الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

تسديد القرض بعملة مختلفة؟

 

💥تسديد القرض بعملة مختلفة
السؤال: شيخنا شخص اقترض مبلغا من المال بالدولار مثلا وبعد حلول اجل التسديد طلب منه صاحب القرض السداد بعملة اخرى مختلفة، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
👈فقد اتفق العلماء على ان الواجب أن يسدد القرض بنفس العملة التي أخذها المقترض وهو الاصل، إلا أن يتفق الطرفان وقت السداد بالتراضي على أخذه بعملة أخرى فلا حرج في ذلك ، لحديث عبدالله بن عُمَرَ -رضي الله عنهما – الذي رواه اصحاب السنن قال: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: (( لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ )).
وقال الإمام الشوكاني في شرحه للحديث السابق في نيل الاوطار [5/166 ]: (وفيه أن جواز الاستبدال مُقيَّد بالتقابُض في المجلس، لأن الذَّهب والفضّة مالان رِبويّان، فلا يجوز بيع أحدِهما بالآخر إلا بشرط وقوع التّقابُض في المجلس، وهو محكِيٌّ عن عمر وابنِه عبد الله والحسن والحكم وطاووس والزهري ومالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد وغيرهم) .
👈وقد اشترط العلماء شروطا لصحة هذه المعاملة وكما يأتي :
1- أن يتم ذلك بسعر يوم السداد والقضاء، لا بالسعر الذي كان يوم قبض القرض . وأن لا يفترقا وبينهما شيء، فلو كان مبلغ الدَّين مئة دولار مثلا، فتراضا يوم القضاء على السداد بالدينار العراقي ،وكان سعر الدولار مقابل الدينار 125 الف دينار، فأعطاه مئة الف وبقي له 25 الف فلا يجوز ذلك ، لان هذا من باب الصرف الذي يشترط فيه التقابض في المجلس.
2- ان لا يتفق الطرفان عند عقد القرض على السداد بعملة أخرى، فهذا محرم ؛ لأن حقيقة المعاملة حينئذ : بيع عملة حاضرة بعملة أخرى مؤجلة، وهذا من ربا النسيئة ؛ لأن من شرط بيع العملات المختلفة ، بعضها ببعض أن يكون ذلك يدا بيد ، كما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث عبادة بن الصامت –رضي الله عنه-: (( الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد ... ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)).
3- ان لا يكون التغيير في مقدار الصرف كبيرا فاحشا، واختلفوا في مقدار هذا التغيير فمنهم مَنْ يقول الثلث، ومنهم مَنْ يقول النصف، فعندئذ يصار إلى التسديد بنفس العملة. وأما إذا كان تغير قيمة العملة بالغلاء أو الرخص يسيراً، ولا يصل الانخفاضُ أو الغلاء إلى الثلث أو النصف أو الاختلاف الفاحش، ففي هذه الحال لا باس ،لأن الغلاء والرخص اليسيرين مغتفرٌ شرعاً، ولا تخلو منه المعاملات في الغالب.
💎و يستحب للمقترِض أن يحسن القضاء مكافأة منه لجميل صنع المقرِض ففي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً)) .
👍الخلاصة:
أن الواجب عند جماهير الفقهاء قديماً وحديثاً، أنَّ القروض والدُّيون تُقضى بأمثالها، وأن من اقترض مبلغاً من العملات النقدية فعليه أن يُسدِّدَ القرضَ بنفس العملة التّي أخذها من المقرض، ولا يجوز اشتراط سداد الدَّين أو القرض بعملةٍ أخرى عند ثبوته ، أي يوم الاقتراض أو الاستدانة.
وأنه يجوز اتفاق الدائنُ والمدينُ بالتراضي في يوم القضاء فقط على سداد الدَّين بعملةٍ أخرى. وأن العبرة بسعر العملة يوم القضاء أو يوم السداد فقط ، وليس يوم الاستدانة أو الاقتراض. وان لا يكون التغيير في مقدار الصرف كبيرا فاحشا. والله تعالى اعلم.
✍د. ضياء الدين عبدالله الصالح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق