الجمعة، 14 يونيو 2019

الإسلام الوهابي والخدعة الكبرى!

الإسلام الوهابي والخدعة الكبرى!

 
لم تكن تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان غريبا حول أسباب إنشاء وانتشار الفكر الوهابي، صحيح أن التوجه الوهابي لم يكن موجودا في الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي وهو خطأ وقع فيه، فالفكر الوهابي جاء مع مؤسسها الأول محمد بن عبد الوهاب أيام مؤسس المملكة، ولكن الذي يمكننا أن نتفق معه هو أن هذا الفكر تم دعمه وبقوة في الحرب الباردة وتمّ استخدامه من أجل تهييج الشعوب الاسلامية للتضامن مع المجاهدين الأفغان والذين تطوروا إلى القاعدة فيما بعد.

لم يكن هذا هو الغرض فقط وإنما أيضا كان الهدف من أجل أن تتمركز القيادة الدينية في السعودية وأن يتم توجيه أنظار المسلمين وقلوبهم وعقولهم على بلاد الحرمين بحيث يتم الرجوع إلى علمائها وفقهائها، ولذلك تم استخدام عدد من الشخصيات مثل الشيخ ابن باز وابن العثيمين والشيخ الألباني كأسماء لها رنينها وبهاؤها كلما رجعنا في اختلاف حول مسألة كبرت أم صغرت إلى هؤلاء.

أتذكر كيف أن بعض الأشخاص حين كنت أناقش معه في فرنسا بمسألة معينة ولكي يتأكد فمما قلت فكان يحيلني إلى اتصال برجل يعتبره عالما في فرنسا وهذا العالم له بعض أرقام علماء المملكة وما نتج عن هذا الاتصال هو الفتوى الشرعية في تلك المسألة. وكان يضحكني هؤلاء كثيرا. وكنت أستمع إلى بعض الشباب الواعظين في فرنسا بالمسجد الذي كنت أرتاده وكان يحكم دائما بذكر توقيع أسماء هؤلاء العلماء فقط وأخذته بالجانب وقلت إن العالم الإسلامي لا يختصر بهذه الأسماء وأن هناك علماء ذكروا مواقف تختلف عن هذه، فأن يجيبني بيني وبينه أن الجمهور الذي معه لا يتحمل سماع أسماء غير هؤلاء.
رغم كل الأموال التي دخلوها من أجل تشويه صورة غالبية المسلمين إلا أنها باءت بالفشل وخاصة بعد أن ظهرت وجوههم الحقيقة فيما بعد الربيع العربي
المهم، أصبحنا نعيش في هذا الهوس الديني في توجهه الوهابي يدعمه طبعا كوادره الذين تبرأوا منه تماما ولكن بقيت القاعدة الشعبية وإلى الآن تؤمن به وتعتنقه. طبعا كان هناك هدف آخر وهو إقصاء كل من يتبنى غير خطها الديني واتهام من يخالفها بأنه متساهل ومبتدع وحتى تكفيره وإخراجه من سياق الكتاب والسنة وكان هدفهم الأساسي هو الصوفية ممثلا في اتجاهها تقديس مشايخها وعلماءها لأنها كانت تعلم أن كثيرا من الصوفية تؤمن بأقطابها إيمانهم بالله حتى لا يتعلق الأتباع في الداخل السعودي بمشايخ لحد التقديس لدرجة استعداد التضحية من أجل مشايخهم وفي ذلك تهديد لأركان الدولة.

وثانيا، كان هناك استهداف للإسلام السياسي وتشويه علمائه وكتّابه واتهامه الدائم بمملأة الغرب أو كفرهم بدعوى عقيدة الولاء والبراء وأن لا أحزاب في الإسلام وتبني فقه عدم الخروج على الحاكم بين فكر الإسلام السياسي هو قبول الديمقراطية والسماح بالتعددية السياسية وحكم المرأة وما شابه ذلك وتم تشويه صورة من يمثل هؤلاء وكتب كتب تم توزيعها بالمجان في كل العالم الإسلامي وما زالوا يتبعون هذا الأسلوب ولم يتخلوا عنه.. وكل ذلك في سبيل توطيد أركان المملكة السعودية ولذا هم سكتوا حاليا على كل ما يحدث الآن في السعودية من رقص وفتح مراكز سينما وفتوى جواز الاحتفال بعيد الحب، والذين كانوا يكفرون المسلمين بمجرد احتفالهم بالمولد النبوي الشريف.

ورغم كل الأموال التي دخلوها من أجل تشويه صورة غالبية المسلمين إلا أنها باءت بالفشل وخاصة بعد أن ظهرت وجوههم الحقيقة فيما بعد الربيع العربي ووقوفهم بعلمائهم وقادتهم ضد تحرر الشعوب من ربقة الاستبداد السياسي حتى ولو كان بضرب بعض من ينتمون للإسلام السني.

إذا نحن أمام واقع جديد بعد هذه التصريحات الخطيرة من ولي العهد السعودي، وهي خيانة عظمى للإسلام السني وخلال أكثر من 40 عاما فهل ستسعى السعودية بعد هذه التصريحات من أجل إخبار وعي الأمة الجمعي من أن مسارها الأول كان مخطئا وأن على الجميع العودة فعلا إلى الإسلام الوسطي الحقيقي المبني على التعايش والتسامح وقبول الآخر.
كثيرا من الحركات الإسلامية لم تنشأ بدافع سليم وإنما في معظمها لأغراض مختلفة منها شخصية وسياسية وحتى اقتصادية
رويترز
 
وأخطر أهداف نشر الإسلام الوهابي المتشدد هو مواجهة الإسلام الشيعي والإيراني ومحاولة استفزاز إيران بالجماهير المسلمة التي تقف ضد التوجه الشيعي وخاصة ذلك الذي يتعرض للصحابة بسوء ولذا وجدنا حتى في المنشورات والكتب الموزعة أشياء كثيرة عن الشيعة فهل بعض ما يقال عنهم كان مبالغا فيه وإنما وضع المسلمين كحديقة خلفية لها تستفيد منها في الأوقات الحرجة وهل التحالف الإسلامي الذي تقوده المملكة هي مجرد ذر الرماد في العيون ولا حقيقة لها بمناصرة الإسلام السني وإنما من أجل محاربة إيران عن طريق الحوثيين.

كل هذه الافتراضات واردة ومن حقنا طرحها ومحاولة الإجابة عليها.. كانت هذه بداية رصد فقط لتوابع هذا الإسلام المشوّه الوجه الذي فرض علينا، وهذا بعض ما جنى على أمتنا الاسلامية. والحقيقة أن كثيرا من هذه الحركات الإسلامية لم تنشأ بدافع سليم وإنما في معظمها لأغراض مختلفة منها شخصية وسياسية وحتى اقتصادية وهذا معروف على امتداد عالمنا الإسلامي. وما كل هذا الرصد ألا يمكن القول أن الإسلام السني كان مظلوما وما زال، وخاصة ممن يدعي أنه يمثله في العالم الإسلامي. وكما قيل: حاميها حراميها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق