الاثنين، 23 مايو 2022

منهج السلف الحقيقي جواز الدعاء عند قبور الصالحين .. وهذه بعض الأدلة!

 النابتة يكذبون على السلف!

منهج السلف الحقيقي جواز الدعاء عند قبور الصالحين .. وهذه بعض الأدلة!
بقلم: خادم الجناب النبوي الشريف
محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: رَأَيْت أُسَامَة بن زيد عَند حُجْرَةِ عَائِشَة يَدْعُو، فَجَاءَ مَرْوَانُ، فَأَسْمَعَهُ كَلامًا، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يبغض الْفَاحِش الْبَذِيء.
رواه ابن حبان في صحيحه، وحسنه الضياء المقدسي في المختارة، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد، وأحد أسانيد الطبراني رجاله ثقات.
ووجه الدلالة من الحديث دعاء سيدنا أسامة بن زيد الصحابي عند قبر سيدنا رسول الله؛ لأنه دفن في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها!
فإنكار النابتة موافق لمذهب مروان، لا لمذهب الصحابة!
وروى الدارمي بسند رجاله ثقات عن أبي الْجَوْزَاءِ أَوْس بْن عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَحْطًا شَدِيدًا، فَشَكَوْا إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: “انْظُرُوا قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاجْعَلُوا مِنْهُ كِوًى إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سَقْفٌ، قَالَ: فَفَعَلُوا، فَمُطِرْنَا مَطَرًا حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ، وَسَمِنَتِ الْإِبِلُ حَتَّى تَفَتَّقَتْ مِنَ الشَّحْمِ، فَسُمِّيَ عَامَ الْفَتْقِ.
وترجم له الدارمي: “باب مَا أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ – صلى الله عليه وسلم – بَعْدَ مَوْتِهِ”.
وهو استدلال منه على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله، ومشروعية الدعاء عند قبره الشريف، فهل كانت السيدة عائشة والصحابة بهذا الفعل قبوريين؟! وهل كان الدارمي قبوريا؟! هذا ما لا يقول به إلا مجنون!
وروى الإمام مالك في “الموطأ” عن عبد الله بن دينار أن سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه كان إذا أراد سفرًا، أو قدم من سفر؛ جاء قبر النبي عليه الصلاة والسلام، فصلى عليه، ودعا، ثم انصرف، قال محمد: هكذا ينبغي أن يفعله إذا قدم المدينة، يأتي قبر النبي عليه الصلاة والسلام”.
فهل يمكن أن يكون ابن عمر الذي يعتبره البعض إمام السلفية الأول؛ لشدة اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم قبوريا مشركا؟!
وروى ابن النجار في (الدرة الثمينة في أخبار المدينة) عن عوسجة قال: كنت أدعو ليلة إلى زاوية دار عقيل بن أبي طالب التي تلي باب الدار، فمرّ بي جعفر بن محمد، فقال لي: أعَنْ أثرٍ وقفتَ هاهنا؟ قلت: لا، قال: هذا موقف النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، إذا جاء يستغفر لأهل البقيع.
قال ابن النجار: "وداره الموضع الذي دفن فيه”.
وقال ابن فرحون المالكي تعليقا على هذه الرواية كما في (إرشاد السالك إلى أفعال المناسك): “واعلم أنَّ الدعاء عند قبر عبد الله بن جعفر من المواضع المشهورة باستجابة الدعاء، وقد جُرِّبَ ذلك”.
وروى الخطيب في (تاريخ بغداد) وأورده صاحب (الطبقات السنية في تراجم الحنفية) عن عَلِيّ بْن ميمون، قَالَ: سمعت الشافعي، يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة، وأجيء إِلَى قبره في كل يوم - يَعْنِي زائرًا - فإذا عرضتْ لي حاجة صليت ركعتين، وجئتُ إِلَى قبره، وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تُقضَى”.
فهل الإمام الشافعي قبوري مبتدع؟!
معاذ الله من الجهل والعمى!
وسئل الإمام أحمد بن حنبل - كما في (مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح) - عَمَّن رأى الْقَبْر، أيقف قَائِمًا، أَو يجلس فيدعو؟ قَالَ: أَرْجُو أَن لَا يكون بِهِ بَأْس”.
فهذا إمام أهل السنة والجماعة؛ يرى أنه لا بأس بالدعاء عند القبر قائما أو جالسا!
وفي (تاريخ بغداد) للخطيب، و (طبقات الحنابلة) لأبي يعلى؛ قال إِبْرَاهِيم الحربي عن قبر سيدنا معروف الكرخي: "قبر معروف الترياق المجرَّب".
وأورده الحافظ الذهبي في (السير) ثم عقب عليه قائلا: “يُريِدُ إِجَابَةَ دُعَاءِ المُضْطَرِ عِنْدَهُ؛ لأَنَّ البِقَاعَ المُبَارَكَةِ يُسْتَجَابُ عِنْدَهَا الدُّعَاءُ، كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ فِي السَّحَرِ مَرْجُوٌّ، وَدُبُرَ المَكْتُوْبَاتِ، وَفِي المَسَاجِدِ”.
وفي ترجمة الإمام أَبي الفضل التميمي الهمذاني الحافظ المتوفى 384هـ قال الحافظ الذهبي في (تذكرة الحفاظ): ” توفي في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، والدعاء عند قبره مستجاب”.
وكذلك ذكر في ترجمة ستنا السيدة نفيسة رضي الله عنها من (سير أعلام النبلاء) أن الدعاء مستجاب عند قبرها، وعند قبور الأنبياء والصالحين!
وقال ابن خلِّكان في (وفَيات الأعيان) في ترجمة محمود بن عماد الدين زنكي، الملقب بالملك العادل: “وسمعت من جماعة من أهل دمشق يقولون: إن الدعاء عند قبره مستجاب، ولقد جرَّبت ذلك، فصحَّ، رحمه الله تعالى”.
وقال الإمام المقرئ شيخ القراء شمس الدين ابن الجزري في (غاية النهاية في طبقات القراء) عن قبر الإمام الشاطبي، إمام القراءات: “وقبره مشهور معروف، يُقصد للزيارة، وقد زرته مرات، وعرض عليَّ بعض أصحابي الشاطبية عند قبره، ورأيت بركة الدعاء عند قبره بالإجابة – رحمه الله ورضي عنه”.
هذه قطوف يسيرة تبين موقف السلف الصالح من زيارة قبور الصالحين والدعاء عندها، وتكشف تدليس النابتة على عوام المسلمين، وتزييفهم للحقائق العلمية، وإظهارها بخلاف ما هي عليه، كذبا وزورا وافتراء، ولو قالوا: المسألة خلافية؛ لهان الخطب، ولكنهم يجزمون بالتبديع، ويحكون الإجماع، مما يترتب عليه تبديع السلف الصالح أنفسهم، فكيف بغيرهم؟! وما هو بمذهب السلف، ولكنه مذهب قرن الشيطان؛ فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق