الأربعاء، 2 أغسطس 2023

للأجيال الجديدة - من هم الاخوان المسلمين ؟!

 

بسم الله الرحمن الرحيم

للأجيال الجديدة

 

كتب الشهيد سيد قطب – رحمه الله – كتابه “العدالة الاجتماعية في الإسلام” عام 1948 م، صدّر كتابه بقوله:

“إلى الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدا كما بدأ، يقاتلون في سبيل الله فيُقتلون ويَقتلون، مؤمنين في قرارة أنفسهم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين..

إلى أولئك الفتية الذين لا أشك لحظة أن روح الإسلام القوية ستبعثهم من ماضي الأجيال في يوم قريب… جد قريب”

ولقد ظن الذين اطلعوا على هذا الكتاب أن المؤلف يقصد بهذه المقدمة شباب الإخوان المسلمين، في الوقت الذي لم يكن قد عرف شيئا عن الجماعة وشبابها.. فبادرت الحكومة آنذاك بمصادرة الكتاب وسحبه من الأسواق؟!

وكان تعليق الإمام المؤسس على هذا الكتاب حين قرأه: ( هذه أفكارنا وكان ينبغي أن يكون صاحبها واحدا منا )

وتحققت آمال الإمام الشهيد ولكن بعد أن لقي ربه في 12 فبراير عام 1949، حين كان الاستاذ سيد قطب مريضاً في أحد المستشفيات الأمريكية إذ لاحظ بهجة وسروراً يغمران مَنْ حوله من الممرضات والمرضى؛ فظن أن القوم في عيد؟!

غير أنه ذهل حين سألهم عن سبب بهجتهم تلك فكانت إجابتهم: لقد تخلصنا من عدو الغرب الأول في ديار الشرق…. لقد قُتل حسن البنا!!

وقد وجهت هذه الحادثة تفكير سيد قطب لأن يكون عضوا في جماعة الإخوان المسلمين! وألا يكتفي بالكتابة عن الإسلام فقط.

وفي الطبعة الثانية لكتابه العدالة الاجتماعية في الإسلام، كانت المقدمة تشير إلى تحقق هذا الحلم، فكتب:

“إلى الفتية الذين كنت ألمحهم بعين الخيال قادمين؛ فوجدتهم في الحياة قائمين، يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم مؤمنين بقرارة نفوسهم أن العزة لله ورسوله والمؤمنين..

إلى هؤلاء الفتية الذين كانوا في خيالي أُمنية وحُلما، فإذا هم حقيقة أعظم من الخيال، وواقع أكبر من الآمال.

إلى هؤلاء الفتية الذين انبثقوا من ضمير الغيب كما تنبثق الحياة من ضمير العدم وكما ينبثق النور من خلال الظلمات.

إلى هؤلاء الفتية الذين يجاهدون باسم الله، في سبيل الله، على بركة الله.. أهدي هذا الكتاب”

ونحن نقدم للاجيال الجديدة معالم من فكر ومنهاج الجماعة في سطور موجزة في سلسلة تحت عنوان " الإخوان المسلمون.. من هم؟ "

(( 1 ))

تعريف بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله

مولده   نشأته   دعوته

ولد الإمام حسن البنا بمدينة المحمودية بمحافظة البحيرة في مصر عام 1906ميلادية.

كان ابوه أحمد عبد الرحمن البنا من العلماء العاملين، اشتغل بعلوم السنة وله عدة مصنفات في الحديث الشريف أهمها كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الامام أحمد وكان الى هذا يحترف تجليد الكتب وإصلاح الساعات لذا لقب بالساعاتي.

نشأ حسن البنا في بيت علم وصلاح، وتلقى علومه الأولية في مدرسة الرشاد الدينية ثم بالمدرسة الاعدادي بالمحمودية.

بدأ اهتمامه في سن مبكر بالعمل الاسلامي المنظم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله، فأنشأ مع زملائه في الدراسة ((جمعية الخلاق الأدبية )) ثم ((جمعية منع المحرمات)) وتعرف على الطريقة الحصافية، مما أصّل في نفسه معاني الزهد والصفاء والتجرد.

انتقل الى دار المعلمين بدمنهور عام 1920 حيث أتم حفظ القران الكريم قيل اتمام الربعة عشرة من عمره، وشارك في الحملة الوطنية ضد الاحتلال.

وفي عام 1923 انتقل الى القاهرة حيث انتسب الى دار العلوم.

وهناك تفتحت أمام حسن البنا أفاق جديدة واسعة ؛ فبالاضافة الى مجالس اخوان الطريقة الحصافية كان يرتاد المكتبة السلفية ومجالس العلماء الأزهرين، وكان يحض الجميع على ضرورة العمل للاسلام بشتى الوسائل.

وتبلورت معالم الدعوة الى الله في نفسه وشغلت عليه تفكيره، فبدأ ينتقل مع عدد من زملائه داعيا الى الله في المجالس والمقاهي والمنتديات.

تخرج حسن البنا من دار العلوم عام 1927، وكان ترتيبه الأول، وعين مدرسا بمدينة الاسماعيلية على قناة السويس، فانتقل اليها وبدأ نهجا مدروسا في الدعوة، فكان يتصل بالناس في المقاهي ثم ينتقل بهم الى المسجد باذلا جهده في تجاوز الخلافات التي كانت تسود المجتمع الاسلامي آنذاك

واستطاع أن يرسي دعائم دعوة اسلامية متميزة حيث تعاهد مع ستة نفر من اخوانه على تشكيل أول نواة لجماعة الاخوان المسلمين، وكان ذلك في شهر ذي القعدة 1347 هجرية- اذار(مارس) 1928 ميلادية.

تميزت دعوة الاخوان المسلمين من أول يوم بالعودة الى الاصالة الاسلامية بمصدريها: الكتاب والسنة، متجاوزة الخلافات الجزئية والمذهبية.

وكان الامام البنا يركز على ضرورة صب الجهود من أجل بناء جيل مؤمن يفهم الاسلام فهما صحيحا على أنه دين ودولة، وعبادة وجهاد، وشريعة محكمة تنتظم حياة الناس جميعا في جوانبها كلها، التربوية والجتماعية والاقتصادية والسياسية.

كانت الساحة الاسلامية في ذلك الوقت مقتصرة على تيارين رئيسين:

الدعوة السلفية والطرق الصوفية، وكان الخلاف بينهما مستحكما والعداوة حادة، وكان الفكر الاسلامي رهين أروقة الازهر ومنظوماته ومصنفاته، الا ما خلفته حركة جمال الدين الفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا من اثار.

لذلك كانت دعوة الامام البنا في العودة الى شمول الاسلام كل جوانب الحياة تجديدا رائدا في مجال التفكير الاسلامي.

فبعد أن كان الكاتبون المسلمون يجدون عنتا في التدليل على ان الاسلام ليس ضد العلم وأنه يواكب الحضارة.. ابرزت حركة الاخوان المسلمين جيلا من الشباب المؤمن المثقف يستصغر الحضارة الغربية في جنب الاسلام، ويعتقد انه (( لن تصدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة ))،

وقد استوعبت جماعة الاخوان المسلمين في صفوفها مختلف قطاعات الشعب وخاصة الشباب المثقف، وأوقدت جذوة الاسلام في النفوس من جديد.

ونعود مع الامام البنا الى الاسماعيلية، حيث بدأ بناء مؤسسات الجماعة، فأقام مسجدا ودارا للإخوان، ثم معهد حراء الإسلامي، ومدرسة أمهات المؤمنين، وبدأت الدعوة تنتشر في القرى والمدن المجاورة.

وفي عام 1932 انتقل الإمام حسن البنا الى القاهرة، وبانتقاله اليها انتقل المركز العام للإخوان المسلمين،

وكان يقوم برحلات متتابعة الى الأقاليم يصحب فيها أخوانه الجدد يربيهم على خلق الدعوة ويؤهلهم للقيام بأعبائها، وكان يتابع عمله هذا بدأب وتفان حتى انتشرت دعوة الإخوان في كل أنحاء القطر المصري.

أصدر الإمام البنا مجلة الإخوان المسلمين الاسبوعية، ثم مجلة النذير وعددا من الرسائل ولم يتفرغ - رحمه الله - للتأليف بل كان جل اهتمامه منصبا على التربية ونشر الدعوة وعلى تكوين جماعة ما تزال رائدة البعث الاسلامي في العالم كله.

يتبع إن شاء الله تعالى

(( 2 ))

حرص الإمام البنا على ألا تكون حركته اقليمية في اطار القطر المصري، بل كانت عالمية بعالمية الدعوة الاسلامية، لذلك وجدناها تمتد في الأربعينيات لتشمل العالم العربي كله.

ولتنطلق بعد ذلك في أقطار العالم الاسلامي مركزة علم الدعوة في كل مكان.

وكان الإمام البنا يرسل المبعوثين الى أقطار العالم يتفقدون أحوال المسلمين وينقلون الى القاهرة صورة عن اوضاع العالم الاسلامي.

وكان المركز العام بالقاهرة ملتقى أحرار المسلمين في وقت كانت فيه معظم أقطار العالم الاسلامي رازحة تحت الاحتلال الاجنبي، فمن رجال حركات التحرير في شمال افريقيا الى احرار اليمن الى زعماء الهند وباكستان واندونيسيا وافغانستان الى رجالات السودان والصومال وسوريا والاردن والعراق وفلسطين...

وكان للقضية الفلسطينية عناية خاصة من الإمام الشهيد.

وكانت له نظرة ثاقبة في موضوع الخطر الصهيوني وكان الاخوان المسلمون منذ بداية الثورات الفلسطينية عام 1936 هم دعاة التحذير والتحرير في العالم العربي.

ولما دخلت الجيوش العربية فلسطين عام 1948 خاض الاخوان المسلمون الحرب في كتائب متطوعة عبر الجبهة الغربية من مصر والشرقية من سوريا وأبلوا فيها أحسن البلاء.

بعد ذلك صدرت الأوامر من الدول الغربية الكبرى للحكومة المصرية بحل جماعة الاخوان المسلمون واعتقال شبابها العائدين من القتال وذلك بعد النكبة وتوقيع الهدنة.

وأبقي الامام وحده خارج السجن ليجري اغتياله من قبل زبانية فاروق في أحد شوارع القاهرة يوم 14 ربيع الثاني 1368 هجرية الموافق 12 فبراير 1949 ميلادية.

ولم تنته جماعة الاخوان المسلمين باغتيال مرشدها واعتقال رجالها واغلاق دورها بل خرجت من المحنة اشد وأصلب عودا لتخوض حربا اخرى ضد قوات الاحتلال البريطاني في قناة السويس عام 1951 مما استدعى ضربات اقوى في مصر عام 1954 واخرى عام  1965، وثالثه عام 1981 ، ورابعة عام 1995 ، وأخرى في عام 2013 ، وكذلك الحال في دول كثيرة أخرى، والله المستعان وعليه التكلان.

وما تزال حركة الامام البنا " الاخوان المسلمون " تمتد أفقا وعمقا لتغطي العالم كله وليحتل فكرها الاسلامي الأصيل ساحة الصراع واننا لنجد اليوم أن الفكر الاسلامي لكتاب الحركة قد فرض نفسه على كل التجمعات الاسلامية بشتى هوياتها، واصبحت احقية الاسلام بالتطبيق في كل مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من المسلمات التي تفرض نفسها حتى على اعداء الاسلام وتملأ نفوس تيار عريض من الاسلاميين في كل مكان تدفعهم للجهاد في سبيل اعلاء كلمة الله واقامة حكم الله في الارض.

واذا ما برزت في الساحة الاسلامية اليوم نظريات ترى تطوير العمل الاسلامي بأن تنصب الجهود على الدعوة والتربية دون العمل السياسي، أو التركيز على العمل العسكري دون التربوي أو الدعوة الى احتراف العمل السياسي فقط،

فإن أيا من هذه الآراء يعتبر تخلفا في الفهم والتجربة تجاوزته حركة الاخوان المسلمين فالتصور الاسلامي الذي طرحه الامام البنا مبني على قواعد من الشمول والتوازن في بناء الشخصية الاسلامية والحركة الاسلامية.

فالبناء لا يكون إسلاميا إلا إذا تمثلت عناصره الاسلام عقيدة وشريعة، سلوكا وسياسة، عبادة وحكما وجهادا في سبيل الله.

على هذه الأسس أقام الرسول صلى الله عليه وسلم البناء الاسلامي الأول وعليها اقام، وعليها أقام الامام البنا جماعته، وعلى نفس الأسس تتابع الجماعة الطريق.

 

س1: ما هو موقفك وموقف جماعة الاخوان المسلمين من الناس والمجتمع الذي تعيشون فيه؟

ج1: مصارحة:

نحب أن نصارح الناس بغايتنا، وأن نجلي أمامهم منهجنا، وأن نوجه اليهم دعوتنا، في غير لبس ولا غموض، أضوأ من الشمس وأوضح من فلق الصبح وأبين من غرة النهار.

براءة :

ونحب مع هذا أن يعلم قومن - وكل المسلمين قومنا - أن دعوة الاخوان المسلمين دعوة بريئة نزيهة، قد تسامت في نزاهتها حتى جاوزت المطامع الشخصية، واحتقرت المنافع المادية، وخلفت وراءها الأهواء والأغراض، ومضت قدما في الطريق التي رسمها الحق تبارك وتعالى للداعين اليه: (( قل هذه سبيلي أدعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )) سورة يوسف

فلسنا نسأل الناس شيئا، ولا نقتضيهم مالا ولا نطالبهم بأجر، ولا نستزيد بهم وجاهة، ولا نريد منهم جزاء ولا شكورا، إن أجرنا في ذلك إلا على الذي فطرنا.

عاطفة :

ونحب أن يعلم قومنا أنهم احب الينا من أنفسنا، وأنه حبيب الى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، وما أوقفنا هذا الموقف منهم الا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا وملكت علينا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، وأسالت مدامعنا، وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب، ولن نكون عليكم في يوم من الأيام.

لله الفضل والمنة :

ولسنا نمتن بشيء ولا نرى لأنفسنا في ذلك فضلا، وانما نعتقد قول الله تعالى: (( بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين )) الحجرات

وكم نتمنى - لو تنفع المنى - أن تتفتح هذه القلوب على مرأى ومسمع من أمتنا، فينظر اخواننا هل يرون فيها إلا حب الخير لهم والاشفاق عليهم والتفاني في صالحهم ؟ ... وهل يجدون إلا ألما مضنيا من هذا الحال التي وصلنا اليها ؟

ولكن حسبنا أن الله يعلم ذلك كله، وهو وحده الكفيل بالتأييد الموفق للتسديد، بيده أزمة القلوب ومفاتيحها، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وهو حسبنا ونعم الوكيل. أليس الله بكاف عبده؟

يتبع إن شاء الله تعالى

*************

(( 3 ))

س2: بماذا تطالبون الناس وماذا تريدون من المجتمع الذي تعيشون فيه؟

ج2: أصناف أربعة: كل الذي نريده من الناس أن يكونوا أمامنا واحدا من أربعة:

مؤمن:

شخص آمن بدعوتنا وصدق بقولنا وأعجب بمبادئنا، ورأى فيها خيرا اطمأنت إليه نفسه، وسكن له فؤاده، فهذا ندعوه أن يبادر بالانضمام الينا والعمل معنا حتى يكثر به عدد المجاهدين ويعلوا بصوته صوت الداعين، ولا معنى لايمان لا يتبعه عمل، ولا فائدة في عقيدة لا تدفع صاحبها الى تحقيقها والتضحية في سبيلها، وكذلك كان السابقون الأولون ممن شرح الله صدورهم لهدايته فاتبعوا أنبيائه وآمنوا برسالاته وجاهدوا فيه حق جهاده، ولهؤلاء من الله أجزل الأجر وأن يكون لهم مثل ثواب من اتبعوهم لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا.

متردد : شخص لم يستبين وجه الحق، ولم يتعرف في قولنا معنى الاخلاص والفائدة، فهذا نتركه لتردده ونوصيه بأن يتصل بنا عن كثب، ويقرأ عنا من قريب أو بعيد، ويطالع كتاباتنا ويزور أنديتنا ويتعرف الى اخواننا، فسيطمئن بعد ذلك لنا إن شاء الله، وكذلك كان شأن المترددين من أتباع الرسل من قبل.

  نفعي : شخص لا يريد أن يبذل معونته إلا إذا عرف ما يعود عليه من فائدة وما يجره هذا البذل له من مغنم فنقول له: حنانيك ليس عندنا من جزاء الا ثواب الله إن أخلصت، والجنة إن علم فيك خيرا،

أما نحن فمغمورون جاها فقراء مالا، شأننا التضحية بما معنا وبذل ما في أيدينا، ورجاؤنا رضوان الله سبحانه وتعالى وهو نعم المولى ونعم النصير، فإن كشف الله الغشاوة عن قلبه وأزاح كابوس الطمع عن فؤاده فسيعلم أن ما عند الله خير وأبقى، وسينضم الى كتيبة الله ليجود بما معه من عرض الحياة الدنيا لينال ثواب الله في العقبى، وما عندكم ينفد وما عند الله باق.

  متحامل: شخص أساء فينا ظنه وأحاطت بنا شكوكه، فهو لا يرانا الا بالمنظار الاسود القاتم، ولا يتحدث عنا الا بلسان المتحرج المتشكك، ويأبى الا أن يلج في غروره ويسدر في شكوكه ويظل مع أوهامه،

فهذا ندعوا الله لنا وله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يلهمنا وإياه الرشد، ندعوه إن قبل الدعاء ونناديه إن أجاب النداء وندعوا الله فيه وهو أهل الرجاء، ولقد أنزل الله على نبيه الكريم في صنف من الناس: (( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )) القصص

وهذا سنظل نحبه ونرجوا فيئه الينا واقتناعه بدعوتنا، وانما شعارنا معه ما أرشدنا اليه الصطفى صلى الله عليه وسلم من قبل: ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).

نحب أن يكون الناس معنا واحدا من هؤلاء، وقد حان الوقت الذي يجب فيه على المسلم أن يدرك غايته ويحدد وجهته، ويعمل لهذه الوجهة حتى يصل الى غايته المنشودة،

أما تلك الغفلة السادرة والخطرات اللاهية والقلوب الساهية والانصياع الاعمى واتباع كل ناعق فما هو من سبيل المؤمنين في شيء.

س3: ما هي المواصفات العامة التي ينبغي أن تتوفر في الأخ المسلم؟

فناء:

نحب أن يعلم قومنا إلى جانب هذا أن هذه الدعوة لا يصلح لها الا من حاطها من كل جوانبها ووهب لها ما تكلفه إياه من نفسه وماله ووقته وصحته، قال تعالى: (( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )) التوبة.

فهي دعوة لا تقبل الشركة إذ أن طبيعتها الوحدة فمن استعد لذلك فقد عاش بها وعاشت به، ومن ضعف عن هذا العبء فسيحرم ثواب المجاهدين ويكون مع المخلفين ويقعد مع القاعدين، ويستبدل الله لدعوته به قوما آخرين (( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )) المائدة.

س4: ما هو المبدأ العام أو الفكرة العامة التي تقوم عليها جماعة الإخوان المسلمين وما الذي يميزها عن غيرها من الجماعات الإسلامية؟

إسلامنا:

اسمع يا أخي: دعوتنا دعوة أجمع ما توصف به أنها ( إسلامية ) ولهذه الكلمة معنى واسع غير ذلك المعنى الضيق الذي يفهمه الناس، فإنا نعتقد أن الاسلام معنى شامل ينتظم شؤن الحياة جميعا، ويفتي في كل شأن منها ويضع له نظاما محكما دقيقا، ولا يقف مكتوفا أمام المشكلات الحيوية والنظم التي لا بد منها لاصلاح الناس.

فهم بعض الناس خطأ أن الاسلام مقصور على ضروب من العبادات أو أوضاع من الروحانية، وحصروا أنفسهم وأفهامهم في هذه الدوائر الضيقة من دوائر الفهم المحصور.

ولكنا نفهم الاسلام على غير هذا الوجه فهما فسيحا واسعا ينتظم شؤون الدنيا والآخرة، ولسنا ندعي هذا ادعاء أو نتوسع فيه من انفسنا، وانما هو ما فهمناه من كتاب الله وسيرة المسلمين الاولين، فإن شاء القارئ أن يفهم دعوة الاخوان بشيء اوسع من كلمة اسلامية فليمسك بمصحفه وليجرد نفسه من الهوى والغاية ثم يتفهم ما عليه القرآن فسيرى في ذلك دعوة الاخوان.

أجل: دعوتنا اسلامية، بكل ما تحتمل الكلمة من معان، فافهم فيها ما شئت بعد ذلك وأنت في فهمك هذا مقيد بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة السلف الصالحين من المسلمين،

فأما كتاب الله فهو اساس الاسلام ودعامته

واما سنة نبيه فهي مبينة الكتاب وشارحته

وأما سيرة السلف الصالح فهم رضوان الله عليهم منفذوا اوامره والآخذون بتعاليمه وهم المثل العملية والصورة الماثلة لهذه الاوامر والتعاليم

يتبع إن شاء الله تعالى

*************

(( 4 ))

س5: كيف تتعامل جماعة الإخوان المسلمين مع الجماعات الإسلامية الأخرى، كالجماعات السلفية والصوفية... ؟

أمام الخلافات الدينية : أتحدث اليك الآن عن دعوتنا أما الخلافات الدينية والآراء المذهبية.

تجمع ولا تفرق : فاعلم فقهك الله اولا ان دعوة الاخوان المسلمين دعوة عامة لا تنتسب الى طائفة خاصة، ولا تنحاز الى رأي عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة، وهي تتوجه الى صميم الدين ولبه، ونود أن تتوحد وجهة الانظار والهمم حتى يكون العمل أجدى والانتاج أعظم وأكبر.

فدعوة الاخوان دعوة بيضاء نقية غير ملونة بلون وهي مع الحق أينما كان تحب الاجماع وتكره الشذوذ، وأن أعظم ما مني به المسلمون الفرقة والخلاف، وأساس ما انتصروا به الحب والوحدة، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، هذه قاعدة أساسية وهدف معلوم لكل أخ مسلم، وعقيدة راسخة في نفوسنا، نصدر عنها وندعوا اليها.

ونحن مع هذا نعتقد أن الخلاف في فروع الدين أمر لا بد منه ضرورة ولا يمكن ان نتحد في هذه الفروع والآراء والمذاهب لأمور عدة:

منها اختلاف العقول... ومنها سعة العلم وضيقه... ومنها اختلاف البيئات... ومنها اختلاف الاطمئنان القلبي الى الرواية عند التلقين لها... ومنها اختلاف تقدير الدلالات....

كل هذه الاسباب جعلتنا نعتقد أن الاجماع على أمر واحد في فروع الدين مطلب مستحيل، بل هو يتنافى مع طبيعة الدين، وانما يريد الله لهذا الدين أن يبقى ويخلد ويساير العصور ويماشي الازمان، وهو لهذا سهل مرن هين لين لا جمود فيه ولا تشديد.

نعتذر لمخالفينا :

نعتقد هذا فنلتمس العذر كل العذر لمن يخالفوننا في بعض الفرعيات، ونرى ان هذا الخلاف لا يكون ابدا حائلا دون ارتباط القلوب وتبادل الحب والتعاون على الخير، وأن يشملنا واياهم معنى الاسلام السابغ بأفضل حدوده وأوسع مشتملاته،

ألسنا مسلمين وهم كذلك ؟

وألسنا نحب أن ننزل على حكم اطمأنان نفوسنا وهم يحبون ذلك ؟

وألسنا مطالبين بأن نحب لإخواننا ما نحب لأنفسنا ؟

ففيم الخلاف إذن ؟ ولماذا لايكون رأينا مجالا للنظر للنظر عندهم كرأيهم عندنا ؟ ولماذا لا نتفهم في جو من الصفاء والحب اذا كان هناك ما يدعوا الى التفاهم؟

هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخالف بعضهم بعضا في الافتاء، فهل أوقع ذلك اختلافا بين قلوبهم ؟ وهل فرق وحدتهم أو فرق رابطتهم ؟ اللهم لا وما حديث صلاة العصر في قريظة  ببعيد ؟  

وإذا كان هؤلاء اختلفوا وهم أقرب الناس عهدا بالنبوة وأعرفهم بقرائن الأحكام فما بالنا نتناحر في خلافات تافهة لا خطر لها؟

وإذا كان الأئمة وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله قد اختلفوا بعضهم مع بعض وناظر بعضهم بعضا فلم لا يسعنا ما وسعهم؟ وإذا كان الخلاف قد وقع في أشهر المسائل الفرعية وأوضحها كالأذان الذي ينادي به خمس مرات في اليوم الواحد فما بالك بدقائق المسائل التي مرجعها الى الرأي والاستنباط.

وثم أمر آخر جدير بالنظر، إن الناس كانوا إذا اختلفوا رجعوا الى الخليفة وشرطه الإمامة فيقضي بينهم ويرفع حكمه خلافهم.

أما الآن فأين الخليفة وإذا كان الأمر كذلك فأولى بالمسلمين أن يبحثوا عن القاضي ثم يعرضوا قضيتهم عليه، فإن اختلافهم من غير مرجع لا يردهم إلا إلى خلاف آخر.

يعلم الإخوان المسلمون كل هذه الحيثيات، فهم لهذا أوسع الناس صدرا مع مخالفيهم، ويرون أن مع كل قوم علما وفي كل دعوة حقا وباطلا فهم يتحرون الحق ويأخذون به ويحاولون بهوادة ورفق اقناع المخالفين بوجهة نظرهم، فإن اقتنعوا فذاك وإن لم يقتنعوا فإخوان في الدين نسأل الله لنا ولهم الهداية.

ذلك منهج الإخوان المسلمين أمام مخالفيهم في المسائل الفرعية في دين الله، يمكن أن أجمله لك في أن:

الاخوان يجيزون الخلاف ويكرهون التعصب للرأي، ويحاولون الوصول للحق، ويحملون الناس على ذلك بألطف وسائل اللين والحب.

 

س6: وسط هذه الظروف الصعبة التي تعيشها الأمة الاسلامية في هذا الزمان ووسط الكثير من المعوقات التي تقف في طريق الدعوة والدعاة ألا ترى أناليأس قد يتسلل إلى نفوس الدعاة والدعوة.

أحب أن تعلم يا أخي أننا لسنا يائسين من أنفسنا وأننا نأمل خيرا كثيرا ونعتقد أنه لا يحول بيننا وبين النجاح إلا هذا اليأس، فإذا قوي الأمل في نفوسنا فسنصل الى خير كثير إن شاء الله تعالى، لهذا نحن لسنا يائسين ولا يتطرق الى قلوبنا والحمد لله.

وكل ما حولنا يبشر بالأمل رغم تشاؤم المتشائمين، إنك إذا دخلت على مريض فوجدته تدرج من كلام الى صمت ومن حركة الى سكون شعرت بقرب نهايته وعسر شفائه واستفحال دائه، فاذا انعكس الأمر وأخذ يتدرج من صمت الى كلام  ومن همود الى حركة شعرت بقرب شفائه وتقدمه في طريق الصحة والعافية.

ولقد أتى على هذه الأمم الشرقية حين من الدهر جمدت فيه حتى ملها الجمود وسكنت حتى أعياها السكون ولكنها الآن تغلي غليانا بيقظة شاملة في كل مناحي الحياة، وتضطرم اضطراما بالمشاعر الحية القوية والأحاسيس العنيفة.

ولولا ثقل القيود من جهة والفوضى في التوجيه من جهة أخرى لكان لهذه اليقظة أروع الآثار، ولن تظل هذه القيود قيودا أبد الدهر فإنما الدهر قلب، وما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال الى حال، ولن يظل الحائر حائرا فإنما بعد الحيرة هدى وبعد الفوضى استقرار، ولله الأمر من قبل ومن بعد...

وإنك  لتقرأ الآية الكريمة في أول سورة القصص: (( طسم ، تلك آيات الكتاب المبين، نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون، إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلا شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين، ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منم ما كانوا يحذرون)).

تقرأ هذه الآية الكريمة فترى كيف يطغى الباطل في صولته ويعتز بقوته، ويطمئن الى جبروته ويغفل عن عين الحق التي ترقبه، حتى إذا فرح بما أوتي أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وأبت إرادة الله إلا أن تنتصر للمظلومين وتأخذ بناصر المهضومين المستضعفين فإذا الباطل منهار من أساسه وإذا الحق قائم البنيان متين الأركان وإذا أهله هم الغالبون، وليس بعد هذه الآية الكريمة وأمثالها من آيات كتاب الله عذر في اليأس والقنوط لأمة من أمم الإسلام تؤمن بالله ورسوله وكتابه. فمتى يتفقه المسلمون في كتاب الله؟

لمثل هذا يا أخي وهو كثير في دين الله لم ييأس الإخوان المسلمون من أن ينزل نصر الله على هذه الأمم رغم ما يبدوا أمامها من عقبات، وعلى ضوء هذا الأمل يعملون عمل الآمل المجد والله المستعان.

يتبع إن شاء الله تعالى

*************

(( 5 ))

س 7: ما هي أهم المبادئ التي تقوم عليها وسيلة الاخوان المسلمين لتحقيق أهدافها؟

أما الوسيلة فهي أركان ثلاثة تدور عليها فكرة الإخوان:

أولها_ المنهاج الصحيح: وقد وجده الإخوان في كتاب الله وسنة رسوله وأحكام الإسلام حين يفهمها المسلمون على وجهها غضة نقية بعيدة عن الدخائل والمفتريات فعكفوا على دراسة الإسلام على هذا الأساس دراسة سهلة واسعة مستوعبة.

وثانيها_ العاملون المؤمنون: ولهذا أخذ الإخوان أنفسهم بتطبيق ما فهموه من دين الله تطبيقا لا هوادة فيه ولا لين، وهم بحمد الله مؤمنون بفكرتهم مطمئنون لغايتهم واثقون بتأيد الله إياهم ما داموا له يعملون وعلى هدي رسوله يسيرون.

وثالثها_ القيادة الحازمة الموثوق بها: وقد وجدها الاخوان المسلمون كذلك، فهم لها مطيعون وتحت لوائها يعملون.

هذا ما أردت أن أتحدث به إليك عن دعوتنا وهو تعبير له تعبير، وأنت يوسف هذه الأحلام، فإن راقك ما نحن عليه فيدك مع أيدينا لنعمل سويا في هذا السبيل والله ولي توفيقنا وهو حسبنا ونعم الوكيل فنعم المولى ونعم النصير.

 

س8: تتهم جماعة الاخوان المسلمين بأنها تتلقى دعما أجنبيا حتى وصل الأمر بالبعض أن اتهمها بالعمالة وإلا فمن أين لها هذا المال اللازم لدعوة نجحت وازدهرت كدعوتهم والوقت عصيب والنفوس شحيحة؟

يتساءل كثير من إخواننا الذين أحببناهم من كل قلوبنا ووقفنا لخيرهم والعمل لمصلحتهم الدنيوية والأخروية جهودنا وأموالنا وأرواحنا، وفنينا في هذه الغاية، غاية إسعاد أمتنا وإخواننا، عن أموالنا وأنفسنا.

وكم أتمنى أن يطلع هؤلاء الاخوان المتسائلون على شباب الإخوان المسلمين وقد سهرت عيونهم والناس نيام، وشغلت نفوسهم والخليون هجع، وأكب أحدهم على مكتبه من العصر الى منتصف الليل عاملا مجتهدا ومفكرا مجدا، ولا يزال كذلك طول شهره، حتى إذا ما انتهى الشهر جعل مورده موردا لجماعته، ونفقته نفقة لدعوته، وماله خادما لغايته، ولسان حاله يقول: لا أسألكم عليه أجرا إن أجري الإ على الله.

ومعاذ الله أن نمن على أمتنا فنحن منها ولها وإنما نتوسل إليها بهذه التضحية أن تفقه دعوتنا وتستجيب لندائنا.

يتساءل هؤلاء الاخوان المحبوبون الذين يرمقون الاخوان المسلمين عن بعد ويرقبونهم عن كثب قائلين: من أين ينفقون؟ وأنى لهم المال اللازم لدعوة نجحت وازدهرت كدعوتهم والوقت عصيب والنفوس شحيحة؟

وإني أجيب هؤلاء بأن الدعوات الدينية عمادها الايمان قبل المال، والعقيدة قبل الأعراض الزائلة، وإذا وجد المؤمن الصحيح وجدت معه وسائل النجاح جميعا، وإن في مال الإخوان المسلمين القليل الذي يقتطعونه من نفقاتهم ويقتصدونه من ضرورياتهم ومطالب بيوتهم وأولادهم، ويجودون به طيبة نفوسهم سخية به قلوبهم، يود أحدهم لو كان له أضعاف أضعاف فينفقه في سبيل الله، فإذا لم يجد بعضهم شيئا تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون.

في هذا المال القليل والايمان الكبير ولله الحمد والعزة بلاغ لقوم عابدين ونجاح للعاملين الصادقين.

 

س9: هل دعوة الاخوان المسلمين دعوة سياسية وما علاقة الاخوان بالسياسة؟

لا ندري الى متى تتقارض أمتنا التهم وتتبادل الظنون وتتنابز بالألقاب، وتترك يقينا يؤيده الواقع في سبيل ظن توحيه الشكوك.

يا قومنا: إننا نناديكم والقرآن في يميننا والسنة في شمالنا، وعمل السلف الصالحين من أبناء هذه الأمة قدوتنا، وندعوكم الى الاسلام وتعاليم الإسلام وأحكام الاسلام، فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا، وإن كان من يدعوكم الى هذه المبادئ سياسيا فنحن أعرق الناس والحمد لله في السياسة، وإن شئتم أن تسموا ذلك سياسة فقولوا ما شئتم فلن تضرنا الأسماء متى وضحت المسميات وانكشفت الغايات.

يا قومنا: لا تحجبكم الألفاظ عن الحقائق والأسماء عن الغايات، ولا الأعراض عن الجوهر، وإن للإسلام لسياسة في طيها سعادة الدنيا وصلاح الآخرة، وتلك هي سياستنا لا نبغي بها بديلا فسوسوا بها أنفسكم، واحملوا عليها غيركم تظفروا بالعزة الأخروية، ولتعلمن نبأه بعد حين.

 

أين مكان الروح والقلب والعاطفة في دعوة الاخوان المسلمين؟

وينظر الناس في الدعوات الى مظاهرها العملية والوانها الشكلية، ويهملون كثيرا النظر الى الدوافع النفسية والالهامات الروحية التي هي في الحقيقة مدد الدعوات وغذاؤها وعليها يتوقف انتصارها ونماؤها، وتلك حقيقة لا يجادل بها إلا البعيد عن دراسة الدعوات وتعرف اسرارها، ان من وراء المظاهر جميعا في كل دعوة روحا دافعا، وقوة باطنة تسيرها وتهيمن عليها وتدفع اليها ومحال أن تنهض امة بغير هذه اليقظة الحقيقية في النفوس والارواح والمشاعر: (( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم))الرعد

ولهذا استطيع أن أقول إن أول ما نهتم  له في دعوتنا، وأهم ما نعول عليه في نمائها وظهورها وانتشارها هذه اليقظة الروحية المرتجلة، فنحن نريد أول ما نريد يقظة الروح، حياة القلوب، صحوة حقيقية في الوجدان والمشاعر.

نحن نريد نفوسا حية قوية فتية، قلوبا جديدة خفاقة، مشاعر غيورة متأججة، أرواحا طموحة متطلعة متوثبة، تتخيل مثلا عليا، واهدافا سامية لتسمو نحوها وتتطلع اليها ثم تصل اليها،

ولا بد من ان تحدد هذه الاهداف والمثل، ولا بد من ان تحصر هذه العواطف والمشاعر، ولا بد من ان تركز حتى تصبح عقيدة لا تقبل جدلا ولا تحتمل شكا ولا ريبا، وبغير هذا التحديد والتركيز سيكون مثل هذه الصحوة مثل الشعاع التائه في البيداء لا ضوء له ولا حرارة فيه، فما حدود الاهداف وما منتهاها؟؟

إننا نتحرى بدعوتنا نهج الدعوة الأولى ونحاول أن تكون هذه الدعوة الحديثة صدى حقيقيا لتلك الدعوة السابقة التي هتف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطحاء مكة قبل ألف ومئات من السنين، فأي نور من وهج الشموس الربانية أشعله النبي الكريم في قلوب صحابته فأشرقت وأضاءت بعد ظلمة وديجور؟ وأي ماء من فيض الحياة الروحية أفاضه عليها فاهتزت وربت ونمت فيها الأزاهير وأورقت بالوجدانيات والمشاعر وترعرعت فيها العواطف والضمائر ؟!!

أيها الناس: قبل أن نتحدث اليكم في هذه الدعوة عن الصلاة والصوم وعن القضاء والحكم وعن العادات والعبادات وعن النظم والمعاملات، نتحدث اليكم عن القلب الحي، والروح الحي، والنفس الشاعرة، والوجدان اليقظ والايمان العميق..

وبهذه الأركان الثلاثة: الايمان بعظمة الرسالة ... والاعتزاز باعتناقها ... والأمل في تأييد الله إياها ... تنتصر الدعوة

فهل أنتم مؤمنون ؟؟؟؟

يتبع إن شاء الله تعالى

*************

(( 6 ))

س 11: بماذا توصي الاخوان المسلمين؟

وصـــــــ   وصية ـــــــــية

أيها الإخوان المسلمون، اسمعوا:

أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات عصيبة تنتظرنا يحال فيها بيني وبينكم الى حين، فلا أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب إليكم، فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن تحفظوها إن استطعتم وأن تجتمعوا عليها، وإن تحت كل كلمة لمعان جمة:

أيها الإخوان... أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبا سياسيا ولا هيئة موضوعية لأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داو يعلوا مرددا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى الناس عنه

إذا قيل لكم إلام تدعون؟

فقولوا ندعوا الى الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم والحكومة جزء من والحرية فريضة من فرائضه،

فإن قيل لكم هذه سياسة !

فقولوا هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الأقسام.

وإن قيل لكم أنتم دعاة ثورة !

فقولوا: نحن دعاة حق وسلام نعتقده ونعتز به، فإن ثرتم علينا ووقفتم في طريق دعوتنا فقد أذن الله أن ندفع عن أنفسنا وكنتم الظالمين الثائرين. وإن قيل لكم أنكم تستعينون بالأشخاص والهيئات فقولوا: (( آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنتم به مشركين)) فإذا لجوا في عدوانهم فقولوا: ((سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين))

 

س12: تقولون أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة مميزة تختلف عن باقي الجماعات الإسلامية فما الذي يميز هذه الجماعة عن غيرها من الجماعات؟

 

كان من نتيجة الفهم العام الشامل للإسلام عند الاخوان المسلمين أن شملت فكرتهم كل نواحي الاصلاح في الأمة، وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الاصلاحية، وأصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته، والتقت عندها آمال محبي الإصلاح الذين عرفوها وفهموا مراميها، وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك، إن الإخوان المسلمين:

أولا: دعوة سلفية: لأنهم يدعون الى العودة بالإسلام الى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله

ثانيا: وطريقة سنية: لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة في كل شيء وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا الى ذلك سبيلا.

ثالثا: وحقيقة صوفية:  لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، والمواظبة على العمل، والاعراض عن الخلق، والحب في الله، والارتباط على الخير.

رابعا: وهيئة سياسية: لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صلة الأمة الاسلامية بغيرها من الأمم في الخارج، وتربية الشعب على العزة والكرامة والحرص على قوميته الى أبعد حد.

خامسا: وجماعة رياضية: لأنهم يعنون بجسومهم، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((  إن لبدنك عليك حقا ))، وأن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدى كاملة صحيحة إلا بالجسم القوي، فالصلاة والصوم والحج والزكاة لا بد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق، ولأنهم تبعا لذلك يعنون بتشكيلاتهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيرا من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها.

سادسا: ورابطة علمية ثقافية: لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، ولأن أندية الإخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لتربية الجسم والعقل والروح.

سابعا: وشركة اقتصادية: لأن الإسلام يعنى بتدبير المال وكسبه من وجهه وهو الذي يقول نبيه صلى الله عليه وسلم: (نعم المال الصالح للرجل الصالح) ويقول: (من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له)

ثامنا: وفكرة اجتماعية: لأنهم يعنون بأدواء المجتمع الاسلامي ويحاولون الوصول الى طرق علاجها وشفاء الأمة منها.

وهكذا نرى أن شمول معنى الإسلام قد أكسب فكرتنا شمولا لكل مناحي الحياة والاصلاح، ووجه نشاط الإخوان الى كل هذه النواحي، وهم في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم الى ناحية واحدة دون غيرها يتجهون اليها جميعا ويعلمون ان الاسلام يطالبهم بها جميعا.

ومن هنا كان كثير من مظاهر أعمال الإخوان يبدو أمام الناس متناقضا وما هو بمتناقض.

فقد يرى الناس الأخ المسلم في المحراب خاشعا متبتلا يبكي ويتذلل، وبعد قليل يكون هو بعينه واعظا مدرسا يقرع الآذان بزواجر الوعظ، وبعد قليل تراه نفسه رياضيا أنيقا يرمي الكرة أو يدرب على العدو أو يمارس السباحة، وبعد فترة يكون هو بعينه في متجره أو معمله يزاول صناعته في أمانة وإخلاص، هذه مظاهر قد يراها الناس متنافرة لا يلتئم بعضها ببعض، ولو علموا أنها جميعا يجمعها الإسلام ويأمر بها الإسلام ويحض عليها الإسلام لتحققوا فيها مظاهر اللإلتئام ومعاني الإنسجام، ومع هذا الشمول فقد اجتنب الإخوان كل ما يؤخذ على هذه النواحي من امآخذ ومواطن النقد والتقصير.

كما اجتنبوا التعصب للألقاب إذ جمعهم الإسلام الجامع حول لقب واحد هو

الإخوان المسلمون

والله أكبر ولله الحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق