الأدلة على بطلان قاعدة "من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع".
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :من القواعدة الفاسدة التي شتتت شمل السلفيين ومزقتهم كل ممزق قاعدة (من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع ومن ليس معنا فهو ضدنا) وهذه القاعدة التي لم يقل بها أحد من علماء السلف فيما أعلم صرنا نسمعها ونرى العمل بمقتضاها في واقع حياتنا وامتحن بها كثير من مشائخ الدعوة السلفية في عصرنا هذا بسبب إنكارهم لها ورفضهم التقليد في قضايا التجريح التي لا تخرج عن كونها من القضايا الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف بين أهل العلم ولمعرفة بطلان هذه القاعدة أنقل كلاما لبعض أئمة الدعوة السلفية في عصرنا وعلى رأسهم شامة الشام المحدث ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى فقد سئل فضيلته:ما رأيكم في هذه القواعد: من لم يكفر الكافر فهو كافر، ومن لم يبدع المبتدع فهو مبتدع، ومن لم يكن معنا فهو ضدنا ؟ فأجاب بقوله:من هو صاحب هذه القواعد ومن قعدها ؟ « على سبيل الإنكار ثم قص قصة أحد علماء ألبانيا الذي كفر من لم يهيئ له نعله-:خروج من الدار حيث قال-واللفظ للألباني -: هذا كفر لأنه لم يحترم العالم، ومن لم يحترم العالم لا يحترم العلم، والذي لا يحترم العلم لا يحترم من جاء بالعلم، والذي جاء بالعلم هو محمد صلى الله عليه وسلم وهكذا سلسلها إلى جبريل إلى رب العالمين فإذا هو كافر. ثم قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: ليس شرطا أبدا أن من كفر شخصا وأقام عليه الحجة أن يكون كل الناس معه في التكفير، لأنه قد يكون هو متأولا، ويرى العالم الآخر أنه لا يجوز تكفيره، وكذلك التفسيق والتبديع، فهذه الحقيقة من فتن العصر الحاضر ومن تسرع بعض الشباب في إدعاء العلم.المقصود أن هذا التسلسل وهذا الإلزام غير لازم أبدا، هذا باب واسع قد يرى عالم الأمر واجبا ويراه الآخر ليس كذلك، وما اختلف العلماء من قبل ومن بعد إلا لأنه من باب الاجتهاد، لا يلزم الآخرين أن يأخذوا برأيه، الذي يلزم بأخذ برأي الآخر إنما هو المقلد الذي لا علم عنده وهو الذي يجب عليه أن يقلد، أما من كان عالما فالذي كفّر أو فسّق أو بدّع ولا يرى مثل رأيه فلا يلزمه أبدا أن يتابع ذلك العالم.-سلسلة الهدى والنور شريط رقم 778 وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في كتاب العلم وهو يتحدث عن الأخطاء التي ينبغي لطالب العلم الحذر منها: ومنها : التعصب للمذاهب والآراء: فيجب على طالب العلم أن يتخلى عن: الطائفية والحزبية بحيث يعقد الولاء والبراء على طائفة معينة أو على حزب معين ؛ فهذا لا شك خلاف منهج السلف، فالسلف الصالح ليسوا أحزابًا بل هم حزب واحد، ينضوون تحت قول الله - عز وجل -: { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ } (الحج: الآية 78) .فلا حزبية ولا تعدد، ولا موالاة ، ولا معاداة إلا على حسب ما جاء في الكتاب والسنة، فمن الناس مثلا من يتحزب إلى طائفة معينة، يقرر منهجها ويستدل عليه بالأدلة التي قد تكون دليلا عليه، ويحامي دونها، ويضلل من سواه حتى وإن كانوا أقرب إلى الحق منه، ويأخذا مبدأ: من ليس معي فهو عليّ، وهذا مبدأ خبيث؛ لأن هناك وسطًا بين أن يكون لك أو عليك، وإذا كان عليك بالحق، فليكن عليك وهو في الحقيقة معك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا » أخرجه البخاري ونصر الظالم أن تمنعه من الظلم، فلا حزبية في الإسلام، ولهذا لما ظهرت الأحزاب في المسلمين، وتنوعت الطرق، وتفرقت الأمة، وصار بعضهم يُضَلّل بعضًا، ويأكل لحم أخيه ميتًا، لحقهم الفشل كما قال الله تعالى: { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } (الأنفال: الآية 46) لذلك نجد بعض طلاب العلم يكون عند شيخ من المشايخ، ينتصر لهذا الشيخ بالحق والباطل ويعادي من سواه، ويضلله ويبدعه، ويرى أن شيخه هو العالم المصلح، ومن سواه إما جاهل أو مفسد، وهذا غلط كبير، بل يجب أخذ قول من وافق قوله الكتاب والسنة وقول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وسئل الشيخ العلاّمة عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى-في درس سنن أبى داود، ليلة 26/صفر 1423هـ الأسئلة التالية: السؤال الأول: لو قال أحد المشايخ عن أحد من الناس بأنه مبتدع، هل يلزم الطالب أن يأخذ بهذا التبديع ؟أم لا بد من معرفة وجه التبديع ؟لأنه قد يُطلق على أحد كان على سنّة . فأجاب الشيخ: ما كل يُقبل كلامه في هذا،إذا جاء من كلام مثل الشيخ ابن باز، أو الشيخ ابن عثيمين، نعم،يُمكن أن يُعوّل على كلامه،أما من هب ودب؛ فلا يؤخذ منه هذا الكلام . وختاما أسأل الله أن يجمع شمل السلفيين ويكفيهم شر هذه الفتنة الردية إنه ولي ذلك ومولاه وصلى الله على نبينال محمد وآله وصحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق