الجمعة، 14 يونيو 2019

تعرف على شذوذ وأخطاء و مبلغ علم الشيخ الألباني ( رحمه الله ) .


بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الكتاب أرشد السلفي

 نداء وتحذير
 الحمد لله العلي القدير والصلاة والسلام على سيدنا محمد البشير النذير وعلى آله وصحبه وسلم. لقد شاع وذاع بين أفراد هذه الأمة أن الشيخ ناصر الألباني المقيم الآن في هذا البلد كثير الميل نحو التهجم على العلماء العاملين وغيرهم ممن انتسبوا إلى العلم كثير الشغف بالحط من كرامتهم بصفته أحد أدعياء العلم، إنه يتقصى أخطاء العلماء المشهود لهم بالعلم والفضل وليس هو من أهل الاعتراض والتقصي لكنه يبتغي من وراء ذلك أن تكون له السمعة والشهرة فمن أهم أخطائه وعثراته أنه يعترض على الصحيحين الجليلين البخاري ومسلم اللذين هما أصح الكتب المصنفة بل يعترض على جميع أصحاب السنن بل على الكتب الستة بأسرها ويتحامل عليها ليوهم الناس الأبرياء، إنه فريد

ص 3


عصره ووحيد دهره في الحديث تحيط به ثلة من البسطاء أصابها الدهش والعته وهذه الجماعة من أتباعه، ومأجوريه وهم من أتيه وأبسط الناس في مقام السنة وتخريج أحاديث رسول الله صلى عليه وسلم يعيبون هذه الأحاديث ولا يعون منها الصحيح من الحسن من الموضوع كما قيل: وكم من عائب قولا (صحيحا) وآفته من الفهم السقيم وفي الأثر (أشد الناس ندامة يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه وطالب علم معجب بنفسه). لقد تبين للعقلاء وذوي العلم والمعرفة بدرجات الحديث الذين يفهمون صحة الحديث من ضعفه تبين لهم أخطاء هذا الإنسان الذي أصبح لغزا (معطلا) غير مفهوم ولا واضح، ومن أقواله وشطحاته يدان وقد ثبتت إدانته وتهمته بالتمويه والتدليس. ومن غرائب الأمور وعجائبها بأن هذا الرجل (الألباني) يدعي بأنه مجتهد عصره ووحيد دهره ونادرة زمانه وأوانه. ولقد قيض الله لهذه الأمة رجلا (عالما) فاهما واعيا فتقصى خطاءه وعيوبه في الحديث وهو الرجل الفاضل (أرشد السلفي وأصدر كتابا (قيما) يحاسبه على كل دعوى وعلى كل كلمة فطبعه في المطبعة العلمية ماليكاؤن إناسك).

ص 4

فقد أدان هذا الكتاب (الألباني) وهو من أحد معارفه الذين عرفوه وعجموا عوده وسبروا غوره وقضيته في السعودية وسوريا مشهورة ومعلومة واطلعوا على عثراته وبين المؤلف في إحدى صفحات هذا الكتاب إن (الألباني) هذا لم يأخذ العلم من أفواه العلماء ولم يجث على ركبتيه أمام عالم خبير مطلع من علماء المسلمين ومنذ شهور عديدة عرض هذا الكتاب على دار الفقه والحديث فتصفحته ونظرت فيه مليا فرأت الدار أن طبع هذا الكتاب وتوزيعه على عامة الناس وخاصتهم أمر واجب فهم مشوقون إلى مثل هذه الأمور الغامضة على كثير من الناس والذين خدعوا بالألباني وأعماله وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الدين النصيحة). فقد رأت دار الفقه والحديث التي أنيط بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تسوق حديث النصيحة لأهميته العظمى والحاجة الماسة إليه في مثل هذا المقام. عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم) رواه الخمسة. إنما كرر رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة إن الدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ورسوله وأفضل أعماله وأظهرها في النصيحة ومن أجل النصيحة لله

 ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين علمائهم وقادتهم وعامتهم فلا محيص إذا ولا مناص من نشر هذا الكتاب وطبعه على حساب دار الفقه والحديث والله عليم بذات الصدور وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه.

 الناشر

 دار الفقه والحديث

  
 بسم الله الرحمن الرحيم

 مبلغ علم الألباني

 يقول مؤلف الكتاب أرشد السلفي: الشيخ ناصر الدين الألباني شديد الولوع بتحظئة الحذاق من كبار علماء الإسلام ولا يحابي في ذلك أحدا كائنا من كان، فتراه يوهم البخاري ومسلما، ومن دونهما، ويغلط ابن عبد البر وابن حزم والذهبي وابن حجر والصنعاني، ويكثر من ذلك حتى يظن الجهلة والسذج من العلماء أن الألباني نبغ في هذا العصر نبوغا يندر مثله، وهذا الذي ينم عنه ما يتبجح به الألباني في كثير من المواطن، ويلفت إليه أنظار قارئيه، فتارة يقول: اغتنم هذا التحقيق فإنك لا تجده في غير هذا الموضع (يعني عند غيره من المصنفين) وتارة يدعي أنه خصه الله تعالى في هذا العصر بالوقوف على زيادات الحديث الواردة في مختلف طرقه، المنتشرة في الكتب المبعثرة، وبذلك وصل إلى ما لم يصل إليه غيره من المحققين السابقين ولا اللاحقين. ولكن من كان يعرف الألباني ومن له إلمام بتاريخه يعرف أنه لم يتلق العلم من أفواه العلماء وما جثا بين أيديهم للاستفادة، وإنما العلم بالتعلم فما له وللعلم، ولم يتعلم، وقد بلغني أن مبلغ علمه مختصر القدوري، وجل مهارته في تصليح الساعات ويعترف بذلك هو ويتبجح به. ولازم ذلك أنه والله لا يعرف ما يعرفه آحاد الطلبة الذين يشتغلون بدراسة الحديث في عامة مدارسنا - ومن أمثلة ذلك:

ص 8

1 - أنه يقرأ (تصدق بأتوار من الأقط)، ويفسره هكذا (أتوار) جمع تور بالمثناة الفوقية: إناء من صفر، (الصحيحة 2 / 161). وآحاد الطلبة يعرفون أن الصواب (بأثوار من الأقط)، والأثوار جمع الثور، وهو قطعة من الأقط كما في النهاية (1 / 163). 2 - ومنها زعمه أن المباركفوري صاحب التحفة حنفي كما في فهرس (المسح على الجوربين). والواقع أن المباركفوري من مشاهير الشاذ ة المعاندين للأئمة الأربعة - وإن كان الألباني في شك من هذا فليسأل تلميذه: الشيخ تقي الدين المراكشي الهلالي. 3 - ومنها قوله: هذا تحقيق استفدناه من تحقيقات الأئمة (الصحيحة 3 / 188). فإن هذا كلام من لم تتسع أفاق علمه، ولو اتسعت لعلم أن محدث الهند الشيخ النيموي سبقه إلى الظفر بهذا التحقيق الدقيق، وقد ذكره في كتابه: التعليق الحسن، انظر (أبواب المياه حديث وقوع الزنجي في زمزم). 4 - ومنها ادعاؤه إن ابن زيد الذي روى عنه ابن وهب قي تفسير الطبري (5 / 399) هو عمر بن محمد بن زيد، من رجال الشيخين. وهذا من أشنع الأغلاط وأبين الجهل، ولم يقع فيه لو أنه حفر دروس العلماء، وجلس في حلقات العلم، فإن

ص 9

صبيان مدارسنا يعلمون أن ابن زيد الذي يروي الطبري عنه في تفسيره أو يروي تفسيرا من جهته، هو عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم. وقد زاد الألباني نغمة في الطنبور إذ بنى على زعمه هذا أن رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم، وأن هذا الطريق خير طرق الحديث (الصحيحة 2 / 5 و2 / 16). والواقع أن عبد الرحمن ضعفه أحمد وابن المديني حكاه عنه البخاري وأبو حاتم، وقال النسائي وأبو زرعة: ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث... وكان في الحديث واهيا، وقال ابن حبان: استحق الترك، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ضعيفا جدا، وقال ابن خزيمة: ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه، وقال الساجي: هو منكر الحديث، وقال الحاكم وأبو نعيم: روى أحاديث موضوعة، وقال ابن الجوزي: أجمعوا على ضعفه، وقال الطحاوي: حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف. فقارنوا بين دعوى هذا الشاذ الفارط أنه خير طرق الحديث، وبين مفاد كلام هؤلاء النقاد من أنه في النهاية من الضعف. ولم يقع لي هذا إلا لتغلغله في الجهل. 5 - ومنها حمله حديث (إذا قلت للناس: انصتوا، وهم يتكلمون فقد ألغيت على نفسك) (الصحيحة / 117) على التحذير من أن لا يقطع الرجال، على الناس كلامهم بل

ص 10

ينصت حتى ينتهي كلامهم، وظنه أنه فات السيوطي في الجامع الكبير، والصواب أن هذا الحديث نفس حديث أبي هريرة المروى من طريق ابن المسيب في الصحيحين، ومن طرق أخرى عند مسلم، ولفضله (إذا قلت لصاحبك: انصت يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لغوت). والدليل على ذلك أن الألباني أخرج الحديث برواية الإمام أحمد عن عبد الرزاق عن معمر، الخ، والإمام أحمد اختصر الحديث، وقد رواه عبد الرزاق في المصنف بتمامه فقال: عن معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت للناس انصتوا يوم الجمعة وهم ينطقون والإمام يخطب فقد لغوت على نفسك، (3 / 223) ورواه أحمد بن يوسف السلمي عن عبد الرزاق باللفظ الذي ذكره الألباني إلا أنه قال فقد (لغوت) وزاد في آخره يعني يوم الجمعة (أنظر صحيفة همام بن منبه رقم 12) ولكن الألباني ظنه حديثا آخر لجهله، وزعم أنه فات السيوطي فقال متبجحا، خذه فائدة عزيرة قد لا تجدها في مكان آخر (الصحيحة 2 / 118). 6 - ومنها قوله في المجمع عذرة بالذال ولعله الصواب - قلت بل الصواب غدرة بالمعجمة في أولها والمهملة بعدها كما في النهاية، قال ابن الأثير كأنها كانت لا تسمح بالنبات أو تنبت ثم تسرع إليه الآفة فشبهت بالغادر لأنه لا يفي. 7 - ومنها قوله هذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال البخاري غير الكناني (الصحيحة رقم 623) قاله

ص 11

الألباني في إسناد حديث رواه ابن حبان وفيه عاصم بن عمر وهو ضعيف جدا، لكن وقع في المطبوعة من الموارد (عاصم ابن محمد) تحريفا من أحد النساخ ولم يتنبه له المعلمي، ولا عبد الرزاق حمزة، ولا الألباني، والحديث أفرجه البزار عن الزعفراني الذي رواه ابن حبان من جهته بعين إسناد ابن حبان وفيه عاصم بن عمر كما في مجمع الزوائد، وكذا في زوائد البزار، وعاصم بن عمر قال البخاري فيه: منكر الحديث، وقال ابن حبان منكر الحديث جدا، وقال الترمذي متروك وقال مرة ليس بثقة، وقد حاباه بعضهم فخفف من ضعفه، والحال أن الذي يقول فيه البخاري: منكر الحديث، لا تحل الرواية عنه حكاه الألباني نفسه عن البخاري في (ضعيفته 5 / 118). وتوثيق ابن حبان لا يعبأ به عند الألباني فقد لينه مرارا، لا سيما وقد ذكر ابن حبان في الضعفاء أيضا، فأتساءل: أهذا هي القاعدة المتبعة التي قعدها المحدثون، وهذا هو نهجهم في التصحيح والتضعيف الذي يدعو إلى سلوكه واختياره الألباني أم صنيع الألباني في تلعبه بالأحاديث يشبه صنيع الولدان يتلاعبون بكرات القدم. 8 - ذكر في (حجاب المرأة المسلمة) حديثا لبريدة فقال: شريك سئ الحفظ لكنه قد توبع فذكر حديثا لعلي بن أبي طالب بمعناه - وهذا يدل على أنه لا يعرف الفرق بين المتابع والشاهد - وكذلك لا يعرف الألباني الفرق بين الطريقين، و(الحديثين، ولذا يقول (الحديث حسن بهذين الطريقين، فأسألك هل حديث بريدة وعلى حديثان، أو هي! لا طريقان

ص 12

لحديث واحد؟ ثم الألباني يحسن حديث شريك مع أن في إسناده أبا ربيعة وقد قال فيه ابن حجر: مقبول، وحديثه هذا من أفراده (أنظر ترجمته في التهذيب). وقد حكى الألباني في أبي خالد عن ابن حجر أنه مقبول وفسره بقوله: يعني لين الحديث، وقد تفرد بهذه الجملة، ولهذا قال (هذا سند ضعيف) (الصحيحة رقم 376) فما الذي ضعف هذا وحسن ذاك؟ وحسن الألباني حديث سلمة بن أبي الطفيل وهو مجهول. قاله ابن خراش، ولم يوثقه إلا ابن حبان (ولا يعتمد على توثيقه الألباني) وأما رد ابن حجر قول ابن خراش بأن فطر بن خليفة أيضا روى عنه فهو مخدوش بأن فطرا لا يروي عن سلمة بن أبي الطفيل بل عن سلمة بن الطفيل. ولا يجوز القطع بأنهما واحد، وإن سلمنا لابن حجر قوله فسلمة مستور لم يوثقه إلا ابن حبان وتوثيقه لين عند الألباني. 9 - وذكر في (حجاب المرأة المسلمة) حديثا عزاه لابن سعد في إسناد (ربعي خراش عن امرأة عن أخت حذيفة) وذكر ذلك الحديث في (آداب الزفاف) معزوا للنسائي وأبي داود، وفي إسنادهما (ربعي بن خراش عن امرأته،، فلم يعرف الألباني أن المرأة في أسانيدهم جميعا هي امرأة ربعي، وقد حرف ناشر ابن سعد فأثبت (امرأة) مكان (امرأته) وجهل ذلك الألباني فقال في (حجاب المرأة) (ص 46): (في إسناده المرأة التي لم تسم (، وقال في آداب الزفاف: (في سنده امرأة ربعي) (ص 160).

ص 13

10 - أن الألباني يحكي عن الصنعاني قوله: فإذا تشبه بالكافر في زي واعتقد أن يكون بذلك مثله كفر، وحكى عنه أن تكفير هؤلاء هو ظاهر الحديث (حجاب المرأة ص 105). أقول إن الألباني يحكي هذا، ويقره، فأخشى أن يكون أقر على نفسه بالكفر، ورمى به أصحابه الذين تشبهوا بالإفرنج والانكليز في أزيائهم، فلا يزال الناس يرونهم لابسي، والبنطلونات، حاسري الرؤس ويشاهدونهم والألباني جميعا يجلسون على الكراسي، ويكتبون وأوراقهم وكتبهم على الطاولات، ولا تزال أرجلهم في أحذيتهم، ويطيفون بالطاولة جالسين على الكراسي محتذين، ويأكلون كذلك، قد تشبهوا في ذلك بكفار أوربا، ويستطيع كل ذي دين ومعرفة أن يحلف أنهم لا يقصدون بذلك إلا أن يعتقدهم الناس متمدنين راقين كالإفرنج ونحوهم ولا يعيروهم بالتأخر، وعدم التنور. أفلا يصدق على هؤلاء إنهم أحبوا أن يكونوا مثل كفار أوربا تمدنا ورقيا، ومتطفلين على موائد عاداتهم، متظاهرين بأزيائهم، مفضلين هيئات مقاعدهم ومجالسهم ومكاتبهم ومطاعمهم على هيئات أهل الإسلام التي توارثوها عن أسلافهم، ألا يدري الألباني وأضرابه ما قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل على خوان قط، وقال قتادة: ما كانوا يأكلون على هذه السفر. 11 - ومن الدلائل الواضحة على جهلة وقلة بضاعته في العلم إصراره على أن صيغة الفعل المجهول تستعمل دائما

ص 14

للتمريض فكل حديث أو قول يحكى - يصيغه (روى) أو (يروى) أو (يذكر) فهو ضعيف لا محالة، وهل هذا إلا زعم فاسد، واعتقاد ظاهر البطلان، فكم من حديت أو قول أشير إليه بمثل هذه الصيغ وهو صحيح قوي لا يحول حوله شك ولا ارتياب، وإليك بعض، الأمثلة: (1) قال الترمذي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ويل للأعقاب الخ، قال المنذري الذي أشار إليه الترمذي رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه. (2) وقال الترمذي: قد روي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا، فقال المباركفوري: أخرجه ابن ماجة بسند لا بأس به (ص 1 / 52). (3) وقال الترمذي: هذا أصح من حديث شريك لأنه قد روى من غير وجه، الخ. (4) وقال الترمذي: حديث عمار حديث حسن صحيح وقد روي عن عمار من غير وجه (1 / 133). (5) وقد روي عن عمار أنه قال: تيممنا، الخ (1 / 136). (6) قال الترمذي وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بعد التسليم لا إله إلا الله، الخ، قال المباركفوري: أخرجه الشيخان (1 / 144). (7) قال الترمذي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الظهر قدر تنزيل السجدة، قلت: والحديث أخرجه مسلم كما في التحفة (1 / 251). (8) قال الترمذي: وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى (1 / 251) قلت: ولا شك في ثبوته عن عمر. (9) قال الترمذي: وروي عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يقرأ في الفجر من ستين آية إلى مائة، قال المباركفوري: أخرجه الشيخان (1 / 250) 25). (10) قال الترمذي: وروي - عنه أنه

ص 15

قرأ إذا الشمس كورت، قال المباركفوري: أخرجه النسائي (250). (11) قال الترمذي: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالطور، قال المباركفوري: رواه الشيخان وغيرهما (1 / 51). (12) قال الترمذي: وروي عن أبي بكر أنه قرأ في المغرب بقصار المفصل، قلت: أخرجه مالك وابن أبي شيبة والبيهقي وعبد الرزاق (2 / 109) وهو صحيح. (13) وقال الترمذي: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من تمام الصلاة الخ، وروي عن علي وعثمان أنهما كانا يتعاهدان ذلك، الخ (1 / 193) وكل ما ذكره ثابت. (14) وقال الترمذي: وقد روي من غير هذا الوجه عن أنس، الخ، قال المباركفوري: رواه البخاري ومسلم وغيرهما (3 / 2). (15) قال الترمذي: قد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، قال المباركفوري: أخرجه مسلم (2 / 193). (16) قال الترمذي قد روي عن أبي كعب أنه كان يحلف، الخ، وقد أسنده الترمذي بعد ذلك، وقال: هذا حديث حسن صحيح (2 لم 69). (17) قال الترمذي وهذا أصح لأنه روي عن ابن جريح (2 / 50). (18) قال الترمذي قال: وقد روي من غير. هذا الوجه ثم أسنده وقال حديث حسن (3 / 40). (19) قال الترمذي: قد روي من غير وجه عن أبي هريرة، قال المباركفوري: أخرجه الشيخان. (389). (20) قال الترمذي: وقد روي عن ابن عباس، قال - المباركفوري: رواه ابن خزيمة (في صحيحه). (3 / 391). (21) قال البخاري: يذكر عن ابن عباس... في، الرقي بفاتحة الكتاب - وقد أسنده في موضع

ص 16

آخر قاله ابن حجر (المقدمة ص 17). (22) قال البخاري ويذكر عن عبد الله بن السائب... قال ابن حجر: هو حديث صحيح على شرط مسلم، أخرجه في صحيحه. (23) قال البخاري: ويذكر عن عثمان... إذا بعت فكل الخ - قال ابن حجر: فالحديث حسن لما عضده من ذلك. والحق الحقيق بالقبول في هذا الباب أن صيغتي الجزم والتمريض ينبغي اعتبارهما، فلا ينبغي إطلاق صيغة الجزم في شيء ضعيف، ولا إطلاق كلمة التمريض في صحيح وقوي لكن أهمل ذلك كثير من المصنفين من الفقهاء وغيرهم كما حكاه ابن حجر عن النوري في مقدمة فتح الباري، ومعنى كون صيغ الفعل المجهول للتمريض أنها قد تستعمل ويراد بها التمريض لا أنها وضعت لذلك، ولا أنها تستعمل في هذا المعنى دائما، إلا أن يكون التزمه أحد من المصنفين كالمنذري في ترغيبه فإنه صرح أنه إذا ذكر حديثا مبدوءا بكلمة يروى أو روى فهو ضعيف، وأما غيره من المصنفين فصيغة التمريض عند البخاري مثلا لا يستفاد منها الصحة (يعني أن صيغته لا تدل على كونه صحيحا عند البخاري) لكن منه ما هو صحيح، ومنه ما هو حسن، ومنه ما هو ضعيف، صرح به ابن حجر وبرهن عليه بإيراد أمثلته. والحاصل أن ما يحكي أو يذكر بصيغة التمريض لا تستفاد من هذه الصيغة صحته، ولكن لا يلزم من كونه مذكورا بصيغته إن يكون ضعيفا لا محاله، ولذلك تجد ابن تيمية يورد حديثا في الكلم الطيب بصيغة يذكر، وهو صحيح في نفسه، وله شاهد صحيح فيتعقبه الألباني لجهله ويقول:

ص 17

لا وجه عندي لتمريضه، (ص 75)، ويورد حديثا آخر بهذه الصيغة وهو حسن، انظر (ص 51). 12 - ومن شواهد جنفه وجروه عن العدل والحق، تعاميه عنه أنه لما حاول أن يضعف حديث الهيثم بن حنش في قول ابن عمر يا محمد، حين خدرت رجله، حكى عنه الخطيب البغدادي أنه قال: الهيثم هذا مجهول، واقتصر على هذه الحكاية، فموه بذلك أن الهيثم لم يذكره إلا الخطيب، ولا يعلم عنه شيء سوى هذا، والواقع أن الهيثم ذكره البخاري في تاريخه، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وكلاهما صرح أن سلمة بن كهيل أيضا روى عنه فزالت جهالة الهيثم، وتحقق جهل الخطيب بذلك، وكلا المرجعين بمرأى من الألباني لأنه لم يعرف ما قاله الخطيب إلا بدلالة الشيخ المعلمي الذي نقل قول الخطيب في تعليقه على تاريخ البخاري، فلم يقم هذا الكفور بواجب شكره، لأنه لو فعل هذا لظهر ما هو بصدد إخفائه من ذكر البخاري الهيثم وارتفاع جهالته، فإن كان هذا الصنيع هو الذي يدعو إليه الألباني من اتباع السنة الصحيحة فعلى هذا الاتباع السلام. 13 - ومن جنفه أو جهله أيضا أنه أعل هذا الحديث بدعوى اختلاط أبي إسحاق السبيعي، ولم يدر أو درى فكتم أن الحديث رواه سفيان الثوري أيضا، وهو من الذين حملوا العلم عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، كما صرح به ابن حجر في المقدمة، وأما دعوى الاضطراب فمردودة بأنه لا يستبعد أن يكون أبو إسحاق سمعه من الهيثم وأبي شعبة وعبد الرحمن

ص 18

جميعا فيروي تارة عن الأول وتارة عن الثاني وتارة عن الثالث، وقد صحح الألباني عدة أحاديث بإبداء مفل هذا الاحتمال. 14 - ومن أبين الدلائل على جهله أنه يقول في حديث (برد أمرنا) لم يتيسر لي الوقوف عليه في شيء من الكتب المعروفة اليوم من كتب السنة وقد ذكر المؤلف (ابن تيمية) إنه في الصحاح.. وأخشى ما أخشاه أن يكون الحديث اشتبه على المؤلف بحديث (قد سهل لكم من أمركم) (تعليق الكلم الطيب من 125 و127). انظروا إلى وقاحته أنه يحاول أن يتفوق على ابن تيمية وهو يجهل إن هذا الحديث أسنده ابن عبد البر في استيعابه بسند صحيح أو حسن، وفي آخره (برد أمرنا وصلح) انظر هامش الإصابة (1 / 174 و1 / 175). 15 - ومن فضائحه وشواهد جهله، وتسارعه إلى الحكم على شيء من غير تثبت، وحبه التفوق إنه ندد بالمؤلفين في تراجم رجال الستة إنهم أغفلوا هلالا مولى عمر بن عبد العزيز فلم يذكروه، ومر د، هذا التنديد إلى تماديه في الجهل، فإنهم قد ذكروه ولم يغفلوه، وإنما الألباني هو الغافل السادر، وذلك أنهم ذكروه في الكنى (ترجمة أبي طعمة) وقد دل مصحح التهذيب في هامشه على مكان ترجمته نقلا عن هامش الأصل.

ص 19

ومن فضائحه أنه حكم على هلال أنه مجهول، وتجهيله جهل منه، لأن هلالا روى عنه عمر بن عبد العزيز بن عمر، وابنا يزيد بن جابر، وعبد الله بن لهيعة، فهل يكون مجهولا من روى عنه أربعة؟ وقد وثقه ابن عمار الموصلي فليس هو بمستور أيضا، وقال ابن يونس: كان يقرئ القرآن بمصر، وقال ابن حجر في التقريب: إنه مقبول لم يثبت أن مكحولا كذبه. ثم من فضائحه أيضا وتسارعه إلى التخطئة والتغليط قوله: أما رواية (ثلاث) - والحال أن رواية السبع في عمل اليوم والليلة للنسائي من حديث عمر بن عبد العزيز مرسلا. 16 - ومن أوضح البراهين على جهله بطرق الأحاديث، وجرأته على القول بمجرد الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، أنه ادعى في حديث الدعاء عند إرادة دخول القرية الذي صححه ابن حبان والحاكم ووافقهما الذهبي، وحسنه الحافظ ابن حجر: أن فيما قالوه نظرا لأن مداره على أبي مروان، وقد قال فيه النسائي: ليس بالمعروف فلعل الحافظ أراد حسن المعنى، (التعليق على الكلم الطيب ص 98) - وهذه الدعوى كاذبة لأن النسائي أخرجه في اليوم والليلة من طريق مالك ابن أبي عامر أيضا، وإسناده لا ينحط عن درجة الحسن ولا يستغرب لو ادعى أحد صحته، وكذلك اعتماده على ما حكي عن النسائي جهل منه، فإن أبا مروان ذكره الحافظ في كنى الإصابة (في القسم الأول) وفي معتب وقال: مشهور بكنيته وما أنكر صحبته إنكارا باتا، بل قال: إن إسناده واه،

ص 20

وذكره في التهذيب فقال: روي عن علي، وأبي ذر، وأم المطاع الأسلمية (ولها صحبة) وكعب الأحبار، وعبد الرحمن ابن مغيب، وأبي مغيث على خلاف فيه، وروى عنه ابنه وعطاء (كذا) وعبد الرحمن بن مهران، قلت ومن روى عنه اثنان ارتفعت جهالة عينه، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وذكره الطبري في أسماء من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: وبأقل من هذا ترتفع جهالة حال الراوي، فعلى هذا قول النسائي: إنه غير معروف من أمثلة تعنته فإن من كان من الرواة بهذا الوصف لا يصح أن يقال فيه إنه غير معروف 17 - ومن هذا القبيل قوله في الصحيحة (سنة الجمعة والمغرب القبليتين) ولو أنه تحرى الصواب لقال (سنة الجمعة وسنة المغرب القبليتان). ونحوه قوله وقد استدل بالحديث (يعني حديث ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان) بعض المتأخرين على مشروعية صلاة سنة الجمعة القبلية وهو استدلال باطل، لأنه ثبت في البخاري وغيره أنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سوى الأذان الأول والإقامة وبينهما الخطبة (الصحيحة 3 / 68). أقول: لو كان الاستدلال بحديث عبد الله بن مغفل (بين كل أذانين صلاة) لكان لما قاله الألباني وجه، وأما إذا كان الاستدلال بحديث ابن الزبير (ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان) فلا وجه له، لأنه لا مانع إذا من كونها

ص 21

مشروعة قبل الآذان الأول، وإن من صلى ركعتين قبل الآذان الأول صدق عليه أنه بين يدي صلاة مفروضة. ولذا قال الحافظ بن حجر في الفتح إنه أقوى ما يتمسك به في مشروعية ركعتين قبل الجمعة (2 / 291). ومن مجازفاته وسلوكه سبيل من يتبع الهوى في تحقيق الأحاديث، قوله: كل ما ورد من الأحاديث في صلاة سنة الجمعة القبلية لا يصح منها شيء، قلت: ولم يسرد تلك الأحاديث ولا تكلم عليها بالتفصيل وإلا لافتضح اعتسافه - وأنا أريد أن أظهر للقارئ ما أخفاه - فأعلموا أن الزيلعي وابن حجر ذكرا حديثين مرفوعين، أحدهما عن ابن مسعود، وليس في إسناده من يكون متروك الحديث وشيخ الطبراني على بن سعيد الرازي حسن الحديث عند الألباني (الصحيحة رقم 236) وفيه أبو عبيدة عن أبيه، وقد حسن غير واحد مثل هذا الإسناد، ومنهم الترمذي وأما قول الحافظ في إسناده ضعف وانقطاع (الفتح 2 / 91) ففيه نظر. وثانيهما حديث علي، قال الأثرم إنه حديث واه، وقال ابن حجر فيه محمد بن عبد الرحمن السهمي وهو ضعيف عند البخاري وغيره، وفيما قاله نظر فإن البخاري ذكره في التاريخ وليس فيه سوى أنه ذكر حديثا من روايته ثم قال: لا يتابع عليه، وحكاه ابن حجر في اللسان فجعله لا يتابع على روايته فصار موهما بخلاف ما قال البخاري، وأما التصريح بالضعف فلم أجد له عينا ولا أثرا، وأما غير البخاري فقال أبو حاتم: ليس بمشهور: وليس صريحا في التضعيف، نعم حكى ابن

ص 22

حجر عن ابن معين ويحيى بن معين من أعاظم المحدثين ويوثق بقوله أنه قال ضعيف ونقله ابن أبي حاتم، لكن كتاب ابن أبي حاتم بين أيدينا وليس فيه ما أدعاه ابن حجر اللهم إلا أن يكون نقله في كتاب آخر. وقد قال ابن عدي: عندي لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وذكر له هذا الحديث. والحق عندي أنه حسن الحديث لأنه روى عنه ابن المثنى، ونصر بن علي، وخليفة، وسفيان العصفري، فبطل قول أبي حاتم أنه ليس بمشهور ووثقه ابن عدي وابن حبان، فحديثه هذا حسن لذاته ولا شك في كونه حسنا لغيره لأن له شواهد. وذكرا حديثا ثالثا عن ابن عمر أنه كان يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، استدل به الإمام النووي على مشروعية السنة قبل الجمعة. وأما ما أورد عليه الحافظ بأنه إن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح مرفوعا لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إذا زالت الشمس فيشتغل بالخطبة، فمما لا دليل عليه، فهل ورد في شيء من الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج جلس على المنبر من غير تخلل شيء، بينهما. وكذلك قوله: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك) عائد على صلاته في بيته ركعتين، تخصيص بلا مخصص، والظاهر أنه يعود على ما سبقه جميعا.

ص 23

وأما أن بعض الرواة اقتصر على رواية الشطر الثاني فقط، فهو من تصرفات الراوي، اختصر لحديث لغرض ما، وهذا الاختصار منه كما لا يدل على إطالة ابن عمر الصلاة قبل الجمعة، كذلك لا يدل على أنه لو ذكر الحديث بتمامه لم يعد عليه تماما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله. وعلى التنزيل ان لم يثبت رفعه بقول ابن عمر هذا فمعلوم ما كان عليه ابن عصر من شدة تحريه للسنة، وتحرزه قولا وفعلا عما لا يثبت عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا دليل آخر لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم. وذكر ابن حجر حديثا رابعا وهو عن أبي هريرة بلفظ (كان يصلي قبل الجمعة ركعتين وبعدها أربعا) رواه البزار، قال الحافظ في إسناده ضعف، الفتح 2 / 191) وعزاه في التلخيص للطبراني ولفظه: وبعدها ركعتين، وسكت عليه. وذكرا حديثا خامسا وهو ما رواه ابن ماجة في سننه عن أبي هريرة وجابر قالا: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أصليت ركعتين قبل أن تجئ؟ قال: لا، قال: فصل ركعتين وتجوز فيهما، قال الحافظ في التخليص، وحكى ابن تيمية أن قوله: قبل أن تجئ دليل على سنة الجمعة القبلية، وحكى عن المزي أنه مصحف (أن تجلس) وهي دعوى لا دليل عليها ولهذا لم يعرج عليها ابن تيمية،

ص 24

ولا الزيلعي، ولم يعبأ به ابن حجر غير أنه حكى هذا الكلام عنه. وذكرا حديثا سادسا وهو حديث ابن عباس عند ابن ماجة، قال الحافظ: إسناده ضعيف جدا. فهذه ستة أحاديث بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف، وليس واحد منها شديد الضعف إلا السادس، ولو فرض أن كلها ضعيف أن كلها ضعيف فهلا بعضها ببعض حتى يبلغ إلى درجة الحسن، وقد سلك الألباني هذا المسلك في مواطن كثيرة، (أنظر صحيحته 3 / 67) حيث يقول: نعم! الحديث حسن لغيره فإن له شاهدا. وقال في الصحيحة 1 / 42 كلها ضعيفة الأسانيد، ولكن بعضها يشد بعضا. وقال في الصحيحة 2 / 16 وجملة القول ان الحديث بهذه الطرق صحيح. وقال في الصحيحة 2 / 39: وبالجملة فالحديث بهذه الطرق والشواهد يرتقى إلى درجة الصحة. وقال في الصححية: الكديمي متهم لكنه قد توبع فالحديث حسن إن شاء الله (5 / 171). وقال في الصحيحة: وجملة القول إنا هذا الإسناد ضعيف ولكن ليس شديد الضعف فيصلح شاهدا لحديث أبي إمامة فيرتقى به إلى درجة الحسن (3 / 151).

ص 25

وقال في الصحيحة: مرسل لكن له شاهد موصول يتقوى به - ثم ذكر الشاهد، وفي إسناده عبد الله المعمري المعروف بسوء الحفظ، فقال فمثله مما يصلح للاستشهاد به لأن ضعفه لم يأت من تهمة في نفسه، بل من حفظة، فضعفه يسير فهو شاهد قوي لمرسل الزهري وبذلك يصير الحديث صحيحا كما تقتضيه قواعد هذا العلم الشريف (ولكن بشرط أن تهوى نفسك صحة الحديث، وإلا فلا). وقال في الصحيحة: وبالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد (5 / 253). وذكر في آداب الزفاف حديثا من صحيح مسلم وضعف إسناده ثم ذكر له شواهد وقال فالحديث بهذه الشواهد صحيح أو حسن على الأقل (ص 63). وقال في آداب الزفاف: هب أن إسناد الحديث ضعيف ولكنه ضعف ليس بالشديد، فمثله ينجبر بمجيئه من طريق أخرى أو بشاهد يشهد له كما هو مقرر في مصطلح الحديث (ص 136). وقال في الصحيحة: فإن شريكا... سئ الحفظ ومثله متابعة قيس لكن الحديث حسن باقترانهما معا وهو صحيح لغيره لوروده من طرق أخرى (5 / 164). وقال في الصحيحة: والحديث وإن كان إسناده ضعيفا فإنه لا يدل على ضعفه وعدم ثبوته في نفسه لاحتمال أن له إسنادا حسنا أو صحيحا، أو أن له شواهد يدل مجموعها على ثبوته،

ص 26

والواقع أن هذا الحديث كذلك فإن له شواهد تدل على أن له أصلا (رقم 401). وقال في الصحيحة: وجملة القول إن الحديث بمجموع طريقيه وهذا الشاهد صحيح بلا ريب (رقم 381). وذكر في الصحيحة حديثا مع شواهده وضعف كل واحد منها، ثم قال: وجملة القول ان الحديث بمجموع طريقي عمرو، وطريق عمر وطريق أبي سعيد يرتقي إلى درجة الحسن لغيره على أقل الأحوال. وذكر في آداب الزفاف حديثا أشار إلى ضعفه ثم قال: لكن متن الطريق الأولى... له شاهدان أوردهما الهيثمي... ولهذا حسنته (ص 38). وقال في الصحيحة: وجملة القول: ان الحديث قد جاء من طرق عمن ذكرنا من الصحابة وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف فإن بعضها ليس ضعفها شديدا (هذا مشعر بشدة ضعف بعضها) (1) ولذلك فإني أرى أنه يرتقى بمجموعها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال (رقم 343 - 4 / 66). وقد أكثر الألباني من تحسين الأحاديث لشواهدها أو متابعاتها الضعيفة، حتى لقد أعياني أن أنقلها برمتها، وقد (1) والأمر كذلك فإن أوله حديت منكر قاله ابن أبي حاتم، والثاني فيه الوليد ضعفه ابن معين والنسائي وغيره والثالث فيه كذاب، وآخرها هالك والحديث واه جدا، فيه أيضا من يضع الحديث، وكذبه ابن المنذر، وفيه مجهول، والرابع قال العراقي إسناده ضعيف، والخامس انفرد به واه (أنظر رقم 343)

ص 27

يمل القارئ من قراءة ما نقلت منها مع أنه قليل جدا، وتصرفاته في هذا الباب عجيبة فتراه ينقض في الضعيفة، ما أبرمه في الصحيحة، ويهمل القواعد التي راعاها في الصحيحة فلا يقيم لها وزنا في الضعيفة، وذلك لأن التصحيح والتضعيف دائما يكونان بحكم شهوته، وطبق هواه فإذا اشتهى أن يصحح حديثا يتقوى به في الخروج على أئمة الاجتهاد والفتوى، أو جهابذة الحديث وصيارفة الفن، استعمل قاعدة من القواعد، وإذا اشتهى أن يضعف حديثا كذلك نبذها وراء ظهره. ومن أمثلتها الواضحة: سنة الجمعة القبلية فإنه لا يستطيع أن ينكر ورود الأحاديث العديدة فيها فلم يجد بدا من الاعتراف بذلك لكن يردها بحيلة أن بعضها أشد ضعفا من بعض، ويتناسى أن كثيرا من الأحاديث التي بعضها أشد ضعفا من بعض قد صححها أو حسنها حين اشتهى ذلك، وقد ذكرت أمثلتها - كذلك و ضرب الذكر صفحا عن الموقوفات وآثار الصحابة التي في هذا الباب، والتي لا مجال للارتياب في صحة أسانيد بعضها، وهي من دلائل ثبوت السنة القبلية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الألباني يتعامى عنها لأن نفسه لا تشتهيها - وكذلك يغمض عينيه حين يقع بصره على (باب الصلاة قبل الجمعة وبعدها) في مصنف عبد الرزاق (المتوفى سنة 211) و(الصلاة قبل الجمعة) في مصنف ابن أبي شيبة (المتوفى سنة 235) و(الصلاة بعد الجمعة وقبلها) في البخاري (المتوفى سنة 256) و(الصلاة قبل الجمعة وبعدها)، في الترمذي

ص 28

(المتوفى سنة 279)، لأن هؤلاء الأئمة قد ذكروا في هذه الأبواب ما يفيد ثبوت تلك السنة، فروى عبد الرزاق: كان عبد الله بن مسعود يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة وبعدها أربعا، وروى أنه كان يصلي قبلها أربع ركعات وبعدها أربع ركعات، وروى ابن أبي شيبة فعله من وجه آخر، وروى عن ابن عمر أنه كان يهجر يوم الجمعة فيطيل الصلاة قبل أن يخرج الإمام، وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال صل قبل الجمعة عشر ركعات، وروى عبد الرزاق عن عطاء أنه كان يصلي قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة، وروى ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كانوا يصلون قبلها أربعا، وعن طاووس أنه كان لا يأتي المسجد يوم الجمعة حتى يصلي في بيته ركعتين، وروي عن أبي مجلز نحوه، وأخرج ابن سعد عن صفية بنت حيي أنها صلت قبل الجمعة أربعا حكاه الحافظ في الدراية (ص 143). وأقول بعد هذا كله إن الألباني لو كان صادقا في ادعائه خلع ربقة التقليد عن عنقه لوجد في الأحاديث الصحيحة التي لا يحوم حولها شك ما يدل دلالة واضحة على مشروعية الصلاة قبل الجمعة لمن شهدها في المسجد قبل خروج الإمام، لكن منعه من الإيمان بهذه الأحاديث جموده على تقليد العلماء الذين حملوها على مطلق النافلة، فمن ذلك حديث سلمان عند البخاري ولفظه: ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت - ومن ذلك حديث أبي الدرداء عند أحمد

ص 29

ولفظه ثم يركع ما قضى له - ومن ذلك حديث أبي ذر ولفظه: فيركع إن بدا له، وكذا في حديث أبي أيوب وأبي سعيد عند أحمد - وفي حديث نبيشة الهذلي عند أجمد (فإن لم يجد الإمام خرج صلى ما بدا له) - وفي حديث أبي هريرة عند البغوي (فصلى ما قدر له ثم ينصت) - وفي حديث أبي سعيد وأبي هريرة عنده (ثم ركع ما شاء الله أن يركع وانصت إذا خرج الإمام)، ففي هذه الأحاديث كلها ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قبل الجمعة غير أنه صلى الله عليه وسلم لم يعزمها عليهم ولم يعين عدد ركعاتها، في هذه الأحاديث. 18 - ومن قصور علمه وفضوح جهله إنه ذكر في الصحيحة حديث عمران بن حصين برواية الرامهرمزي، وفي آخره بيان يزيد بن هارون لمجمل الحديث ظنا منه لا رواية - فسمى الألباني هذا البيان والتفسير من زيادة فقال (وإنما أوردته من أجل هذه الزيادة) (3 / 138) وكذا يسميه زيادة في قوله (بيد أن هذه الزيادة معروفة وثابتة. الخ) ولم يفطن المسكين إن مثل هذا البيان من مزعومات الراوي لا يسمى زيادة وإنما يسمى بالزيادة ما يزيده الراوي على غيره من الرواة في نفس الحديث رواية لا رأيا. وكذلك من دلائل جهله قوله: (عمران بن حصين عند أحمد من طرق أخرى عن حماد بن سلمة به دون الزيادة). أقول: لما كانت هذه (الزيادة) من قول يزيد نفسه، والذي رواه أحمد هو من طرق أخرى (غير طريق يزيد) فأي حاجة

ص 30


إلى التنصيص على أن أحمد رواه به دون الزيادة، وإنما مست الحاجة إليه إذا كان أحمد رواه من طريق يزيد. وكما أن من مخازي الألباني تسميته قولا أو رأيا بلا دليل لراو زيادة في الحديث ليلبس بذلك على أمثاله من جهلة (أهل الحديث) إن هذا القول كأنه من نفس الحديث، كذلك من مخازيه أن يسر أسماء جماعة من الصحابة الذين استفاض عنهم هذا الحديث من غير أن يذكر لفظ حديثهم ليتم له ما أراد من التعمية عن الحق والتلبيس. وبيان ذلك أن الألباني يحاول إقناع رجال حاشيته من جهلة أهل الحديث إن الطائفة المنصورة هي طائفة أهل الحديث مع أنه لم يرد ذلك في حديث مرفوع، ولا موقوف صحابي، أو تابعي، بل هي خلعة خلعها عليهم ابن المبارك، وابن المديني، وتلميذه البخاري، وقال يزيد بن هارون وأحمد: إن لم يكونوا هم أصحاب الحديث فلا أدري من هم؟ فهما لا يقطعان بذلك لكنه شيء يذهب إليه ولهم - وعليك أن لا يذهل أن القائلين بذلك جزما أو على سبيل الاحتمال هم جميعا من أصحاب الحديث، ومن الذين لا يستشرف إلى أن يكون مصداقا لحديث فيه ذكر فضيلة أو مدح جماعة، والألباني حين يسرد أسماء هؤلاء القائلين يعقبه بسرد نصوصهم ولكنه حين يسرد أسماء الصحابة الذين رووا الحديث لا يسرد نصوص أحاديثهم لأن في تلك النصوص ما يدحض أقوالهم ويخلع عنهم هذه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق