القراءة عند القبر ليست بدعة
من المسائل التي يكثر فيها الجدال والخلاف والنقاش حتى يصل إلى الخصام والمقاطعة مسألة قراءة شيء من القرآن عند القبر، فمنهم من يقول بدعة، ومنهم من يقول حرام، والمسألة لا تقتضي كل هذا الهجوم الفظيع، والإنكار الشنيع، ولنرجع فيها إلى أقوال إمام السلفية في عصره ابن القيم قال:
ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن، قال عبد الحق الإشبيلي: يروى أن عبد الله بن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة
قال الحافظ جلال الدين السيوطي: روى البيهقي في الشعب والطبراني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره وليقرأ عند رأسه فاتحة الكتاب)) ولفظ البيهقي: ((فاتحة البقرة وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة في قبره)). اه.
قلت: وقد استعمل الصحابة هذا الحديث وعملوا به فقد روى الخلال في الجامع، (كتاب القراءة عند القبور) أخبرنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا مبشر الحلبي، حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج، عن أبيه قال: قال أبي: إذا أنا متُّ فضعني في اللحد وقل: باسم الله، وعلى سنة رسول الله. وشن عليّ التراب شنّا، واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة، فإني سمعت عبد الله بن عمر يقول ذلك، قال عباس الدوري: سألت أحمد بن حنبل، قلت: تحفظ في القراءة شيئاً؟ وفي رواية: تحفظ في القراءة على القبر شيئاً؟ فقال: لا، وسألت يحيى بن معين فحدثني هذا الحديث. قال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق، حدثنا علي بن موسى الحداد وكان صدوقاً قال: كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر، فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة، قال: كتبت عنه شيئاً؟ قال: نعم، فأخبرني، قال: أخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنه رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك، فقال له أحمد: فارجع وقل للرجل يقرأ.
وقال الحسن بن الصباح الزعفراني: سألت الشافعي عن القراءة عند القبر فقال: لا بأس بها.
وذكر الخلال عن الشعبي قال: كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤن القرأن
وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب: يستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن ويدعو لهم عقبها، نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب، وزاد في موضع آخر وإن ختموا القرآن على القبر كان أفضل. اه.
وقال ابن مفلح في الفروع: لا تكره القراءة على القبر وفي المقبرة، نص عليه واختاره أبو بكر، والقاضي، وجماعة، وهو المذهب .. إلى أن قال: وفي شرح مسلم: أن العلماء استحبوا القراءة عند القبر لخبر الجريدة لأنه إذا رجا التخفيف لتسبيحها فالقراءة أولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق