السؤال : هل يجوز للحائض ، وللنفساء .. قراءة القرآن الكريم ،؟
الجواب : : الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد، فلم يثبت دليل صحيح صريح في منع قراءة القرآن الكريم لكل الحائض – ومثلها النفساء لأنَّ مُدَّتها أطول من مُدَّة الحائض. -
وهاك الأدلة على الجواز :
الأدلة : من القرآن الكريم
عموم الأمر بقراءة القرآن, كقوله تعالى –"وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ" الكهف : 27 " اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ" العنكبوت : 45 " إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ " النمل: (91+92) " عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ "المزمل: 20
لهذه النصوص العامة الآمرة بتلاوة القرآن الكريم ، يحل لكل من الحائض والنفساء تلاوة وردهما من القرآن الكريم ، وكل ما تيسر لهما منه ، ولا سيما أصحاب الهمم العالية من نسائنا وبناتنا ، والحفظة اللائي يخشين النسيان ، والحاجة ماسة لتعاهد القرآن الكريم ممن لهن وردٌ يومي لا يفتر لسانهن عن ذكر الله ، يرطبون ألسنتهم بهذا الذكر الخالد ، تعمر به قلوبهن ، وكذا المعلمات والطالبات فى دور ومعاهد العلم ، خلال تدريس مقررات التربية الإسلامية ، وما يكون منها مخصص للتلاوة ، وآخر للدراسة والتفسير والأبحاث الإثرائية التي تتضمن نصوصا قرآنية كثيرة ، لا حرج عليهن من تلاوتها حتى لا يفوتهن أجر التلاوة ، وأمانا من تعرض حفظهن لنسيان شيء من القرآن ، وعلى كل حال فالتلاوة والمراجعة والتدبر سواء أكان ذلك عن ظهر قلب أو نظر فى المصحف عند الحاجة هذا خير للمرأة في دينها ودنياها. ومقام التعليم والتعلم قرينة يقتضي اليسر في الفتوى.
للشواهد والأدلة التي نوردها في هذا المبحث إجابة لهذا السؤال إضافة إلي الآيات السابقة
ثانيا : من الحديث النبوي الشريف
1-فى الصحيحين لما حاضت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهم في مكة فى حجة الوداع قال لها – صلوات الله وسلامه عليه : "افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي" صحيح البخاري (1/ 68) 6 - كِتَابُ الحَيْض بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ. في هذا الحديث : دلالة ظاهرة على جواز قراءة الحائض للقرآن لأن من شأن الحاج قراءة القرآن والنُّفساء من باب أَوْلى أنْ يُرخَّص لها، لأنَّ مُدَّتها أطول من مُدَّة الحائض.
2-فى الصحيحين قَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» صحيح البخاري 6 - كِتَابُ الحَيْض بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ هذا الحديث وإن ذكره البخاري - تعليقاً – فقد أخرجه مسلم في الحيض باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها، وذكر الترمذي في ((علله)) أنَّهُ سأل البخاري عَنهُ، فقالَ: هوَ حديث صحيح. أفاده الحافظ ابن رجب في فتح الباري لابن رجب (2/ 45)
ومعنى : عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» يعني في جميع أزمانه من غير فرق بين حين الجنابة وغيره ، وهذا دليلٌ أنه لا يُمنع من على غير طهارةٍ من ذكر الله والذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره. وإنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف ، ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن الذكر يشمل فيما يشمل القرآن الكريم فمن أسمائه الكثيرة : الذكر " إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ " يوسف :(104) ص : 87" ، التكوير : 27، القلم : 52 ولكن : وما هو ..."وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ" الأنبياء : (50) حتى الكفار يقرون بأنه ذكر " وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ "الحجر:(6) " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" الحجر (9) " وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ" القلم: (51) """فهذا الحديث دليل إجازة للحائض والجنب تلاوة القرآن، فالذِّكْرُ قَدْ يَكُونُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ ذِكْرِ اللهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ أَحَدًا إِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ وهو قول حماد بن أبى سفيان، والحكم بن عتيبة، وأهل الظاهر ، روى ابن القاسم وغيره قولا عن مالك فى إباحة الحائض أن تقرأ ما شاءت من القرآن
3-ومن الأدلة : فى صحيح البخاري " لَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأساً". وكان يقرأ ورده وهو جنب، فقيل له فى ذلك، فقال: ما فى جوفى أكثر منه ،" عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَيَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: دَخَلْتَ عَلَيَّ وَقَدْ قَرَأْتُ سُبُعَ الْقُرْآنِ وَأَنَا جُنُبٌ "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (2/ 98)
، وهذا من أدلة الإجازة للجنب – وكذا الحائض والنفساء - بقراءة القرآن ، لاشتراكهما في غلظ الحدث وإيجاب الغسل إلا أن حدثَ الحيض يمنع ما يمنع منه حدث الجنابة وزيادة، وهي الوطء والصوم ، والحائض والنفساء أولى من الجنب بجواز القراءة خلال فترة الحيض والنفاس لطول أمرهما المستلزم لنسيان القرآن، فمدة الحيض عند بعض النسوة قد تمتد لأكثر من عشرة أيام. ناهيك عن مدة النفاس التي قد تربو على الأربعين ، وإن دفع البعض بأن خشية النسيان تندفع بتذكر القرآن بالقلب، وهو غير ممنوع به. إلا أن الأمر لا يسلم ، وقد لا يتيسر أن يكون أحد بجانبهما يفتح عليهما إذا ارتج عليهما ، أو غاب عنهما لفظ أو اختلط وتشابه عليهما نصان.
ثالثا : أقوال الصحابة
ومن الصحابة ممن أجاز قراءة الحائض والجنب للقرآن الكريم ، أعلم الأمة بالحلال والحرام (معاذ بن جبل ) عن عبد الرحمن بن غنم أنه سأل معاذ بن جبل أيقرأ الجنب القرآن؟ قال: نعم، إن شاء، قلت: والحائض والنفساء؟ قال: نعم، لا يدعن أحد ذكر الله، وتلاوة كتابه على حال، قلت: فإن الناس يكرهونه، قال: من كرهه فإنما كرهه تنزهًا، ومن نهى عنه فإنما يقول بغير علم، ما نهى رسول الله عن شىء من ذلك. شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 423)
رابعا : من التابعين
ومن التابعين الذين أجازوا تلاوة الجنب للقرآن ( سعيد بن المسيب) عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: أَيَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: «أَوَلَيْسَ الْقُرْآنُ فِي جَوْفِهِ؟» فضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 195) الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (2/ 98).
خامسا : ضعف الأحاديث الواردة في منع الحائض والنفساء من التلاوة وعدم ثبوت شيئ منها بعد الدراسة لأسانيدها.
السؤال : هناك أحاديث تمنع من تلاوة الحائض للقرآن الكريم، فما حكمها ؟
الجواب : لا يصح منها شيئ بعد الدراسة لأسانيدها وطرقها ، فضلا عن تعارضها مع نصوص نبوية كثير صحيحة يستفاد منها الإباحة ، ومن هذه الأحاديث :
1-حديث («لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ») قال الحافظ فى " الفتح " 1 / 409: ضعيف من جميع طرقه (كتاب الحيض- باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف)
وقال الألباني في ضعيف الترمذي (18): منكر.. والخلاصة هذا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ.
2-وحديث كان رسول الله صلوات الله وسلامه عليه " لَا يحجزه - عَن الْقُرْآن شَيْء إِلَّا الْجَنَابَة» ولفظ " لا يقرأ القرآن الجنب ولا الحائض "
تحقيق الألباني: ضعيف، ابن ماجة (594) ، // ضعيف سنن ابن ماجة (129) ، ضعيف أبي داود (39/229) نحوه، المشكاة (460) ، الإرواء (192 و 485) ، ضعيف سنن النسائي برقم (9/265) لهذا يقول المحققون من العلماء : لا يوجد نصوص صحيحة صريحة تمنع الحائض من التلاوة ،
سادسا : فحول علماء الأمة والمحققون منهم يقولون بتلاوة الحائض والنفساء لوردها القرآني وعدم انقطاعها عن القرآن .
سادسا : من أقوال العلماء الذي ذهبوا إلى جواز تلاوة كل من الحائض والنفساء للقرآن الكريم .
السؤال : مّنْ مِنّ العلماء يقول بجواز تلاوة الحائض لوردها القرآني ؟
الجواب : الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد: هو مذهب مالك، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني ، ومن أقوال العلماء في ذلك
1- قال شيخ الإسلام ابن تيميةَ – رحمه الله - مَعْلُومٌ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَحِضْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ يَنْهَاهُنَّ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. كَمَا لَمْ يَكُنْ يَنْهَاهُنَّ عَنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بَلْ أَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ فَيُكَبِّرُونَ بِتَكْبِيرِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَرَ الْحَائِضَ أَنْ تَقْضِيَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ: تُلَبِّي وَهِيَ حَائِضٌ وَكَذَلِكَ بمزدلفة وَمِنًى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَشَاعِرِ." مجموع الفتاوى (21/ 460)
2-قال ابن القيم – رحمه الله فى إعلام الموقعين : إن الشَّارِعَ قَسَّمَ الْعِبَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَائِضِ إلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٍ يُمْكِنُهَا التَّعَوُّض عَنْهُ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ فَلَمْ يُوجِبْهُ عَلَيْهَا فِي الْحَيْضِ، بَلْ أَسْقَطَهُ إمَّا مُطْلَقًا كَالصَّلَاةِ وَإِمَّا إلَى بَدَلِهِ زَمَنَ الطُّهْرِ كَالصَّوْمِ. وَقِسْمٍ لَا يُمْكِنُ التَّعَوُّضُ عَنْهُ وَلَا تَأْخِيرُهُ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ فَشَرَعُهُ لَهَا مَعَ الْحَيْضِ أَيْضًا كَالْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَتَوَابِعُهُ، وَمِنْ هَذَا جَوَازُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَهَا وَهِيَ حَائِضٌ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهَا التَّعَوُّضُ عَنْهَا زَمَنَ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ قَدْ يَمْتَدُّ بِهَا غَالِبُهُ أَوْ أَكْثَرُهُ، فَلَوْ مُنِعَتْ مِنْ الْقِرَاءَةِ لَفَاتَتْ عَلَيْهَا مَصْلَحَتُهَا، وَرُبَّمَا نَسِيَتْ مَا حَفِظَتْهُ زَمَنَ طُهْرِهَا، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمْنَعْ الْحَائِضَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/ 25)
3-قال الطبرى: واعتلوا من طريق النظر بأن تلاوة القرآن قد ندب إليها الناس كما ندبوا إلى ذكر الله والتسبيح والتهليل، قالوا: وقد قامت الدلالة بأن ذكر الله مطلق للجنب والحائض، قالوا: وقراءة القرآن فى معنى ذلك فى أنها مطلقة لهما، إذ لا حجة تفرق بين ذلك. شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 423) هذا وبالله التوفيق نسأل الله تعالى الهداية لنا ولسائر الأمة المحمدية والتوفيق للعمل على ما يحبه ويرضاه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا والصلاة والسلام على سيدنا محمد ومن والاه .هذا وبالله التوفيق ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل .والله أعلم".
https://www.facebook.com/iumsonline/posts/1008372009195863:0
الجواب : : الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد، فلم يثبت دليل صحيح صريح في منع قراءة القرآن الكريم لكل الحائض – ومثلها النفساء لأنَّ مُدَّتها أطول من مُدَّة الحائض. -
وهاك الأدلة على الجواز :
الأدلة : من القرآن الكريم
عموم الأمر بقراءة القرآن, كقوله تعالى –"وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ" الكهف : 27 " اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ" العنكبوت : 45 " إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ " النمل: (91+92) " عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ "المزمل: 20
لهذه النصوص العامة الآمرة بتلاوة القرآن الكريم ، يحل لكل من الحائض والنفساء تلاوة وردهما من القرآن الكريم ، وكل ما تيسر لهما منه ، ولا سيما أصحاب الهمم العالية من نسائنا وبناتنا ، والحفظة اللائي يخشين النسيان ، والحاجة ماسة لتعاهد القرآن الكريم ممن لهن وردٌ يومي لا يفتر لسانهن عن ذكر الله ، يرطبون ألسنتهم بهذا الذكر الخالد ، تعمر به قلوبهن ، وكذا المعلمات والطالبات فى دور ومعاهد العلم ، خلال تدريس مقررات التربية الإسلامية ، وما يكون منها مخصص للتلاوة ، وآخر للدراسة والتفسير والأبحاث الإثرائية التي تتضمن نصوصا قرآنية كثيرة ، لا حرج عليهن من تلاوتها حتى لا يفوتهن أجر التلاوة ، وأمانا من تعرض حفظهن لنسيان شيء من القرآن ، وعلى كل حال فالتلاوة والمراجعة والتدبر سواء أكان ذلك عن ظهر قلب أو نظر فى المصحف عند الحاجة هذا خير للمرأة في دينها ودنياها. ومقام التعليم والتعلم قرينة يقتضي اليسر في الفتوى.
للشواهد والأدلة التي نوردها في هذا المبحث إجابة لهذا السؤال إضافة إلي الآيات السابقة
ثانيا : من الحديث النبوي الشريف
1-فى الصحيحين لما حاضت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهم في مكة فى حجة الوداع قال لها – صلوات الله وسلامه عليه : "افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي" صحيح البخاري (1/ 68) 6 - كِتَابُ الحَيْض بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ. في هذا الحديث : دلالة ظاهرة على جواز قراءة الحائض للقرآن لأن من شأن الحاج قراءة القرآن والنُّفساء من باب أَوْلى أنْ يُرخَّص لها، لأنَّ مُدَّتها أطول من مُدَّة الحائض.
2-فى الصحيحين قَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» صحيح البخاري 6 - كِتَابُ الحَيْض بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ هذا الحديث وإن ذكره البخاري - تعليقاً – فقد أخرجه مسلم في الحيض باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها، وذكر الترمذي في ((علله)) أنَّهُ سأل البخاري عَنهُ، فقالَ: هوَ حديث صحيح. أفاده الحافظ ابن رجب في فتح الباري لابن رجب (2/ 45)
ومعنى : عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» يعني في جميع أزمانه من غير فرق بين حين الجنابة وغيره ، وهذا دليلٌ أنه لا يُمنع من على غير طهارةٍ من ذكر الله والذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره. وإنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف ، ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن الذكر يشمل فيما يشمل القرآن الكريم فمن أسمائه الكثيرة : الذكر " إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ " يوسف :(104) ص : 87" ، التكوير : 27، القلم : 52 ولكن : وما هو ..."وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ" الأنبياء : (50) حتى الكفار يقرون بأنه ذكر " وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ "الحجر:(6) " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" الحجر (9) " وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ" القلم: (51) """فهذا الحديث دليل إجازة للحائض والجنب تلاوة القرآن، فالذِّكْرُ قَدْ يَكُونُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ ذِكْرِ اللهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ أَحَدًا إِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ وهو قول حماد بن أبى سفيان، والحكم بن عتيبة، وأهل الظاهر ، روى ابن القاسم وغيره قولا عن مالك فى إباحة الحائض أن تقرأ ما شاءت من القرآن
3-ومن الأدلة : فى صحيح البخاري " لَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأساً". وكان يقرأ ورده وهو جنب، فقيل له فى ذلك، فقال: ما فى جوفى أكثر منه ،" عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَيَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: دَخَلْتَ عَلَيَّ وَقَدْ قَرَأْتُ سُبُعَ الْقُرْآنِ وَأَنَا جُنُبٌ "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (2/ 98)
، وهذا من أدلة الإجازة للجنب – وكذا الحائض والنفساء - بقراءة القرآن ، لاشتراكهما في غلظ الحدث وإيجاب الغسل إلا أن حدثَ الحيض يمنع ما يمنع منه حدث الجنابة وزيادة، وهي الوطء والصوم ، والحائض والنفساء أولى من الجنب بجواز القراءة خلال فترة الحيض والنفاس لطول أمرهما المستلزم لنسيان القرآن، فمدة الحيض عند بعض النسوة قد تمتد لأكثر من عشرة أيام. ناهيك عن مدة النفاس التي قد تربو على الأربعين ، وإن دفع البعض بأن خشية النسيان تندفع بتذكر القرآن بالقلب، وهو غير ممنوع به. إلا أن الأمر لا يسلم ، وقد لا يتيسر أن يكون أحد بجانبهما يفتح عليهما إذا ارتج عليهما ، أو غاب عنهما لفظ أو اختلط وتشابه عليهما نصان.
ثالثا : أقوال الصحابة
ومن الصحابة ممن أجاز قراءة الحائض والجنب للقرآن الكريم ، أعلم الأمة بالحلال والحرام (معاذ بن جبل ) عن عبد الرحمن بن غنم أنه سأل معاذ بن جبل أيقرأ الجنب القرآن؟ قال: نعم، إن شاء، قلت: والحائض والنفساء؟ قال: نعم، لا يدعن أحد ذكر الله، وتلاوة كتابه على حال، قلت: فإن الناس يكرهونه، قال: من كرهه فإنما كرهه تنزهًا، ومن نهى عنه فإنما يقول بغير علم، ما نهى رسول الله عن شىء من ذلك. شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 423)
رابعا : من التابعين
ومن التابعين الذين أجازوا تلاوة الجنب للقرآن ( سعيد بن المسيب) عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: أَيَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: «أَوَلَيْسَ الْقُرْآنُ فِي جَوْفِهِ؟» فضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 195) الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (2/ 98).
خامسا : ضعف الأحاديث الواردة في منع الحائض والنفساء من التلاوة وعدم ثبوت شيئ منها بعد الدراسة لأسانيدها.
السؤال : هناك أحاديث تمنع من تلاوة الحائض للقرآن الكريم، فما حكمها ؟
الجواب : لا يصح منها شيئ بعد الدراسة لأسانيدها وطرقها ، فضلا عن تعارضها مع نصوص نبوية كثير صحيحة يستفاد منها الإباحة ، ومن هذه الأحاديث :
1-حديث («لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ») قال الحافظ فى " الفتح " 1 / 409: ضعيف من جميع طرقه (كتاب الحيض- باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف)
وقال الألباني في ضعيف الترمذي (18): منكر.. والخلاصة هذا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ.
2-وحديث كان رسول الله صلوات الله وسلامه عليه " لَا يحجزه - عَن الْقُرْآن شَيْء إِلَّا الْجَنَابَة» ولفظ " لا يقرأ القرآن الجنب ولا الحائض "
تحقيق الألباني: ضعيف، ابن ماجة (594) ، // ضعيف سنن ابن ماجة (129) ، ضعيف أبي داود (39/229) نحوه، المشكاة (460) ، الإرواء (192 و 485) ، ضعيف سنن النسائي برقم (9/265) لهذا يقول المحققون من العلماء : لا يوجد نصوص صحيحة صريحة تمنع الحائض من التلاوة ،
سادسا : فحول علماء الأمة والمحققون منهم يقولون بتلاوة الحائض والنفساء لوردها القرآني وعدم انقطاعها عن القرآن .
سادسا : من أقوال العلماء الذي ذهبوا إلى جواز تلاوة كل من الحائض والنفساء للقرآن الكريم .
السؤال : مّنْ مِنّ العلماء يقول بجواز تلاوة الحائض لوردها القرآني ؟
الجواب : الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد: هو مذهب مالك، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني ، ومن أقوال العلماء في ذلك
1- قال شيخ الإسلام ابن تيميةَ – رحمه الله - مَعْلُومٌ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَحِضْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ يَنْهَاهُنَّ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. كَمَا لَمْ يَكُنْ يَنْهَاهُنَّ عَنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بَلْ أَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ فَيُكَبِّرُونَ بِتَكْبِيرِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَرَ الْحَائِضَ أَنْ تَقْضِيَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ: تُلَبِّي وَهِيَ حَائِضٌ وَكَذَلِكَ بمزدلفة وَمِنًى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَشَاعِرِ." مجموع الفتاوى (21/ 460)
2-قال ابن القيم – رحمه الله فى إعلام الموقعين : إن الشَّارِعَ قَسَّمَ الْعِبَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَائِضِ إلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٍ يُمْكِنُهَا التَّعَوُّض عَنْهُ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ فَلَمْ يُوجِبْهُ عَلَيْهَا فِي الْحَيْضِ، بَلْ أَسْقَطَهُ إمَّا مُطْلَقًا كَالصَّلَاةِ وَإِمَّا إلَى بَدَلِهِ زَمَنَ الطُّهْرِ كَالصَّوْمِ. وَقِسْمٍ لَا يُمْكِنُ التَّعَوُّضُ عَنْهُ وَلَا تَأْخِيرُهُ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ فَشَرَعُهُ لَهَا مَعَ الْحَيْضِ أَيْضًا كَالْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَتَوَابِعُهُ، وَمِنْ هَذَا جَوَازُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَهَا وَهِيَ حَائِضٌ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهَا التَّعَوُّضُ عَنْهَا زَمَنَ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ قَدْ يَمْتَدُّ بِهَا غَالِبُهُ أَوْ أَكْثَرُهُ، فَلَوْ مُنِعَتْ مِنْ الْقِرَاءَةِ لَفَاتَتْ عَلَيْهَا مَصْلَحَتُهَا، وَرُبَّمَا نَسِيَتْ مَا حَفِظَتْهُ زَمَنَ طُهْرِهَا، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمْنَعْ الْحَائِضَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/ 25)
3-قال الطبرى: واعتلوا من طريق النظر بأن تلاوة القرآن قد ندب إليها الناس كما ندبوا إلى ذكر الله والتسبيح والتهليل، قالوا: وقد قامت الدلالة بأن ذكر الله مطلق للجنب والحائض، قالوا: وقراءة القرآن فى معنى ذلك فى أنها مطلقة لهما، إذ لا حجة تفرق بين ذلك. شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 423) هذا وبالله التوفيق نسأل الله تعالى الهداية لنا ولسائر الأمة المحمدية والتوفيق للعمل على ما يحبه ويرضاه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا والصلاة والسلام على سيدنا محمد ومن والاه .هذا وبالله التوفيق ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل .والله أعلم".
https://www.facebook.com/iumsonline/posts/1008372009195863:0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق