ما هو المولد باختصار؟
هو مناسبة إسلامية كبرى مؤصل لها من الكتاب والسنة لتذكير الغافلين والمتشاغلين؛ لتذكيرهم بقدر النبي ﷺ العظيم، وتدارس سيرته ووصفه وشمائله وأخلاقه وسنته، لأننا مأمورون بنص الكتاب والسنة أن نحب رسول الله ﷺ أكثر من النفس والولد والوالد والناس أجمعين، والمحبة لا تتأتى مع الغفلة والجهل بالمحبوب، بل تتطلب المعرفة به والعناية الفائقة والإهتمام.
ثبت أن النبي ﷺ وصحابته الكرام احتفلوا بالمولد بعدة صور منها المداومة على صيام يوم الأثنين من كل أسبوع، فلما سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن مداومته لصيام يوم الأثنين قال لهم: «ذلك يوم فيه ولدتُّ، وفيه أنزل علي ». ومنها أنه صلى الله عليه وسلم عقَّ عن نفسه وعمره الشريف بين الخمسين والستين، والعقيقة لا تعاد إلا من باب لفت نظر الأمة لنعمة ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يحدِّث الصحابة عن ميلاده الشريف ويقصُّ عليهم ما أخبرته به أمه، فالاحتفال بذكرى المولد يعتبر سُنة نبوية.
يشتمل الاحتفال بالمولد على أمور جليلة منها إشعال جذوة حب النبي صلى الله عليه وسلم في النفوس، والتذكير بنعمة ميلاده العظيمة، ودراسة نسبه الشريف وصفاته وشمائله وسيرته وسُنَّته، وبيان قدره العظيم، وما يجب في حقه من التوقير والاحترام، ومدحه والتعبير عن السرور والفرح به صلى الله عليه وسلم، والتعرض لنفحات ذكرى ميلاده الشريف. لم يكن احتفال الصحابة رضوان الله عليهم بنفس طريقة احتفالنا اليوم لأن النبي ﷺ كان معهم وبينهم، فلا يحتاجون مثلا لمن يكلمهم عنه، ويذكرهم به، ويصفه لهم، ويستعرض شمائله وأخلاقه ويعلمهم حبه وتوقيره.
بعد القرون الثلاثة المفضلة برزت الحاجة إلى تذكير الناس برسول الله ﷺ وقدره العظيم لطول المدة وزيادة المشاغل، وفي زماننا هذا، آخر الزمان، حيث افتتن الشباب بحب المشاهير من المطربين والمصارعين والممثلين ولعيبة الكرة أكثر من رسول الله ﷺ أضحى التذكير أوجب.
المولد ذكرى مباركة طيبة، ومن يأبى الذكرى فكأنه أحمق أو غير مؤمن، لأن الذكرى تنفع المؤمنين كما قال تعالى.
من الناحية الشرعية فقد أفتى بجواز المولد واستحسنه أكابر علماء الإسلام على مر العصور، أمثال: الإمام الحافظ العلامة أبو شامة المقدسي شيخ الإمام الحافظ النووي شارح صحيح مسلم، والإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، أمير المؤمنين في الحديث الشريف، الإمام الحافظ العلامة جلال الدين السيوطي، خاتمة الحفاظ. وأجازه وألف فيه كتبًا تقرأ في احتفالات المولد كثير من الأئمة والحفاظ كالإمام الحافظ ابن الجوزي، والإمام الحافظ أبي الخطاب، والإمام الحافظ العزفي، والإمام الحافظ ابن كثير، والإمام الحافظ العراقي، والإمام الحافظ ابن الجزري، والإمام الحافظ السخاوي، والإمام الحافظ السمهودي، والإمام الحافظ ابن الديبع، والإمام المحدث ابن حجر الهيتمي، والإمام المحدث ملا علي القاري، والإمام الحافظ المناوي وغيرهم من أهل العلم إلى يومنا هذا، وهؤلاء المذكورين من الأئمة الأعلام يمثلون جمهور أهل العلم ورأيهم حجة على من هم دونهم.
لم يشذ على الجمهور في استحسان الإحتفال بالمولد النبوي الشريف إلا فئة قليلة من الجماعات التكفيرية المتطرفة كالوهابية، ولم يُرصَد هذا الشذوذ إلا بعد القرن الثامن الهجري. واعترضوا بشُبه منها ما هو متعلق بتأصيل الاحتفال ومنها ما هو متعلق بطريقة الاحتفال وأجيب عليها كلها بما لم يترك مجالًا للإعتراض الشرعي اللهم إلا بدافع الحساسية المفرطة ضد تعظيم النبي ﷺ وتوقيره على عكس ما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم.
ــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق