الخميس، 20 أكتوبر 2022

كل الجماعات والفرق الإسلامية تدعي إتباع الكتاب والسنة أما السلفيون يضيفون عليه عبارة اخرى وهو بفهم السلف فما هو فهم السلف؟!!!

 كل الجماعات والفرق الإسلامية تدعي إتباع الكتاب والسنة أما السلفيون يضيفون عليه عبارة اخرى وهو بفهم السلف فما هو فهم السلف؟!!!

فَهْمُ السَّلَفِ .. تَوْضِيحٌ لِحَقِيقَةِ الأَمْرِ .. !!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
أما بعد ..

فهذه رسالة صغيرة الحجم , قليلة الكلام , قصدتُ فيها إزالة الإشكال عما يتردد على بعض الألسنة , فيما يتعلق بفهم السلف في الأصول والفروع , وهل دعوى اتِّبَاع السلف والفهم بفهمهم يجوز تسليمها لكل من ادعاها , وما هي طريقة الفهم عنهم.

راجيا من المولى تبارك وتعالى أن يبصر بها أعينا ويسمع بها آذانا ويفتح بها قلوبا وينير بها عقولا ويجمع بها متفرقا من امة محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

مقدمة:
كثيرا ما يدخل الناس في مشاحنات وخلافات , سواء كانت في مجال الأصول العقدية أو الفقهية أو مسائل الفروع .
ويرفع البعض شعار فهم السلف , ومنهم من هن صادق في كلامه , ومنهم من يظلم السلف ويظلم نفسه قبلهم بهذا الادعاء!!
فهم السلف هو ما استنبطوه من النصوص الشرعية .. هذا لا يختلف فيه أحد أبدا .







وكلامهم على العين والرأس طبعا .. لأن السلف هم أجيال شهد لها النبي (صلى الله عليه وسلم) بالخيرية , ولا يضاهي أجيال أي جيل آخر من أجيال الإسلام , هذا أمر يتفق عليه كل من يهتم بقضايا فقه السلف وفكرهم وعقائدهم.







لكن الإشكالية في التحدث بلسان السلف ..







ووجه الإشكال: أن بعض الناس يعيشون في القرن الخامس عشر الهجري ويقولون قال السلف كذا وكذا .







وعند اختلاف وجهات النظر يقولون نحن لا نأخذ بآراء الخلف , بل كفانا رأي السلف فيما نقول ننتج.







نقول لهم مهلا أحبتنا الكرام..















النقطة الأولى:















هل رأيتم رجلا من السلف بأعينكم؟







هل عايشتم منهم أحدا بشحمه ولحمه؟







من أين أتيتم بمعلوماتكم عن السلف وأقوالهم وأفعالهم وفتاويهم ومواقفهم من القضايا المختلفة؟







بالطبع إما أن تكونوا قرأتموها في كتبهم , أو أخبركم بكلامهم من تثقون فيه .







وهنا ينحل الإشكال كله بإذن الله تعالى .







فمنهج السلف لم يصل إلينا إلا عن طريق من عاصرهم وعايشهم من أجيال علماء الخَلَف.







والخلف هم الناقلون لمذهب السلف وهم الحاملون إلينا آراء السلف , لأنه يستحيل قطعا أن تنتقل إلينا آراء السلف واجتهاداتهم بغير واسطة زمنية .







هذه الواسطة هي علماء الخلف .















النقطة الثانية:















علماء الخلف تلامذة علماء السلف: وهم أكثر الناس فهما لكلامهم ومعرفة بأحوالهم وفتاواهم.







ويستحيل أن يعيش بين أظهرنا في القرن الخامس عشر الهجري رجل يعرف منهج السلف أكثر من تلاميذهم من علماء الخلف.







فكما كان الصحابة رضوان الله عليهم أعلم بمنهج النبي (صلى الله عليه وسلم) من غيرهم الذين جاءوا بعدهم , فكذلك علماء الخلف الأوائل أعلم بمنهج علماء السلف من الذين جاءوا بعدهم في العصور , فضلا عنا نحن بالطبع.















النقطة الثالثة:















نرى جميعا أن الخلف أدّوا ما عليهم من الأمانة في نقل مذاهب السلف إلي من بَعدهم , وأنهم فهموها من خلال معايشتهم للسلف أنفسهم.







وكما هي العادة نسجوا على منوالهم , ولكن بما يجد من أساليب العصر من الطرق والمصطلحات الجديدة.







مثلما فعل التابعون وتابعوهم في تطوير مذهب الصحابة وترتيبه ووضع قواعد لفهمه , فخرج إلينا كتاب مثل رسالة الشافعي رحمه الله فيها مصطلحات لم يستخدمها الصحابة , وموطأ مالك والمدونة عنه , ومسند أحمد وتعليقات يحيى بن معين في الجرح والتعديل.







وكلها مصطلحات وقضايا لم يصنفها الصحابة ولم ينطقوا بها, ولكنه تطور في اللغة يحكم على أهل العلم في كل عصر أن يستخدموا مصطلحاته وأساليبه حتى يفهم الناس عنهم منهج السابقين من السلف.







وعلى هذا فمنهج الخلف مرتبط بمنهج السلف , وهو تطوير للمصطلحات وطرف التناول ليس أكثر.







لأننا لو اتهمنا أجيال الخلف بعدم الأمانة في نقل مذاهب السلف , فنحن أيضا نتهم صحة وصول كل معلومة إلينا.







لأن القرآن الكريم تعلمه الخلف من السلف , وكذلك السنة النبوية تعلمه الخلف من السلف , وكذلك بقية فنون العلم.







فلو افترضنا خيانة الخلف للأمانة , من يدرينا أن صحيح البخاري الذي بين أيدينا هو نفس الكتاب الذي ألفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه؟







ومن يدرينا أن الذي نقل إلينا القرآن نقله إلينا ولم ينقص منه حرفا ولم يزد عليه شيئاً.







إذن فأجيال الخلف أمينة علا منهج السلف .







بل وهم أقدر على فهمه منا نحن بآلاف المرات , فهم الذين تلقوا عنهم المنهج مباشرة , وعرفوا أقوالهم ومنهاجهم , كما تلقى الصحابة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مباشرة وفهموا عنه ونقلوا إلينا بطريقتهم وأساليبهم.















النقطة الرابعة:















من يعيش في هذا العصر ويطلب العلم واحد من ثلاثة , لا رابع لهم.







فالأول: رجل طلب العلم على يد شيوخ طلبوا العلم بدورهم على شيوخهم وهكذا إلى أن يتل إسنادهم برجال السلف الصالح , وبالتالي إلى الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم , وقطعا ينتهي مصدر علمهم إلى النبي(صلى الله عليه وسلم).







والثاني: رجل قرأ في كتب السلف أو في كتب من يدعي أنه على منهج السلف , وسمع لأشرطتهم وفتاواهم.







وهذا الرجل بالطبع علمه ناقص , فاقد لأهم شرط من شروط القبول , وهو السند المتصل الذي يشهد بصحة فهمه عن السلف.







لأن الذي سمع كلاما يُنسب إلى فلان من أهل العلم , يختلف تماما عن الذي سمع كلاما منه مباشرة أو ممن سمع منه مباشرة بطريق الإسناد المتصل.







فأخبار الصحف مثلا تنقل عن فلان خبرا من الأخبار , ينقلها صحفي إلى الناس , فهل فهم الخبر عن طريق قراءة الجريدة أشد تأكيدا من مقابلة الصحفي نفسه ومعرفة قصده من الكلام الذي يحويه الخبر؟ أو الاثنين أشد تأكيد من الذهاب إلى الرجل الذي نقل الصحفي عنه؟







بالقطع يكون الفهم أَوْكَد وأصح كلما اقتربنا من المصدر , وكذلك إذا تلقينا عن الثقات الذين تلقوا مباشرة عن المصدر.







والثالث: رجل طلب العلم على شيخ مباشر , لكن شيخه منقطع الاتصال بالسلف , بسبب أن احد شيوخه في جيل من الأجيال طلب العلم عن طريق الكتب.







وهذا لا شك انه لا يؤمن عليه الخطأ في الفهم , ومثله مثل الرجل الثاني لأن كلاهما لم يأخذ عمن اخذ عن السلف , وادعى لنفسه فهم منهجهم , لكن هذا العيب في احد شيوخه , وبالتالي فعلمه مشكوك في صحته للشك في صحة علم شيخه هذا.







إذن فليس كل من تَمَشْيَخَ في عصرنا وادعي أنه على فهم السلف ومنهجهم صادق فيما يدعيه.















النقطة الخامسة:















إذا كان الخلف هم تلامذة السلف وناقلو علمهم , فلماذا الهجوم عليهم؟







قد يقول قائل لأنهم خالفوا السلف.







فأقول له : ومن أدراك أنهم خالفوهم؟







هل عاصرت السلف بنفسك حتى تعرف مداخل كلامهم ومخارجه؟ وهل أنت أعلم منهم بشيوخهم الذين تلقوا عنهم مباشرة؟.







فما هو معيار الحكم عندك على كونهم وافقوهم أو خالفوهم؟







هل تقول انك تفهم كلام السلف وتحاكم الخلف على أساسه؟







فمن أدراك بأن فهمك أصح من فهمهم لكلام السلف؟ وأنت لم ترهم ولم تعش معهم؟







وحكمك على الخلف أو على بعضهم بالضلال بدعوى مخالفة السلف ليس من حقك, فلست محاميا عن السلف , ولست تلميذا لأحدهم , ولا حتى لمن تلقى عنهم.







فمن يضمن لنا صحة فهمك أو صحة فهم شيخك وهو مجرد ناقل عن طريق الكتب , وعن طريق رجل قرأ في الكتب؟















النقطة السادسة وهي خلاصة هذه الرسالة:

1- أن فهم الخلف امتداد لفهم السلف.

2- وأن ما جدّ فيه من مصطلحات ليس ابتداعا ولا اختلاقا في الدين ولا مخالفة لمنهج السلف , بل هو تسهيل لمنهج السلف وكيفية توصيله إلينا بوسائل العصر ومصطلحاته.

3- وأن فهمنا عن السلف لا يكون صحيحا إلا لو أخذنا عنهم مباشرة لنعرف مدلول كلامهم من خلال معايشتهم , وهذا متعذر , بل مستحيل .. فوجب علينا البحث عن آرائهم عن طريق التعلم على يد الخلف الذين اخذوا العلم عنهم بطريق الإسناد المتصل , لأنهم أكثر الناس فهما للسلف.

4- كل من طعن في الخلف يعتبر طاعنا في السلف , لأن ما وصل إلينا عن طريق السلف لم نعرفه إلا من الخلف . فلو افترضنا أنهم خانوا الأمانة في باب واحد من العلم , فهو اتهام لهم بالخيانة في بقية الأبواب , لأن من يخون في باب لا يمنعه شيء عن الخيانة في آخر.

هذا وصلى الله على نبينا محمد وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق