شراء اللحم وتوزيعه بنية الأضحية
السؤال: شيخنا هل يجوز شراء اللحم فقط من الذبيحة وتوزيعه بنية الأضحية ؟ وما حكم شراء الحيوان وزنا قبل الذبح؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ورضي الله عن التابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فان الأضحية شعيرة من شعائر الله تعالى، وسّنة مؤكدة من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وينبغي على المسلم أن يعظم شعائر الله تعالى وأن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى :{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } [سورة الحج الآية 32 ]. وقال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } [سورة الأحزاب الآية 21].
ولا خلاف بين أهل العلم في أنه لا يجزيء في الأضحية شراء لحم وتوزيعه على الناس، فلا تكون الأضحية إلا بإراقة الدم وامتثال السُّنة بالذبح، لا بتوزيع اللحم فحسب؛ لأنها عبادة مقصودة لذاتها وقربة ، والأصل بالعبادة الإتباع وموافقة الهدي النبوي الشريف ، وكذلك لا بد لها من النية عند إرادتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) متفق عليه، ولا شك أن اللحم المشترى من القصاب أو الجزار قد ذبح بغير نية الأضحية.
فإهراق الدم في يوم النحر من أفضل القربات والعبادات ، فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ((مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ عَمَلًا يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي قَرْنِهِ مَا عَلَيْهَا قَرْنُهَا وَأَشْعَارُهَا وَأَظْلَافُهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ بِالْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا )) رواه الترمذي والبيهقي .
فالأضحية لا تجزيء إلا بإتباع السّنة فيها، ولهذا أمر من خالف فيها السّنة بالإعادة، ففي صحيح البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر بعد الصلاة فقال(( من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم ، فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله؛ والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت وأكلت وأطعمت أهلي وجيراني، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: تلك شاة لحم )).
وكذلك اتفق الفقهاء على عدم صحة شراء لحم الحيوان بعد الذبح بنيّة الاضحية بالاتفاق مع القصاب، لان الأضحية والعقيقة والدم المنذور، لا بد من تملّكها قبل ذبحها، ولا يصح أن تُذبح وهي ما زالت في مُلك القصاب ، فيجب أن تُشترى حيّةً ثم يتم ذبحها بنيّة الأضحية ونحوها.
وأما شراء الحيوان وزنا قبل الذبح ففيه خلاف، والراجح الجواز من غير غش، فقد قال به أكثر أهل العلم ، الأصل هو حلُّ عملية البيع سواء بالوزن أو بغير وزن، لكن قد يغش التاجر بأن يطعمها ملحا مع العلف لتعطيشها ومن ثم تشرب كميات كبيرة من الماء فيزيد وزنها، فهذا يعود لأمانة التاجر وتقواه ، فهو كأي بيع يدخل عليه غش، فعندئذ يكون البيع حراما لما فيه من الغرر والغش .والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق