أما الحديث -الذي هو تخصصه- فقد صرح الشيخ بأن حفظ الحديث أسهل عليه من حفظ القرآن، وأنه مع ذلك لا يحفظ شيئا! فتأمل تناقضه! قال:
(أنا يسهل عليّ حفظ الحديث أكثر من القرآن، ولله الحمد، وإن كنت لست بحافظ، ما أحفظ شيء، لكن ما أعطيها عناية، مشغول...)اهـ ([8]).
وقال أيضا:
(قرأت البخاري مرة واحدة، فمن كثرة التكرار كدت أحفظ كثير من الأحاديث، وأعرف إذا مر بي حديث سلمة بن الأكوع، يعني لو قرأ إنسان حديث سلمة بن الأكوع أعرف أن هذا نبرات سلمة بن الأكوع وأسلوبه ومنهجه، أسلوب عمر بن الخطاب، أسلوب عائشة، وطلعت بثمرة أن عمر وعائشة هؤلاء من الأدباء الكبار في الأدب وفي العقل، يعلم الله، تعرف هذا من كلامهم رضوان الله عليهم، فتمر عليه مرة واحدة، فيه بركة، أنا يسهل عليّ حفظ الحديث أكثر من القرآن، ولله الحمد، وإن كنت لست بحافظ، ما أحفظ شيء، لكن ما أعطيها عناية، مشغول، عوائل، وأحداث الساعة والمشاكل والابتلاء بشيء من علم الواقع، كما يقال، فهذه محنة، فلا تمتحنوا عن حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام) اهـ ([9]).
قلت: لقد صرَّح الشيخ -كما ترى- بأنه لم يقرأ صحيح البخاري إلا مرة واحدة! وأنه كاد أن يحفظ كثيراً من الأحاديث من كثرة التكرار! فكيف يحفظ من كثرة التكرار، وهو لم يقرأ صحيح البخاري إلا مرة واحدة؟ هذا مما يصعب فهمه!
وذكر عن نفسه أمراً عجيبا في قدرته على معرفة راوي الحديث من الصحابة بمجرد سماع المتن، وأنه يعرفه إذا كان من رواية سلمة بن الأكوع، أو عمر، أو عائشة، رضي الله عنهم، وذلك من خلال نبراتهم! وأساليبهم! ومناهجههم! ولا أدري كيف يتمكن الشيخ من معرفة صحابي الحديث وهو غير حافظ! ثم كيف يستطيع أن يميز بذوقه بين الأحاديث التي يرويها عدد من الصحابة بألفاظ متقاربة، وربما باللفظ نفسه بلا اختلاف؟ فلا شك أن هذا من العجائب!
ثم إن في كلام الشيخ مشكلة كبيرة إذ جعل للصحابة نبرات وأساليب ومناهج في رواية الحديث، وكأنها من وضعهم وتأليفهم! فهل يجهل الشيخ -وهو أستاذ في الحديث- أن الصحابة رضي الله عنهم ما هم إلا رواة ونقلة عن النبي ، بل هم أوثق الرواة وأثبت النقلة؟
لقد اعترف الشيخ بضعفه في العلم، مبينا أسباب ذلك، منها: كبر سنه، وخرف عقله، وإصابته بمرض السكري، ونسيانه، وعدم حفظه، وانشغاله بعوائله، وأحداث الساعة، ومشكلات الواقع...
أخطأ الشيخ في بعض أسماء الرواة في محاضرة له، ثم قال:
(أنا أقول لكم هكذا لأن عقلي خرف أنسى، والمفروض عليّ أن أحفظ هذه الأسماء وما أغلط فيها، لأني التحقت بمدرسة الحديث وأنا كبير في السن، ومشغول بعوائل وكذا، لكني عرفت منهجهم، فأنا أدلكم على الطريق، ما أقدر أسير فيه، لكن أعرف أن هذا الطريق هو الصحيح)اهـ([10]).
وأحيانا يتيه الشيخ أثناء المحاضرة لتشوش فكره بسبب إصابته بمرض السكري، فقد قال في تلك المحاضرة:
(ما أدري يا إخوتاه، أنا مشوش ما أدري والله، فين وقفت معكم؟ وما أدري، فين أرجع؟ أخبروني فين ذهبت؟ سامحوني، رأسي فيه سُكَّر) اهـ ([11]).
ثالثا: الفقه:
أما عنايته بالفقه واشتغاله به، فقال الشيخ عن نفسه:
(ما عرفنا المذاهب أبداً، ما عرفنا إلا كتاب الله وسنة الرسول ومنهج السلف الصالح)اهـ ([12]).
وهذا اعتراف منه على نفسه بالجهل بالمذاهب الفقهية الأربعة المعتمدة عند أهل السنة، والأخطر من ذلك أنه جعل التفقه بها ندا للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، وحسبك بهذا دليلا على منزلة الشيخ في الفقه، ومدى قناعته بالفقه المذهبي! وسيأتي مزيد من النقد والتعليق على كلامه هذا في موضعه ([13]).
لقد نقلت كلامه هذا لتعرف منزلة الشيخ في العلم، وليعرف مستواه الضعيف فيه، أما الراسخون في العلم فلا يصدر عنهم مثل هذا الكلام ولا قريبٌ منه، ومع ذلك فلا ينبغي لأحد أن يغلو في الحط من منزلة الشيخ.
______________________________________-
([8]) شريط: (أهل الحديث هم الفرقة الناجية).
([9]) شريط: (أهل الحديث هم الفرقة الناجية).
([10]) شريط: (أهل الحديث هم الفرقة الناجية).
([11]) شريط: (أهل الحديث هم الفرقة الناجية).
([12]) شريط: (مناظرة عن أفغانستان).
([13]) سيأتي في 20- فصل في المذاهب الأربعة.
المصدر / الجامع في الرد على المدخلي من خلال أشرطته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق