الأربعاء، 2 أغسطس 2023

حقيقة التصوف

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

 

         الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

         أما بعد :

         فإن الله تعالى ، قد خلق الإنسان ، وأهبطه إلـى هذه الأرض ، لعبادته ، واتّباع هداه :

قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ( [1] )

  وقال تعالى : (  قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ( [2] ) .

معنى العبادة

 والعبادة ؛ معنى شامل ، تتناول جميع مظاهر الحياة ، وكل عمل أريد به وجه الله تعالى – ولم يعارض أصلاً – فهو عبادة ، حتى قضاء الرجل شهوته مع زوجته فهي عبادة ، كما جاء في الحديث : قال النبي r : (  . . . وَفِـي بُضْعِ أَحَدِكُـمْ صَدَقَةٌ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ ؟ قَالَ : « أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْر » ) ( [3] ) .

مهمة الإنسان في الأرض

وإن الله تعالى قد ألقى على عاتق الإنسان أمانة الخلافة على وجه هذه الأرض ، وعمارتها ، حيث قال تعالى في كتابه الكريم :

( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة) (  [4] )   

وقال تعالى : ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) ( [5] )  .

فمهمته هي : العبادة ، وعمارة الأرض .

         فعبادة الله تعالى ، هي الوسيلة ، و هي - في نفس الوقت -الغاية ؛

العبادة وسيلة

 

وسيلة لأداء هذه الأمانة الثقيلة ، كما قال تعالى : (  يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا . نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا . إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا  ) ( [6] ) .

[  إنه الإعداد للمهمة الكبرى بوسائل الإعداد الإلهية المضمونة . . قيام الليل ] ( [7] ) .

 (  إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ) .

[ والقرآن في مبناه ليس ثقيلاً فهو ميسر للذكر . ولكنّه ثقيل في ميزان الحق ، ثقيل في أثره في القلب : ((  لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ )) فأنزله الله على قلب أثبت من الجبل يتلقاه . .

وإن تلقـي هذا الفيض من النور والمعرفة واستيعابه ، لثقيل ، يحتاج إلى استعداد طويل .

وإن التعامل مع الحقائق الكونية الكبرى المجردة ، لثقيل ، يحتاج إلى استعداد طويل .

وإن الاتصال بالملأ الأعلى وبروح الوجود وأرواح الخلائق الحية والجامدة على النحو الذي تهيأ لرسول الله r ، لثقيل ، يحتاج إلى استعداد طويل .

وإن الاستقامة على هذا الأمر بلا تردد ولا ارتياب ، ولا تلفت هنا أو هناك وراء الهواتف والجواذب والمعوقات ، لثقيل ، يحتاج إلى استعداد طويل .

وإن قيام الليل والناس نيام ، والانقطاع عن غبش الحياة اليومية وسفسافها ؛ والاتصال بالله ، وتلقي فيضه ونوره ، والأنس بالوحدة معه والخلوة إليه ، وترتيل القرآن والكون ساكن ، وكأنما هو يتنزل من الملأ الأعلى وتتجاوب به أرجاء الوجود في لحظة الترتيل بلا لفظ بشري ولا عبارة ؛ واستقبال إشعاعاته وإيحاءاته وإيقاعاته في الليل الساجي . . إن هذا كله هو الزاد لاحتمال القول الثقيل ، والعبء الباهظ والجهد المرير الذي ينتظر الرسول وينتظر من يدعو بهذه الدعوة في كل جيل ! وينير القلب في الطريق الشاق الطويل ، ويعصمه من وسوسة الشيطان ، ومن التيه في الظلمات الحافة بهذا الطريق المنير  ] ( [8] ) .

فالتكاليف شاقة على النفس ، ولكن قيام الليل – العبادة – تقوي المسلم على حملها ، والقيام بها !

         وقال تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) ( [9] ) .

         ويقول الله تعالى : (  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( [10] ) .

ويقول تعالـى : ( خُـذْ مِـنْ أَمْوَالِهِــمْ صَـدَقَةً تُطَهِّرُهُـمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) ( [11] )

ويقول تعالى : (  وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) ( [12] ) .

ويقول تعالى : (  وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( [13] )

وهكذا العبادات وسائل للتقوى ، وتطهير النفس وتزكيتها ، والفلاح ، والمنافع ، وتخفيف ثقل الأمانة على عاتق المؤمن ، و . . . و . . . و . . . إلخ .

والعبادات غاية

وغاية ؛ حيث قال تعالى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ . . . ) ( [14] ) . 

         فإقامة الصلاة – الخضوع والخشوع لله تعالى ، وعبادته والإعتراف والتسليم ، لألوهيته سبحانه – هي تأتي بالدرجة الأعلى من الجهاد ، والجهود المبذولة ، في سبيل الله تعالى ، فهي الغاية من التمكين في الأرض .

وقال تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ( [15] )

         فالغاية من الإستخلاف في الأرض – الذي وعد الله تعالى المؤمنين الذين يعملون الصالحات – هي عبادة الله تعالى وحده ، وعدم الشرك به شيئاً .

ويقــول الله تعالـى : ( وَمَـــــا خَلَقْتُ الْجِـــنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ( [16] ) .

فالغاية من خلق الجن والإنس ، هي العبادة بمعناها الشامل

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سبب إختياري البحث

 

يقول الله تعالى : (  قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ  ) ( [17] ) .

 

وقـــال النبيّ r : (  أَلاَ وَإِنَّ فِـي الْجَسَـدِ مُضْغَـةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَـدُ كُلُّـهُ ، وَإِذَا فَسَـدَتْ فَسَـدَ الْجَسَـدُ كُلُّـهُ أَلاَ وَهِـيَ الْقَلْـبُ ) ( [18] ) .

         ولهذا السبب ، جـاء  هـذا البحث ؛ حيث إن حقيقة التصوف ، هي :

1 -  طريق  الوصول إلى القلب الخاشع .

2 - إستسلام الجوارح للشرع .

3 - الحصول على القدرة الممكنة ، للقيام بواجب الخلافة في الأرض ، وإعمارها .

فكمـا أن علـم أصـول الفقه ، هو طريق الوصول إلى ضبط ومعرفة أحكام الفقه ، ومعرفة الحلال والحرام ، ومعرفة الواجب ، والمندوب ، والمكروه ، . . . إلخ .

وكما أن علم النحو ، هو الطريق إلى صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام .

فالتصوف – كما قال الإمام ابن عجيبة ([19]) ، رحمه الله : [  تفسير لمقام الإحسان الذي هو مقام الشهود والعيان . كما أن علـم الكـلام تفسـير لمقـام الإيمان . وعلـم الفقه تفسير لمقام الإسلام ] ( [20] )  .  

محاربة حقيقة التصوف

وسبب آخر لكتابة هذا البحث هو أن هناك مسلمين ، يقومـون بمحـاربة التصوف ؛ حقيقته مـع البـدع التـي أضيفت إليـه ، ويرمونه بالبدعة ( البدعة الضلالة ) ،

وكأنهم يحاربون الكفر الأصلع ، من غير أن يفرقوا بين صحيحه ، وخطأه ؛

بين ما هو مأخوذ من الكتاب ، والسنة ، وسيرة السلف الصالح ،

وبين المبتدعين ؛ الأدعياء ، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، عن طريق التصوف .

فيحاربون هذه النزعة ، شكلها ، ولبها ، ظاهرها ، وباطنهـا ، محـاربة لا هـوادة فيها ، ولا يفرَقون بين الغث والسمين ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .

     فأردت أن أبين في هذا البحث ، أن حقيقة التصوف ، هي مأخوذة من الإسلام الصحيح ، وليس مأخوذة من الإغريق ، واليونان ، والفلاسفة ، والهنود و . . و . . كما يقول أعداؤه .

 

 

 

تشويه التصوف

 

كما هناك أيضاً سبب آخر لكتابة هذا البحث ؛ وهو أنه بالمقابل يوجد أدعياء شوّهوا التصوف ، بسلوكهم ، وحالهم الغريب جدّاً عنه ، ما جعل أعداءه يعادونه ، ويغوصون أكثر وأكثر في محاربته ، والتعمق في الجهل عنه ! 

وقد يتحمّل هؤلاء ، جزءاً كبيراً من وزر هذا التضليل !

 

أهمية البحث

 

وتأتي أهمية البحث ؛ في أن هناك مؤامرات ، ومكائد محكمة ، وكبيرة ، تجاه هذا الدين ، من قبل أعدائه وخصومه  . لاشك في ذلك .

 وأنها تستهدف أسسه ، وأصوله ، وتريد إفراغ محتواه ، من روحه ، وقوته ، بعد أن يئسوا ، من تحريف ، وتبديل نصوصه .

 وأنهم يستخدمون المسلمين السذج ، في تطبيق وتنفيذ هذه المخططات !

وأعظم أصول ، وأسس هذا الدين ، هو عقيدته ، وأعظم ما في العقيدة ، هو معرفة الله تبارك وتعالى ، ومعرفة أسمائه ، وصفاته ، ومن ثـم ، توحيده ، وتقواه ، وعبادته ، بما يليق بمعرفته ، وعظمته ، وجلاله ، سبحانه وتعالى .

وأهميته تكمن أيضا ؛ في أن حقيقة التصوف ؛ هي لب الإسلام ، وأساسه .

 وبدون حقيقة التصوف ، يغدو أفعال المسلم ، مجرد حركات ، وأعمال فارغة من المحتوى .

 ويصبح تصرفات المسلم ، مجرد شكليات ، لا تغني في صنع حضارة الإنسان ، ولا تسمن ، بل ربما نمت مجتمعات تتكيء على الرياء ، والتصنع .

وبدون حقيقة التصوف ، يغدو كل تلك التضحيات ، والدماء ، والجهود التي قدمها الأنبياء والرسل ، في سبيل رسخ تلك المعاني النبيلة ،

يغدو كل تلك الأعمال الجليلة ، غير ذات جدوى ، ويكون باعث حزن ، لكل ذلك الموكب الكريم ، أن لم يتحقق ، ما كانوا يصبون إليه ؛

وهو إنشاء مجتمع ، رباني ، عملي ، مؤسس على الخشوع ، والتقوى ، والخشية ، والمحبة لله تعالــى ، ومحبة رسله ، وعباده الصالحين .

بدون حقيقة التصوف

وإذا غدا المجتمع ، مجموعة من المسلمين ، غليظي الأكباد ، قساة القلوب ، عباداتهم شكلية ، لا روح فيها ؛ حيث الخشـوع ، واستسـلام القلب والجـوارح لله تعالــى ، ومحبته تعالـى ، والتوكل عليه ، والإخلاص ، والتجرد ، والزهد ، و . . . إلخ .

 حينئذ يصبح هـذا المجتمع فريسة سهلة لأعداء الله ورسوله ، فيحتلون ديارهم ، ويأكلون ثرواتهم .

وذلك لأن المسلمين ينتصرون على أعدائهم بالتقوى ، والخشية لله ، والورع ، والإنابة , ومحاسبة النفس ، على الصغيرة والكبيرة ، وهذه هي حقيقة التصوف .

 فإذا أفلسوا في ذلك ( [21] )   ، لم يروا النصر ، وهذا ما يريده الأعداء .

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : «إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ» ( [22] ) .

 فأردت أن أبيَن حقيقة الموضوع في ذلك ، ، إعتمادا على الكتاب ، والسنة ، وأقوال الأئمة والعلماء ، أسأل الله تعالى ، أن يعيننا على ذلك ، ويهدينا سواء السبيل .

 

وقد قسمت البحث إلى  مقدمة ، وستة مباحث .  

أمـا المقدمـة ؛ فقد بينت فيها أهمية البحث ، ومشكلة البحث ، وسبب اختياري للبحث .

المبحث الأول : ماهية التصوف ، وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الأول : التصوف : تعريفه ، ونشأته .

المطلب الثاني : شروط التصوف

المطلب الثالث : أقسام المتصوفين

المبحث الثاني :  نماذج من حياة الصالحين ، وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الأول : نماذج من حياة المتصوفين

المطلب الثاني : ومضات من حياة الخلفاء الراشدين ، والصحابة

المطلب الثالث : مشاعل من سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم

المبحث الثالث : منبع التصوف ، وفيه مطلبان :

المطلب الأول : نبع القرآن الكريم

المطلب الثاني : نبع السنة النبوية

المبحث الرابع : آراء معتدلة في التصوف

المبحث الخامس : التصوف هو التطبيق العملي للإسلام

المبحث السادس : الداء والدواء

ثم الخاتمة ، والإستنتاجات ، والتوصيات ، والمراجع ، والفهرس

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول

ماهية التصوف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الأول

التصوف : تعريفه ، ونشأته :

تعريفه

تعريف الشريف الجرجاني :

أ -  قال الشريف الجرجاني ( [23] ) ، رحمه الله :

[  التصوف : الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرًا ، فيرى حكمها من الظاهر في الباطن ، وباطنًا ، فيرى حكمها من الباطن في الظاهر ، فيحصل للمتأدب بالحكمين كمالٌ  ] .

وقال أيضا :

[  التصوف : مذهب كله جد . فلا يخلطونه بشيء من الهزل  .

وقيل : تصفية القلب عن موافقة البرية ، ومفارقة الأخلاق الطبيعية ، وإخماد صفات البشرية ، ومجانبة الدعاوى النفسانية ، ومنازلة الصفات الروحانية ، والتعلق بعلوم الحقيقة ، واستعمال ما هو أولى على السرمدية ، والنصح لجميع الأمة ، والوفاء لله تعالى على الحقيقة ، واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشريعة ،

وقيل : ترك الاختيار ،

وقيل : بذل المجهود . والأنس بالمعبود ،

وقيل : حفظ حواسك من مراعاة أنفاسك ،

وقيل : الإعراض عن الاعتراض ،

وقيل : هو صفاء المعاملة مع الله تعالى ، وأصله التفرغ عن الدنيا ،

وقيل : الصبر تحت الأمر والنهي ،

وقيل : خدمة التشرف ، وترك التكلف ، واستعمال التظرف ،

وقيل : الأخذ بالحقائق والكلام بالدقائق والإياس مما في أيدي الخلائق  ] ( [24] )  .

فالتصوف ، حسب تعريف الإمام الجرجاني ، رحمه الله :

هو : الإلتزام بالإسلام ، ظاهرا، وباطنا ،  والقصد من الظاهر ، والباطن ؛ هو أعمال الجوارح ، وأعمال القلب ، فلكل منهما أعمال ، يختص بها .

فأعمال الظاهر ، أو الجوارح هي : الآداب الشرعية ؛ من شروط ، وأركان ، كما بيّنها النبيّ r فـي سـنته ، القولية ، والفعلية ، والتقريرية ، للعبادات ، والمعاملات .

أما أعمال الباطن ، أو القلب فهي : التي مكانها القلب ؛ مثل الإخلاص ، والمحبة ، والخشية ، والتوكل ، والتجرد ، والصدق في العمل ، و . . . و . . . إلخ ، كما بيّنها النبيّ r أيضا

فالمتصوف – حسب التعريف – لا يقتصر على أحدهما ، ولا يلتزم بأعمال الجوارح ، حسب شروطها وأركانها فقط ، أو أعمال القلب فقط ، بل يؤدي حق كل منهما ، حسب الشروط ، والأركان التي وضعها الشارع ، ويلتزم بها .

وهو أيضــا – كمـا يقول الإمام الجرجاني – مذهب كله جد ، ليس فيه هزل ، أو ضياع وقت ، في أمور لا ترجع بفائدة للمؤمن ، في دنياه ، أو أخراه .

وهو مصارعة المؤمن ، مع نفسه الأمّارة بالسوء ، ليخلصها من الصفات الدنيّة ، ويحلّيها بالصفات العليّة .

فهو – التصوف – تخلية النفس عن كل صفة لا تليق بالمؤمن ، ولا تليق بمنزلته ، كخليفة على وجه هذه الأرض .

 وتحليتها بالصفات الربانية ؛ من الصبر ، والجد ، والجهاد ، والإجتهاد ، والصفاء ، وترك التكلف ، والإخلاص ، واتباع السنة ، والتوكل على الله ، في كل شيء ، و . . . و . . . إلخ من صفات المؤمنين ، الذين يحبهم الله تعالى ورسوله .

 

ب -  [  تصوُّف ( مفرد ) :

1 - مصدر تصوَّفَ . . .

2 – طريقـة في السّلوك تعتمد على التقشُّف ومحاسبة النفس ، والانصراف عن كلّ ما له علاقة بالجسد والتَّحلِّي بالفضائل ؛ تزكية للنَّفس وسعيًا إلى مرتبة الفناء في الله تعالى إيمانًا بالمعرفة المباشرة أو بالحقيقة الرُّوحيّة.

• علم التَّصوُّف : مجموعة المبادئ التي يعتقدها المتصوِّفةُ والآداب التي يتأدّبون بها في مجتمعاتهم وخلواتهم ] ( [25] ) .

وحسب هذا التعريف ، فالتصوف هو : مجموعة من المباديء ، التي يؤمن بها المتصوف ، ويسير عليها في حياته ، ومجموعة من الآداب ، التي يتحلى بها .

وطريقة في السلوك والتعامل ؛ من الزهد ، ومحاسبة النفس ، ومغالبة النوازع الجسدية ، والتغلب عليها ، وصولا إلى درجة الإحسان ، الذي هو : أن تعبد الله كأنك تراه .

 

 

تعريف الإمام إبن عجيبة

ج -  وقال الإمام ابن عجيبة ، رحمه الله :

[  التصوف لب الإسلام ]

  وقال أيضا : [ التصوف : هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك ، وتصفية البواطن من الرذائل وتحليتها بأنواع الفضائل ، وأوله علم  وأوسطه عمل وآخره موهبة ] ( [26] ) .

فالتصوف – كما يقول الإمام ابن عجيبة ، رحمه الله تعالى – هو لب الإسلام ، وروحه ، وذلك ؛ لأن الإسلام ، هو الإستسلام لله تعالى ، والجهاد في تصفية القلب ، من الكدورات ، التي تعترض سير المؤمن في الحياة ، حتى يصل إلى الغاية في قوله تعالى : (  يَـوْمَ لَا يَنْفَـعُ مَــالٌ وَلَا بَنُـونَ . إِلَّا مَنْ أَتَـى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) ( [27] ) .

فالوصول إلى القلب السليم يكون عن طريق التصوف الحقيقي .

وهو مبني على العلم ، والعمل ، ومن ثم تأتي الفيوضات الربانية ؛ التي هي التوفيق من الله تعالى ، في الإلتزام بالشرع الحنيف .

تعريف الإمام الغزالي :

د -  وقال الإمام الغزالي ( [28] ) ، رحمه الله :

[  أما التصوف : فهو عبارة عن تجرد القلب لله تعالى واستحقار ماسوى الله ] ( [29] ) ، [ أي تخليص القلب لله تعالى ، واعتقاد ما سواه اعتقادا أنه لا يضر ولا ينفع ، فلا يعول إلا على الله ، فالمراد باحتقار ما سواه اعتقاد أنه لايضر ولا ينفع ، وليس المراد الازدراء والتنقيص ] ( [30] ) .

تعريف الحافظ ابن القيّم :

هـ -  وقال الحافظ ابن القيم ( [31] ) ، رحمه الله :

         [  قَالَ وَاجْتَمَعَتْ كَلِمَةُ النَّاطِقِينَ فِي هَذَا الْعِلْمِ : أَنَّ التَّصَوُّفَ هُوَ الْخُلُقُ . وَجَمِيعُ الْكَلَامِ فِيهِ يَدُورُ عَلَى قُطْبٍ وَاحِدٍ . وَهُوَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ ، وَكَفُّ الْأَذَى .

قُلْتُ : مِنَ النَّاسِ مَنْ يَجْعَلُهَا ثَلَاثَةً : كَفُّ الْأَذَى، وَاحْتِمَالُ الْأَذَى، وَإِيجَادُ الرَّاحَةِ .

وَمِنْهُـمْ : مَنْ يَجْعَلُهَا اثْنَيْنِ - كَمَا قَالَ الشَّيْخُ - بَذْلُ الْمَعْرُوفِ ، وَكَفُّ الْأَذَى .

وَمِنْهُمْ مَنْ يَرُدُّهَا إِلَى وَاحِدٍ . وَهُوَ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ. وَالْكُلُّ صَحِيحٌ ] ( [32] )  .

فالتصوف هو : الصبر الجميل ، ودفع السيئة بالحسنى ، وأن يكون المتصوف كالشجر المثمر  إذا رماه الناس بالحجر ، رماهم بالثمر .

و – وقال الإمام ابن عجيبة ، أيضا ، رحمه الله :

[  أما حده : فقال الجنيد ( [33] ) : هو أن يميتك الحق عنك ، ويحييك به . . .

وقيل ( [34] ) : الدخول في كل خُلُق سَنِيّ ، والخروج من كل خلق دَنيّ  .

وقيل : هو أخلاق كريمة ظهرت في زمان كريم مع قوم كرام .

وقيل ( [35] ) : ألا تملك شيئاً ، ولا يملكك شيء .

وقيل : استرسال النفس مع الله على ما يريد . . .

 

وقيل ( [36] ) : الصوفي كالأرض يطرح عليه كل قبيح ، ولا يخرج منه إلا كل مليح ، ويطؤه البر والفاجر . . . ] ( [37] ) .

فحد التصوف – حسـب قـول الجنيد ، الذي نقله ابن عجيبة ، رحمهما الله تعالى – هو أن يميت الله تعالى ،  نفس المؤمن ، فلا تعيقه ، وهو غالب ومسيطر عليها ، فلا يلتفت إلى نفسه ، وشهواتها ، فكأن نفسه ميتة ، لا شهوة ، ولا ميول ، ولا غريزة .

وهو قد أحياه الله تعالى ، بفضله ، ورحمته ؛ ففكره ، ونفسه ، وقلبه ، وروحه مشغولة مع الله ، فلا همّ له إلاّ محبة الله تعالى ، ورضوانه ، واتباع أوامره ، واجتناب نواهيه . . .

والتصوف أيضا ،  هو : عملية تخلية ، وتحلية ؛ أي : ترك كل صفة سيئة ، لا يرضاها الله تعالى ، والتحلي بكل صفة حسنة ، أمر الله تعالى بها ؛ وذلك بمجاهدة النفس ، وشهواتها ، حسب سنة رسول الله r .

وهو أيضا الأخلاق ، والصفات الجميلة ، الحسنة ، التي تخلق بها الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ؛ الذين تربوا على يدي رسول الله r ، وكذلك أتباعهم ؛ من التابعين وتابع التابعين ؛ خير القرون ، رضوان الله تعالى ، عليهم أجمعين . 

وهو التبري من الحول والقوة ، والإستسلام لله تعالى ، في كل الأوامر والنواهي . .

وهو الصبر ، والتحمل ، ودفع السيئة بالحسنة ، وصاحبه – كما ذكرنا – كالشجرة المثمرة ؛ يرمونها بالحجر ، فترميهم بالثمر .

 

 

 

تعريف التصوف لغة ؟

ولم أر من عرّف التصوف لغة ، وذلك لأنه علم حادث ، ليست كلمته كبقية الكلمات التي عُرفت لغة .

قال الإمام ابن عجيبة ، رحمه الله :

[  واشتقاقه إما من الصفاء ، لأن مداره على التصفية ، أو من الصفة، لأنها تصاف بالكملات ، أو من صفة المسجد النبوي ، لأنهم مشبهون بأهل الصفة في التوجه ، والانقطاع ، أو من الصوف ، لأن جل لباسهم الصوف ، تقللا من الدنيا وزهدا فيها. اختاروا ذلك لأنه كان لباس الأنبياء عليهم السلام ]

ثم قال ، رحمه الله :

[  وهذا الاشتقاق أنسب إليه لغة ، وأظهر نسبة. لأن لباس الصوف حكم ظاهر على الظاهر ، ونسبتهم إليه أمر باطن ، والحكم بالظاهر أوقف وأقرب. يقال : تصوف إذا لبس الصوف . كما يقال : تقمص إذا لبس القميص . والنسبة إليه صوفي ] ( [38] ) .

 

 

 وقال الإمام أبو القاسم القشيري ( [39] ) ، رحمه الله :

[   هذه التسمية غلبت عَلَى هذه الطائفة ؛ فيقال : (( رجل صوفي )) ، وللجماعة : (( صوفية )) ، ومن يتوصل إِلَى ذَلِكَ يقال لَهُ : (( متصوف )) ، وللجماعة : (( المتصوفة )) .

 وليس يشهد لِهَذَا الاسم من حيث العربية قياس ، ولا اشتقاق ، والأظهر فِيهِ : أَنَّهُ كاللقب ، فأما قَوْل من قَالَ : إنه من الصوف ، ولهذا يقال : تصوف إِذَا لبس الصوف، كَمَا يقال : تقمص إِذَا لبس القميص ، فذلك وجه . ولكن الْقَوْم لَمْ يختصوا بلبس الصوف ] ( [40] ) .

نكتفي بهذا القدر من التعريف بالتصوف ، وإلا فهناك أقوال كثيرة في تعريفه ، حتى قال الإمام السهروردي ( [41] ) ، رحمه الله : [ أقوال المشايخ في ماهية التصوف تزيد على ألف قول ] ( [42] ) .

نشأة التصوف

إن التصوف – باسمه الخاص ، وأئمته ، وممثليه –   قد نشأ بصورة طبيعية ، نتيجة الظروف التي أحاطت بالمسلمين ؛ حيث انتقل المجتمع في زمنهم من عصر النبيّ r ؛ حيث كان التقوى ، والورع ، والزهد في زخرف الحياة الدنيا ، وملذاتها ، إلى مجتمع انفتح على زهرة الحياة الدنيا ، فأقبلوا عليها ،  يتمتعون بخيراتها ، في اقتصاد حين ، وإسراف أحياناً .

كان من الطبيعي أن يتصدى علماء ، وأئمة ، لهذا الأمر ، فيركزوا على الورع ، والزهد في الحياة الدنيا ، والإستعداد لليوم الآخر ، فنشأ عن ذلك بمرور الأيام ، علما متكاملا ، له مبادؤه ، وآدابه ، ومنهاجه ، على كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله r ، وإن اختلط به بعد ذلك أمور خارجة عنه ؛ من البدع ، والخزعبلات ، على أيدي أدعيائه    .

قول ابن خلدون

قال الإمام ابن خلدون ( [43] ) ، رحمه الله :

[  في علم التصوف

هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة. وأصله أن

 طريقة هؤلاء القوم ، لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم ، طريقة الحق والهداية

و أصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله

تعالى ، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها ، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه ، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة ،

وكان ذلك عاماً في الصحابة والسلف . فلما فشا الإقبال

على الدنيا في القرن الثاني وما بعده ، وجنح الناس إلى مخالطة

 

الدنيـا ، اختص المقبلـون علـى العبـادة باسم الصوفية والمتصوفة ] ( [44] ) .

فالعكوف على العبادة – كما يقول ابن خلدون – والإنقطاع إلى الله تعالى ، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها ، والزهد من اللذة والمال والجاه ، كان عاماً في الصحابة ، والسلف ، وكانت هذه صفاتهم ، إلا أن الناس بعدهم ، إبتعدوا عن هذا الطريق ، وأقبلوا على الدنيا وملذاتها ، في القرن الثاني وما بعده ، فأقبل ناس من المسلمين ؛ علماء ، وأئمة  ، يعودون إلى طريق السلف ، ويسيرون على منهجهم ، ويدعون الناس إليه ، سماهم الناس بالصوفية ، والمتصوفين .

 قول ابن تيمية

وقال الحافظ ابن تيمية ( [45] ) ، رحمه الله :

[  وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ مَنْشَأَ " التَّصَوُّفِ " كَانَ مِنْ الْبَصْرَةِ وَأَنَّهُ كَانَ فِيهَا مَنْ يَسْلُكُ طَرِيقَ الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ مِمَّا لَهُ فِيهِ اجْتِهَادٌ كَمَا كَانَ فِي الْكُوفَةِ مَنْ يَسْلُكُ مِنْ طَرِيقِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مَا لَهُ فِيهِ اجْتِهَادٌ وَهَؤُلَاءِ نُسِبُوا إلَى اللُّبْسَةِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ لِبَاسُ الصُّوفِ. فَقِيلَ فِي أَحَدِهِمْ: " صُوفِيٌّ " وَلَيْسَ طَرِيقُهُمْ مُقَيَّدًا بِلِبَاسِ الصُّوفِ وَلَا هُمْ أَوْجَبُوا ذَلِكَ وَلَا عَلَّقُوا الْأَمْرَ بِهِ لَكِنْ أُضِيفُوا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الْحَالِ ] ( [46] )  .

فابن تيمية ، رحمه الله ، هو أيضا يذكر ، أن منشأ التصوف ، كان من الإلتزام بالعبادات ( الزائدة على الفرائض ) ، والزهد ، والإجتهاد في ذلك ، وابتدأ ذلك من البصرة ، كما اجتهد أهل الكوفة في الفقه ، والعلم ، واشتهروا بذلك الإسم .

وأن تسميتهم بالصوفي ،  جاءت بسبب لبسهم الصوف ، وذلك زهدا في الدنيا ، مقابل المترفين ، الذين كانوا يلبسون الثياب الفاخرة ، الرقيقة .

وطريقهم ، ومنهجهم غير مقيد بلبس الصوف ، ولا هم أوجبوا ذلك ، ولا هو شرط في التصوف ، وإنما سموا بذلك لكونه ظاهر الحال .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني

شروط التصوف

أهم شروط التصوف حسب أقوال أهله :

1 – التمسك بالكتاب ( القرآن الكريم ) .

2 – متابعة الرسول r .

3 – أكل الحلال .

4 – إجتناب الآثام والمعاصي .

5 – كف الأذى .

6 – التوبة .

7 – دوام الهيبة ، والمراقبة .

وغيرها من الشروط ، والتي هي – في الحقيقة – صفات المؤمنين ؛ التي جاءت في الكتاب ، والسنة .

ونحن عندما نذكر التصوف ، نقصد به حقيقة التصوف ، والتي هي لب الإسلام .

ولا نقصد مطلق التصوف ، الذي اختلطت به الشوائب ، والبدع ، والخزعبلات .

الشروط عند الجنيد

قَالَ أبو القاسم الجنيد ، رحمه الله : [ عِلْمُنَا مَضْبُوطٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الكِتَابَ وَيَكْتُبِ الحَدِيْثَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ، لاَ يُقْتَدَى بِهِ ] .

وقال ، رحمه الله : [ عِلْمُنَا -يَعْنِي: التَّصَوُّفَ- مُشَبَّكٌ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ ] ( [47] ) .

أصول التصوف عند التستري

وَقَـالَ أبـو محمـد سـهل بـن عبـد الله التستري ( [48] ) ، رحمه الله :

[ أصولنا سَبْعَة أَشْيَاء : التَّمَسُّك بِكِتَاب الله تَعَالَى ، والاقتداء بِسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، وَأكل الْحَلَال ، وكف الْأَذَى ، وَاجْتنَاب الآثام ، وَالتَّوْبَة ، وَأَدَاء الْحُقُوق ] ( [49] ) .

الداراني ونُكَتِ القوم

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ ( [50] ) ، رحمه الله  : [ رُبَّمَا يَقَعُ فِي قَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ الْقَوْمِ أَيَّامًا ، فَلَا أَقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ : الكتاب والسنة ] ( [51] ) .

الصحبة عند الحيري

وقال أبو عثمان الحيري ( [52] ) ، رحمه الله : [ الصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ : بِحُسْنِ الْأَدَبِ ، وَدَوَامِ الْهَيْبَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ .

وَالصُّحْبَةُ مَـعَ الرسـول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ ، وَلُزُومِ ظَاهِرِ الْعِلْمِ .

وَالصُّحْبَةُ مَـعَ أَوْلِيَـاءِ اللَّهِ تعالى : بِالِاحْتِرَامِ وَالْخِدْمَةِ . والصحبة مـع الأهـل : بحسن الخلق .

والصحبة مع الإخوان : بدوام البشر ما لم يكن إثما . والصحبـة مــع الجهّــال : بالدعــاء لهـم والرحمــة عليهـم ] ( [53] ) .

شروط الفراسة عند الكرمانيّ

وَقَالَ أبو الفوارس شاه بن شجاع الْكَرْمَانِيُّ ( [54] ) ، رحمه الله : [ مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْمَحَـارِمِ ، وَأَمْسَـكَ نَفْسَهُ عَنِ الشُّهوات ، وَعَمَّرَ بَاطِنَهُ بِدَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ ، وَظَاهِرَهُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَعَوَّدَ نَفْسَهُ أَكْلَ الْحَلَالِ ، لَمْ تُخْطِئْ  لَهُ فِرَاسَةٌ ] ( [55] ) .

شروط الحق عند الخراز

وقال أبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز ( [56] ) ، رحمه الله : [  كُل باطن يخالف ظاهرا فهو باطل ] ( [57] ) .

 

 

 

نكتفي بهذا القدر ؛ من أقوال أهل التصوف الحقيقي ، ونلاحظ أنهم في أقوالهم ، يتحدثون عن لب الإسلام ، وحقيقته ، وأن أقوالهم تلك موافقة لكتاب الله تعالى ، وسنة رسوله r ، لا تحيد عنهما قيد أنملة .

أعداء التصوف يُحارب ماذا ؟

فإذا كانت تلك شروط التصوف الحقيقي ، وتلك أقوال أهله الحقيقيين وأعمالهم ، والتي تواترت عنهم ، فأيٍّ من تلك الأقوال والأعمال يحـاربهـا أعداء التصوف ويرفضها ، ويعتبرها خارجاً عن الإسلام ؟ !

فإن قالوا : نحن لا نحارب ولا نعادي ، تلك الأقوال والأفعال الحقة والصحيحة ، بل نحارب ما كان مصدره الهوى والإغريق والهنود ، ونحارب البدعة منه !

قلنا : نحن أيضاً معكم . ويجب عليكم أن تفرّقوا بين الحق والباطل فيه . ولا تخلطوا بين الأمرين ؛ فتقبلوهما معاً ، أو تحاربوهما معاً !

ففي كل طائفة ، أو جماعة ، أهلها الحقيقيون ، وأدعياؤها المندسّين ، الطفيليين الذين يعيشون عليها !

أليس هناك داخل جماعة المسلمين ، منافقون مندسّون بينهم ؟ فهل يُحارَب الإسلام من أجلهم ؟

لا مشاحة في الإصطلاح

فإن قالوا : هذا الذي يقوله القوم هو الإسلام ، فلماذا يسمّونه ، وتسمّونه : التصوّف ؟

قلنا : لا مشاحة في الإصطلاح ! والعبرة بالمسميات ، وليس بالأسمـاء ، ولا بأس في تسمية الإختصاصات بأسماء خاصة – لتدل على موضوع معيّن – وإن كانت جميعها تنبع من معين الإسلام !

وهل التصوف انفرد بذلك ؟

فماذا يُقال عن : علوم القرآن ، والتفسير ، والتجويد ، وعلم القراءات ، والحديث ، والسيرة ، والفقه ، وأصول الفقه ، والنحو والصرف ، والبلاغة ، وعلم الكلام ، وعلم الجرح والتعديل ، ووو . . . إلخ

لماذا لا يُطلق على كل هذه الإختصاصات والأسماء : الإسلام فقط ، بدل كل هذه التسميات ؟ ! 

وهل تلك الإختصاصات تنهل من معين غير الإسلام ؟ !

وهل هي شيء ، والإسلام شيء آخر ؟ !

ثم إنّ هناك في كل علم ، وطائفة ، مبادؤها وموازينها ، تمنع الخلط بينها ، وبين أدعيائها ، وكذلك هنا .

         فكما أن في صنف العلماء الربانيين ، الذين يتصفون بالعلم الحقيقي الأصيل ، ويعملون بعلمهم ذاك ( علماء عاملون ) .

كذلك هناك أدعياء ، لبسوا لبسة العلماء ، ودخلوا فيهم ، وليسوا منهم .

 والتصوف أيضا كذلك ، فالمتصوفون الذين عُرفوا بهذا الإسم أقسام ، وليسوا قسما واحدا ، فلا ينبغي أن نخلط بينهم ، ونحكم عليهم بحكم واحد ، ونسلكهم جميعا في سلك واحد .

كمـا لا نسلك الفقهـاء جميعهم في سلك واحد ، ولا المحدثين ، ولا المفسّرين ولا غيرهم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثالث

أقسام المتصوفين

الصوفية ليسوا صنفا واحدا ، بل أصناف ، كما ذكر ذلك العلماء ، وهم :

1 -  صوفية الحقائق . 

2 – صوفية الأرزاق .

3 – صوفية الرسم .

 

 

 صوفية الحقائق :

هم الذين ذكرهم الحافظ ابن تيمية ، رحمه الله ، فقال :

[  " التَّصَوُّفُ " عِنْدَهُمْ لَهُ حَقَائِقُ وَأَحْوَالٌ مَعْرُوفَةٌ قَدْ تَكَلَّمُوا فِي حُدُودِهِ وَسِيرَتِهِ وَأَخْلَاقِهِ كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: " الصُّوفِيُّ " مَنْ صَفَا مِنْ الْكَدَرِ وَامْتَلَأَ مِنْ الْفِكْرِ وَاسْتَوَى عِنْدَهُ الذَّهَبُ وَالْحَجَرُ . التَّصَوُّفُ كِتْمَانُ الْمَعَانِي وَتَرْكُ الدَّعَاوَى وأشباه ذلك ] .

ثم قال ، رحمه الله :

[  وَهُمْ يَسِيرُونَ بِالصُّوفِيِّ إلَى مَعْنَى الصِّدِّيقِ وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ الصِّدِّيقُونَ . كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } ( [58] ) وَلِهَذَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الصُّوفِيِّ ] ( [59] ) .

فهناك حقائق ، وأحوال معروفة ، وحدود ، وسيرة ، وأخلاق ، كميزان ، ومقياس ، يميز الصادقين من هؤلاء ، عن غيرهم من الأدعياء .

فهـم الذين وصلوا – بالجد ، والإجتهـاد ، والعبادة ، والتعبد ، والعلاقة مع الله تعالى – إلى درجة ؛ لا يشغلهم عائق من عوائق الطريق ، فيعيشون في أمان ، وهدوء مع أنفسهم ، ووضعوا هموم الدنيا ، وزخرفها وراء ظهورهم .

ووصلوا إلى درجة من الإيمان ، لو كُشف لهم الحجاب لما ازدادوا إيمانا ، فهُم كاملو وتامو العقيدة .

وعرفوا حقيقة الدنيا الخدّاعة ، وقصر عمرها ، وذهاب نعيمها ، فلم يجعلوا الدنيا في قلوبهم ، بل هي في أيديهم ، جعلوها مطية للوصول إلى مرضاة الله تعالى , فاستوى عندهم الذهب والحجر .

ثـم هم حريصون كل الحرص على ستر ، وكتم ، كراماتهم ، التي يكرمهم الله تعالى بها .

 وهـم دائمو الإتهام لأنفسهم ، بصدق ، وكأن الله تعالى قد استجاب دعاءهم : اللهم صغّرنا في أنفسنا ، وكبِّرنا في أعين الناس ، وكل ذلك بسبب إجتهادهم في عباداتهم ، وتقواهم .

ثم لايزالون هكذا ؛ في الجد ، والإجتهاد ، والتقوى ، حتى يصلون إلى درجة الصدّيقين ، الذين تأتي درجتهم ، بعد درجة الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام .

فهم الذين يشملهم قوله تعالى : ( سابق بالخيرات ) ، من الآية الكريمة : (   ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ( [60] ) .

 

 

 

 

 

صوفية الأرزاق

أما صوفية الأرزاق ، فقد قال عنهم ، الحافظ ابن تيمية ، رحمه الله :

[  وَأَمَّا " صُوفِيَّةُ الْأَرْزَاقِ " فَهُمْ الَّذِينَ وُقِفَتْ عَلَيْهِمْ الْوُقُوفُ ( [61] ) . كالخوانك ( [62] ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْحَقَائِقِ. فَإِنَّ هَذَا عَزِيزٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحَقَائِقِ لَا يَتَّصِفُونَ بِلُزُومِ الخوانك ] .

ثم قال :

[  وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِمْ ثَلَاثَةُ شُرُوط :

أَحَدُهَا الْعَدَالَةُ الشَّرْعِيَّةُ بِحَيْثُ يُؤَدُّونَ الْفَرَائِضَ وَيَجْتَنِبُونَ الْمَحَارِمَ .

وَالثَّانِي التَّأَدُّبُ بِآدَابِ أَهْلِ الطَّرِيقِ وَهِيَ الْآدَابُ الشَّرْعِيَّةُ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ وَأَمَّا الْآدَابُ الْبِدْعِيَّةُ الْوَضْعِيَّةُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا.

وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمْ مُتَمَسِّكًا بِفُضُولِ الدُّنْيَا ] ( [63] ) .

فصوفية الأرزاق ؛ هم الذين اعتزلوا الناس ، واختلوا بأنفسهم ، يعبدون الله تعالى ، وهم دون الصنف الأول .

ولاعتزالهم هذا تأصيل : حيث روي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ , وَمُؤْمِنٌ اعْتَزَلَ فِي شِعْبٍ مِنَ الْجِبَالِ , أَوَ قَالَ شُعْبَةٍ : كَفَى النَّاسَ شَرَّهُ ( [64] ) .

وهم يؤدون الفرائض ، ويجتنبون المحارم ، وأغلب حالهم هو مع الشرع ، وآدابه .

 وخرجوا من الدنيا ، وزخرفها ، فعيشهم عيشة الكفاف ، يأكلون ليعيشوا .

 وتفرغوا لذكرالله تعالى ، وعبادته .

وهم دون الصنف الأول ؛ لأن النبيّ r قد قال : (( الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ )) ( [65] ) .

إزالة الإشكال بين الحديثين

وقد يشكل بين  الحديثين ، ولكن أجاب الإمام الطحاوي ، رحمه الله ، على هذا الإشكال :

بأن الحديث الأول : ( . . . ومؤمن اعتزل الناس . . . ) :

[ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعُمُومِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَ غَيْرَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَقَالَ : " خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ " ( [66] ) ، وَقَالَ : " خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ " ( [67] ) ، وَكَانَ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ اللُّغَةِ إِيَّاهُ ، وَلِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ مِثْلَهُ ، فَيَذْكُرُ بِالْعُمُومِ مَا يُرِيدُ بِهِ الْخُصُوصَ ،

حَتَّــى جَــاءَ بِـذَلِــكَ كِتَــابُ اللهِ فِــي قِصَّةِ صَــاحِبَةِ سَـبَأٍ : { وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } النمل: 23 ، وَلَمْ تُؤْتَ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا أُوتِيَهُ سُلَيْمَانُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي خَصَّهُ اللهُ بِهَا دُونَ النَّاسِ ] ( [68] ) .

ثم قال ، رحمه الله :

[ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أُرِيدَ بِالتَّفْضِيلِ فِي تَرْكِ مُخَـالَطَةِ النَّـاسِ أُرِيدَ بِهِ وَقْتٌ مِنَ الْأَوْقَاتِ ، وَلَمْ يُرَدْ بِهِ كُلُّ الْأَوْقَاتِ ،

وَيَكُونُ الْوَقْتُ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ هُوَ الْوَقْتَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابًا لَهُ عِنْدَ سُؤَالِهِ إِيَّاهُ عَنِ الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمُ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } [المائدة: 105] ،

فَقَالَ : " بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا ، وَهَوًى مُتَّبَعًا ، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً ، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ ، وَرَأَيْتَ أَمْرًا لَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ ، فَعَلَيْكَ أَمْرَ نَفْسِكَ ، وَإِيَّاكَ أَمْرَ الْعَوَامِّ ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ ، صَبْرٌ فِيهِنَّ عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ يَوْمَئِذٍ مِنْكُمْ كَأَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ( [69] ) ] ( [70] ) .

الإسلام يسع الناس جميعاً

إن هذا الدين العظيم ( الإسلام ) ، دين الله تعالى ، يسع الناس جميعا ، ويصلح لكل زمان ، ومكان .

والناس ليسوا صنفا واحدا ، بل مختلفون ، ففيهم الأقوياء ، وفيهم الضعفاء ، وفيهم العالم ، وفيهم الجاهل ، وفيهم الشباب ، وفيهم الشيوخ ، وفيهم الصابر ، وفيهم العاجز . فلا يصلح لهم منهجا واحدا ، وطريقاً واحدا ، بل لابد لهم من دين يسع جميعهم ، وهو الإسلام .

وهذا بعد الإتفاق والإجتماع على الثوابت القطعيات ؛ التي تسع الجميع .

ومن بعد ذلك ؛ قد لا يستطيع كل مسلم مخالطة الناس – وإن كان هو الأفضل والأولى – بل قد يتأذى ، ويؤذي غيره ، ففي هذه الحالة خير له ، وللناس أن يعتزلهم ، ولكن بشرط أن يلتزم بالشريعة ولا يخرج عنها ، ويتفرغ للعبادة ، وإن كان المجاهد في سبيل الله هو خير منه .

والمؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم ، هو خير منه . وفي كل خير .  

فهذا الصنف ، هم الذين يشملهم قوله تعالى : ( مُقْتَصِدٌ ) ، من الآية الكريمة : (   ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ( [71] ) .

صوفية الرسم

أما صوفية الرسم ، فقد قال عنهم الحافظ ابن تيمية ، رحمه الله :

[  فَهُمْ الْمُقْتَصِرُونَ عَلَى النِّسْبَةِ فَهَمُّهُمْ فِي اللِّبَاسِ وَالْآدَابِ الْوَضْعِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ

فَهَؤُلَاءِ فِي الصُّوفِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَقْتَصِرُ عَلَى زِيِّ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ الْجِهَادِ وَنَوْعٌ مَا مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ

بِحَيْثُ يَظُـنُّ الْجَـاهِـلُ حَقِيقَـةَ أَمْرِهِ أَنَّــهُ مِنْهُـمْ وَلَيْـسَ مِنْهُـمْ ] ( [72] ) .

وهم – في الحقيقة – السبب الرئيسي والأساس ، في ابتعاد كثير من  الناس ، عن التصوف الحقيقي ، وفي الطعن فيه .

وذلك لتمثيلهم السيء للتصوف ، بل لتمثيلهم السيء للإسلام ؛ بأعمالهم التي تخالف أقوالهم ، أو تخالف الإسلام .

فهؤلاء هم الأدعياء ، الذين لا تخلوا طائفة منهم ، فهم يعيشون علـى التصوف والإسـلام ، وهم عالة عليه ، بل هم عار ، وشنار ، فهم العائق الحقيقي في طريق العبودية ، بل لو عاش هؤلاء على أي شيء غير التصوف الحقيقي والإسلام  ، لكان خيرا لهم ، وللناس ، في الدنيا والآخرة .

إن اندساس جماعة من هؤلاء ، في صفوف المتصوفة الحقيقيين ، جعل طائفة من المسلمين يكفرون بالتصوف ، من غير تفريق بين الغث والسمين ، وبين الأصلاء والأدعياء .

فهؤلاء يتشبهون بالمتصوفين من ناحية اللبس ، والمظهر فقط ، دون الحقـائـق والبواطن ، والصفـات الحقيقية ؛ من التقوى ، والعبــادة ، والورع ، والزهد في زخرف الدنيا ، وملذاتها .

وكما يقول الإمام الشاطبي ( [73] ) ، رحمه الله : [  إدَّعَوُا الدُّخُولَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ سُلُوكٍ شَرْعِيٍّ ، وَلَا فَهْمٍ لِمَقَاصِدِ أَهْلِهَا ، وَتَقَوَّلُوا عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَقُولُوا بِهِ ، حَتَّى صَارَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْأَخِيرِ كَأَنَّهَا شَرِيعَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا أَتَى بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَأَعْظَمُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَسَاهَلُونَ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَيَرَوْنَ اخْتِرَاعَ الْعِبَادَاتِ طَرِيقًا لِلتَّعَبُّدِ صَحِيحًا . وَطَرِيقَةُ الْقَوْمِ بَرِيئَةٌ مِنْ هَذَا الْخِبَاطِ بِحَمْدِ اللَّهِ ] ( [74] ) .

فهـذا الصنف ، هـم الذين يشملهم قوله تعالى : ( ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ) ، من الآية الكريمة : (   ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ( [75] ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني

نماذج من حياة الصالحين

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الأول

نماذج من حياة المتصوفين

القصد من ذكر حياة بعض الذين اشتهروا بأهل التصوف هنا ، هو :

1 – أن نبيّن المتصوف الأصيل ، غير الدّعي . أي : الأصلاء ، غير الأدعياء . والذين قصدناهم بالمدح  .

2 – هـل يسـتحق هـؤلاء الذين نذكرهم ، أن ُيتصفوا بالبدع ، والضلال ، كما يفعل أعداؤهم ، في محاربتهم للتصوف ، والمتصوفين ، من غير فرق بين الأصلاء ، والأدعياء .

3 – هل أعمالهم ، وحياتهم ، التي نذكرها ، هي مخالفة للشرع الحنيف ؟ أم موافقة ؟

وسنقتصر على نبذ من حياة بعضهم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إبراهيم بن أدهم

[ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن أدهم بْن مَنْصُور ، من أهل بلخ ،

كان من أبناء الملوك ، والمياسير ، خرج متصيدا فهتف بـه هـاتف ( [76] ) : أيقظه من غفلته ، فترك طريقته في التزين بالدنيا ، ورجع إلى طريقة أهل الزهد ، والورع ،

خرج إلى مكة ، وصحب بها سفيان الثَّوْرِي ( [77] ) والفضيل بْن عياض ( [78] ) ،

ودخل الشــام فكـان يعمـل فيـه ، ويـأكل مـن عمـل يده ، وبهـا مات ] ( [79] ) .

كان ، رحمه الله ، من الصالحين ، الصادقين ، كان متواضعاً ، خادماً لإخوانه ، يتفانى في خدمتهم ، ومن أسخى القوم

على عنقي !

قال سَهْلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ  :

[ صَحِبْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ ، فِي سَفَرٍ ، فَأَنْفَقَ عَلَيَّ نَفَقَتَهُ كُلَّهَا ، قَالَ : ثُمَّ مَرِضْتُ عَلَيْهِ ، فَاشْتَهَيْتُ شَهْوَةً ، فَذَهَبَ فَأَخَذَ حِمَارَهُ وَبَاعَهُ ، وَاشْتَرَى شَهْوَتِي فَجَاءَ بِهَا ، فَقُلْتُ: يَا إِبْرَاهِيمُ ، فَأَيْنَ الْحِمَارُ ؟ قَالَ : يَا أَخِي بِعْنَاهُ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا أَخِي فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ نَرْكَبُ ؟ قَالَ : أَخِي ، عَلَى عُنُقِي ، قَالَ : فَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ ثَلَاثَ مَنَازِلَ ] ( [80] ) .

وكان يساعد إخوانه في أعمالهم ، ويستأذن في خدمتهم .

فَتَأْمُرُ لَنَا بِهِ ؟

قال سَهْلَ بْنَ بِشْرٍ :

[ مَرَّ بِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ ، وَأَنَا أَكْسِرُ عُودَ حَطَبٍ قَدْ أَعْيَانِي ،

فَقَالَ لِي : يَا مُحَمَّدُ , قَدْ أَعْيَاكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ فَتَأْمُرُ لَنَا بِهِ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ ،

قَالَ : وَتُعِيرُنَا الْفَأْسَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَأَخَذَ الْعُودَ وَوَضَعَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، وَأَخَذَ الْفَأْسَ وَمَضَى ،

 فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَنَا بِالْبَابِ قَدْ فُتِحَ وَالْحَطَبُ يُطْرَحُ فِي الْبَابِ مُكَسَّرًا ، وَأَلْقَى الْفَأْسَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَمَضَى ]  ( [81] ) .

بل يساعد الناس جميعا ، ولا سيما المرأة الضعيفة ، والشيخ الكبير ، ولا يعرف التعب في ذلك .

مَنْ يُرِيدُ يَطْحَنُ ؟

[  كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الدُّورِ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : مَنْ يُرِيدُ يَطْحَنُ ؟

فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُخْرِجُ الْقُفَّةَ ، وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ ،

فَيَنْصِبُ الرَّحَـى بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَلَا يَنَـامُ حَتَّى يَطْحَنَ بِلَا كِرَاءٍ ( أي : بلا أجرة ) ، ثُمَّ يَأَتِي أَصْحَابَهُ ] ( [82] ) .

بل إنه يهتم بأمر إخوانه المسلمين ، وينشغل بهم ، وإذا غفل عنهم في بعض المرات ، كان يعاتب نفسه ، ويساعدهم حتى لو لم يملك شيئا ، فيقترض لتسهيل أمرهم .

اللهُمَّ لَا تَنْسَ هَذَا الْيَوْمَ لِإِبْرَاهِيمَ

عن شَقِيقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ :

[  بَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ ، إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنَ الصُّنَّاعِ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : أَلَيْسَ هَذَا فُلَانًا ؟ قِيلَ : نَعَمْ ،

فَقَالَ لِرَجُلٍ : أدْرِكْهُ فَقُلْ لَهُ : قَالَ لَكَ إِبْرَاهِيمُ : مَا لَكَ لَمْ تُسَلِّمْ ؟ قَالَ : لَا وَاللهِ ، إِنَّ امْرَأَتِي وَضَعَتْ ، وَلَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ فَخَرَجْتُ شبْهَ الْمَجْنُونِ ،

فَرَجَعْتُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ : إِنَّا لِلَّهِ كَيْفَ غَفَلْنَا عَنْ صَاحِبَنَا حَتَّى نَزَلَ بِهِ هَذَا الْأَمْرُ ؟

فَقَالَ : يَا فُلَانُ ، ائْتِ صَاحِبَ الْبُسْتَانِ فَاسْتَسْلِفْ مِنْهُ دِينَارَيْنِ ، وَادْخُلِ السُّوقَ فَاشْتَرِ لَهُ مَا يُصْلِحُهُ بِدِينَارٍ , وَادْفَعِ الدِّينَارَ الْآخَرَ إِلَيْهِ ،

فَدَخَلْتُ السُّوقَ ، وَأَوْقَرْتُ بِدِينَارٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ , وَتَوَجَّهْتُ إِلَيْهِ ، فَدَقَقْتُ الْبَابَ ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : أَنَا أَرَدْتُ فُلَانًا ، قَالَتْ : لَيْسَ هُوَ هُنَا ، قُلْتُ : فَمُرِي بِفَتْحِ الْبَابِ وَتَنَحِّي ،

قَالَ : فَفَتَحْتُ الْبَابَ ، فَأَدْخَلْتُ مَا عَلَى الْبَعِيرِ وَأَلْقَيْتُهُ فِي صَحْنِ الدَّارِ ، وَنَاوَلْتُهَا الدِّينَارَ ، فَقَالَتْ : عَلَى يَدَيْ مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ: قُولِي : عَلَى يَدِ أَخِيكِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ ،

فَقَالَتِ : اللهُمَّ لَا تَنْسَ هَذَا الْيَوْمَ لِإِبْرَاهِيمَ ] ( [83] ) .

هذه هي الأخوة الصادقة ، والإهتمام بأمر المسلمين ، ومشاركة همومهم ، والتخفيف عنهم ، والتفريج عن كروبهم ، وتنفيس همومهم ، صدقا ، وعملا .

فهل هذه الأعمال ، هي التي يُحاربها أعداء التصوف ؟ !

وأين الأدعياء – الذين جعلوا الناس يكرهون التصوف بسلوكهم وصفاتهم المشينة باسمه – من تلك الأعمال ؟ !

 

وكانت له نفساً أبية ، لا يقبل أن يمنّ عليه أحد ، ولا يستعين بعبادة ربه ، بأي فضل من أحد ،

لا يسأل الناس شيئا ، ولا يقبل منهم شيئا ، وإذا قبله ، فإنه يكافئهم ، بما يقابل ذلك الفضل .

قَدْ أَبْرَرْتُ يَمِينَكَ

عن [  أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ ، يَقُولُ :

" غَزَوْتُ أَنَا وَإِبْرَاهِيمُ ، وَمَعِي فَرَسَانِ وَهُوَ عَلَى رِجْلَيْهِ ،

قَالَ : فَأَرَدْتُهُ أَنْ يَرْكَبَ ، فَأَبَى ، فَحَلَفْتُ ،

قَالَ : فَرَكِبَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى السَّرْجِ ، قَالَ : قَدْ أَبْرَرْتُ يَمِينَكَ ، ثُمَّ نَزَلَ ،

قَالَ : فَسِرْنَا فِي تِلْكَ السَّرِيَّةِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ مِيلًا وَهُوَ عَلَى رِجْلَيْهِ ، فَلَمَّا نَزَلْنَا أَتَى الْبَحْرَ فَأَنْقَعَ رِجْلَيْهِ ، ثُمَّ أَتَى فَاسْتَلْقَى وَرَفَعَ رِجْلَيْهِ عَلَى الْحَائِطِ ، فَهَذَا أَشَدُّ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ صَنَعَ " ] ( [84] ) .

فَلَمْ يَأْخُذْ سَهْمًا ، وَلَا نَفْلًا

وعن [ أَحْمَدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ :

" غَزَا مَعَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ ، غَزَاتَيْنِ ، كُلُّ وَاحِدَةٍ أَشَدُّ مِنَ الْأُخْرَى , غَزَاةُ عَبَّاسٍ الْأَنْطَاكِيِّ ، وَغَزَاةُ مِحْكَافٍ ،

فَلَـمْ يَـأْخُذْ سَهْمًـا ، وَلَا نَفْلًا ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَتَاعِ الرُّومِ ،

نَجِيءُ بِالطَّرَائِفِ ، وَالْعَسَلِ ، وَالدَّجَاجِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ ، وَيَقُولُ : هُوَ حَلَالٌ ، وَلَكِنِّي أَزْهَدُ فِيهِ ،

كَانَ يَأْكُلُ مِمَّا حَمَلَ مَعَهُ ، وَكَانَ يَصُومُ ،

قَالَ : وَغَزَا عَلَى بِرْذَوْنٍ ثَمَنُهُ دِينَارٌ ، وَكَانَ لَهُ حِمَارٌ فَعَارَضَ بِهِ ذَلِكَ الْبِرْذَوْنَ ،

وَكَـانَ لـَوْ أَعْطَيْتَهُ فَرَسًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ مِنْ فِضَّةٍ مَا كَانَ قَبِلَهُ ، وَلَا يَقْبَلُ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ ، وَغَزَا فِي الْبَحْرِ غَزَاتَيْنِ لَمْ يَأْخُذْ سَهْمَهُ وَلَا يفْتَرِضُ ] ( [85] ) .

 

أصحاب النفوس الرفيعة الأبية

هذه النفس الأبية - مع تقواه ، وورعه ، وزهده الصادق - هـي التي رفعته إلى هذه المنزلة الرفيعة  .

 فكانوا – هو وأمثاله –  أصحاب هذه النفوس العالية ، السامقة ، المخلصة ، المتجردة . ولهذا كانوا يستحقون بجدارة ، أن يكونوا من أهل خير القرون .

إن المتقين ؛ الذين يتقربون إلى الله تعالى بإخلاص ، يحبهم الله تعالى ، ويقربهم إليه ، وييسر عليهم التكاليف ، فيؤدونها بكامل السعادة ، والرضا .

هؤلاء الأفذاذ كانوا في الحقيقة ملوكا بدون تيجان ، يترفعون عن الدنايا ، ولا يبيعون دينهم بدنياهم ، فضلا عن دنيا الغير .

         لَا نَبْتَاعُ التِّينَ بِالدِّينِ

ولقد [ مَرَّ بِغُلَامٍ مَعَهُ تِينٌ فِي بَنِيقَةٍ ، فَقَالَ : أَعْطِنَا بِدَانِقٍ مِنْ هَذَا ، فَأَبَى عَلَيْهِ ، فَمَضَى إِبْرَاهِيمُ ،

وَنَظَرَ رَجُلٌ إِلَى صَاحِبِ التِّينِ ، فَقَالَ لَهُ : إِيشِ قَالَ لَكَ هَذَا الرَّجُلُ ؟ فَقَـالَ : قَالَ لِي : أَعْطِنِي مِنْ هَذَا التِّينِ بِدَانِقٍ ، قَالَ : الْحَقْهُ ، فَادْفَعْ إِلَيْهِ مَا يُرِيدُ ، وَخُذْ مِنِّي الثَّمَنَ ، فَلَحِقَهُ فَقَالَ : يَا عَمِّ خُذْ مِنْ هَذَا التِّينِ مَا تُرِيدُ ، فَالْتَفَتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ : لَا نَبْتَاعُ التِّينَ بِالدِّينِ "  ] ( [86] ) .

يوم كان علماؤنا ، وأئمتنا بهذا الإيمان ، وهذه النفس الكريمة ، إحتاجت إليهم الملوك ، وكانوا يتملّقونهم ، ويتقربون إليهم ، وهم يترفعون ، ويُعرضون .

وكان إذا [  فَرَغَ مِنَ الْحَصَادِ أَرْسَلَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَحَاسَبَ صَاحِبَ الزَّرْعِ ، وَيَجِيءُ بِالدَّرَاهِمِ لَا يَمَسُّهَا بِيَدِهِ ، فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ : اذْهَبُوا كُلُوا بِهَا شَهَوَاتِكُمْ ] ( [87] ) .

 

فإنه يعمل ، لا ليجمع ، ويدّخر ، ويكنز مالاً ، بل ليأكل أصحابه ما يشتهون .

فَاقْضِ بِهَا دَيْنَكَ

ولقد غزا مرة [ فِي الْبَحْرِ ، فَأُتِيَ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ سَهْمُهُ ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ : ضَعْهَا عَلَى هَذَا الْحَصِيرِ ، فَوَضَعَهَا ]  

ثُمَّ قَالَ لِرفيق له : [ خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَاذْهَبْ بِهَا إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْخَيَّاطِ فَقُلْ لَهُ : إِنِّي سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ أَنَّ عَلَيْكَ دَيْنًا ، فَاقْضِ بِهَا دَيْنَكَ ،

قَالَ : فَأَتَيْتُهُ بِهَا ، فَقُلْتُ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أَرْسَلَنِي بِهَا إِلَيْكَ لِتَقْضِيَ بِهَا دَيْنَكَ ، فَقَالَ : رُدَّهَا إِلَيْهِ ، فَإِنِّي قَدْ رَحِمْتُهُ مِنَ الْقَمْلِ الَّذِي قَدْ أَكَلَهُ فِي ثِيَابِهِ , آخُذُ دَنَانِيرَ لَيْسَتْ تَبْقَى عَلَيَّ ؟

قَالَ : فَجِئْتُ بِهَا فَقُلْتُ : إِنَّهُ أَبِى أَنْ يَقْبَلَهَا ، قَالَ : ضَعْهَا عَلَى الْحَصِيرِ ، فَقَالَ شَيْخٌ مِنْ رُفَقَاءَ إِبْرَاهِيمَ : فَأَنَا يَا أَبَا إِسْحَاقَ لِي عِيَالٌ - أَوْ قَالَ : أَحْتَاجُ إِلَيْهَا  ، قَالَ : دُونَكَهَا هُنَاكَ ، قَالَ : فَأَخَذَهَا الشَّيْخُ " ] ( [88] ) .

ونختم قصة هذا العابد الصالح ، بقصة كرمه ، وخدمته لإخوانه :

وَهُوَ وَأَصْحَابُهُ قِيَامٌ عَلَى رُءُوسِنَا يَسْقُونَنَا الْمَاءَ

عن [ عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ ، قَالَ : "  دَعَانَا إِبْرَاهِيمُ : أَنَا وَمَخْلَدًا  - وَذَكَرَ عِدَّةً –

فَقَالَ : مِنْ فِقْهِهِ أُرَاهُ قَالَ : كَرِهَ أَنْ يَدْعُوَنَا بِالنَّهَارِ أَوْ بَعْدَ الْعِشَاءِ ، فَدَعَانَا بَعْدَ الْعَتَمَةِ لِئَلَّا نَشْتَغِلَ عَنْ صَلَاتِنَا ،

فَقَدَّمَ إِلَيْنَا قَصْعَتَيْنِ فِيهِمَا لَحْمٌ سَمِينٌ ،

وَهُوَ وَأَصْحَابُهُ قِيَامٌ عَلَى رُءُوسِنَا يَسْقُونَنَا الْمَاءَ ،

ثُمَّ قَدَّمَ إِلَيْنَا بِطِّيخًا ، قَالَ عَلِيٌّ : وَكَانَ ذَاكَ فِي دَارِ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ ، فَأَنَا أَسَرُّ بِذَاكَ مِنِّي بِالدُّنْيَا ،

وَإِنِّــي لَأَرْجُــو أَنْ يُدْخِلَنِــي اللهُ تَعَالَـــى الْجَنَّــةَ بِذَلِكَ الطَّعَامِ " ] ( [89] ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحَارِث بْن أسد المحاسبي

 

[ من علمـاء مشايخ القوم بعلوم الظاهر ، وعلوم المعـاملات ، والإشارات ، له التصـانيف المشـهورة ، منهــا كتــاب الرعاية لحقوق الله ، وغيـره ، وهـو أسـتاذ أكثـر البغـداديين ، وهو من أهل البصرة ، مات ببغداد ، سنة ثلاث وأربعين ومائتين  ] ( [90] ) .

 [ وقال الجنيد : مات أبو حارث المحاسبي وإن الحارث لمحتاج إلى دانق فضة ،

وخلف أبوه مالا كثيرا وما أخذ منه حبة واحدة ، وقال : أهل ملتين لا يتوارثان ، وكان أبوه وَاقِفِيّاً ( [91] ) ] ( [92] ) .

[  وكان قد ورث من أبيه سبعين ألف درهم ، فلم يأخذ منها شيئاً ، قيل : لأن أباه كان يقول بالقدر ( [93] ) ، فرأى من الورع أن لا يأخذ ميراثه ،

وقال : صحت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يتوارث أهل ملتين شتى ) ، ومات وهو محتاج إلى درهم ] ( [94] ) .

إن هذا الموقف الرائع ، هو من باب الورع ، وهو الذي يدع فيه المؤمن ما لابأس به ، مخافة أن يقع فيما فيه بأس .

الورع

[ قَالَ إِبْرَاهِيم بْن أدهم : الورع ترك كُل شهبة ، وترك مالا يعنيك ، هُوَ ترك الفضلات ،

وَقَالَ أَبُو بَكْر الصديق رضى اللَّه عَنْهُ : كُنَّا ندع سبعين بابا من الحلال ، مخافة أَن نقع فِي بَاب من الحرام ] ( [95] ) .

التبجح بدل الإعتراف بالتقصير

هناك من الناس مَن لا يرتقي إلى هذا المستوى الرفيع ، بل لا يفكر فيه .

فبدلا من أن يعترف بعجزه ، وقصوره ، ويعتذر عن غلبـة نفسـه الأمـارة بالسـوء عليه ، بحيث لا يستطيع أن ينفك عنها ،  ويرتفع إلى ذلك الأفق السامي ، فيترك الشبهات ، ويأخذ بالورع .

بدلا من هذا ، نراه يطعن في أولئك الأئمة ، الزهاد ، الورعين ، ويحاسبهم ، بأنهم تركوا ما يحل لهم !

وكأن الأمر هو الحلال ، والحرام ، وليس الورع ، وترك الشبهات .

وقد قال رسول الله r : (( إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ ، وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ ،

كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى ، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً ، إِذَا صَلَحَتْ ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ))  ( [96] ) .

 

 

حتى أحبه

و كَانَ ، رحمه الله [ إِذَا مد يده إِلَى طَعَام فِيهِ شبهة تحرك عَلَى إصبعه عرق فكان يمتنع منه ] ( [97] ) .

هذا هو نتيجة التقوى ، والورع ، وكثرة العبادات ؛ من الفرائض ، والنوافل ، والتقرب إلى الله تعالى بما يحبه ، فيكرمهم الله تعالى بما يحفظهم :

(( عن أبي هريرة قال :

  قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب

وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه . . .  )) ( [98] ) .

قال الدكتور مصطفـى ديب البغـا ( [99] )  فـي توضيحه لهذا الحديث القدسيّ : [  أحفظـه ، كما يحفظ العبد جوارحه ، من التلف ، والهلاك ، وأوفقه لما فيه خيره ، وصلاحه ، وأعينه في المواقف ، وأنصره في الشدائد ] ( [100] ) .

المحاسبي قُدوة

[ وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن خفيف ( [101] ) : اقتدوا بخمسة من شيوخنا والباقون سلموا لَهُمْ حالهم : الْحَارِث بْن أسد المحاسبي ، والجنيد بْن مُحَمَّد ، وأبو مُحَمَّد رويم ( [102] ) ، وأبو الْعَبَّاسِ بْن عَطَاء ( [103] ) ، وعمرو بْن عُثْمَان الْمَكِّي ( [104] ) ، لأنهم جمعوا بَيْنَ العلم ، والحقائق ] ( [105] ) .

فالمحاسبي ، رحمه الله تعالـى ، هو قدوة من القدوات القليلة ، التي يعترف به أئمة هذا الشأن ، كأبي عبد الله بن خفيف ، رحمه الله تعالى ، فهو يقترنه مع شيخ الطائفة بالإتفاق ؛ الجنيد ، رحمه الله تعالى ، ويعترف له بالعلم ، والحقيقة ( [106] ) .

من صحح باطنه

كان ، رحمه الله ، يقول : [ من صحح باطنه بالمراقبة ، والإخلاص ، زين اللَّه ظاهره بالمجاهدة ، واتباع السنة ] ( [107] ) .

فأساس هذا الدين ، وهذا الطريق ، لمرضاة الله تعالى ؛ هو مراقبة النفس ، والحذر الشديد منها ، لئلا تحيد عن الطريق ، وتذهب مع خطوات الشيطان .

 مع إخلاص العمل لله تعالى ، وعدم خلطه بأي شائبة ؛ من الشرك ، والرياء .

 فإذا رأى الله تعالى ذلك من عبده ، وفقه للعمل الصالح ، واتباع أوامره ، واجتناب نواهيه ، وهداه إلى صراطه المستقيم ، وثبّته .

 قال تعالى : (  وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ( [108] ) . 

بيني وبين اللَّه سبحانه علامة

و [ يحكى عَنِ الجنيد أَنَّهُ قَالَ :

مرّ بـي يوما الْحَارِث المحاسبي فرأيت فِيهِ أثر الجوع فَقُلْتُ : يا عم تدخل الدار وتتناول شَيْئًا ؟ فَقَالَ : نعم

فدخلت الدار وطلبت شَيْئًا أقدمه إِلَيْهِ فكان فِي الْبَيْت شَيْء من طَعَام حمل إِلَيّ من عرس قوم فقدمته إِلَيْهِ

فأخذ لقمة وأدارها فِي فِيهِ مرات ، ثُمَّ إنه قام وألقاها فِي الدهليز ومر

فلما رأيته بَعْد ذَلِكَ بأيام ، قُلْت لَهُ فِي ذَلِكَ ،

فَقَالَ: إني كنت جائعا وأردت أَن أسرك بأكلي وأحفظ قلبك

ولكني بيني وبين اللَّه سبحانه علامة أَن لا يسوغني طعاما فِيهِ شبهة فلم يمكني ابتلاعه ،

فمن أين كَانَ لَك ذَلِكَ الطعام ؟ فَقُلْتُ : إنه حمل إلي من دار قريب لي من العرس ،

ثُمَّ قُلْت : تدخل اليوم ؟ فَقَالَ : نعم ، فقدمت إِلَيْهِ كسرا يابسة كانت لنا فأكل ، وَقَالَ : إِذَا قدمت إِلَى فَقِير شَيْئًا فقدم إِلَيْهِ مثل هَذَا ] ( [109] ) .

فحفظوا شـرع الله تعالى ، وابتعدوا عـن نواهيه والشـبهـات ، فحفظهم الله تعالى ، ووفقهم للخيرات ، وحفظهم من مكائد الشيطان .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أبو سليمان الداراني

 

[  وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَطِيَّة ، وَيُقَال عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَطِيَّة ، وَهُوَ من أهل داريا ، قَرْيَة من قرى دمشق ، وَهُوَ عنسي . . . مَاتَ أَبُو سُلَيْمَان سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَأسْندَ الحَدِيث ] ( [110] ) .

يكافيء الله تعالى عباده المتقين

وكـان ، رحمه الله [  يَقُول : من أحسن فِي نَهَاره كُوفِي فِي ليله ، وَمن أحسن فِي ليله كُوفِي فِي نَهَاره ، وَمن صدق فِي ترك شَهْوَة ذهب الله بهَا من قلبه ، وَالله أكْرم من أَن يعذب قلبا بِشَهْوَة تركت لَهُ ] ( [111] ) .

فالله ، سبحانه ، يكافي ء عبده ، على عمله الصالح ، في هذه الدنيا ، قبل الآخرة ، بتوفيقه لعمل صالح آخر ، وإنزال السكينة في قلبه ، واطمئنان قلبه ، وراحة نفسه ، ثم يكافئه في الآخرة ،  (  مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ( [112] ) . 

ومَن صدق في التوبة ، وترك الشهوات ؛ التي تعيقه ، في الوصول إلى مرضاة الله تعالى ، أكرمه الله تعالى ، وسهّل عليه ترك تلك المعاصي . فالله تعالى يحب عباده المتقين ، الصادقين .

 

 

 

 

لا يجتمع حب الدنيا وحب الآخرة في قلب واحد

وقَالَ ، رحمه الله : [ إِذَا سكنت الدنيا القلب ترحلت منه الآخرة ] ( [113] ) .

فحبهما لا يجتمع في قلب واحد .

صحيح أن الدنيا مزرعة الآخرة ، ولكن مَن آثر زخارف الدنيا ، وشهواتها ، استوحش ذكر الآخرة في قلبه ،

(  زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ . قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) ( [114] ) .

شاهدين عدلين

وكان يقول : [ رُبَّمَا يقع فِي قلبي النكتة من نكت الْقَوْم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة ] ( [115] ) .

فكان ، رحمه الله تعالى ، يزن أعماله ، وما يقوم به ، بميزان الكتاب والسنة ، فلا يعمل عملا إذا لم يشهد لصحته القرآن الكريم ، والسنة النبويّة r .

 

 

 

 

أفضل الأعمال

وَقَالَ : أفضل الأعمال خلاف هوى النفس ( [116] ) .

قال تعالى : (   وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) ( [117] ) .

وقال تعالى : (  وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) [118] .

علامة الخذلان ترك البكاء

وَقَالَ : لكل شَيْء عَلَم ( [119] ) وعلم الخذلان ( [120] ) ترك البكاء ( [121] ) .

يقول تعالـى : (  قُـلْ آمِنُوا بِـهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا . وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا . وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ) ( [122] ) .

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : ( ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين ، وأثرين : قطرة دموع من خشية الله ، وقطرة دم تُهراق في سبيل الله . وأما الأثران : فأثر في سبيل الله ، وأثر فريضة من فرائض الله ) ( [123] ) .

فالقلب إذا كـان متصلا بالله تعالى ، طاهراً ، نقياً من أدران الذنوب والمعاصي ، يكون رقيقا ، شفافا ، يشعر بعظمة الله تعالى ، وجلاله وجماله ، ويشعر بضعف صاحبه ، وعبوديته ، فلا يستطيع صاحب هذا القلب النقي أن يملك نفسه من البكاء من حب الله تعالى ، ومن خشيته .

فالبكاء من حب الله تعالى ، ومن خشيته ، علامة توفيق من الله تعالى لعبده المؤمن ، وعلامة على قُرب العبد من الله تعالى .

وعدم البكاء هو علامة على قساوة قلب صاحبه ، وبُعد العبد من الله تعالى ، ورفع التوفيق عنه ، وخذلانه أمام مكائد الشيطان ، وحبائله (  فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) ( [124] ) .

شبع البطن سبب لصدأ القلب 

وَقَالَ ، رحمه الله : لكل شَيْء صدأ ، وصدأ نور القلب شبع البطن ( [125] ) .

قال الإمام أبو حامد الغزالي ، رحمه الله تعالى ، عن الجوع ، الذي هو نقيض الشبع :

[  أما الجوع ؛ فإنه ينقص دم القلب ، ويبيضه ، وفي بياضه نوره ، ويذيب شحم الفؤاد ، وفي ذوبانه رقته ، ورقته مفتاح المكاشفة ،

كما أن قساوته سبب الحجاب ، ومهما نقص دم القلب ضاق مسلك العدو ، فإن مجاريه : العروق الممتلئة بالشهوات .

وقال عيسى ، عليه السلام : يا معشر الحواريين جوعوا بطونكم ، لعل قلوبكم ترى ربكم .

وقال سهل بن عبد الله التستري : ما صار الأبدال أبدالاً إلا بأربع خصال : بإخماص البطون ، والسهر ، والصمت ، والاعتزال عن الناس ، ففائدة الجوع في تنوير القلب ، أمر ظاهر يشهد له التجربة ] ( [126] ) .

كلّ ما شغلك عن الله تعالى فهو عليك مشئوم

وَقَالَ ، رحمه الله : كُل مَا شغلك عَنِ اللَّه تَعَالَى من أهل أَوْ مال أَوْ ولد فَهُوَ عليك مشئوم ( [127] ) .

لا شك في هذا ، ولا يحتاج هذا القول إلى إثبات وأدلة ، وهل الذي يقطع الطريق عن الوصول إلى محبة الله تعالى  ومرضاته ، فيه خير ، كائناً مَن يكون ؟ وهل هو إلا شؤم ، أصاب صاحبه ؟

قال تعالى : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) ( [128] )

وأنا أربى لك في الخدور

وَقَالَ ، رحمه الله : نِمْتُ عَن وردى فاذا أنا بحوراء تقول لي: تنام وأنا أربى لَك فِي الخدور منذ خمس مائة عام ( [129] ) .

هكذا الذي يجاهد نفسه ، ويتق الله تعالى ، ويعمل صالحا ، يوفق ، ويُحفظ ، ويُشجَّع .

قال تعالى : (  إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ  نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ) ( [130] ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إبراهيم الخواص

[ كَانَ أوحد الْمَشَايِخ فِي وقته ، وَمن أَقْرَان الْجُنَيْد ، والنوري ، لَهُ فِي السياحات والرياضات مقامات يطول شرحها ، مَاتَ فِي جَامع الرّيّ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ إِن صَحَّ ، وَتَوَلَّى أمره فِي غسله وَدَفنه يُوسُف بن الْحُسَيْن .

 

 سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الله الرَّازِيّ يَقُـول : مرض إِبْرَاهِيـم الْخَواص بِالريِّ فِـي الْمَسْـجِد الْجَـامِع ، وَكَـانَ بِـهِ عِلّة الْقيام ، وَكَانَ إِذا قَامَ يدْخل المَاء ويغتسل وَيعود إِلَى الْمَسْجِد ويركع رَكْعَتَيْنِ ، فَدخل المَاء ليغتسل فَخرجت روحه ، وَهُوَ فِي وسط المَاء ] ( [131] ) .

أي : كَانَ مبطونا ( [132] ) فكان كلما قام توضأ ، وعاد إِلَى الْمَسْجِد وصلى ركعتين ( [133] ) ، فدخل مرة الماء فمات . رحمه اللَّه . . .

العالِم هو الذي يعمل بعلمه ، ويقتدي بالسنن

 كان ، رحمه الله ، يَقُول: [ لَيْسَ العلم بكثرة الرواية ، إِنَّمَا العـالم مـن اتبع العلم واستعمله ؛ واقتدى بالسنن وإن كَانَ قليل العلم ] ( [134] ) .

فمن ناحية العلم ؛ نعلم أن الشيطان هو أكثر علماً من أكثر العلماء ، فماذا أفاده علمه ؟

وكذلــك الذين ذكرهم الله تعالــى – في كتابه العزيز –  بقولـه :  (  وَجَحَدُوا بِهَـــا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُـهُمْ ظُلْمًــا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَــانَ عَاقِبــَةُ  الْمُفْسِــدِينَ ) ( [135] ) .

فهؤلاء عندهم يقين أن نبيّهم صادق ، ولكن ماذا أفادهم يقينهم هذا ، إذا كان استجابتهم ؛ الجحود ، ظلما وعلوا ؟

فالعلم النافع ، الصحيح ، ماذا يفيد إذا لم يعمل به صاحبه ؟ فهو يكون حجة عليه ، لا له .

ويقول الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ  ) [136] .

 

دواء القلب

وكان ، رحمه الله ، يَقُول : [ دواء القلب خمسة أشياء: قراءة الْقُرْآن بالتدبر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل ، والتضرع عِنْدَ السحر ، ومجالسة الصالحين ] ( [137] ) .

 

 

 

 

 

 

ملاحظات :

1 – جميع أولئك الصالحين ؛ الذين ذكرناهم ، عاشوا وماتوا في خير القرون !

قـال رسـول الله r : (  خَيْـرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ . . . ) ( [138] ) .

2 – نقول لأعداء التصوف :

أيّ أقوال ، وأعمال ، وأحوال أولئك الصالحين ؛ الذين ذكرناهم ، تعارض الشريعة الغراء ، وتعارض سنة رسول الله r حتى يحق لكم أن تحاربوهم ، وتحاربوا التصوف بسببها ؟ ؟ ! !

فـإن قلتـم : نحـاربهم ، لأن هناك أدعياء ، مندسّون ، دخلوا بينهم ، وادّعوا دعاوى تعارض الشريعة ، وتعارض هدي النبيّ r ، فاختلط – في ذلك الميدان – الحابل بالنابل !

قلنا : لم يختلط الحابل بالنابل ، إلّا عند مَن لا يملك العلم النافع عن ذلك الميدان ، ولم يستطع أولئك المندسّون ، أن يقضوا على الأصل الثابت ، من التصوف الأصيل .

وهل ميدان التصوف ، انفرد بتلك التهمة وحدها ؟ !

وماذا يُقال ، عن ميدان الحديث النبوي الشريف ؟ !

         ومن أين جاء ذلك العدد الضخم ، من الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله r ؟ !

         ألم يأت من الأدعياء المندسّين بينهم ؟ !

         هل يقتضي ذلك محاربة الحديث ، والوقوف ضدّه ، والتشنيع عليه ؟ !

         3 – ونقول لأدعياء التصوف :

         هل أنتم فعلاً أتباع أولئك الصالحين ؟ !

         هل أنتم الوارثون الحقيقيون ، لذلك الميدان الأصيل ؟

فاتّقوا الله الذي إليه تُحشرون !

إنّكم قد شوّهتم الصورة الجميلة الناصعة للتصوف ، وأبعدتم الناس عنه ، وكنتم سبباً عظيماً في محاربته ، والتشنيع عليه !

واعلموا جيّدا أن حالكم ، وسلوككم المشينة هذه ، لا تخفى على الله تعالى ، فبسببكم حُرّمَ الناس من ذلك النبع الفيّاض ، ومن المصدر الحقيقي ، للتقوى ، والخشوع ، والإنابة إلى الله تعالى !

(  وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ) ( [139] ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني

ومضات من حياة الخلفاء الراشدين ، والصحابة

وهذه ومضات سريعة ، خاطفة ، من حياة الخلفاء الراشدين ، والصحابة ، الذين سار أولئك الصالحين على أثرهم .

الغرض من إيراد مقتطفات من حياة هؤلاء الأكارم ، هو أن نبيّن ؛ أن أولئك الصالحين ، كانوا قد اهتدوا بهداهم ، في أعمالهم ، ومعاملاتهم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أبو بكر الصديق

ورعه وخشيته

( عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ :

" كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَرَاجَ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ ،

فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ الغُلاَمُ : أَتَدْرِي مَا هَذَا ؟

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هُوَ ؟

قَالَ : كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ ، وَمَا أُحْسِنُ الكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ ،

فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ ، فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ " ) ( [140] )

 

و( عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه ، قَالَ :

 " كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ مَمْلُوكٌ يَغُلُّ عَلَيْهِ ،

فَأَتَاهُ لَيْلَةً بِطَعَامٍ فَتَنَاوَلَ مِنْهُ لُقْمَةً ، فَقَالَ لَهُ الْمَمْلُوكُ : مَا لَكَ كُنْتَ تَسْأَلُنِي كُلَّ لَيْلَةٍ وَلَمْ تَسْأَلْنِي اللَّيْلَةَ ؟

قَالَ : حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ الْجُوعُ ، مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذَا ؟

قَالَ : مَرَرْتُ بِقَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَرَقِيتُ لَهُمْ فَوَعَدُونِي ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ مَرَرْتُ بِهِمْ فَإِذَا عُرْسٌ لَهُمْ فَأَعْطَوْنِي ،

قَالَ : إِنْ كِدْتَ أَنْ تُهْلِكَنِي ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي حَلْقِهِ فَجَعَلَ يَتَقَيَّأُ ، وَجَعَلَتْ لَا تَخْرُجُ ،

فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ هَذِهِ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِالْمَاءِ ،

فَدَعَا بِطَسْتٍ مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ يَشْرَبُ وَيَتَقَيَّأُ حَتَّى رَمَى بِهَا ،

فَقِيلَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللهُ كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ هَذِهِ اللُّقْمَةِ ،

قَالَ : لَوْ لَمْ تَخْرُجْ إِلَّا مَعَ نَفْسِي لَأَخْرَجْتُهَا ،

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ » ( [141] ) , فَخَشِيتُ أَنْ يَنْبُتُ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِي مِنْ هَذِهِ اللُّقْمَةِ . . . ] ( [142] ) .

وهـذه هـي نتيجـة التـقوى ، والورع ، والخشية من نار جهنّم ، التي ربّاهم عليها النبيّ r  .

 

أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً

وعن ابن مليكة رضي الله عنه ، قال

كان ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق قال فيضرب بذراع ناقته فينيخها فيأخذه

قال فقالوا له أفلا أمرتنا نناولكه ؟ قال : إن حبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا أسال الناس شيئا ( [143] ) .

 

 

خليفة يسعى لإطعام أهله !

وعن عطاء بن السائب رضي الله عنه ، قال

لما استخلف أبو بكر t ، أصبح غاديا إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر بها

فلقيه عمر وأبو عبيدة رضي الله عنهما ، فقالا له : أين تريد يا خليفة رسول الله r ، قال : السوق

قالا : تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين ؟

قال : فمن أين أطعم عيالي ؟

قالا له : انطلق حتى نفرض لك شيئا

فانطلق معهما ففرضوا له كل يوم شطر شاة وما كسوه في الرأس والبطن . . . ( [144] ) .

بلى لأحلبنّها لكم !

[ وَاعْلَمْ أَنَّ خِلالَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعْلُومَةٌ ،

مِنَ الْوَرَعِ وَالْخَوْفِ وَالزُّهْدِ وَالْبُكَاءِ وَالتَّوَاضُعِ ،

وَأَنَّهُ لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ ،

وَكَانَ يَحْلِبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ قَبْلَ الْخِلافَةِ ، فَلَمَّا بُويِعَ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْحَيِّ : الآنَ لا يُحْلَبُ لَنَا . فَقَالَ : بَلَى لأَحْلِبَنَّهَا لَكُمْ ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَلا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ .

وَجَمِيعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ اعْتَرَفُوا بِفَضْلِهِ ] ( [145] ) .

 

 

فهذه النفوس الأبية ، العظيمة ، التي تربت على العبودية ، والتواضع ، وعدم الإنخداع بالدنيا ، وزخارفها ، جعلتهم يقفون هذه المواقف الكريمة .

 

 

وعجل أن ينيخ راحلته فنزل عنها وهي قائمة

[ إعتمر أبوبكر في رجب سنة اثنتي عشرة

فدخل مكة ضحوة فأتى منزله وأبو قحافة جالس على باب داره معه فتيان يحدثهم

فقيل له هذا ابنك فنهض قائما وعجل أبو بكر أن ينيخ راحلته فنزل عنها وهي قائمة

فجعل يقول يا أبهْ لا تقم ثم التزمه وقبّل بين عيني أبي قحافة

جعل أبو قحافة يبكي فرحا بقدومه

وجاء والي مكة عتاب بن أسيد وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام فسلموا عليه فقالوا السلام عليك يا خليفة رسول الله وصافحوه جميعا

فجعل أبو بكر يبكي حين يذكرون رسول الله . صلى الله عليه وسلم ثم سلموا على أبي قحافة

فقال أبو قحافة يا عتيق هؤلاء الملأ فاحسن صحبتهم

فقال أبو بكر يا أبه لا حول ولا قوة إلا بالله طوقت عظيما من الأمر لا قوة لي به ولا يدان إلا بالله ]  ( [146] ) .

وهذا هو حب النبيّ r في قلبه ، يبكي حين يُذكر اسمه .

وكذلك البر بالوالدين ، الذي رباهم عليه الإسلام .

 

 

 

 

 

 

 

عمر بن الخطاب

 

مُلْهَمُون

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ " ( [147] ) .

 

 

فمن اتقى الله تعالى ، رزقه الحكمة . ومن حافظ على حواسه ، أصبحت حواسه مرآة للتجليات الإلهية ، فلا ينطق إلا بالحكمة . ( . . .  كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، و . . . ) ( [148] ) .

وَثَبَتَ عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ عُمَرَ يَتَحَدَّثُ عَلَى لِسَانِهِ مَلَكٌ ( [149] ) .

 

فَمَا زَالَ عَلَيْهِ حَتَّى تَقَطَّعَ

[ ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ :

" لَبِسَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَمِيصًا جَدِيدًا ، ثُمَّ دَعَانِي بِشَفْرَةٍ فَقَالَ : « مُدَّ يَا بُنَيَّ كُمَّ قَمِيصِي، وَالْزَقْ يَدَيْكَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِي ، ثُمَّ اقْطَعْ مَا فَضَلَ عَنْهَا »

فَقَطَعْتُ مِنَ الْكُمَّيْنِ مِنْ جَانِبَيْهِ جَمِيعًا ، فَصَارَ فَمُ الْكُمِّ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ ،

فَقُلْتُ لَـهُ : يَـا أَبَتَهْ لَوْ سَوَّيْتُهُ بِالْمَقَصِّ ، فَقَالَ : « دَعْهُ يَا بُنَيَّ ، هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ » ،

فَمَا زَالَ عَلَيْهِ حَتَّى تَقَطَّعَ ، وَكَـانَ رُبَّمَا رَأَيْتُ الْخُيُوطَ تَسَّاقَطُ عَلَى قَدَمِهِ  " . . . ] ( [150] ) .

فالإقتداء بالنبيّ r هو غايته ، وقد أخرج حظ الدنيا من نفسه ، فلا يبالي كيف ما كان ثيابه .

 

أَخَذَ بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ وَخَاضَ الْمَخَاضَةَ

عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ عَرَضَتْ لَهُ مَخَاضَةٌ ،

فَنَزَلَ عُمَرُ عَنْ بَعِيرِهِ وَنَزَعَ خُفَّيْهِ ، أَوْ قَالَ : مُوقَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ وَخَاضَ الْمَخَاضَةَ ،

فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ : لَقَدْ فَعَلْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِعْلًا عَظِيمًا عِنْدَ أَهْلِ الْأَرْضِ ، نَزَعْتَ خُفَّيْكَ ، وَقَدَّمْتَ رَاحِلَتَكَ ، وَخُضْتَ الْمَخَاضَةَ ،

قَالَ : فَصَكَّ عُمَرُ بِيَدِهِ فِي صَدْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ ، فَقَالَ : « أَوَّهْ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ ،

أَنْتُمْ كُنْتُمْ أَقَلَّ النَّاسِ فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ ، فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ يُذُلَّكُمُ اللَّهُ تَعَالَى » ( [151] ) .

عَنْ قَيْسٍ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشَّامَ اسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ

فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ رَكِبْتَ بِرْذَوْنًا لِيَلْقَاكَ عُظَمَاءُ النَّاسِ وَوُجُوهُهُمْ

فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَلَا أَرَاكُمْ هَاهُنَا إِنَّمَا الْأَمْرُ مِنْ هَاهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ ( [152] ) .

يوم أصبح العز في المظاهر ، والمناصب ، والمال ، أصبح الذل قرين النفس والحال .

ويوم كان المؤمن يعتز بإسلامه ، ويراه مصدر عزه ، وكرامته ، دانت لهم الدنيا ، وخضعت لهم الملوك والجبابرة .

وهذا العز لا يأتي إلا بالعلاقة القوية مع الله تعالى ، خضوعا ، واستسلاماً ، وعبودية .

يُخْرِجُ عَنِّي الْأَذَى

[ ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ خَرَجَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ فَرَأَهُ طَلْحَةُ، فَذَهَبَ عُمَرُ فَدَخَلَ بَيْتًا ثُمَّ دَخَلَ بَيْتًا آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ طَلْحَةُ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَإِذَا بِعَجُوزٍ عَمْيَاءَ مُقْعَدَةٍ، فَقَالَ لَهَا: مَا بَالُ هَذَا الرَّجُلِ يَأْتِيكِ؟ قَالَتْ: إِنَّهُ يَتَعَـاهَدُنِـي مُنْذُ كَـذَا وَكَـذَا، يَأْتِينِي بِمَـا يُصْلِحُنِي، وَيُخْرِجُ عَنِّي الْأَذَى . . . ] ( [153] ) .

هكذا يكون الإمام ، ورئيس الدولة ؛ خادما للعجائز ، والشيوخ ، والفقراء ، والمساكين ، والشعب عامة ، بعيدا عن العيون ، والمِراء ، والتصنع ، والتكلف .

وليس همه المنصب ، وجمع المال ، وحطام الدنيا ، والتقاتل عليها ، وخداع الشعب ، والكذب عليهم .

 

الدنيا في عين الخليفة

[ عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : مَرَّ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى مَزْبَلَةٍ فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا ،

فَكَأَنَّ أَصْحَابَهُ تَأَذَّوْا بِهَا ، فَقَالَ :

« هَـذِهِ دُنْيَـاكُمُ الَّتِي تَحْرِصُـونَ عَلَيْهَــا ، أَوْ تَتَّكَلَّمُـونَ عَلَيْهَـا » . . . ] ( [154] ) .

إذا كان الرئيس ، والملك ، ينظر إلى الدنيا ، وملذاتها ، بهذه النظرة ، يكون الشعب في راحة ، وأمان ، واطمئنان .

 

حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ السَّمْنَ

[ عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : تُقَرْقِرُ بَطْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَكَانَ يَأْكُلُ الزَّيْتُ عَامَ الرَّمَادَةِ، وَكَانَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ السَّمْنَ ، قَالَ: فَنَقَرَ بَطْنَهُ بِأُصْبُعِهِ وَقَالَ: « تُقَرْقِرُ، إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عِنْدَنَا غَيْرُهُ حَتَّى يَحْيَا النَّاسُ» ] ( [155] )   .

فالرئيس الذي يشارك الناس في همومهم ، و أحزانهم ، ولا يميز نفسه عنهم ، يرتفع إلى مستوى عمربن الخطاب t ، الذي يدوّي اسمه عبر الزمان .

يبكي حتى يسقط

[ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى ، قَالَ :

« كَانَ فِي وَجْهِ عُمَرَ خَطَّانِ أَسْوَدَانِ مِنَ الْبُكَاءِ »

وعَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : « كَانَ عُمَرُ يَمُرُّ بِالْآيَةِ فِي وَرْدِهِ فَتَخْنُقُهُ فَيَبْكِـي حَتَّـى يَسْـقُطَ

ثُـمَّ يَلْزَمُ بَيْتَهُ حَتَّى يُعَادَ يَحْسَبُونَهُ مَرِيضًا » ] ( [156] )   .

البكاء من خشية الله تعالى ، ومحبته ، واستشعار الأمانة العظيمة ، الملقاة على عاتق المؤمن ، دليل على طهارة القلب ، ورفرفة الروح في ملكوت السماء .

ويوم يكون الرئيس هكذا ، ينام الناس قرير العين .

 

عباداته

[ عن ابن عمر قال: ما مات عمر حتى سردَ الصوم .

عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يحب الصلاة في جوف الليل ، يعني في وسط الليل ] ( [157] )  

الصوم ، والصلاة – ولا سيما في جوف الليل – هما من أفضل ، وأعلى العُدد ، وسلاح للمؤمن في صراعه مع الباطل ، والأهواء المضللة .

 الصوم : جُنّة ،  وحصن للمسلم من أعدائه ، يشعر الصائم بالتحرر الكامل ، من ثقل الأرض ، ونزعاتها . ويشعر بجوع الفقراء ، والمساكين .

والصلاة : صلة مع الله تعالى ، واعتراف بألوهية الله تعالى ، وعبودية الإنسان ، وقربة ، وارتفاع إلى القمة السامقة ، من الإيمان .

  فلا خوف على الحياة ، وعلى الأهل ، والمال ، من رئيس صوّام ، قوّام .

 

جَالِسُوا التَّوَّابِينَ

[ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : « جَالِسُوا التَّوَّابِينَ ، فَإِنَّهُمْ أَرَقُّ شَيْءٍ أَفْئِدَةً» ] ( [158] ) . 

الذين يتّهمون أنفسهم بالتقصير المستمر ، في القيام بحق العبودية الكاملة لله تعالى ، ويستغفرون ، ويتوبون ، يقومون – بفعلهم هذا – بغسل الران الذي على قلوبهم وإزالته ، فترجع أفئدتهم رقيقة ، مرآة للتجليات الربانية ، فلا يستطيع الشيطان أن يضلهم ، ويغويهم .

أولئك المؤمنون أهل للمصاحبة ، والمجالسة ، فهُم الذين لا يشقى بهم جليسهم .

فرؤية أحوال من تاب من ذلّ المعصية ، ودخل في عز الطاعة ،

ولبّى نداء ربّه في الرجوع عن المعاصي ، والخضوع والخشوع الذي تلبّسوا به – بعد طول الشرود والحيرة –

ينادي على العبــاد ؛ أن هلمّوا إلى ربّكم ، وتزوّدوا للرحيل عن هذه الحياة !

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عثمان بن عفان

كثرة صلاته بالليل وقراءته القرآن

قَرَأَ إبْنَ عُمَرَ ، رضي الله عنهما  : { أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ } ؛

 

 

 

 

 

قَالَ ابْنُ عُمَرَ : ذَاكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

 

 

 

 

 

 

وَإِنَّمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ ذَلِكَ ؛ لِكَثْرَةِ صَلَاةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بِاللَّيْلِ وَقِرَاءَتِهِ ، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ ، كَمَا رَوَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْهُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( [159] ) .

يصوم الدّهر

كَــانَ عُثْمَــانُ يَصُـومُ الدَّهْــرَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ إِلَّا هَجْعَةً مِنْ أَوَّلِهِ ( [160] ) .

وصح من وجه ، أن عثمان قرأ القرآن كله في ركعة . 
وقــال عبد الله بن المبــارك ، عن الزبيـر بن عبـد الله ، عـن جـدته ، أن عثمان كان يصوم الدهر .( [161] ) .

[ عن الزبير بن عبد الله قال حدثتني جدتي أن عثمان بن عفان كان لا يوقظ أحداً من أهله من الليل إلا أن يجده يقظانا فيدعوه فيناوله وضوءه وكان يصوم الدهر   ] ( [162] )   .

[ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : قَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حِينَ أَطَافُوا بِهِ يُرِيدُونَ قَتَلَهُ : « إِنْ تَقْتُلُوهُ أَوْ تَتْرُكُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ

يُحْيِـي اللَّيْـلَ كُلَّـهُ فِـي رَكْعَـةٍ يَجْمَـعُ فِيهَــا الْقُـرْآنَ  » . . . ] ( [163] ) .

الصوم ، وصلاة الليل ، وقراءة القرآن ، هو من أفضل العدة للمؤمن في سفره الطويل ، في هذه الأرض ، وبها أصبح أولئك العظماء خلفاء راشدون .

 

كأنه أحدهم

عن الحسن ، قال : رأيت عثمان نائما في المسجد ورداؤه تحت رأسه ، فيجيء الرجل فيجلس إليه ، ويجيء الرجل فيجلس إليه ، كأنه أحدهم ( [164] ) .

 

 

 

 

 

 

 

رَأَيْتُ عُثْمَانَ نَائِماً فِي المَسْجِدِ حَتَّى جَاءهُ المُؤَذِّنُ ، فَقَامَ ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الحَصَى عَلَى جَنْبِهِ ( [165] ) .

 

 

 

 

 

عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : « رَأَيْتُ عُثْمَانَ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ فِي مِلْحَفَةٍ لَيْسَ حَوْلَهُ أَحَدٌ ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ » ( [166] ) .

 

عليه إزار ثمنه أربعة دراهم ، أو خمسة دراهم

عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ ، قَالَ: « رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَيْهِ إِزَارٌ عَدَنِيٌّ غَلِيظٌ ثَمَنُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ ، أَوْ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، وَرَيْطَةٌ كُوفِيَّةٌ مُمَشَّقَةٌ » . . . ] ( [167] )

كـانوا عظمـاء بإيمـانهم ، وإنسانيتهم ، وقلوبهم ، وأرواحهم ، وليس بالثياب على أبدانهم .

يطعم الناس طعام الإمارة ، وهو يأكل الخل والزيت !

عَنْ شُرَحْبِيلِ بْنِ مُسْلِمٍ ، « أَنَّ عُثْمَانَ ، كَانَ يُطْعِمُ النَّاسَ طَعَامَ الْإِمَارَةِ ، وَيَدْخُلُ بَيْتَهُ فَيَأْكُلُ الْخَلَّ وَالزَّيْتَ » . . . ] ( [168] )

عظيم النفس ، يترفع عن الدنايا ، ويرتفع إلى أفق الكرم ، والجود ، والسخاء ، ولا ينزل إلى حضيض الشح ، والبخل .

فهو على طرفي نقيض مع الرؤساء ، والملوك ، الذين يعبدون أهواءهم ، وأنفسهم ، ويخدمونها ،  ويبخلون على الناس ، بلقمة العيش ، والحياة الهنيئة .

 

إخترتُ أن أكون رماداً !

عن عَبْدَ اللهِ بْنَ الرُّومِيِّ ، قَــــالَ : بَلَغَنِـي أَنَّ عُثْمَانَ ، قَـــالَ : « لَـوْ أَنِّــي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَلَا أَدْرِي إِلَـــى أَيَّتِهِمَـا يُؤْمَرُ بِي لَاخْتَرْتُ أَنْ أَكُـونَ رَمَــادًا قَبْـلَ أَنْ أَعْلَــمَ إلَـــى أَيَّتِهِمَــا أَصِيـرُ »  ] ( [169] ) .

القريب من الله تعالى ، والعارف لعظمته ، سبحانه ، يرى نفسه صغيراً ، مقصّراً ، مهما أدى الواجب الملقاة على عاتقه ، بكل خضوع ، وذل ، وعبودية .

 

 

 

 

 

بَكَى حَتَّى يَبِلَّ لِحْيَتَهُ

عَنْ هَانِئٍ ، مَوْلَى عُثْمَانَ ، قَالَ : « كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبِلَّ لِحْيَتَهُ » ] ( [170] )   .

وذلك لأنه آخر منزل من منازل الدنيا ، وأول منزل من منازل الآخرة ، فإذا نجى الإنسان من عذابه فقد فاز ، وأفلح ، وإلا فالويل والخسران يكون مصيره ، ومثواه .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

علي بن أبي طالب

يكنس بيت المال ثم يصلي فيه

[ كان يكنس بيت المال ثم يصلي فيه، رجاء أن يشهد له أنه لم يحبس فيه المال عن المسلمين . . . ]

عليه سمل قطيفة

[ عن هارون بن عنترة، عن أبيه، قال: دخلت على علي بالخورنق، وعليه سمل قطيفة، فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال نصيبا، وأنت تفعل هذا بنفسك! فقال: إني والله ما أرزؤكم شيئا، وما هي إلا قطيفتي التي أخرجتها من بيتي ]

إشترى قميصا بأربعة دراهم

[ وعن علي أنه اشترى قميصا بأربعة دراهم فلبسه، وقطع ما فضل عن أصابعه من الكم .

عن جرموز، قال: رأيت عليا وهو يخرج من القصر، وعليه إزار إلى نصف الساق، ورداء مشمر، ومعه درة له يمشي بها في الأسواق ] ( [171] ) .

الدُّنْيَا جِيفَةٌ

[ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " الدُّنْيَا جِيفَةٌ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْهَا شَيْئًا، فَلْيَصْبِرْ عَلَى مُخَالَطَةِ الْكِلابِ " ]

قميص كرباس

[حَدَّثَنَا أَبُو النَّوَّارِ بَيَّاعُ الْكَرَابِيسِ، قَالَ: أَتَانِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَعَهُ غُلامٌ لَهُ، فَاشْتَرَى مِنِّي قَمِيصَيْ كَرَابِيسَ ( [172] ) ، فَقَالَ لِغُلامِهِ: " اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ " ، فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا، وَأَخَذَ عَلِيٌّ الآخَرَ، فَلَبِسَهُ، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ، فَقَالَ: " اقْطَعِ الَّذِي يَفْضُلُ مِنْ قَدْرِ يَدِي "، فَقَطَعَهُ وَكَفَّهُ، وَلَبِسَهُ وَذَهَبَ ] ( [173] ) .

 

يَا صَفْرَاءُ وَيَا بَيْضَاءُ غُرِّي غَيْرِي

[ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : "  جَاءَهُ ابْنُ النَّبَّاجِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ امْتَلَأَ بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ ، فَقَالَ : اللهُ أَكْبَرُ فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى ابْنِ النَّبَّاجِ حَتَّى قَامَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ : " هَذَا جَنَايَ وَخِيَارُهُ فِيهِ وَكُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فِيهِ يَا ابْنَ النَّبَّاجِ : عَلَيَّ بِأَشْبَاعِ الْكُوفَةِ " قَالَ : فَنُودِيَ فِي النَّاسِ ، فَأَعْطَى جَمِيعَ مَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَقُولُ : « يَا صَفْرَاءُ وَيَا بَيْضَاءُ غُرِّي غَيْرِي ، هَا وَهَا » حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِنَضْحِهِ ، وَصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ "  . . . ] ( [174] ) .

فالدنيا بأموالها ، وزخارفها في أيديهم ، وليس في قلوبهم .

ويتفانون في خدمة الفقراء ، والمساكين ، ويفرحون بذلك .

عَنْ مُجَمِّعٍ التَّيْمِيِّ ، قَالَ : « كَانَ عَلِيٌّ يَكْنِسُ بَيْتَ الْمَالِ وَيُصَلِّي فِيهِ يَتَّخِذُهُ مَسْجِدًا رَجَاءَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ]

أَكْرَهُ أَنْ أُعَوِّدَ نَفْسِي

[عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَرِيكٍ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، " أَنَّهُ أُتِيَ بِفَالُوذَجَ فَوُضِعَ قُدَّامَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : إِنَّكَ طَيِّبُ الرِّيحِ ، حَسَنُ اللَّوْنِ ، طَيِّبُ الطَّعْمِ ، لَكِنْ أَكْرَهُ أَنْ أُعَوِّدَ نَفْسِي مَا لَمْ تَعْتَدْهُ "  . . .

عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّ عَلِيًّا ، « أُتِيَ بِفَالُوذَجَ فَلَمْ يَأْكُلْ » ]

فأبصارهم ترنوا إلى الآخرة ، فيزهدون من الدنيا ، وما فيها .

واخشوشَنوا استعدادا للملمات ، وصوارف الدهر .

قَمِيصٌ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ

[عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ ، وَكَانَ ، إِمَامًا مِنْ أَئِمَّةِ الْأَزْدِ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَلِيًّا أَتَى السُّوقَ وَقَالَ : « مَنْ عِنْدَهُ قَمِيصٌ صَالِحٌ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ؟ » فَقَالَ رَجُلٌ : عِنْدِي ، فَجَاءَ بِهِ فَأَعْجَبَهُ ، قَالَ : « لَعَلَّهُ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ » ، قَالَ : لَا ذَاكَ ثَمَنُهُ ، قَالَ : فَرَأَيْتُ عَلِيًّا يُقْرِضُ رِبَاطَ الدَّرَاهِمِ مِنْ ثَوْبِهِ فَأَعْطَاهُ ، فَلَبِسَهُ فَإِذَا هُوَ بِفَضْلٍ عَنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ مَا فَضَلَ عَنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ " ]

لَوْ كَانَ عِنْدِي ثَمَنُ إِزَارٍ مَا بِعْتُهُ

[عَنْ يَزِيدَ بْنِ مِحْجَنٍ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ وَهُوَ بِالرَّحْبَةِ ، فَدَعَى بِسَيْفٍ فَسَلَّهُ فَقَالَ : مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي هَذَا ؟ فَوَاللهِ لَوْ كَانَ عِنْدِي ثَمَنُ إِزَارٍ مَا بِعْتُهُ " ]  .

القلوب العظيمة ، لا يهمها ما ستر جسم صاحبها ، ولا ما يغذيه .

أَشَدُّ الْأَعْمَالِ

[ عَنْ عَلِيٍ، قَالَ: أَشَدُّ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ: « إِعْطَاءُ الْحَقِّ مِنْ نَفْسِكَ، وَذِكْرُ اللهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمُوَاسَاةُ الْأَخِ فِي الْمَالِ » ] ( [175] ) 

فالإعتراف بالخطأ ، وعدم ادعاء العصمة للنفس ، وإخضاعها للحق ، وذكر الله تعالى على كل حال ، والإستشعار بمراقبته ، وعلمه  تعالى ، والسيطرة على شح النفس ، ولا سيما حب المال ، ومعاونة الإخوة به ، هو من أشد الأعمال على النفس

 لأن هذه الأعمال العظيمة ، والأخلاق الرفيعة ، ليست من طبيعة النفس الأمّارة بالسوء ، بل هي السباحة ضد التيار .

 

طلحة بن عبيد الله

ذَلِكَ كُلُّهُ يَوْمُ طَلْحَةَ

[ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: " كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا ذُكِرَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ: ذَلِكَ كُلُّهُ يَوْمُ طَلْحَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: «عَلَيْكُمَا صَاحِبُكُمَا»، يُرِيدُ طَلْحَةَ وَقَدْ نَزَفَ، فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِفَارِ فَإِذَا بِهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ، وَإِذَا قَدْ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ، فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِهِ " . . .

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: إِنِّي جَالِسَةٌ فِي بَيْتِي، وَرَسُولُ اللهِ وَأَصْحَابُهُ فِي الْفِنَاءِ، إِذْ أَقْبَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ » ]   .

فحب الخير للناس جميعا –  بإزالة حواجز الشر ، وإبعاد طواغيت الظلم ، والجهالة أمامهم ، الذين هم عوائق أمام النور الذي بُعِث به النبيّ r ، بعد الإنذار ، والإعذار ، وكل ذلك عن طريق الجهاد في سبيل الله تعالى –  كان همهم ، وغايتهم .

الْمَالُ الَّذِي عِنْدِي قَدْ كَثُرَ وَأَكْرَبَنِي

[ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، سُعْدَى بِنْتُ عَوْفٍ الْمُرِّيَّةُ، " وَكَانَتْ مَحِلَّ إِزَارِ طَلْحَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ طَلْحَةُ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ خَائِرُ النَّفْسِ، - وَقَالَ قُتَيْبَةُ: دَخَلَ عَلَيَّ طَلْحَةُ وَرَأَيْتُهُ مَغْمُومًا - فَقُلْتُ: مَا لِي أَرَاكَ كَالِحَ الْوَجْهِ؟ وَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ، أَرَابَكَ مِنِّي شَيْءٌ فَأُعِينُكَ؟ قَالَ: لَا، وَلَنِعْمَ خَلِيلَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْتِ، قُلْتُ: فَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: « الْمَالُ الَّذِي عِنْدِي قَدْ كَثُرَ وَأَكْرَبَنِي » قُلْتُ: وَمَا عَلَيْكَ اقْسِمْهُ، قَالَتْ: فَقَسَمَهُ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ " قَالَ طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى: فَسَأَلْتُ خَازِنَ طَلْحَةَ: كَمْ كَانَ الْمَالُ؟ قَالَ: أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ . . .

عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: «صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَعْطَى لِجَزِيلِ مَالٍ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ »    . . .

عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: « بَاعَ طَلْحَةُ أَرْضًا لَهُ بِسَبْعِمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاتَ ذَلِكَ الْمَالُ عِنْدَهُ لَيْلَةً فَبَاتَ أَرِقًا مِنْ مَخَافَةِ ذَلِكَ الْمَالِ، حَتَّى أَصْبَحَ فَفَرَّقَهُ »  ] ( [176] )   .

إن الله تعالى ، قد اشترى منهم أنفسهم ، وأموالهم ، فباعوها ، وخرجوا من حُكمها ، ومنافعها ، فإذا حصلوا – عن طريق النفس – على مال ، أو ضياع ، أو متاع ، أرّقتهم تلك الأمانة ، حتى يضعوها في مكانها ، وعند أصحابها .

 

عبد الله بن مسعود

صفات حامل القرآن

[ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: « يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسُ يُفْطِرُونَ، وَبِحُزْنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفْرَحُونَ، وَبِبُكَائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضْحَكُونَ، وَبِصَمْتِهِ إِذَا النَّاسُ يَخْلِطُونَ، وَبِخُشُوعِهِ إِذَا النَّاسُ يَخْتَالُونَ، وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ بَاكِيًا مَحْزُونًا حَكِيمًا حَلِيمًا عَلِيمًا سِكِّيتًا، وَلَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ جَافِيًا، وَلَا غَافِلًا، وَلَا صَخَّابًا، وَلَا صَيَّاحًا، وَلَا حَدِيدًا» ] ( [177] )   .

هذه هي صفات حامل القرآن ، وينبغي أن يكون كذلك ، وكيف لا وهو حامل أعظم كتاب هداية في الوجود ؛ كلام الله تعالى ؟

(  لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) [178] .

لقد ربّى الله تعالى نبيّه محمدا r ، وأصحابه ، رضوان الله تعالى عليهم ، بهذا القرآن ، أعظم تربية ، فكانوا به خير أمة أُخرِجت للناس ؛ أتقياء ، عبّاد ، ربانيين ، صوّامون ، قوّامون ، مجاهدون ، لا يخشون في الله لومة لائم .  

 

سالم مولى أبي حذيفة

كان شديد الحب لله عز وجل

[ عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله . صلى الله عليه وسلم ذكر سالما مولى أبي حذيفة فقال : " ان سالما شديد الحب لله عز وجل " . . .

وعن شهر بن حوشب قال قال عمر بن الخطاب لو استخلفت سالما مولى أبي حذيفة فسالني عنه ربي عز وجل ما حملك على ذلك لقلت رب سمعت نبيك صلى الله عليه وسلم وهو ويقول : " يحب الله عز وجل حقا من قلبه ". . . ] .

من عرف الله تعالى ، حق المعرفة ، أحبه من كل قلبه ، وخضع له ، واستسلم ، وخشع ، وأناب ، وضحى بكل غال ، ونفيس ، من أجل مرضاته ، حتى روحه الغالية .

وكانت غايته في الحياة ، وهمه الوحيد ، الوصول إلى مرضاة الله تعالى .

وعن أحمد بن عبد الله قال استشهد سالم مولى أبي حذيفة باليمامة أخذ اللواء بيمينه فقطعت ثم تناولها بشماله فقطعت ثم اعتنق اللواء وجعل يقرأ: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } سورة آل عمران: 144 إلى أن قتل ] ( [179] )   .

 

 

المطلب الثالث

مشاعل من سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم

وهذه مشاعل من الأسوة الحسنة لكل أولئك الصالحين :

والقصد من إيراد هذه الأحاديث المباركة ، هو أن نثبت ؛ أن أولئك المتقين  لم يخرجوا عن سنة النبيّ r ، بل هم كانوا على هديه سائرين .

حتى تتفطر قدماه

[ أخرج الشيخان عن عائشة قالت : " كان النبي r يقوم من الليل ( أي مصلياً لله ) حتى تتفطر قدماه ، فقلت له : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبداً شكورا ؟! " ( [180] ) .

وأخرج البخاري عن عائشة " أن رسول الله r كان يصلي إحدى عشرة ركعة ( أي في الليل ) يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر ، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة " ( [181] ) .

حتى هممت بأمر سوء

 وأخرج الشيخـان عن ابن مسعود قـال : " صليت مع النبي r ليلة فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء ، قيل : ما هممت ؟ قال : هممت أن أجلس وأدعه " ( [182] ) .

قيامه r وركوعه وسجوده سواء

وأخرج مسلم عن حذيفة قال : " صليت مع النبي r ذات ليلة فافتتح البقرة ، فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى ، فقلت : يصلي بها ركعة ( أي بالبقرة ) فمضى فقلت : يركع بها ، ثم افتتح النساء فقرأها ، ثم افتتح آل عمران فقرأها ( وهذه السور تعدل سدس القرآن ) يقرأ مسترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبّح ، وإذا مر بتعوذ تعوّذ ، ثم ركع فجعل يقول : سبحان ربي العظيم ، فكان ركوعه نحواً من قيامه ، ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ربنا لك الحمد ثم قام طويلاً قريباً مما ركع ، ثم سجد فقال : سبحان ربي الأعلى ، فكان سجوده قريباً من قيامه" ( [183] )   ]   .

[ وروى مسلم عن عائشة قالت : " كان رسول الله r إذا فاتته الصلاة ( أي قيام الليل ) من وجع أو غيره صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة " ( [184] ) ] .

فقدته r من الفراش

وأخرج مسلم عن عائشة قالت : " فقدته r من الفراش فالتمسته فوقعت يدي علـى بطن قدميه وهـو ساجد يقول : اللهم إنـي أعـوذ برضـاك من سـخطك ، وأعـوذ بمعـافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " ( [185] ) .

ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئاً

 [ وأخرج البخاري عن أنس قال : " كان رسول الله r يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه ، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئاً ، وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلا رأيته ولا نائماً إلا رأيته " ( [186] ) .

  وروى الترمذي عن عائشة قالت : " كان رسول الله r يتحرى صوم الاثنين والخميس " ( [187] ) .

 وروى النسائي عن ابن عباس قال : " كان رسول الله r لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر " . . . ( [188] ) ] .

كان r يعتكف ويحيي الليل

عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله ( [189] ) .

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ» ( [190] ) .

[ وروى البخاري ومسلم عن عائشة قالت : " لم يكن النبي r يصوم من شهر أكثر من شعبان ، فإنه كان يصوم شعبان كله وفي رواية : كان يصوم شعبان إلا قليلاً " ( [191] ) .

 

 

فإذا عيناه r تذرفان

 وعن ابن مسعود قال : " قال لي رسول الله r : اقرأ عَلَيَّ القرآن . فقلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال : إني أحب أن أسمعه من غيري . فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت هذه الآية : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } فقال : حسبك فالتفتُّ فإذا عيناه تذرفان " ( [192] )   رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود ومالك  . . . ( [193] ) .

يستغفر ويذكر الله r على كل أحيانه

وروى مسلم عن عائشة قالت : " كان رسول الله r يذكر الله على كل أحيانه " ( [194] ) .

 وروى أبو داود والترمذي بإسناد حسن صحيح عن ابن عمر قال : كنا نعد لرسول الله r في المجلس الواحد مائة مرة : رب اغفر لي وتب عَلَيَّ إنك أنت التواب الرحيم " ( [195] ) .

 وروى مسلم عـن الأغـر المزنـي أن رسـول الله r قـال : " إنـه ليغـان عـلـى قلبـي وإنـي لأسـتغفـر الله فــي اليـوم مـائة مـرة " . . . ( [196] ) .

 

أتصدّق مثل أُحُد ذهباً

وروى البخاري عن أبي ذر – رضي الله عنه – قال : " كنت أمشي مع النبي r في حرة المدينة فاستقبلنا أُحد فقال : يا أبا ذر ! قلت : لبيك يا رسول الله . قال : ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً تمضي علي ثالثةٌ وعندي منه دينارٌ – إلا شيئاً أرصُدُه لدَيْنٍ – إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا ؛ عن يمينه وعن شماله ومن خلفه " ( [197] ) .

ما يجد r من الدقل ما يملأ به بطنه

 وروى مسلم عن النعمان بن بشير – رضي الله عنه – قال : " ذكر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ما أصاب الناس من الدنيا فقال : لقد رأيت رسول الله r يظل اليوم يلتوي ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه " ( [198] ) الدقل : رديء التمر .

 وروى البخاري ومسلم عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : " توفي رسول الله  وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رفّ لي " ( [199] ) ] ( [200] )   .

والله ما قال لي أفاً قط

[ وأخرج مسلم (ج2 ص253) عن أنس – رضي الله عنه – قال : " لما قدم رسول الله r المدينة أخذ أبو طلحة – رضي الله عنه – بيـدي فانطلق بـي إلـى رسول الله r فقال : يا رسول الله ! إن أنساً غلام كيس فليخدمك قال : فخدمته في السفر والحضر ، والله ما قال لي لشيء صنعته : لم صنعت هذا هكذا ولا لشيء لم أصنعه : لم لم تصنع هذا هكذا ؟ ( [201] ) وعنده أيضاً عن أنس قال : كان رسول الله r من أحسن الناس خلقاً فأرسلني يوماً لحاجة فقلت : والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله r فخرجت حتى أمر على الصبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله r قد قبض بقفاي من ورائي ! قال : فنظرت إليه وهو يضحك فقال : يا أنس اذهب حيث أمرتك ! قال : قلت نعم أنا أذهب يا رسول الله ! ( [202] ) قال أنس : والله لقد خدمته تسـع سـنين مـا علمته قال لشيء صنعته : لم فعلت كذا وكذا ؟ ولشيء تركته : هلا فعلت كذا وكذا ( [203] ) وعنده أيضاً عنه قال : خدمت رسول الله r عشر سنين ، والله ما قال لي أفاً قط ، ولا قال لي لشيء : لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا ؟ " ( [204] ) . . .

نذيـر قـوم أتـاهم العذاب

وأخرج البزار عن جابر – رضي الله عنه – قال : " كان رسـول الله r إذا أتـاه الوحـي أو وعظ قلت : نذيـر قـوم أتـاهم العذاب ، فـإذا ذهب عنه ذلـك رأيت أطلق النـاس وجهــاً وأكثرهــا ضحكـاً وأحسنهـم بشـراً " . قال الهيثمي ج9 ص17 : إسناده حسن ]   . . .

كان r خُلُقه القرآن

[ . . .  " كان رسول الله r دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ( أي ليس بسيء الخلق ) ، ولا غليظ ، ولا سخاب ، ولا فحاش ، ولا عياب ، ولا مزاح ، يتغافل عما لا يشتهي ، ولا يوئس منه راجيه ، ولا يخيب فيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحداً ولا يعيره ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، وإذا تكلم سكتوا وإذا سكت تكلموا ، لا يتنازعون عنده الحديث ، يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه ليستحلبونه في المنطق ( وفي الكنز : ليستجلبونهم ) ، ويقول : إذا رأيتم صاحب حاجة فأرفدوه ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز ، فيقطعه بانتهاء أو قيام " ] ( [205] )  .

وكل هذه الصفات الحميدة ، من رسول الله r ، والتي سار في ظلالها ، كل أولئك الصالحين ، إن هي إلا تنفيذ ، وتطبيق ، لأوامر الله تعالى ، والتخلق بتلك الأوامر ، حتى أصبح r ، خُلقُه القرآن :

[عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ : أَتَيْتُ عَائِشَةَ ، فَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : كَـانَ خُلُقُـهُ الْقُـرْآنَ ، أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }.

قُلْتُ : فَإِنِّـي أُرِيـدُ أَنْ أَتَبَتَّلَ ، قَـالَتْ : لاَ تَفْعَـلْ ، أَمَا تَقْرَأُ : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } ؟ فَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ وُلِدَ لَهُ  ] ( [206] ) .

تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح ( [207] ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثالث

منبع التصوف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الأول

نبع القرآن الكريم

إن القرآن الكريم هو النبع الأول ،  الذي يستقي منه أولئك الصالحين . فهو النور الذي ، يهتدون بهديه ، ويستظلون بظله ، ويسيرون على نهجه .

الغاية هي الوصول إلى القلب السليم

يقول الله تعالى : ( يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) ( [208] ) .

فالقلب السليم ، هو رأس مال المؤمن ، وهو الغاية ، التي يريد أولئك الزاهدين ، الوصول إليها . 

والوصول إلى القلب السليم ، يكون على قطار التصوف الحقيقي .

التهجد وقيام الليل مدرج إلى المقام المحمود

والتهجد ، وقيام الليل ، الذي هو دأب الصالحين ، هو الذي يوصل إلى المقامات الرفيعة ، المحمودة . يقول تعالى :

 (  وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) ( [209] ) .

وهو الذي يعين في تخفيف الأمانة الثقيلة على عاتق المؤمن . يقول تعالى :

( يَاأَيُّهَـا الْمُزَّمِّـلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِـلًا . نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْـهُ قَلِيلًا  أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا . إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ) ( [210] )

قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ

وقلة النوم بالليل ، والإستغفار بالأسحار ، دليل على طهارة القلب ، وخشية الله تعالى ، ومحبته ، والإستعداد لليوم الآخر . وهذا ما جعل الصالحين يتشبثون به ، ويلتزمونه . يقول تعالى :

 (   كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ . وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ( [211] ) .

تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ

والخوف من عذاب الله تعالى ، والطمع في مغفرته ، أقضى مضاجع المتقين ، وكأنهـم على الجمـر يتقلّبون . يقول تعالى :

 (  تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) ( [212] ) .

قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا

ولقد قام النبي r ، ولم ينم إلا قليلا ، وإن نام فقلبه r كان لاينام ، وبذلك استطاع أن يحمل ذلك القول الثقيل ؛ الأمانة العظيمة ؛ أمانة هداية العالمين إلى طريق الرشاد ، والفلاح .

يقول تعالى :

(  يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا . نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا . إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا .

 

إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ) ( [213] ) .

        الخشوع لله تعالى

إن الصلاة بلا خشوع ، كالجسد بلا روح ، فإن روح الصلاة هـي الخشـوع ، والخشوع يأتي من تصور عظمة الله تعالى ، وهيبته ، وخشيته ، ومحبته .

والخشوع لاسيما في الصلاة كان دثار الصالحين . والله تعالى قد مدحهم بتلك الصفة ، وجعلها من أسباب فلاحهم .

 يقول تعالى :

(  قَـدْ أَفْلـَحَ الْمُؤْمِنُـونَ . الَّذِيـنَ هُـمْ فِــي صَلَاتِهِـمْ خَاشِـعُونَ  ) ( [214] ) .

فالصلاة مع الخشوع ، هي التي توصل إلى الدرجات العلى ، وتنهى صاحبها عن الفحشاء ، والمنكر .

(  . . وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ. . ) ( [215] ) .

يوم يكون الرجال ، والنساء ، خاشعين ، وخاشعات ، لله تعالى ، يومذاك يصبح المجتمع ، مجتمعا آمنا ، مطمئنا ، آمرا بالمعروف ، مؤتمرا به ، ناهيا عن المنكر ، منتهيا عنه ، فيه الخير ، والبركات ، والصلاح .

المسارعة في الخيرات

إن دأب الأنبياء ، عليهم السلام ، كان ؛ المسارعة في الخيرات ، ودعاء الله تعالى ، خوفا ، وطمعا ، مع الخشوع ، والسكينة ، والخضوع ، والإستسلام التام لله تعالى .

وكل ذلك أدى إلى قوة ، وصلابة العلاقة مع الله ، والقرب منه سبحانه .

 فاستجـاب الله ، عزوجل ، دعـاءهـم ، وحقق آمالهم ، في الدنيا قبل الآخرة . يقول تعالى :

(   إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) ( [216] ) .

الصبر والصلاة

والصبر ، والصلاة ، هما نعم العون للملمات ، ولأيام المحن ، وهما ثقيلان إلا على نفوس الخاشعين ، فهما قرة عين لهم

 فالصلة القوية مع الله تعالى – عن طريق الصلاة – تهوّن كل المصاعب ، وتيسر كل عسر ، وتصغّر كل مصيبة . يقول تعالى :

 (  وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّــلَاةِ وَإِنَّهَــا لَكَبِيــرَةٌ إِلَّا عَلَـــى الْخَـاشِعِين ) ( [217] ) .

أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ

قد يكون المؤمنون فقراء من المال ، ولكنهم أغنياء بأنفسهم العالية ، لا يسألون إلا الله تعالى ، ولا يشكون ، ولا يتذمّرون ، ولا يكشفون فقرهم ذاك لأحد ، حتى يحسب الجاهل أنهم أغنياء ، أصحاب أموال وضياع . تعففا وتكرما .

والمتقون الذين في أيديهم أموال ، وهم أغنياء نفسا ومالا ، لا يعتبرون أنفسهم ملاكا ، بل يعتبرونها أمناء على تلك الأموال ، ولهذا يصرفونها ، ويوصلونها للمستحقين ليل نهار . يقول تعالى :

 (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( [218] ) .

هذا ما جعل الصالحين ودفعهم إلى الإنفاق ، والتصدق ، والإحسان : خشية يوم القيامة ، الذي لا ينفع فيه الصديق ، ولا المال ، ولا فيه تجارة ، ولا شفاعة ، إلا من اتقى الله تعالى ، واستعد لهذا اليوم ، وأنفق مما رزقه الله تعالى ، ابتغاء مرضاته سبحانه . يقول تعالى :

(  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( [219] ) .

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ

وذكـر الله تعالـى ، ينفي الغفلة ، ويجلب أعظم نعمة ؛ وهي : ذكر الله تعالى ، الكبير ، العظيم ، بجلاله ، وبهائه ، لعبده الصغير .

 (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ) ( [220] ) .

وإذا ذكر اللهُ سبحانه ، عبدَه ، فيعني ؛ أن الرحمة ، والغفران ، والرضوان ، والتوفيق ، والسداد ، قـد أحاط بذلك العبد ، وشمله عين الله تعالى ، ورعايته .

وهذه وحدها نعمة جليلة ، لا ترتقي إليها كل نعم الدنيا .

والشكر هو دليل على نقاوة المعدن ، والإعتراف بالمعروف ، وكرم النفس ، وسخاوتها .

ولهذا يستحق صاحبها كل خير ، وكل جميل ومعروف .

 

 

فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا

وإذا كان الأب له الفضل على ولده ، لأنه رباه ، وعلّمه ، وأحسن إليه ، فالله تعالى له على الإنسان الفضل الأعظم ، حيث خلقه ، ورزقه ، وأنعم عليه ، ولا سيما المؤمن الذي اهتدى بهديه سبحانه .

فللّه عليه المنّ ، والفضل .

فالعبودية من المؤمن ، تقتضي ذكر المعبود ، وشكره ، قبل كل أحد

فهو تعالى الخالق ، الرازق ، المُنعِم ، المتفضل .

فكيف إذا أنعم الله تعالى عليه ، بزيارة بيته الشريف ، الكعبة المشرفة ؛ أول بيت وُضع للناس في الأرض للإعتراف بوحدانية الله تعالى ، وعبودية الإنسان له ، وعبادته وحده بلا شريك ؟

فإذا كان الناس في السفر يذكرون آباءهم ، وأبناءهم ، فالمؤمن يذكر ربّه ، وخالقه ، فهو يدندن حول مغفرته ، ورضوانه تعالى . يقول تعالى :   

(  فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) ( [221] ) .

فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا

والمؤمن لايفتر عن ذكر الله تعالى في كل حين ، سواء كان قائماً ، أم قاعداً ، أم هو على جنبه ، فذكر الله تعالى ديدنه ، وشغله  

فإذا كان مطمئناً ، متفرغاً من السفر ، وخوف القتال ، أقام الصلاة ؛ التي هي عمود الدين ، وهي الصلة ، التي ترفع المؤمن إلى الأفق الذي يشارك الملائكة في العبادة ، والطواف حول العرش .

وهذا كان دأب الصالحين . يقول تعالى :

(  فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) ( [222] ) .

فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ

إن الذي يقرّب المؤمن من ربّه ، ويدخله باب الفلاح والنجاح ، هو ذكر النِّعم ، التي أنعم الله تعالى عليه بها ، والتي لو أراد الإنسان –  ولاسيما المؤمن – أن يحصيها ، لعجز عن ذلك .

وذكر المؤمن لنعم الله تعالى عليه ، يجعله شاكراً لله سبحانه ، مطيعاً له ، مما يؤدّي ذلك به إلى الفلاح .

 (  فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( [223] ) .

وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً

وذكر الله تعالى ، في كل حين – ولا سيما خيفة دون الجهر ، ليكون أبعد عن الرياء والسمعة – هو سفينة النجاة ، من بحر الغفلة ، التي تؤدي إلى الخسران . يقول تعالى :

 (  وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ) ( [224] ) .

 (  وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( [225] ) .

بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

إن هذا الدين ، دين الفطرة ، فغذاء القلب وطمأنينته ، تكمن في ذكر الله تعالى . فالمؤمن بذكر الله تعالى ، يسعد، ويهنأ ، ويستقر .

(  الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) ( [226] ) .

أحق بكل تعظيم

إن الله الذي لم يكن له شريك في أي شيء ، ولم يتخذ الأولاد ، والأصحاب ، ولم يعتمد على أحد ليقويه ، لهو حقيق بكل تعظيم ، وتكبير ، وإجلال ، وشكر ، وحمد . وهذا هو ديدن الصالحين ، العابدين ، الأتقياء . يقول تعالى :

 (  وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا  ) ( [227] ) .

دأب الأنبياء والصالحين

والذكر الكثير ، والتسبيح الكثير ، هو دأب الأنبياء جميعا . والصالحون على هديهم سائرون .

 (  كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا . وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا) ( [228] ) .

 

 

لعلك ترضى

وذكر الله تعالى ، وتسبيحه ، وحمده في الليل والنهار ، هو عدة الصابرين ، في طريق الدعوة ، المفروش بالأشواك ، والعقبات .

وهو سفينة النجاة ، والوصول إلى شواطيء الرضا ، والرضوان . 

 (  فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَـا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ) ( [229] ) .

عِبَادُ الرَّحْمَنِ

و صفات الصالحين هي ؛ التواضع ، والمسالمة ، وقيام الليل ، والتهجد ، والخوف من عذاب الآخرة . يقول تعالى :

(  وَعِبـَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِيــنَ يَمْشُونَ عَلَـى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُـمُ الْجَاهِلُـونَ قَالُوا سَلَامًـا (63) وَالَّذِيـنَ يَبِيتُـونَ لِرَبِّهِـمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا  ) ( [230] ) .

القدوة الحسنة

إن رسول الله r هو قدوة للمتقين ، الذين يذكرون الله كثيرا ، والذين يحبون الله تعالى ، ويسعون إلى مرضاته ، ويخشون الحساب في الآخرة . يقول تعالى :

 (  لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) ( [231] ) .

 (  إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ( [232] ) .

هذه صفات الصالحين ، الذين غفر الله عنهم ، وهيأ لهم أجرا عظيما ، كبيرا ؛

 الإستسلام لله تعالى ، والإيمان ، والقنوت ، والخضوع ، والصدق ، والصبر ، والخشوع ، والتصدق ، والصيام ، والبُعد عن الفحشاء ، والزنا ، والذكر الكثير لله تعالى .

أوامر الله تعالى لعباده ، بذكره ، والتسبيح له

(  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) ( [233] ) .

(  فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ) ( [234] ) .

(  لِتُؤْمِنُـوا بِاللَّهِ وَرَسُــولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا  ) ( [235] ) .

(  فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ . وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ) ( [236] ) .

(  وَاصْبِرْ لِحُكْـمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ . وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) ( [237] ) .

(  فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ  ) ( [238] ) .

(  إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا . وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ) ( [239] ) .

(  وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا .  وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ) ( [240] ) .

(  سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) ( [241] ) . (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) ( [242]  ) .

(  فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) ( [243] ) .

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ

(  أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ

 

فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) ( [244] ) .

لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ

(  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) ( [245] ) .

وغيرها من الآيات الكريمة .

فالصالحين الذين ذكرناهم ؛ من الصحابة ، وغيرهم ، كانوا يستهدون بهدي القرآن ، في عباداتهم ، وأذكارهم ، ومعاملاتهم ، وتصرفاتهم .

وذكر الله تعالى ، وتوحيده ، وعبادته ، هو أساس هذا الدين ، وأصوله ، والغاية التي خُلق الإنسان من أجله .

( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ( [246] ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني

نبع السنة النبوية

يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ

 الصدقة الخفية ، البعيدة عن الرياء والسمعة ، الخالصة لوجه الله تعالى ، وذكر الله تعالى ، والبكاء من محبة الله ،  سبحانه ، وخشيته ، وغيرها من الأعمال الصالحة ، التي سار عليها الصالحون ، هي التي تؤوي بصاحبه إلى ظل العرش ، يوم القيامة ؛ يوم لا ظل إلا ظله .

وهذا ما حرص عليه الصالحون ، سيراً على سنة النبيّ r  

  [ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ . . . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ] ( [247] ).

لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ

إن التجارة ، والأموال ، هي سبب من أسباب العيش في الحياة ، يقوم بها المؤمن ، قياما بالواجب الملقاة على عاتقه ، وتكون الأموال في يده ، وليس في قلبه ، فلا تلهيه التجارة ، والأموال ، ولا تشغله عن أداء واجب العبودية ، وذكر الله تعالى .

يقول تعالـى : { رجَــالٌ لَا تُلْهِيهِـمْ تِجَــارَةٌ وَلَا بَيْــعٌ عَنْ ذِكْـــرِ اللَّهِ } ( [248] ) .

( قَالَ قَتَادَةُ كَانَ الْقَوْمُ يَتَبَايَعُونَ وَيَتَّجِرُونَ وَلَكِنَّهُمْ إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ ، وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى الله ) ( [249] ).

هُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ

إن هناك ملائكة ، حاجتهم ومهمّتهم ، هي سماع ذكر الله تعالى ؛ من تسبيح ، وتكبير ، وتحميد ، وتهليل ، فيبحثون في الأرض ، عسى أن تكون هناك جماعة من عباد الله الصالحين ، يجدون عندهم ضالتهم ، فـإذا وجد بعضهـم حلقة من ذكر الله تعالى ، بشّر بها بقيّتهم ؛ أن هلمُّوا إلى غايتكم ، فيجلسون حولهم ، ويحفونهم إلى سماء الدنيا .

ثم بعد إنتهاء الذكر ، يصعدون إلى السماء ، تاركين الذاكرين مغفوراً لهم ، هم وجليسهم .

 ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِي قَالَ فَيَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِي قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنَ النَّارِ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ قَالَ هُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ) ( [250] ) .

 

 

كنز الجنة

إن كنوز الجنة هي : ذكر الله تعالى ، ودعاؤه ، وإعلان التبري من الحول والقوة ، بأدب ، وخشوع .

(  عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي عَقَبَةٍ ، أَوْ قَالَ فِي ثَنِيَّةٍ قَالَ - فَلَمَّا عَلاَ عَلَيْهَا رَجُلٌ نَادَى فَرَفَعَ صَوْتَهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ قَالَ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ ، وَلاَ غَائِبًا ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا مُوسَى ، أَوْ يَا عَبْدَ اللهِ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ : لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ) ( [251] ) .

مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ

إن ذكر الله تعالى ، هو غذاء الروح ، وحياة القلب . فإذا عُدمت الغذاء والحياة ، حلّ الموت والفناء ، وانبسط .

فأصبح الإنسان مجرد جسد ، لا روح فيه ولا حياة ، ولا فرق بينه – حينئذِ – وبين أي جماد في الأرض .

(  عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ) ( [252] ) .

 (  عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ : « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ » ) ( [253] ) .

 

 

وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي

إن الله تعالى مع الذاكرين والذاكرات ، يذكرهم ، ويقترب منهم ؛ بلطفه ، وكرمه ، ورحمته ، وعونه ، وتوفيقه .

(  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: « أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً » ) ( [254] ) .

سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ

 (  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ ، فَقَالَ: « سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ » قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ» ) ( [255] ) .

[ قال بن قُتَيْبَةَ ، وَغَيْرُهُ : وَأَصْلُ الْمُفَرِّدِينَ الَّذِينَ هَلَكَ أَقْرَانُهُمْ  وَانْفَرَدُوا عَنْهُمْ ، فَبَقُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ  تَعَالَى ] ( [256] ) .

[ قال القتبى : هم الذين هلك لداتهم ، وذهب قرنهم الذين كانوا فيه فبقوا يذكرون الله ، كما يقال : فلان هرم فى طاعة الله ، أى لم يزل يفعل ذلك ] ( [257] ) .

وقال r : [  إِنَّ الْأَكْثَرِينَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ] ( [258] ) .

إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ

إن أصحـاب الأموال الطائلة ، سيصبحون فقراء يوم القيامة ؛ من الثواب ، إلا مَن أكثر من الصدقات – في سبيل الله – في كل النواحي ؛ للأقرباء ، والأصدقاء ، وعامة الفقراء ، والمساكين ، والمحتاجين .

قال r : (  إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ اللهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا ) ( [259] ) .

بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ

(  عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَبَيْنَا أَنَا فِي حَلْقَةٍ فِيهَا مَلَأٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ أَخْشَنُ الثِّيَابِ، أَخْشَنُ الْجَسَدِ، أَخْشَنُ الْوَجْهِ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفَيْهِ ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفَيْهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ ،

 قَالَ: فَوَضَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: فَأَدْبَرَ، وَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَرِهُوا مَا قُلْتَ لَهُمْ، قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، إِنَّ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانِي فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: «أَتَرَى أُحُدًا؟» فَنَظَرْتُ مَا عَلَيَّ مِنَ الشَّمْسِ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَبْعَثُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَقُلْتُ: أَرَاهُ، فَقَالَ: « مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مِثْلَهُ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ» ثُمَّ هَؤُلَاءِ يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، قَالَ: قُلْتُ: مَا لَكَ وَلِإِخْوَتِكَ مِنْ قُرَيْشٍ، لَا تَعْتَرِيهِمْ وَتُصِيبُ مِنْهُمْ، قَالَ: لَا، وَرَبِّكَ، لَا أَسْأَلُهُمْ عَنْ دُنْيَا، وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْحَقَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ) ( [260] ) .

إن النبيّ r لو كان له مثل جبل أُحد ذهباً ، لأنفقه كله ، إلا ما احتاج إليه لدَين ، أو غيره ، وجبل أُحد هو جبل أُحد .

ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ

(  قَالَ أَنَسٌ : فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } آل عمران: 92 ، قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } آل عمران: 92 ، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَى ، وَإِنَّهَــا صَدَقَةٌ لِلَّهِ ، أَرْجُو بِرَّهَـا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ ، فَضَعْهَا ، يَا رَسُولَ اللهِ ، حَيْثُ شِئْتَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « بَخْ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ » فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ ] ( [261] ) .

فكانت أموالهم التي في أيديهم ، كأنها أفعى سامة تلدغهم ، لا يرتاحون ، ولا يطمئنون إلا إذا قسموها على الفقراء ، والمساكين ، والمحتاجين .

وهـذا نتيجة حبهم الشديد لله تعالى ، وخشيتهم له ، وسعيهم الحثيث ، للوصول إلى مرضاته سبحانه .

اللهُمَّ ، أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، واعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًاً

وعقيدة المؤمنين ، المتقين ، الصالحين ؛ أن الإنفاق في سبيل الله تعالى ، لا  ينقص من الأموال شيئاً ، بل إن إمساكها بخلاً ، وشحاً هو الذي يؤدي إلى إتلافها ، وعدم التمتع بها .

وهذه نتيجة التربية العقيدية ، والإيمانية التي ربّاهم عليها رسول الله r .

(  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللهُمَّ ، أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الْآخَرُ : اللهُمَّ ، أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا " ) ( [262] ) .

فَيُرَبِّيهَا

إن الـذي يعظّـم الحقيـر ، ويكبّر الصغير ، هو النفس النبيلة ، الغنية ، التي وراء ذلك الإحسان ، فإن الله تعالى لا ينظر إلى الصور ، والأشكال ، بل ينظر إلى القلب ، والروح التي تبادر إلى إعانة المساكين ، والمحتاجين .

 فيعظّم له إحسانه بقدر عظمة وسخاء ذلك القلب ، والروح  

فكأنه لم يتصدق بتمرة ، بل تصدق بجبل من التمر ، أو أعظم ، لأن صاحب تلك النفس ، والقلب ، والروح الغنية ، لو كان يملك جبلا من التمر ، أو أعظم منه ، لتصدق بها .

إن النبيّ r يربّي المؤمنين ، ويعوّدهم على السخاء ، والسماحة ، والتصدق ، والإحسان ؛ فإن النفس التي تعوّدت على السخاء – ولو بشق تمرة – سوف يتصدق بأرطال منها لو ملكها .

 (  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : « لَا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ، إِلَّا أَخَذَهَا اللهُ بِيَمِينِهِ ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ ، أَوْ قَلُوصَهُ ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ ، أَوْ أَعْظَمَ » ] ( [263] ) .

 و(  عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « . . .  اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ . . .  » ) ( [264] ) .

أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟

إن أقوال النبيّ r ، هي وراء التفاني في الإيمان ، وحب الجهاد ، والحج ، الذي درج عليه ، وشغفه الصالحون  :

(  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : « إِيمَانٌ بِاللهِ»، قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : « الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ » قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : « حَجٌّ مَبْرُورٌ » ] ( [265] ) .

ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ

إن الجهاد في سبيل الله ؛ والذي هو الإستعداد للفداء بالروح ، والتضحية بالحياة في سبيل مرضاة الله تعالى ، لَيعبّر عن تلك المشاعر النبيلة ، الحساسة ، التي تحب الخير للناس ، وتحب لهم الحياة الطيبة ، والعيش الهنيء ، الذي يحاول الطغاة ، والظلمة والبغاة ، حرمانهم منه .

ولذلك تفوح ، من تلك النفس الكريمة ، رائحة المسك الطيبة ، يوم القيامة ؛ يوم الحساب والجزاء . وهو موضع غفران الله تعالى ، ومحبته ،  وإكرامه سبحانه . 

وهذه نتيجة تلك التربية الرفيعة ، التي ربّى النبيّ r ، المؤمنين عليها ، وحثهم على تلك الأعمال الصالحة العظيمة .

 

 (  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « تَضَمَّنَ اللهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي ، وَإِيمَانًا بِي ، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي ، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ ، لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ ، وَرِيحُهُ مِسْكٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ أَبَدًا ، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ ، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ فَأُقْتَلُ ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ » ] ( [266] ) .

[  عَـنْ أَبِـي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَـالَ : « تَكَفَّلَ اللهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ ، لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ » ] ( [267] ) .

فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ

إن فضل الشهادة في سبيل الله تعالى ، لعظيم ، لدرجة أن صاحبها لايحس ، ولا يشعر بنزع الروح منه ، ولا بسكرات الموت ، إضافة إلى ما يناله من الجزاء الأعلى .

ولذلك فإنه يحب أن يرجع إلى الدنيا فيستشهد مرة أخرى ، بخلاف غيره من المؤمنين .

(  عَـنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَـنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَـالَ : « مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ ، لَهَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ ، يَسُرُّهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا ، وَلَا أَنَّ لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، إِلَّا الشَّهِيدُ ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ ، فَيُقْتَلَ فِي الدُّنْيَا لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ » ] ( [268] ) .

لا يفتُر

( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَـا يَعْـدِلُ الْجِهَـادَ فِـي سَـبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَـالَ : « لَا تَسْتَطِيعُونَهُ » ، قَـالَ : فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ : « لَا تَسْتَطِيعُونَهُ » ، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ : «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللهِ ، لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ ، وَلَا صَلَاةٍ ، حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى » ] ( [269] ) .

وهذا غيض من فيض ، ولا نريد هنا أن نأتي بكل الآيات والأحاديث ، التي في ظلالها كان أولئك الصالحون يسيرون !

تهجد ، وصيام ، وصدقة ، وجهاد ، وذكر ، و . . . و . . . إلخ

نسأل أعداء التصوف

وبعد هذا ، نريد أن نسأل أعداء التصوف ، سؤالاً مفاده : هل تلك الخصال الحميدة ، والأعمال الصالحة ، التي قام بها أولئك الصالحين ، مأخوذة من الهنود ، والفرس ، والفلاسفة ، والبوذية ، أم مأخوذة من الكتاب ، والسنة ؟ !

ونسأل أدعياء التصوف

وفي نفس الوقت ، نسأل أدعياء التصوف : هل فعلاً أنتم مقتدون بأولئك الصالحين ، وتنهجون نهجهم ، وهل أنتم إمتداد لأولئك العظماء ؟ ! أم أنتم شوهتم صورتهم ، وجعلتم تلك المدرسة المباركة ، عرضة لكل نقيصة ، وشتم ، وطعن ، من كل مَن هبّ ، ودبّ ؟ ! !

فتلك الآيات الكريمة ، والأحاديث النبوية الشريفة ، وغيرها كثيرة ، وحياة أولئك الصالحين ؛ الذين جسّموا تلك التعاليم ، هي ميزان ، ومقياس ، وحجة على الخصوم ، والعدو ، والصديق ! !

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الرابع

آراء معتدلة في التصوف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لقد اختلف الناس ، وتنازعوا في الحكم على التصوف ، والصوفية ، كما هي عادتهم في الإختلاف في أكثر الأمور ، ونحن سنختار الأقوال المعتدلة ، من علماء ، وأئمة ، معتدلون في أحكامهم ، ولا يجورون ، فلا يقفون موقف التزمت ، ورؤية طرف ، دون طرف آخر :

الحافظ ابن تيمية

1 –  قال الحافظ ابن تيمية :

[  وَلِأَجْلِ مَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَالتَّنَازُعِ فِيهِ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي طَرِيقِهِمْ ؛ فَطَائِفَةٌ ذَمَّتْ " الصُّوفِيَّةَ وَالتَّصَوُّفَ ". وَقَالُوا : إنَّهُمْ مُبْتَدِعُونَ خَارِجُونَ عَنْ السُّنَّةِ وَنُقِلَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَتَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْكَلَامِ ] .

ثم قال :

[ وَطَائِفَةٌ غَلَتْ فِيهِمْ وَادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَأَكْمَلُهُمْ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ ]

فهو هنا ، رحمه الله ، قد ذكر طائفتين ؛ طائفة ذمت على الإطلاق ، ولم تفرّق بين الغث ، والسمين ، وبين الصحيح ، والخطأ . بل عممت الأحكام ، وخلطت الحابل بالنابل .

وطائفة الغلاة ؛ الذين مدحوا الزين ، والشين ، وخلطوا السلف الصالح بالمبتدعين ، والمشعوذين ، ولا شك أن كلا الطائفتين على خطأ .

ولهذا قال الحافظ ابن تيمية ، رحمه الله ، بعد ذلك :

 [ وَكِلَا طَرَفَيْ هَذِهِ الْأُمُورِ ذَمِيمٌ ] 

ثم قال ، رحمه الله :

[ وَ " الصَّوَابُ " أَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ كَمَا اجْتَهَدَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ فَفِيهِمْ السَّابِقُ الْمُقَرَّبُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ وَفِيهِمْ الْمُقْتَصِدُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ وَفِي كُلٍّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ مَنْ قَدْ يَجْتَهِدُ فَيُخْطِئُ وَفِيهِمْ مَنْ يُذْنِبُ فَيَتُوبُ أَوْ لَا يَتُوبُ .

وَمِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَيْهِمْ مَنْ هُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ عَاصٍ لِرَبِّهِ .

وَقَدْ انْتَسَبَ إلَيْهِمْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالزَّنْدَقَةِ ؛ وَلَكِنْ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ التَّصَوُّفِ لَيْسُوا مِنْهُمْ ] ( [270] ) .

 

الإمام الشاطبي

2 –  وهذا هو الإمام الشاطبي ، رحمه الله ، قد فرّق بين الصادقين منهم ، والكاذبين ؛ بين المتّبعين منهم ، والمبتدعين ، فلم يضعهم في كفة واحدة ، كما فعلت الطائفتان المتطرفتان .

فقال ، رحمه الله تعالى :

[ وَفِي غَرَضِي إِنْ فَسَحَ اللَّهُ فِي الْمُدَّةِ ، وَأَعَانَنِي بِفَضْلِهِ ، وَيَسَّرَ لِيَ الْأَسْبَابَ أَنْ أُلَخِّصَ في طريق الْقَوْمِ أُنْمُوذَجًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِحَّتِهَا وَجَرَيَانِهَا عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا دَاخَلَتْهَا الْمَفَاسِدُ ، وَتَطَرَّقَتْ إِلَيْهَا الْبِدَعُ مِنْ جِهَةِ قَوْمٍ تَأَخَّرَتْ أَزْمَانُهُمْ عَنْ عَهْدِ ذَلِكَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَادَّعَوُا الدُّخُولَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ سُلُوكٍ شَرْعِيٍّ ، وَلَا فَهْمٍ لِمَقَاصِدِ أَهْلِهَا ، وَتَقَوَّلُوا عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَقُولُوا بِهِ ، حَتَّى صَارَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْأَخِيرِ كَأَنَّهَا شَرِيعَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا أَتَى بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] .

ثم قال ، رحمه الله :

 [ وَأَعْظَمُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَسَاهَلُونَ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَيَرَوْنَ اخْتِرَاعَ الْعِبَادَاتِ طَرِيقًا لِلتَّعَبُّدِ صَحِيحًا . وَطَرِيقَةُ الْقَوْمِ بَرِيئَةٌ مِنْ هَذَا الْخِبَاطِ بِحَمْدِ اللَّهِ ] ( [271] ) .

 

 

 

 

الإمام الشهيد حسن البنا

3 –  ولقد تحدث الإمام الشهيد حسن البنا ( [272] ) ، رحمه الله تعالى ، عن التصوف ، وكيف نشأ ، وتطور ، ثم اختلطت به شوائب ليست منه . ثم قال ، رحمه الله :

[  ولا شك أن التصوف والطرق كانت من أكبر العوامل في نشر الإسلام في كثير من البلدان وإيصاله إلى جهات نائية ما كان ليصل إليها إلا على يد هؤلاء الدعاة ، كما حدث ويحدث في” بلدان أفريقيا وصحاريها ووسطها ، وفي كثير من جهات آسيا كذلك .

ولا شك أن الأخذ بقواعد التصوف في ناحية التربية والسلوك له الأثر القوي في النفوس والقلوب ، ولكلام الصوفية في هذا الباب صولة ليست لكلام غيرهم من الناس . . ] .

فإن قواعد التصوف ؛ من العبادة ، والذكر ، وصوم النوافل ، وقيام الليل ، وكف الأذى ، وتزكية النفس ، والبُعد عن اللغو ، و . . . غيرها ، والتي يعبرون عنها بالصمت ، والجوع ، والعزلة ، والسهر ، و . . .

لا شك أن الأخذ بهذه القواعد – على سنة رسول الله r ، وعلى منهج الصحابة ، رضوان الله عليهم ، ومنهج أتباعهم – هو من لب الإسلام ، وروحه .

وإن له تأثيرا قويا في النفوس ، والأرواح . لا  إستغناء عنه بحال .

ثم بيّن ما اختلطه من البدع والخزعبلات ، فقال ، رحمه الله :

[ ولكن هـذا الخلط أفسد كثيرا من هذه الفوائد وقضى عليها ] .

فهو ، رحمه الله ، يقر بأن هناك شوائب ، قد اختلطت بهذا النبع الصافي ، وقضى على كثير من فوائد ذلك الطريق .

 ولكنه لا ييأس من إصلاح تلك الأخطاء ، ويتفاءل في علاجها ، فقال :

 [ ومن واجب المصلحين أن يطيلوا التفكير في إصلاح هذه الطوائف من الناس ، وإصلاحهم سهل ميسور، وعندهم الاستعداد الكامل له ، ولعلهم أقرب الناس إليه لو وجهوا نحوه توجيها صحيحا ، وذلك لا يستلزم أكثر من أن يتفرغ نفر من العلماء الصالحين العاملين، والوعاظ الصادقين المخلصين لدراسة هذه المجتمعات ، والإفادة من هذه الثروة العلمية ، وتخليصها مما علق بها ، وقيادة هذه الجماهير بعد ذلك قيادة صالحة ] ( [273] )   .

 

الشيخ محمد الغزالي

4 – وممن فرّق بين التصوف الأصيل الحقيقي ، وبين الدخيل منه والدّعيّ ، الشيخ محمد الغزالي ( [274] ) ، رحمه الله تعالى ، فقال :

[  إذا ذكر التصوف تراءت للعين صور شائهة لرجال يتبعون طرق شتى ، وتنتظم في المناسبات الدينية مواكب لها بغام منكر ، تخدم السلطات الغاشمة ، وتحيي البدع والخرافات ، وقلما ارتفعت لها راية في ميدان الجهاد . . ] .

ولم يعتبر أولئك من المتصوفين ، بل أخرجهم من تلك الجماعة المباركة ، فقال :

[ والحق أن هؤلاء الغوغاء لا علاقة لهم بالتصوف ، ولا يعرفون منه قليلاً ولا كثيراً ] .

ثم ذكر واقع التصوف ، وما آل إليه ، فقال :

[ التصوف – سواء كانت الكلمة عربية أو مترجمة – يعني حقائق أخرى جديرة بالدرس والتمحيص . والتراث الصوفي يتضمن أحياناً قضايا في ذروة الشرف والسناء ، كما يتضمن أحياناً أخرى شطحات لا وزن لها ، بل ينبغي اطراحها والنأي عنها ] .

ثم ذكر ، رحمه الله ، الأدعياء منهم ، وأخرجهم من ذلك الهدي الربّاني ، فقال :

[ وأول ما نحذر منه هو التصوف الفلسفي الذي نُقِل عن الهنود واليونان الأقدمين عقائد الحلول ووحدة الوجود ، ومشياً وراء تهويمات عاطفية بعيدة عن هدايات الإسلام ، ولا يمكن ربطها بالوحي الصحيح كما أن هناك تصوفاً ضاهى الرهبانية البوذية والنصرانية ، وأعلن حرباً على الجسد لا عقل فيها ولا جدوى منها ، أو استدار للحيـاة الدنيـا فلـم ينشغل بها ولم يكدح فيها ، وكون أجيالاً من القاعدين والمنسحبين في ميادين الحياة شقى بهم الإسلام دهراً ، ولم ينجحوا لا في كسب الدنيا ولا في كسب الآخرة ] .

ثم ذكر موقفه صراحة عن هذا التصوف ، فقال ، رحمه الله تعالى :

[ إننا نرفض هذا اللون من التصوف ، ونؤكد أن الإسلام يستنكره ، وأظن أن بداهات الفطرة والعلم والارتقاء الإنساني تعترضه . . ] .

ثم ذكر التصوف الحقيقي ، وأهل الحقائق ، فقال :

[ ولكن هناك تصوفاً نبت في أكناف الإيمان والإسلام والإحسان ، ونما على أغذية جيدة من العلم والعمل واستطاع أن يلون المشاعر الإنسانية بصدق العبودية ودفعها إلى التفاني في مرضاة الله ، والحس الدقيق بوجوده وشهوده ، وجعل أصحابه يسعدون بمشاعرهم الباطنة ، وإن كانت أحوالهم نكدة فيما يرى الناس ، حتى يقول قائلهم : حبسي خلوة ، ونفيي سياحة ، وقتلي شهادة ! ! ] .

ثم ذكر ، رحمه الله ، مهمّة التصوف الحقيقي ، ودوره البارز في الحياة ، فقال :

 [ هذا التصوف يحوِّل المعرفة النظرية المجردة إلى عاطفة قلبية مشبوبة ، فالتكاليف تؤدى برضا واستحلاء ، لا بتعب ومعاناة ، والمعاصي تترك باستغناء واستعلاء ، كما قال يوسف ، عليه السلام ، عندما تعرض لإغراء الملكة وصويحباتها وفرش له طريق الغواية بالأزهار:(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [275] ] ( [276] )

 

نكتفي بهذا القدر ، من إيراد أقوال علماء ، وأئمة ، معتدلون في آرائهم ، حول التصوف ، فالحق دائما يكون بين تطرفين ؛ أقصى اليميـن ، و أقصى اليسـار ؛ بين الغلو ، و التسيب ، بين الإفراط والتفريط .

فالمؤمن مأمور بأن يحكم بالعدل ، حتى مع أعدائه . قال تعالى : (  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ( [277] ) .

وقد جاء في تفسير هذه الآية الكريمة :

[    يعني بذلك جل ثناؤه : يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد ، ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيامُ لله شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم ، ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم فتجاوزوا ما حددت لكم في أعدائكم لعدواتهم لكم، ولا تقصِّروا فيما حددت لكم من أحكامي وحدودي في أوليائكم لولايتهم لكم ، ولكن انتهوا في جميعهم إلى حدِّي ، واعملوا فيه بأمري .

وأما قوله : " ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا " فإنه يقول: ولا يحملنكم عداوةُ قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم ، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة  ] ( [278] )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الخامس

التصوف هو التطبيق العملي للإسلام

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الإسلام معناه : هو الاستسلام ، والخضوع ، والإذعان لله تعالـى .

 والإيمـان معنـاه : هو التصديق ، بالقلب ، والاعتقاد بالعقل ، والاطمئنان في النفس .

 والإحسان ، هو التطبيق العملي للإسلام ، والإيمان !

فالله تعـالـى قـد أمـر بإقامـة الصـلاة ، فقــال ، سـبحانـه : ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) ( [279] ) .

وقال ، تعالى  : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) ( [280] ) .

وقال تعالى : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ( [281] ) .

الإحسان في الصلاة

ولنرَ الآن كيفية تطبيق هذا الأمر الجليل ، حسب درجة الإحسان ( أن تعبد الله كأنك تراه ) :

ونترك النصوص بدون تعليق منّا ، حتى نعيش لحظات خشوع مع النبيّ r ، ومع أولئك الصالحين ، الذين جسّدوا تلك الأوامر ، وطبّقوها عملياً .

فالمطلوب مـن إقامة الصلاة ، هـو روحهـا ؛ وهي الخشوع ، والتدبر ، والسكون ، والذلة أمام الله تعالى ، وتحقيق العبودية الخالصة ، والإنقطاع عن الدنيا ، والإتصال بالملأ الأعلى ،  قبل أداء شكلها ، وإحكام حركاتها الظاهرية .

(  روى البيهقي والحاكم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلّى طأطأ رأسه ورمى ببصره إلى الأرض  ) ( [282] )  .

(  عن عبد الله بن الشخِّير قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُصلِّي ولصدره أَزِيزٌ كأزيز المِرجل من البكاءِ ) ( [283] )  .

(  عن عبد الله بن عمرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: انكسفتِ الشمس يوماً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يُصلّي ، ثم سجد ، فلم يكد يرفع رأسه ، فجعل ينفخ ويبكي . . . ] ( [284] )  .

(  عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ، ثُمَّ مَضَى ، فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ ، فَمَضَى ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ ، فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ ، فَقَرَأَهَا ، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا ، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ : « سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ » ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَقَالَ: « سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى »، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ ] ( [285] ) .

( عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، فَقُلْتُ : أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ مَا رَأَيْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

فَبَكَتْ ، وَقَالَتْ : وَأَيُّ شَأْنِهِ لَمْ يَكُنْ عَجَبًا ، إِنَّهُ أَتَانِي فِي لَيْلَةٍ فَدَخَلَ مَعِي فِي فِرَاشِي ، أَوْ قَالَتْ : فِي لِحَافِي حَتَّى مَسَّ جِلْدِي جِلْدَهُ ، ثُمَّ قَالَ: يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ذَرِينِي أَتَعَّبَدُ لِرَبِّي .

قَالَتْ : قُلْتُ : إِنِّي أُحِبُّ قُرْبَكَ .

فَأَذِنْتُ لَهُ ، فَقَـامَ إِلَى قِرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَأَكْثَرَ صَبَّ الْمَاءِ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَبَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعَهُ عَلَى صَدْرِهِ ، ثُمَّ رَكَعَ فَبَكَى ثُمَّ سَجَدَ فَبَكَى ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَبَكَى فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى جَاءَ بِلالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا يُبْكِيكَ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ فَقَالَ : أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا وَلِمَ لا أَفْعَلُ وَقَدْ أَنْزَلَ عَلَيَّ : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [286] . . الآيَةَ  ] ( [287] )

 ( عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت : لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلَاةِ ، فَقَالَ : (( مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ )) ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ ؟ فَقَالَ: (( مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ )) وفي رواية : أنه قال - صلى الله عليه وسلم - : (( مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ )) قالت عائشة : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إذَا قَامَ مَقَامَكَ لم يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاء ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ( [288] ) ]  ( [289] )   .

  عن علي بن الحسين أنه كان إذا توضأ اصفرَّ لونه ، فيقول له أهله : ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فيقول : أتدرون بين يدي من أقوم ؟   ( [290] ) .

ذُكِرَ أن عبد الله بن الزبير t (( كان يسجد فأتى المنجنيق فأخذ طائفة من ثوبه وهو في الصلاة لا يرفع رأسه )) ( [291] )  .

 

  وكان [ عبد الله بن الزبير ] إذا قام إلى الصلاة  كأنه عود ( [292] ) من الخشوع ، وكـان يسـجـد فتنزل العصـافير على ظهره لا تحسبه إلا جذع حائط ، وصلى يوماً في الحجر فجاء حجر قدامه فذهب ببعض ثوبه فما انفتل  ( [293] )  .

وكان مسلم بن يسار إذا صلّى لم يشعر بما حوله ، فحدث مرة أن اسطوانة في ناحية المسجد سقطت وهو في الصلاة، فاجتمع الناس بذلك ، فلم يشعر حتى انصرف من الصلاة ( [294] )  .

         وقال ميمون بن مهران رضي الله عنه : ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتاً في صلاة قط ، ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدمها ، وإنه لفي المسجد يصلي فما التفت ( [295] )  .

وكان إذا صلَّى كأنه ثوب مُلقى، وكان يقول لأهله إذا دخل في الصلاة : تحدَّثوا فلست أسمع حديثكم ، وذُكر أنه وقع حريق في داره وهو يصلِّي ، فلما ذُكِرَ له قال : ما شعرت  ( [296] )  .

 

وكان محمد بن إسماعيل } الإمام البخاري { يختم في رمضـان كـل يـوم ختمة ، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة ، وكان رحمه الله يُصلِّي ذات يوم أو ذات ليلة ، فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة ، فلما قضى صلاته قال: انظروا أي شيء آذاني في صلاتي ، فنظروا فإذا الزنبور قد ورّمه في سبعة عشر موضعاً ، ولم يقطع صلاته . وقد قيل : إن هذه الصلاة كانت التطوع بعد صلاة الظهر، وقيل له بعد أن فرغ من صلاته : كيف لم تخرج من الصلاة أول ما لسعك ؟ قال: (( كنت في سورةٍ فأحببت أن أتمَّها )) ] ( [297] ) .

وكان عامر بن عبد الله من خاشعي المصلّين ، وكان إذا صلّى ضربت ابنته بالدف ، وتحدث النساء بما يردن في البيت ، ولم يكن يسمع ذلك ولا يعقله .

وقيل له ذات يوم : هل تحدثك نفسك في الصلاة بشيء ؟ قال: نعم ، بوقوفي بين يدي الله عز وجل ، ومنصرفي إلى إحدى الدارين .

قيل : فهل تجد شيئاً مما نجد من أمور الدنيا ؟ فقال : لأن تختلف الأسـنة فـيّ أحبُّ إلـيّ مـن أن أجـد فـي صلاتي مــا تجدون ( [298] )  .

وعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَجَّ مَسْرُوقٌ فَمَا بَاتَ إِلَّا سَاجِدًا "    . . . ثنا أَبُو ضَمْرَةَ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ هَارُونَ ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « حَجَّ مَسْرُوقٌ فَمَا افْتَرَشَ إِلَّا جَبْهَتَهُ حَتَّى انْصَرَفَ »  . . .  عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : لَقِيَنِي مَسْرُوقٌ فَقَالَ : « يَا سَعِيدُ مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيهِ إِلَّا أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوهَنَا فِي التُّرَابِ » . . .  عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ ، قَالَ : « كَانَ مَسْرُوقٌ يُرْخِي السِّتْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ وَيُقْبِلُ عَلَى صَلَاتِهِ وَيُخَلِّيهِمْ وَدُنْيَاهُمْ » ] ( [299] )  .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث السادس

الداء والدواء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بقيت مسألة ، هي شديدة التعلق بموضوعنا ، وهي داء لا يشفيها التعمق في الفقه ، ولا الإنشغال بحفظ الحديث ، ومعرفة صحيحه من سقيمه فقط ، ولا دراسة النحو ، ولا  قراءة التفسير ، ولا . . . ولا . . . إلخ ، إلا التصوف الحقيقي بالمعنى الذي سبق .

فالتصوف الحقيقي هو دواؤها .

والداء والمرض هذا هو السبب الحقيقي فيما نحن فيه ؛ من الهزائم ، والتفرق ، وعدم التمكين ، وبُعد الناس عن هذا الإسلام العظيم .

والمسـألة ، والداء هـي : أن أغلب المسلمين إن لم نقل كلهم ، إلاّ مَن رحم ربك ، في عصرنا النكد هذا ، تراهم تكاد لا تجد فيهم مَن يعترف بذنبه وتقصيره ، بل هو مستعد أن يتهم المقابل كائناً مًن يكون ، في سبيل أن يبقى هو معصوماً لا يُخدش بشيء . 

مع أن أول شرط من شروط التوبة ، هو الندامة ، والاعتراف ، بالذنب ، والتقصير .

فالإنسـان الذي لا يعترف بمرضـه ، ولا يشعر أنـه مريض ، كيف يحاول علاج نفسه ، وكيف يذهب إلى الطبيب ؟

لا ريب أنه يبقى هكذا دون علاج ، إلى أن يصرعه المرض ، ويودي بحياته . 

كم نعرف أناساً ، لا يستطيعون حمل أعباء الدعوة ، ومواصلة الطريق ، لضعف في النفس ، فوقفوا وتركوا العمل .

 وإلى هنا لا بأس ، فقد لا يستطيع إنسان ما أن يسير  ويستمر في الطريق الدامي ، والمفروش بالشوك ، والمتاعب و . . . ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه فوقف عنده .

ولكن المصيبة الكبرى ، هي أنه بدل أن يقول للسائرين ، والثابتين ، والرابطين : جزاكم الله خيرا ، وثبّت خطاكم ، سيروا ، واثبتوا ، واللهُ تعالى معكم ، فأنا لا أستطيع أن أتواصل معكم فإني ضعيف ، وكان بودي أن لا أفارقكم ولكن لا أستطيع .

 الله ، الله ، الله ، كم عظيمة هذه النفس ، وكم كبير صاحب هذه النفس ، قد يكون في درجته أعلى من كثير من السائرين .

 ولكن ، لا ، كيف يطعن في نفسه ، ويخدش عصمتها أمام الناس ؟ ، لا ، لا ، لا . .

إن الشيطان يلقّنه أن يتَّهم كل السائرين من رفاقه ، ويطعن في عقيدتهم ، ويوجد لهم عيوب تكون هي السبب في تركه لهم ، والابتعاد عنهم .

أما هو فنفسه عظيمة ، معصومة ، قوية ، لا يستطيع أن يستمر مع أُناس لا يرقون إلى مستواه الرفيع .

فهو يريد أن يعمل بكل ما أوتي من قدرة ، واستطاعة ، ولكن رفاقه هؤلاء هم العائق في طريقه ، يعرقلونه عن المضي إلى الأمام .

هذا هو المرض العضال فينا ، وهو السبب الحقيقي لتردّي حال المسلمين الذي جعلهم غثاءً كغثاء السيل ، ويحكم فيهم كل مَن هبّ ، ودبّ ، بل في مرات كثيرة يحكم فيهم مَن لا يعرف أباه ! ! علماً أن العزة لله ، ولرسوله ، وللمؤمنين ، بنص القرآن الكريم .

وعلاج حالنا هو عن طريق التصوف الحقيقي ، عن طريق الإعتراف بذنوبنا ، وتقصيرنا ، وهذا الاعتراف ، هو الخطوة الأولى في الطريق الصحيح الطويل .

وهو أحد شروط التوبة .

ولنا في قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا ، وتخلفوا ، عن غزوة تبوك  ، أكبر العبر ، وأعظم درس ، حيث قال الله تعالى :    

(   لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ . يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) ( [300] ) .

فإن الصادقين اعترفوا بذنوبهم ، ودانوا أنفسهم ، وصدقوا في سبب تخلفهم ، ولم يقدّموا إعتذارات كاذبة . ولقد عوقبوا بمقاطعة مؤقتة ، ثم تاب الله تعالى عليهم .

أما المنافقون المتخلفون ، فقد قدّموا أعذاراً كاذبة ، لينجوا بأنفسهم من اللوم ، والعتاب ، فأُهينوا إلى يوم القيامة .       

فالذين صدقوا الله ، ولم يخدعوا لا أنفسهم ، ولا غيرهم ، قد تاب الله عليهم  ورضي عنهم ، ورضي رسول الله عنهم ، فأصبحوا قدوة للمسلمين ، يتحدث الله عنهم في كتابه الكريم إلى يوم القيامة .

 والذين كذبوا وخدعوا أنفسهم ، وخادعوا الله ورسوله ، وصفهم الله تعالى في كتابه وإلى يوم القيامة بأنهم رجس فاسقين .

قال تعالى : (  سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ  يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) ( [301] ) .

فهذه هي بركة الصدق ، وذاكم رفاق الكذب المنافقين .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفرق بين التوسل والاستغاثة

وهذا موضوع مهم ، لا يعرف الفرق بينهما مَن لم يرزقه الله تعالى الفقه والفهم السديد .

لقد اتّفق الفريقان ( أعداء التصوف وأدعياءه ) هنا ، ولكن على الخطأ ، وذلك باتجاهين متعاكسَيْن !

فاعتبرا أنّ التوسّل والإستغاثة شيئاً واحداً .

فكما أنّ الإستغاثة بغير الله تعالى لا تجوز ، وهي شرك بالله ، فكذلك التوسل أيضاً لا يجوز . هذا عند أعداء التصوف !

أمّا الأدعياء ، فكما أنّ التوسل بغير الله تعالى وأسمائه جائز ، فكذلك الإستغاثة تجوز ، وهما واحدٌ عندهم لا فرق بينهما!

وكِلا طرفي الأمر ذميم !

الإستغاثة

[ الاستغاثة : معناها اللغوي هي طلب العون وتفريج الكروب وتستغيث أي تطلب العون وهي يعتريها أحكام ، فبعض العلماء جعل فيها الإباحة أو المندوب أو الممنوع .

فالاستغاثة المباحة : هي في طلب الحوائج من الأحياء فيما يقدرون عليه كما حدثنا القرآن في قصة سيدنا موسى u حينما اعتدى على صاحبه رجل من غير شيعته ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) فهذه استغاثة ولذلك أغاثه موسى ( فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ) فهي استغاثة بإنسان يقدر على دفع الأذى بأمر يقدر عليه وهذا أمر مباح .

الاستغاثة المندوبة : هي الاستغاثة بالله I فهي أمر مطلوب ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ ) ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).

الاستغاثة الواجبة : هي الاستغاثة التي يترتب على تركها هلاك إنسان .

أما الاستغاثة الممنوعة : فهي التى تكون في الأمور المعنوية مثل تفريج الكروب وطلب الرزق هذا كله ممنوع ومنهي عنه بإجماع العلماء  ] ( [302] )   

الوسيلة

[  الوسيلة : هي المنزلة عند الملك ، والدرجة القربى ، ووسل فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملاً تقرب به إليه

والواسل الراغب إلى الله وتوسل إليه وسيلة قرب إليه بعمل هكذا جاء في لسان العرب

وقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) أي يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله فيما أخبرهم ووعدهم من الثواب وأعد للمخالفين من العقاب ( اتَّقُواْ اللّهَ ) فيما أمركم ونهاكم من الطاعة له في ذلك ، وحققوا إيمانكم وتصديقكم ربكم ونبيكم بالصالح من الأعمال

( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) أي اطلبوا القربة إليه بما يرضيه ،

 والوسيلة كل ما يتقرب به إلى الله I من فعل الطاعات وترك المنهيات

أو بطلب الدعاء من الغير

أو الدعاء المُتقرب به إلى الله I بأسمائه وصفاته

أو بأحد من خلقه كنبي أو رجل صالح

وهذا الخلط يأتي لعدم اطلاع البعض على أقوال العلماء في الفرق بين الاستغاثة والتوسل فخلطوا بينهما ونقلوا الحكم من الصواب والخطأ إلى الكفر والإيمان لخلطهم بين الاستغاثة والوسيلة .

وعن قتادة : تقربوا إليه بطاعته ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ) أى القربة ،

وكما قال الإمام النسفي : الوسيلة هي كل ما يتوسل به أي يتقرب من قرابة أو صنيعة أو غير ذلك واستعيرت لما يتوسل به إلى الله من فعل الطاعات وترك السيئات . . .

والوسائل للقربى إلى الله لا تعد ولا تحصى لأن كل طاعة وسيلة ابتداء من إماطة الأذى عن الطريق إلى الجهاد في سبيل الله

فهذا ميدان فسيح أبوابه متعددة يلجه المؤمن من أي باب شاء ، وهذا هو التوسل إلى الله بأعمال الخير مالاً ووقتاً ونفساً فكل هذه الطاعات وسيلة تقربنا إلى الله

وهذه القضية : لم تأخذ شكل المشكلة إلا بعد أن تحولت الآراء الاجتهادية إلى تعصبات حزبية تفرق المسلمين وتحول العلماء إلى كسب الأنصار كل يحاول تدعيم آرائه التي يدعو إليها ورد كل ما يعارضها ولو كان الأصوب

 وأصبح لكل رأيه الذي يتعصب له ولا يرى صواباً في غيره ولا أدَلّ على ذلك من أن فريقاً من العلماء جعلها شركاً أو طريقاً إلى الشرك بالرغم من أنها من القضايا الخلافية التي تنازع فيها العلماء بين صواب وخطأ وليس بين كفر وإيمان

ولذا نشبت المعارك العلمية بين من يجيز وبين من يمنع وزادت الفرقة والتعصب والشقاق ] ( [303] ) .

ما اتفق عليه العلماء

[  اتفق العلماء دون أدنى خلاف على أن  التوسل المشروع هو :

أولاً - التوسل باسم من أسماء الله تعالى الحسنى أو بصفة من صفاته العليا

وهذا مجمع عليه عند العلماء لا يختلف فيه عالم ،

قال تعالى ( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ، وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)

فالآية صريحة في أمر العباد بأن يدعوه I بأسمائه الحسنى لأن الدعاء بأسمائه وصفاته هذا أول نوع من أنواع الوسيلة وأقرب إلى الإجابة

 

وقد ورد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله r : " إن لله تسعاً وتسعين اسمـاً مـائة إلا واحـداً مـن أحصـاهـا دخـل الجنـة ، وهـو وتـر يحب الوتـر " ( [304] ) .

وفي الحديث الصحيح " اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا . . . . " إلى آخر الدعاء الماثور .

ثانياً - التوسل بالعمل الصالح كأن يكون قد قدم عملاً صالحاً موافقاً للكتاب والسنة ،

فإذا دعا يقول في دعائه : اللهم إني أسألك بعملي الفلاني

أو يقول اللهم إني أسألك بحبي لنبيك أو بإيماني أو بتوحيدي ونحو ذلك ،

ويكون العمل خالصاً لله I وصالحاً ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )

أي أن العمل لابد أن يكون موافقاً للكتاب والسنة ،

إذاً فالأول أسمـاء الله وصفـاته ، أما الثاني فهو عمل صالح يتقرب به ،

فالمؤمنون قالوا ( رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ)

فقدموا التوسل وهو الإيمان على الدعاء رجاء الإجابة

وكذلك قول ربنا ( إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) فقدموا التوسل بالإيمان على طلب المغفرة والرحمة .

وكذلك توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة فتوسل أحدهم بعفته من الزنا ، وتوسل الثاني ببره لوالديه ، وتوسل الثالث بتنمية أجر أجيره وإعطائه الأجرة كاملة بعد مضي فترة طويلة من الشهور والسنين .

وعلى هذا يستحب للإنسان أن يدعو في حال كربه وفي دعاء الاستسقاء وغيره بصالح عمله ويتوسل إلى الله تعالى به لأن هؤلاء الثلاثة فعلوه فاستجيب لهم وفرج الله كربهم ورفع الصخرة التي أطبقت عليهم وذكره النبي r في معرض الثناء عليهم بجميل فضائلهم ( [305] ) .

ثالثاً - التوسل بدعاء الرجل الصالح

فإذا نابت المسلم نائبة أو وقع في قحط وجدب فمن المندوب أن يذهب إلى رجل صالح يدعو له لكي يفرج الله الشدة ويقول له ادع لي ، وهذا لون من ألوان ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى )

والرسول r  يقول : " الله في عون العبد ما دام العون في عون أخيه " ( [306] ) .

وفي الحديث الصحيح عن أنس بن مالك t أن رجلاً دخل يوم الجمعة من باب كان وِجاه المنبر ورسول الله r قائم يخطب فاستقبل رسول الله قائماً فقال : يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا قال فرفع رسول الله r يديه وقال " اللهم اسقنا "

قال أنس ولا والله ما نرى في السماء من سحابة ولا قزعة ( [307] ) ولا شيئاً وما بيننا وبين سلع ( [308] ) من بيت ولا دار قال : فطلعت من وراءه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أُمطرت قال والله ما رأينا الشمس ستاً ( [309] )

 ثم دخل رجل من ذاك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله r قائم يخطب فاستقبله قائماً فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها فقال فرفع رسول الله r يديه ثم قال : " اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر " قال فانقطعت وخرجنا نمشى في الشمس

فقد أقر رسول الله r هذا الأعرابي على التوسل به وسعى في تحقيق من توسل إليه – ولم يصدر عنه ما يشير – مجرد إشارة إلى أن الدعاء الصادر من الشخص لنفسه أولى من دعاء غيره له بناء على طلبه بل لقد دل بإقراره r واستجابته على أن طلب الدعاء من الغير أرجى للإجابة إذا كان المطلوب منه الدعاء من أهل التقوى والصلاح .

وإذا كان هذا عن التوسل بدعاء النبي r فإن التوسل بدعاء غيره r قد سنه لنا حينما استأذنه عمر t في العمرة فأذن له وقال : " لا تنسنا يا أخي من دعائك"

وسنه لعمر بن الخطاب t ولغيره تبعاً له فيما رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب t قال إني سمعت رسول الله r يقول : " إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله وَلِدَة وكان به بياضاً فمروه فليستغفر لكم "

وفى رواية " وله والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعتم أن يستغفر لكم فافعلوا " ، وقد طلب عمر أن يستغفر له ،

فدل ذلك على جواز التوسل بدعاء المسلمين حتى ولو كان الداعي أقل درجة من المدعو له .

ومما يدل على ذلك أيضًا حثه r لنا على سؤال الله له الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود وسؤالنا الله أن يصلي عليه وما إلى ذلك ( [310] ) .

وقول الله تعالى ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا )

يدل على مشروعية التوسل لما فيه من حث الأمة على المجيئ إليه r والاستغفار عنده واستغفاره لهم وليس ذلك خاصاً به  rلعدم دليل الخصوص .

وقد ورد الحث على دعاء المرء لأخيه عن ظهر غيب طلب منه أو لم يطلب ولا يتوقف على أفضليته من الطالب بل قد يطلب الفاضل من المفضول .

يقول ابن تيمية : ولفظ التوسل يراد به معنيان صحيحان باتفاق المسلمين :

أحدهما : هو أصل الإيمان والإسلام وهو التوسل إلى الله بالإيمان بالرسول r

الثاني: التوسل بدعاء الرسول r وشفاعته فهذان جائزان بإجماع المسلمين  ] ( [311] ) .

 

 

التوسل المختلف فيه بين العلماء

[  1- هو التوسل إلى الله I بأحد من خلقه في مطلب العبد من ربه

أجازه بضعهم إذا كان بمعنى الشفاعة كما في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب t استسقى العباس وقال " اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا وإنَّا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " فيُسقون . .

فلا يخفى أن توسلهم به هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه فهو شفيع لهم وسائل لا مسئول . . . ،

هذا رأي من لم يجز التوسل بذات المتوسل به وقال يتوسل بدعائه لا بذاته ،

والذي يقول بهذا الرأي هو الإمام ابن تيمية الذي يقول " ودعاء عمر في  الاستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار وقوله كنا نتوسل إليك بنبينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا يدل على أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعائه وشفاعته لا السؤال بذاته إذ لو كان هذا مشروعًا لم يعدل عمر والمهاجرون والأنصار عن السؤال بالرسول r إلى السؤال بالعباس ( [312] ) .

2 - وأجازه بعض العلماء وإن لم يكن بمعنى الشفاعة بل بمعنى التوسل بجاه الوسيلة نحو القسم على الله بنبيه r .

إلا أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام خصه به r، للحديث : " أن أعرابياً أتى النبى r فقال: يا رسول الله إنى أُصبت في بصري فادع الله لي فقال النبي : " توضأ وصل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد r إني أستشفع به في رد بصري اللهم شفعه فيّ ، وقال فإن كان لك حاجة فمثل ذلك فرد الله بصره "

فعلم أن النبي r شفع له فسأل الله أن يشفعه فيه ، من أجل هذا الحديث استثنى الشيخ العز بن عبد السلام التوسل بذاته r من المنع الذي أفتى به

حيث قال ينبغي أن يكون مقصوراً على النبي r لأنه سيد ولد آدم وأن لا يقسم على الله غيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته وأن يكون هذا مما خص به لعلو درجته ومرتبته r ([313] ) .

3 - وأجازه بعض العلماء على إطلاقه كالإمام السبكى وغيره وقالوا إن ما قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام بأنه خاص برسول الله r فيه نظر لأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل ولا يكفي فيها الاحتمال لأنه خلاف الأصل ،

ويتضح لك بعد ذلك التثبث إلا بدليل ولا يكفى فيها الاحتمال مثل ما قلنا .

فالذين يقولون أن هذا خصوصية للرسول r عليهم أن يأتونا بالدليل الذي يثبت الخصوصية ؛ لأن الأصل أن الأمر يكون على الإطلاق فإذا قلنا أن الأمر فيه خصوصية فلابد أن يأتي بدليل يدل على التخصيص .

مثال : إن زوجات النبي r لا يتزوجن من بعده ، بالرغم من أن العموم أن الزوجة إذا توفى عنها زوجها تتزوج بعد انقضاء العدة

وهذا على إطلاقه لكـل الزوجـات إلا أننـا بالنسبة لزوجـات النبي r نجـد دليلاً فيـه خصوصيـة لهـن ( لستن كأحد من النساء ) ، هذه واحدة

أما الثانية فالنص أن لا ينكح أحد أزواج النبي r من بعده أبداً فهذا هو الدليل بالخصوصية .

فأصبحت المسألة كما رأينا مسألة خلافية وليست مسألة مجمع عليها . . .

كما يتضح لك أيضًا أن المستغيث بإنسان طالب منه سائل له بخلاف المتوسل به فليس مطلوباً منه و لا بمسئول وإنما يطلب به وأي إنسان يستطيع أن يفرق بين المدعو والمدعو به  ] ( [314] ) .

الردّ على الحافظ إبن تيمية ، رحمه الله :

[   والجدير بالذكر أن الذين أجازوا هذا النوع من التوسل ردوا على الإمام ابن تيمية فقالوا :

إن المتأمل في قول ابن تيمية يجده ينفي وقوع التوسل أو سؤال الله تعالى بمخلوق مطلقاً ولكنه لا يقدم لنا دليلاً على ذلك ،

بل إن الأدلة قد قامت على خلافه فقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار وكان خازن عمر قال : أصاب الناس قحط في زمان عمر فجاء إلى قبر النبي r فقال : يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا

فأتى الرجل في المنام فقال له : أءت عمر فقل له : أنكم مستسقون فعليك الكفين ، قال فبكى عمر وقال : يا رب ما ألو إلا ما عجزت عنه .

وروى الدارمي أن أهل المدينة لما قحطوا أشارت عليهم عائشة رضى الله عنها أن يحملوا من قبر النبي r كوا إلى السماء حتى لا يكون بينه وبينها سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسقت الإبل حتى تفتقت فسمى عام الفتق .

ويرى الشيخ زاهد الكوثري أن هذا الحديث –حديث عمر – نص على عمل الصحابة في الاستسقاء به r بعد وفاته حيث لم ينكر عليه أحد مع بلوغ الخبر إليهم وما يرفع إلى أمير المؤمنين يذيع ويشيع  ] ( [315] ) .

المعاقب على ذلك معتد جاهل ظالم

[ يقول الإمام ابن تيمية : " نقل عن أحمد بن حنبل في مسند المرودي التوسل بالنبي ونهى عنه آخرون

فإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع ، وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول r ( [316] ) "

ويقول أيضًا بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ، ومما تنازعت فيه الأمة فيجب رده إلى الله والرسول "

ويقول " وإن كان في العلماء من سوغه فقد ثبت عن غير واحد من العلماء أنه نهى عنه – فتكون مسألة نزاعية – وليس هذا من مسائل العقوبات بإجماع المسلمين

بل المعاقب على ذلك معتد جاهل ظالم ، فإن القائل بهذا قد قال ما قالت العلماء والمنكر عليه ليس معه نقل يجب اتباعه لا عن النبي r ولا عن الصحابة ( [317] )  ] ( [318] ) .

فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول r

[  ويقول الشيخ ناصر الدين الألباني : بعد أن أشار إلى التوسل المشروع الذي أشرنا إليه – وغير المختلف فيه – قال وأما ما عدا هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف والذي نعتقده وندين الله به غير جائز ولا مشروع ( [319] ) لأنه لم يرد فيه دليل يقوم به الحجة وقد أنكره العلماء المحققون في العصور الإسلامية المتعاقبة

مـع أنـه قال ببعضه بعض الأئمة فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول r وأجاز غيره كالإمام الشوكاني التوسل به وبغيره من الأنبياء والصالحين ( [320] ) .

ولقد أجاب فضيلة الشيخ ابن باز –رحمه الله - حين سئل عن هذا النوع من التوسل بأن من العلماء من أجازه ومنهم من منعه وليس بشرك ] ( [321] )  

خلاف فقهي

[  ومن ذلك يتضح :

1 - أن التوسل بالأنبياء والصالحين بمعنى الإقسام بهم أو السؤال بهم خلاف فقهي يسوغ فيه الاجتهاد .

2 - أنها تخضع للصواب والخطأ لا الكفر والإيمان لأن الكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة أو إنكار الأحكام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك .

3 - ليس هناك دليل قاطع في الجواز أو المنع وعلى ذلك فالاختلاف فيها لا يترتب عليه فساد اعتقاد بل هو خلاف مشروع .

4 - أجمع علماء المسلمين على أن المسألة لا يعاقب عليها .

5 - الذي يُعَاقِب مخالفه – في مثل هذه المسألة – معتد ظالم جاهل كما قال ابن تيمية – أو كما قال العز بن عبد السلام – المكفر بمثل هذه الأمور يستحق من غليظ العقوبة والتعزير ما يستحقه أمثاله من المفترين على الدين  ] ( [322] ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفرق بين صوفية الحقائق وصوفية الرسم

بقي أمر أخير مهم جداً ، من الضروري القصوى توضيحه وبيانه ، ليكون المسلم على بيّنة من أمره – ولاسيما أدعياء التصوف – حتى يتنبّه الغافل ، ويفيق السادر في غيّه ، ويؤب الشارد إلى جادة الصواب . وهو :

أنّ هناك فرقاً شاسعاً بين التصوف الحقيقي والتصوف الزائف الدّعي ، كالفرق بين السماء والأرض ، وبين المشرق والمغرب ، بل أشد من ذلك – ولاسيما في أخطر أمر وموضوع ؛ ألا وهو عقيدة التوحيد !

نلاحظ أن التصوف الحقيقي – الذي بُنيَ على أصل وأساس ولب الإسلام – يكون حسّاساً جدّاً في تعامله مع الله تعالى   ويركِّز على توحيد الله تعالى إلى درجة الفناء في الله تعالى  ، فيصبح الصوفي الحقيقي متفانياً في الله تعالى ، بحيث لا يرى غيره تعالى .

وعن (( الفناء )) قال أبو سعيد بن الأعرابي ( [323] ) :

[  هو أن تبدو العظمة والإجلال على العبد فتُنسيه الدنيا والآخرة والأحوال والدرجات ، والمقامات والأذكار ، يفنيه عن كل شيء ، وعن عقله وعن نفسه وفنائه في الأشياء ، وعن فنائه عن الفناء لأنه يَغْرَقُ في التعظيم . اهـ أي تتجلى له عظمة الذات فتغيبه عن رؤية الأشياء ومن جملتها نفسُهُ ، فتصير عينُ العين ويغرق فـي بحـر الأحدية ، وقـد يطلق الفناءُ على الفناء في الأفعال ، فلا يرى فاعلاً إلا الله ، وعلى الفناء في الصفات فلا قادرٌ ولا سميع ولا بصير إلا الله يعني أنه يرى الخلق موتى لا قدرة لهم ولا سَمْعَ ولا بَصَرَ إلا بالله  ] ( [324] ) .

فالصوفي الحقيقي كان – ولازال – لا يرى فاعلاً في الوجود إلا الله تعالى ، ولا قادراً ولا سميعاً ولا بصيراً إلا الله سبحانه ، لأنه يرى المخلوقين موتى لا قدرة لهم ولا سَمْعَ ولا بَصَرَ إلا بالله .

فلا يشهد غير الله

[ قال أبو حفص : ( منذُ عرفتُ اللهَ تعالى ما دخلَ قلبي حقٌّ ولا باطلٌ ) ] ( [325] ) .

قال الأستاذ أبو القاسم القشيري ، رحمه الله ، في توضيح قول أبو حفص هذا :

[  أن عند القوم المعرفة توجبُ غيبةَ العبدِ عن نفسِهِ ؛ لاستيلاءِ ذكرِ الحقِّ سبحانَهُ عليهِ ، فلا يشهدُ غيرَ اللهِ ، ولا يرجعُ إلى غيرِهِ ] ( [326] ) .

[  وقال أبو يعقوب النَّهرَجُوريُّ : قلتُ لأبي يعقوبَ السوسيِّ : هـلْ يتأسَّفُ العارفُ على شيءٍ غيرِ اللهِ عزَّ وجلَّ ؟ فقال : وهلْ يرى غيرَهُ فيتأسَّفَ عليهِ ؟ !

قلتُ : فبأيِّ عينٍ ينظرُ إلى الأشياءِ ؟ فقالَ : بعينِ الفناءِ والزوالِ  ] ( [327] ) .

[  وسُئِلَ أبو يزيدَ عنِ العارفِ ، فقال : لا يرى في نومِهِ غيرَ اللهِ ، ولا في يقظتِهِ غيرَ اللهِ ، ولا يواقفُ غيرَ اللهِ ( [328] ) ، ولا يطالعُ غيرَ اللهِ ] ( [329] ) .

لا فاعل إلا الله تعالى

وقال أبو حامد الغزالي ، رحمه الله ، وهو يتحدّث عن التوحيد :

[  وحاصله أن ينكشف لك أن لا فاعل إلا الله تعالى

وأن كل موجود من خلق ورزق وعطاء ومنع وحياة وموت وغنى وفقر إلى غير ذلك مما ينطلق عليه اسم فالمنفرد بإبداعه واختراعه هو الله عز وجل لا شريك له فيه

وإذا انكشف لك هذا لم تنظر إلى غيره بل كان منه خوفك وإليه رجاؤك وبه ثقتك وعليه اتكالك

فإنه الفاعل على الانفراد دون غيره وما سواه مسخرون لا استقلال لهم بتحريك ذرة من ملكوت السموات والأرض ] .

 

الشيطان يبتغي أن يطرق إلى قلبك شائبة الشرك

ثم قال ، رحمه الله :

[ وإذا انفتحت لك أبواب المكاشفة اتضح لك هذا اتضاحاً أتم من المشاهدة بالبصر

وإنما يصدك الشيطان عن هذا التوحيد في مقام يبتغي به أن يطرق إلى قلبك شائبة الشرك بسببين

أحدهما الالتفات إلى اختيار الحيوانات

والثاني الالتفاف إلى الجمادات

أما الالتفاف إلى الجمادات فكإعتمادك على المطر في خروج الزرع ونباته ونمائه

وعلى الغيم في نزول المطر

وعلى البرد في اجتماع الغيم

وعلى الريح في استواء السفينة وسيرها

وهذا كله شرك في التوحيد وجهل بحقائق الأمور ولذلك قال تعالى { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } قيل معناه أنهم يقولون لولا استواء الريح لما نجونا ] .

 

 

المحرك الأول الذي لا محرك له ولا هو متحرك

ثم قال ، رحمه الله :

[ ومن انكشف له أمر العالم كما هو عليه علم أن الريح هو الهواء والهواء لا يتحرك بنفسه مالم يحركه محرك وكذلك محركه

وهكذا إلى أن ينتهي إلى المحرك الأول الذي لا محرك له ولا هو متحرك في نفسه عز وجل

فالتفات العبد في النجاة إلى الريح يضاهي التفات من أخذ لتحز رقبته كتب الملك توقيعاً بالعفو عنه وتخليته فأخذ يشتغل بذكر الحبر والكاغد والقلم الذي به يكتب التوقيع

يقول لولا القلم لما تخلصت فيرى نجاته من القلم لا من محرك القلم وهو غاية الجهل

ومن علم أن القلم لا حكم له في نفسه وإنما هو مسخر في يد الكاتب لم يلتفت إليه ولم يشكر إلا الكاتب

بل ربما يدهشه فرح النجاة وشكر الملك والكاتب من أن يخطر بباله القلم والحبر والدواة

والشمس والقمر والنجوم والمطر والغيم والأرض وكل حيوان وجماد مسخرات في قبضة القدرة كتسخير القلم في يد الكاتب

بل هذا تمثيل في حقك لاعتقادك أن الملك  الموقع هو الكاتب التوقيع والحق أن الله تبارك وتعالى هو الكاتب لقوله تَعَالَى { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى }

فإذا انكشف لك أن جميع ما في السموات والأرض مسخرات على هذا الوجه انصرف عنك الشيطان خائباً وأيس عن مزج توحيدك بهذا الشرك ] .

المهلكة الثانية

ثم أكمل حديثه ، رحمه الله ، فقال :

[ فأتاك في المهلكة الثانية وهي الالتفات إلى اختيار الحيوانات في الأفعال الاختيارية

ويقول كيف ترى الكل عن الله وهذا الإنسان يعطيك رزقك باختياره فإن شاء أعطاك وإن شاء قطع عنك

وهذا الشخص هو الذي يحز رقبتك بسيفه وهو قادر عليك إن شاء حز رقبتك وإن شاء عفا عنك فكيف لا تخافه وكيف لا ترجوه وأمرك بيده وأنت تشاهد ذلك ولا تشك فيه

ويقول له أيضاً نعم إن كنت لا ترى القلم لأنه مسخر فكيف لا ترى الكاتب بالقلم وهو المسخر له ] .

عند هذا زل أقدام الأكثرون

[ وعند هذا زل أقدام الأكثرون إلا عباد الله المخلصين الذين لا سلطان عليهم للشيطان اللعين

فشاهدوا بنور البصائر كون الكاتب مسخراً مضطراً كما شاهد جميع الضعفاء كون القلم مسخراً

وعرفوا أن غلط الضعفاء في ذلك كغلظ النملة مثلاً لو كانت تدب على الكاغد فترى رأس القلم يسود الكاغد ولم يمتد بصرها إلى اليد والأصابع فضلاً عن صاحب اليد فغلطت وظنت أن القلم هو المسود للبياض

وذلك لقصور بصرها عن مجاوزة رأس القلم لضيق حدقتها

فكذلك من لم ينشرح بنور الله تعالى صدره للإسلام قصرت بصيرته عن ملاحظة جبار السموات والأرض ومشاهدة كونه قاهراً وراء الكل فوقف في الطريق على الكاتب وهو جهل محض ] .

ما أنصفتني

[ قال بعض الناظرين عن مشكاة نور الله تعالى للكاغد وقد رآه اسود وجهه بالحبر ما بال وجهك كان أبيض مشرقاً والآن قد ظهر عليه السواد فلم سودت وجهك وما السبب فيه

فقال الكاغد ما انصفتني في هذه المقالة فإني ما سودت وجهي بنفسي ولكن سل الحبر فإنه كان مجموعاً في المحبرة التي هي مستقره ووطنه  فسافر عن الوطن ونزل بساحة وجهي ظلما وعدوا

فقال صدقت فسأل الحبر عن ذلك فقال ما أنصفتني فإني كنت في المحبرة وادعاً ساكناً عازماً على أن لا أبرح منها فاعتدى علي القلم بطمعه الفاسد واختطفني من وطني وأجلاني عن بلادي وفرق جمعي وبدني كما ترى على ساحة بيضاء فالسؤال عليه لا علي

فقال صدقت ثم سأل القلم عن السبب في ظلمه وعدوانه وإخراج الحبر من أوطانه فقال سل اليد والأصابع فإني كنت قصباً نابتاً على شط الأنهار متنزهاً بين خضرة الأشجار فجاءتني اليد بسكين فنحت عني قشري ومزقت عني ثيابي واقتلعتني من أصلي وفصلت بين أنابيبي ثم برتني وشقت رأسي ثم غمستني في سواد الحبر ومرارته وهي تستخدمني وتمشيني على قمة رأسي ولقد نثرت الملح على جرحي بسؤالك وعتابك فتنح عني وسل من قهرني

فقال صدقت ثم سأل اليد عن ظلمها وعدولها على القلم واستخدامها له فقالت اليد ما أنا إلا لحم وعظم ودم وهل رأيت لحماً يظلم أو جسماً يتحرك بنفسه

وإنما أنا مركب مسخر ركبني فارس يقال له القدرة والعزة فهي التي ترددني وتجول بي في نواحي الأرض

أما ترى المدر والحجر والشجر لا يتعدى شيئا منها مكانه ولا يتحرك بنفسه إذ لم يركبه مثل هذا الفارس القوي القاهر

أما ترى أيدي الموتى تساويني في صورة اللحم والعظم والدم ثم لا معاملة بينها وبين القلم فأنا أيضاً من حيث أنا لا معاملة بيني وبين القلم فسل القدرة عن شأني فإني مركب أزعجي من ركبني

فقال صدقت ثم سأل القدرة عن شأنها في استعمالها اليد وكثرة استخدامها وترديدها فقالت دع عنك لومي ومعاتبتي فكم من لائم ملوم وكم من ملوم لا ذنب له

وكيف خفي عليك أمري وكيف ظننت أني ظلمت اليد لما ركبتها وقد كنت لها راكبة قبل التحريك

وما كنت أحركها ولا أستسخرها بل كنت نائمة ساكنة نوماً ظن الظانون بي أني ميتة أو معدومة لأني ما كنت أتحرك ولا أحرك

حتى جاءني موكل أزعجني وأرهقني إلى ما تراه مني فكانت لي قوة على مساعدته ولم تكن لي قوة على مخالفته

وهذا الموكل يسمى الإرادة ولا أعرفه إلا باسمه وهجومه وصياله إذ أزعجني من غمرة النوم وأرهقني إلى ما كان لي مندوحة عنه لو خلاني ورأبي

فقال صدقت ثم سأل الإرادة ما الذي جرأك على هذه القدرة الساكنة المطمئنة حتى صرفتها إلى التحريك وأرهقتها إليه إرهاقا لم تجد عنه مخلصاً ولا مناصاً

فقالت الإرادة لا تعجل علي فلعل لنا عذراً وأنت تلوم فإني ما انتهضت بنفسي ولكني انهضت وما أن انبعثت ولكني بعثت بحكم قاهر وأمر جازم

وقد كنت ساكنة قبل مجيئه ولكن ورد علي من حضرة القلب رسول العلم على لسان العقل بالإشخاص للقدرة فأشخصتها باضطرار

فإني مسكينة مسخرة تحت قهر العلم والعقل ولم أدري بأي جرم وقفت عليه وسخرت له وألزمت طاعته

لكني أدري أني في دعة وسكون مالم يرد على هذا الولود القاهر وهذا الحاكم العادل أو الظالم وقد وقفت عليه وقفا وألزمت طاعته إلزاماً

بل لا يبقى لي معه مهما جزم حكمه طاقة على المخالفة لعمري ما دام هو في التردد مع نفسه والتحير في حكمه

فأنا ساكنة لكن مع استشعار وانتظار لحكمه فإذا انجزم حكمه أزعجت بطبع وقهر تحت طاعته وأشخصت القدرة لتقوم بموجب حكمه

فســل العلـم عـن شــأنـي ودع عـنـي عتــابـك . . .   ] إلـخ ( [330] ) .

 

 

هذا غيض من فيض ، وقد قالوا : الحليم تكفيه إشارة !

فقمة التوحيد الخالص الصافي ، تجده عند المتصوفين الحقيقيّين ؛ الذين عرفوا الله تعالى معرفة حقيقية ، فقدروه  حقّ قدره سبحانه .

ولم يكونوا يحفظون بعض المصطلحات في علم الكلام – من غير فهم عميق لها – يلوكونها كبعض المتشدّقين ، وهم يحسبون أنهم قد حازوا التوحيد بجميع جوانبه ، فأصبحوا بحق موحّدين ! !

 

 

 

أدعياء التصوف

أمّا الأدعياء ؛ الذين شوّهوا الصورة الناصعة للتصوف ، والذين هم فقط إسمٌ بلا مسمّى ، فنراهم بعكس أولئك الصالحين، حيث يركّزون على عباد الله الصالحين ، وكلّ همهم وشغلهم هو في رفع أولئك الصالحين فوق مقامهم ، وخلع صفات الربوبية عليهم ، وتوجيه الدعاء لهم !

علماً أن أولئك الصالحين ما ادّعوا لأنفسهم شيئاً من ذلك ، ولو استطـاعوا لمنعواهؤلاء الأدعياء من تلك الشطحات والخرابيط ، فإنّهم ، رحمهم الله تعالى ، كانوا كما ذكر الله تعالى في كتابه الكريم : ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا . أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) ( [331] ) .

 

تعلّق مسجون بمسجون

قال الأستاذ عبد الكريم بن هوازن القشيري ، رحمه الله :

 

 

 

 

 

 

[  يعنى الذين يعبدونهم ويدعونهم- كالمسيح وعزير والملائكة- لا يملكون نفعا لأنفسهم ولا ضرّا ،

وهم يطلبون الوسيلة إلى الله أي يتقربون إلى الله بطاعتهم رجاء إحسان الله ، وطمعا فى رحمته ، ويخافون العذاب من الله   . . .

فكيف يرفعون عنكم البلاء وهم يرجون الله ويخافونه فى أحوال أنفسهم ؟

ويقال فى المثل : تعلّق الخلق بالخلق تعلّق مسجون بمسجون .

ويقال : إذا انضمّ الفقير إلى الفقير ازدادا فاقة .

ويقال إذا قاد الضرير ضريرا سقطا معا فى البئر ، وفى معناه أنشدوا :

إذا التقى فى حدب واحد ... سبعون أعمى بمقادير

وسيّروا بعضهم قائدا ... فكلّهم يسقط فى البير ] ( [332] ) .

يتنافسون في القرب من ربهم

وقال الشيخ السعدي ، رحمه الله :

 

 

 

 

 

 

 

[  يقول تعالى : { قُلْ } للمشركين بالله الذين اتخذوا من دونه أندادا يعبدونهم كما يعبدون الله ويدعونهم كما يدعونه ملزما لهم بتصحيح ما زعموه واعتقدوه إن كانوا صادقين :

{ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ } آلهة من دون الله فانظروا هل ينفعونكم أو يدفعون عنكم الضر ، فإنهم لا { يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ } من مرض أو فقر أو شدة ونحو ذلك فلا يدفعونه بالكلية ، { وَلا } يملكون أيضا تحويله من شخص إلى آخر من شدة إلى ما دونها .

فإذا كانوا بهذه الصفة فلأي شيء تدعونهم من دون الله ؟ فإنهم لا كمال لهم ولا فعال نافعة ، فاتخاذهم آلهة نقص في الدين والعقل وسفه في الرأي .

ومن العجب أن السفه عند الاعتياد والممارسة وتلقيه عن الآباء الضالين بالقبول يراه صاحبه هو الرأي : السديد والعقل المفيد .

ويرى إخلاص الدين لله الواحد الأحد الكامل المنعم بجميع النعم الظاهرة والباطنة هو السفه والأمر المتعجب منه كما قال المشركون : { أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }

ثم أخبر أيضا أن الذين يعبدونهم من دون الله في شغل شاغل عنهم باهتمامهم بالافتقار إلى الله وابتغاء الوسيلة إليه فقال : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ } من الأنبياء والصالحين والملائكة { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ }

أي : يتنافسون في القرب من ربهم ويبذلون ما يقدرون عليه من الأعمال الصالحة المقربة إلى الله تعالى وإلى رحمته ، ويخافون عذابه فيجتنبون كل ما يوصل إلى العذاب .

{ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } أي : هو الذي ينبغي شدة الحذر منه والتوقي من أسبابه .

وهذه الأمور الثلاثة الخوف والرجاء والمحبة التي وصف الله بها هؤلاء المقربين عنده هي الأصل والمادة في كل خير .

فمن تمت له تمت له أموره وإذا خلا القلب منها ترحلت عنه الخيرات وأحاطت به الشرور .

وعلامة المحبة ما ذكره الله أن يجتهد العبد في كل عمل يقربه إلى الله وينافس في قربه بإخلاص الأعمال كلها لله والنصح فيها وإيقاعها على أكمل الوجوه المقدور عليها ،

فمن زعم أنه يحب الله بغير ذلك فهو كاذب  ] ( [333] ) .

 

 

المتصوف الحقيقي حسّاس

فالمتصوف الحقيقي حسّاس جدّاً تجاه كل أنواع الشرك ، سواءً كان جليّاً ، أو خفيّاً ، كبيراً أو صغيراً ، فيتّجه بكل كيانه إلى سبب الأسباب ، والفاعل الحقيقي في الكون ؛ وهو الله ربّ العالمين ؛ الذي ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ  ) ( [334] ) ، فيسأله وحده ، ويخشع له وحده سبحانه ، ويخضع .

واستوعبوا قول الله تعالى : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ  ) ( [335] ) .

واستشعروا بكل كيانهم قول الله تعالى : (  فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  ) ( [336] ) .

وكذلك قوله ، سبحانه : (  الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا  ) ( [337] ) .

 

سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ

وعاشوا بروحهم مع قول الله تعالى : (  اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ  ) ( [338] ) .

وتدبّروا قول الله تعالى ، حق التدبّر :

(   إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ . إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ . وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) ( [339] ) .

 

لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ

ولذلك خضعوا لقول الله عزّ وجلّ : (  وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا  ) ( [340] ) .

 

 

 

فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي

واستجابوا لأمر الله تعالى : (  وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ  ) ( [341] ) .

فاستَحوا من الله تعالى أن يتّجهوا إلى غيره في السّرّاء وفي الضّرّاء .

فالله سبحانه وتعالى ، هو الذي يجب أن يتّجه المؤمن إليه في كل شيء .

حتى قالت أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها : ( سَلُوا اللَّهَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الشِّسْعَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ ) .

 

        أما الأدعياء

أمّا صوفية الرسم ؛ الأدعياء ، فقد انحرفوا عن الصراط إنحرافاً خطيراً ، وحادوا عن منهج صوفية الحقائق ، فركّزوا جلّ اهتمامهم وصرفوها في محاولة إثبات ما للأولياء من قدرة على تصريف أمور العباد ، وتحقيق أمنياتهم وطلباتهم ! !

وبالتالي صرف وجوه الناس عن التوجه إلى الله تعالى ، إلى التوجه إلى الأولياء وأضرحتهم !

وهذا ما جعل خصوم المتصوفين ، يرمونهم بالشرك والخرافات ، والشطحات !

فأصبح الأدعياء هؤلاء سبباً رئيسياً في إبتعاد كثير من المسلمين عن طريق التصوف ، وإبعاد الناس عنه !

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخاتمة

 

 

 

 

 

 

 

الإستنتاجات

1 – حقيقة التصوف هي أساس الإسلام ، ولبه ، ولا يستغني مسلم ، بله داعية ، عن الأخذ به . حيث رأينا كيف يأمر القرآن الكريم بتلك الخصال الحميدة ، التي تحلى بها الصالحون ، الذين قصدناهم ،  وذكرناهم ، وكيف كان النبيّ r قدوة ، وأسوة ، لهم في ذلك .

بل حقيقة التصوف ، هي الإحسان ، الذي هو ثلث الدين ، الذي بيّنه النبيّ r في جوابه لجبريل u في الحديث المشهور .

2 – لا محذور من استخدام مصطلح التصوف ، فلا مشاحة في الإصطلاح ، فقد رأينا الأئمة والعلماء ، كأمثال ابن تيمية ، وابن القيم ، والشاطبي ، وغيرهم كثير ، رأيناهم يستخدمون المصطلح من غير أي تردد ، أو محاذير ، كل ما قاموا به أنهم بطريقتهم الوسطية ، فرّقوا بين الأصلاء ، والمبتدعين .

3 – إن محاربة التصوف ، من غير تمييز بين الحق ، والباطل فيه ، أو الصحيح ، والخطأ فيه ، هي خدمة عظيمة لأعداء الإسلام ، حيث أعداءه يخافون منه ، لأنه يربي أبناءه على التقوى ، والخشوع والإستسلام لله تعالى ، والعبودية له وحده سبحانه ، وتقوية الصلة بالله تعالى ، وكل هذا يؤدي بدوره إلى إنشاء مجتمع اسلامي حقيقي ، يتمتع أبناؤه بالإباء ، والحرية ، وعدم الخضوع والإستكانة لأحد غير الله تعالى ، ولاسيما لأعداء الله ورسوله r ، وهذا ما تخشاه الأعداء ، ولا يريدونه

         4 – إذا عُرف السبب بطل العجب ، إذا عرفنا هذا ، وصلنا إلى فهم سبب تردي أوضاعنا ، ولماذا وصل حالنا إلى ما نحن فيه ، كما وصفنا النبيّ r بغثاء كغثاء السيل !

ولماذا سلفنا الصالح كانوا يعيشون في عز وإباء ، وكان قرنهم خير القرون ، وذلك لأنهم أخذوا بتلك المعاني ، والخصال التي أسس عليها أصل التصوف الحقيقي .

 أما نحن فقد ابتعدنا عن تلك الأجواء ، والمعاني ، بل إن كثيرين منا يقوم بمحاربتها من غير تمييز ، ومن غير ميزان عادل ، دقيق .

5 – إن الذي يحارب التصوف من غير تمييز ، ليدل موقفه هذا بوضوح أنه بعيد عن القرآن الكريم ، وعن معرفة السيرة النبوية المطهرة ، وسيرة السلف الصالح ، وإلا لو كان قريباً ، ومطلعاً على ذلك لما فعل ما يفعله من المحاربة ، والمقاطعة ، والإبتعاد عن تلك الأسس ، والأصول ، والمعاني     ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) ( [342] ) .

[ وقيل لبعضهم: هل في القرآن : ( من جهل شيئا عاداه؟ ) قال : نعم ، قال الله - تعالى -: {  وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ } [ سورة الأحقاف : 11 ]  ، ومثله : { بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ } [ سورة يونس : 39 ] ] ( [343] ) .

 

[  لقد سارَعوا الى تكذيبه من غير أن يتدبّروا ما فيه ، أو يقفوا على ما احتوى عليه من الأدلة والبراهين والحقائق ] ( [344] ) 

 

 

 

 

 

 

 

توصيات

1- نوصي كل من يحارب التصوف بصورة عامة ، تقليداً لغيرهـم من غير اطلاع والرجوع إلى المصادر ، أن يراجع موقفه ، ويتجرد من كل هوىً ، وتعصب ، ويبحث الموضوع بحياد تام ، بحثاً عن الحق ، والحقيقة ، أين كانت .

2- تأليف كتب ، وكتابة رسائل علمية عن الموضوع ، من قبل مؤلفين جادّين ، حياديّين .

3- إنشاء معاهد وكليات ، يقوم عليها علماء مسلمون ، متقون ، عملهم تنقية التصوف مما شابه من الشوائب ، والشطحات ، والخزعبلات .

 

 

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

 

 

 

                                          الجمعة 

3 / شوال / 1440 هـ

7 / 6 / 2019

 

 

 

فهرس المصادر

 

1 – القرآن الكريم

2 - التعريفات – الشريف الجرجاني  ،  ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر ، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت –لبنان ، الطبعة: الأولى 1403هـ -1983م عدد الأجزاء: 1  .

3 - معجم اللغة العربية المعاصرة : د أحمد مختار عبد الحميد عمر (المتوفى: 1424هـ) بمساعدة فريق عمل الناشر: عالم الكت الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م عدد الأجزاء: 4 .

4 - مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين،  ابن قيم الجوزية ، المحقق: محمد المعتصم بالله البغدادي، الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة، 1416 هـ - 1996م، عدد الأجزاء: 2  .

5 - الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية – الدكتور يوسف خطار ، دار التقوى ، سوريا ، دمشق ، تاريخ الطبع : 1433 هـ - 2012 م  .

6 - إيقاظ الهمم في شرح الحِكَم – إبن عجيبة ، إعتنى به : الدكتور علي أبو الخير ، دار الخير ، الطبعة الأولى : 1426 هـ - 2005 م .

7 - مجموع الفتاوى – إبن تيمية ، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية ، عام النشر: 1416هـ/1995م .

8 - الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري ، تحقيق وتعليق : الشيخ عبدالحليم محمود ، دار الخير – بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى : 1423 هـ - 2003 م .

9 - إحياء علوم الدين : أبو حامد الغزالي : دار المعرفة – بيروت، عدد الأجزاء: 4 .

10 - طبقات الصوفية : محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم النيسابوري، أبو عبد الرحمن السلمي (المتوفى: 412هـ)، المحقق: مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1419هـ 1998م، عدد الأجزاء: 1  .

11 -   مُصنف ابن أبي شيبة : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (159 ـ 235 هـ) ، تحقيق : محمد عوامة .

12 - مسند أحمد بن حنبل : أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني ، (المتوفى : 241هـ) ، المحقق : السيد أبو المعاطي النوري ، الناشر : عالم الكتب – بيروت ، الطبعة : الأولى ، 1419هـ ـ 1998 م.

13 - مسند الإمام أحمد بن حنبل : أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني : مؤسسة قرطبة – القاهرة - تعليق شعيب الأرنؤوط .

14 - شرح مشكل الآثار : أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ)  تحقيق: شعيب الأرنؤوط : مؤسسة الرسالة ، الطبعة: الأولى - 1415 هـ، 1494 م .

15 - الاعتصام - أبو إسحاق ، إبراهيم بن موسى بن محمد ، اللخمي ، الغرناطي ، المالكي ، الشهير بالشاطبي ، ( المتوفى 790 هـ ) ، تحقيق: سليم بن عيد الهلالي ، دار ابن عفان، السعودية ، الطبعة: الأولى، 1412هـ - 1992م .

16 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) ، الناشر: السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974م .

17 - الجامع الصحيح المختصر : محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي ، دار ابن كثير، اليمامة – بيروت ، الطبعة الثالثة، 1407 – 1987 ، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا .

18 - صفة الصفوة : جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) ، المحقق: أحمد بن علي، الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر ، الطبعة: 1421هـ/2000م .

19 -  الرسول – سعيد حوى ، دار السلام – مصر – القاهرة – الطبعة السابعة – 1425 هـ - 2005 م .

20 - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج : أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) : دار إحياء التراث العربي – بيروت ، الطبعة: الثانية، 1392 .

21 -  إكمال المعلم شرح صحيح مسلم - للقاضي عياض : العلامة القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي 544 هـ .

22 -  مذكرات الدعوة والداعية – حسن البنا ، مكتبة آفاق – الكويت ، طبعة أولى : 1433 – 2012 م .

23 -  مائة سؤال عن الإسلام – محمد الغزالي ، إشراف عام : داليا محمد إبراهيم ، شركة نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة الرابعة – يوليو 2005 م  . 

24 - جامع البيان في تأويل القرآن : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، المحقق: أحمد محمد شاكر ، الناشر: مؤسسة الرسالة ، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م .

25 -  الخشوع في الصلاة : أبو لطفي، محمَّد بن لطفي، بن عبد اللطيف، بن عمر الصبَّاغ ، الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة - مصر، دار الوراق للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية ، الطبعة: الثالثة، 1419 هـ - 1999 م .

26 -  الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة - مفهوم، وفروق، وفضائل، وعلم، وعمل، وفوائد، وأسباب، وآداب، وأحكام : د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني ، الناشر: مطبعة سفير، الرياض .

27 -  مختصر منهاج القاصدين – ابن قدامة المقدسي .

28 - التفسير الوسيط للقرآن الكريم : مجموعة من العلماء بإشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ، الناشر: الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية الطبعة: الأولى، (1393 هـ = 1973 م) - (1414 هـ = 1993 م .

29 -    تيسير التفسير : إبراهيم القطان (المتوفى: 1404هـ) .

30 – مقدمة ابن خلدون – ابن خلدون .

31 – معراج التشوف إلى حقائق التصوف – أحمد بن محمد ( ابن عجيبة ) الحسني ، ( 1161 هـ - 1224 هـ ) .

32 - المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت ، عدد الأجزاء: 5 .

33 - الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه

: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله ، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر ، الناشر: دار طوق النجاة ، الطبعة: الأولى 1422هـ  .                                                                          

 

 

 

 

فهرس المواضيع

الموضوع                                             الصفحة

مقدمة   ..........................................        1

معنى العبادة  .....................................       1

مهمة الإنسان في الأرض    .....................      2

العبادة وسيلة    ...................................      2

والعبادات غاية    ..................................     4

سبب إختياري البحث   ............................     6

محاربة حقيقة التصوف   ..........................    7

تشويه التصوف    ...................................   8

أهمية البحث     .....................................    8

بدون حقيقة التصوف    ........................ ....   9

المبحث الأول

ماهية التصوف    ..................................   11

المطلب الأول

التصوف : تعريفه ونشأته  

تعريفه       .........................................   12

تعريف الشريف الجرجاني      .....................  12

تعريف الإمام إبن عجيبة  ...........................  14

تعريف الإمام الغزالي    ............................  15

تعريف الحافظ إبن القيّم   ...........................  16

تعريف التصوف لغة ؟    ..........................   19

نشأة التصوف    ................................     20

قول إبن خلدون   ...............................     21

قول إبن تيمية   .................................     22

المطلب الثاني

شروط التصوف   ..............................     23

الشروط عند الجنيد   ............................    24

أصول التصوف عند التستري ...................   25

الداراني ونُكَت القوم  ............................   25

الصحبة عند الحيري   ...........................   25

شروط الفراسة عند الكرماني  ....................  26

شروط الحق عند الخراز   ........................  26

أعداء التصوف يُحارب ماذا ؟ ....................  27

لا مشاحة في الإصطلاح  ........................   27

المطلب الثالث

أقسام المتصوفين  ................................   29

صوفية الحقائق   .................................   29

صوفية الأرزاق  .................................   31

إزالة الإشكال بين الحديثين ......................   32

الإسلام يسع الناس جميعاً .........................  34

صوفية الرسم   ....................................  35

المبحث الثاني

نماذج من حياة الصالحين  ......................... 37

 

المطلب الأول

نماذج من حياة المتصوفين  .......................  38

إبراهيم بن أدهم   ..................................  39

على عنقي ! ......................................... 39

فتأمر لنا به ؟  ......................................  40

مَن يريد يطحن ؟  ..................................  40

اللهم لا تَنْسَ هذا اليوم لإبراهيم ..................... 41

قد أبْرَرتُ يمينك  .................................... 42

فلم يأخذ سهماً ، ولا نفلاً  ........................... 42

أصحاب النفوس الرفيعة الأبية ...................... 43

لا نبتاع التين بالدِّيِن  ................................ 43

فاقضِ بها دَينك   ...................................  44

وهو وأصحابه قيام على رؤسنا

يسقوننا الماء   ....................................... 44

أبو عبد الله الحارث بن أسد

المحاسبي  ..........................................  46

الورع  ..............................................  47

التبجح بدل الإعتراف

بالتقصير  ..........................................  47

حتى أحبه  .........................................  48

المحاسبي قدوة  ...................................  49

مَن صحح باطنه  ................................   50

 

بيني وبين الله سبحانه

علامة   ..........................................   50

أبو سليمان الداراني ..............................  52

يكافيء الله تعالى عباده

المتقين   .........................................   52

لا يجتمع حب الدنيا وحب الآخرة

في قلب واحد  ..................................   53

شاهدين عدلين  .................................   53

أفضل الأعمال  .................................   54

علامة الخذلان ترك

البكاء  ..........................................    54

شبع البطن سبب لصدأ

القلب  ..........................................    55

كل ما شغلك عن الله تعالى

فهو عليك مشئوم ................................  56

وأنا أُرَبى لك في

الخدور  ..........................................  56

إبراهيم الخواص ................................  58

العالِم هو الذي يعمل بعلمه ،

ويقتدي بالسنن  ..................................  58

دواء القلب  ......................................  59

ملاحظات   ....................................... 60

 

المطلب الثاني

ومضات من حياة الخلفاء

الراشدين ، والصحابة  ...........................  62

أبو بكر الصدّيق   ................................  63

ورعه وخشيته   ..................................  63

أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً  ...................  64

خليفة يسعى لإطعام أهله !  ......................  64

بلى لأحلبنها لكم !   ..............................  65

وعجل أن ينيخ راحلته فنزل عنها

وهي قائمة !   ....................................  65

عمر بن الخطاب   ...............................  67

ملهمون   .........................................  67

فما زال عليه حتى تقطع   ......................  67

أخذ بخطام راحلته وخاض المخاضة ..........  68

يُخرج عني الأذى    ...........................  69

الدنيا في عين الخليفة  .........................  69

حرّم على نفسه السَّمْنَ   .......................  70

يبكي حتى يسقط   .............................  70

عباداته    ......................................  71

جالِسُوا التّوابينَ  ...............................  71

عثمان بن عفان   ..............................  73

كثرة صلاته بالليل وقراءته القرآن  ..........  73

يصوم الدهر   .................................  73

كأنه أحدهم   ...................................  74

عليه إزار ثمنه أربعة دراهم ، أو

خمسة دراهم   .................................  74

يطعم الناس طعام الإمارة ، وهو

يأكل الخل والزيت !  ..........................  75

إخترتُ أن أكون رماداً !  .....................  75

بكى حتى يبل لحيته   .........................  76

علي بن أبي طالب   ..........................  77

يكنس بيت المال ثم يصلي فيه ...............  77

عليه سمل قطيفة   ............................  77

إشترى قميصاً بأربعة دراهم .................  77

الدنيا جيفة   ...................................  77

قميص كرباس   ..............................  77

يا صفراء ويا بيضاء غُري غيري ..........   78

قميص بثلاثة دراهم ...........................  79

لو كان عندي ثمن إزار ما بِعته  .............  79

طلحة بن عبيد الله  ............................  80

ذلك كله يوم طلحة  ...........................  80

المال الذي عندي قد كثر وأكرَبَني ...........  80

عبد الله بن مسعود  ...........................  81

صفات حامل القرآن   ........................  81

سالم مولى أبي حذيفة  ......................  82

كان شديد الحب لله عز وجل  ..............  82

المطلب الثالث

مشاعل من سيرة النبيّ r  ..................  83

حتى تتفطر قدماه  ............................  83

حتى هممت بأمر سوء  ......................  83

قيامه r وركوعه وسجوده سواء ...........  84

فقدته r من الفراش  ........................  84

ويصوم حتى نظن أن لا يفطر

منه شيئاً   ....................................  84

كان r يعتكف ويحيي الليل .................  85

فإذا عيناه r تذرفان  ........................  86

يذكر الله r على كل أحيانه .................  86

أتصدّق مثل أُحد ذهباً  .......................  87

ما يجد r من الدقل ما يملأ

به بطنه   .....................................  87

والله ما قال لي أُفاً قط  .......................  87

نذير قوم أتاهم العذاب  ......................   88

المبحث الثالث

منبع التصوف  ...............................  90

المطلب الأول

نبع القرآن الكريم  ............................  91

الغاية هي الوصول إلى القلب السليم ........  91

التهجد وقيام الليل مدرج

إلى المقام المحمود   ........................  91

قليلاً من الليل ما يهجعون ..................  92

تتجافى جنوبهم عن المضاجع ..............  92

قم الليل إلا قليلاً  ............................  92

الخشوع لله تعالى  ..........................  93

الصبر والصلاة  ............................  94

أغنياء من التعفف  ..........................  94

فاذكروني أذكركم  ..........................  95

فاذكروا الله كذكركم آباءكم

أو أشدَّ ذكراً  .................................  96

فاذكروا الله قياماً وقعوداً .....................  96

فاذكروا آلاء الله  .............................  97

واذكر ربّك في نفسك

تضرعاً وخيفة ...............................  98

بذكر الله تطمئن القلوب  ....................  98

أحق بكل تعظيم   ............................  98

دأب الأنبياء والصالحين   ...................  98

لعلك ترضى   ................................  99

عباد الرحمن  .................................  99

القدوة الحسنة   ...............................  99

أوامر الله تعالى لعباده ، بذكره

والتسبيح له  .................................. 100

ألَمْ يَأْنِ للذين آمنوا أن

تخشع قلوبهم  .................................  101

لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم

عن ذكر الله   .................................  102

المطلب الثاني

نبع السنة النبوية   ............................  103

يظلهم الله في ظله يوم

لا ظل إلا ظله   ..............................  103

لا تلهيهم تجارة ولا بيع

عن ذكر الله   .................................  103

هُمُ الجلساء لا يشقى بهم جليسُهُم .............  104

كنز الجنة  .....................................  105

مثَلُ الحيّ والميت  ............................  105

يذكرني   ......................................  106

سبق المُفَرّدون  ...............................  106

إن المكثرين هم المقلون  .....................  107

بشّر الكانزين برضفٍ   ......................  107

ذلك مالٌ رابح   ...............................  108

اللهم أَعْطِ منفقاً خلفاً ، واعْطِ

مُمْسِكاً تَلَفاً   ...................................  108

فَيُرَبّيها   .......................................  109

أي الأعمال أفضل ؟   ........................  110

ثم أغزو فأُقتَلُ ، ثم أغزو فأُقْتل ..............  110

فإنه يتمنى أن يرجع  ..........................  111

لا يفتُر   .......................................  112

نسأل أعداء التصوف  ........................  112

ونسأل أدعياء التصوف   .....................  112

المبحث الرابع

آراء معتدلة في التصوف  ....................  114

الحافظ ابن تيمية  ..............................  115

الإمام الشاطبي  ................................  116

الإمام الشهيد حسن البنا  ......................  117

الشيخ محمد الغزالي  ..........................  118

المبحث الخامس

التصوف هو التطبيق العملي للإسلام .........  122

الإحسان في الصلاة  ...........................  123

المبحث السادس

الداء والدواء  ...................................  128

الفرق بين التوسل والإستغاثة  .................  132

الإستغاثة   ......................................  132

الوسيلة   ........................................  133

ما اتفق عليه العلماء   ..........................  134

التوسل المختلف فيه بين العلماء  ..............  138

الردّ على الحافظ ابن تيمية ، رحمه الله .......  139

المعاقب على ذلك معتد جاهل ظالم ...........  140

فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول r .......  141

خلاف فقهي  ...................................  141

الفرق بين صوفية الحقائق

وصوفية الرسم  ................................  143

فلا يشهد غير الله  ..............................  144

لا فاعل إلا الله تعالى  ..........................  145

الشيطان يبتغي أن يطرق إلى

قلبك شائبة الشرك   ............................  145

المحرك الأول الذي لا محرك له

ولا هو متحرك  ................................  146

المهلكة الثانية  ..................................  146

عند هذا زلّ أقدام الأكثرون  ...................  147

ما أنصفتني   ..................................   147

أدعياء التصوف   ..............................  150

تعلق مسجون بمسجون  .......................  150

يتنافسون في القرب من ربهم .................  151

المتصوف الحقيقي حساس ....................  152

سبحانه وتعالى عما يشركون .................. 153

لم يكن له شريك في الملك ولم

يكن له وليّ من الذّل ........................... 153

فليستجيبوا لي  ................................. 154

أما الأدعياء  ..................................  154

الخاتمة    .....................................  155

الإستنتاجات  ....................................  156

توصيات    .....................................  158

فهرس المصادر  ...............................  159

فهرس المواضيع  ..............................  163



([1]) سورة الذاريات : 56 .

([2]) سورة البقرة : 38 – 39 .

( [3] ) صحيح مسلم ، كتاب الزكاة، باب بيان أن إسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف ، ( 2 / 697 ) ، حديث :53.

([4]) سورة البقرة : 30 .

([5]) سور هود : 61 .

([6]) سورة المزمل : 1 – 5 .

([7]) في ظلال القرآن – سيد قطب ( 6 / 3744 ) .

([8]) في ظلال القرآن ( 6 / 3745 ) .

([9]) سورة طه : 14 .

([10]) سورة البقرة : 183 .

([11]) سورة التوبة : 103 .

([12]) سورة الحج : 27 – 28 .

([13]) سورة الأنفال : 45 . وسورة الجمعة : 10 .

([14]) سورة الحج : 41 .

([15]) سورة النور : 55 .

([16]) سورة الذاريات : 56 .

([17]) سورة المؤمنون : 1 – 2 .

( [18] ) صحيح البخاري ، كتاب الإيمان ، باب فضل من استبرأ لدينه ، ( 1 / 28 ) ، حديث : 52 . وصحيح مسلم ، كتاب المساقاة ، باب أخذ الحلال وترك الشبهات ،  ( 3 / 1219 ) ، حديث : 107 .

([19]) العالم العارف أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة اللنجري التطواني ، صاحب التفسير الشهير في أربع مجلدات ضخمة ، وحاشية الجامع الصغير للسيوطي ، وشرح البردة والهمزية ، والأربعين حديثاً في الأصول والفروع ، وطبقات الفقهاء المالكية إلى زمانه على ترتيب وجودهم ، وشرح الحصن وتأليف في الأذكار النبوية ، وغير ذلك . ولادته كانت سنة 1161 هـ ، مات عند إسفار يوم الأربعاء 7 شوال عام  1224هـ بالطاعون رحمه الله تعالى . اليواقيت الثمينة: 70 ومعجم سركيس: 170 ،   ( فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات ) : محمد عَبْد الحَيّ بن عبد الكبير ابن محمد الحسني الإدريسي، المعروف بعبد الحي الكتاني (المتوفى: 1382هـ)، المحقق: إحسان عباس : دار الغرب الإسلامي - بيروت الطبعة: 2، 1982 ( 2 / 854 ) .

( [20] )  معراج التشوف إلى حقائق التصوف – أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة اللنجري التطواني ، ص 1 .

( [21] ) وهو يَحْدث إذا لم يعترف المسلم ، ويعمل بحقيقة التصوف .

([22]) صحيح البخاري .

( [23] ) الفاضل العلامة السيد الشريف على بن محمد ابو الحسن الجرجاني ، المحقق الحنفي ولد بجرجان سنة 740 والمتوفى بشيراز سنة 816 ، وله من المصنفات منها : التعريفات ، الاشارات والتنبيهات ،الفية في المعمى والالغاز ،تعليقة على عوارف المعارف  للسهروردي ،تفسير الزهراوين ( البقرة وآل عمران ) ،  حاشية على اوائل التلويح للتفتازاني ، وغيرها .

( [24] ) التعريفات – الشريف الجرجاني  ،  ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر ، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت –لبنان ، الطبعة: الأولى 1403هـ -1983م عدد الأجزاء: 1  ، ص 59 – 60  .

( [25] ) معجم اللغة العربية المعاصرة : د أحمد مختار عبد الحميد عمر (المتوفى: 1424هـ) بمساعدة فريق عمل ، الناشر: عالم الكتب الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م عدد الأجزاء: 4 ( 2 / 1336 ) .

([26] ) معراج التشوف إلى حقائق التصوف – ابن عجيبة ، ص 4 .

([27] ) سورة الشعراء : 88 – 89 .

([28] ) الشَّيْخُ الإِمَامُ البَحْر، حجَّةُ الإِسْلاَم، أُعجوبَة الزَّمَان، زين الدين أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الطُّوْسِيّ، الشَّافِعِيّ، الغَزَّالِي، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَالذَّكَاءِ المُفرِط . . . تَفقَّه بِبَلَدِهِ أَوَّلاً، ثُمَّ تَحَوَّل إِلَى نَيْسَابُوْرَ فِي مُرَافقَة جَمَاعَة مِنَ الطَّلبَة، فَلاَزمَ إِمَامَ الحَرَمَيْنِ، فَبَرع فِي الفِقْه فِي مُدَّة قَرِيْبَة، وَمَهَر فِي الكَلاَمِ وَالجَدَل، حَتَّى صَارَ عينَ المنَاظرِيْنَ . . . وَعَظُمَ جَاهُ الرَّجُل، وَازدَادت حِشمتُه بِحَيْثُ إِنَّهُ فِي دسْت أَمِيْرٍ، وَفِي رُتْبَةِ رَئِيْسٍ كَبِيْر، فَأَدَّاهُ نَظرُه فِي العُلُوْم وَمُمَارستُهُ لأَفَانِيْنِ الزُّهْديَات إِلَى رفض الرِّئَاسَة، وَالإِنَابَة إِلَى دَارِ الْخُلُود، وَالتَأَلُّه، وَالإِخلاَصِ، وَإِصْلاَحِ النَّفْس، فَحجَّ مِنْ وَقته، وَزَار بَيْت المَقْدِسِ، وَصَحِبَ الفَقِيْهَ نَصْرَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بِدِمَشْقَ، وَأَقَامَ مُدَّةً، وَأَلَّف كِتَاب "الإحياء"، وكتاب "الأَرْبَعِيْنَ"، وَكِتَاب "القِسطَاس"، وَكِتَاب "مَحكّ النَّظَر". وَرَاض نَفْسَه وَجَاهدهَا، وَطرد شيطَانَ الرُّعونَة، وَلَبِسَ زِيَّ الأَتقيَاء، ثُمَّ بَعْدَ سنواتٍ سَارَ إِلَى وَطنه، لاَزماً لِسَنَنه، حَافِظاً لِوَقْتِهِ، مكباً عَلَى العِلْم. . . تُوُفِّيَ يَوْم الاثْنَيْنِ رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْس مائَة، وَلَهُ خَمْس وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة الطَّابرَان قصبَة بِلاَدِ طُوْس (أنظر : سير أعلام النبلاء : شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى : 748هـ) ، المحقق : مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط : مؤسسة الرسالة ، الطبعة : الثالثة ، 1405 هـ / 1985 م ،  14 / 267 – 278 ) . 

( [29] ) إحياء علوم الدين : أبو حامد الغزالي : دار المعرفة – بيروت، عدد الأجزاء: 4 ، ( 2 / 250 ) .

( [30] ) الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية – الدكتور يوسف خطار ، دار التقوى ، سوريا ، دمشق ، تاريخ الطبع : 1433 هـ - 2012 م ،  ص 28 ، وهو عن : حكايا الصوفية ص 25 – 26 .

( [31] ) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُّرعي الدمشقي، أبو عبد الله، شمس الدين ، أحد كبار العلماء( 691 – 751 هـ ) مولده ووفاته في دمشق، تتلمذ لشيخ الإسلام ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شيء من أقواله، بل ينتصر له في جميع ما يصدر عنه. وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه، وسجن معه في قلعة دمشق، وأهين وعذب بسببه ، حسن الخلق محبوباً عند الناس، أغري بحب الكتب، فجمع منها عدداً عظيماً، وكتب بخطه الحسن شيئاً كثيراً، وألف تصانيف كثيرة منها (إعلام الموقعين) ، و (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ) ، و ( شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ) ، وغيره .

( [32] )  مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين،  ابن قيم الجوزية ، المحقق: محمد المعتصم بالله البغدادي، الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة، 1416 هـ - 1996م، عدد الأجزاء: 2 ، ( 2 / 301 ) .

( [33] ) هو أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخزاز ، كان أبوه يبيع الزجاج ، فلذلك كان يقال له القواريري أصله من نهاوند ، ومولده ومنشؤه بالعراق . . . وكان فقيها ، تفقه على أبي ثور ، وكان يفتي في حلقته ، وصحب السري السقطي ، والحارث المحاسبي ، ومحمد بن القصاب البغدادي ، وغيرهم ، وهو من أئمة القوم ، وسادتهم ، مقبول على جميع الألسنة ،

 توفي سنة سبع وتسعين ومائتين . . . قيل توفي في آخر ساعة من يوم الجمعة ، ودفن يوم السبت . (طبقات الصوفية : أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد الأزدي ، سنة الولادة 10/جمادى الاخرة/325هـ/ سنة الوفاة 3/شعبان/412هـ ، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا ، الناشر دار الكتب العلمية : 1419هـ 1998م ، بيروت ، ص 129 ) .

( [34] ) القائل هو  أبو محمد الجريري ، رحمه الله ، من كتاب : ( الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية – الدكتور يوسف خطار - الأزدي ، ص 30 .

والجريري هو : أبو محمد أحمد بن محمد بن الحسين الجريري ، كان من كبار أصحاب الجنيد ، وصحب أيضا سهل بن عبد الله التستري ، وهو من علماء مشايخ القوم ، أقعد بعد الجنيد في مجلسه لتمام حاله وصحة علمه ،  مات سنة إحدى عشرة وثلاثمائة . ( أنظر : طبقات الصوفية - الأزدي ، ص 203 ) . وقد روي عن أبي القاسم الجنيد رحمه الله ، أيضا ، حيث قال : [  الْخُرُوجُ عَنْ كُلِّ خُلُقٍ دَنِيٍّ , وَالدُّخُولُ فِي كُلِّ خُلُقٍ سُنِّيٍّ ] (  حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) ، الناشر: السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974م ، ( 1 / 22 ) ) .

( [35] ) القائل هو أبو القاسم الجنيد ، رحمه الله . [ أي أن تعتقد ؛ أنك فقير على وجه الحقيقة ، لا تملك شيئاً ، والله سبحانه وتعالى هو المالك الحقيقي ] من كتاب : الموسوعة اليوسفية – يوسف خطار ، ص 30 .

( [36] ) القائل هو : أبو القاسم الجنيد ، رحمه الله . ( معراج التشوف إلى حقائق التصوف – أبن عجيبة ، ص 2 )

( [37] ) إيقاظ الهمم في شرح الحِكَم – ابن عجيبة ، اعتنى به : الدكتور علي أبو الخير ، دار الخير ، الطبعة الأولى : 1426 هـ - 2005 م ،     ص 12 .

( [38] ) معراج التشوف إلى حقائق التصوف – ابن عجيبة ، ص 2 .

( [39] ) هو أبو القاسم عبدالكريم بن هوازن القشيري ، النيسابوري ، الشافعي ، الفقيه ، المتكلم ، الأصولي ، المفسر ، الأديب ، النحوي ، الكاتب ، الشاعر ،  وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ . . . قَالَ السَّمْعَانِيّ: شَيْخٌ ظرِيف، مَسْتُوْرُ الحَال، سلِيمُ الجَانب، غَيْرُ مدَاخِل لِلأُمُوْر، رباهُ أَخُوْهُ أَبُو نَصْرٍ، وَحَجَّ مَعَهُ، وَخَرَجَ ثَانِياً، فَأَقَامَ بِبَغْدَادَ، وَمَضَى إِلَى كِرْمَان . . .  وَقَالَ ابْنُ النَّجَّار: لزم البَيْت، وَاشْتَغَل بِالعِبَادَة، وَكِتَابَةِ المَصَاحِف، وَكَانَ لطيفَ المُعَاشرَة، ظرِيفاً كَرِيْماً ( أنظر : سير أعلام النبلاء – الذهبي   19 / 624  ) . من كتبه : الرسالة القشيرية ، لطائف الإشارات –  وهو في تفسير القرأن ، والفتوى ، والمعراج ، وشكاية أهل السنة ، وغيرها .  ( الرسالة القشيرية – أبو قاسم القشيري ، تحقيق وتعليق : الشيخ عبدالحليم محمود ، دار الخير ، دمشق – سوريا ، الطبعة الأولى : 1423 هـ - 2003 م ،  ص : ل ) .

( [40] ) الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري  ، ص 426 .

( [41] ) هو مُحَمَّد بْن أعز بْن عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سعد البكري أَبُو عَبْد اللَّه الصوفي السهروردي البغدادي الدار: من أبناء المشايخ، سمع جده إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْدِيّ وأبا سعد أَحْمَد بْن مُحَمَّد البغدادي وأبا الوقت. ولد فِي سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وتوفي في شوال سنة سبع وستمائة . تاريخ بغداد وذيوله

1- تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي

2- المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي، للذهبي

3 - ذيل تاريخ بغداد، لابن النجار

4 - المستفاد من تاريخ بغداد، لابن الدمياطي

5- الرّد على أبي بكر الخطيب البغدادي، لابن النجار

المؤلف: أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا

الطبعة: الأولى، 1417 هـ

عدد الأجزاء: 24 ، ( 15 / 16 – 17 ) .

وسهرورد : كلمة مركبة من ( سهر ) بمعنى أحمر بالكردية و( ورد ) بمعناها العربي أي الوردة الحمراء ، والتركيب من باب إضافة الصفة إلى الموصوف . ( هامش الموسوعة اليوسفية – يوسف خطار ص 28 ) .

( [42] ) الموسوعة اليوسفية – يوسف خطار ص 28 .

( [43] ) عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي (732 هـ - 808 هـ ) مؤرخ عربي، تونسي المولد أندلسي الأصل و عاش في أقطار شمال أفريقيا، رحل إلى بسكرة و فاس، و غرناطة، و بجاية و تلمسان، و الأندلس، كما تَوَجَّهَ إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق ، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 808 هـ عن عمر بلغ ستة وسبعين عامًا و دُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركا تراثا ما زال تأثيره ممتدا حتى اليوم ، و يعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث . من كتبه :  تاريخ ابن خلدون. وكتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. وشفاء السائل لتهذيب المسائل، نشره وعلق عليه أغناطيوس عبده اليسوعي. ومقدمة ابن خلدون . وغيره من الكتب . ( المصدر : ويكيبيديا – الأنترنيت )

( [44] ) مقدمة ابن خلدون ( 1 / 280 – 281 ) .

( [45] ) هو أحمد تقي الدين أبو العباس بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني ، الشيخ الإمام ، العالم، المفسر، الفقيه، المجتهد، الحافظ، المحدث، شيخ الإسلام، نادرة العصر، ذو التصانيف الباهرة، والذكاء المفرط ، ولد رحمه الله يوم الاثنين، عاشر، وقيل: ثاني عشر من ربيع الأول سنة 661هـ. في حرّان . توفي  في ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة من سنة (728هـ) بقلعة دمشق التي كان محبوساً فيها، ومن أبرز كتبه ما يلي: الاستقامة . اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم . بيــان تلبيـس الجهمية . الجــواب الصحيح لمـن بدل دين المسيح  وغيره . ( ينظر : شذرات الذهب في أخبار من ذهب : عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العمـاد العَكري الحنبلــي، أبو الفلاح (المتوفى: 1089هـ) ، حققه: محمود الأرناؤوط ، خرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط : دار ابن كثير، دمشق - بيروت

الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م ( 8 / 143 )  .

( [46] ) مجموع الفتاوى – إبن تيمية ، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية ، عام النشر: 1416هـ/1995م ، ( 11 / 16 ) .

( [47] ) سير أعلام النبلاء – الذهبي ( 11 / 44 ) .

( [48] ) أحد أئمة القوم وعلمائهم ، والمتكلمين في علوم الرياضات ، والإخلاص ، وعيوب الأفعال ، صحب خاله محمد بن سوار ، وشاهد ذا النون المصري سنة خروجه إلى الحج بمكة  ، توفي سنة ثلاث وثمانين ، وقيل سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، وأظن أن ثلاثا وثمانين أصح ، والله أعلم ، وأسند الحديث . (  طبقات الصوفية : محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم النيسابوري، أبو عبد الرحمن السلمي (المتوفى: 412هـ) ، المحقق: مصطفى عبد القادر عطا : دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1419هـ 1998م 1 /  166 - 167  ) .

( [49] ) طبقات الصوفية – السلمي  ( 1 / 170 ) .

( [50] ) هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَطِيَّة وَيُقَال عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَطِيَّة، وَهُوَ من أهل داران قَرْيَة من قرى دمشق وَهُوَ عنسي ، مَاتَ سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ رحمه الله تعالى  . انظره في ( طبقات الصوفية ) للسلمي (ص74).

( [51] ) طبقات الصوفية – السلمي  ، ص 76 .

( [52] ) أصله من الري ، صحب قديما يحيى بن معاذ الرازي ، وشاه بن شجاع الكرماني ، ثم رحل إلى نيسابور إلى أبي حفص ، وصحبه ، وأخذ عنه طريقته ،  وهو في وقته من أوحد المشايخ  في سيرته ، ومنه انتشر طريقة التصوف بنيسابور . . . مات أبو عثمان ، بنيسابور سنة ثمان وتسعين ومائتين ( أنظر : طبقات الصوفية – السلمي  ، ص 140 ) .

( [53] ) الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري ص 75 .

( [54] ) كان من أولاد الملوك ، صحب أبا تراب النخشبي ، وأبا عبد الله بن الذراع البصري ، وأبا عبيد البسري ، وكان من أجلة الفتيان ، وعلماء هذه الطبقة ، وله رسالات مشهورة ، والمثلثة التي سماها مرآة الحكماء ، ورد نيسابور في زيارة أبي حفص ومعه أبو عثمان الحيري ، ومـات قبل الثلاثمائة ، ويقـال إن أصله مـن مرو ( طبقات الصوفية – السلمي ص 156 ) .

( [55] ) الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري ص 85 .

( [56] ) هو من أهل بغداد ، صحب ذا النون المصري ، وأبا عبد الله النباجي ، وأبا عبيد البسري ، وصحب أيضا سريا السقطي ، وبشر بن الحارث ، وغيرهم ،  وهو من أئمة القوم ، وجلة مشايخهم ، قيل إنه أول من تكلم في علم الفناء والبقاء ، مات سنة تسع وسبعين ومائتين ، وأسند الحديث ( طبقات الصوفية – السلمي ص 183  .

( [57] ) طبقات الصوفية – السلمي ص 185 .

([58]) سورة النساء : 69 .

([59] ) مجموع الفتاوى – ابن تيمية ، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية ، 1416هـ/1995م ، ( 11 / 16 – 17 ) .

[60] سورة فاطر : 32 .

( [61] ) الوقف في اللغة هو الحبس والمنع، وقد عرف الوقف (اصطلاحا) بعض الشافعية بقولهم :"هو حبس مال يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه، على مصرف مباح".والوقف نوعان: "وقف خيرى" يتعلق بالجانب الخيرى لصالح الناس عموما وهو ما ورد فيه حديث للرسول( r ) عن "الصدقة الجارية" التي يستمر ثوابها حتى بعد ممات صاحب الصدقة.أما النوع الآخر فهو "الوقف الأهلى(الذرى)" الذي يوقفه المرء لصـالح ذريته من بعده للانتفاع بها. ( المصدر : ويكيبيديا – الانترنيت ) .

( [62] ) الخانقاه (معرب فارسية: خانگاه) هو المكان الذي ينقطع فيه المتصوف للعبادة، اقتضت وظيفتها أن يكون لها تخطيط خاص، فهى تجمع بين تخطيط المسجد والمدرسة ويضاف إلى هذين التخطيطين الغرف التي يختلى أو ينقطع بها المتصوف للعبادة والتي عرفت في العمارة الإسلامية باسم الخلاوى. في العصر المملوكي اطلقت كلمة خانقاه على المجموعات الدينية الكاملة للسلاطين مثل خانقاه السلطان بيبرس الجاشنكير ومسجد الأشرف برسباي وضريحه بقرافة المماليك.

يفصل المقريزي شرح الخوانك:

   خانقاه : الخوانك جمع خانكاه وهى كلمة فارسية معناها بيت الأكل وقيل أصلها خونقاه أى الموضع الذى يأكل فيه الملك... والخوانك نشأت في الإسلام في حدود القرن الرابع للهجرة وجعلت لتخلى الصوفية فيها لعبادة الله تعالى. أما في مصر فلم تظهر الخوانق إلا في القرن السادس الهجرى وكانت العمارة الإسلامية قد بدأت ببنــاء المسـاجـد والأربطـة فالمدارس والمصليـات والخوانـق والأســبلة والتكـايـا . ( المصدر : ويكيبيديا – الانترنيت ) .

( [63] ) مجموع الفتاوى ( 11 / 19 ) .

( [64] ) مُصنف ابن أبي شيبة : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (159 ـ 235 هـ) ، تحقيق : محمد عوامة. (5 / 335 ) . و مسند الإمام أحمد بن حنبل : أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني : مؤسسة قرطبة – القاهرة - تعليق شعيب الأرنؤوط ، وقال : حديث صحيح ( 3 / 56 ) .

( [65] ) أخرجه الإمام أحمد في مسنده : حديث : 5022 . و الإمام الترمذي في سننه : حديث : 2507 وحكم الشيخ الألباني بأنه : صحيح . و الإمام ابن ماجه في سننه : حديث : 4032 ، وحكم الشيخ الألباني بأنه : صحيح . و الإمام الطبراني في معجمه الكبير :  حديث : 13831 . و الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه : ( 21 / 377 ) . وغيرهم .

([66]) مصنف ابن أبي شيبة ( 8 / 142 ) ، و المستدرك على الصحيحين ( 1 / 482 ) ، و الترمذي في سننه ، وقال : هذا حديث حسن صحيح ( 4 / 144 ) . وغيرهم .

[67]  قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري، وأخرجه الطيالسي"73" عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 1/58، والبخاري "5027" في فضائل القرآن: باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وأبو داود "1452" في الصلاة: باب ثواب قراءة القرآن، والترمذي "2907" في ثواب القرآن: باب ما جاء في تعليم القرآن، والدارمي 2/437 من طرق عن شعبة، به.  وأخرجه عبد الرزاق "5995" عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، به. وأخرجه أحمد 1/57، والبخاري "5028"، والترمذي "2908"، وابن ماجة "212"، من طرق عن سفيان الثوري بإسناد عبد الرزاق السالف. (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان : محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ) ، ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (المتوفى: 739 هـ) ، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط : مؤسسة الرسالة، بيروت ، الطبعة: الأولى، 1408 هـ - 1988 م ( 1 / 325 ) .

( [68] ) شرح مشكل الآثار : أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ)  تحقيق: شعيب الأرنؤوط : مؤسسة الرسالة ، الطبعة: الأولى - 1415 هـ، 1494 م ، ( 14 / 106 ) .

[69] جامع الترمذي – باب : ومن سورة المائدة – رقم ( 3058 ) ، وقال : هذا حديث حسن غريب . وسنن أبي داود – باب : الأمر والنهي – رقم ( 4341 ) . وسنن ابن ماجه – باب : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم – رقم ( 4014 ) . والمستدرك على الصحيحين للحاكم – مروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر – رقم ( 7993 ) . والمعجم الكبير للطبراني – أبو أمية الشعباني عن أبي ثعلبة – رقم 587 .

( [70] ) شرح مشكل الآثار الطحاوي ( 14 / 106 ) . .

[71] سورة فاطر : 32 .

( [72] ) مجموع الفتاوى ( 11 /  19 – 20 ) .

( [73] ) هو أبو إسحاق ، إبراهيم بن موسى بن محمد ، اللخمي ، الغرناطي ، المالكي ، الشهير بالشاطبي ، ولد ، ونشأ ، وترعرع في غرناطة ، تتلمذ على ، وتتلمذ عليه ، علماء كثيرون ، كان شغوفا بالعلم ، طالبا له ، توفي ، رحمه الله ، يوم الثلاثاء ، شهر شعبان ، سنة 790 هـ ، من أشهر كتبه : الموافقات ، والإعتصام .  ( المصدر : ويكيبيديا – الانترنيت ) .

( [74] ) الاعتصام - الشاطبي ، تحقيق: سليم بن عيد الهلالي ، دار ابن عفان، السعودية ، الطبعة: الأولى، 1412هـ - 1992م ،       ( 1 / 120 – 121 ) .

([75]) سورة فاطر : 32 .

( [76] ) من ملَك ، أو خاطر ، وقع في قلبه ( هامش الرسالة القشيرية ص 31 ، وهو من توضيح الشيخ عبدالحليم محمود ، رحمه الله تعالى ) .

( [77] ) هو : هُوَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ, إِمَامُ الحُفَّاظِ, سَيِّدُ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ فِي زَمَانِهِ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّوْرِيُّ, الكُوْفِيُّ, المُجْتَهِدُ, مُصنِّفُ كِتَابِ "الجَامِعِ". وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ اتِّفَاقاً, وَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ حَدَثٌ . . . ومات سنة ست، وعشرين، ومئة . ( سير أعلام النبلاء – الذهبي 6 / 621 ) .

( [78] ) الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ، اليَرْبُوْعِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ، المُجَاوِرُ بِحَرَمِ اللهِ. وُلِدَ بِسَمَرْقَنْدَ، وَنَشَأَ بِأَبِيْوَرْدَ، وَارْتَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ . . . عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ قَالَ: مَا بَقِيَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنَ الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ. . ( سير أعلام النبلاء – الذهبي 7 / 393 - 394 ) .

( [79] ) طبقات الصوفية – السلمي ( 1 / 35 ) . 

( [80] ) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) ، الناشر: السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974م ، ( 7 / 381 ) .

( [81] ) حلية الأولياء  ( 7 / 372 ) .

( [82] )  المصدر تفسه  .

( [83] ) حلية الأولياء ( 7 / 382 ) .

( [84] )  حلية الأولياء ( 7 / 387 ) .

([85] ) حلية الاولياء ( 7 / 388 ) .

([86] ) حلية الأولياء( 7 / 393 ) .

([87] ) المصدر نفسه ( 7 / 373 ) .

([88] ) المصدر السابق ( 7 / 386 ) .

([89] ) حلية الأولياء ( 7 / 389 ) .

([90] ) طبقات الصوفية – السلمي ( 1 / 58 ) .

([91]) [ أي يقف في مسألة خلق القرآن، فلا يقول مخلوق أو غير مخلوق. وهذا مذهب غير سديد ، فأهل السنة والجماعة يقولون بأن القرآن كلام الله غير مخلوق ]  ( هامش سير أعلام النبلاء 9 / 488 )

([92] )  صفة الصفوة : جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) : دار المعرفة – بيروت ، الطبعة الثانية، 1399 – 1979 ، تحقيق: محمود فاخوري - د. محمد رواس قلعه جي ( 2 / 368 – 369 ) .

([93]) [ هُوَ إِنْكَار علم الله السَّابِق بالحوادث، وَأَن العَبْد هُوَ الَّذِي يخلق فعل نَفسه ] (  نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد : أبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد الدارمي السجستاني (المتوفى: 280هـ) : مكتبة الرشد للنشر والتوزيع

المحقق: رشيد بن حسن الألمعي ، الطبعة: الطبعة الأولى 1418هـ - 1998م ، ( الهامش : ( 1 / 148 ) .

([94])  وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان : أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الإربلي (المتوفى: 681هـ) ، المحقق: إحسان عباس : دار صادر – بيروت  ( 2 / 57 ) .

( [95] ) الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري ، ص 207 .

([96] ) صحيح البخاري ، كتاب الإيمان ، باب فضل من استبرأ لدينه ( 1 / 28 )  حديث : 52 ،  . و صحيح مسلم ، كتاب المساقاة ، باب أخذ الحلال وترك الشبهات ، ( 3 / 1219 ) ، حديث : 107 .

([97] ) وفيات الأعيان – ابن خلكان ( 2 / 58 ) .

([98] ) صحيح البخاري ، كتاب الرقاق ، باب التواضع ، ( 5 / 2384 )  حديث : 6137 .

([99] ) د. مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة - جامعة دمشق .

( [100] ) الجـامع الصحيح المختصر : محمـد بن إسـماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي ، دار ابن كثير، اليمامة – بيروت ، الطبعة الثالثة، 1407 – 1987 ، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا . ( 5 / 2384 ) .

( [101] ) هو : مُحَمَّد بن خَفِيف بن إسفكشاذ الضَّبِّيّ الْمُقِيم بشيراز ، كَانَت أمه نيسابورية ،  وَكَانَ شيخ الْمَشَايِخ فِي وقته ، صحب رويما ، والجريري ، وَأَبا الْعَبَّاس بن عَطاء ، وطاهرا الْمَقْدِسِي ، وَأَبا عَمْرو الدِّمَشْقِي ، وَلَقي الْحُسَيْن بن مَنْصُور ، وَكَـانَ عَالمـا بعلوم الظَّـاهِر وعلوم الْحَقَائِق ، أوحد الْمَشَايِخ فِي وقته حَالا ، وعلما ، وخلقا ، مَاتَ سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمائة  . ( طبقات الصوفية – السلمي ص 345 ) .

( [102] ) هو : رُوَيْم بن أَحْمد بن يزِيد كنيته أَبُو مُحَمَّد وَيُقَال رُوَيْم ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد وَالْأول أصح ، وَهُوَ من أهل بَغْدَاد من جلة مشايخهم . . . وَكَانَ فَقِيها على مَذْهَب دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ وَكَانَ مقرئا فَقَرَأَ على إِدْرِيس ابْن عبد الْكَرِيم الْحداد مَاتَ سنة ثَلَاث وثلاثمائة ( طبقات الصوفية – السلمي ص 147 – 148 ) .

( [103] )  واسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن سهل بن عَطاء الأدمِيّ ، من ظراف مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وعلمائهم لَهُ لِسَان فِي فهم الْقُرْآن يخْتَص بِهِ ، صحب إِبْرَاهِيم المارستاني والجنيد بن مُحَمَّد وَمن فَوْقهمَا من الْمَشَايِخ كَانَ أَبُو سعيد الخراز يعظم شَأْنه ( طبقات الصوفية ، ص 207 ) ، مَات سنة تسع وثلاث مائة (طبقات الأولياء : ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري (المتوفى: 804هـ)  ، بتحقيق : نور الدين شريبه من علماء الأزهر : مكتبة الخانجي، بالقاهرة ، الطبعة: الثانية، 1415 هـ - 1994 م . ص 59 )

( [104] ) أبو عبد الله. أحد المشايخ، سكن بغداد، ومات بها. صحب أبا سعيد الخراز، وغيره من القدماء. وكان عالماً بالأصول؛ وله مصنفات في التصوف، وكلام رائق. أخذ عنه جعفر الخلدي وغيره. مات قبل الثلثمائة بمكة، قاله السلمي. وصحح الخطيب أنه توفى ببغداد إحدى وتسعين ) ( طبقات الأولياء – ابن الملقن ص 343 ) .

( [105] ) الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري ص 47 – 48 .

( [106] ) الحقيقة هي : مشاهدة الربوبية ، وإنباء عن تصرف الحق ، وشهود لما قضى وقدر ، وأخفى وأظهر . ( ينظر : الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري ص 168 ) .

( [107] ) طبقات الصوفية – السلمي ص 62 .

[108] سورة العنكبوب : 69 .

( [109] ) الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري ص 48 .

([110]) طبقات الصوفية – السلمي  ص 74 .

([111]) المصدر السابق ، ص 76 .

([112]) سورة النحل 97 .

[113] طبقات الصوفية ، ص 76 .

[114] سورة آل عمران : 14 – 15 .

[115] سير أعلام النبلاء – الذهبي ( 10 / 183 ) .

[116] سير أعلام النبلاء – الذهبي ( 10 / 183 ) .

[117] سورة الشمس : 7 – 10 .

[118] سورة النازعات : 40 – 41 .

( [119] ) علامة : [ ما يُنْصَبُ في الطّريق، ليكون علامةً يُهْتَدَى بها، شِبْه الميل والعَلامَة والمَعْلَم ] . (كتاب العين : أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (المتوفى: 170هـ) ، المحقق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي : دار ومكتبة الهلال ) ( 2 / 153 ) .

( [120] ) عدم القبول : [ خذل: خَذَل يخذُلُ خَذْلاً وخِذْلاناً، وهو تركك نصرة أخيك. وخِذْلانُ الله للعبد: ألا يعصمه من السوء. والخاذِلُ والخَذولُ من الظباء والبقر الوحشية: التي تخذُلُ صواحبَها في المرعى وتنفرد مع ولدها، وقد أخْذَلَها ولدها ] . ( المصدر السابق 4 / 244 ) .

[121] سير أعلام النبلاء - الذهبي ( 10 / 183 ) .

[122] سورة الأسراء : 107 – 109 .

([123]) [أخرجه الترمذي (4/ 169) برقم (1669) وقال: حسن غريب. و حسنه الألباني في المشكاة (3837) و التعليق الرغيب (2/180)]

([124]) سورة الزمر : 22

([125]) سير أعلام النبلاء – الذهبي ( 10 / 183 ) .

([126] ) إحياء علوم الدين – الإمام الغزالي ( 3 /76 ) .

([127]) طبقات الأولياء – ابن الملقن ( 1 / 387 )

([128]) سورة المنافقون : 9 .

([129] ) صفة الصفوة – ابن الجوزي ( 4 / 224 )  .

([130]) سورة فصلت : 30 -31 .

([131]) طبقات الصوفية – السلمي ، ص 220 .

([132] ) رجل مبطون : فِي بَطْنه دَاء. . (جمهرة اللغة : أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ) ، المحقق: رمزي منير بعلبكي : دار العلم للملايين – بيروت ، الطبعة: الأولى، 1987م ، 1 / 361 ) .

( [133] ) وهذا ديدن الصالحين ، فقد جاء (  عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ امْرَأَةَ أَبِي طَلْحَةَ، ثُمَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَةً أَمَامِي فَإِذَا بِلَالٌ» )  صحيح مسلم ، كتاب فضائل فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، باب فضائل أم سليم ، ( 4 / 1908) ، حديث : 106 .

وعن ( عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سمعت خشخشة أمامي فقلت ! من هذا ؟ قالوا : بلال ، فأخبره قال : بما سبقتني إلى الجنة ؟ قال : يا رسول الله ما أحدثت إلا توضأت ، ولا توضأت ، إلا رأيت أن لله علي ركعتين أصليهما ، قال : بها " )  مُصنف ابن أبي شيبة ( 7 / 507 ) دار الفكر ، و صحيح ابن حبان ، حديث : 7087 ، والمعجم الكبير للطبراني ، حديث : 363 ، وغيرهم .

([134]) طبقات الصوفية – السلمي ، ص 221 .

([135]) سورة النمل : 14 .

([136]) سورة الصف : 2 – 3 .

([137] ) طبقات الصوفية – السلمي ، ص 222 .

([138]) متفق عليه .

([139]) سورة إبراهيم : 42 – 43 .

([140]) صحيح البخاري .

( [141] ) رواه الإمـام أحمد في مسنده ( 3 / 321 ) رقم : 14494 ، والترمذي ( 2 / 512 ) رقم : 614 ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وابن حبان في صحيحه ( 5 / 9 )  ، [ تعليق الألباني ] : صحيح - «التعليق الرغيب» (3/ 350) ، « الظلال » ( 756 ). [ تعليق شعيب الأرنؤوط ] : إسناده صحيح على شرط مسلم .

 والطبرانــي فـــي معجمــه الكبيــر ( 19 / 145 ) رقــــم : 317 ، والصغيـــر ( 1 / 374 ) رقم : 625 ، وغيرهم .

([142] ) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : أبو نعيم الأصبهاني ، ( 1 / 31 ) .

([143]) رواه الإمام أحمد   . تحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون ، وقالوا عنه : حسن لغيره .

 

([144]) الطبقات الكبرى – ابن سعد ( 3 / 137 ) .

([145]) التبصرة لابن الجوزي . ص 408 .

( [146] ) أنظر : صفة الصفوة – ابن الجوزي  ( 1 / 96 – 98 ) . و جامع الأحاديث ( ويشتمل على جمع الجوامع للسيوطى والجامع الأزهر وكنوز الحقائق للمناوى ، والفتح الكبير للنبهانى ) للسيوطي . ضبط نصوصه وخرج أحاديثه : فريق من الباحثين بإشراف د على جمعة (مفتي الديار المصرية) ( 24 / 496 ) .

 

([147]) صحيح البخاري عن أبي هريرة ، رضي الله عنه . وصحيح مسلم عن عائشة ، رضي الله عنها .

[148] جزء  من حديث صحيح ، أنظر ص 46 من هذا البحث  .

([149]) منهاج السنة – إبن تيمية ( 6 / 65 ) . قال محققه محمد رشاد سالم : ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَارِيخِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ص 218 وَفِيهِ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ مَلَكٍ .

 

([150]) حلية الأولياء ( 1 / 45 ) .

([151]) المستدرك على الصحيحين ، للحاكم . وسكت عنه الذهبي . أيضاً : حلية الأولياء ( 1 / 47 ) . أيضاً : جمع الجوامع 1- 15 الجامع الكبير في الحديث والجامع الصغير وزوائده ج11 للسيوطي .

([152]) إجتماع الجيوش الإسلامية – إبن القيم الجوزية ( 2 / 119 – 120 ) . رواه إبن أبي شيبة في المصنف ( 13 / 40 ) . وأبو نعيم في الحلية ( 1 / 47 )

([153]) حلية الأولياء ( 1 / 47 ) . والرياض النضرة في مناقب العشرة - أبو العباس ، أحمد بن عبد الله بن محمد ، محب الدين الطبري (المتوفى: 694هـ) ( 2 / 391 ) . والمختار من مناقب الأخيار يحتوي على تراجم وأخبار وأقوال ومناقب من أخيار ... إبن الأثير الجزري . ص 39 .

([154]) حلية الأولياء ( 1 / 48 ) .

([155] ) المصدر نفسه . و تاريخ دمشق – إبن عساكر ( 44 / 347 ) .و الإستذكار – إبن عبد البر – كتب صفة النبيّ r . ص 380 . ومناقب أمير المؤمنين عمر بـن الخطاب - رضي الله عنه – إبن الجوزي – باب التاسع الثلاثون . ص 105 .

([156] ) حلية الأولياء ( 1 / 51 ) .

([157] ) صفة الصفوة – ابن الجوزي ، ( 1 / 107 ) .

([158] ) الزهد – أحمد بن حنبل . ص 99 . وحلية الأولياء ( 1 / 51 ) . و روضة العقلاء ونزهة الفضلاء . إبن حبان . ص 31 .

 

([159]) تفسير ابن كثير ( 7 / 88 ) . و حلية الأولياء ( 1 / 56 ) .

([160]) الزهـد – أحمـد بن حنبـل . ص 104 . ومصنف ابـن أبي شيبة ( 2 / 73 ) . و حلية الأولياء ( 1 / 56 ) . و صفة الصفوة ( 1 / 113 ) . و المحلى بالآثار – إبن حزم ( 4 / 434 ) . ومرآة الزمان في تواريخ الأعيان – سبط ابن الجوزي ( 6 / 64 ) .

([161]) سير أعلام النبلاء – الذهبي ( راشدون 157 ) .

([162] ) الزهـد – أحمـد بن حنبل . ص 104 . وصفة الصفوة – ابن الجوزي ، ( 1 / 114 ) . و مرآة الزمان – سبط ابن الجوزي ( 4 / 182 ) .

([163]) الزهد – أحمد بن حنبل . ص 105 . و حلية الأولياء ( 1 / 57 ) .

([164]( سير أعلام النيلاء – الذهبي ( راشدون 156 ) . تاريخ دمشق – إبن عساكر ( 39 / 225 ) .

([165]) سير أعلام النبلاء ( 4 / 568 ) . تاريخ دمشق ( 21 / 523 ) .

([166]) الزهد – أحمد بن حنبل . ص 105 . وحلية الأولياء ( 1 / 59 ) . و تاريخ دمشق – إبن عساكر ( 39 / 226 ) .

([167]) شعب الإيمان – البيهقي ( 8 / 254 ) . و حلية الأولياء ( 1 / 60 ) . و  معرفة الصحابة لأبي نعيم ( 1 / 59 ) . و مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - الهيثمي ( 9 / 80 ) . وغيرهم .

([168]) الزهد – أحمد بن حنبل . ص 106 . و حلية الأولياء ( 1 / 60 ) . و صفة الصفوة ( 1 / 114 ) . و حياة الصحابة – الكاندهلوي ( 2 / 569 ) .

([169]) الزهد – أحمد بن حنبل . ص 106 . وحلية الأولياء ( 1 / 60 ) . و المتمنين لابن أبي الدنيا . ص 30 . وغيرهم .

([170] ) الزهد – أحمد بن حنبل . ص 106 . وسنن الترمذي ، وقال عنه : حسن غريب . و الخراج ، لأبي يوسف . ص 25 . و البحر الزخار ، مسند البزار ( 2 / 89 ) . و شرح السنة ، للبغوي ( 5 / 418 ) . وحلية الأولياء ( 1 /  61 ) . و صحيح ابن ماجه ، وحكم الألباني عنه ، بأنه : حسن .

([171]) سير أعلام النبلاء ( راشدون 244 – 245 ) .

([172]) كرابيس : جمع كِرباس ، والكِرْبَاسُ : ثوبٌ غليظٌ من القطن

([173]) أسد الغابة في معرفة الصحابة – إبن الأثير الجزري ( 4 / 87 ) .

([174]) حلية الأولياء ( 1 / 80 ) .

( [175] ) أنظر : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء – أبو نعيم الأصبهاني ، ( 1 / 83 – 85 ) .

( [176] ) أنظر : حلية الأولياء ( 1 / 87 – 88 ) .

( [177] ) المصدر السابق ( 1 / 129 ) .

[178] سورة الحشر : 21 .

( [179] ) أنظر : صفة الصفوة – ابن الجوزي ، ( 1 / 145 ) .

([180]) صحيح البخاري ، أبواب التهجد ، باب قيام النبيّ r حتى ترم قدماه ، ( 1 / 380 ) ، حديث : 1078 . صحيح مسلم ، باب إكثار الأعمال والإجتهاد في العبادة ، ( 4 / 2172 ) ، حديث : 81 .

([181]) صحيح البخاري ، كتاب الوتر ، باب ما جاء في الوتر ، ( 1 / 338 ) ، حديث : 949 .

([182]) صحيح البخاري ، أبواب التهجد ، باب طول القيام في صلاة الليل ، ( 1 / 381 ) ، حديث : 1084 . وصحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل ، ( 1 / 537 ) ، حديث : 204 .

([183]) صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل ، ( 1 / 536 ) ، حديث : 203 .

([184]) صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب جامع صلاة الليل ، ومن نام عنه أو مرض ، ( 1 / 515 ) ، حديث : 140 .

([185]) صحيح مسلم ، كتاب الصلاة ، باب ما يقال في الركوع والسجود ، ( 1 / 352 ) ، حديث : 222 .

([186]) صحيح البخاري ، أبواب التهجد ، باب قيام النبيّ r بالليل ونومه وما نسخ من قيام الليل ، ( 1 / 383 ) ، حديث : 1090

([187]) سنن الترمذي ، كتاب الصوم عن رسول الله r ، باب ما جاء في صوم يوم الإثنين والخميس ، ( 3 / 121 ) ، حديث : 745 . قال الترمذي : حديث حسن غريب من هذا الوجه . وقال الشيخ الألباني : صحيح .

([188]) سنن النسائي ، كتاب الصيام ، باب صوم النبي صلى الله عليه و سلم بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك ، ( 21 / 216 ) ، حديث : 2345 . قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة : ضعيف الإسناد .

([189]) سنن الترمذي ، كتاب الصوم عن رسول الله r ، باب ما جاء في الإعتكاف ، ( 3 / 157 ) ، حديث : 790 . قال الترمذي : حديث حسن صحيح . قال الشيخ الألباني : صحيح .

([190]) صحيح مسلم ، كتاب الإعتكاف ، باب الِاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، ( 2 / 832 ) ، حديث : 7 .

([191])  صحيح البخاري ، كتاب الصوم ، باب صوم شعبان ، ( 2 / 695 ) ، حديث : 1869 . وصحيح مسلم ، بَابُ صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، وَاسْتِحْبَابِ أَنْ لَا يُخْلِيَ شَهْرًا عَنْ صَوْمٍ ، ( 2 / 811 ) ، حديث : 176 .

( [192] ) أي يبكي .

([193]) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، باب { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ، ( 4 / 1673 ) ، حديث : 4306 . وصحيح مسلم ، كتاب صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا ، باب فَضْلِ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ، وَطَلَبِ الْقِرَاءَةِ مِنْ حَافِظِهِ لِلِاسْتِمَاعِ وَالْبُكَاءِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّدَبُّرِ ، ( 1 / 551 ) ، حديث : 247 . وسنن أبي داود ، كتاب العلم ، باب في القصص ، ( 2 / 348 ) ، حديث : 3668 ، قال الشيخ الألباني : صحيح . وسنن الترمذي ، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله r ، باب ومن سورة النساء ، ( 5 / 238 ) ، حديث : 3025 .

([194]) صحيح البخاري ، كتاب الأذان ، باب هل يتبع المؤذن فاه ههنا وههنا وهل يلتفت في الأذان ، ( 1 / 227 ) . وصحيح مسلم ، كِتَابُ الْحَيْضِ ، بَابُ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى فِي حَالِ الْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا ، ( 1 / 282 ) ، حديث : 117 .

([195]) سنن أبي داود ،  كتاب الوتر ، باب في الاستغفار ، ( 1 / 475 ) ، 1516 ،  قال الشيخ الألباني : صحيح . والترمذي ، كتاب الدعوات عن رسول الله r ، باب ما يقول إذا قام من المجلس ، ( 5 / 494 ) ، حديث : 3434 ، قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب . وقال الشيخ الألباني : صحيح .

([196]) صحيح مسلم ، كتاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ ، بَابُ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ ، ( 4 / 2075 ) ، حديث : 41 .

([197]) صحيح البخاري ، كتاب الرقاق ، باب قول النبي صلى الله عليه و سلم ( ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا ) ، ( 5 / 2367 ) ، حديث : 6079 . وصحيح مسلم ، كِتَاب الزَّكَاةِ ، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الصَّدَقَةِ ، ( 2 / 687 ) ، حديث : 32 .

([198]) صحيح مسلم ، كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ ، ( 4 / 2285 ) ، حديث : 36 .

([199]) صحيح البخاري ، كتاب الخمس ، باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه و سلم بعد وفاته ، ( 3 / 1129 ) ، حديث : 2930 . وصحيح مسلم ، كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ ، ( 4 / 2282 ) ، حديث : 26 .

( [200] ) أنظر : الرسول – سعيد حوى ، دار السلام – مصر – القاهرة – الطبعة السابعة – 1425 هـ - 2005 م ، ص 56 – 67 

([201]) صحيح مسلم ، كتاب الْفَضَائِلِ ، بَابُ كَانَ رَسُولُ اللهِ r ، أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، ( 4 / 1804 ) ، حديث : 52 .

([202]) صحيح مسلم ، كتاب الْفَضَائِلِ ،  بَابُ كَانَ رَسُولُ اللهِ r أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، ( 4 / 1805 ) ، حديث : 54 .

([203]) صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب كان رسول الله r أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، ( 4 / 1805 ) ، حديث : 54 .

([204]) صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، بَابُ كَانَ رَسُولُ اللهِ r ،أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، ( 4 / 1804 ) ، حديث : 51 .

( [205] ) الرسول – سعيد حوى ، ص 74 – 76 .

( [206] ) مسند أحمد بن حنبل ، حديث : 24645 ( 6 / 91 ) .

[207] المصدر السابق . مؤسسة قرطبة – القاهرة .

([208]) سورة الشعراء : 88 – 89 .

([209]) سورة الإسراء : 79 .

([210]) سورة المزمل : 1 – 5 .

([211]) سورة الذاريات : 17 - 18  .

([212]) سورة السجدة : 16 .

([213]) سورة المزمل : 1 – 6  .

([214]) سورة المؤمنون : 1 - 2 .

[215] سورة الأحزاب : 35 .

([216]) سورة الأنبياء : 90  .

([217]) سورة البقرة : 45 .

[218] سورة البقرة : 273 - 274 .

[219] سورة البقرة : 254 .

[220] سورة البقرة : 152 .

([221]) سورة البقرة : 200 .

([222]) سورة النساء : 103 .

([223]) سورة الأعراف : 69 .

([224]) سورة الأعراف : 205 .

([225]) سورة الأنفال : 45 .

([226]) سورة الرعد : 28 .

([227]) سورة الإسراء : 111 .

([228]) سورة طه : 33 - 34  .

[229] سورة طه : 130 .

[230] سورة الفرقان : 63 - 65 .

[231] سورة الأحزاب : 21 .

[232] سورة الأحزاب : 35 .

[233] سورة الأحزاب : 41 - 42 .

[234] سورة غافر : 55 .

[235] سورة الفتح : 9 .

[236] سورة ق : 39 - 40 .

[237] سورة الطور : 48 - 49 .

[238] سورة الواقعة : 96 .

[239] سورة المزمل : 7 - 8 .

[240] سورة الإنسان : 25 - 26 .

[241] سورة الأعلى : 1 .

[242] سورة الأعلى : 14 - 15 .

[243] سورة النصر : 3 .

([244]) سورة الحديد : 16 .

([245]) سورة المنافقون : 9 .

([246]) سورة الذاريات : 56 .

( [247] ) متفـق عليـه ؛ صحيح البخاري ، كتاب بدء الوحي ( 1 / 168 ) . حديث : 660 . وصحيح مسلم ، باب فضل إخفاء الصدقة ، ( 2 / 715 ) ، حديث :91

([248]) سورة النور : 37 .

( [249] ) صحيح البخاري ، كتاب البيوع ،  باب التجارة في البر ، ( 2 / 726 ) . 

( [250] ) صحيح البخاري ، كتاب الدعوات ، باب فضل ذكر الله عز وجل ،  ( 5 / 2353 ). حديث : 6045 .

( [251] ) صحيح البخاري ، كتاب الدعوات ، باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله ، ( 5 / 2354 ) . حديث : 6046 .

( [252] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الدعوات ، باب فضل ذكر الله عز وجل ، ( 5 / 2353 ) . حديث : 6044 . وصحيح مسلم ، كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا ، باب استحباب صلاة النافلة في بيته ، وَجَوَازِهَا فِي الْمَسْجِدِ ،  (1 / 539 ) ، حديث : 211 . إلا أن في رواية مسلم : مثل البيت الذي يذكر الله فيه و . . .

( [253] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، باب هل يتبع المؤذن فاه ههنا وههنا ( 1 / 227 ) ، تحقيق : البغا  :  . وصحيح مسلم ، باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها ( 1 / 282 ) . حديث : 117 .

( [254] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى { ويحذركم الله نفسه } ، ( 6 / 2694 ) ، حديث : 6970 . وصحيح مسلم ، كتاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ ، بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى ، ( 4 / 2067 ) . حديث : 21 .

( [255] ) صحيح مسلم ، كتاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ ، باب الحث على ذكر الله تعالى ( 4 / 2062 ) . حديث : 4 .

( [256] ) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج : أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) : دار إحياء التراث العربي – بيروت ،  الطبعة: الثانية، 1392 ( 17 / 4 ) . باب الحث على ذكر الله تعالى .

( [257] )  إكمال المعلم شرح صحيح مسلم - للقاضي عياض : العلامة القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي 544 هـ ،            ( 8 / 85 ) .

( [258] )   متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الرقاق  ، باب قول النبي صلى الله عليه و سلم ( ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا ) ، ( 5 / 2367 ) . حديث : 6079 .  وصحيح مسلم ، كِتَاب الزَّكَاةِ ، باب الترغيب في الصدقة ، ( 2 / 687 ) . حديث : 32 .

( [259] ) متففق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الرقاق ، باب المكثرون هم المقلون ( 5 / 2366 ) . حديث : 6078 . وصحيح مسلم ، كِتَاب الزَّكَاة ، باب الترغيب في الصدقة ( 2 / 688 ) .حديث : 33 .

( [260] ) صحيح مسلم ،  كِتَاب الزَّكَاةِ ، باب في الكنازين للأموال والتغليظ عليهم ( 2 / 689 ) . حديث : 34 .

( [261] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الزكاة ، باب الزكاة على الأقارب ، ( 2 / 530 ) . حديث : 1392 . وصحيح مسلم ، كِتَاب الزَّكَاةِ ، بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ وَالْأَوْلَادِ، وَالْوَالِدَيْنِ وَلَوْ كَانُوا مُشْرِكِينَ ، ( 2 / 693 ) . حديث : 42 .

( [262] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الزكاة ، باب قول الله تعالى : فأما من أعطى واتقى . . . ( 2 / 522 ) . حديث : 1374 . وصحيح مسلم ، كِتَاب الزَّكَاةِ ، باب في المنفق والممسك ، ( 2 / 700 ) . حديث : 57 .

( [263] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الزكاة ، باب لا يبقل الله صدقة من غلول ولا يقبل إلا من كسب طيب ( 2 / 511 ) . حديث : 1344 . وصحيح مسلم ، كِتَاب الزَّكَاةِ ، بَابُ قَبُولِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ وَتَرْبِيَتِهَا ، ( 2 / 702 ) . حديث : 64

( [264] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الزكاة ، باب اتقوا النار ولو بشق تمرة والقليل من الصدقة ، ( 2 / 514 ) . حديث : 1351 . وصحيح مسلم ، كِتَاب الزَّكَاةِ ، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة ، أو كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَأَنَّهَا حِجَابٌ مِنَ النَّارِ ( 2 / 704 ) . حديث : 68 .

( [265] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الحج ، باب فضل الحج المبرور ، ( 2 / 553 ) حديث : 1447 .وصحيح مسلم ، كِتَابُ الْإِيمَانَ ، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال ( 1 / 88 ) حديث : 135 .

( [266] ) صحيح مسلم ، كِتَابُ الْإِمَارَةِ ، باب فضل الجهاد ، والخروج في سبيل الله ( 3 / 1495 )  . حديث : 103 .

( [267] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ،  كتاب الخمس ، باب قول النبي r  ( أحلت لكم الغنائم ) ،  ( 2 / 1135 ) . حديث : 2955 . وصحيح مسلم ، كتاب الإمارة ، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله ( 3 / 1496 ) . حديث : 104 .

( [268] ) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الجهاد والسير ، باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا ، ( 3 / 1037 ) . رقم : 2662 . وصحيح مسلم ، كِتَابُ الْإِمَارَةِ ، باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى ( 3 / 1498 ) . حديث : 108 .

( [269] ) صحيح مسلم ، كِتَابُ الْإِمَارَةِ ، باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى ( 3 / 1498 ) . حديث : 110 .

( [270] ) مجموع الفتاوى – ابن تيمية ( 11 / 17 – 18 ) .

( [271] ) الإعتصام – الشاطبي ( 1 / 120 - 121 ) .

( [272] ) حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي (14 أكتوبر 1906 - 12 فبراير 1949م) (1324هـ - 1368هـ) مؤسس حركة الإخوان المسلمين سنة 1928م والمرشد الأول للجماعة. تخرج في دار العلوم عام 1927م ثم عين مدرسا في مدينة الإسماعيلية عام 1927م. أسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928م. نقل إلي مدينة قنا بقرار إداري عام 1941م. ترك مهنة التدريس في عام 1946م ليتفرغ لإدارة جريدة الشهاب. اغتيل في 12 فبراير عام 1949م. ( أنظر : حسن البنا ويكيبيديا – الانترنيت ) .

( [273] ) مذكرات الدعوة والداعية – حسن البنا ، مكتبة آفاق – الكويت ، طبعة أولى : 1433 – 2012 م ، ص 18  .

( [274] ) الشيخ محمد الغزالي ، هو أحد أهم دعاة القرن الشعرين ، ولد في 22 سبتمبر ( ايلول ) من عام 1917 ، حفظ القران كاملا وهو في جيل 10 سنوات واكمل دراسته رغم الفقر المدقع ، في المعهد الديني بالإسكندرية ، وهناك تعرف على الشيخ الإمام حسن البنا ، ومن ثم انتقل للجامعة ، فدرس في كلية اصول الدين ، ومنها إلى ميدان الدعوة . بسبب الضغوطات سافر إلى الجزائر ، والسعودية ، وقوبل قبولا حسنا هناك ، توفي في السعودية [ سنة 1996 م ] ، ودفن في البقيع . ( محمد الغزالي الجبيلي – ويكيبيديا – الانترنيت ) .

([275]) سورة يوسف : 33 .

( [276] ) مائة سؤال عن الإسلام – محمد الغزالي ، إشراف عام : داليا محمد إبراهيم ، شركة نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة الرابعة – يوليو 2005 م  . ص 20 – 21 .

([277]) سورة المائدة : 8 .

( [278] ) جامع البيان في تأويل القرآن : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، المحقق: أحمد محمد شاكر ، الناشر: مؤسسة الرسالة ، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م ، ( 10 / 95 ) .

([279]) سورة البقرة : 43 .

([280]) سورة النساء : 103 .

([281]) سورة المؤمنون : 2 .

( [282] ) نقل ذلك الألباني في صفة صلاة النبي ص80، وانظر «السنن الكبرى» للبيهقي 2/ 283. (الخشوع في الصلاة : أبو لطفي، محمَّد بن لطفي، بن عبد = =اللطيف، بن عمر الصبَّاغ ، الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة - مصر، دار الوراق للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية ، الطبعة: الثالثة، 1419 هـ - 1999 م) ( 1 / 61 ) .

( [283] ) أبو داود، برقم 904، وصححه الألباني في مختصر شمائل الترمذي، برقم 276 -  (الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة - مفهوم، وفروق، وفضائل، وعلم، وعمل، وفوائد، وأسباب، وآداب، وأحكام : د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني ، الناشر: مطبعة سفير، الرياض) ( 1 / 103 – 104 ) .

( [284] ) ابن خزيمة في صحيحه، برقم 901، وقال الألباني والأعظمي: إسناده صحيح، انظر: صحيح ابن خزيمة، 2/ 53، وصححه الألباني في مختصر شمائل الترمذي، برقم 278. ( الخشوع في الصلاة – القحطاني ) ( 1 / 108 ) .

( [285] ) صحيح مسلم  ، كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا ، باب استحباب  تطويل القراءة في صلاة الليل ، ( 1 / 536 ) ، حديث : 203 .

([286]) آل عمران: 190  .

( [287] ) الرسالة القشيرية – أبو القاسم القشيري ( 1 / 311 ) .

([288]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الجماعة والإمامة ، باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم ، ( 1 / 251 ) ، حديث : 681 . وصحيح مسلم ، كِتَابُ الصَّلَاةِ ، بَابُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ إِذَا عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ وَسَفَرٍ، . . . ، ( 1 / 313 ) ، حديث : 95 .

( [289] ) أسيف : شديد الحزن ، والمراد : أنه رقيق القلب ، إذا قرأ غلبه البكاء ، فلا يقدر على القراءة  [فتح الباري، 2/ 152، 165، 203]. ( الخشوع في الصلاة -  القحطاني ) ( 1 / 110 ) .

( [290] ) الخشوع - الصبّاغ ( 1 / 94 ) .

( [291] ) ذكره شيخ الإسلام [ إبن تيمية ] في مجموع الفتاوى، 22/ 605. وقد أورده أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين بأصبهان، ص 29 -   (الخشوع  - القحطاني ) ( 1 / 112 )  .    

( [292] ) يقصد أنه كان يطيل القيام في الصلاة مع الخشوع وعدم حركة الجوارح وعدم اهتزاز البدن حتى يظن الناظر إليه أنه عود من الخشب . ( مختصر منهاج القاصدين ) .

( [293] ) مختصر منهاج القاصدين – ابن قدامة المقدسي . ص 22 .

( [294] ) الخشوع - الصباغ ( 1 / 95 ) .

( [295] )   مختصر منهاج القاصدين – الإمام أحمد بن عبد الرحمن ابن قدامة المقدسي . علق عليه ، وقام بتخريج أحاديثه : مجموعة من الأساتذة المتخصصين – دار التوزيع والنشر الاسلامية – مصر – القاهرة – الطبعة الأولى : 1417 هـ - 1996 م ، ص 22 .

( [296] ) الخشوع  - القحطاني ( 1 / 116 ) .

( [297] ) الخشوع - القحطاني ( 1 / 118 ) .

( [298] ) الخشوع - الصبّاغ ( 1 / 96 ) .

( [299] ) حلية الأولياء – الأصبهاني ( 2 / 95 – 96 ) .

([300]) سورة التوبة : 117 – 119 .

([301]) سورة التوبة : 95 – 96 .

([302]) فهم الإسلام في ظلال الأصول العشرين – جمعة أمين عبد العزيز . ص 189 .

([303]) فهم الإسلام . ص 189 – 190 .

([304]) متفق عليه .

(305) الحديث رواه البخاري ومسلم .

([306]) صحيح مسلم .

(307) السحاب المتجمع الذي لم يمطر بعد .

(308) سلع ( جبل بالمدينة ) .

(309) ستة أيام .

([310]) فرسول الله r طلب منّا أن ندعو له !

([311]) فهم الإسلام . ص 190 – 192 .

([312]) المشروع في الإستسقاء هو أن يدعو أحد المسلمين ، ويُأَمّنَ بقية المسلمين على دعائه . فكيف يدعو النبيّ r داخل قبره ، حتى يُأَمِّن الناس على دعائه ؟ ولماذا توسّلوا بدعاء العبّاس دون غيره من الناس كلّهم t ؟ ومَن قال إنّ الدعاء بذات النبيّ r لا يجوز ، ولهذا توجّهوا نحو العباس t ؟

وهذا يشبه أن يقول أحدهم إنّ التوسل بذات النبيّ لا يجوز ، لأنه لو كان جائزاً لما صلّى الناس على الجنائز – على سبيل المثال – بل لتوسّلوا بجاه النبيّ r أن يغفر الله لميّتهم ! ! وما علاقة هذا بهذا الموضوع ؟ فالسنة والمشروع أن يصلي المسلمون على موتاهم بأنفسهم ، وكذلك الإستسقاء فالسنة والمشروع فيه أن يدعو أحدهم والبقية يُأَمِّنون على دعائه  ! !

([313] ) الإبداع في مضار الابتداع 210 .

([314]) فهم الإسلام . ص 192 – 193 .

([315]) فهم الإسلام . ص 193 .

(316) حكم الإسلام في التوسل للشيخ محمد حسين مخلوف ص 36 .

(317) الفتاوى ج1 ، ص 285 .

([318]) فهم الإسلام . ص 194 .

([319]) هذا رأيه الشخصي ، رحمه الله ، وهو رأي غير ملزم لأحد .

(319)التوسل وأنواعه وأحكامه للشيخ الألباني  .

([321]) فهم الإسلام . ص 195 .

([322]) فهم الإسلام . ص 197 .

([323]) واسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد بن بشر بن دِرْهَم الْعَنزي، أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني في القرن الرابع الهجري، قال عنه أبو عبد الرحمن السلمي بأنّه: «كانَ فِي وقته شيخ الْحرم»، ووصفه الذهبي بأنّه: «الإمام المحدّث القدوة الصدوق الحافظ شيخ الإسلام». وُلد سنة 246 هـ، وأصله من البصرة في العراق، وسكن مكة المكرمة، صنّف في علوم التصوف الكتب الكثيرة، وكان من المؤرخين ومن رواة الحديث النبوي ومن أصحاب السند العالي فيه، وكان ثقة.

صحب أبا القاسم الجنيد، وعمرو بن عثمان المكي، وأبا الحُسين النّوري، وحسناً المسوحي، وأبا جعفر الحفّار، وأبا الفتح الحمال، قال أبو عبد الرحمن السلمي:= =«وَكَانَ من جلة مشايخهم وعلمائهم». تُوفي في مكة المكرمة في شهر ذي القعدة سنة 340 هـ وعمره 64 سنة. [ ويكيبيديا الموسوعة الحرة : إنترنيت ] .

 

([324]) معراج التشوف إلى حقائق التصوف – إبن عجيبة . تقديم وتحقيق : د عبد المجيد خيّالي . ص 59 .

([325]) ورواه السُّلمي في (( طبقاته )) ( ص 118 ) [ هامش الرسالة القشيرية . ص 639 . دار المنهاج . الطبعة الأولى 1438 هـ - 2017 م ] .

([326]) المصدر نفسه . ص 640 .

([327]) المصدر السابق . ص 643 .

([328]) يقال : واقفَ فلان فلاناً ؛ إذا وقف معه في حرب أو خصومة ، والمعنى هنا : ولا يكون إلا مع الله . [ هامش الرسالة القشيرية . ص 645 ]

([329]) الرسالة القشيرية . ص 645 .

([330]) أنظر : إحياء علوم الدين ( 4 / 247 – 249 ) .

([331]) سورة الإسراء : 56 – 57 .

([332]) لطائف الإشارات = تفسير القشيري ( 2 / 354 ) .

([333]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان . ص 460 .

([334]) سورة الشورى : 12 .

([335]) سورة الزمر : 67 .

([336]) سورة المائدة : 17 .

([337]) سورة الفرقان : 2 .

([338]) سورة الروم : 17 .

([339]) سورة البقرة : 164 – 167 .

([340]) سورة الإسراء : 111 .

([341]) سورة البقرة : 186 .

([342]) سورة يونس : 39 .

([343]) التفسير الوسيط للقرآن الكريم : مجموعة من العلماء بإشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ، الناشر: الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية الطبعة: الأولى، (1393 هـ = 1973 م) - (1414 هـ = 1993 م) ، ( 9 / 912 ) .

([344]) تيسير التفسير : إبراهيم القطان (المتوفى: 1404هـ) ، ( 2 / 192 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق