لأن أئمة المذاهب لم يخالفوا الكتاب والسنة
وقد أجمع علماء الأمة على عدم مخالفتهم.
إليكم كلام علماء الأمة في حق الأئمة على مر التاريخ.
قال الإمام ابن نجيم في الأشباه والنظائر ( 1\131 )
: " .. وما خالف الأئمة الأربعة مخالف للإجماع وإن كان فيه خلاف لغيرهم ، فقد صرّح في " التحرير " أنّ الإجماع انعقد على عدم العمل بمنصب مخالف للأربعة لإنضباط مذاهبهم واتشارها وكثرة أتباعهم "
قال الإمام النفراوي في " الفواكه الدواني " ( 2 \ 365 )
: " … وقد انعقد إجماع المسلمين اليوم على وجوب متابعة واحد من الأئمة الأربعة : أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم ، وعدم جواز الخروج عن مذاهبهم ، وإنّما حرم تقليد غير هؤلاء الأربعة من المجتهدين ، مع أنّ الجميع على هدى لعدم حفظ مذاهبهم لموت أصحابهم وعدم تدوينها " .
وجاء في مواهب الجليل ، للإمام الحطّاب ، ( 1 \ 30 )
: ( قال القرافي : ورأيت للشيخ تقي الدين بن الصلاح ما معناه أنّ التقليد يتعيّن لهذه الأئمة الأربعة دون غيرهم ، لأنّ مذاهبهم انتشرت وانبسطت ، حتى ظهر فيها تقييد مطلقها وتخصيص عامها وشروط فروعها ، فإذا أطلقوا حكماً وجد مكملاً في موضع آخر وأمّا غيرهم فتنقل عنه الفتاوى مجردة فلعلّ لها مكملا أو مقيداً أو مخصصاً لو انضبط كلام قائله لظهر ، فيصير في تقليده على غير ثقة ، بخلاف هؤلاء الأربعة ) .
وقال إمام الحرمين الجويني في البرهان ( 2 \ 744 )
: " أجمع المحققون على أنّ العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذاهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم ، بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة الذين سبروا ونظروا وبوّبوا الأبواب وذكروا أوضاع المسائل وتعرضوا للكلام على مذاهب الأولين ، والسبب فيه أنّ الذين درجوا وإن كانوا قدرة في الدّين وأسوة للمسلمين ، فإنّهم لم يعتنوا بتهذيب مسالك الإجتهاد وإيضاح طرق النظر والجدال وضبط المقال ، ومن خلفهم من أئمة الفقه كفوا من بعدهم النظر في مذاهب الصحابة فكان العامي ماموراً باتباع مذاهب السابرين " .
وجاء في الفروع ، للإمام ابن مفلح ، ( 6\374 )
: " وفي الإفصاح : إنّ الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة ، وأنّ الحق لا يخرج عنهم ، ويأتي في العادلة لزوم التمذهب بمذهب وجواز الإنتقال عنه " .
وقال الزركشي في " البحر المحيط " ( 8\240 ) : " وقد وقع الإتفاق بين المسلمين على أنّ الحق منحصر في هذه المذاهب وحينئذ فلا يجوز العمل بغيرها " .
وجاء في التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ، للأسنوي ، ( 1\527 ) : " … وذكر ابن الصلاح ما حاصله : أنّه يتعيّن الآن تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم ، قال : لأنّها قد انتشرت وعلم تقييد مطلقها وتخصيص عامها وبشروط فروعها ، بخلاف مذهب غيرهم أجمعين " .
وقال ابن علاّن الصدّيقي في شرحه على رياض الصالحين المسمّى " دليل الفالحين " ( 1\415 ) : " أمّا في زماننا فقال بعض أئمتنا : لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة : الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد ، لأنّ هؤلاء عرفت مذاهبهم واستقرت أحكامها وخدمها تابعوهم وحرروها فرعاً فرعاً وحكماً حكماً ، فقلّ أن يوجد فرع إلاّ وهو منصوص لهم إجمالا أو تفصيلا بخلاف غيرهم فإنّ مذاهبهم لم تحرر وتدوّن كذلك ، فلا يعرف لها قواعد يتخرج عليها أحكامها فلم يجز تقليدهم فيما حفظ عنهم منها ، لأنّه قد يكون مشترطاً بشروط أخرى وكلوها إلى فهمها من قواعدهم ، فقلّت الثقة بخلّو ما حفظ عنهم من قيد أو شرط فلم يجز التقليد حينئذ " .
وقال ابن رجب في " الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة " ص 13 : " فإن قيل : نحن نسلّم منع عموم النّاس من سلوك طريق الإجتهاد ، لما يفضي ذلك أعظم الفساد ، لكن لا نسلّم منع تقليد إمام متبع من أئمة المجتهدين غير هؤلاء الأئمة المشهورين ، قيل : قد نبهنا علة المنع من ذلك وهو أنّ مذاهب غير هؤلاء لم تشتهر ولم تنضبط ، فربما نسب إليهم ما لم يقولوه أو فهم عنهم ما لم يريدوه ، وليس لمذاهبهم من يذبّ عنها وينبه على ما يقع من الخلل فيها ، بخلاف هذه المذاهب المشهورة ، فإن قيل : فما تقولون في مذهب إمام غيرهم قد دوّن مذهبه وضبط وحفظ كما حفظ هؤلاء ، قيل : أولا : هذا لا يعلم وجوده الآن ، وإن فرض وقوعه الآن وسلّم جواز اتباعه والإنتساب إليه ، فإنّه لا يجوز ذلك إلاّ لمن أظهر الإنتساب إليه والفتيا بقوله والذّبّ عن مذهبه " .
وقال المرداوي في التحبير : ( 1\128 ) : " فإنّ مدار الإسلام واعتماد أهله قد بقي على هؤلاء الأئمة وأتباعهم ، وقد ضبطت مذاهبهم وأقوالهم وأفعالهم وحرّرت ونقلت من غير شك في ذلك ، بخلاف مذهب غيرهم وإن كان من الأئمة المعتمد عليهم ، لكن لم تضبط الضبط الكامل وإن كان صح بعضها فهو يسير فلا يكتفى به وذلك لعدم الأتباع " .
ومن العجيب أنّ ابن تيمية رحمه الله تعالى قد قطع بأنّ الحق لا يخرج عن الأئمة الأربعة رغم عدم التزامه بمواضع عديدة في فتاويه بذلك عفا الله عنه ، حيث جاء في الفتاوى المصرية ص81 : " وقول القائل : لا أتقيّد بأحد من هؤلاء الأئمة الأربعة ، إن أراد أنّه لا يتقيّد بواحد بعينه دون الباقين فقد أحسن بل هو الصواب من القولين ،وإن أراد أنّي لا أتقيّد بها كلّها ، بل أخالفها فهو مخطيء في الغالب قطعاً ، إذ الحق لا يخرج عن هذه الأربعة في عامة الشريعة "
مكتبة الرد على الوهابية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق