حكم رفع الأيدي في الدعاء محمد بن صالح العثيمين
السؤال: ما حكم رفع
الأيدي في الدعاء؟ وما حكم الدعاء بعد الصلوات؟
الإجابة: اعلم أن دعاء الله تعالى من عبادته؛ لأن
الله تعالى أمر به وجعله من عبادته في قوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ
لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
وإذا كان الدعاء من العبادة فالعبادة تتوقف مشروعيتها على
ورود الشرع بها في جنسها، ونوعها، وقدرها، وهيئتها، ووقتها، ومكانها، وسببها.
ولا ريب أن الأصل في الدعاء مشروعية رفع اليدين فيه؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل رفع اليدين فيه من أسباب الإجابة،
حيث قال فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً..." الحديث،
وفيه: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء
يا رب، يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك".
وفي حديث سلمان الذي رواه أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: "إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع العبد إليه يديه أن
يردهما صفراً".
لكن ما ورد فيه عدم الرفع كان السنة فيه عدم الرفع، والرفع
فيه بدعة سواء ورد عدم الرفع فيه تصريحاً، أو استلزاماً.
فمثال ما ورد فيه عدم الرفع تصريحاً: الدعاء حال خطبة
الجمعة، ففي صحيح مسلم عن عمارة ابن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً
يديه فقال: "قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
يزيد على أن يقول بيده هكذا" وأشار بإصبعه السبابة.
ويستثنى من ذلك ما إذا دعا الخطيب باستسقاء فإنه يرفع
يديه والمأمومون كذلك، لما رواه البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة
الأعرابي الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يوم الجمعة أن يستسقي قال:
"فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون".
وقد ترجم عليه البخاري: (باب: رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء).
وعلى هذا يحمل حديث أنس بن مالك الذي رواه البخاري أيضاً
عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من
دعائه إلا في الاستسقاء، وأنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه"، فيكون المراد به
دعاءه في الخطبة، ولا يرد على هذا رفع يديه في الخطبة للاستصحاء لأن القصة
واحدة. وقد أيد صاحب الفتح (ابن حجر) حمل حديث أنس على أن المراد بالنفي في حديث
أنس نفي الصفة لا أصل الرفع كما في ص517 ج2 طبعة الخطيب.
وأياً كان الأمر فإن حديث عمارة يدل على أنه لا ترفع الأيدي
في خطبة الجمعة وإنما هي إشارة بالسبابة، وحديث أنس يدل على رفعها في الاستسقاء، والاستصحاء،
فيؤخذ بحديث عمارة فيما عدا الاستسقاء، والاستصحاء، ليكون الخطيب عاملاً بالسنة في
الرفع والإشارة بدون رفع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنوير الجماعه بجواز الدعاء جماعه الحمد لله وكفى والصلاة
والسلام على المصطفى وآل وصحب ومن وفى ثم اما بعد إدعى البعض أنَّ الدعاء
عقب الصلاة المكتوبه لا يجوز بل من البدع وكذا الإجتماع عليه والجهر به ورفع اليدين
فيه فتتبعت الكتابات وإنتقيت منها هذه الرساله فنسأل الله أن ينفع بها آآآآمين .
فى البدء أعلم أخى أنّ قـول الله تعالـى: (وافعلوا
الخير ) [الحج/77] هـو دليل على مشروعية كل عمل فيه خير للعباد
إذا لم يصادم دليلاً شرعياً ، وعلى هذا اعتمد سيدنا عمر حين عرض على أبي بكر جمع
القرآن الكريم، حيث قال أبو بكر فيما رواه البخاري كتاب فضائل القـرآن/ باب جمع
القران : كيـف تفعـل شيئاً لم يفعله رسول الله ؟، قال عمر: ”هو والله
خير“. وعليه أيضاً اعتمد أبو بكر حين قال له زيد بن ثابت ”كيف تفعلون
شيئـاً لم يفعله رسول الله ؟ “ قال أبو بكـر: ”هو والله خير“
، وبناءً على هذا فلا يحتاج كل فرد من أعمال الخير إلى دليل يخصه إنما يكفي ألا
يصادم دليلاً شرعياً .
وكذلك الدعاء جاء الأمر به مطلقاً دون قيود في الزمان
أو المكـان أوالاجتماع أو الافتراق أو رفع اليدين أو المطلوب به (ادعوا
ربكم)[الأعراف/55]، فلا يقال في شيء من ذلك إنه بدعة إلا بدليل يستثنيه
كالاقتصار على الدعاء بأمر الدنيا دائماً معِ ترك دعاء الآخرة ، وهو
الذي ذكره الله تعالى في قوله : (فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في
الآخرة من خلاق )[البقرة/200]، فما دام الأمر مطلقاً فلا يجوز لأحد أن يقيده
إلا بدليل يستثني تلك المسألة بخصوصها أو يعمها مع أمثالها. وكذا أوقات
الدعاء،حثّ الله تعالى على الدعاء ووعد بالإجابة في عموم الأوقات بقوله سبحانه: (وإذا
سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)فقد جاء الوعد بالإجـابة وجعل الدعــاء
فـي سياق الشرط :(أجيب دعوة الداع إذا دعان)، والشرط من صيغ العموم كما هو معلوم في
أصغر كتب الأصول أو اللغة ، وهذا ظرف زماني يتناول كل وقت حصل فيه الدعاء كما لو قال
سبحانه:أجيب دعوة الداعي في جميع الأوقات ، فلا يصح بناءاً عليه أن يمنع الدعاء في
وقت ما إلا بدليل يستثنيه من هذا العموم ، والدعاء بعد السلام من الفريضة وغيرها واحد
من أفراد العموم المذكور في الآية التي تحث على الدعاء ، فأقل درجاته الندب ، فإذا
انضم إلى العموم الدليل الخاص ، أي فعل النبي كما سيأتيك فى حديث علي رضي الله عنه
، والأحاديث الأخرى كان في ذلك الكفاية وما فوق الكفاية في الاستدلال على أن الدعاء
بعد الصلاة المكتوبة وغيرها سنة نبوية ، نسأل الله تعالى أن يرزقنا العمل بها وبسائر
السنن .
أدلة جواز الدعاء بعد الصلاة إعلم أخى المسلم أن الدعاء بعد
الصلاة المكتوبه ثابت فى كتاب الله وعن النبى وبروايات عده منها :
قال تعالى فى سورة ألم نشرح : ((فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
(7)) قال الطبرى فى تفسيره : وقوله : ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فإذا فَرعت
من صلاتك ، فانصب إلى ربك في الدعاء ، وسله حاجاتك. وأسند القول
لابن عباس قال : ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ) يقول : فإذا فرغت
مما فُرض عليك من الصلاة فسل الله ، وارغب إليه ، وانصب له.
إنتهى ، ونقل الطبرى هذا القول عن مجاهد والضحاك وقتاده .
1/ ما جاء فى صحيح إبن حبان وسنن أبي داود باب ما
يقول الرجل إذا سلم : عن علي بن أبي طالب قال : كان النبي إذا سلم من الصلاة
قال: ”اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت وما
أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت“.
والحديث رواه مسلم أيضاً ضمن حديث طويل في كتاب صلاة المسافرين
باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه ، (وترقيمه العام 771)، عن علي أيضاً فذكره بروايتين:
الأولى (برقم 201) ضمن ترقيم كتاب صلاة المسافرين، فقـال: ثم يكون من آخـر ما يقـول
بين التشهد والتسليم: ”اللهم اغفر لي.. “ إلى آخر الحديث ، والرواية الثانية (برقم
202) وفيها : وقال: إذا سلّم قال : ”اللهم اغفر لي ما قدمت“ إلى آخر الحديث
، ولم يقل بين التشهد والتسليم . انتهى كلام الإمام مسلم .
2/ وفى صحيح مسلم / كتاب صلاة المسافرين وقصرها / باب استحباب
يمين الإمام: عن البراء قال (كنا إذا صلينا خلف رسول الله أحببنا أن نكون عن يمينه
يقبل علينا بوجهه قال فسمعته يقول "رب قني عذابك يوم تبعث عبادك " )
3/ وفى فض الوعاء للسيوطى:روى ابن أبي شيبة عن الأسود العامري
عن أبيه، قال: صليت مع النبي فلما سلم، انحرف ورفع يديه ودعا). قال الغمارى
فى إتقان الصنعه : والأسود هو عبد الله ابن الحاجب، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال
الذهبي محله الصدق [في تهذيب التهذيب] [ج: 1، ص: 341] وأبوه صحابي.إنتهى .
4/ وفى تاريخ البخارى الكبير/ باب عبد ربه : عن المغيرة
: ( كان النبي يدعو في دبر صلاته ) . إنتهى
5/ أخرج النسائي وإبن حبان فى صحيحه من حديث صهيب رفعه أن
رسول الله كان إذا انصرف من الصلاة قال : (اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة أمري
وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي اللهم إني أعوذ بك برضاك من سخطك وبعفوك من نقمتك
وأعوذ بك منك اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)
قلت وأستشهد بالحديث الحافظ إبن حجر فى الفتح باب الدعاء
بعد الصلاة وشرطه فى الفتح الصحة وأخرج الحديث رواه إبن خزيمه فى صحيحه .
6/ وعن أبي أيوب الأنصارى قال : ما صليت خلف نبيكم إلاّ سمعته
يقول حين ينصرف: ”اللهم أغفر خطاياي وذنوبي كلها، اللهم وانعشني وأجبرني وأهدني
لصالح الأعمال والأخلاق ، لايهدي لصالحها ولايصرف سيئها إلا أنت“. قال الهيثمي في مجمع
الزوائد: إسناده جيد. ورواه الطبراني وفي الكبير عن أبي أمامة .
7/ عن محمد بن يحيى الأسلمي قال رأيت عبد الله بن الزبير
ورأى رجلا رافعا يديه يدعو قبل أن يفرغ من صلاته فلما فرغ منها قال : إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته . إنتهى . قال
الهيثمى فى المجمع رجاله ثقات
قلت والإنصراف من الصلاة المذكور فى الحديث 5،6 يُراد به
على قول الامام النووى السلام كما جاء فى نيل الأوطار باب الدعاء والذكر بعد الصلاة
.
ولما رأى العلماء تنوع الأدعية النبوية بعد الصلاة إستدلوا
بذلك على أنه يجوز أي دعاء كان، ولايمنع إلا دعاء ثبت النهي عنه في شرع الله تعالى
وهو الدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم ، واستدلوا أيضاً بإطلاق قول الله تعالى:(وقال ربكم
ادعوني أستجب لكم )[غافر/60]، وبعموم قوله تعالى: ( إن ربي لسميع الدعاء) [إبراهيم/39].
وقد ذكر أهل العلم أحاديث أخرى مثل ما ستجده فى رد إبن حجر على إبن القيم وفيما مضى
كفاية إن شاء الله تعالى .
مذهب الإمام البخارى الدعاء بعد الصلاة : إعلم أخى أن الإمام
البخاري بوب فى صحيحه للدعاء بعد الصلاة باب فى كتاب الدعوات سماه باب
الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلاَةِ وقال الحافظ إبن حجر العسقلانى
فى فتح البارئ : قوله : "باب الدعاء بعد الصلاة" أي المكتوبة،
وفي هذه الترجمة رد على من زعم أن الدعاء بعد الصلاة لا يشرع ... إلى
آخر كلامه رحمه الله .
إعتراض مردود فى نفى الدعاء بعد الصلاة : إعترض البعض بحديث
السيدة عائشة : كان النبي : "إذا سلم لا يثبت إلا قدر ما يقول: اللهم أنت السلام
ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام" وأجاب الحافظ بن حجر
العسقلانى : فى فتح البارئ / كتاب الدعوات / باب الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلاَةِ : قوله:
"باب الدعاء بعد الصلاة" أي المكتوبة، وفي هذه الترجمة رد على من زعم أن
الدعاء بعد الصلاة لا يشرع، متمسكا بالحديث الذي أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن الحارث
عن عائشة كان النبي : "إذا سلم لا يثبت إلا قدر ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك
السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام" . والجواب أن المراد بالنفي المذكور
نفي استمراره جالسا على هيئته قبل السلام إلا بقدر أن يقول ما ذكر، فقد ثبت
أنه "كان إذا صلى أقبل على أصحابه" فيحمل ما ورد من الدعاء بعد
الصلاة على أنه كان يقوله بعد أن يقبل بوجهه على أصحابه.إنتهى ، قلت ويشهد للحافظ
ما جاء فى صحيح البخارى / بَاب مُكث الإِمامِ فِي مُصلاه بعد السَّلام
: عن أُمّ سلمة زوج النبى تُخبر عن رسول الله قالت : ”كان يسلم فينصرف النساء، فيدخلن
بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله “ . إنتهى ، أقول: وهذا مقدار من الوقت يتسع
ذكراً غير قليل، والله أعلم. .
رد الحافظ إبن حجر العسقلانى لدعوى إبن القيم : قال الحافظ
: فى فتح البارئ / كتاب الدعوات / باب الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلاَةِ : قال ابن
القيم في "الهدي النبوي": وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل
القبلة سواء الإمام والمنفرد والمأموم فلم يكن ذلك من هدى النبي أصلا، ولا
روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن، وخص بعضهم ذلك بصلاتي الفجر والعصر، ولم
يفعله النبي ولا الخلفاء بعده ولا أرشد إليه أمته، وإنما هو استحسان رآه من رآه عوضا
من السنة بعدهما، قال: وعامة الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها فيها وأمر بها فيها،
قال، وهذا اللائق بحال المصلي، فإنه مقبل على ربه مناجيه، فإذا سلم منها انقطعت المناجاة
وانتهى موقفه وقربه، فكيف يترك سؤاله في حال مناجاته والقرب منه وهو مقبل عليه ثم يسأل
إذا انصرف عنه؟ ثم قال: لكن الأذكار الواردة بعد المكتوبة يستحب لمن أتى بها أن يصلي
على النبي بعد أن يفرغ منها ويدعو بما شاء، ويكون دعاؤه عقب هذه العبادة الثانية وهي
الذكر لا لكونه دبر المكتوبة. قلت [ يعني : ابن حجر العسقلاني ] : وما
ادعاه من النفي مطلقا مردود، فقد ثبت عن معاذ بن جبل أن النبي
قال له "يا معاذ إني والله لأحبك، فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول:
اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان
والحاكم، وحديث أبي بكرة في قول "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر،
كان النبي يدعو بهن دبر كل صلاة" أخرجه أحمد والترمذي والنسائي
وصححه الحاكم، وحديث سعد الآتي في "باب التعوذ من البخل" قريبا، فإن في بعض
طرقه المطلوب. وحديث زيد بن أرقم "سمعت رسول الله يدعو في دبر كل صلاة:
اللهم ربنا ورب كل شيء" الحديث أخرجه أبو داود والنسائي، وحديث صهيب رفعه:
"كان يقول إذا انصرف من الصلاة: اللهم أصلح لي ديني" الحديث
أخرجه النسائي وصححه ابن حبان وغير ذلك. فإن قيل: المراد بدبر كل صلاة قرب آخرها وهو
التشهد، قلنا قد ورد الأمر بالذكر دبر كل صلاة، والمراد به بعد السلام إجماعا،
فكذا هذا حتى يثبت ما يخالفه. وقد أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة
"قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الأخير
ودبر الصلوات المكتوبات" وقال حسن. وأخرج الطبري من رواية
جعفر بن محمد الصادق قال: "الدعاء بعد المكتوبة أفضل من الدعاء بعد النافلة
كفضل المكتوبة على النافلة" وفهم كثير ممن لقيناه من الحنابلة أن مراد
ابن القيم نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقا، وليس كذلك فإن حاصل كلامه أنه
نفاه بقيد استمرار استقبال المصلي القبلة وإيراده بعد السلام، وأما إذا
انتقل بوجهه أو قدم الأذكار المشروعة فلا يمتنع عنده الإتيان بالدعاء حينئذ.
ثم ذكر المصنف حديث أبي هريرة في التسبيح بعد الصلاة، وحديث المغيرة في قول لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وقد ترجم في أواخر الصلاة "باب الذكر بعد التشهد"
وأورد فيه هذين الحديثين، وتقدم شرحهما هناك مستوفى، ومناسبة هذه الترجمة لهما أن الذاكر
يحصل له ما يحصل للداعي إذا شغله الذكر عن الطلب كما في حديث ابن عمر رفعه: "يقول
الله تعالى من شغله ذكرى عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين" أخرجه الطبراني
بسند لين، وحديث أبي سعيد بلفظ: "من شغله القرآن وذكرى عن مسألتي" الحديث
أخرجه الترمذي وحسنه. إنتهى .
ووجدت منسوباً للشيخ عبد الفتاح أبو غدة في تعليقة على الرسائل
الثلاث في رفع اليدين في الدعاء عقب المكتوبة ص66 : ( وهذا مما يستغرب من ابن القيم
رحمه الله يُصرّح باستحباب الدعاء عقيب الذكر والثناء على الله تعالى والصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم مع عدم ورود نص يصرح باستحباب ذلك على الخصوص فيما علمته , وينكر
استحباب الدعاء بعد الصلاة مع ورود أحاديث كثيرة في ذلك قولية وفعلية )
سيدنا عبد الله بن مسعود يدعوا جهراً بعد الصلاة : وفى مصنف
ابن ابى شيبة / ما يقول الرَّجُلُ إذَا انْصَرَفَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ
، قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ يَزِيدَ
الثَّعْلَبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ؛ أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ إذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ
مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ ، وَأَسْأَلُك الْغَنِيمَةَ مِنْ
كُلِّ بِرٍّ ، وَالسَّلاَمَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمَ ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْفَوْزَ
بِالْجَنَّةِ وَالْجَوَازَ مِنَ النَّارِ ، اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ
غَفَرْتَهُ ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ ، وَلاَ حَاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَهَا.
إنتهى . .
وفى تاريخ البخارى الكبير / باب حصين : عن حصين بن يزيد الثعلبي
قال بن مسعود يدعو في دبر كل صلاة " اللهم أني أسألك موجبات رحمتك
" قلت ولو لم يكن يجهر بالدعاء لما عرف الراوى مايقول فأفهم .
رفع اليدين فى الدعاء
بعد ان ثبت لك أخى المسلم ان الدعاء بعد الفراغ من الصلاة
ثابت ومنقول عن النبى إليك أدلة سُـنية رفع اليدين فى الدعاء من فعل النبى وقوله وصحابته
:
1/ فَعل النبيّ : ــ جاء فى صحيح البخارى/
باب رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِعن ابْنُ عُمَرَ رَفَعَ النَّبِيُّ
يَدَيْهِ وَقَالَ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ
خَالِدٌ"
ــ وفى صحيح البخاري عن أبي هريرة قال :قدم
الطفيل بن عمرو الدوسي علي رسول الله فقال يا رسول الله إن دوسا قد عصت
وأبت فادع الله عليها فاستقبل القبلة ورفع يديه فظن الناس أنه يدعو عليهم
فقال "اللهم اهد دوسا وائت بهم ".
ــ وجاء فى صحيح مسلم : عن السيدة عائشة
في حديثها الطويل عن خروج النبيّ فى ليلتها إلى البقيع للدعاء
لأهله والاستغفار لهم قالت : أتى البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه
ثلاث مرات ثم أنحرف مرات ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت ...... الحديث ))
ــ وفى مسلم / باب فتح مكة : من حديث ابو هريرة
الطويل الذى جاء فى آخره : ثم طاف بالبيت قال : (( فلما فرغ رسول الله
من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد
الله ويدعو بما شاء أن يدعو )) .
ـ وفى البخاري / بَاب غَزْوَةِ أَوْطَاسٍ ،
ومسلم / باب باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين رضي الله عنهما
: فى الحديث الطويل عن ابو موسى الاشعرى الذى فيه أنّ أباعامر أرسل أبو موسى الاشعرى
للنبى ليستغفر له قال : فدعا رسول الله بماء فتوضأ منه ثم رفع
يديه ثم قال اللهم اغفر لعبيد أبي عامر حتى رأيت بياض إبطيه ثم قال اللهم اجعله
يوم القيامة فوق كثير من خلقك أو من الناس .... الحديث .
ـ وفى مجمع الزوائد / باب ما جاء في الإشارة في الدعاء
ورفع اليدين :عن عائشة قالت : ( كان رسول الله يرفع يديه يدعو حتى إني لأسأم
له مما يرفعهما)
قال الهيثمى رواه أحمد بثلاثة أسانيد ورجالها كلها رجال
الصحيح .
ــ وفى الادب المفرد للبخارى / باب رفع الأيدى في الدعاء
: عن السيدة عائشة يزعم أنه سمعه منها أنها رأت النبي يدعو رافعا يديه يقول اللهم إنما
أنا بشر فلا تعاقبني أيما رجل من المؤمنين آذيته وشتمته فلا تعاقبني فيه . والحديث
صحيح.
2/ قول النبيّ :
ـ فى صحيح مسلم / كتاب الزكاة / باب قبول الصدقة
من الكسب الطيب وتربيتها من حديث أبوهريرة : قال رسول الله : الرجل يطيل
السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمة حرام ومشربه
حرام .وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟
ــ جاء فى سنن ابي داوود من حديث مالك بن يسار أن
رسول الله قال : ”إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ، ولا تسألوه بظهورها“
رواه أبو داود / باب الدعاء وهو صحيح ، وعند الطبراني عن أبي
بكرة أن رسول الله قال : (سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسلوه بظهورها)
، قال الهيثمى في مجمع الزوائد باب ما جاء في الإشارة في الدعاء ورفع
اليدين : رواه الطبراني رجاله رجال الصحيح غير عمار بن خالد الواسطي وهو
ثقة
ــ وفى سنن ابي داوود من حديث عن ابن عباس
قال :المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو نحوهما والاستغفار أن تشير
باصبع واحدة والابتهال أن تمد يديك جميعا . وهو حديث صحيح
وفى نفس الباب بإسناده عن ابن عباس أن رسول الله قال فذكره
نحوه . إنتهى أى نحو الحديث المتقدم يرفعه للنبى والمرفوع للنبى قال عنه البغوى فى
شرح السنة حسن .
ــ وجاء فى مجمع الزوائد / باب ما جاء في الإشارة
في الدعاء ورفع اليدين عن خالد بن الوليد أنه شكا إلى رسول الله الضيق
في مسكنه فقال : (ارفع يديك إلى السماء وسل الله السعة) قال الهيثمى
: رواه الطبراني بإسنادين وأحدهما حسن
ــ وروى الترمذي في الدعوات وحسنه وأبو داوود/
باب الدعاء عن سلمان الفارسي قال رسول الله : ”إن ربكم حيي كريم
يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً“ . وقال إبن حجر
فى الفتح / باب رفع الأيدى فى الدعاء إسناده جيد
سيدنا إبراهيم يرفع يديه فى الدعاء :
جاء فى البخاري الحديث 3364 ضمن حديث ترك سيدنا
ابراهيم لولده اسماعيل وامه هاجر فى مكة عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ الذى قال فيه : ( ... فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا
كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ
ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَبِّ
{إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
حَتَّى بَلَغَ يَشْكُرُونَ} .... )
وقد جمع الحافظ السيوطي رحمه الله فى
جزء سماه فض الوعاء فى أحاديث رفع اليدين فى الدعاء حوالى
المائة حديث ، قال السيد عبدالله الصديق الغمارى فى إتقان الصنعه : وللحافظ
السيوطي جزء سماه [فض الوعاء عن أحاديث رفع اليدين في الدعاء] ذكر فيه مائة حديث، وهذا
عدد التواتر على جميع الأقوال المذكورة في كتب الأصول والمصطلح . إنتهى
سيدنا عبد الله بن عمر يرفع يديه فى الدعاء :
قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارئ / باب رفع الايدى
فى الدعاء : صح عن ابن عمر خلاف ما تقدم ( يعنى النهى عن رفع اليدين
فى الدعاء) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" من طريق القاسم بن محمد
"رأيت ابن عمر يدعو عند القاص يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه باطنهما
مما يليه وظاهرهما مما يلي وجهه". إنتهى ومابين القوسين إيضاح من الباحث
لايوجد فى الفتح .
قول الإمام مالك فى الدعاء عقب الصلوات المكتوبه ورفع
اليدين فيه :
قال السهيلي فى الروض الأنف : باب غزوة حنين
فصل حكم رفع اليد في الدعاء :
ذكر لمالك أن عامر بن عبد الله بن الزبير
كان يدعو بإثر كل صلاة ويرفع يديه فقال ذلك حسن ولا أرى أن يرفعهما
جدا. .
إعتراض مردود على جواز رفع اليدين فى الدعاء :
وأعترض البعض بحديث سيدنا أنس المتفق على صحته عن:أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيَّ لا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ
إِلا فِي الاسْتِسْقَاءِ وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ .
قلت : وسيدنا أنس يحكى عن علمه وحكى غيره من الصحابة
بأسانيد صحيحه أنهم رأوا النبى الكريم يرفع يديه فى الدعاء فالذى يقال ويُجمع
به بين الروايات أنّ سيدنا أنس لم يُصادف النبى يدعوا رافعاً يديه إلا فى الإستسقاء
وأن غيره من الصحابة كالسيدة عائشة وابن عمر وأبو
هريرة وأبو موسى الأشعري وغيرهم رأوا النبى يدعوا رافعاً
يديه وسمعه غيرهم يحض على ذلك كما أسلفنا لك كخالد بن
الوليد وإبن عباس وسلمان الفارسي وغيرهم فيقدم قول من
أثبت رفع اليدين فى عموم الدعاء على سيدنا أنس الذى لم يُشاهد ذلك ومن قال تبعاً لهواه
بأن رواية سيدنا أنس تُقدم على حكاية من رأى النبىّ رافعاً يديه فى الدعاء ويُحكم بها
بأن رفع اليدين فى الدعاء ليس من عمل النبى فقد إتهم الصحابه بالكذب فنعوذ بالله من
حاله .
وقال النووي عن حديث سيدنا أنس فى شرح
مسلم / كتاب صلاة الاستسقاء عن حديث سيدنا أنس المذكور آنفاً : هذا الحديث
يوهم ظاهره أنه لم يرفع إلا في الاستسقاء وليس الأمر كذلك بل قد
ثبت رفع يديه في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء وهي أكثر من أن تحصر وقد جمعت منها
نحوا من ثلاثين حديثا من الصحيحين أو أحدهما وذكرتها في أواخر باب صفة الصلاة
من شرح المهذب ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض
ابطيه الا في الاستسقاء أو أن المراد لم أره رفع وقد رآه غيره رفع فيقدم المثبتون في
مواضع كثيرة وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك ولا بد من تأويله لما ذكرناه
والله أعلم . إنتهى.
إعتراض آخر مردود على جواز رفع اليدين فى الدعاء :
ما أخرجه مسلم كتاب الجمعة / باب تخفيف الصلاة والخطبة من
حديث عمارة بن رؤيبة قال : رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه فقال " قبح
الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعيه
المسبحة " قال الحافظ ابن حجر فى الفتح / باب رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ
: حكى الطبري عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره وقال: السنة أن الداعي يشير بإصبع واحدة،
ورده بأنه إنما ورد في الخطيب حال الخطبة، وهو ظاهر في
سياق الحديث فلا معنى للتمسك به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيتها،
وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه: "إن ربكم حي كريم
يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا" بكسر المهملة وسكون الفاء أي
خالية وسنده جيد .... الخ
الرد على من توهم أن رفع اليدين خاص بصلاة الاستسقاء :
قال ابن حجر في فتح الباري / باب رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ
عن حديث سيدنا انس المذكور: ” المنفي صفة خاصة لا أصل الرفع وقد أشرت إلى ذلك في أبواب
الاستسقاء، وحاصله أن الرفع في الاستسقاء يخالف غيره إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان
في حذو الوجه مثلا وفي الدعاء إلى حذو المنكبين، ولا يعكر على ذلك أنه ثبت في كل منهما
"حتى يرى بياض إبطيه" بل يجمع بأن تكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها
في غيره، وإما أن الكفين في الاستسقاء يليان الأرض وفي الدعاء يليان السماء، قال المنذري:
وبتقدير تعذر الجمع فجانب الإثبات أرجح. قلت: ولا سيما مع كثرة الأحاديث الواردة في
ذلك، فإن فيه أحاديث كثيرة أفردها المنذري في جزء سرد منها النووي في "الأذكار"
وفي "شرح المهذب" حملة. “ انتهى كلام ابن حجررحمه الله .
مسح الوجه بعد الدعاء عن عمر بن الخطاب قال
:(كان رسول الله إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه)
.
قال السيوطى فى فض الوعاء : رجاله رجال
الصحيح سوى حماد وهو شيخ صالح ضعيف الحديث ولحديثه هذا شواهد فهو حسن وفي بعض نسخ الترمذي
أنه قال فيه صحيح
ــ عن ابن عباس قال، قال رسول الله :((إذا دعوت فادع بباطن
كفيك ولا تدع بظاهرهما فإذا فرغت فامسح بهما وجهك)) .أخرجه ابن داود وقال روي من غير
وجه عن محمد بن كعب كلها ضعيفة ، قال السيوطى فى فض الوعاء : وقال شيخ الإسلام أبو
الفضل بن حجر في أماليه هذا حديث حسن . قلت وفى مستدرك الحاكم 1967 نحوه عن إبن عمر
ــ الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب يمسح وجهه بيديه بعد
الدعاء : عن المعتمر بن سليمان قال رأيت أبا كعب صاحب الحرير يدعو رافعا يديه فإذا
فرغ مسح بهما وجهه فقلت له من رأيت يفعل هذا قال الحسن بن أبي الحسن .
قال السيوطى فى فض الوعاء : إسناده حسن
الدعاء الجماعي
ــ نبى الله موسى يدعو وسيدنا هارون
يؤمن : قال تعالى فى وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ
وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ
سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا
يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا
فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (89) ( يونس)
قال القرطبى فى تفسيره : قوله تعالى : {قَالَ
قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} قال أبو العالية : دعا موسى وأمن
هارون ؛ فسمي هارون وقد أمن على الدعاء داعيا. والتأمين على
الدعاء أن يقول آمين فقولك آمين دعاء أي يارب استجب لي. ..... وقال : قال النحاس :
سمعت علي بن سليمان يقول : الدليل على أن الدعاء لهما قول موسى عليه
السلام "ربنا" ولم يقل رب
قال الطبرى فى تفسيره : فإن قال قائل : وكيف
نسبت " الإجابة " إلى اثنين و " الدعاء "، إنما كان من واحد ؟
قيل : إن الداعي وإن كان واحدًا ، فإن الثاني كان مؤمِّنًا ، وهو هارون
، فلذلك نسبت الإجابة إليهما ، لأن المؤمِّن داعٍ وكذلك قال أهل التأويل.
ونقل القول بان سيدنا موسى دعا وأمن هارون عليهما السلام
عن أبي العالية ومحمد بن كعب وعكرمة وعن الربيع بن أنس
وابن زيد .
ــ جاء فى صحيح البخارى ومسلم / كتاب الذكر
والدعاء والتوبة والاستغفار / باب فضل مجالس الذكر واللفظ له: عن أبي
هريرة عن النبي قال إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة
فضلا يتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا
معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤا ما بينهم وبين السماء الدنيا
فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء قال فيسألهم الله عز و جل وهو أعلم بهم من أين
جئتم ؟ فيقولون جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك
ويحمدونك ويسألونك قال وماذا يسألوني ؟ قالوا يسألونك جنتك قال وهل
رأوا جنتي ؟ قالوا لا أي رب قال فكيف لو رأوا جنتي ؟ قالوا ويستجيرونك قال ومم يستجيرونني
؟ قالوا من نارك يا رب قال وهل رأوا ناري ؟ قالوا لا قال فكيف لو رأوا ناري ؟ قالوا
ويستغفرونك قال فيقول قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا
قال فيقولون رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم قال فيقول وله غفرت هم
القوم لا يشقى بهم جليسهم . إنتهى . والحديث صريح فى الدعاء الجماعى
ــ وفى سنن الترمذي حديث ابن عمر قال
: ” قلما كان رسول الله يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه
: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك
، ومن اليقين ما تهوّن به علينا مصائب الدنيا ، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا
ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا، ولا
تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا“ قال الترمذي
: حسن غريب .
ومعلوم أن كلمة المجلس لفظة عامة، فيكون الاجتماع
على الدعاء سنة نبوية في كل مجلس، والجلوس بعد الصلاة منها.
ــ وفى مجمع الزوائد / باب ما جاء في الإشارة
في الدعاء ورفع اليدين : عن سلمان الفارسى قال : قال رسول الله
: "ما رفع قوم أكفهم إلى الله عز و جل يسألونه شيئا إلا كان حقاً
على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا " . .
قال الهيثمى رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
ــ روى الطبراني في الكبير والحاكم فى المستدرك وسكت
عنه الذهبي: عن حبيب بن مسلمة الفهري : سمعت رسول الله يقول:
”لا يجتمع ملأ فيدعو بعضهم ويؤمّن سائرهم إلا أجابهم الله“ قال الهيثمى
فى مجمع الزوائد رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث
، وإنما حسّن الهيثمي حديث ابن لهيعة هنا لأن الراوي عنه عبد الله بن يزيد المقرئ أبو
عبد الرحمن وهو ممن روى عنه قديماً كما نص عليه الذهبي في ميزان الاعتدال فقال : وكان
أصحابنا يقولون : سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة : عبدالله بن وهب ،
وابن المبارك ، وعبد الله بن يزيد المقرئ ، وعبد الله بن مسلمة القعنبى - فسماعهم صحيح
. إنتهى ، وقال الحافظ إبن حجر فى تهذيب التهذيب : قال عبد
الغني بن سعيد الأزدي إذا روى العبادلة عن بن لهيعة فهو صحيح بن
المبارك وابن وهب والمقري وذكر الساجي وغيره مثله .
ـــ جاء فى سنن النسائى / كتاب العلم : عن محمد بن
قيس عن أبيه أنه أخبره أن رجلا أتى زيد بن ثابت فسأله عن شيء فقال عليك
بأبي هريرة فإني بينما أنا وهو وفلان في المسجد خرج علينا رسول
الله ونحن ندعو ونذكر ربنا فجلس إلينا فسكتنا فقال عودوا للذي كنتم فيه
فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة فجعل رسول الله يؤمن ثم دعا أبو هريرة فقال
اللهم إني أسألك ما سألك صاحباي هذان وأسألك علما لا ينسى فقال النبي آمين
فقلنا يا رسول الله ونحن نسأل الله علما لا ينسى قال سبقكما الغلام الدوسي . قال الذهبى
فى سير أعلام النبلاء / ترجمة ابا هريرة بعد ذكر الحديث: تفرد به الفضل ابن العلاء
وهو صدوق.
ــ جاء فى سير أعلام النبلاء / ترجمة أبو سعيد الخدري : عن
أبي سعيد قال أتى علينا رسول الله ونحن أناس من ضعفة المسلمين ما أظن رسول الله يعرف
أحدا منهم وإن بعضهم ليتوارى من بعض من العري فقال رسول الله بيده فأدارها شبه الحلقة
قال فاستدارت له الحلقة فقال بما كنتم تراجعون قالوا هذا رجل يقرأ لنا القرآن ويدعو
لنا قال فعودوا لما كنتم فيه ثم قال الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي
معهم .... الحديث ، قال الذهبى: تابعه جعفر بن سليمان عن المعلى . إنتهى ، قلت والحديث
فى الحلية فى باب ذكر أهل الصفة .
ــ سيدنا سعد يدعو وسيدنا عبد الله بن جحش يؤمن : وفي مجمع
الزوائد / باب فضل عبد الله بن جحش : عن سعد بن أبي وقاص أن عبد الله بن جحش قال له
يوم أحد : ألا تدعو الله ؟ فخلوا في ناحية فدعا سعد فقال : يا رب إذا لقيت العدو فلقني
رجلا شديدا بأسه ، شديدا حرده ، أقاتله ويقاتلني فيك ، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله
وآخذ سلبه . فأمن عبد الله بن جحش )) ، قال الهيثمى رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح
.
رفع الصوت فى الدعاء مجمع الزوائد / باب ما جاء في عبد الله
بن أبي البجادين رضي الله عنه:عن عقبة بن عامر ان النبي قال لرجل يقال له ذو البجادين
(انه أواه ) وذلك انه كان كثير الذكر لله عز و جل في القرآن ويرفع صوته في الدعاء
) قال الهيثمى رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن
الأوقات المفضله للدعاء جاء فى سنن النسائى
/ ما يستحب من الدعاء دبر الصلوات المكتوبات ، وسنن الترمذى / كتاب الدعوات
وحسنه واللفظ له : عن أبي أمامة قال قيل لرسول الله أي الدعاء أسمع ؟ قال جوف
الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات " . إنتهى ، قال الحافظ ابن
حجر فى الفتح كما أسلفت لك : فإن قيل: المراد بدبر كل صلاة قرب آخرها وهو التشهد، قلنا
قد ورد الأمر بالذكر دبر كل صلاة، والمراد به بعد السلام إجماعاً . إنتهى .
الخـــــلاصــــــــــــــه إذاً فالدعاء عقب الصلاه ثابت
عن النبى فعلاً كحديث ابن حبان وابو داوود ومسلم فى إحدى روايتيه عن علي بن
أبي طالب قال : كان النبي إذا سلم من الصلاة قال: ”اللهم اغفر لي
ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم
وأنت المؤخر لا إله إلا أنت“. إنتهى، ورواية مسلم الثانيه تفيد أن النبى
كان يدعو بهذا الدعاء أحياناً بعد التشهد وأحياناً بعد السلام وفى تاريخ
البخارى / باب عبد ربه : عن المغيرة : ( كان النبي يدعو في دبر صلاته ) . إنتهى والدبر
يعنى إجماعاً بعد السلام كما أسلفت لك قول الحافظ إبن حجر ، وقولاً كحديث
معاذ بن جبل أن النبي قال له "يا معاذ إني والله لأحبك، فلا تدع دبر كل صلاة
أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" أخرجه البخارى فى الادب المفرد
أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم وهو صحيح ، وفعله الصحابىّ
ابن مسعود كما فى مصنف ابن ابى شيبة وأقره الإمام مالك كما نقل السهيلى
، ورفع اليدين فى الدعاء فعله النبى كما فى صحيح البخارى وفى مسلم / باب من
فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين رضي الله عنهما : فى الحديث الطويل عن ابو موسى
الاشعرى الذى فيه أنّ النبى رفع يديه ثم قال: اللهم اغفر لعبيد
أبي عامر حتى رأيت بياض إبطيه ثم قال اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من
خلقك أو من الناس .... الحديث ، وأمر به كما فى أبي داود / باب الدعاء
وهو صحيح والطبراني عن أبي بكرة أن رسول الله قال : (سلوا
الله ببطون أكفكم ولا تسلوه بظهورها) ، قال الهيثمى في مجمع الزوائد باب ما جاء في
الإشارة في الدعاء ورفع اليدين : رواه الطبراني رجاله رجال الصحيح غير عمار بن خالد
الواسطي وهو ثقة ، والدعاء جماعةً فعله النبى كما فى سنن النسائى / كتاب العلم
: عن محمد بن قيس عن أبيه أنه أخبره أن رجلا أتى زيد بن ثابت فسأله عن شيء فقال عليك
بأبي هريرة فإني بينما أنا وهو وفلان في المسجد خرج علينا رسول الله ونحن ندعو ونذكر
ربنا فجلس إلينا فسكتنا فقال عودوا للذي كنتم فيه فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة فجعل
رسول الله يؤمن ثم دعا أبو هريرة فقال اللهم إني أسألك ما سألك صاحباي هذان وأسألك
علما لا ينسى فقال النبي آمين فقلنا يا رسول الله ونحن نسأل الله علما لا ينسى قال
سبقكما الغلام الدوسي . إنتهى ، وقال الذهبى : تفرد به الفضل ابن العلاء وهو صدوق ،
وأمر به : كما فى الطبرانى عن سلمان الفارسى قال : قال رسول الله : ما رفع قوم أكفهم
إلى الله عز و جل يسألونه شيئا إلا كان حقاً على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا
" . إنتهى ، وقال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح ، وأثنى رسول الله على من يرفع صوته
بالدعاء كما فى مسند الامام احمد والطبرانى عن عقبة بن عامر ان النبي قال لرجل يقال
له ذو البجادين (انه أواه ) وذلك انه كان كثير الذكر لله عز و جل في القرآن ويرفع صوته
في الدعاء ) قال الهيثمى رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن ، وأن من أوقات إجابة الدعاء
عقب الصلوات كما فى النسائى والترمذى : عن أبي أمامة قال قيل لرسول الله أي الدعاء
أسمع ؟ قال ((جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات)) ، وأنه لايوجد نص ينهى عن الدعاء
جماعةً عقب الصلاة بل عموم الادله تفيد الجواز وتحض عليه بل ان ذلك يجمع سببين من أسباب
الإجابه وهما قوله ”ما رفع قوم أكفهم إلى الله عز وجل يسألونه شيئاً إلا كان حقاً على
الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا“، وقوله : أنّ من أسمع الدعاء أى أرجاه إجابه ((دبر
الصلوات المكتوبات)) ، فأى مانع يمنع الدعاء جماعةً بعد الصلاة غير تعنت المتعنتين
فقولنا لهم نحن يكفينا ما سردنا لكم من الادله على الجواز وأنتم وشأنكم فأفهم تغنم.
إعتراضـــات مردوده : 1/ وهو ماوروي أن بعض الأئمة استأذن
عمر بن الخطاب أن يدعو لقومه بدعوات بعد الصلاة فقال لا لأني أخاف عليك أن تشمخ نفسك
حتى تصل الثريا أي ترتفع نفسك . إنتهى، وإن صحّت الرواية فى هذا لم يكن حجه لمنع الدعاء
جماعة بل فيه أن الدعاء جماعة بعد الصلاة جائز وليس ببدعة محرمة بدلالة أنَّ سيدنا
عمر لم يقل للسائل أن الدعاء بعد الصلاة حرام أو ليس من فعل النبى أو بدعة
، بل عللّ سيدنا عمر منعه بحال السائل وخشيته عليه من الكبر وهو نظر
بفراسة سيدنا عمر فى حال السائل والذى يؤخذ من هذا الأثر إن صحّ أن الداعى للغير إذا
كان يجد فى نفسه كبر وعلو حال دعائه وجبَ عليه تركه وإلا فإن الدعاء الجماعى حضَّ عليه
رسول الله حيث قال: "ما رفع قوم أكفهم إلى الله عز وجل يسألونه شيئا إلا كان حقاً
على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا " فأفهم تغنم .
2/ جاء فى مصنف ابن أبي شيبة: حدثنا معاوية بن هشام قال:
حدثنا سفيان عن سعيد الجريري عن أبي عثمان قال: كتب عامل لعمر بن الخطاب إليه أن هاهنا
قوما يجتمعون فيدعون للمسلمين وللأمير، فكتب إليه عمر أقبل وأقبل بهم معك فأقبل وقال
عمر للبواب أعد لي سوطا فلما دخلوا على عمر أقبل على أميرهم ضربا بالسوط. فقال: يا
عمر إنـّا لسنا أولئك الذين يعني أولئك قوم يأتون من قبل المشرق.
ومعاوية بن هشام: صدوق صالح كثير الأوهام خاصة عن سفيان لا
يحتج به عن غير شريك. سعيد بن إياس الجريري: ثقة لكن اختلط في آخر عمره، ورواية سفيان
عنه صحيحة.
و هذا الأثر الضعيف لا علاقة له بموضوعنا إذ ليس فيه إشارة
للذكر فضلاً أن يكون جماعياً، و إنكار عمر بن الخطاب كان لدعائهم للأمير. و قد أفتى
كثير من العلماء بأن الدعاء للأمير بدعة (وهو موضوع خلافي).
بعض من قال بالدعاء جماعة بعد الصلوات من علماء المذاهب
شرف الدين موسى بن أحمد بن موسى أبو النجا الحجاوي (المتوفى
: 960هـ): فى كتابه الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل عند : ويدعو بعد فجر وعصر لحضور
الملائكة فيهما فيؤمنون وكذا غيرهما من الصلوات ويبدأ بالحمد لله والثناء عليه ويختم
به ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم أوله وآخره ويستقبل غير إمام هنا القبلة ويكره
للإمام بل يستقبل المأمومين ويلح ويكرره ثلاثا
منصور بن يونس بن إدريس البهوتي سنة الوفاة 1051هـ : فى كتابه
شرح منتهى الإرادات / فصل ما يسن عقب المكتوبة : ويدعو الإمام استحبابا بعد كل صلاة
مكتوبة لقوله تعالى { فإذا فرغت فانصب } خصوصا بعد الفجر والعصر لحضور الملائكة فيهما
فيؤمنون ومن آداب الدعاء بسط يديه ورفعهما إلى صدره وكشفهما أولى هنا وعند إحرام والبداءة
بحمد الله تعالى والثناء عليه وختمه به والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أوله
وآخره قال الآجرى ووسطه لخبر جابر وسؤاله بأسمائه وصفاته بدعاء جامع مأثور بتأدب وخشوع
وخضوع وعزم ورغبة وخضوع قلب ورجاء ويكون متطهرا مستقبلا القبلة ويلح به ويكرره ثلاثا
ويبدأ بنفسه قال بعضهم ويعم ويؤمن مستمع فيصير كداع ويؤمن داع في أثناء دعائه ويختمه
به
الامام شرف الدين النووى المتوفى 676هـ وأبو الحسن الماوردى
المتوفى 450هـ : قال النووى فى شرح المهذب / عند حديثه عما يفعل المصلى عقب الانتهاء
من الصلاة : فرع : قد ذكرنا استحباب الذكر مستحب عقب كل الصلوات بلا خلاف ، وأما ما
اعتاده الناس أو كثير منهم من تخصيص دعاء الإمام بصلاتي الصبح والعصر فلا أصل له ،
وإن كان قد أشار إليه صاحب الحاوي (يعنى الماوردى) فقال : إن كانت صلاة لا يتنفل بعدها
كالصبح والعصر واستدبر القبلة واستقبل الناس ودعا ، وإن كانت مما يتنفل بعدها كالظهر
والمغرب والعشاء فيختار أن يتنفل في منزله ، وهذا الذي أشار إليه من التخصيص لا أصل
له ، بل الصواب استحبابه في كل الصلوات ، ويستحب أن يقبل على الناس فيدعو . والله أعلم
محمد بن عبد الرحمن المباركفوري : قال فى شرحه لسنن الترمذى
: فصل من قال بجواز الدعاء بعد الصلاة جماعة : فائدة: اعلم أن علماء أهل الحديث قد
اختلفوا في هذا الزمان في أن الإمام إذا انصرف من الصلاة المكتوبة هل يجوز له أن يدعو
رافعاً يديه ويؤمن من خلفه من المأمومين رافعي أيديهم فقال بعضهم بالجواز، وقال بعضهم
بعدم ظناً منهم أنه بدعة...... ثم تناول أدلة القائلين بالجواز ثم قال : القول
الراجح عندي أن رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة جائز لو فعله أحد لا بأس عليه إن شاء
الله تعالى والله تعالى أعلم.
والله المستعان وعليه التكلان وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح
لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادى إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق
مقداره العظيم ............ أبو العباس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق