الاثنين، 22 مايو 2023

خطأ نسبة الشيخ الرحيلي : عدم الإنكار العلني مطلقا للإمامين ابن باز وابن العثيمين -رحمهما الله-

خطأ نسبة الشيخ الرحيلي -وفقه الله- عدم الإنكار العلني مطلقا للإمامين ابن باز وابن العثيمين -رحمهما الله- 


قال الشيخ الرحيلي 

"أما الإنكار علنا على الحاكم فلا يجوز وهذا الذي قرره مثلا شيخنا الشيخ ابن باز -رحمه الله- فإنه نص على هذه المسألة وأن الإنكار على الحاكم علنا وبغلظة أيضا لا يجوز وإنما يكون خفاءً وبرفق وبلين وأما بيان الأحكام فجائز وهذا نص عليه الشيخ نصا ومع ذلك نجد بعض الناس يقولون إن الشيخ ابن باز -رحمه الله- كان يرى الإنكار العلني لأنه كان يقول إن البنوك الربوية حرام وإنه كذا وإنه كذا وهذا خلط بين الأمور"


الجواب: الشيخ الرحيلي وقع في الخلط واتهم به غيره، وما ذكره فيه لبس، فالشيخ الإمام ابن باز -رحمه الله- نص على الإنكار العلني بضوابطه نصا حيث قال جوابا على سؤال عن الإنكار العلني: «الأصل أنَّ المُنكِر يتحرَّى ما هو الأصلحُ والأقربُ إلى النجاح، فقَدْ ينجح في مسألةٍ مع أميرٍ ولا ينجح مع الأمير الثاني، فالمسلم الناصح يتحرَّى الأمورَ التي يرجو فيها النجاح، فإذا كان جهرُه بالنصيحة في موضعٍ يفوت الأمرُ فيه، مِثل قصَّةِ أبي سعيدٍ، والرَّجلِ الذي أَنكرَ على مروانَ إخراجَ المِنبَر وتقديمَ الصلاة، فهذا لا بأسَ لأنه يفوت؛ أمَّا إذا كان الإنكار على أمورٍ واقعةٍ، ويخشى أنه إِنْ أَنكرَ لا يُقبَل منه أو تكون العاقبةُ سيِّئةً، فيفعل ما هو الأصلحُ، فإذا كان في مكانٍ أو في بلدٍ مع أيِّ شخصٍ، ويظهر له ويرتاح إلى أنَّ الأصلحَ مُباشَرةُ الإنكار باللسان والجهر معه فلْيَفعل ذلك ويتحرَّى الأصلحَ؛ لأنَّ الناس يختلفون في هذه المسائل: فإذا رأى المصلحةَ ألَّا يجهر، وأَنْ يتَّصِل به كتابةً أو مشافهةً فَعَل ذلك؛ لأنَّ هذه الأمورَ تختلف بحسَبِ أحوال الناس؛ وكذلك الشخص المُعين يحرص على السَّتر مهما أَمكنَ، ويزوره، أو يكاتبه، وإذا كان يرى مِنَ المصلحة أنه إذا جَهَر قال: فلانٌ فَعَل كذا، ولم تنفع فيه النصيحة السرِّيَّة، ورأى مِنَ المصلحة أنه ينفع فيه هذا الشيء فيفعل الأصلحَ، فالناس يختلفون في هذا، والإنسان إذا جَهَر بالمُنكَر فليس له حرمةٌ إذا جَهَر به بين الناس، فليس لمجاهر الفسق حرمةٌ في عدم الإنكار عليه، وقد ذكروا أنَّ الغِيبة في حقِّ مَنْ أَظهرَ الفسقَ لا تكون غِيبةً إذا أَظهرَه ولم يستحِ» [دروس للشيخ عبد العزيز بن باز (٩/ ١٧)].


فهذا هو نص الإمام ابن باز -رحمه الله- في جواز الإنكار العلني إذا كان فيه مصلحة لا كما قال الشيخ الرحيلي وفقه الله للرجوع إلى الحقّ.


ونزيد الشيخ الرحيلي -ونرجو منه الجواب- نصائح وإنكارات الإمام ابن باز -رحمه الله- على رؤساء الدول والمسؤولين كصدام حسين والحبيب بورقيبة ورؤساء كثر، ومن نصائحه وإنكاره قوله -رحمه الله- في "حكم الإحداد على الملوك والزعماء": "وأن ما يفعله الناس اليوم من الإحداد على الملوك والزعماء أمر مخالف للشريعة المطهرة مع ما يترتب عليه من الأضرار الكثيرة وتعطيل المصالح والتشبه بأعداء الإسلام، وبذلك يعلم أن الواجب على قادة المسلمين وأعيانهم: ترك هذا الإحداد، والسير على نهج سلفنا الصالح من الصحابة ومن سلك سبيلهم"


هذه هي تقريرات الإمام ابن باز -رحمه الله- نصا كما في مقالاته وفتاويه -وهي كثيرة جدا للمسؤولين والوزارات...-، لا كما ذكره الشيخ الرحيلي ولهذا ندعوه إلى الرجوع والتوبة عما نسبه إلى الإمام ابن باز.


قال الشيخ الرحيلي -وفقه الله-: "وكذلك شيخنا الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عز وجل في الأجوبة الكويتية على الهاتف نص نصا على أن الإنكار العلني على الحاكم لا يجوز إلّا في الحالة التي قلنا إنها مستثناة و ذكر أيضا أنه إذا غلب على الظن أنه ستترتب عليه مفسدة كمنع الدعوة أو منع الخير فإنه لا يجوز نص على هذا نصا ومع ذلك نجد أن هناك من يقول إن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يرى الإنكار على الحاكم لأنه قال في بعض خطبه إن البنوك الربوية حرام وهذا إنكار علني على المنابر وهذا خطأ وغلط  وخلط بين المسائل سببه عدم التفريق بين الإنكار على الفاعل وبين إنكار جنس المنكر"


الجواب: وهنا أيضا خلط الشيخ الرحيلي، ونسبة قولٍ لعالم يكون باستقراء جميع أقواله لا بمجرد مطالعة فتوى أو فتوتين، فالشيخ العثيمين أجاز الإنكار العلني على الحاكم في حضرته للأثار الواردة فيه، ونسبة جواز الإنكار العلني للشيخ العثيمين صحيحة، لأن الإنكار العلني يشمل حضرة وغيبة الحاكم، فالشيخ العثيمين يرى بالإنكار العلني وهذا نص كلامه -رحمه الله-: «كذلك ـ أيضًا ـ في مسألةِ مناصحة الوُلَاة: مِنَ الناس مَنْ يريد أَنْ يأخذ بجانبٍ مِنَ النصوص وهو إعلانُ النكير على وُلَاة الأمور مهما تَمخَّض عنه مِنَ المفاسد، ومنهم مَنْ يقول: لا يمكن أَنْ نُعلِن مُطلَقًا، والواجب أَنْ نناصح ولاةَ الأمور سِرًّا كما جاء في النصِّ الذي ذَكَره السائل، ونحن نقول: النصوص لا يكذِّب بعضُها بعضًا، ولا يصادم بعضُها بعضًا، فيكون الإنكار مُعلَنًا متى؟ عند المصلحة، والمصلحة هي أَنْ يزول


تَبْيِينُ الحَقَائِقِ, [1/28/2023 12:07 PM]

الشرُّ ويحلَّ الخيرُ، ويكون سرًّا إذا كان إعلان الإنكار لا يخدم المصلحةَ، لا يزول به الشرُّ ولا يحلُّ به الخير». [لقاء الباب المفتوح (٦٢/ ١٠)] 


ونزيد الشيخ الرحيلي أمثلة تطبيقية من إنكارات الشيخ العثيمين -رحمه الله- حيث قال:

 "فهذه الحكومات الظالمة الجائرة -نسأل الله أن يبدل المسلمين خيرًا منهم- إذا لم تر الإنسان يتكلم فيهم أو له حركة فإنها لا تهتم، يكون متدينًا أو غير متدين"  [لقاء الباب المفتوح ٣٤/١٧]


وهذه نصيحة الشيخ العثيمين -رحمه الله- لولاة الأمور بكسر آلات العزف:

"يجب على ولاة الأمور أن يكسروها ويتلفوها؛ لأنهم مسؤولون عن الأمة في هذا الشيء، وهم قادرون على أن يكسروها وليسوا عاجزين فيلزمهم أن يكسروها؛ لئلا يشيع المنكر في أمتهم" [الشرح الممتع ٢/٢٠٩١]


وهذا إنكار علني صريح على ولاة أمور المسلمين فهل يُعقَل أن يقول قائل بأن الشيخ العثيمين لا يرى الإنكار العلني؟


و الملاحظ أن الشيخ الرحيلي كان يتكلم عن الإنكار العلني التهييجي المخالف للمنصوص والمعمول به عند السلف والخلف من علماءنا، وعدم جوازه محلّ اتفاق بينهم، أمّا نفي الإنكار العلني مطلقا مع عدم التمكن من الإنكار السري فهذا يؤدي إلى تعطيل شعيرة من أعظم شعائر الإسلام  ألا وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


https://t.me/tib_hakaik

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق