
الحياة... فنظامها معقد للغاية، وكأنه مُصمَّم... إذ يوجد به قدر هائل من
الذكاء". 68
وهناك جانب آخر مثير، ألا وهو أن كل أشكال
الحياة على الكوكب قد نتجت عن أوصاف مُشفرة مكتوبة بنفس هذه اللغة. إذ لا يتكون
بكتير، أو نبات، أو حيوان بدون جزيء (د ن أ) الخاص به. ومن الجلي للغاية أن كل
أشكال الحياة نشأت نتيجة أوصاف تستخدم نفس اللغة وتنبع من نفس مصدر المعرفة.
ويقودنا ذلك إلى استنتاج واضح. تعيش كل
الكائنات الحية في العالم وتتكاثر وفقا لمعلومات خلقها عقل منفرد.
وهذا الاستنتاج يُجرد نظرية التطور من كل
مغزى. ذلك أن أساس النظرية هو "المصادفة"، ولكن المصادفة لا تستطيع أن
تخلق معلومات. فإذا عُثر في يوم ما على قصاصة ورق بها تركيبة دواء قادر على شفاء
مرض السرطان، ستتوحد صفوف البشرية جمعاء
لاكتشاف العالِم المعني بل ولتقديم جائزة له. ولن تدور في ذهن أحد الفكرة
التالية: "تُرى هل ظهرت التركيبة عندما انسكب بعض الحبر على الصفحة".
ذلك أن كل من يملك عقلا وفكرا واعيا سوف يعتقد أن التركيبة قد كتبها شخص ما أجرى
دراسة عميقة في مجالات الكيمياء، ووظائف الأعضاء، والسرطان، والعقاقير.
إن ادعاء أنصار التطور بأن المعلومات
الموجودة في جزيء (د ن أ) قد تكونت بالمصادفة ادعاء غير منطقي البتة، وهو مساو
للقول بأن التركيبة الموجودة على الورقة قد تكونت أيضا بالمصادفة. ذلك أن جزيء (د
ن أ) يحتوي على صيغ جزيئية تفصيلية لمائة ألف نوع من البروتينات والإنزيمات،
بالإضافة إلى الترتيب الدقيق الذي يحكم كيفية استخدامها أثناء الإنتاج. وإلى جانب
تلك المواد، يحتوي الجزيء أيضا على خطط إنتاج الهرمونات حاملة الرسائل وبروتوكولات
الاتصالات بين الخلايا المستخدمة في تلك الخطط، وجميع أنواع المعلومات الأخرى
المعقدة والمفصلة.
إن الادعاء بأن جزيء (د ن أ) وكل
المعلومات الموجودة فيه قد تكونا نتيجة أحداث وليدة المصادفة وأسباب طبيعية يعكس
إما جهلا تاما بالموضوع أو دوغماتية مادية. وإن الفكرة القائمة على أن جزيئا مثل
جزيء (د ن أ)، بكل المعلومات المدهشة والتركيب المعقد الذي يحويه، يمكن أن يكون
نتاجا للمصادفة فكرة لا تستحق حتى أخذها مأخذ الجد. ومن الغريب أن أنصار التطور
يحاولون التمويه على موضوع مصدر الحياة، كما هي الحال بالنسبة لموضوعات أخرى
كثيرة، من خلال وصفه بأنه "سر لم يُحل".
لماذا لا تعتبر المقاومة
البكتيرية للمضادات الحيوية مثالا على التطور؟
يتمثل أحد مفاهيم علم الأحياء - الذي
يحاول أنصار التطور تقديمه بوصفه دليلا على نظريتهم - في مقاومة البكتيريا
للمضادات الحيوية. إذ تذكر الكثير من مصادر أنصار التطور المقاومة التي تبديها
البكتيريا تجاه المضادات الحيوية كمثال على تطور الكائنات الحية بواسطة الطفرات
المفيدة. وقد ظهر نفس الادعاء بالنسبة للحشرات التي تكتسب مناعة ضد المبيدات
الحشرية مثل الدي دي تي DDT.
ومع ذلك، فأنصار التطور مخطئون أيضا حول
هذا الموضوع.
فالمضادات الحيوية عبارة عن "جزيئات
قاتلة" تنتجها كائنات مجهرية لتكافح بها كائنات مجهرية أخرى. وكان أول مضاد
حيوي هو البنسيلين، الذي اكتشفه ألكسندر فلمينج Alexander Fleming في سنة 1928. فقد أدرك فلمينج أن العفن ينتج
جزيئا يقتل المكوَّر العنقودي البكتيري Staphylococcus، وشكّل هذا الاكتشاف نقطة تحول في عالم
الطب. إذ استخدمت المضادات الحيوية المأخوذة من الكائنات المجهرية في مقاومة
البكتيريا وكانت النتائج ناجحة.
وسرعان ما اكتُشف شيء جديد. إذ تبين أن
البكتيريا تكتسب مناعة ضد المضادات الحيوية بمرور الوقت. وتعمل الآلية على النحو
التالي: تموت نسبة كبيرة من البكتيريا التي تتعرض للمضادات الحيوية، ولكن بعضا
منها، لم يتأثر بالمضاد الحيوي، يتضاعف بسرعة وسرعان ما يكوِّن مجموعة البكتيريا
الكاملة. وهكذا، تكتسب المجموعة بأكملها مناعة ضد المضادات الحيوية.
ويحاول أنصار التطور أن يقدموا ذلك بوصفه
"تطور البكتيريا عن طريق التكيف مع الظروف".
ومع ذلك، فالحقيقة مختلفة تماما عن هذا
التفسير السطحي. ومن بين العلماء الذين أجروا أكثر البحوث تفصيلا حول هذا الموضوع
عالم الفيزياء الحيوية الإسرائيلي لي سبتنر Lee Spetner، المعروف أيضا بكتابه المعنون "ليس
بالمصادفة" Not by
Chance، الذي نُشر في سنة 1997. ويؤكد سبتنر أن مناعة البكتيريا تحدث
بواسطة آليتين مختلفتين، ولكن كلتيهما لا تشكلان دليلا على نظرية التطور. وهاتان
الآليتان هما:
1.
نقل جينات المقاومة
الموجودة فعليا في البكتيريا.
2.
بناء مقاومة نتيجة
لفقدان بيانات وراثية بسبب الطفرة.
ويشرح الأستاذ سبتنر الآلية الأولى في
مقالة نشرت في سنة 2001:
"لقد
وُهبت بعض الكائنات المجهرية جينات تقاوم هذه المضادات الحيوية. ويمكن أن تتجسد
هذه المقاومة في حل جزيء المضاد الحيوي أو طرده من الخلية... وبإمكان الكائنات
المالكة لهذه الجينات أن تنقلها إلى بكتيريا أخرى وتجعلها مقاوِمة أيضا. وعلى
الرغم من أن آليات المقاومة تتخصص في مقاومة مضاد حيوي بعينه، فإن معظم البكتيريا
المسببة للأمراض قد نجحت في تجميع مجموعات متعددة من الجينات مما أكسبها مقاومة ضد
تشكيلة متنوعة من المضادات الحيوية".69
ويواصل سبتنر حديثه قائلا إن هذا ليس
"دليلا على التطور":
"إن
اكتساب مقاومة ضد المضادات الحيوية على هذا النحو... ليس من النوع الذي يصلح لأن
يكون نموذجا أوليا للطفرات المطلوبة لتفسير نظرية التطور... ذلك أن التغييرات
الوراثية التي يمكن أن توضح النظرية ينبغي ألا تضيف معلومات إلى جينوم البكتير
فحسب، بل ينبغي أن تضيف معلومات جديدة للكون الحيوي biocosm. كما أن النقل الأفقي للجينات ينتشر فقط حول
الجينات الموجودة فعليا في بعض الأنواع".70
إذن، لا يمكننا أن نتحدث عن أي تطور هنا
نتيجة لعدم إنتاج معلومات وراثية جديدة؛ فالمعلومات الوراثية الموجودة فعلا
تتناقلها البكتيريا فيما بينها فحسب.
والنوع الثاني من المناعة، الذي حدث نتيجة
طفرة، ليس مثالا على التطور أيضا. فقد كتب سبتنر:
"يستطيع
الكائن المجهري أحيانا أن يكتسب مقاومة ضد المضاد الحيوي من خلال الاستبدال
العشوائي لنكليوتيد nucleotide وحيد... فالستربتومايسين Streptomycin، الذي اكتشفه سِلمان واكسمان Selman Waksmanوألبرت شاتز Albert Schatz وتم الإعلان عنه لأول مرة في سنة 1944، هو مضاد
حيوي تستطيع البكتيريا أن تقاومه بتلك الطريقة. ولكن على الرغم من أن الطفرة التي
تخضع لها البكتيريا أثناء العملية تفيد الكائن المجهري في وجود الستربتومايسين،
فإنها لا تصلح لأن تكون نموذجا أوليا لنوع الطفرات التي تحتاجها النظرية
الداروينية الجديدة. ذلك أن نوع الطفرة التي تمنح مقاومة ضد الستربتومايسين يتضح
في الريبوسوم ويقوم بحل تكافئه الجزيئي مع جزيء المضاد الحيوي".71
وفي كتابه "ليس بالمصادفة"،
يشبه سبتنر هذا الوضع باختلال العلاقة بين المفتاح والقفل. فالستربتومايسين، مثله
مثل مفتاح ملائم لقفله تماما، يتعلق بريبوسوم البكتيريا بإحكام ويوقف نشاطه. وتقوم
الطفرة، من ناحية أخرى، بحل الريبوسوم، وبالتالي تمنع الستربتومايسين من التعلق
بالريبوسوم. وعلى الرغم من أن ذلك يُفسَّر على أن "البكتيريا تكتسب مناعة ضد الستربتومايسين"،
فإن هذه ليست فائدة للبكتيريا بل هي بالأحرى خسارة لها. وقد كتب سبتنر حول هذه
النقطة:
"إن
هذا التغيير في سطح ريبوسوم الكائن المجهري يمنع جزيء الستربتومايسين من التعلق
بالريبوسوم وتأدية وظيفته كمضاد حيوي. وقد اتضح أن هذا التحلل هو فقدان للخصوصية
وبالتالي خسارة للمعلومات. والنقطة الأساسية هنا هي أن التطور... لا يمكن أن يتحقق
بواسطة طفرات من هذا النوع، مهما كان عددها. ذلك أن التطور لا يمكن أن يُبنى على
تراكم طفرات لا تحقق شيئا سوى حل الخصوصية".73
وتلخيصا لما سبق، فإن الطفرة التي تؤثر
على ريبوسوم البكتير تجعل هذا البكتير مقاوما للستربتومايسين. ويرجع السبب وراء
ذلك إلى "تحلل" الريبوسوم بواسطة الطفرة. ويعني ذلك أنه لم تتم إضافة
معلومات وراثية جديدة للبكتير. بل على العكس، تتحلل بنية الريبوسوم، أي، يصبح
البكتير "عاجزا". (وقد اكتُشف أيضا أن ريبوسوم البكتير الخاضع للطفرة
أقل قدرة على تأدية وظيفته من ريبوسوم البكتير العادي). وبما أن هذا "العجز"
يمنع المضاد الحيوي من التعلق بالريبوسوم، فإن ذلك يؤدي إلى نشوء "مقاومة
المضاد الحيوي".
وأخيرا، لا يوجد مثال على طفرة
"تُنشئ معلومات وراثية". ويقوم أنصار التطور، الذين يريدون أن يتخذوا من
مقاومة المضاد الحيوي دليلا على التطور، بتناول الموضوع بطريقة سطحية للغاية
وبالتالي فهم مخطئون.
وينطبق ذات الوضع على المناعة التي
تكتسبها الحشرات ضد الدي دي تي والمبيدات الحشرية المشابهة. ففي معظم تلك الحالات،
تُستخدم جينات المناعة الموجودة فعليا. ويعترف عالم الأحياء التطوري فرانسسكو
أيالا Francisco Ayala
بهذه الحقيقة قائلا: "يبدو أن الاختلافات الوراثية اللازمة لمقاومة
أكثر أنواع المبيدات تنوعا كانت موجودة في كل مجموعة من مجموعات الكائنات التي
تعرضت لهذه المركبات التي صنعها الإنسان".73 وجدير بالذكر أن
بعض الأمثلة الأخرى التي تم تفسيرها بواسطة الطفرة، كما هي الحال تماما مع طفرة الريبوسوم
المذكورة أعلاه، هي عبارة عن ظواهر تسبب "عجزا (نقصا) في المعلومات
الوراثية" الخاصة بالحشرات.
وفي هذه الحالة، لا يمكن الادعاء بأن
آليات المناعة في البكتيريا والحشرات تشكل دليلا على نظرية التطور. ذلك أن هذه
النظرية تستند إلى التأكيد على أن الكائنات الحية تتطور من خلال الطفرات. ومع ذلك،
يشرح سبتنر أنه لا المناعة ضد المضادات الحيوية ولا أي ظواهر حيوية أخرى تشير إلى
مثل هذا المثال على الطفرة:
"لم
تُلاحظ قط الطفرات المطلوبة للتطور الكبير. ذلك أن الطفرات العشوائية التي تمت
دراستها على المستوى الجزيئي - والتي يمكن أن تمثل الطفرات المطلوبة من قبل
النظرية الداروينية الجديدة - لم تضف أي معلومات. والسؤال الذي أتناوله هو: هل
الطفرات التي تمت ملاحظتها من النوع الذي تحتاجه النظرية لدعمها؟ ويتضح في النهاية
أن الإجابة هي كلا!"74
ما هو نوع
العلاقة بين الخلق والعلم؟
كما أوضحنا في
كل القضايا التي تناولناها حتى الآن، فإن نظرية التطور مخالفة كليا للاكتشافات
العلمية. ذلك أن هذه النظرية، التي نتجت عن المستوى العلمي البدائي في القرن
التاسع عشر، قد دحضتها تماما الاكتشافات العلمية المتوالية.
ويبحث أنصار التطور الذين كرسوا أنفسهم
تكريسا أعمى للنظرية عن حل في العموميات، إذ لم يتبقَّ لهم أي أساس علمي. ومن أكثر
ما يلجئون إليه في هذا الصدد هو استخدام الشعار المبتذل القائل بأن "الخلق
نوع من الإيمان، وبالتالي لا يمكن اعتباره جزءا من العلم". ويرى أصحاب هذا
الادعاء أن التطور نظرية علمية، بينما الخلق مجرد معتقد. ومع ذلك، فإن تكرار مقولة
إن "التطور علم، والخلق معتقد" ناشئ عن منظور خاطئ كليا. ذلك أن أولئك
الذين يكررون تلك المقولة يخلطون بين العلم والفلسفة المادية, فهم يعتقدون أن
العلم ينبغي أن يظل في حدود المادية، وأن غير الماديين لا يحق لهم مطلقا التعبير
عن آرائهم. ومع ذلك، فالعلم نفسه يرفض المادية رفضا باتا.
أنْ تدرس المادة شيءٌ وأنْ
تكون ماديا شيءٌ آخر
دعونا في
البداية نعرِّف المادية بإيجاز حتى ندرس المسألة بقدر أكبر من التفصيل. إن المادية
فلسفة موجودة منذ دولة اليونان القديمة وهي تستند إلى فكرة أن المادة هي الشيء
الوحيد الموجود. ووفقا للفلسفة المادية، فإن المادة كانت موجودة منذ الأزل وستظل
موجودة طوال الوقت، ولا يوجد شيء بخلاف المادة. ومع ذلك، فهذا ليس ادعاءً علميا
لأنه لا يمكن أن يخضع للتجربة والملاحظة. إنه ببساطة معتقد، أو بالأحرى عقيدة
دوغماتية.
ومع ذلك، فقد اختلطت هذه العقيدة
الدوغماتية بالعلم في القرن التاسع عشر، بل إنها أصبحت الدعامة الأساسية له. إلا
أن العلم ليس مجبرا على قبول المادية؛ فالعلم يدرس الطبيعة والكون، ويقدم النتائج
دون أن يحده أي تصنيف فلسفي.
وفي مواجهة ذلك، يلجأ بعض الماديين في
كثير من الأحيان إلى تلاعب ساذج بالكلمات. فهم يقولون: "المادة هي موضوع
الدراسة الوحيد للعلم، ومن ثم، فإن دارسها لا بد أن يكون ماديا". أجل، العلم
لا يدرس غير المادة، ولكن "دراسة المادة" مختلفة جدا عن "كون
دارسها ماديا". ذلك أننا عندما ندرس المادة، ندرك أن المادة تحتوي على قدر
كبير جدا من المعرفة والتصميم بحيث لا يمكن أبدا أن يكونا قد نتجا عن المادة
نفسها. ونستطيع أن ندرك أن المعرفة والتصميم هذين هما نتاج لفكر بارع، حتى إذا لم
نتمكن من رؤية صاحب الفكر بشكل مباشر.
فعلى سبيل المثال، دعونا نتخيل كهفا لا
نعرف ما إذا كان أحد قد سبقنا إليه من قبل. إذا لم نجد شيئا عند دخولنا هذا الكهف
سوى الغبار والثرى والأحجار، يمكننا أن نستنتج أنه لا يوجد شيء هناك غير مادة
موزعة عشوائيا. ومع ذلك، إذا كانت على الجدران صور مرسومة بمهارة وملونة بألوان
مذهلة، فقد نفترض أن كيانا مفكرا قد سبقنا إلى هذا الكهف. وقد لا نتمكن من رؤية
هذا الكيان بشكل مباشر، ولكن يمكننا أن نستنتج وجوده مما أنتج.
العلم دحض المادية
يدرس العلم الطبيعة بنفس الطريقة الموضحة
في ذلك المثال. ولو كان كل التصميم الموجود في الطبيعة لا يمكن أن يُفسَّر إلا
بالعوامل الطبيعية، لكان يمكن للعلم أن يؤكد المادية. ومع ذلك، فقد كشفت العلوم
الحديثة أن هناك تصميما في الطبيعة لا يمكن تفسيره بالعوامل الطبيعية، وأن كل
المواد تحتوي على تصميم أوجده خالق.
فمثلا، تثبت كل التجارب والملاحظات أن
المادة وحدها لا يمكن أن تكون قد أنشأت الحياة، ولهذا السبب ينبغي أن تنشأ الحياة
من خلق ميتافيزيقي. وقد مُنيت كل تجارب أنصار التطور في هذا الاتجاه بالفشل. إذ
يستحيل أن تكون الحياة قد خُلقت من مادة غير حية. ويدلي عالم الأحياء ونصير التطور
أندرو سكوت Andrew Scott
بالاعتراف التالي حول هذا الموضوع بالمجلة الشهيرة نيو ساينتست:
"خُذ
بعضا من مادة، سخنه مع التحريك وانتظر. هذه هي الرؤية الحديثة للتكوين. من المفترض
أن تكون القوى "الأساسية" للجاذبية، والمغنطيسية الكهربائية، والقوى
النووية الشديدة والضعيفة هي التي قامت بالباقي... ولكن كم من هذه الحكاية الرائعة
قد تم إثباته إثباتا قاطعا، وكم منها يظل تخمينا متفائلا؟ في الحقيقة، إن آلية كل
الخطوات المهمة تقريبا، بدءا من المواد الكيميائية التي تتشكل منها مواد أخرى
وانتهاء بأول خلايا يمكن تمييزها، موضوع مثير إما للجدل أو للارتباك
التام."75
ويرتكن أساس الحياة إلى التخمين والجدل
لأن العقيدة المادية الدوغماتية تصر على أن الحياة نتاج للمادة. ومع ذلك، تبين
الحقائق العلمية أن المادة ليست لديها مثل هذه القوة. وقد أدلى الأستاذ فريد هويل،
عالم الفلك والرياضيات الذي حصل على لقب الفارس عن إسهاماته العلمية، بالتعليق
التالي حول هذا الموضوع:
"لو
كان هناك مبدأ أساسي للمادة قاد الأجهزة العضوية بطريقة ما إلى الحياة، لكان من
السهل إثبات وجوده في المختبر. فعلى سبيل المثال، بإمكان المرء أن يأخذ حوض
سباحة كمثال على الحساء البدائي ويملأه كما يشاء بأي مواد كيميائية ليست ذات طبيعة
حيوية. ثم يضخ فوقه، أو خلاله، ما يشاء من غازات ويسلط عليه أي نوع من الإشعاع
يتبادر إلى مخيلته. وليدع التجربة تستمر لمدة عام ليرى كم إنزيما من الألفي إنزيم (البروتينات
التي تنتجها الخلايا الحية) قد ظهر في الحوض. أنا سأجيبك، لذا وفّر الوقت
والعناء والتكلفة اللازمة لإجراء التجربة فعليا. لن تجد شيئا على الإطلاق، ربما
باستثناء راسب قطراني مكون من أحماض أمينية وكيماويات عضوية أخرى بسيطة". 76
وفي الواقع، إن المادية واقعة في مأزق
أسوأ من ذلك. فالمادة لا تستطيع حتى أن تكوِّن الحياة عند اتحادها مع المعرفة
البشرية والوقت، ناهيك عن أن تكوِّنها من تلقاء نفسها.
إن الحقيقة التي ألقينا عليها نظرة موجزة
هي حقيقة أن المادة لا تستطيع أن تشكل التصميم والمعرفة من تلقاء نفسها. ومع ذلك،
فإن الكون والكائنات الحية الموجودة فيه تحوي تصميما ومعرفة بهما قدر غير عادي من
التعقيد. ويبين لنا ذلك أن التصميم والمعرفة الموجودين في الكون والكائنات الحية
هما من عمل خالق يملك قوة ومعرفة لا نهائيتين، خالق وُجد قبل المادة ويتحكم فيها.
وإذا تأملنا بعناية، فسنجد أن هذا استنتاج
علمي تماما. وهو ليس "معتقدا"، بل حقيقة مكتسبة من خلال ملاحظة الكون
والكائنات الحية الموجودة فيه. لذلك فإن ادعاء أنصار التطور بأن "التطور علم
بينما الخلق معتقد لا يمكن أن يدخل الحقل العلمي" ما هو إلا خدعة سطحية.
وصحيح أنه إبان القرن التاسع عشر كان هناك خلط بين المادية والعلم، وأن العقيدة
المادية الدوغماتية قد حادت بالعلم عن طريقه. ومع ذلك، حدثت تطورات لاحقة في
القرنين العشرين والحادي والعشرين أطاحت تماما بهذا المعتقد العتيق البالي، وأظهرت
في النهاية حقيقة الخلق التي أخفتها المادية. وكما أوضح العنوان الرئيسي
"العلم يجد الله" “Science
Finds God”، الذي استخدمته مجلة نيوزويك Newsweek الشهيرة في عددها التاريخي الصادر في27 تموز/ يوليو 1998،
فبالرغم من كل الخداع المادي، يجد العلم الله، خالق الكون وكل ما فيه.
الهوامش
1.
فرانسيس كريك، الحياة
ذاتها: أصلها وطبيعتها، نيويورك، سايمون وشوستر، 1981، صفحة 88.
1. Francis Crick, Life Itself:
Its Origin and Nature, New York ,
Simon & Schuster, 1981, p.88.
2.
علي دِميرسوي،
الوراثة والتطور، شركة ميتيكسان للنشر، أنقرة، 1984، صفحة
39.
39.
2. Ali Demirsoy, Kalıtım ve Evrim (Inheritance and Evolution), Meteksan Publishing Co. , Ankara ,
1984, p. 39.
3.
هومر جاكبسون،
"المعلومات، والتكاثر، وأصل الحياة"، أمريكان ساينتست، كانون
الثاني/ يناير 1955، صفحة 121.
3. Homer Jacobson, “Information,
Reproduction and the Origin of Life,” American Scientist, January 1955,
p. 121.
4.
دوجلاس جيه. فوتويما،
محاكمة العلم، دار بانثِيون للكتب، نيويورك، 1983، صفحة 197.
4. Douglas J. Futuyma, Science
on Trial, Pantheon Books, New York ,
1983, p. 197.
5.
روبرت إل. كارول، أنماط
وعمليات تطور الفقاريات، دار جامعة كامبردج للطباعة والنشر، 1997، صفحة 25،
(مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
5. Robert L. Carroll, Patterns
and Processes of Vertebrate Evolution, Cambridge University Press, 1997, p.
25, (emphasis added)
6.
ستيفن سي. مِيَار،
وبي. إيه. نلسون، وبول شين، الانفجار الكمبري: الانفجار الأعظم في علم الأحياء،
2001، صفحة 2.
6. Stephen C. Meyer, P. A. Nelson,
and Paul Chien, The Cambrian Explosion: Biology’s Big Bang, 2001, p. 2.
7.
ريتشارد موناسترسكي،
"أسرار الشرق"، ديسكفر، نيسان/ إبريل 1993، صفحة 40، (مع التنويه
بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
7. Richard Monastersky, “Mysteries
of the Orient,” Discover, April 1993, p. 40, (emphasis added)
8.
فيليب إي. جونسون، "قواعد
التفكير الداروينية"، في الداروينية: علم أم فلسفة بقلم بيوويل هيرن، مؤسسة
الفكر والأخلاق، 1994، صفحة 12، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
8. Phillip E. Johnson, “Darwinism’s
Rules of Reasoning,” in Darwinism: Science or Philosophy by Buell Hearn,
Foundation for Thought and Ethics, 1994, p. 12, (emphasis added)
9.
إيان أندرسون، "من
الذي خلَّف آثار أقدام ليتولي؟"، نيو ساينتست، المجلد 98، 12 أيار/
مايو 1983، صفحة 373.
9. Ian Anderson, “Who made
the Laetoli footprints?” New Sceientist, vol. 98, 12 May 1983 , p. 373.
10.
دي. جوهانسون وإم.
إيه. إيدي، لوسي: بدايات الجنس البشري، نيويورك: سيمون وشوستر، 1981، صفحة
250.
10.
D. Johanson & M. A. Edey, Lucy: The Beginnings of Humankind,
New York :
Simon & Schuster, 1981, p. 250.
11.
آر. إتش. تاتل، التاريخ
الطبيعي، آذار/ مارس 1990، الصفحات من 61 إلى64.
11. R. H.
Tuttle, Natural History, March 1990, pp. 61-64.
12.
دي. جوهانسون وبليك
إدجار، من لوسي إلى اللغة، صفحة 169.
12. D.
Johanson, Blake Edgar, From Lucy to Language, p. 169.
13.
دي. جوهانسون وبليك
إدجار، من لوسي إلى اللغة، صفحة 173.
13. D.
Johanson, Blake Edgar, From Lucy to Language, p. 173.
14.
بويس رينسبرجر، واشنطن
بوست، 19 تشرين الأول/ أكتوبر 1984، صفحة (أ)11.
14. Boyce Rensberger , Washington
Post, 19 October 1984 ,
p. A11.
15.
"هل هذا وجه ماضينا؟"، ديسكفر،
كانون الأول/ ديسمبر 1997، الصفحات من 97 إلى 100.
15. “Is
This the Face of Our Past?” Discover, December 1997, pp. 97-100.
16.
فيللي، وسولومون،
وديفز، علم الأحياء، دار نشر كلية سوندرز، 1985، صفحة 1053.
16.
Villee, Solomon and Davis ,
Biology, Saunders
College Publishing, 1985,
p. 1053.
17.
تطور الهومينويد
والتغير المناخي في أوروبا، المجلد الثاني، حرره لويس دو بونيس،
وجورج دي. كوفُس، وبيتر أندروز، دار جامعة كامبردج للطباعة والنشر 2001، الفصل
السادس، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
17.
Hominoid Evolution and Climatic Change in Europe, Volume 2, Edited by Louis de Bonis, George D.
Koufos, Peter Andrews, Cambridge University Press 2001, chapter 6, (emphasis
added)
18.
دانيال إي. ليبرمان،
"وجه آخر في شجرة عائلتنا"، ناتشر، 22 آذار/ مارس 2001، (مع
التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
18.
Daniel E. Lieberman, “Another face in our family tree,” Nature, March 22, 2001 , (emphasis added)
19.
جون وايتفيلد، "العثور
على أقدم عضو في العائلة البشرية"، ناتشر، 11 تموز/ يوليو 2002.
19.
John Whitefield, “Oldest member of human family found,” Nature, 11 July 2002 .
20.
دي. إل. بارسِل، "حفرية
الجمجمة المكتشَفة في تشاد تفرض إعادة التفكير في أصول الإنسان"، ناشونال
جيوجرافيك نيوز، 10 تموز/ يوليو 2002.
20.
D. L. Parsell, “Skull Fossil From Chad Forces Rethinking of Human
Origins,” National Geographic News, July 10 2002 .
21.
جون وايتفيلد، "العثور
على أقدم عضو في العائلة البشرية"، ناتشر، 11 تموز/ يوليو 2002.
21.
John Whitefield, “Oldest member of human family found,” Nature, 11 July 2002 .
22.
الجارديان،
11 تموز/ يوليو 2002.
22.
The Guardian, 11 July 2002 .
23.
أردا دِنكِل، ملحق
العلوم والتكنولوجيا الصادر عن الكومهوريِت اليومية التركية، 27 شباط/ فبراير 1999.
23.
Arda Denkel, Cumhuriyet Bilim Teknik Eki (Science and Technology
Supplement of the Turkish daily Cumhuriyet), 27 February, 1999 .
24.
جي. دبليو. هاربر،
"بدائل للتطور"، مجلة العلوم المدرسية، المجلد 61، أيلول/ سبتمبر
1979، صفحة 26.
24.
G. W. Harper, “Alternatives to Evolution,” School
Science Review, vol. 61, September
1979, p. 26.
25.
http://www.cnn.com/2002/TECH/science/09/24/humans.chimps.ap/index.html
26.
http://www.newscientist.com/news/news.jsp?id=ns99992833
27.
كارين هوبكِن، "أكبر
القردة"، نيو ساينتست، المجلد 62، العدد 2186، 15 أيار/ مايو 1999،
صفحة 27، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
27.
Karen Hopkin, “The Greatest Apes,” New Scientist, vol. 62, issue
2186, 15 May 1999, p. 27, (emphasis added)
28.
حُرِّيَِتْ،
24 شباط/ فبراير 2000، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
28.
Hürriyet, February
24, 2000 , (emphasis added)
29.
هارون يحيى،
"دحض الداروينية"، الصفحات من 207 إلى 222.
29.
Harun Yahya, Darwinism
Refuted, pp.207-222
30.
ناتشر،
المجلد 382، 1 آب/ أغسطس 1996، صفحة 401.
30.
Nature, vol. 382, August 1, 1996 , p. 401.
31.
كارل أو. دَنبار، الجيولوجيا
التاريخية، جون وايلي وأبناؤه، نيويورك، 1961، صفحة 310.
31.
Carl O. Dunbar, Historical Geology, John Wiley and Sons, New York , 1961, p. 310.
32.
روبرت إل. كارول، أنماط
وعمليات تطور الفقاريات، دار جامعة كامبردج للطباعة والنشر، 1997، الصفحتان
280 و281.
32.
Robert L. Carroll, Patterns and Processes of Vertebrate Evolution,
Cambridge University Press, 1997, p. 280-281.
33.
إل. دي. مارتن، وجيه.
دي ستيوارت، وكيه. إن. ويتستون، الأوْك، المجلد97، 1980، صفحة 86.
33.
L. D. Martin, J. D. Stewart, K. N. Whetstone, The Auk, vol. 97,
1980, p. 86.
34.
إل. دي. مارتن، وجيه.
دي ستيوارت، وكيه. إن. ويتستون، الأوْك، المجلد97، 1980، صفحة 86؛ وإل. دي.
مارتن، "أصول المجموعات العليا من رباعيات الأرجل"، إثاكا، اتحاد
كومستوك للنشر، نيويورك، 1991، الصفحات من 485 إلى 540.
34.
L. D. Martin, J. D. Stewart, K. N. Whetstone, The Auk, vol. 97,
1980, p. 86; L. D. Martin, “Origins of the Higher Groups of Tetrapods,” Ithaca,
Comstock Publishing Association, New York, 1991, pp. 485-540.
35.
إس. تارسيتانو وإم.
كيه. هيشت، المجلة الحيوانية للجمعية اللينانية، المجلد 69، 1980، صفحة
149؛ وإيه. دي. ووكر، المجلة الجيولوجية، المجلد 117، 1980، صفحة 595.
35.
S. Tarsitano, M. K. Hecht, Zoological Journal of the Linnaean
Society, vol. 69, 1980, p. 149; A. D. Walker, Geological Magazine, vol.
117, 1980, p. 595.
36.
إيه. دي. ووكر، كما
ورد وصفه في مقالة بيتر دودسون، "المؤتمر الدولي للأركيوبتركس"، مجلة
الحفريات الفقارية 5(2): 177، حزيران/ يونيو 1985.
36.
A. D. Walker, as described in Peter Dodson, “International
Archaeopteryx Conference,” Journal of Vertebrate Paleontology, 5(2):
177, June 1985.
37.
جوناثان ويلز، أيقونات
التطور، دار ريجنري للنشر، 2000، صفحة 117.
37.
Jonathan Wells, Icons of Evolution, Regnery Publishing, 2000, p.
117.
38.
ريتشارد إل. ديم،
"زوال نظرية الطيور هي ديناصورات".
http://www.yfiles.com/dinobird2.html.
38.
Richard L. Deem, “Demise of the ‘Birds are Dinosaurs’ Theory”. http://www.yfiles.com/dinobird2.html.
39.
"العلماء يقولون
إن دراسة النعام تؤكد اختلاف أيدي الطيور عن أيدي الديناصورات"، http://www.eurekalert.org/pub_releases/2002-08/uonc-sso081402.php
39.
“Scientists say ostrich study confirms bird ‘hands’ unlike these of
dinosaurs,” http://www.eurekalert.org/pub_releases/2002-08/uonc-sso081402.php
40.
العلماء يقولون إن دراسة
النعام تؤكد اختلاف أيدي الطيور عن أيدي الديناصورات"، http://www.eurekalert.org/pub_releases/2002-08/uonc-sso081402.php
40.
“Scientists say ostrich study confirms bird ‘hands’ unlike these of
dinosaurs,” http://www.eurekalert.org/pub_releases/2002-08/uonc-sso081402.php
41.
آن جيبونز، "
نتف الريش من الديناصور ذي الريش"، ساينس، المجلد 278، العدد 5341، 14
تشرين الثاني/ نوفمبر 1997، الصفحتان 1229 و 1230.
41.
Ann Gibbons, “Plucking the Feathered Dinosaur,” Science, vol.
278, no. 5341, 14 November
1997 , pp. 1229 – 1230.
42.
"علم الحفريات
الشرعي: تزييف طائر الأركيورابتور"، ناتشر، 29 آذار/ مارس 2001.
42.
“Forensic Palaeontology: The Archaeoraptor Forgery,” Nature, March 29, 2001 .
43.
ستورس إل. أولسون
" رسالة مفتوحة إلى: دكتور بيتر رافِن، سكرتير لجنة البحث والاستكشاف،
الجمعية الوطنية الجغرافية، واشنطن العاصمة 20036"، مؤسسة سميثسونيان،
1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999.
43.
Storrs L. Olson “OPEN LETTER TO: Dr. Peter Raven, Secretary,
Committee for Research and Exploration, National Geographic Society, Washington DC
20036 ,” Smithsonian
Institution. November 1,
1999 .
44.
تيم فريند،
"حلقة الطير-الديناصور تتحطم عند رفرفة الحفرية"، يو إس إيه توداي
25 كانون الثاني/ يناير 2000، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
44.
Tim Friend, “Dinosaur-bird link smashed in fossil flap,” USA Today,
25 January 2000 ,
(emphasis added)
45.
جي. جي. سمبسون
ودبليو. بيك، مقدمة لعلم الأحياء، هاركورت براس ووورلد، نيويورك 1965، صفحة
241.
45.
G. G. Simpson, W. Beck, An Introduction to Biology, Harcourt
Brace and World, New York, 1965, p. 241.
46.
كين مكنامارا، "
الأجنة والتطور"، نيو ساينتست، المجلد 12416، 16 تشرين الأول/ أكتوبر
1999، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
46.
Ken McNamara, “Embryos and Evolution,” New Scientist, vol.
12416, 16 October 1999 ,
(emphasis added)
47.
كيث إس. ثومبسون،
"تلخيص تطور الفرد والنوع"، أمريكان ساينتست، المجلد 76، أيار/
مايو-حزيران/يونيو 1988، صفحة 273.
47.
Keith S. Thompson, “Ontogeny and Phylogeny Recapitulated,” American
Scientist, vol. 76, May/June 1988, p.273.
48.
فرانسيس هيتشينج، عنق
الزرافة: حيث أخطأ داروين، تيكنور وفيلدز، نيويورك 1982، صفحة 204.
48.
Francis Hitching, The Neck of the Giraffe: Where Darwin Went Wrong, Ticknor and Fields, New York , 1982, p. 204.
49.
إليزابيث بنيزي،
"أجنة هيجل: إعادة اكتشاف الخدعة"، ساينس، 5 أيلول/ سبتمبر،
49.
Elizabeth Pennisi, “Haeckel’s
Embroys: Fraud Rediscovered,” Science, 5 September,
50.
إليزابيث بنيزي،
"أجنة هيجل: إعادة اكتشاف الخدعة"، ساينس، 5 أيلول/ سبتمبر، (مع
التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
50.
Elizabeth Pennisi, “Haeckel’s
Embroys: Fraud Rediscovered,” Science, 5 September, (emphasis added)
51.
ماسيمو بيجليوتشي،
مناقشة أنصار المذهب العقلي بنادي كتاب شرق تينيسي، تشرين الأول/ أكتوبر 1997.
51.
Massimo Pigliucci, Rationalists of East Tennessee
Book Club Discussion, October 1997.
52.
مؤتمر حول نظرية
التطور، كلية الاقتصاد بجامعة اسطنبول، 3 حزيران/ يونيو 1998.
52.
Evrim Kuramı Konferansı (Conference on the Theory of Evolution),
Istanbul Universitesi fen Fakultesi (University
of Istanbul , Faculty of
Economics), June 3, 1998 .
53.
ليونارد إم.إس.،
1992. إزالة الضروس الثالثة: نظرة عامة للممارس العام. مجلة الجمعية الأمريكية
لطب الأسنان، 123(2): 77-82.
53.
Leonard M.S., 1992. Removing third molars: a review for the general
practitioner. Journal of the American Dental Association, 123(2):77-82.
54.
إم. لِف، 1993. تمسك
بضرس عقلك. تقارير المستهلك الصحية، 5(8): 4-85.
54.
M. Leff, 1993. Hold on to your
wisdom teeth. Consumer reports on Health, 5(8):4-85.
55.
ديلي تي
1996. الاقتلاع الوقائي للضرس الثالث: استعراض وتحليل للأدبيات. طب الأسنان العام،
44(4): 310-320.
55.
Daily.T 1996. Third molar
prophylactic extraction: a review and analysis of the literature. General
Dentistry, 44(4):310-320.
56.
مؤتمر حول نظرية
التطور، كلية العلوم بجامعة اسطنبول، 3 حزيران/ يونيو 1998.
56.
Evrim Kuramı Knoferansı
(Conference on the Theory of Evolution), Istanbul
Universitesi Fen Fakultesi (University
of Istanbul , Faculty of
Science), June 3, 1998 .
57.
http://www.icr.org/creationproducts/creationscienceproducts/Variation_and_Fixity_in_Nature.html
(مع
التنويه بأهمية هذا المرجع)
58.
دافيد روب،
"التضاربات بين داروين وعلم الحفريات"، مجلة متحف فيلد للتاريخ الطبيعي، المجلد 50، كانون الثاني/
يناير 1979، صفحة 24.
58.
David Raup, “Conflicts Between Darwin and Paleontology,”
Bulletin, Field Museum of Natural History, vol. 50,
January 1979, p. 24.
59.
تشارلز داروين، أصل الأنواع، 1859،
الصفحتان 313 و314، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
59.
Charles Darwin, The Origin of
Species, 1859, p. 313-314, (emphasis added)
60.
ديريك إيه. آجر،
"طبيعة سجل الحفريات"، من محضر جلسات الجمعية الجيولوجية البريطانية،
المجلد 87، 1976، صفحة 133، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
60.
Derek A. Ager, “The Nature of
the Fossil Record,” Proceedings of the British Geological Association,
vol. 87, 1976, p. 133, (emphasis added)
61.
ساينس،
الفلسفة والعلم، ندوة نشرها مؤتمر العلم والفلسفة والدين في علاقتهم بأسلوب الحياة
الديمقراطية، المتحدة، نيويورك، 1941، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
61.
Science, Philosophy and
Religion, A Symposium, published by the Conference on Science, Philosophy and
Religion in Their Relation to the Democratic Way of Life, Inc., New York, 1941,
(emphasis added)
62.
ماكس بلانك، إلى
أين يتجه العلم؟، ألين وأنوين، 1933، صفحة
214، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
214، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
62.
Max Plank, Where Is Science
Going?, Allen & Unwin, 1933, p. 214, (emphasis added)
63.
"هويل يتحدث عن
التطور"، ناتشر، المجلد 294، 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1981، صفحة 105.
63.
“Hoyle on Evolution”, Nature,
vol. 294, November 12, 1981 ,
p. 105.
64.
كولين باترسون،
"نظام تصنيف الكائنات الحية بناء على تاريخ نشوء السلالة"، لقاء أجراه
بيتر فرانز مع برايان ليك، 4 آذار/ مارس 1982، البي بي سي، (مع التنويه
بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
64.
Colin Patterson, “Cladistics,”
Interview by Brian Leek, interviewer Peter Franz, March 4, 1982 , BBC, (emphasis added)
65.
بي.
جي. رانجاناثان، الأصول؟، بنسلفانيا: لواء الحقيقة والثقة،
1988.
1988.
65.
B. G. Ranganathan, Origins?, Pennsylvania : the Banner Of Truth Trust,
1988.
66.
إن. إلدردج وآي. تاترسول،
خرافات التطور البشري، دار جامعة كولومبيا للطباعة والنشر، 1982، صفحة 59.
66.
N. Eldredge and I. Tattersall, The Myths of Human Evolution, Columbia University Press, 1982, p. 59.
67.
آر. ويسون، ما
وراء الانتقاء الطبيعي، دار نشر معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، كامبردج،
ماساشوستس، 1991، صفحة 45.
67.
R. Wesson, Beyond Natural
Selection, MIT Press, Cambridge ,
MA , 1991, p. 45.
68.
"خريطة الجينوم البشري جعلت العلماء
يتحدثون عن الإله"، بقلم توم أبيت، سان فرانسيسكو كرونيكل، 19 شباط/
فبراير 2001، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
68.
“Human Genome Map Has Scientists
Talking About The Divine” by Tom Abate, San Francisco Chronicle, February 19, 2001 ,
(emphasis added)
69.
دكتور لي سبتنر،
"حوار بين لي سبتنر وإدوارد ماكس: تتمة نقاش مع دكتور إدوارد إي. ماكس"،
2001، www.trueorigin.org/spetner2.asp
69.
Dr. Lee Spetner, “Lee
Spetner/Edward Max Dialogue: Continuing an exchange with Dr. Edward E. Max,”
2001, www.trueorigin.org/spetner2.asp
70.
دكتور لي سبتنر،
"حوار بين لي سبتنر وإدوارد ماكس: تتمة نقاش مع دكتور إدوارد إي. ماكس"،
2001، www.trueorigin.org/spetner2.asp
70.
Dr. Lee
Spetner, “Lee Spetner/Edward Max Dialogue: Continuing an exchange with Dr.
Edward E. Max,” 2001, www.trueorigin.org/spetner2.asp
71.
دكتور لي سبتنر،
"حوار بين لي سبتنر وإدوارد ماكس: تتمة نقاش مع دكتور إدوارد إي. ماكس"،
2001، www.trueorigin.org/spetner2.asp
71.
Dr. Lee Spetner, “Lee
Spetner/Edward Max Dialogue: Continuing an exchange with Dr. Edward E. Max,”
2001, www.trueorigin.org/spetner2.asp
72.
دكتور لي سبتنر،
"حوار بين لي سبتنر وإدوارد ماكس: تتمة نقاش مع دكتور إدوارد إي. ماكس"،
2001، www.trueorigin.org/spetner2.asp
72.
Dr. Lee Spetner, “Lee
Spetner/Edward Max Dialogue: Continuing an exchange with Dr. Edward E. Max,”
2001, www.trueorigin.org/spetner2.asp
73.
فرانسيسكو جيه.
أيالا، "آليات التطور"، ساينتيفيك أمريكان، المجلد 239، أيلول/
سبتمبر 1978، صفحة 64، (مع التنويه بالأهمية الخاصة لهذا المرجع)
73.
Francisco J. Ayala, “The
Mechanisms of Evolution,” Scientific American, vol. 239, September 1978,
p. 64, (emphasis added)
74.
دكتور لي سبتنر، "حوار بين لي سبتنر
وإدوارد ماكس: تتمة نقاش مع دكتور إدوارد إي. ماكس"، 2001، www.trueorigin.org/spetner2.asp
74.
Dr. Lee Spetner, “Lee
Spetner/Edward Max Dialogue: Continuing an exchange with Dr. Edward E. Max,”
2001, www.trueorigin.org/spetner2.asp
75.
أندرو سكوت،
"تحديث للتكوين"، نيو ساينتست، المجلد 106، 2 أيار/ مايو 1985،
صفحة 30.
75.
Andrew Scott, “Update on
Genesis,” New Scientist, vol. 106, May 2nd, 1985 , p. 30.
76.
فريد هويل، الكون
الذكي، مايكل جوزيف، لندن، 1983، الصفحتان 20
و21.
و21.
76 Fred Hoyle, The Intelligent
Universe, Michael Joseph, London ,
1983, p. 20-21.
تعليقات الصور:
ص.15
لم يكن يُعرف شيء في
زمن داروين عن التركيب المعقد للخلية.
ص.16
أمثلة على التراكيب
المعقدة في الخلايا: على اليمين، الريبوسوم، حيث يتم اصطناع البروتين في الخلية.
على اليسار، "النيوكليوسوم" “nucleosome”
الذي يحوي وحدات (د ن أ) في الصبغيات (الكروموسومات). وتحتوي الخلية على الكثير من
التراكيب والنظم شديدة التعقيد كتلك الموضحة أعلاه، بل إنها تحتوي أيضا على تراكيب
ونظم أخرى أكثر تعقيدا. ولا شك في أن إدراك أن المصادفة لا يمكن أن تكون مسؤولة عن
ظهور هذه التراكيب المعقدة، التي اكتُشفت مع تقدم التكنولوجيا، قد وضع أنصار
التطور في مأزق لا يستطيعون الخروج منه أبدا.
ص.17
فرانسيس كريك
ص.18
منذ أن باتت نظرية
داروين تسيطر على العلوم وحتى وقتنا الحاضر، اعتبر علم الحفريات تلك النظرية
دعامته الأساسية. وعلى الرغم من ذلك، فقد أثمرت أعمال الكشف عن الآثار في أنحاء كثيرة
من العالم عن نتائج تتعارض مع النظرية بدلا من أن تدعمها. إذ تبين الحفريات أن
مختلف مجموعات الأحياء قد نشأت فجأة وكل سماتها سليمة – وبعبارة أخرى أنها خُلقت.
ص.19
نمل أبيض عمره خمسة وعشرون مليون سنة محفوظ في كهرمان. لا يمكن تمييزه عن
النمل الأبيض الذي يعيش في وقتنا الحاضر.
ص.23
- الوقت الحاضر
- حقب الحياة الحديثة
قبل 65 مليون سنة
- العصر الطباشيري
قبل 144 مليون سنة
- العصر الجوراسي
قبل 208 مليون سنة
- العصر الترياسي
قبل 245 مليون سنة
- العصر البرمي
قبل 286 مليون سنة
- العصر الكربوني
قبل 360 مليون سنة
- العصر الديفوني
قبل 408 مليون سنة
- العصر السيلوري
قبل 438 مليون سنة
- العصر الأوردوفيشي
قبل 505 مليون سنة
- العصر الكمبري
قبل 550 مليون سنة
- العصر الفندي
قبل 630 مليون سنة
- العصر الفجري (عصر
طلائع الأحياء)
قبل 2500 مليون سنة
الانفجار الكمبري
يقتلع "شجرة الحياة" التطورية
إن
الشكل الموضح أعلاه مأخوذ من كتاب الحياة The Book of Life، المنشور في سنة 2001 والذي حرره الراحل
ستيفن جاي جولد، أحد أبرز أنصار التطور في العالم. ويوضح الشكل في أي عصر نشأت كل
مجموعة من مجموعات الحيوانات المختلفة. وعلى اليسار، توجد قائمة بمختلف العصور
الجيولوجية، بدءا من 2500 مليون سنة مضت. وتبين الأعمدة الملونة الشعب الحيوانية
الرئيسية. (تشير ألوان الأعمدة إلى العصور المختلفة).
وعندما
ندرس هذا الشكل التوضيحي، تتضح لنا معجزة الانفجار الكمبري. إذ لا توجد سوى شعبة
واحدة فقط قبل العصر الكمبري (اللواسع the Cnidaria، التي تتضمن قنديل البحر والمرجان). ومع
ذلك، فقد نشأت في العصر الكمبري فجأة 13 شعبة مختلفة كليا.
وهذه الصورة تناقض
نظرية التطور، لأن النظرية تؤكد أن شعب الأحياء تزايدت على مراحل، مثل أغصان
الشجرة.
ويحاول
أنصار التطور الذين رسموا هذا الشكل أن يُموهوا على هذه الفجوة بالحديث عن
"روابط نظرية". ويمكننا أن نرى خطوطا باهتة أسفل الشكل تربط بين
الصناديق الملونة (وبعبارة أخرى، الشعب الأصلية التي عُثر على بقايا حفرياتها).
وهذه روابط خيالية تقتضيها نظرية التطور، ولكن دون أن يُعثر لها على دليل قط.
ولو
كانت نظرية التطور صحيحة، وكانت هذه الروابط حقيقية وليست خيالية، لاكتُشفت حفريات
المجموعات الانتقالية. وبالرغم من كل البحوث الحفرية التي أجريت على مدار المائة
والخمسين سنة الماضية، فإن حقيقة أن هذه الروابط ما زالت مجرد حلم تبين أن نظرية
التطور ليست سوى وهم.
ص.24
- ماريللا Marella: أحد الكائنات الحفرية المثيرة التي عُثر
عليها في طَفْل بيرجِس Burgess
Shale، وهو تكوين صخري كمبري.
- حفرية من العصر
الكمبري.
ص. 25
أشواك مثيرة:
الهالوسيجينيا Hallucigenia: أحد الكائنات
التي ظهرت فجأة في العصر الكمبري. وتتميز هذه الحفرية وكثير من حفريات العصر
الكمبري الأخرى بأشواك قاسية حادة تحميها من الهجوم. والشيء الذي يعجز أنصار
التطور عن تفسيره هو كيف يمكن أن يكون لهذه الكائنات مثل هذا النظام الدفاعي
الفعال في حين لم تكن هناك حيوانات مفترسة حولها. ولا شك في أن عدم وجود حيوانات
مفترسة يجعل تفسير هذه الأشواك بواسطة الانتقاء الطبيعي أمرا مستحيلا.
ص.26
ظهرت الكثير من
اللافقاريات المعقدة كنجم البحر وقنديل البحر فجأة قبل نحو 500 مليون سنة دون أن
يوجد قبلها السلف التطوري المزعوم. وبعبارة أخرى، لقد خُلقت. وهي لا تختلف عن
مثيلاتها التي تعيش اليوم.
ص. 27
كانت ثلاثيات الفصوص
المتحجرة الموضحة أعلاه من بين أحد اللافقاريات المعقدة التي ظهرت فجأة في العصر
الكمبري قبل نحو 550 مليون سنة. وهناك سمة أخرى في ثلاثيات الفصوص تشكل ورطة
بالنسبة إلى أنصار التطور، ألا وهي بنية عيونها المركبة. إذ يوجد في أعين ثلاثيات
الفصوص المتقدمة للغاية نظام متعدد العدسات. وهذا النظام مشابه تماما للنظام
الموجود اليوم في كائنات كثيرة مثل العناكب، والنحل، والذباب. إن الظهور المفاجئ
لبنية العين المعقدة هذه في كائن عاش قبل 500 مليون سنة يكفي في حد ذاته لإيداع
نظريات أنصار التطور المستندة إلى المصادفةفي سلة المهملات.
ص. 28
الأستاذ فيليب جونسون
ص. 30
آثار أقدام بشرية
عمرها 3.6 مليون سنة عُثر عليها في ليتولي بتنزانيا.
ص.31
بقايا كوخ حجري عمره 1.7 مليون سنة.
ص. 32
- في عددها الصادر في
كانون الأول/ ديسمبر 1997، وضعت مجلة ديسكفر، أحد أشهر مجلات أنصار التطور،
على غلافها صورة لوجه إنسان عمره 800.000 سنة، وإلى جانبه عنوان مأخوذ من تصريح
أنصار التطور المعبر عن دهشتهم: "هل هذا وجه ماضينا؟"
- طفل
التوركانا
ص.33
التغير الكامل
والمفاجئ في موقف أنصار التطور من النياندرثاليين
صورة للنياندرثاليين
(1975) – Geheimnisse der
Urzeit, Deutsche Übersetzung, 1975
منذ بداية القرن
العشرين، وأنصار التطور يصورون النياندرثاليين Neanderthals، وهم جنس بشري زائل، في صورة كائنات شبيهة
بالقردة. ولعقود عديدة، استخدم أنصار التطور الصورة الموضحة أعلاه في دعايتهم
للنياندرثاليين. ومع ذلك، بدأت هذه الخرافة في الانهيار منذ الثمانينيات. فقد
أوضحت كل من الدراسات الحفرية وآثار ثقافة النياندرثاليين أن هؤلاء الناس لم
يكونوا أشباه قردة. فمثلا، أثبتت هذه الإبرة البالغ عمرها 26.000 سنة أن النياندرثاليين
بشر متحضرون كانت لديهم القدرة على الخياطة. ونتيجة لذلك، اضطرت منشورات أنصار
التطور مثل مجلة ناشونال جيوجرافيك إلى أن تبدأ في تصويرهم كبشر متحضرين،
كما هو موضح في الصورة أدناه.
صورة للنياندرثاليين
(2000)– ناشونال جيوجرافيك، تموز/ يوليو 2000
ص.34
- أتابويركا
- مدريد
- البرتغال
- أسبانيا
- كهف جران دولينا في
إسبانيا، حيث اكتُشفت حفرية أتابويركا التي تمثل إنسانا حقيقيا.
35
-
فرضيات أنصار التطور الخيالية بعيدة كل البعد عن تفسير أصل الإنسان
- الفرضية الأولىhipotez1
- الفرضية الثانيةhipotez2
- الوقت الحاضرgünümüz
- الوقت الحاضرgünümüz
9
9
هومو سابيانس[3]
هومو سابيانس
8
8
هومو إيركتَس[4]
هومو
إيرِكتَس
4
5
4
5
العصر
البلاستوسيني
- قبل
1.8 مليون سنة
- العصر البلاستوسيني
- قبل 1.8 مليون سنة
- بارانثروبوس بوازيي
- بارانثروبوس روبستاس[5]
- بارانثروبوس روبستاس
- بارانثروبوس بوازيي
6
6
هومو هابيليس[6]
(صغير)
هومو هابيليس (صغير)
7
7
هومو هابيليس (كبير)
؟
؟
- هومو هابيليس
(كبير)
2
3
3
2
أُسترالوبيثيكس
أفريكانوس
بارانثروبوس
إثيوبيكوس
بارانثروبوس
إثيوبيكوس
أُسترالوبيثيكس
أفريكانوس
1
1
أُسترالوبيثيكس عفارنسيز
أُسترالوبيثيكس عفارنسيز
العصر البلايوسيني
قبل 5 ملايين سنة
العصر البلايوسيني
قبل 5 ملايين سنة
الفرضية الثالثة
الوقت الحاضر
9
هومو سابيانس
8
هومو إيركتَس
4
5
العصر البلاستوسيني
قبل 1.8 مليون سنة
بارانثروبوس روبستاس
بارانثروبوس بوازيي
6
هومو هابيليس (صغير)
7
هومو هابيليس (كبير)
؟
2
3
أُسترالوبيثيكس
أفريكانوس
بارانثروبوس إثيوبيكوس
1
أُسترالوبيثيكس عفارنسيز
العصر البلايوسيني
قبل 5 ملايين سنة
على
الرغم من مضي 150 سنة من البحوث الدعائية التي أجراها أنصار التطور حول أصل
الإنسان، فقد بينت الحفريات المكتشَفة أن البشر الأوائل ظهروا على الأرض فجأة،
بدون "سلف شبيه بالقرد". وتوضح الفرضيات الثلاثة المختلفة الواردة في
هذه الصفحة ثلاثة سيناريوهات مختلفة ومتناقضة وضعها أنصار التطور (ستيفن جاي جولد،
كتاب الحياة، 2001). وإذا أمعنا النظر، نستطيع أن نرى أن هناك علامة
استفهام أمام الهومو إيركتَس، المقدَّم بوصفه أول جنس بشري على الأرض.
والسبب في ذلك هو عدم وجود كائن "شبيه بالقرد" يستطيع أنصار التطور
إظهاره بوصفه "سلف الإنسان". إن الأنواع المعروضة في الصور، التي لا
يوجد أي شيء يربطها بالإنسان، هي في الواقع أنواع منقرضة من القردة. وكما نرى، فإن
أصل الإنسان سر غامض بالنسبة إلى أنصار التطور، لأن ذلك الأصل ليس تطورا على
الإطلاق، وإنما هو خلْق.
ص. 36
مثال آخر يبين فساد
الأسطورة التي تتحدث عن الإنسان البدائي: قصبة مصنوعة من سن الفيل يرجع عمرها إلى
حوالي 32 ألف سنة. (National Geographic، يوليو 200)
ص. 39
إبان حكم ستالين
للاتحاد السوفييتي، كان يجب على كل البحوث العلمية أن تتمشى مع "المادية
الجدلية" لماركس وإنجلز. ويتميز أولئك الذين يصورون الداروينية بوصفها أساسا
لعلم الأحياء بنفس العقلية الدوغماتية.
42
بما أن المادة الوراثية في الإنسان الأول احتوت على كل صفات الأجناس
المختلفة، فقد أصبح جزء من هذه المادة سائدًا في المجتمعات المختلفة، وبالتالي
تشكلت الأجناس البشرية.
ص. 53
إن الفكرة القائلة
بأن "الديناصورات نمت لها أجنحة أثناء محاولتها التقاط الذباب" ليست
مزحة، بل هي بالأحرى نظرية يدعي أنصار التطور أنها نظرية علمية جدا. ويكفي هذا
المثال في حد ذاته ليبين إلى أي مدى يجب أن نأخذ أنصار التطور بجدية.
ص.57
كشفت الدراسات
التشريحية التي أجريت على طائر الأركيوبتركس أنه يملك قوى كاملة تمكنه من
الطيران، تماما مثل تلك التي يملكها الطائر الحديث. ومن ثم، فإن الجهود الرامية
إلى تشبيهه بالزواحف ليس لها أي أساس من الصحة.
59
إن متجرة طائر
اللونكيسكاما التي هي أقدم من طائر الأركيوبتركس بحوالي 70 مليون عام قد
مثلت ثورة حقيقية على المزاعم التي يرددها دعاة التطور بشأن طائر الأركيوبتركس.
دكتور آلان فيدوتشيا
ص. 65
رسمت مجلة ناشونال
جيوجرافيك "الطيور-الديناصورات" بهذه الطريقة في سنة 1999، وقدمتها
للعالم بأسره بوصفها دليلا على التطور. ومع ذلك، فبعد سنتين، تبين أن مصدر الإلهام
لهذه الرسوم، أي الأركيورابتور، كان كذبة علمية.
ص. 66
خدعة الديناصور في
وسائل الإعلام المؤيدة لأنصار التطور...
ناشونال جيوجرافيك، تشرين
الثاني/ نوفمبر 1999
ناشونال جيوجرافيك، تشرين
الثاني/ نوفمبر 1999
...والحقيقة التي كُشف
عنها النقاب
ناتشر، 29
آذار/ مارس 2001
66
بينما نجد أنصار التطور غير موفقين في إيجاد أدلة علمية تدعم نظرياتهم،
فإنهم موفقون جدا في شيء واحد: الدعاية. ويتمثل أهم عنصر في هذه الدعاية في
الابتداع المستمر لتصميمات مزيفة تعرف باسم "إعادة التركيب". إذ يستخدم
أنصار التطور فرشهم في إنتاج كائنات خيالية. ومع ذلك، فإن حقيقة عدم وجود حفريات
تناظر هذه الرسومات تشكل مشكلة خطيرة بالنسبة لهم.
ص. 69
إرنست هيجل، من أوائل
الدجالين في تاريخ العلم.
ص. 72
مجلة ساينس
5 أيلول/ سبتمبر 1997
ص. 73
في عددها الصادر في 8
نيسان/ أبريل 2001، خصصت صحيفة نيويورك تايمز مساحة واسعة لنظرية التصميم
الذكي وأفكار العلماء والفلاسفة المؤيدين للنظرية، مثل مايكل بيهي وويليام ديمبسكي
William Dembski.
وعموما، قيل إن نظرية التصميم الذكي صحيحة وجديرة بالاحترام من الناحية العلمية
بحيث تستطيع أن تهز الداروينية من قواعدها. كما قارنت الصحيفة رسوم هيجل المزورة
بصور أجنة حقيقية أُخذت تحت المجهر.
ص.75
الاستنساخ هو استخدام شفرة (د ن أ) الخاصة بشكل من أشكال الحياة لعمل نسخة
من هذا الشكل الحي في المختبر. إنها عملية حيوية، وليس لها أي علاقة بالتطور. ولا
مجال فيها لنشوء نوع أو عضو جديد، ولا لأي تطور أو تغيير.
ص. 76
يقوم النسخ على إضافة معلومات وراثية موجودة فعلا إلى الآلية التكاثرية
الموجودة فعلا في كائن حي. ولا تخلق هذه العملية أي آلية أو معلومة وراثية جديدة.
ص. 77
أصبح الاستنساخ يشغل
حيزا مهما من اهتمامات العلماء على الرغم من أنها عملية حيوية تتم في إطار قوانين
معروفة، فقد حاول أنصار التطور أن يستغلوها آملين بشدة في أن تؤيد نظريتهم، كما هي
الحال مع كل اكتشاف علمي جديد. لذلك تصدرت تلك العملية العناوين الرئيسية لوسائل
الإعلام التي تقدم دعما أيديولوجيا للتطور، وصاحبتها شعارات مساندة للتطور. وعلى
الرغم من عدم وجود أي أساس علمي للربط بين الاستنساخ والتطور، فقد حاول
الداروينيون في مناظرات مختلفة أن يستخدموا الاستنساخ كدليل على التطور. ومع ذلك،
بدا واضحا أن الاستنساخ لا علاقة له بالتطور. ولم يبالِ المجتمع العلمي حتى بأخذ
هذه الجهود المضحكة مأخذ الجد. على اليمين، رسم تخطيطي لكيفية سير الاستنساخ مأخوذ
من مطبوعة علمية.
ص. 81
لا تستطيع النيازك أن
تحمل كائنات حية إلى الأرض بسبب شدة الحرارة المتولدة عند دخولها الغلاف الجوي
وعنف الارتطام الناتج عن هبوطها. في الجهة العليا: حفرة كبيرة خلفها نيزك في
أريزونا. وحتى إذا قبلنا بوجود كائنات حية في الفضاء الخارجي، فما زال مستحيلا
تفسير أصولها بأي طريقة أخرى غير الخلق.
ص. 83
مأزق أنصار التطور
المتصل "بالكائنات القادمة من خارج الأرض"
إن الادعاء بأن أصل
الحياة قد يكمن في الفضاء، أو حتى في "الكائنات القادمة من خارج الأرض"،
ليس أكثر من مجرد خيال علمي. إذ لا توجد أدلة ملموسة يمكن تقديمها لدعم هذا
الادعاء، كما أن الأخبار والتعليقات المتعلقة بالموضوع هي مجرد تخمينات بأن
"ذلك يمكن أن يكون قد حدث". وفي الواقع، فإن هذه السيناريوهات مستحيلة
تماما. فحتى إذا افترضنا أن بعض المركبات العضوية قد حملتها النيازك إلى الأرض،
فإن الحقائق الكيميائية والفيزيائية والرياضية تثبت أن هذه المركبات لا يمكن أن
تكون قد أنشأت حياة من تلقاء نفسها. ومن ثم، فإن الخيال القائم على أن الحياة على
الأرض يمكن أن تكون قد تكونت بواسطة "كائنات من خارج الأرض" هو حيلة
يحاول أنصار التطور من خلالها أن يتجنبوا الاعتراف بوجود الله جل جلاله، لأن الحياة
لا يمكن تفسيرها بواسطة المصادفة. ولكن هذا الكلام، أيضا، لا معنى له مطلقا؛ لأن
فرضية "الكائنات القادمة من خارج الأرض" تُرجع القضية خطوة واحدة إلى
الوراء، وتؤدي إلى السؤال التالي: "من الذي أوجد الكائنات القادمة من خارج
الأرض؟". يقودنا العقل والعلم إلى كيان مطلق خلقنا كما خلق كل الكائنات
الحية، على الرغم من أنه هو نفسه لم يُخلق وقد وُجد منذ الأزل. ذلك هو الله سبحانه
وتعالى، خالق كل شيء.
ص. 84
الخرافة التي يؤمن
بها أنصار التطور إيمانا أعمى:
مادة غير حية+ وقت=
ملايين الأنواع الحية المعقدة
إن المعادلة الموضحة
أعلاه هي أقصر طريقة للتعبير عن نظرية التطور. إذ يؤمن أنصار التطور بأن مجموعات
من ذرات وجزيئات غير حية وغير واعية تجمعت مع بعضها البعض ونظمت نفسها بمرور
الوقت، وفي النهاية دبت فيها الحياة وتحولت إلى ملايين الأنواع الحية شديدة
التعقيد والمثالية. ولا يوجد قانون فيزيائي أو كيميائي معروف يدعم هذه الخرافة. بل
على العكس، تبين قوانين الفيزياء والكيمياء أن الوقت له أثر "مشوِّش
وهدّام"، وليس "منظِّما". (القانون الثاني في الديناميكا
الحرارية). وفي الواقع، إن عامل "الوقت" لا يعدو أن يكون خدعة يستخدمها
أنصار التطور لإخراج نظريتهم خارج حقل الملاحظة. وبما أنه لا يمكن أن تُلاحَظ في
الطبيعة أي "عملية تطورية" خلقت كائنات حية جديدة، يحاول أنصار التطور
التمويه على هذه الحقيقة بقولهم: "أجل، لا يمكن ملاحظة التطور، ولكن من
الممكن أن يكون قد حدث على مدى ملايين السنين السابقة". وقد تقوض هذا الادعاء أيضا بواسطة سجل الحفريات،
الذي يبيِّن عدم حدوث أي عملية تطورية في أي وقت من الأوقات.
ص. 87
كريَّة مركزية centriole
بروتوبلازما الخلية cytoplasm
فتيلة خيطية mitochondria
أنابيب مجهرية microtubules
نواة nucleus
فجوة vacuole
النسيج الشبكي للجبلة
الداخلية endoplasmic reticulum
جسيم حال lysosome
جهاز جولجي Golgi apparatus
هناك شكوك خطيرة تحيط
بقدرة أنصار التطور على التفكير والتمييز، لأنهم يؤمنون بأن الخلية الحية، التي لا
يمكن اصطناعها في أحدث المختبرات باستخدام أعقد التقنيات، يمكن أن تكون قد نشأت في
ظروف طبيعية بدائية وغير خاضعة للسيطرة.
ص. 88
لويس باستور
ص.91
لا يمكن لسيارة
متروكة وحدها تماما في ظروف طبيعية أن تتحول إلى طراز أكثر تطورا بمرور الوقت. بل
على العكس، سوف يصدأ هيكل السيارة، وسوف يتساقط الطلاء، وسوف تنكسر النوافذ،
وسرعان ما ستتحول إلى كومة من الخردة. وتحدث ذات العملية الحتمية، بل حتى بشكل
أسرع، في الجزيئات العضوية والكائنات الحية.
ص.94
تنشأ مشكلات ضرس
العقل من نظام الغذاء المعاصر، وليس لأنه عضو لا وظيفي.
ص. 97
حفرية لثلاثي فصوص
ص. 98
في زمن داروين، كان
العصر الكمبري متضَمنا في العصر السيلوري، وظل داروين صامتا في مواجهة التراكيب
المعقدة للكائنات الحية التي نشأت فجأة في ذلك العصر. وخلال المائة والخمسين سنة
اللاحقة، ازداد مأزق داروين سوءا حيال هذه المسألة. في الجهة العليا: العصر
السيلوري بقلم زدينيِك بوريان Zdenek
Burian.
ص.99
- تشارلز داروين
- كتاب ”أصل الأنواع“
ص.101
لا توجد علاقة مباشرة
بين عدد الصبغيات والتراكيب المعقدة في الكائنات الحية. وهذه حقيقة تبطل ادعاءات
نظرية التطور.
ص106
- آينشتاين
- ماكس بلانك
- ليوناردو دافنشي
- كِبلر
ص. 107
- جاليليو
- مندل
- باستور
- نيوتن
ص. 109
لا توجد آية واحدة في القرآن الكريم تشير إلى أن الخلق مبني على التطور.
ص.110
الحفريات الحية
- يبلغ عمر حفرية نجم البحر الموضحة على اليسار من 100 إلى 150 مليون سنة.
وهي لا تختلف عن نجم البحر الحديث الموضح أعلاه.
- إن يعسوب اليوم
مشابه تماما للحفرية البالغة من العمر 135 مليون سنة الموضحة على اليسار.
- إن القرش، أحد أخطر
الكائنات البحرية، والحفرية الموضحة أدناه البالغة من العمر 400 مليون سنة يبينان
بوضوح عدم حدوث أي عملية تطورية.
- تبين جميع
الاكتشافات الحفرية التي تمت أن الكائنات الحية لم تمر بعملية تطورية، وأنها خُلقت
قبل ملايين السنين بنفس شكلها الحالي تماما، وأنه ليست لديها أسلاف تطورية. وتبين
هذه الحقيقة بوضوح أن الخلق بواسطة التطور أمر مستحيل.
ص.112
- حفريات لسرطان البحر من العصر الأوردوفيشي: إنها لا تختلف عن سرطانات
البحر الحية.
- حفريات لأسماك
عمرها 110 ملايين سنة من طبقة حفرية سانتانا في البرازيل.
ص. 115
لا يوجد فرق بين سخافة الادعاء بأن الطائرة النفاثة يمكن أن تتكون من خلال
المصادفة وبين الادعاء بأن الخلية الحية يمكن أن تتكون بنفس الطريقة، على الرغم من
أن تصميم الخلية أفضل بكثير من تصميم الطائرة النفاثة التي ابتدعها أفضل المهندسين
باستخدام أكثر أنواع الإنسان الآلي تقدما، وبواسطة أكثر التقنيات تطورا، في أحدث
المصانع.
ص.121
بعض الكائنات التي
تخضع لتحول الشكل: الضفدع، والفراشة، والنحلة، والبعوضة.
ص.122
إن الأشخاص الذين
يحاولون أن يصوروا تحول الشكل بوصفه "دليلا على التطور" لا يعرفون شيئا
لا عن علم الأحياء ولا عن نظرية التطور. ذلك أن تحول الشكل "تغيير
مخطَّط" ومُشفَّر داخل المعلومات الوراثية، ولا يوجد وجه شبه بينه وبين
التطور الذي يعني "تغييرا وليد المصادفة". إن تحول الشكل مثال على
"التعقيد غير القابل للتبسيط"، كما أنه دليل يدحض التطور.
ص.123
الأستاذ مايكل بيهي
ص.127
إذا تم تدوين
المعلومات الموجودة في جزيء (د ن أ) على ورقة، فسوف تمتد من القطب الشمالي إلى خط
الاستواء.
ص.132
- بكتيريا الإيكولاي E. coli
- إن مقاومة
البكتيريا للمضادات الحيوية ليست دليلا على التطور كما يقترح الداروينيون.
ص.137
شأنه شأن الماديين
المعاصرين، انخدع ديمقريطُس Democritus
واعتقد أن المادة كانت موجودة منذ الأزل، وأنه لم يكن هناك شيء غير المادة.
ص.138
لو كانت المادة قادرة
على تكوين الحياة من تلقاء ذاتها، كما يدعي الماديون، لكان من الممكن اصطناع
الحياة في ظروف المختبر. ومع ذلك، لا يمكن حتى إنتاج جزيء عضوي واحد في المختبر،
ناهيك عن إنتاج خلية كاملة.
ص.140
الأستاذ فريد هويل
140
غلاف عدد مجلة نيوزويك
الصادر في 27 تموز/ يوليو 1998 بعنوان "العلم يجد الله".
ص.144
"قَالُوا
سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ
الحَكِيمُ"
(البقرة، الآية 32)
الغلاف الخلفي
لقد
طُرحت نظرية التطور منذ نحو 150 سنة، وكان لها تأثير عميق على نظرة الناس للعالم.
وتؤكد النظرية أن الحياة ظهرت بالمصادفة، من تلقاء نفسها، ومن خلال الظروف
الطبيعية.
ومع
ذلك، لا توجد أي أدلة علمية تدعم التطور. إنه عقيدة دوغماتية يحاول العلماء
والفلاسفة الماديون فرضها على المجتمع تحت قناع العلم.
وجدير
بالذكر أن الأسس الرئيسية لهذه العقيدة الدوغماتية، التي دحضتها العلوم الحديثة في
مجالات كثيرة، هي التقنيات الدعائية القائمة على الغش، والتزييف، والتناقض،
والتحايل.
ويعتبر
هذا الكتاب مرشدا للشخص العادي، لأنه يتناول الأسس العلمية لبطلان نظرية التطور في
عشرين سؤالا تثار كثيرا. وإجابات هذه الأسئلة تستند إلى أحدث الاكتشافات العلمية،
وتوضح بما لا يدع مجالا للشك أن نظرية التطور ليست سوى خرافة.
***
عن المؤلف
وُلد المؤلف – الذي
يكتب تحت الاسم المستعار "هارون يحيى" – في أنقرة سنة 1956. وقد درس
الآداب في كلية معمار سنان بإسطنبول، والفلسفة في جامعة إسطنبول. وقد نشر المؤلف
منذ الثمانينيات كتبا عديدة تتناول مسائل سياسية وإيمانية وعلمية. وأهم ما يؤكد
عليه المؤلف في كتبه هو دحض الداروينية والمادية، وهما خرافتان معاصرتان تم
تقديمها تحت قناع العلم. وقد ترجمت بعض كتب المؤلف إلى أكثر من ثلاثين لغة، ونشرت
في البلدان المعنية. إن كتب هارون يحيى تروق لكل الناس، المسلمين وغير المسلمين
على حد سواء، بغض النظر عن أعمارهم، وجنسهم، وجنسيتهم، ذلك أنها تدور حول هدف واحد
وهو: فتح عقول القراء عن طريق تشجيعهم على التفكير في بعض القضايا بالغة الأهمية
مثل وجود الله ووحدانيته، وكشف الأسس البالية والأعمال المنحرفة للأنظمة
الإلحادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق