الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022

من ترك اللحية لا يثاب، ومن حلقها لا يعاقب.

 



حكم حلق اللحية

حكم حلق اللحية مختلف عليه بين التحريم والكراهة والإباحة، وفيه ثلاثة أقوال.

تفصيل حكم حلق اللحية

تعد مسألة حلق اللحية أو إعفائها من المسائل التي عليها خلاف كبير بين علماء الأمة، و لتفصيل هذه المسألة سنعرض الأقوال الثلاثة الكبرى التي جاءت في هذا الموضوع، وهي كما يلي:

حلق اللحية حرام وإعفاؤها واجب

في هذا القول نجد أن إعفاء اللحية واجب وحلقها حرام، وذلك عند جمهور المسلمين: الحنفية[1]، المالكية [2]، الحنابلة [3].

ويتم الاستدلال بالحديث النبوي الشريف: “أَنهِكوا الشَّواربَ ، وأَعفوا الِّلحَى”[4]، وأيضاً حديث: “خَالِفُوا المُشْرِكِينَ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ. وَكانَ ابنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ علَى لِحْيَتِهِ، فَما فَضَلَ أَخَذَهُ”[5].

ويفسر جمهور علماء الأمة هذين الحديثين بوجوب إعفاء اللحية وعدم حلقها، ويجد فيها الفقهاء أمرا صريحا بوجوب عدم قص اللحى لمخالفة المشركين والمجوس.

وروى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، وانتقاص الماء،… “[6].

إعفاء اللحية مستحب وليس واجبا

يرى بعض علماء الإسلام أن إعفاء اللحية ليس واجبا على المسلم وإنما هو مستحب فحسب، ويذهب بعض علماء المذهب الشافعي للأخذ بهذا القول.

ويقول الشافعية في ردهم على القائلين بوجوب عدم حلق اللحية، أن الحكم الوارد في (اعفوا اللحى) هو حكم معلل أي مربوط بسببٍ وعلةٍ، وهي مخالفة المشركين والمجوس، ومخالفتهم ليست على الوجوب في الأصل، بدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “غيّروا الشيب ولا تتشبهوا باليهود”، ولم يقل أيٌّ من العلماء أن صبغ المسلم لشعره واجب من أجل مخالفة اليهود[7].

وبالتالي فهو نفس الأمر الذي يكون بالنسبة لعدم حلق اللحية، حيث أنه لو كان الأمر واجبا كلياً لكان تغيير الشكل هو أيضاً واجباً.

إذن فعدم حلق اللحية واعفائها هو مستحب وليس واجباً.

 اللحية مثلها مثل باقي العادات

يرى بعض علماء أمّتنا أن إطلاق اللحية وعدم حلقها ليس واجباً وليس مستحباً أيضاً، وإنما هو فقط من سنن العادات تماماً كالأكل والشرب واللباس والهيئة ونحو ذلك.

وهو ما ذهب إليه جمع من الفقهاء المعاصرين أمثال محمود شلتوت ومحمد أبو زهرة و آخرون، كما قد أوردت دار الإفتاء المصرية هذا الرأي في فتواها حول حلق اللحية[8].

وقالت الدار في مضمون فتواها أن اللحية وباقي الأوامر المرتبطة بالعادات والأكل واللبس ونحوه تُحْمَل على وجه الندب لقرينة ارتباطها بهذه الجهات.

وأصحاب هذا القول يتفقون مع المذهب الشافعي في كون إعفاء اللحية من سنن العادات، ولكن الشافعية ذهبوا إلى أن اعفاءها منذوب ومستحب، في حين ذهب هؤلاء إلى الإباحة، أي أن من ترك اللحية لا يثاب، ومن حلقها لا يعاقب.

والله تعالى أعلى وأعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق