الخميس، 19 أكتوبر 2017

هل يصح ان نحدد : أين الله ؟ أو أن نقول : هل له مكان

هل يصح ان نحدد : أين الله ؟ أو أن نقول : هل له مكان
هذا سؤال عن مكان وقد كان الله ولا وجود لمكان لانه هو الاول الذي لم يسبقه ولم يكن معه شيء ثم خلق الزمان والمكان
وهو الآن كما كان دون مكان ولا زمان لانه لايتغير سبحانه
الاخوة المعترضين على هذا المنشور ( هل يصح ان نحدد : أين الله ؟ أو أن نقول : هل له مكان ) :
أود ان أوضح قضية يخطيء الكثيرون في تصور معناها فيما يخص الأدلة التي تذكر ان الله تعالى في السماء وابرزها حديث الجارية التي سالها رسول الله صلى الله عليه وسلم اين الله فقالت او اشارت الى السماء فعلى الرغم من تاويل العلماء لهذا الحديث على خلاف ظاهره فقد قال القرطبي إن في السماء بمعنى فوق السماء كقوله فسيحوا في الأرض أي فوقها لا بالمماسة والتحيز وقيل في بمعنى على كقوله ولأصلبنكم فى جذوع النخل أي عليها إلى أن قال والأخبار في هذا الباب كثيرة صحيحة منتشرة مشيرة إلى العلو لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل أو معاند والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السفل والتحت ووصفه بالعلو) أقول على الرغم من تاويل هذا الحديث فهناك رواية أخرى للحديث قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية من ربك فقالت الله ولم يقل لها اين الله ومعلوم ان الاحاديث مروية بالمعنى والرواة يتصرفون بصياغة العبارة وعلى فرض انه سالها اين الله فاشارت او قالت في السماء فما معنى انه عال في السماء او فوقها ؟
لكي نتصور ذلك لابد من ان نحشد جميع الأدلة الواردة في الموضوع ولا نقتصر على بعضها حتى لانهمل بعض كلام الله تعالى او كلام رسوله صلى الله عليه وسلم وسنجد ان الأدلة تتقاطع فلابد من التوفيق بينها لتنسجم مع بعضها ولا تتناقض
ورد في الحديث عن أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال يا أبا ذر ما السموات السبع والأرضين السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة )
وعندما ناتي لنتصور هذا الامر فان الأرض نقطة صغيرة تشبه الحلقة الملقاة في صحراء تغلفها السماء الدنيا من كل جانب والسماء الثانية تغلف الأولى مع الأرض من كل جانب وهكذا الثالثة الى السابعة والأرض والسماوات السبع يحيط بها الكرسي والعرش يحيط بها كلها قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني ج1/ص45
(وسائر السموات والأرضين في جوف الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض وهو بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة) قال سبحانه (وسع كرسيه السماوات والأرض)
اذن نحن على الأرض في جوف العرش والعرش محيط بنا من كل الجهات احاطة تامة والله سبحانه فوق عرشه مستو عليه استواء يليق بذاته وجلاله (الرحمن على العرش استوى) فهل يعقل ان نحدد الله بجهة واحدة فوق رؤسنا وهو على عرشه وعرشه من فوقنا ومن تحتنا وعن ايماننا وعن شمائلنا ومن امامنا ومن خلفنا ولذك قال ربنا سبحانه عن نفسه (والله من ورائهم محيط) فوصف نفسه بانه من ورائهم كما وصف نفسه بانه (وهو القاهر فوق عباده) وهو القائل (الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شيء محيط) واوضح من ذلك قوله سبحانه (واذ قلنا لك ان ربك احاط بالناس)
ولذلك قال (فاينما تولوا فثم وجه الله) ومع ذلك قال عن نفسه (ونحن اقرب اليه منكم ولكن لاتبصرون) وقال (ونحن اقرب اليه من حبل الوريد) فحصره جل جلاله في جهة واحدة على الحقيقة اخذ بحديث الجارية فقط واهمال للادلة الأخرى فاذا كان الله تعالى محيطا بنا من كل جانب فلابد من تاويل العلو الموصوف به الى المعنى المجازي ولذلك لاتجد اسما من اسمائه (العالي) من العلو المكاني لكن له اسم هو (المتعالي) بمعنى من يتعالى ويتكبر على مخلوقاته ولذلك سمى نفسه (المتكبر) قال سبحانه (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال) وحيثما جاء اسمه العلي ارتبط باسمه الاخر (الكبير) ليدل على انه الكبير غير المنحصر بجهة واحدة فليس من صفات الكبير ان يتحيز بجهة واحدة او ارتبط باسمه الاخر (العظيم ) ليشير أيضا الى ان العظيم لاتحصره جهة واحدة والله تعالى اعلم واعظم مما نتخيل ونتصور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق