حكم المسبوق هل يعتد بالركعة الزائدة
السؤال : شيخنا التحقت بالجماعة مع الامام في صلاة الظهر وقد فاتتني ركعة من الرباعية وقام الإمام سهوا للخامسة فقمت معه ، فهل اُعد مُدركا لما فاتني من ركعة واكتفي بما زاد الامام أم يجب أن اتي بالركعة الفائتة ؟ جزاكم الله خيرا
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف الفقهاء في هذه الحالة على قولين:
القول الاول: ان الركعة الزائدة التي قام إليها الإمام لا تُحتَسب ولا يُعدُّ المتأخر مُدركاً للركعة ، ويلزمه بعد سلام الإمام أن يقوم بقضاء ركعة كاملة، وهو قول جمهور اهل العلم.
قال الامام النووي-رحمه الله تعالى- في المجموع شرح المهذب [4/216 ]: ( وهذا الذي ذكرناه من إدراك المأموم الركعة بإدراك ركوع الإمام هو فيما إذا كان الركوع محسوبا للإمام، فإن لم يكن محسوبا له بان كان الامام محدِثا أو قدْ سها وقام إلى الخامسة فأدركه المسبوق في ركوعها، أو نسي تسبيح الركوع واعتدل ثم عاد إليه ظانا جوازه فأدركه فيه لم يكن مدركا للركعة على المذهب الصحيح الذي قطع به الجمهور، لأن القيام والقراءة إنما يسقطان عن المسبوق لان الامام يحملها عنه، وهذا الامام غير حامل لان الركوع في الصورة المذكورة غير محسوب له، وفيه وجه أنه يكون مدركا وهو ضعيف).
وكذلك لا يتابع الامام على تقدير أنه يحتمل قد ترك ركنا من ركعة سابقة ، قال الامام النووي في شرح المهذب [4/145 ]: (لو قام إلى ركعة خامسة فإنه لا يتابعه حملا له على أنه ترك ركنا من ركعة، لأنه لو تحقق الحال هناك لم تجز متابعته لأن المأموم أتم صلاته يقينا، فلو كان المأموم مسبوقا بركعة أو شاكا في فعل ركن كالفاتحة فقام الإمام إلى الخامسة لم يجز للمسبوق متابعته فيها، لأنا نعلم أنها غير محسوبة للإمام، وأنه غالط فيها).
وقال الشيخ العلّامة عبد العزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله تعالى- في مجموع فتاويه: (هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، فمنهم من قال: إن المسبوق يجتزئ بالركعة الزائدة، ومنهم من قال: لا يجتزئ بها، والصواب أنه لا يجتزئ بها؛ لأن القضاء يكون بعد السلام، فعليه إذا سلم إمامه أن يقوم فيأتي بما فاته، وليس له متابعة الإمام في الزيادة، بل يجلس حتى يسلم، فإذا سلم الإمام قام فقضى ما عليه، وهكذا المأمومون ليس لهم متابعة الإمام في الزيادة، بل عليهم التنبيه، فإن أجابهم وإلا انتظروه، ولم يتابعوه إذا علموا أنها زائدة، لكن من تابعه جهلا بالحكم الشرعي أو جهلًا بأنها زائدة فصلاته صحيحة، وعلى المسبوق إذا سجد الإمام للسهو أن يسجد معه، ثم إذا سلم يقوم فيأتي بما عليه).
القول الثاني: يعتد بها وتجزيه هذه الركعة الزائدة اذا تابع الامام فيها.
واحتج اصحاب هذا القول بما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه قال: (صلّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خمساً، الظهرَ أو العصرَ، فلما انصرف قيل له: يا رسول الله، أَزيدَ في الصلاة؟، قال: "لا"، قالوا: فإنك صليتَ خمساً، قال: فسجد سجدتي السهو، ثم قال: "إنما أنا بشر، أَذْكر كما تذْكرون، وأَنْسَى كما تنسَوْنَ").
قالوا: فيه دلالة على ان المصلين متابعة الامام في الخامسة اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما سها وتابعه الصحابة -رضوان الله عليهم- وان الركعة الخامسة يعتد بها لمن فاتته ركعة مع الامام وتحسب له لان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر من صلى معه من الصحابة بالإعادة ، ولو كان لا يعتد بها لأمرهم بالإعادة.
فيُجاب عليهم:
أن هذا إدعاء غير صحيح، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر من تابعه من الصحابة في الزيادة بأن يعيد الصلاة، فَعلّة ذلك؛ أنهم كانوا في عصر التشريع، وقد ظنوا أن الصلاة قد زِيدَ فيها، فلذلك لم ينبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحداً من الصحابة -رضي الله عنهم- في الزيادة إلا بعد الصلاة.
المفتى به:
هو ما ذهب اليه الجمهور في القول الاول من ان الركعة الزائدة التي قام إليها الإمام لا تُحتَسب للمسبوق ولا يتابعه عليها ، وكذلك لا يتابع على تقدير أنه يحتمل قد ترك ركنا من ركعة سابقة، ولا يُعدُّ المتأخر مُدركاً للركعة، لأن القضاء يكون بعد السلام لا قبله، فيلزمه بعد سلام الإمام أن يقوم بقضاء ركعة كاملة. والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق