كل قرض جر منفعة فهو ربا
السؤال: شيخنا هل صحيح أن كل قرض نتج عنه منفعة لصاحبه فهو يدخل في باب الربا ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعـد:
فأصلُ هذه القاعدة الحديثُ الذي رواه البيهقي في السنن الكبرى : ((كل قرض جر منفعة، فهو ربا )) ، والحديث لا يصح رفعه للنبي –صلى الله عليه وسلم- فهو موقوف على الصحابي اصح كما قرر ذلك اهل التحقيق.
فهذا الحديث وإن كان سنده ضعيفا إلا أنه صحيح المعنى، والمقصود به النفع المشروط، او ما كان عادة الناس في سداد القرض ، وقد وردت شواهد بمعناه من أقوال الصحابة وافعالهم ، وذلك لأن القرض إنما يقصد به الإرفاق ودفع حاجة المقترض،فهو من عقود الارفاق والتبرعات وليس من عقود المعاوضات ، فإذا تعدى إلى أن يشتمل على منفعة للمقرِض مشروطة أو متواطأ عليها فإنه يخرج عن موضوعه الذي من أجله شُرع.
قد نقل الامام ابن المنذر –رحمه الله تعالى- إجماع العلماء على ذلك في كتاب الاجماع فقال: ( أجمعوا على أن المسلف إذا اشترط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا).
واما شرح قاعدة: (كل قرض جر نفعًا فهو ربا)، فقد قرر العلماء ان هذه القاعدة ليست على إطلاقها، وإنما النفع المحرَّم والذي هو من باب الربا، هو الذي يكون مشترطًا مع القرض أو كان في حكم المشترط، كأن يكون عُرفا اعتاده الناس في سداد القرض ، أما إذا لم يكن كذلك، فلا بأس به.
فاذا أقرض شخصٌ شخصا اخر مطلقًا من غير شرط، فقضاه خيرًا منه في الصفة، أو زاد في القدر، فهذا لا بأس به، ولا يُكرَه للمُقرِض أخذه عند جماهير العلماء؛ لحديث أبي رافع – رضي الله عنه- في صحيح مسلم قال: استَسلَف رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بَكْرًا فجاءته إبل الصدقة، فأمرني أن أقضي الرجل بكرًا، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملاً خيارًا رباعيًّا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أعطِه إيَّاه، فإن خيرَكم أحسنُكم قضاءً)) . والبكر هو الفتي من الإبل او الصغير من الإبل، والرباعي هو الذي سقطت رباعيته، وهو الذي دخل في السن السابعة وهو بلا شك افضل واغلى ثمنا من البِكر.
وما رواه جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: (وَكَانَ لِي عَلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- دَيْنٌ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي) متفق عليه.
وفي الحديث الصحيح الذي رواه ابو داود والنسائي قوله عليه الصلاة والسلام : ((مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ )). فقضاء الدَين او القرض بأفضل منه في الصفة، أو زيادة في القدر، دون شرط او عُرف معروف فهذا مما لا بأس به، والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق