(( حكم تغيير الشيب بالسواد )) ..
اختلف الفقهاء في حكم تغيير الشيب بالسواد على أربعة أقوال:
الأول: ذهب الشافعية في المذهب ، وهو اختيار جماعة منهم ورجحه النووي ، إلى حرمة صبغ شعر اللحية والرأس بالسواد ، قال النووي ( رحمه الله ) :(( اتفقوا على ذم خضاب الرأس أو اللحية بالسواد ، ثم قال الغزالي في الإحياء والبغوي في التهذيب وآخرون من الأصحاب ، هو مكروه ، وظاهر عباراتهم أنه كراهة تنزيه ، والصحيح، بل الصواب ، أنه حرام، وممن صرح بتحريمه صاحب الحاوي )) ..
القول الثاني: وذهب الحنفية وهو المذهب، والمالكية ، وقول في مذهب الشافعية ، والمشهور من مذهب الحنابلة ، إلى كراهة الخضاب بالسواد في غير الحرب ، جاء في حاشية ابن عابدين: (( وفصل في المحيط بين الخضاب بالسواد، قال عامة المشايخ أنه مكروه ، وبعضهم جوزه، مروي عن أبي يوسف، أما بالحمرة فهو سنة الرجال وسيما المسلمين )) ..
أما المالكية، فقد قال ابن عبد البر في الاستذكار: (( وأما قول مالك في الصبغ بالسواد أن غيره من الصبغ أحبُّ إليه ، فهو كذلك؛ لأنه قد كره الصبغ بالسواد أهل العلم.. ))
أما الشافعية ، فقد سبق أن الغزالي والبغوي وآخرين من الأصحاب - كما قال النووي - يرون الكراهة )) ..
أم الحنابلة، فقد قال ابن قدامة : (( ويكره الخضاب بالسواد. قيل لأبي عبد الله: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: أي والله )) ..
وقال ابن القيم: (( وأما الخضاب بالسواد فكرهه جماعة من أهل العلم، وهو الصواب بلا ريب )) ..
القول الثالث: وذهب الحنفية في قول ، وهو اختيار أبي يوسف ومحمد بن الحسن واختيار جماعة من التابعين ، إلى أن صبغ اللحية والرأس بالسواد جائز بلا كراهة.
جاء في الفتاوى الهندية ما نصه : (( اتفق المشايخ - رحمهم الله - أن الخضاب في حق الرجال بالحمرة سنة وأنه من سيماء المسلمين وعلاماتهم ، وأما الخاضب بالسواد فمن فعل ذلك من الغزاة ليكون أهيب في عين العدو فهو محمود منه.. اتفق عليه المشايخ ، ومن فعل ذلك ليزين نفسه للنساء وليحبب نفسه إليهن ، فذلك مكروه وعليه عامة المشايخ، وبعضهم جوز ذلك من غير كراهة، وروي عن أبي يوسف أنه قال: كما يعجبني أن تتزين لي يعجبها أن أتزين لها... )) ..
القول الرابع: وذهب الشافعية في قول بعضهم إلى أن الخضاب بالسواد يحرم على غير المتزوجة ، وأما المتزوجة فيحرم عليها إذا لم يأذن به الزوج ، وإن أذن فوجهان: الأول الجواز ، والثاني التحريم. وبهذا يتبين أنه يجوز للمرأة المتزوجة خضب شعرها بالسواد إذا أذن لها زوجها به في وجه، وهو قول إسحاق بن راهويه ، حيث رخص للمرأة المتزوجة أن تتزين به لزوجها ..
رحمهم الله جميعا ..
بعد عرض أقوال الفقهاء ونصوصهم ، يتبين لنا أن اﻷقوال متعارضة ﻷن الأدلة متعارضة ، والقول فيها واسع ..
من يريد المزيد فليراجع هذه المصادر
1 - الحاوي الكبير للماوردي، 2/257 ..
2 - المجموع : 1/294.
3 - حاشية ابن عابدين : 5/481-482 ..
4 - مدونة الفقه المالكي وأدلته، د. الصادق الغرياني، 1/94.
5 - المغني لابن قدامة : 1/125، تحقيق د. عبد المحسن التركي ود. عبد الفتاح الحلو ..
6 - الاستذكار، 27/85.
7 - الإنصاف للمرداوي، 1/123 ..
8 - الفتاوى الهندية : 5/359.
9 -تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، 5/442 ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق