أرسل لي أحد الأساتذة الأفاضل بيانا لأحد المشايخ المعروفين وطلب مني التعليق عليه، والبيان يشيد بأحد الإخوة المعتقلين في سجون العدو ويصفه بأنه شهيد لأنه أضرب عن الطعام حتى توفاه الله تعالى.
.
وبعيدا عن العواطف والتعاطف فإني سأختصر الموقف الشرعي بالآتي:
.
١-الإشادة بالأسير المعتقل على ثباته وكونه مات مظلوما وهو يدافع عن حقه الشرعي وكذا الترحم عليه، كل ذلك مشروع، بل الأمة قد قصرت في العمل على إنقاذه وإنقاذ بقية إخوانه الأسرى، وكل بحسب استطاعته.
.
٢-الإضراب عن الطعام مشروع بشرطين:
.
الأول: أن يتوخّى منه تحقيق مصلحة عامة وراجحة مثل لفت أنظار العالم لقضية الأسرى والمعتقلين وما يلقونه من ظلم وقهر على يد الظالمين المجرمين.
.
الثاني: أن يكون الإضراب محدودا بوقت بحيث لا يؤدي إلى تلف النفس، فإن إتلاف النفس محرّم سواء كان قتلا بآلة مباشرة كالسلاح وشرب السم والتعرض للصعق الكهربائي، أو كان بطريقة غير مباشرة مثل الامتناع عن الطعام والشراب حتى الموت.
.
٣-وعليه فإن ما قام به هذا الأخ الأسير -رحمه الله- محرّم شرعا ولا ينبغي أن نشجع عليه، لكن لا نسميه (منتحرا) لأن المنتحر هو من يعمد إلى قتل نفسه جزعا من الحياة، ولا نقول: إنه يستحق النار، لأنه كان مجتهدا في خدمة دينه وقضيته وإن أخطأ في التصرف، بل ندعو الله أن يغفر له على نيته واجتهاده.
.
٤-وقد رأيت بعض التعليقات قد جانبت الصواب؛ إما بالحكم عليه بأنه منتحر، وهذا غير صحيح، أو بالحكم عليه بأنه (شهيد) وأن ما قام به هو عمل مشروع، وقد ذهبوا للاستدلال على مشروعيته بآيات وأحاديث، وقد تكلفوا في ذلك غاية التكلف لأن هذه النصوص ليست لها علاقة بهذه المسألة أصلا، وهذا التكلف غير صحيح أيضًا، والمفتي عليه أن يبحث بتجرد عن حكم الله تعالى بغض النظر عن موقفه الشخصي وميوله وعواطفه، والله أعلم.
.
والله يغفر لنا جميعا ويقينا شر كل ذي شر ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
.
محمد عياش الكبيسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق