الاختلاف العلمي بين طلبة العلم الشرعي
بقلم/ الشيخ الدكتور أبو بكر كافي
من مثل : الاختلاف في إخراج زكاة الفطر طعاما أو قيمة .والاختلاف في التكبير الجماعي ايام العيد مطلقا ومقيدا. والاختلاف في صلاة التراويح هل هي نفل مطلق ام مقيد والاختلاف في زكاة الحلي وزكاة عروض التجارة هل تجب فيهما الزكاة ام لا والاختلاف في اجتماع الجمعة والعيد هل تكفي صلاة العيد وتسقط الجمعة أم لا. وغيرها كثير يتكرر بتكرر مناساباته . وهذه الايام ككل عام لما يدخل ربيع الاول وبمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي والاختلاف فيه بين المجيزين والمانعين وغيرها يحتدم نقاش حاد . وحرب ضروس لا هوادة فيها بين طلاب العلم وحتى العامة من الناس في الواقع وعلى المواقع حول مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي . وتنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي عشرات المقاطع والمناشير والابحاث بين المؤيدين والمعارضين .وكل هذا لا حرج فيه ولا لوم ولا عتب.اذا كان بقصد حسن وعلم مؤصل. وأدب رفيع.
ولكن الذي يتأمل في هذه الكثرة الكاثرة من المناشير والمقاطع والاراء يجدها في معظمها _ الا في القليل النادر منها_تفتقد جانبا مهما من البحث العلمي النزيه و هو غياب ٱداب البحث والمناظرة وافتقادها لٱداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار.. وهذه بعض المٱخد الأخلاقية التي سجلتها على الطرفين ولم يسلم منها إلا القليل الموفق.
#أولا المراء والجدال الموقع في المحذور والموصل إلى المحظور.
وذالك بكثرة النشر والتعليق والرد والنقاش وإعادة نفس الأفكار والمضامين مما يضيع الوقت والجهد ويوغر الصدور ويفسد الأخوة ويقطع أوصالها. ويصرف عن العلم النافع والعمل الرافع.. ويدخل الأمة في متاهة لا نهاية لها !
ولو انصرف كل إلى ما اقتنع به وعمل به واغلق باب الجدل والخصام. لحصل خير كثير. وغلق باب شر مستطير. فلا الكثير من المجيزين نشطوا في تعليم السيرة والشمائل النبوية ونشرها في الناس هذه الايام. ولا الكثير من المانعين علموا الناس السنة الصحيحة وحذروهم من البدع المجمع عليها والمعاصي المتفق عليها . والكل جالس على سريره أو متكئ على أربكته وهو يمسك جواله ويحارب به إخوانه. ويرى أنه قد قام باعظم الواجب في حب النبي و التعريف به ونشر سيرته وتعليم الناس سنته ومجاهدة اعدائه !!.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- ما ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلَّا أوتوا الجدَلَ ثمَّ تلا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ هذهِ الآيةَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
: أخرجه الترمذي (3253) واللفظ له، وابن ماجه (48)، وأحمد (22164) عن أبي أمامة وهو حديث حسن.
- وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» )) [صحيح الترغيب] . قال السندي: (ومن ترك المراء: أي الجدال خوفًا من أن يقع صاحبه في اللجاج الموقع في الباطل)
والنصوص في هذا المعنى كثيرة معروفة .
ثانيا :رمي المخالف بالجهل والضلال.
لقد اشتط كثير من المانعين ورموا مخالفيهم بأبشع الاوصاف وأشنعها منها الجهل والضلال والإبتداع في الدين .والاستدراك على شريعة رب العالمين . فرد المخالفون لهم بأن المانعين قوم جفاة النبي مبغضون له مقصرون في حقوقه .ومهونون بشأنه العظيم .
والحقيقة أنه لا هذا صحيح ولا ذاك .
فالمانعون أئمة هدى وبهم يقتدى وقصدهم منع الأحداث في الدين والمبالغة في حراسة الشريعة من البدع والمحدثاث مما لم يكن عليه الصحابة والتابعون والسلف الماضون . ومن يشك في علم وإمامة شيخ الإسلام وعلم الإعلام ابن تيمية أو الامام تاج الدين الفاكهاني أو الامام الشاطبي أو ابن الحاج المالكي أو العلامة الشيخ محمد رشيد رضا أو الشيخ العلامة محمد حامد الفقي أو الشيخ محمد بن عبد السلام الشقيري أو الشيخ العلامة محمد بن ابر أهيم أو الشيخ ابن باز أو الشيخ عبد الله بن حميد أو الشيخ أبي بكر جابر الجزائري أو الشيخ محمد الغزالي وغيرهم .فالقصد التمثيل وليس الحصر
فالقول بأن المانعين لا يحبون الرسول أو يبغضونه فهذا غلو وظلم وجور وفجور في الخصومة .
والمجيزون أيضا علماء إجلاء وأئمة هدى وبهم يقتدى .
ولا يشك في علمهم وصدقهم ومقامهم
فمن يجهل قدر الامام ابن دحية أو الامام ابي شامة أو الامام شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني أو تلميذه الامام السخاوي أو أمام القراء الحافظ ابن الجزري أو الامام الحافظ السيوطي أو الامام ابن عابدين أو علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كابن باديس والابراهيي والميلي والتبسي والشيخ أحمد حماني . وغيرهم من أجاز الاحتفال بشروطه وضوابطه .
فالادعاء بأن من اجازه زابتدعه إنما هم جهال ومبتدعة وقصدهم الاكل واللهو الباطل فهذا لا يقوله عالم بله عاقل.
والاصل الذي ينبغى أن يلتزم به المسلم عموما ويربى عليه طالب العلم خصوصا هو محبة العلماء والثناء عليهم والاعتذار لهم فيما اخطؤوا فيه . فإن كان المانع مخطأ اعتذرنا له ولم نتابعه على خطئه وإن كان المجيز مخطأ اعتذرنا له ولم متابعه على خطئه . وفي هذا يقول الامام الطحاوي رحمه الله .
"وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين اهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون الا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل "
فكان يكفي المخالف أن يقول هذا خطأ أو زلة عالم . والعالم لا يتابع على خطئه ولا يقتدى به في زلته. ويعتذر له . وتحفظ مكانته وتصان مرتبته. لأنهم حملة الشريعة والقدح فيهم قدح فيها.
ثالثا : اتهام النوايا والتشكيك في المقاصد :
اتهم بعض المانعين للمولد من اجازه بأن قصدهم التقرب للسلاطين وابتغاء ما عندهم أو مسايرة لرغبات العامة واهوائهم . أو قصد الاكل و" الزردة" أو غيره من المقاصد الدنيوية الدنيئة التي يجل عنها كرام الناس .فكيف بسادتهم من الأئمة والعلماء.؟!
والإمام السيوطي سمى رسالته في إجازة المولد ب" حسن المقصد في عمل المولد " إشارة إلى حسن القصد وسلامة النية لمن اجازه .
وهذا الأمر له اعتباره في النظر ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو من المانعين للمولد المتشددين فيه "
: "فتعظيم المولد، واتخاذه موسماً: قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم؛ لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-....".
فيكون العمل خطأ والعامل مأجور فيه لاحتهاده وحسن قصده.
ومن جانب ٱخر اتهام المانعين بالجفاء والبغض للنبي وتضييع حقوقه فهذا أمر خطير . بل هواخطر من التبديع بل هو تكفير صريح أو لازم للمخالف.
وكما أسلفت فإن المانعين ليس لهم غرض الا تمام المتابعة لهديه واتباع سنته وهذا من كمال محبته وتعظيمه وتوقيره.
فاتقوا الله عباد الله "ولا يجرمنكم شنئان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى".
وللحديث بقية ..
ملحوظة ؛ لا يناقشني احد في الجواز وعدمه فليس هذا صلب الموضوع. والقضية مكرورة و مبسوطة في مظانها وليس فيها جديد
أد / أبوبكر كافي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق