الخميس، 31 يناير 2019

الإخوان المسلمون وإرهاصات التمكين ...!!


لم تكن جماعة الإخوان المسلمين يوما ما دولة ذات سيادة .. ولم تكن هذه الجماعة يوما ما تدعوا للعنف والتفجير والتشهير .. ولم تأت هذه الجماعة بدين جديد ، ولا بتشريع مفاجئ .. ولم يدِّع روّادها بأنهم الفرقة الناجية أو الطائفة المنصورة أو من بيدهم صكوك المغفرة أو يوزعون مفاتيح الجنة ..
ولم يدَّعوا أن بيدهم العصى السحرية لإصلاح الأوضاع الإقتصادية والمعيشية للناس بلمح البصر ..
لم نسمع ذلك من ناشطيهم ولا من مفكريهم ولا من العلماء الذين ينضوون تحت تنظيمهم ..
ولا ينكر أحد بأن في الصف مغرضون وجهلة من حيث لايعلمون !!
ولكن العقلاء منهم - وهم كثر - يقولون نحن جزء من أمة ، ولدينا ميراث رسالة ، وتركة نبوة ، ونحن بناة حضارة ، وأصحاب دعوة ، وننافح من أجل استعادة تاريخ عريق ، وريادة دين عظيم ..
ولدينا وسائلنا الشرعية نجتهد ونخطئ ونتراجع إلي الصواب بقوة الدليل ..
نرفض التعصب إلا إلى الحق ، ولا نتمذهب إلا بالاسلام ، ولا نتمايز إلا بالتقوى ..
سلمان منا وهو فارسي ..
وصهيب أخانا وهو رومي ..
وبلال مؤذننا وهو حبشي ..
يقوم بذمتنا أدنانا ، ونحن يد علي من سوانا.. الجماعة عندنا وسيلة لا غاية ، ومقصد لا نهاية ..
نرفع شعار (الإسلام هو الحل) مع القيام بإعداد العدة ، ونتوقع أسوأ الإحتمالات ، ولا نفرح إلا بالنصر للمؤمنين ..
علمنا أن أقصانا أسير بيد اليهود فأسسنا حماس ...
وأدركنا حجم الهجمة ضد ديننا من اليهود والنصارى والمنافقين من بني جلدتنا فَوَطَّنَّا أنفسنا على تحمل المكاره في سبيل الله ..
علمنا أن عدونا يؤلب علينا الفقراء من بني جلدتنا فأقمنا جمعيات ومؤسسات تشبع البطون ..
ورأينا عدونا يستميل عقول شبابنا فسارعنا الي بناء مدارس ودور قرآن وجامعات ونواد علمية وثقافية ..
ووجدنا أن عدونا يغزونا عبر الفضاء فتوجهنا لإيجاد قنوات فضائية إسلامية ..
ولأننا نفهم حيل العدو ضد دعوتنا فحاولنا مسايرة التيار بلا انجرار ، وننحني للعاصفه بلا انكسار ، ونغالب الباطل حتى يقصم الله ظهره أمام أعيننا ..
حاول العدو أن يرمينا ب(الديمقراطية) لنتصادم معه ولكننا أخذناها منهم كوسيلة وليست عقيدة لِنلجمهم بها ..
فلما رأونا نجحنا بهذه اللعبة المفخخة القذرة انقلبوا علينا فى :
غزة هاشم
ومصر الكنانة
ويمن الإيمان
وتونس الأبية
وفشلوا بعاصمة الخلافة العثمانية ..
نحن نعي ما يخطط الأعداء لإيقاعنا في الفخ فنتخذ إجراءات السلامة كربط حزام الأمان ، وتفقد عجل سيارة السير ..
وكل ذلك توفيق من الله ورعاية ربانية ليس لنا فيها إلا التنفيذ ..
نعم نفتخر بأعضاء جماعتنا في كل شبر يذكر فيه إسم الله ..
وكلنا جسد واحد
وجرحنا واحد
فلو عطس أخ لنا في الصين لسمعت من يشمته من اليمن .. وهذا سر قوتنا ، مع تمسكنا بأخوة كل مؤمن ليس معنا في الصف ..
ومع هذا الفهم والإدراك والوعي .. لا ندعي العصمة ، ولا نراهن علي أفرادنا ، ولا نعادي من لم يكن في صفنا ..
بل ننظر إلى الأمة - كل الأمة - بأنها أمة العطاء والخيرية ..
وأن الاختلاف سنة ..
والناس ليسوا على شاكلة واحدة ..
ولا يمكن أن نجبر أحداً على تنفيذ وسائلنا للوصول إلى التمكين المطلوب ..
فما دمت قاصدا الهدف معنا فليكن وصولك معنا بطريقتنا أو بطريقتك ووسائلك الشرعية .. فالعبرة بالوصول إلى الهدف لا بأحادية الوسائل ..
ولأننا نعلم أن البشر طاقات ونفسيات فكل على قدره يحمل ، وصدق الله إذ يقول " لايكلف الله نفسا الا وسعها "
وكل مسلم على ثغرة ..
نحن جماعة نؤمن بمرحلية الأهداف ، ودليلنا أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام .. وبذلك نفضنا عن أكتافنا غبار العجلة ..
علينا أن نستصلح الأرض ونهيئ البذرة ، ونصلح وصول جداول الماء الصالح ، ونتعهد النبتة..
فإن طالت أعمارنا وقطفنا الثمرة حمدنا الله .. وإن اختارنا الله فقد كنا سببا لمن يقطف ثمارنا ويدعوا لنا بظهر الغيب " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان "
لقد أدركنا بأن هذا الدين بدأ غريبا ثم مكنه الله .. وسيعود إلي الغربة في نهاية الزمان ويمكنه الله مرة أخرى ..
فأخذنا علي عاتقنا أن نكون في طلائع من يعيدون هذا الدين الي منصة الحكم وقبة البرلمان ودار الرئاسة ..
فحاولنا أن نصلح أنفسنا إذا فسد الناس ، ونصلح ما أفسده الناس ، ونصبر على البلاء مع احتساب الأجر والثواب ..
إن التمكين لهذا الدين كلفته ليست بسيطة كما يتوقعها أهل الدنيا ..
ولا كما يتوهمها أهل العجلة ..
فالبعض يتضجر...
والبعض يتأفف...
والبعض يسخر...
ونحن - بكل اطمئنان - نعلم أن كل شيئ بقدر !!
لقد دفع كلفة التمكين رسول الله صلى الله عليه وسلم جوعا في شعب أبي طالب ..
ودفعها مطرودا من مكة ..
ودفعها رجما وسبا وشتما في الطائف ..
ودفعها محاصرا في بيته ليلة الهجرة ..
ودفعها من عرض زوجته عائشة رضي الله عنها ..
ودفعها من دمه بدخول المغفر في وجنته في الخندق ، وكسر رباعيته في أحد ..
ودفعها من ماله فأنفقه في سبيل الله إنفاق من لايخشى الفقر ..
ودفعها من شخصيته العظيمة فقالوا عنه ساحر وكذاب ومجنون ..
ودفعها من حياته الشخصية فنشأ يتيما فقيرا راعيا للأغنام ..
وبهذه التضحيات حكم الكون ، وذلت - له - إمبراطورية الروم والفرس حينها ..
كان رسول الله كذلك ..
وتلك كلفة التمكين له ولدعوته ..
فما بالك بنا اليوم ؟!!!
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق