فدية الإفطار عن العاجز
السؤال: شيخنا ما مقدار فدية الإفطار للعاجز عن الصيام؟ وما وقت إخراجها ؟ وما حكم العاجز عن إخراجها لعسره؟ بارك الله فيكم
الجواب : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛أما بعد:
فان فدية الإفطار للمريض مرضاً مزمنا لا يرجى برؤه، والشيخ الكبير والعاجزِ عن الصيام، تكون بالإطعام عن كل يوم أفطر فيه مسكيناً، قال تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]. قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ) رواه البخاري.
ويطعم عن كل يوم مسكيناً من القوت السائد في البلد ، واختلف العلماء في مقدار ما يطعمه العاجز عن الصيام للمسكين عن كل يوم؛ لأنه لم يرد في السنّة تحديد معين للإطعام، وذهب بعض أهل العلم إلى أن مقدار الفدية هي نصف صاع من طحين أو تمر أو أرز أو زبيب ونحو ذلك من قوت البلد، وهو ما يعادل (كيلو وربع تقريباً) لان الصاع يعادل تقريبا(2 كغم ونصف) عند الجمهور كما في فتوى المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء ، فيخرج عن كل يوم (كيلو وربع) للفقراء والمساكين وهو ما يعادل نصف الصاع.
ويجوز أن يطبخ طعاما يوميا ويطعمه مسكينا، أو يصنع طعاما يكفي لثلاثين مسكينا ويدعوهم عليه ، وهذا مذهب الأئمة أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو ما أفتى به ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله تعالى- لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-: ( أَنَّهُ ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ عَامًا، فَصَنَعَ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ، وَدَعَا ثَلاثِينَ مِسْكِينًا فَأَشْبَعَهُمْ ) رواه الدار قطني في سننه وصححه الألباني في إرواء الغليل.
ومنع جمهور الفقهاء إخراج القيمة النقدية لمقدار الفدية ، وأجازها الإمام أبو حنيفة ، والجواز للمصلحة - أي مصلحة وحاجة الفقير- وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما ذكرنا في فتوى زكاة الفطر فلتراجع. والقيمة النقدية هي ما تعادل سعر ا كغم وربع من الرز الذي يأكله في البيت وقت اخراج الفدية.
ويجوز إخراج الفدية آخر شهر رمضان أو إخراج فدية كل يوم بيومه خلال اليوم أو بعد انتهائه. أما إخراج الفدية في أول شهر رمضان عن جميع الشهر ، فغير جائز على قول أكثر أهل العلم؛ لما في ذلك من تقديم الفدية على سبب وجوبها، وأجاز الفقهاء الحنفية ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في كتابه الشرح الممتع: ( أما وقت الإطعام فهو بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه، وهل يقدم الإطعام قبل ذلك؟ الجواب: لا يقدم؛ لأن تقديم الفدية كتقديم الصوم، فهل يجزئ أن تقدم الصوم في شعبان؟ الجواب: لا يجزئ ).
وإذا كان العاجز عن الصيام فقيراً أو مسكيناً لا يستطيع إخراج الفدية أو قيمتها، فاختلف أهل العلم في سقوطها عنه، فقال بعضهم: لا تسقط عنه الفدية، بل تجب في ذمته فإذا تيسر أمره وجب عليه إخراجها، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه تسقط الفدية إن كان العاجز عن الصيام معسراً حال وجوبها عليه، والأفضل والاحوط إخراج الفدية إن تيسر له ولو على مذهب من قال انها مُد عن كل يوم كما في مذهب المالكية والشافعية، أي ما يعادل 600 غرام ، خروجاً من الخلاف وابرءا للذمة ، ولا بأس بمساعدة المحسنين للمعسر في إخراجها من باب التعاون على البر والتقوى .والله تعالى اعلم
د ضياء الدين عبدالله الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق