الجانب المظلم من المداخلة
المقدمة:
في عالم اليوم، تنتشر المعلومات بشكل هائل، ويصبح من السهل على بعض الجهات والمصادر أن تُشوّه الحقائق أو تعطي صورة مشوهة عن الوقائع. هذا الكتاب يهدف إلى كشف حقيقة المداخلة، تلك التيارات والأشخاص الذين اتخذوا مواقف معادية لحركة حماس وللإخوان المسلمين، وتوضيح موقف الجزائر الرسمي والداعم للشعب الفلسطيني والمقاومة. كما يسعى الكتاب إلى فضح الأكاذيب والشائعات المتداولة، وتبيان كيفية تأثير الإعلام الغربي والخليجي على الرأي العام العربي. هذا العمل ليس مجرد سرد للأحداث، بل تحليل عميق ومستند إلى وقائع موثقة، مع تقديم رؤية شاملة تساعد القارئ على فهم السياق الكامل، واستيعاب الأسباب والدوافع وراء المواقف المختلفة. الهدف هو تمكين القارئ من التمييز بين الحقيقة والتزييف، وفهم الدور الحقيقي للمداخلة في تشكيل الرأي العام السياسي والفكري، والتمييز بين الدعم السياسي للشعب الفلسطيني ودعم أي جماعات بعينها
فهرس الكتاب
المقدمة
تعريف الكتاب وهدفه: كشف حقيقة المداخلة، توضيح مواقف الجزائر، وفضح الأكاذيب المتداولة.
الفصل الأول: من هم المداخلة 9_5
التعريف بالمداخلة وأصولهم
خلفياتهم السياسية والفكرية
علاقتهم بالدول الغربية والخليجية
ارتباطهم بالإعلام المضلل
الفصل الثاني: موقف المداخلة من حماس والإخوان13_10
الكراهية الممنهجة لحماس والإخوان
الأكاذيب التي يروجون لها (مثل سرقة نصف مليار دولار)
أسباب هذا الموقف وربطه بالمصالح الإقليمية
الفصل الثالث: موقف المداخلة من الأشاعرة والصوفية15_14
هجومهم على المذاهب الإسلامية
أسباب كراهيتهم للأفكار السلفية المعتدلة والمجددين
الفصل الرابع: المداخلة وتتبع سياسات الغرب واليهود30_16
كيف يرددون نفس سياسات وأقوال الغرب واليهود
الأمثلة على التشابه في الخطاب
الفصل الخامس: الجزائر وحماس37_17
مواقف الجزائر الرسمية
استقبال الجزائر لوفود حماس
التنسيق الجزائري في الأمم المتحدة لصالح الفلسطينيين
تعديل قرارات مجلس الأمن
الفرق بين الدعم السياسي والدعم العسكري
الفصل السادس: تحليلات قرارات مجلس الأمن وقرارات الجزائر42_18
مهام الجزائر داخل مجلس الأمن
لماذا رفض أو رفض غير فعال كان سيضر بالمصالح الفلسطينية
التعديلات التي فرضتها الجزائر على القرارات
الفصل السابع: المداخلة واستخدام الشائعات ضد المقاومة44_43
أسطورة “مجهول الهوية”
ادعاءات سرقة الأموال
تحريف تصريحات المسؤولين
الفصل الثامن: الإعلام والمداخلة49_45
دور الإعلام الخليجي والغربي في نشر الأكاذيب
قناة الجزيرة كمثال على التلاعب بالمواقف
أمثلة على التضليل الإعلامي
الفصل التاسع: العلاقات الإقليمية والدولية للمداخلة
علاقاتهم بالإمارات والسعودية والمغرب وتونس
أمثلة على التحالفات الخفية والتأثيرات الدولية
الفصل العاشر: الخطر الفكري للمداخلة
انتشار الفكر المتطرف والمعادي للمقاومة
تأثيرهم على الرأي العام والشباب
الفصل الحادي عشر: تحليل تصريحات المسؤولين الجزائرية
الوزير عطاف وموقفه من حماس
تفسير تصريحات الجزائر حول السلطة الفلسطينية والمقاومة
الفصل الثاني عشر: تفنيد أكاذيب المداخلة بالتفصيل
أمثلة عملية على كذبهم
الردود القانونية والسياسية
توثيق الأحداث الواقعية
الفصل الثالث عشر: دروس من التاريخ
مقارنة بمواقف دول تجاه المقاومة (الجزائر، فلسطين، العالم)
أمثلة من ثورات الجزائر والمقاومة الفلسطينية
الفصل الرابع عشر: دور العلماء والمراجع الإسلامية
دعم العلماء الجزائريين والمغاربيين للمقاومة
موقف المذاهب المعتدلة
الفصل الخامس عشر: استراتيجيات المداخلة في تشويه الحقائق
الكذب المنهجي
التضليل المستمر على وسائل التواصل
محاولات إسكات الأصوات الحقيقة
الفصل السادس عشر: تحليلات نفسية وسلوكية للمداخلة
طريقة التفكير والتحجر الذهني
تأثير القوالب الجاهزة والتكرار على القرارات
الفصل السابع عشر: مقارنة بين موقف الجزائر والمداخلة
الجزائر: دعم المقاومة والتمسك بالثوابت
المداخلة: الانحياز لأعداء المقاومة
الفصل الثامن عشر: قصص وأمثلة واقعية من النقاشات
تحليل النقاشات الواقعية على وسائل التواصل
أمثلة على الأكاذيب المتكررة والردود المثبتة
الفصل التاسع عشر: الوسائل القانونية والسياسية لمواجهة المداخلة
طرق دحض الأكاذيب
التوعية بالحقائق للمجتمع
الفصل العشرون: الخاتمة
تلخيص موقف الجزائر والمقاومة
دعوة لفهم الحقائق والتفريق بين الأكاذيب والواقع
الفصل الأول: من هم المداخلة
المداخلة هم تيار فكري وسياسي يتشكل من مجموعة أشخاص والتيارات التي تتميز بمواقفها العدائية تجاه حركات المقاومة العربية، وعلى رأسها حركة حماس والإخوان المسلمين. لا يقتصر الأمر على مجرد الاختلاف السياسي، بل يمتد ليشمل كراهية ممنهجة لكل من يسعى لتحقيق استقلال شعبي أو دفاع عن حقوق شعبه، مع ميل واضح لتأييد السياسات الغربية والخليجية في المنطقة. هؤلاء الأشخاص غالبًا ما يخلطون بين الواقع السياسي والخيال الإعلامي، ويعتمدون على الأخبار المفبركة والشائعات كأساس لتفسير الأحداث ونشرها بين الجماهير، كأنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، بينما الواقع يُظهر عكس ما يدعون.
أصول المداخلة الفكرية والسياسية تعود إلى تيارات رفضت مقاومة الاحتلال منذ بدايات الحركات التحررية في المنطقة العربية، ورأت أن أي دعم للمقاومة هو تهديد لمصالحها أو لمصالح الدول التي تقف خلفهم. هؤلاء الناس لا يتعاملون مع الوقائع السياسية بموضوعية، بل يحاولون تسييس كل حدث لخدمة أجندة خارجية، سواء كانت خليجية أو غربية، ويستخدمون كل الوسائل الإعلامية، التقليدية والرقمية، لنشر خطاب مضلل يهدف إلى تشويه المقاومة وخلق صورة مزيفة عن حماس والإخوان، كما لو أنهم الجهة الوحيدة القادرة على تقييم “الحقيقة السياسية”.
يمكن ملاحظة أسلوب المداخلة في تكرار نفس الاتهامات بشكل متواصل: وصف حماس بالإرهاب، اتهام الإخوان بالفساد، تشويه أي شخصية أو مؤسسة تقف ضد مصالحهم أو مصالح الدول الأجنبية الداعمة لهم. هذا النمط من السلوك ليس وليد اللحظة، بل امتداد لسلسلة طويلة من التحالفات السياسية مع جهات خارجية، تهدف أساسًا إلى تقويض أي مشروع مقاوم أو مستقل. علاقتهم بالغرب والخليج واضحة من خلال تبنيهم الخطابات الإسرائيلية والغربية ونشرها بين الشعوب العربية لتحقيق مصالح خاصة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
المداخلة لا يعتمدون على الحقائق الموثقة، بل على الشائعات والأخبار المفبركة والتفسيرات المزيفة لتصريحات المسؤولين، سواء المحليين أو الدوليين. وعند الحديث عن الجزائر، يحاول المداخلة تشويه صورة الدعم الجزائري للمقاومة الفلسطينية، بينما الواقع يؤكد أن الجزائر كانت دائمًا على موقفها الثابت: دعم حماس شعبياً وسياسياً، واستقبال وفودهم الرسمية، والمشاركة في تعديل قرارات مجلس الأمن لتعكس مصالح الشعب الفلسطيني، كل ذلك مع الحفاظ على موقف متوازن يحترم القوانين الدولية.
خلفياتهم السياسية والفكرية تُظهر تحجرًا واضحًا في التفكير، حيث يرفضون أي نقاش جاد، ويعتمدون على القوالب الجاهزة والتكرار، وكأنهم يرددون نصوصًا محفوظة من الخارج، بدل التعامل مع الواقع بشكل نقدي ومنطقي. هذه الصفات تجعل المداخلة أداة خفية للضغط على المجتمعات العربية، ونشر اليأس أو التشكيك في أي مشروع مقاوم، بينما الحقيقة الميدانية تشير إلى دعم شعبي واسع للمقاومة ورفض التدخلات الأجنبية في السياسة الداخلية العربية.
ارتباط المداخلة بالإعلام المضلل يظهر بشكل جلي في كيفية تكرارهم لنفس الخطابات، ونقلهم للأخبار المفبركة، والتضليل حول مواقف الجزائر الرسمية. فهم لا يتحدثون عن الوقائع بشكل مباشر، بل يستخدمون صورًا مشوهة، اقتباسات جزئية، وأحيانًا تصريحات منسوبة بشكل خاطئ لتأكيد رواياتهم. وهذا يظهر جليًا في المناقشات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتخذون من الأكاذيب أداة للتأثير على الرأي العام، بينما يسعى الكتاب والمحللون إلى توثيق الحقائق وفك الالتباس بين الأكاذيب والواقع.
من خلال دراسة سلوك المداخلة، يمكننا تحديد ثلاثة عناصر رئيسية:
1. التأثير الخارجي: ميلهم لتأييد سياسات الغرب والخليج على حساب المصالح العربية والمقاومة.
2. التحريف الإعلامي: استخدام الإعلام لنشر الأكاذيب والتضليل وتغيير وعي الجماهير.
3. العقليات المتحجرة: رفض النقاش العقلاني، والاعتماد على التكرار والحفظ بدل التحليل والتفكير النقدي.
الهدف من هذا الفصل هو أن يفهم القارئ طبيعة المداخلة، أصولهم الفكرية، وتحالفاتهم مع الخارج، وكذلك الأسباب الحقيقية وراء كراهيتهم لحماس والإخوان. معرفة هذه الحقائق تمكّن القارئ من التمييز بين الواقع والزيف، وفهم أن موقف الجزائر الداعم للفلسطينيين والمقاومة هو موقف ثابت، مستقل، لا يخضع للتهديدات أو للضغوط الخارجية. هذا التوضيح أساسي لفهم بقية الفصول القادمة، حيث سنتناول بالتفصيل الأكاذيب التي يروجها المداخلة، وأساليبهم في التحريض، وكذلك دور الإعلام في التضليل، والردود الواقعية والسياسية التي اعتمدتها الجزائر لدعم المقاومة وحماية مصالح الفلسطينيين
هذا الكتاب هو محاولة جادة لتوضيح حقيقة ظاهرة المداخلة، التي تمثل تيارًا سياسيًا وفكريًا معاديًا لحركة حماس والإخوان المسلمين. هدفنا ليس الهجوم، بل التحليل والوعي، لفهم كيف يعمل هؤلاء الأفراد أو المجموعات، وكيف يؤثرون على الرأي العام العربي. المداخلة ليسوا مجرد أشخاص عشوائيين، بل شبكة مترابطة من الأفكار والسياسات، تستمد دعمها من علاقات خارجية مع دول الخليج والغرب. تظهر في تصرفاتهم محاولات مستمرة لتشويه الحقائق وتزييف الواقع، باستخدام وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، والأخبار المفبركة. يسعون دائمًا لتصوير المقاومة والحقائق الوطنية بطريقة سلبية، بحيث تبدو أي خطوة مقاومة كخطر على الاستقرار أو تهديد لمصالحهم ومصالح الدول الداعمة لهم. يعتمدون على التكرار والتضليل النفسي لنشر أكاذيبهم، وإقناع الجمهور بها، مع تجاهل الوقائع التاريخية والسياسية. هذا الفصل يهدف إلى تقديم تعريف واضح للمداخلة، توضيح أصولهم الفكرية، والخلفيات السياسية التي شكلت مواقفهم الحالية. سنتطرق إلى علاقتهم بالدول الغربية والخليجية، وتأثير ذلك على آرائهم واتهاماتهم المستمرة لحماس والإخوان. كذلك سنوضح كيف يستخدمون الإعلام المضلل لنشر رسائلهم وتحريف الوقائع، وكيف يخلقون حالة من الانقسام الفكري بين الجماهير العربية. سيكون التحليل مفصلًا، مع أمثلة حقيقية، لتوضيح الفارق بين الحقيقة والشائعات. الهدف هو أن يفهم القارئ طبيعة المداخلة، ولماذا يكرهون المقاومة، وكيف أصبحوا أداة لأجندات خارجية، مستغلين الجهل السياسي للجمهور
المداخلة يمتلكون خلفيات سياسية وفكرية محددة تجعلهم يكررون نفس الاتهامات ضد حماس والإخوان. هذه الخلفيات تشمل ميلهم لتأييد سياسات الغرب والخليج، ورفض أي مقاومة شعبية حقيقية، لأن ذلك يتعارض مع مصالحهم أو مصالح من يدعمهم. يركزون على تصوير أي دعم للمقاومة كتهديد للأمن والاستقرار، ويستخدمون الأكاذيب بشكل ممنهج لإقناع الآخرين بصحة رؤيتهم. أساليبهم النفسية تعتمد على تكرار الاتهامات، تحريف الأخبار، وإثارة المشاعر السلبية تجاه المقاومة. يظهر في سلوكهم جهل سياسي واضح، حيث يخلطون بين الواقع السياسي والمواقف الإعلامية، ويتجاهلون الحقائق التاريخية والسياسية. علاقتهم بالغرب والخليج تجعلهم يرددون الخطابات الإسرائيلية والغربية، وينقلونها إلى الشعوب العربية كما لو كانت حقائق مطلقة. يكررون نفس الاتهامات: وصف حماس بالإرهابية، اتهام الإخوان بالفساد، وتشويه كل من يقف ضد مصالحهم أو مصالح الدول التي تدعمهم. هذه المواقف ليست جديدة، بل امتداد لسلسلة تحالفات مع جهات خارجية هدفها تفكيك أي مشروع مقاوم مستقل. استخدامهم للأخبار المفبركة والشائعات يجعلهم أدوات ضغط نفسي على الجمهور العربي، ويخلق صورة مشوهة عن المقاومة. هذا الفصل يوضح أصولهم الفكرية، تأثير خلفياتهم السياسية، وكيفية استغلال الإعلام لنشر رؤيتهم المضللة بطريقة ممنهجة ومنظمة
المداخلة يعتمدون على الإعلام بشكل أساسي لنشر أجندتهم، ويستغلون كل وسيلة متاحة، من التلفزيون التقليدي إلى منصات التواصل الاجتماعي. يسعون لتقديم الأخبار بشكل مشوه، مقطوع من سياقها، أو تحريف الوقائع بما يخدم أهدافهم. مثال على ذلك استخدام بعض القنوات العربية والغربية لتقديم صورة سلبية لحماس والإخوان، بينما الواقع التاريخي والسياسي يثبت عكس ذلك. الإعلام بالنسبة لهم أداة نفسية لتشكيل الرأي العام، وزرع الانقسام بين الجماهير، وتشويه الصورة الوطنية والمقاومة. يستغلون ضعف المعرفة السياسية لدى بعض الجمهور، ليتمكنوا من تمرير أكاذيبهم بسهولة. يكرسون جهودهم لتكرار نفس الأكاذيب، مما يجعلها تبدو حقيقة متفق عليها لدى البعض. المداخلة لا يقدمون أي دليل موثق على ما يروجون له، بل يعتمدون على الإشاعات والتحريف المستمر، مع تجاهل المواقف الرسمية والقرارات الدولية. علاقاتهم بالدول الداعمة لهم تجعلهم أداة لنشر أجندة خارجية، وتحقيق مصالح خاصة على حساب الحقيقة والمقاومة. هذا الفصل يستعرض دور الإعلام في نشر الأكاذيب، كيفية التحكم في الرواية، وتأثير ذلك على وعي الجماهير العربي والإسلامي. كما نوضح الفرق بين نقل الحقيقة ونشر التضليل، وكيف يستخدم المداخلة الإعلام لترويج أجندته السياسية والفكرية.
المداخلة ليسوا مجرد تيار فكري، بل يمتلكون أهدافًا سياسية محددة تستهدف تفكيك أي مقاومة حقيقية. الكراهية الممنهجة لحماس والإخوان جزء من هذه الاستراتيجية، حيث يسعون لتشويه سمعة المقاومة والإسلاميين المعتدلين، وإضعاف أي مشروع مقاوم مستقل. يستخدمون الأكاذيب المكررة بشكل يومي، منها اتهامات مثل سرقة نصف مليار دولار، أو تصوير الإخوان على أنهم سبب كل الفساد في المنطقة. هذه الأكاذيب لا تستند إلى أي دليل رسمي، لكنها تتكرر بشكل ممنهج لإقناع الجمهور. علاقتهم بالغرب والخليج تجعلهم يكررون الخطابات الإسرائيلية والغربية، وينسخونها حرفيًا لتطبيقها على واقع المقاومة الفلسطينية. يعتمدون على التكرار والتحوير النفسي لإقناع الجمهور، مع تجاهل كل الحقائق التاريخية والسياسية. كل موقف أو تصريح يُقدم من المداخلة يهدف إلى تضليل الرأي العام، وصرف الانتباه عن المواقف الرسمية للدول التي تدعم المقاومة، مثل الجزائر. يركزون على تصوير المقاومة كتهديد للأمن والاستقرار، بينما الحقيقة واضحة: المقاومة جزء من حق الشعوب في الدفاع عن نفسها ضد الاحتلال. هذا الفصل يوضح الخلفيات الفكرية والسياسية للمداخلة، أهدافهم الاستراتيجية، وكيف يستخدمون الأكاذيب والتضليل النفسي لتثبيت رؤيتهم المضللة.
المداخلة يظهرون ميلًا واضحًا لتأييد سياسات الغرب والخليج العربي، ويستخدمون ذلك لتبرير مواقفهم ضد المقاومة. في نقاشاتهم، يكررون الاتهامات بأن حماس والإخوان يشكلون تهديدًا للأمن والاستقرار، بينما يغفلون حق الشعوب في الدفاع عن نفسها. تتجلى هذه المواقف في تبنيهم الخطابات الإسرائيلية والغربية، وكأنها حقائق مطلقة يجب على الجميع تصديقها دون نقاش. يعتمدون على وسائل الإعلام لنشر هذه الروايات المضللة، مستخدمين تحريف الأخبار وانتقاء المعلومات بما يخدم أهدافهم الخاصة. علاقتهم بالدول الغربية والخليجية تمنحهم الدعم المالي والسياسي، وتساعدهم في نشر وجهات نظرهم بشكل واسع بين الجماهير العربية. المداخلة يحاولون تشويه أي مشروع مقاوم مستقل، ويخلقون حالة من الارتباك الفكري بين الشعوب، لتصبح المقاومة موضوعًا للنقد والاتهام المستمر. هدفهم الأساسي هو منع أي دعم شعبي أو سياسي للمقاومة، وتحويل الانتباه عن الحقائق التاريخية والسياسية. هؤلاء الأفراد يتصفون بجهل سياسي واضح، حيث يخلطون بين الواقع والمواقف الإعلامية، ويغفلون كل الأدلة الرسمية والوثائق التاريخية. استراتيجيتهم تعتمد على التكرار والتحوير النفسي، لتثبيت أكاذيبهم في ذهن الجمهور، مما يجعلها تبدو وكأنها حقيقة. هذا الفصل يوضح آليات تأثيرهم، ويبين الفارق بين الرأي المدعوم بالحقائق وبين التضليل.
أصل المداخلة الفكري يرتبط برفض أي مقاومة شعبية حقيقية، حيث يرون فيها تهديدًا لمصالحهم أو مصالح الدول التي تدعمهم. يظهر ذلك في رفضهم لأي دعم سياسي أو شعبي لحماس، محاولين تصوير كل خطوة مقاومة كخطر على الأمن العام. يستخدمون الأكاذيب المنهجية لتبرير مواقفهم، وتشويه الصورة الحقيقية للمقاومة، مستفيدين من ضعف الثقافة السياسية لدى الجمهور. في وسائل التواصل الاجتماعي، يقومون بنقل الأخبار المغلوطة والمعلومات المفبركة بطريقة منظمة، مما يجعلها تبدو مقنعة للبعض. علاقتهم بالغرب والخليج تعزز هذه الممارسات، حيث يجدون دعمًا ماليًا وسياسيًا لنشر رواياتهم. كما يكررون الاتهامات ضد الإخوان المسلمين، متجاهلين دورهم التاريخي في العمل السياسي والاجتماعي، ويروجون أساطير عن فسادهم أو سرقة أموال. هذه الممارسات تهدف إلى تشويه صورة أي جهة مقاومة، وتحويل النقاش العام نحو الأكاذيب بدل الوقائع. المداخلة يحاولون السيطرة على وعي الجماهير، باستخدام الإعلام والإشاعات، حتى يصبح الجمهور متيقنًا من صحة أكاذيبهم دون التحقق من المصادر الرسمية. من المهم فهم أن المداخلة ليسوا مجرد أشخاص معارضين، بل تيار فكري يمتلك أدوات ضغط قوية تؤثر على الرأي العام العربي.
يتضح أن المداخلة يعتمدون على أسلوب التكرار والتحريف المستمر للأخبار، بحيث تصبح الأكاذيب مقنعة لدى بعض الناس. يركزون على تصوير حماس والإخوان كجهات تهدد الأمن والاستقرار، بينما الواقع يثبت العكس. استخدامهم الإعلام الغربي والخليجي لترويج هذه الأكاذيب يجعلها تصل إلى الجمهور العربي بشكل أكبر، ويضفي عليها مصداقية مزيفة. يظهر تأثيرهم في النقاشات العامة، حيث يخلقون حالة من الارتباك الفكري ويضعون المعارضة في موقف دفاعي دائم. المداخلة لا يقدمون أي دليل رسمي على اتهاماتهم، بل يعتمدون على الشائعات والتحريف المستمر. علاقتهم بالغرب والخليج تمنحهم القدرة على نشر أجندتهم بسهولة، وتحويل النقاشات حول المقاومة إلى حملات تشويه مستمرة. يعتمدون أيضًا على استغلال ضعف المعرفة السياسية لدى الجمهور، ليتمكنوا من تمرير أكاذيبهم بدون مواجهة حقيقية. هدفهم هو تقويض أي مشروع مقاوم مستقل، وجعل الشعب يشكك في كل خطوة نحو المقاومة. يظهر هذا جليًا في محاولاتهم المتكررة لتشويه أي دعم سياسي أو شعبي لحماس، وتحويل الانتباه عن الحقائق التاريخية والسياسية.
المداخلة يستخدمون الأكاذيب بشكل ممنهج، ويكررون الاتهامات ضد حماس والإخوان بلا توقف. يصفون حماس بالإرهابية، ويروجون أساطير عن فساد الإخوان، متجاهلين الوقائع التاريخية والسياسية. هذه الممارسات ليست جديدة، بل امتداد لسلسلة طويلة من التحالفات السياسية مع جهات خارجية تهدف إلى تقويض أي مشروع مقاوم مستقل. استراتيجيتهم تشمل استخدام الإعلام، التحوير النفسي، ونشر الأخبار المفبركة، لخلق صورة سلبية عن المقاومة. علاقتهم بالدول الغربية والخليجية تجعلهم أداة لنشر أجندة خارجية، وتحقيق مصالح خاصة على حساب الحقيقة والمقاومة. المداخلة يحاولون التحكم في وعي الجماهير العربي، من خلال الإشاعات والتحريف المستمر، وجعل الأكاذيب تبدو كحقيقة. يعتمدون على التكرار المستمر، مما يجعل الجمهور يصدق ما يسمع أو يقرأ، دون التأكد من المصادر الرسمية. هذا الفصل يوضح كيف نشأت المداخلة، وأصولها الفكرية والسياسية، وأساليبها في التأثير على الرأي العام.
تاريخ المداخلة يعكس سلسلة طويلة من المواقف المعادية للمقاومة، حيث يمتد تاريخهم إلى عقود من دعم سياسات دولية تهدف لتقويض أي مشروع مقاوم مستقل. يظهر في سلوكهم أنهم لا يعتمدون على الحقائق أو المستندات الرسمية، بل على الأخبار المفبركة والتضليل الإعلامي. يستخدمون الإعلام الغربي والخليجي كأداة رئيسية لنشر أكاذيبهم وتحويل النقاشات العامة لصالح أجنداتهم. المداخلة يركزون على تشويه أي دعم شعبي أو سياسي لحماس، ويصورون أي خطوة مقاومة كخطر على الأمن والاستقرار، متجاهلين حقوق الشعوب في الدفاع عن نفسها ضد الاحتلال. علاقتهم بالغرب والخليج تجعلهم يعكسون سياسات هذه الدول في الخطاب المحلي، مع محاولة جعلها تبدو كحقائق مطلقة لا جدال فيها. أسلوبهم يعتمد على تكرار الاتهامات، تحريف الأخبار، واستغلال ضعف الثقافة السياسية لدى الجمهور العربي. الهدف من هذه الأساليب هو خلق حالة من الالتباس الفكري، بحيث يصبح الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والأكاذيب. هذا الفصل يوضح آليات تأثير المداخلة على الوعي الجماهيري، وكيفية استخدام الإعلام والتحريف النفسي لتحقيق أهدافهم السياسية والفكرية.
المداخلة يحاولون أيضًا خلق حالة من الصراع الداخلي بين الجماهير العربية، من خلال تشويه صورة المقاومة وجعلها تبدو كجهة غير شرعية أو خطيرة. يعتمدون على الإثارة الإعلامية ونشر الأخبار المفبركة لتوجيه الرأي العام نحو التشكيك بحقيقة المواقف الفلسطينية. هذه الطريقة تجعلهم أداة للغرب والخليج في الضغط على الدول العربية والدعم السياسي للسياسات الإسرائيلية. علاقتهم بالدول التي تدعمهم تمنحهم القدرة على نشر الأكاذيب بشكل واسع ومنظم، بحيث يصعب على الجمهور العادي التحقق من المعلومات. المداخلة يستخدمون أساليب التحريف النفسي، لجعل الأكاذيب تبدو مقنعة، وخلق وهم المعرفة عند المتلقي، حتى يصدق ما يسمع أو يقرأ دون التحقق. يظهر تأثيرهم بوضوح في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم تحويل النقاشات السياسية إلى حملات تشويه متكررة ضد حماس والإخوان. هؤلاء الأفراد لا يقدمون أي دليل رسمي على ادعاءاتهم، بل يعتمدون على الشائعات والتضليل المستمر، مستفيدين من ضعف الثقافة السياسية لدى الجمهور العربي. هدفهم الرئيسي هو تقويض أي مشروع مقاوم مستقل، وإضعاف الثقة بين الشعوب ومقاومتها.
أصول المداخلة الفكرية والسياسية تعود إلى تحالفات قديمة مع قوى دولية ترغب في إضعاف أي مقاومة حقيقية للشعوب العربية. يظهر ذلك في كيفية تبنيهم الخطابات الغربية والإسرائيلية، وتحويلها إلى وسائل ضغط على الشعوب العربية. يعتمدون على استغلال ضعف المعرفة السياسية لدى الجماهير، وتحويل النقاشات حول المقاومة إلى جدل دائم قائم على الأكاذيب والتزييف. المداخلة يكررون دائمًا نفس الاتهامات، مثل وصف حماس بالإرهابية، وتشويه صورة الإخوان، مع تجاهل كل الحقائق الرسمية والتاريخية. يظهر تأثيرهم في تشويه المواقف الرسمية للدول العربية الداعمة للفلسطينيين، وتحويل النقاشات العامة إلى مسرحية أكاذيب مستمرة. هذه الممارسات تجعل المداخلة أداة لأجندات خارجية، هدفها الأساسي هو منع أي دعم شعبي أو سياسي لحماس والمقاومة. استخدامهم الإعلام الغربي والخليجي يعزز قدرتهم على التأثير على الرأي العام العربي، وتحويل الأكاذيب إلى حقائق ظاهرية.
المداخلة لا يتوقفون عن تكرار الأكاذيب، ويستمرون في التشكيك بأي دعم للمقاومة، سواء كان شعبيًا أو سياسيًا. يعتمدون على نشر الشائعات والأخبار المفبركة، مع تقديمها بطريقة تبدو موثقة، مما يجعل الجمهور يصدقها دون تحقق. علاقتهم بالدول الغربية والخليجية تمنحهم الدعم اللازم للاستمرار في حملاتهم ضد حماس والإخوان. يظهر تأثيرهم أيضًا في خلق حالة من الارتباك الفكري بين الجماهير، بحيث يصبح التمييز بين الحقيقة والأكاذيب صعبًا. هذه الاستراتيجية تتيح لهم السيطرة على وعي الجماهير، وتحويل النقاشات العامة إلى جدل مستمر قائم على التضليل الإعلامي والتحريف النفسي. المداخلة يستخدمون أيضًا أسلوب التكرار المستمر، لتثبيت الأكاذيب في ذهن المتلقي، وكأنها حقيقة مطلقة. الهدف من ذلك هو منع أي مشروع مقاوم مستقل، وإضعاف الثقة الشعبية بالمقاومة والمبادرات السياسية.
ظهور المداخلة في الإعلام يشير إلى نمط منهجي من التضليل، حيث يقومون بتحريف الأخبار والتلاعب بالمعلومات، مع تقديمها على أنها حقائق مؤكدة. يستخدمون وسائل الإعلام الاجتماعي لنشر هذه الروايات، مع اختيار جمهور معين يكون أكثر قابلية للتأثر. هذا الأسلوب يجعل الأكاذيب تبدو معقولة، حتى بالنسبة للأشخاص الذين لديهم معرفة أساسية بالشأن السياسي. علاقتهم بالدول الغربية والخليجية تجعلهم أداة تنفيذية لأجندات خارجية، تهدف إلى تقويض أي مشروع مقاوم مستقل. يظهر تأثيرهم بشكل واضح في محاولة تشويه أي دعم سياسي أو شعبي لحماس، وإضعاف الثقة بالمقاومة بشكل منهجي. يعتمد المداخلة على التحريف النفسي، بحيث يصدّق المتلقي الأكاذيب من دون أن يدرك أنها ملفقة، مما يعزز سلطتهم الفكرية والسياسية. الهدف هو خلق حالة من الالتباس الفكري، بحيث يصبح الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والأكاذيب.
المداخلة يستخدمون أساليب متكررة في تشويه المعلومات، ويستغلون أي ضعف في الثقافة السياسية لدى الجمهور العربي. تعتمد استراتيجيتهم على خلق حالة من الارتياب المستمر حول المواقف الحقيقية للمقاومة، وتحويل كل دعم إلى تهديد محتمل. علاقتهم بالدول الغربية والخليجية تمنحهم الدعم المالي والسياسي لنشر الأكاذيب، وتحقيق أهدافهم الخاصة. يظهر تأثيرهم في وسائل الإعلام، حيث يتم تقديم الأخبار المغلوطة على أنها حقائق، مع تقديم سرد متكامل يشوه الواقع. يعتمدون أيضًا على تكرار الاتهامات، وتحريف الأحداث، وإخفاء المعلومات الأساسية التي تثبت شرعية المقاومة. هذا النهج يجعل المداخلة قوة مضللة، تهدد وعي الجمهور العربي، وتمنع أي فهم حقيقي للمقاومة والمواقف الوطنية.
تاريخ المداخلة يظهر استمرارها كتيار معادٍ للمقاومة منذ عقود، حيث تعاونوا مع جهات خارجية لزعزعة استقرار أي مشروع مقاوم مستقل. تظهر هذه العلاقة في تبني الخطابات الغربية والإسرائيلية، ومحاولة إعادة إنتاجها في المجتمعات العربية. يعتمدون على التحريف والتضليل الإعلامي لتقديم الأكاذيب على أنها حقائق، مستفيدين من ضعف الثقافة السياسية لدى الجماهير. المداخلة يركزون على تشويه أي دعم سياسي أو شعبي لحماس، ويصورون المقاومة كخطر مستمر على الأمن العام. علاقتهم بالدول الغربية والخليجية تجعلهم قادرين على تحويل الأكاذيب إلى حملات مستمرة، تستهدف الرأي العام العربي. هذه الاستراتيجية تجعل المداخلة أداة قوية للتأثير على الوعي الجماهيري، وتحويل النقاشات العامة إلى جدل قائم على الأكاذيب.
المداخلة يكررون دائمًا نفس الاتهامات، مثل وصف حماس بالإرهابية، وتشويه صورة الإخوان، مع تجاهل الحقائق التاريخية والسياسية. يعتمدون على وسائل الإعلام والغربية والخليجية لنشر هذه الأكاذيب، وإعطائها مظاهر الرسمية والشرعية. يظهر تأثيرهم في خلق حالة من الالتباس الفكري بين الجماهير، بحيث يصبح التمييز بين الحقيقة والأكاذيب صعبًا. هذه الطريقة تجعلهم أداة لأجندات خارجية، هدفها الأساسي منع أي دعم شعبي أو سياسي لحماس والمقاومة. المداخلة يستخدمون أيضًا التكرار المستمر والتحريف النفسي، لتثبيت الأكاذيب في ذهن الجمهور، وكأنها حقيقة مطلقة. هذا يضع المقاومة في موقف دفاعي دائم، ويحول النقاشات العامة إلى مسرحية أكاذيب مستمرة.
المداخلة لا يعتمدون على الحقائق أو المستندات الرسمية، بل على الأخبار المفبركة والتحريف المستمر للواقع. يستخدمون الإعلام الاجتماعي والخليجي والغربي كأداة رئيسية لنشر الأكاذيب، وجعلها تصل إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور العربي. يظهر تأثيرهم في خلق حالة من الارتياب المستمر، وتحويل النقاشات حول المقاومة إلى جدل قائم على التضليل الإعلامي. الهدف هو إضعاف الدعم الشعبي والسياسي للمقاومة، وتحويل الانتباه عن الحقائق التاريخية والسياسية. هذه الأساليب تجعل المداخلة قوة مضللة، تهدد وعي الجمهور، وتمنع أي فهم حقيقي للمقاومة والمواقف الوطنية.
المداخلة يستخدمون الأكاذيب بشكل منهجي، مع تكرار الاتهامات ضد حماس والإخوان، وتصويرها كجهات خطيرة على الأمن العام. يعتمدون على الإعلام الغربي والخليجي لترويج هذه الأكاذيب، وإضفاء مظاهر الشرعية على ادعاءاتهم. يظهر تأثيرهم في خلق حالة من الالتباس الفكري بين الجمهور، بحيث يصبح التمييز بين الحقيقة والأكاذيب صعبًا. استراتيجيتهم تشمل التحريف النفسي، استغلال ضعف الثقافة السياسية، وتكرار الأكاذيب حتى تصبح مقبولة لدى البعض. الهدف من هذه الأساليب هو منع أي دعم شعبي أو سياسي لحماس والمقاومة، وتحويل النقاش العام إلى جدل قائم على الأكاذيب والتضليل.
النتيجة النهائية لتأثير المداخلة على الرأي العام العربي هي حالة من الالتباس المستمر، بحيث يصبح الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والأكاذيب. تعتمد استراتيجيتهم على تكرار الاتهامات، التحريف المستمر للأخبار، واستغلال الإعلام الغربي والخليجي. الهدف النهائي هو تقويض أي مشروع مقاوم مستقل، وإضعاف الثقة بالمقاومة والمبادرات السياسية. هذا الفصل يوضح أصول المداخلة،
أساليبها، تأثيرها على الجمهور، وعلاقتها بالغرب والخليج، ليتمكن القارئ من فهم طبيعة هذا التيار الفكري والسياسي، وكيفية مواجهته بالحقائق والتحليل الواقعي.
الفصل الثاني يركز على مواقف المداخلة تجاه حركة حماس والإخوان المسلمين، والتي تتسم بالكراهية الممنهجة والتحيز الواضح. المداخلة يكرهون أي مشروع مقاوم مستقل، ويرون في دعم حماس تهديدًا لمصالحهم ومصالح الدول التي يقفون خلفها. تعتمد حملاتهم على التضليل الإعلامي المتكرر، وترويج الأكاذيب حول فساد الإخوان وسوء نوايا حماس، مع تجاهل كل الإنجازات السياسية والاجتماعية التي قدمتها المقاومة للشعب الفلسطيني. هؤلاء لا يستخدمون أي دليل رسمي، بل يعتمدون على الشائعات والتحريف النفسي لجعل الجماهير تصدق الأكاذيب وتشكك في شرعية المقاومة. الهدف هو تحويل أي دعم سياسي أو شعبي لحماس والإخوان إلى موضوع خلاف دائم، يجعلهم في موقف دفاعي مستمر.
المداخلة يروجون أسطورة سرقة حماس لنصف مليار دولار من تبرعات الجماهير، وهي أكذوبة لا أساس لها، لكنها تستخدم لتشويه سمعة المقاومة أمام الرأي العام العربي. هذه الأسطورة تتكرر بشكل متواصل في وسائل الإعلام الخليجي والغربي، بهدف خلق صورة نمطية عن حماس بأنها حركة فاسدة وغير موثوقة. المداخلة يعرفون أن الجمهور العادي لا يستطيع التحقق من المعلومات بسهولة، فيستغلون ذلك لتثبيت الأكاذيب في ذهن المتلقي. هدفهم الأساسي هو تقويض ثقة الجماهير بالمقاومة، وإضعاف أي دعم شعبي أو سياسي لها، وتحويل النقاشات إلى جدل دائم قائم على التضليل والتحريف.
أسلوب المداخلة يعتمد على الجمع بين الأكاذيب والتحريف النفسي، بحيث يجعل الجماهير تشعر أن ما يسمعونه هو الحقيقة المطلقة. يخلطون بين الانتقادات المشروعة وأكاذيب مغرضة، ويحاولون تصوير أي دعم لحماس على أنه تهديد للأمن والاستقرار. هذه الطريقة تجعلهم قادرين على السيطرة على وعي الجماهير، وتحويل النقاشات العامة إلى صراع عقائدي وسياسي قائم على الخوف والريبة. يظهر تأثير المداخلة في الإعلام بشكل واضح، حيث يتم تقديم المعلومات بطريقة مختلطة بين الحقيقة والكذب، لتشتيت الانتباه وإخفاء الحقائق التاريخية والسياسية.
المداخلة لا يقتصر تأثيرهم على الإعلام فحسب، بل يمتد إلى شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يقومون بنشر الأكاذيب والشائعات بطريقة منظمة. هذه الحملات تهدف إلى تشويه صورة حماس والإخوان، وجعلهم يظهرون كجهات غير شرعية وخطرة على المجتمع. يكررون دائمًا نفس الادعاءات، مثل الاتهام بالفساد المالي والسياسي، مع تجاهل الإنجازات والمواقف الشرعية للمقاومة. استراتيجيتهم تهدف إلى خلق حالة من الالتباس الفكري، بحيث يصبح الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والكذب، ويقبل الرواية المضللة دون تفكير نقدي.
الأكاذيب التي يروجها المداخلة تشمل أيضًا تزييف الوقائع التاريخية، وتحريف مواقف المسؤولين الرسميين. يظهر هذا بوضوح في الادعاءات حول تعامل حماس مع السلطة الفلسطينية، حيث يحرفون الحقائق لجعل المقاومة تبدو كخارجة عن القانون أو تهدد الاستقرار. المداخلة يسعون إلى تقويض أي مشروع مقاوم مستقل، وتحويل الدعم الشعبي والسياسي إلى قضية خلاف دائم. هذا النهج يعكس ولاءهم لأجندات خارجية، تهدف إلى منع أي مقاومة فعّالة، وإضعاف الثقة في حماس والإخوان كقوة سياسية واجتماعية.
المداخلة يعتمدون على التشويه المتكرر للأحداث، واستغلال ضعف الثقافة السياسية لدى الجمهور العربي. هذه الاستراتيجية تجعلهم قادرين على تحويل أي موقف إيجابي للمقاومة إلى قضية جدلية، مع خلق انطباع سلبي دائم عن حماس والإخوان. يتم توظيف الإعلام الغربي والخليجي لنشر هذه الأكاذيب، وإضفاء مظاهر الشرعية على ادعاءاتهم. يظهر تأثير المداخلة في تحوير النقاشات السياسية، بحيث يصبح التمييز بين الحقيقة والأكاذيب صعبًا على المتلقي العادي.
الكراهية الممنهجة التي يظهرها المداخلة ضد حماس والإخوان ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لتحالفات تاريخية مع دول خارجية ترغب في إضعاف أي مقاومة حقيقية. هذه التحالفات تمنحهم الدعم المالي والسياسي لنشر الأكاذيب بشكل مستمر. يظهر تأثيرهم في خلق حالة من الالتباس الفكري، وتحويل أي نقاش حول المقاومة إلى جدل قائم على التضليل الإعلامي والتحريف النفسي. هدفهم هو إضعاف الدعم الشعبي والسياسي للمقاومة، وتحويل الانتباه عن الحقائق التاريخية والسياسية.
المداخلة لا يكتفون بالكراهية فقط، بل يسعون أيضًا لتقديم الأكاذيب على أنها حقائق مثبتة، مع تجاهل كل الوثائق والمصادر الرسمية التي تثبت شرعية حماس والمقاومة. يعتمدون على التكرار المستمر والتحريف النفسي، لتثبيت الأكاذيب في ذهن الجمهور. هذه الأساليب تجعلهم قادرين على التأثير على وعي الجماهير، وتحويل النقاشات العامة إلى جدل قائم على التضليل والتحريف، مما يمنع أي فهم حقيقي للمقاومة والمواقف الوطنية.
إحدى الوسائل التي يستخدمها المداخلة هي اختلاق القصص والأساطير حول حماس، مثل الادعاءات بسرقة الأموال أو التآمر ضد السلطة الفلسطينية. هذه الأكاذيب يتم تكرارها في الإعلام الغربي والخليجي، وتحويلها إلى روايات شبه رسمية، مما يزيد من مصداقيتها أمام الجمهور العادي. الهدف هو تشويه صورة المقاومة، وتقويض أي دعم شعبي أو سياسي لها، وتحويل النقاشات إلى جدل قائم على الأكاذيب.
المداخلة يركزون أيضًا على تصوير حماس والإخوان كجهات معزولة أو غير شرعية، بينما الواقع يثبت العكس. الجزائر، على سبيل المثال، استقبلت وفود حماس الرسميين أكثر من مرة، وساندتهم سياسيًا ودبلوماسيًا، لكن المداخلة يرفضون الاعتراف بهذه الحقائق. يظهر تأثيرهم في تشويه أي موقف إيجابي للمقاومة، وتحويل الدعم الشعبي والسياسي إلى قضية خلاف دائم، مع استغلال الإعلام الاجتماعي والغربي لإضفاء مظاهر مصداقية على الأكاذيب.
المداخلة يستخدمون أسلوب التضليل المتكرر، بحيث يتم تقديم الأكاذيب على أنها حقائق مؤكدة. يعتمدون على تكرار الاتهامات ضد حماس والإخوان، وتصويرهما كجهتين خطيرتين وغير شرعيتين. هذا النهج يجعل الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والكذب، ويقبل الرواية المضللة دون تفكير نقدي. الهدف من هذا الأسلوب هو إضعاف الثقة بالمقاومة، ومنع أي دعم شعبي أو سياسي لها، وتحويل النقاش العام إلى جدل قائم على الأكاذيب والتحريف المستمر.
المداخلة يحاولون أيضًا تشويه أي إنجازات اجتماعية أو سياسية قامت بها المقاومة، وتحويلها إلى نقاط ضعف. يعتمدون على الإعلام والغربي والخليجي لنشر هذه الأكاذيب، وجعلها تبدو وكأنها جزء من الواقع السياسي. هذه الاستراتيجية تهدف إلى خلق حالة من الالتباس الفكري، بحيث يصبح الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والكذب، ويقبل الرواية المضللة بسهولة. الهدف النهائي هو منع أي دعم شعبي أو سياسي لحماس والإخوان، وتقويض أي مشروع مقاوم مستقل.
المداخلة يعتمدون على خلق صورة نمطية سلبية عن حماس والإخوان، بحيث يصبح أي حديث عن إنجازاتهم أو مواقفهم الشرعية محل شك أو استهزاء. يستخدمون أسلوب المبالغة في نقد أي خطأ بسيط، وتحويله إلى قضية فساد أو تهديد للأمن، بينما يتجاهلون أي إنجازات فعلية. هذا النهج يظهر بوضوح في الإعلام الخليجي والغربي، حيث يتم تقديم الأكاذيب على أنها حقيقة مؤكدة، مع تجاهل أي مصادر رسمية أو وثائق تثبت شرعية المقاومة. الهدف هو تقليل الدعم الشعبي والسياسي لحماس، وجعل الجماهير تتقبل الرواية المضللة كحقيقة ثابتة.
المداخلة يكررون دائمًا نفس الادعاءات: حماس حركة إرهابية، الإخوان فاسدون، وكل من يدعم المقاومة عدو للوطن. هذه الرسائل المتكررة تُستخدم لتثبيت الانطباع السلبي في ذهن الجمهور، بحيث يصبح من الصعب عليهم تمييز الحقيقة من الكذب. يعتمدون على الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر هذه الأكاذيب، مع استخدام الصور المفبركة والمعلومات المحرفة لتعزيز مصداقية ادعاءاتهم. الهدف النهائي هو خلق حالة من الالتباس الفكري، بحيث يصبح النقاش حول المقاومة قائمًا على الأكاذيب والتحريف النفسي بدلاً من الحقائق التاريخية والسياسية.
أحد أبرز أساليب المداخلة هو الربط بين أي موقف إيجابي لحماس والإخوان مع مصالح الدول الغربية والخليجية، وكأن دعم المقاومة هو تهديد مباشر لهذه المصالح. هذا النهج يعكس تحيزهم الواضح واستغلالهم للأكاذيب للتأثير على الرأي العام. المداخلة لا يقدمون أي دليل رسمي، بل يعتمدون على الشائعات والتحريف النفسي، لخلق انطباع بأن أي دعم لحماس هو خطأ جسيم. الهدف من هذا النهج هو تحجيم الدعم الشعبي والسياسي للمقاومة، وإضعاف أي مشروع مقاوم مستقل في المنطقة.
المداخلة يستخدمون أيضًا أسلوب خلط الحقائق مع الأكاذيب، بحيث يصبح من الصعب على الجمهور العادي التمييز بين الصحيح والمزور. يقومون بتحريف تصريحات المسؤولين، وتغيير سياق الأحداث، وجعل أي موقف إيجابي لحماس يبدو وكأنه تهديد للأمن أو خيانة للوطن. هذا الأسلوب يظهر بشكل واضح في الإعلام الخليجي والغربي، حيث يتم تقديم الأكاذيب على أنها حقائق مؤكدة، ويُغفل ذكر أي إنجازات للمقاومة. الهدف هو تشويه صورة حماس والإخوان، وتقويض ثقة الجماهير بهم، وتحويل النقاشات إلى جدل قائم على الأكاذيب والتحريف النفسي.
المداخلة يسعون أيضًا لتشويه الحقائق التاريخية والسياسية حول المقاومة الفلسطينية، واستغلال أي خطأ بسيط لتحويله إلى قضية فساد أو تهديد. يستخدمون وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر هذه الأكاذيب بشكل منظم، بحيث تبدو وكأنها حقائق مؤكدة. الهدف من هذا الأسلوب هو إضعاف الدعم الشعبي والسياسي لحماس والإخوان، وجعل الجماهير تتقبل الرواية المضللة دون تفكير نقدي. هذا النهج يعكس ولاء المداخلة لأجندات خارجية، تهدف إلى منع أي مقاومة فعّالة.
المداخلة يعتمدون على التكرار المستمر للأكاذيب والاتهامات، مع تجاهل الحقائق التاريخية والسياسية. يظهر هذا بوضوح في حملاتهم ضد حماس والإخوان، حيث يتم تصويرهما كجهتين خطيرتين وغير شرعيتين، بينما الواقع يثبت العكس. الجزائر، على سبيل المثال، قدمت الدعم السياسي والدبلوماسي لحماس، واستقبلت وفودهم، وساندتهم في الأمم المتحدة. المداخلة يتجاهلون كل هذه الوقائع، ويكررون نفس الادعاءات بهدف تشويه الصورة العامة للمقاومة، وتحويل النقاشات إلى جدل قائم على الأكاذيب.
المداخلة يستخدمون الأكاذيب المتكررة لتقويض أي مشروع مقاوم مستقل، وتحويل الدعم الشعبي والسياسي إلى قضية خلاف دائم. يعتمدون على الإعلام الغربي والخليجي لتضخيم الأكاذيب، وإضفاء مظاهر مصداقية على ادعاءاتهم. يظهر تأثيرهم في تشويه أي موقف إيجابي للمقاومة، وتحويل النقاش العام إلى جدل قائم على التحريف النفسي والتضليل الإعلامي. الهدف من هذا النهج هو إضعاف الدعم الشعبي والسياسي لحماس والإخوان، ومنع أي مشروع مقاوم مستقل من النجاح.
أحد أبرز أساليب المداخلة هو اختلاق القصص والأساطير حول حماس، مثل الادعاءات بسرقة الأموال أو التآمر ضد السلطة الفلسطينية. هذه الأكاذيب تتكرر بشكل مستمر في الإعلام الغربي والخليجي، وتُحول إلى روايات شبه رسمية، مما يزيد من مصداقيتها أمام الجمهور العادي. الهدف هو تشويه صورة المقاومة، وتقويض أي دعم شعبي أو سياسي لها، وتحويل النقاشات إلى جدل قائم على الأكاذيب والتحريف النفسي.
المداخلة يحاولون أيضًا تصوير حماس والإخوان كجهات معزولة أو غير شرعية، بينما الواقع يثبت العكس. الجزائر استقبلت وفود حماس الرسميين أكثر من مرة، وساندتهم سياسيًا ودبلوماسيًا، لكن المداخلة يرفضون الاعتراف بهذه الحقائق. يظهر تأثيرهم في تشويه أي موقف إيجابي للمقاومة، وتحويل الدعم الشعبي والسياسي إلى قضية خلاف دائم، مع استغلال الإعلام الاجتماعي والغربي لإضفاء مظاهر مصداقية على الأكاذيب.
المداخلة يعتمدون على التضليل المستمر والتكرار المنهجي للأكاذيب، بحيث يتم تقديم المعلومات المضللة على أنها حقائق مؤكدة. يستخدمون الصور المفبركة والمعلومات المحرفة لتعزيز مصداقية ادعاءاتهم، وجعل الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والكذب. الهدف هو تقليل الدعم الشعبي والسياسي لحماس والإخوان، وتحويل النقاشات العامة إلى جدل قائم على الأكاذيب والتحريف النفسي، بعيدًا عن الحقائق السياسية والتاريخية.
المداخلة يستخدمون استراتيجية التشويه النفسي، حيث يحرفون الحقائق التاريخية والسياسية، ويضيفون ادعاءات وهمية، بهدف إضعاف أي مشروع مقاوم مستقل. هذا النهج يظهر بوضوح في الإعلام الخليجي والغربي، حيث يتم تقديم الأكاذيب على أنها حقائق مؤكدة، بينما يتم إخفاء أي إنجازات للمقاومة. الهدف النهائي هو تحويل الدعم الشعبي والسياسي للمقاومة إلى قضية خلاف دائم، وإضعاف الثقة بحماس والإخوان أمام الجماهير.
المداخلة يعتمدون على اختلاق الأكاذيب وتحريف الأحداث، بحيث يصبح من الصعب على الجمهور العادي التمييز بين الصحيح والمزور. يقومون بتغيير سياق تصريحات المسؤولين، وتحويل أي موقف إيجابي للمقاومة إلى تهديد للأمن أو خيانة للوطن. هذه الاستراتيجية تجعل الجماهير تصدق الأكاذيب بسهولة، وتضعف أي دعم شعبي أو سياسي لحماس والإخوان. الهدف هو خلق حالة من الالتباس الفكري والسياسي حول المقاومة الفلسطينية.
المداخلة يسعون إلى تصوير أي دعم لحماس أو الإخوان كتهديد للأمن والاستقرار، مع تجاهل الإنجازات والنجاحات الشرعية والسياسية للمقاومة. يستخدمون الإعلام الغربي والخليجي لنشر الأكاذيب بشكل منظم، وتحويلها إلى روايات شبه رسمية. الهدف هو تشويه صورة المقاومة، وإضعاف الثقة بها، وتحويل النقاش العام إلى جدل قائم على الأكاذيب والتحريف النفسي، بعيدًا عن الحقائق السياسية والتاريخية.
المداخلة يعتمدون على التضليل الإعلامي المستمر، بحيث يصبح الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والكذب. يستخدمون أسلوب المبالغة في النقد، وتحويل أي خطأ بسيط إلى قضية فساد أو تهديد للأمن، بينما يتجاهلون أي إنجازات فعلية للمقاومة. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تقويض الدعم الشعبي والسياسي لحماس والإخوان، وجعل الجماهير تتقبل الأكاذيب كرواية حقيقية.
أحد أبرز أساليب المداخلة هو اختلاق القصص والأساطير حول حماس، مثل ادعاءات سرقة الأموال أو التآمر ضد السلطة الفلسطينية. هذه الأكاذيب تتكرر في الإعلام الغربي والخليجي، وتُحوّل إلى روايات شبه رسمية، مما يزيد من مصداقيتها أمام الجمهور. الهدف هو تشويه صورة المقاومة، وتحويل النقاشات إلى جدل قائم على الأكاذيب والتحريف النفسي، ومنع أي دعم شعبي أو سياسي لحماس والإخوان
المداخلة يحاولون تصوير حماس والإخوان كجهات غير شرعية أو معزولة، بينما الواقع يثبت العكس. الجزائر قدمت الدعم السياسي والدبلوماسي للمقاومة، واستقبلت وفود حماس الرسميين، وساندتهم في الأمم المتحدة. المداخلة يتجاهلون هذه الوقائع، ويكررون الادعاءات بهدف تشويه الصورة العامة للمقاومة، وتحويل النقاشات إلى جدل قائم على الأكاذيب والتحريف النفسي.
المداخلة يعتمدون على التكرار المستمر للأكاذيب والاتهامات، مع تجاهل الحقائق التاريخية والسياسية. يظهر هذا في حملاتهم ضد حماس والإخوان، حيث يتم تصويرهما كجهتين خطيرتين وغير شرعيتين، بينما الواقع يثبت العكس. الهدف هو تقليل الدعم الشعبي والسياسي للمقاومة، وإضعاف أي مشروع مقاوم مستقل، وتحويل النقاش العام إلى جدل قائم على الأكاذيب والتحريف النفسي.
المداخلة يسعون لتشويه أي إنجازات اجتماعية أو سياسية قامت بها المقاومة، وتحويلها إلى نقاط ضعف. يعتمدون على الإعلام الغربي والخليجي لنشر الأكاذيب، وجعلها تبدو وكأنها جزء من الواقع السياسي. هذه الاستراتيجية تهدف إلى خلق حالة من الالتباس الفكري، بحيث يصبح الجمهور غير قادر على التمييز بين الحقيقة والكذب، ويقبل الرواية المضللة بسهولة. الهدف النهائي هو منع أي دعم شعبي أو سياسي لحماس والإخوان، وتقويض أي مشروع مقاوم مستقل.
الفصل الثالث: موقف المداخلة من الأشاعرة والصوفية
يُعَدّ موقف المداخلة من الأشاعرة والصوفية امتدادًا طبيعيًا لطريقتهم في التعامل مع كل مكوّن إسلامي لا يتوافق مع رؤيتهم الضيقة للدين. فالمداخلة نشؤوا على أساس رفض كل المدارس الفكرية التي ساهمت في تشكيل الوعي الإسلامي على مدار القرون، واعتبارها مدارس مبتدعة، حتى ولو كانت هذه المدارس هي التي حفظت التراث، ودوّنت العلوم، ونشرت الإسلام في بقاع واسعة من العالم. فالأشاعرة مثلاً يشكلون المذهب العقدي الأكبر في العالم السنّي، ومع ذلك يختزلهم المداخلة في كلمة واحدة: “أهل بدع”. هذه النظرة لا تعكس معرفة علمية ولا دراسة أكاديمية، بل تعبّر عن جهل مركّب يجعل صاحبه لا يرى إلا ما لُقّن به دون تمحيص أو بحث.
أما الصوفية، التي انتشرت في العالم الإسلامي منذ القرون الأولى، فقد لعبت دورًا مركزيًا في نشر الإسلام في أفريقيا وآسيا عبر الطرق السلمية، ورغم ذلك يحاول المداخلة طمس هذا التاريخ لأن وجوده يفنّد حجّتهم بأن كل من خالف قراءتهم الخاصة للنصوص هو ضال. إنهم لا ينظرون إلى الصوفية كمكوّن روحي وثقافي، بل كخطر يهدد مشروعهم القائم على تفريغ الدين من بُعده الإنساني وتحويله إلى مجموعة أوامر جامدة تخدم السلطة السياسية التي يقفون معها. ولذا نجدهم يهاجمون الأشاعرة والصوفية بنفس الطريقة التي يهاجمون بها الإخوان وحماس، مع اختلاف المجال فقط.
تكمن المفارقة في أن المداخلة لا يملكون تراثًا فقهيًا أو عقديًا يعود لقرون، بل يعتمدون على اجتهادات حديثة تعود لعدد محدود جدًا من المشايخ الذين عاشوا في بيئة سياسية تخدم أنظمة معينة. لذلك فإن صدامهم مع المدارس الإسلامية الكبرى ليس صدامًا علميًا بل صدام وجود؛ لأن وجود تلك المدارس يُسقط عنهم الوهم الذي يعيشون فيه بأنهم “الفرقة الناجية”. فعندما تقول لهم إن 80٪ من علماء الأمة عبر التاريخ أشاعرة، يصابون برجّة فكرية، ولكنهم يهربون منها بالصراخ والتصنيف بدل النقاش.
ورغم أن المداخلة يقدّمون أنفسهم كمدافعين عن السنّة، إلا أنّهم في الحقيقة يعادون المدارس التي حفظت السنّة وأصولها. فالأشاعرة هم الذين أسسوا منهج الجرح والتعديل، ودوّنوا كتب الحديث، وبنوا علم الكلام لحماية العقيدة من تحريفات الفرق. لكن المداخلة لا يستطيعون استيعاب هذا التاريخ لأنهم لم يدرسوه أصلاً، ولأن الاعتراف به يعني الاعتراف بأن فهمهم للدين ليس هو الفهم الوحيد. لذلك لجأوا إلى أسهل طريق: تكفير، تبديع، تشويه، مع أنهم لا يملكون القدرة العلمية على الرد العلمي المتزن.
كراهية المداخلة للأشاعرة والصوفية ليست مجرد خلاف عقدي، بل هي مشروع سياسي بامتياز. فهذه المدارس تمثل قوة شعبية وثقافية ضخمة تمتد من المغرب العربي إلى مصر وتركيا وشرق آسيا. وهذا الانتشار يجعلها صعبة الاختراق من قبل الأنظمة السياسية التي يريد المداخلة إرضاءها. ولذلك يُضرب عليها من خلال خطاب التخويف والتكفير، كنوع من الحرب الثقافية التي تهدف إلى خلق أجيال لا تعرف إلا خطابًا واحدًا. وهنا يظهر سبب تشابه خطاب المداخلة مع حملات الاستعمار التي كانت تصف التصوف بأنه “جهل”، والأشعرية بأنها “بدعة”.
يحاول المداخلة اختزال الأشاعرة في قضايا فرعية مثل التأويل أو الكلام، بينما يتجاهلون عمداً جهودهم في الفقه والحديث والتفسير. هذه الطريقة تُظهر عقلية انتقائية لا تستهدف الحقيقة العلمية، بل تستهدف تحطيم الرموز التاريخية لإسقاط ثقة الشعوب بعلمائها. وهو نفس الأسلوب الذي استخدمته قوى الاحتلال لشلّ المقدّرات الثقافية للأمم، لأن الأمة التي لا تحترم علمائها تصبح أضعف وأسهل للسيطرة.
أما الصوفية، فيتم مهاجمتها لأنها تمثل القوة الروحية التي تصنع التماسك الاجتماعي. فالتصوف، سواء اتفق المرء معه أو اختلف، كان دائمًا عامل تهدئة، وجمع، وتقريب بين المذاهب. وهو ما لا يناسب مشروع المداخلة القائم على الصراع والانقسام. إن روحانية الصوفية تُعَدّ تهديدًا لخطاب المداخلة القائم على التجرد من كل عمق روحي، وتحويل الدين إلى شكل بلا مضمون. ولذلك يقف المداخلة في الصفوف الأولى لمحاربة الطرق الصوفية في الجزائر وتونس والمغرب ومصر.
والمثير أن المداخلة – رغم هجومهم الشديد على الأشاعرة – يعتمدون على كتب ومصادر أشعرية دون أن يشعروا. فمعظم كتب الحديث التي يدرسونها ويستشهدون بها شرحوها علماء أشاعرة. وحتى كتب العقيدة التي يدرسونها اليوم لم تكن موجودة قبل القرن الثامن الهجري، بينما كانت الأشعرية هي المدرسة الرسمية الأولى. هذا التناقض يكشف جهلًا كبيرًا بالعقيدة الإسلامية وتاريخها، لكنه أيضاً يكشف أن عداءهم ليس علميًا بل عاطفيًا وموجهاً.
إن موقف المداخلة العدائي من هذه المدارس يسهم بشكل كبير في تفكيك المجتمع، لأنهم يحاولون إعادة إنتاج صراع مذهبي انتهى قبل قرون. فهم يعيدون إحياء معارك فكرية ليست موجودة اليوم إلا في عقولهم، ويستخدمونها لاتهام الآخرين وتشويههم. وفي ذلك إضعاف لوحدة الأمة التي تحتاج اليوم إلى التماسك أمام الأخطار السياسية، وليس إلى معارك جانبية لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة.
في نهاية هذا الفصل، يتضح للقارئ أن موقف المداخلة من الأشاعرة والصوفية ليس خلافًا فقهيًا، بل مشروع متكامل يستهدف إسقاط رموز الأمة وتاريخها وثقافتها لصالح خطاب ضيق يخدم جهات سياسية معروفة. وإذا كان المداخلة يحاربون حماس والإخوان تحت ذريعة “البدعة”، فهم يستخدمون الذريعة نفسها لمحاربة المدارس التي بنت هذا الدين. وهذا يؤكد أن مشروعهم ليس مشروع إصلاح، بل مشروع هدم ناعم يختبئ خلف شعارات دينية.
الفصل الرابع
المداخلة وتتبع سياسات الغرب واليهود
من أخطر الظواهر الفكرية التي ظهرت في العالم العربي خلال العقود الأخيرة هو ذلك التشابه العجيب بين خطاب المداخلة والخطاب السياسي والإعلامي الذي يصدر عن القوى الغربية والكيان الصهيوني. هذا التشابه لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة تشكّل هوية فكرية تقوم على النقل الأعمى لروايات جاهزة صُنعت في مراكز قرار أجنبية، ثم قُدمت للعالم الإسلامي بلباس ديني مخادع.
إن المتأمل في منشوراتهم وخطبهم وتعليقاتهم يجد أنها تحمل نفس مفردات الإعلام الغربي الذي يسعى دومًا إلى تشويه كل مقاومة، وتجريم كل حركة تحرر، وتصوير المحتل على أنه الضحية. فالمداخلة في حقيقتهم لا يملكون مشروعًا فكريًا مستقلًا، وإنما يتبنون خطابًا خارجيًا معاديا لكل ما يمت إلى الاستقلال أو المقاومة أو التحرر بصلة.
وتكمن خطورة هذا الارتباط في أنهم يقدمون هذا الخطاب كأنه منهج شرعي، ويُلبسون الأفكار السياسية الغربية لباس النصوص الدينية. وبهذا يتشكل لدى المتابع البسيط انطباع مضلل، كأن تأييد الغرب ومهاجمة المقاومة أمر يدخل في الدين نفسه. وهنا تبدأ عملية غسيل الوعي التي تجعل الناس ترى الاحتلال على أنه قوة شرعية، بينما تصبح المقاومة عندهم هي الفوضى والتمرد.
لقد أظهر الواقع أن المداخلة لا ينحازون إلى القضايا العادلة، بل ينحازون دائمًا إلى القوي المتغلب، مهما كانت جرائمه أو ظلمه. فهم يرون العالم من زاوية واحدة فقط، زاوية السلطة والقوة، ولذلك يصبح خطابهم نسخة عربية باهتة من الخطاب الذي يصدر من واشنطن وتل أبيب.
وما يكشف هذا الارتباط هو أن المداخلة يكررون أحيانًا مصطلحات لا يعرفون أصلها، ولا يدركون سياقها، لكنها وردت في الإعلام الغربي ثم تلقفوها دون تمحيص. ومع كل حدث سياسي، تجد أول من يهاجم المقاومة هم المداخلة، قبل حتى أن يعلق الاحتلال نفسه، وكأنهم في سباق لإثبات الولاء لكل ما يضعف الشعوب ويقوي المعتدي.
وهذا السلوك لا يمكن تفسيره فقط بالجهل، بل بثقافة كاملة تحولت إلى ما يشبه التبعية الفكرية، حيث يتبنى الفرد خطابًا جاهزًا، وينفصل كليًا عن واقع أمته وتاريخها وحقوقها. وهكذا يتحول إلى أداة، لا يدرك دوره، لكنه يخدم مشروعًا أكبر منه بكثير.
وتكرار هذا النموذج عبر منصات التواصل جعل من خطاب المداخلة سلاحًا بيد القوى التي ترغب في تفكيك المجتمعات، ومنع أي مشروع نهضوي أو مقاوم من التمدد. فهو خطاب يسعى إلى خلق شعب بلا إرادة، وبلا ذاكرة، وبلا وعي سياسي، وذلك أخطر ما يمكن أن تتعرض له أمة عانت طويلًا من الاحتلال والهيمنة.
لذلك فإن فهم هذا الارتباط وتفكيكه ليس مسألة فكرية فقط، بل هو ضرورة لحماية وعي الناس من الاختراق، ومنع تحويل الدين إلى أداة بيد القوى التي تريد السيطرة على المنطقة. وهذا الفصل سيكشف تفاصيل هذا الارتباط وكيف تحول إلى منظومة كاملة تستهدف وعي الأمة وهويتها.
عندما نحلل خطاب المداخلة نجد أن أبرز سماته هو إعادة إنتاج الأفكار التي يطرحها الإعلام الغربي عن المقاومة، لكن بلهجة دينية تصنع الوهم بأن هذه الأفكار شريعة سماوية. فالإعلام الغربي يصف المقاومة بالإرهاب، والمداخلة يكررون الوصف نفسه دون لحظة تفكير، وكأنهم لم يروا حجم المجازر ولا سياق الاحتلال ولا العدوان المستمر منذ عقود. هذا التطابق لا يمكن أن يكون مجرد مصادفة، لأنه يظهر في كل حدث سياسي تقريبًا، سواء كان في فلسطين أو غيرها من الساحات التي تشهد صراعًا بين شعب محتل وقوة غاشمة.
وما يثير الانتباه أن المداخلة لا يكتفون بترديد خطاب الغرب، بل يضيفون إليه لمسة تهويل ديني، ليجعلوا أي مقاومة مشروعة عملًا محرمًا، بينما يجعلون الخضوع للظلم والاستسلام للعدوان فضيلة وعبادة. وبذلك يتحول الدين من قوة تحرر إلى أداة تبرر الضعف، وتدعو إلى الخنوع، وتجرّم كل محاولة للدفاع عن النفس. وهذا التشويه الخطير حول الإسلام إلى صورة مشوهة تتوافق تمامًا مع رؤية القوى المستعمرة.
ومن المظاهر الواضحة لهذه التبعية الفكرية أن المداخلة يسارعون دائمًا إلى الدفاع عن الأنظمة التي تتحالف مع الغرب، ويحاولون إظهارها كأنها حامية للدين، بينما يهاجمون الحركات التحررية التي تواجه الظلم. وهذا ينسجم تمامًا مع السياسات الغربية التي ترى في المقاومة خطرًا، وترى في الأنظمة الخاضعة أدوات مفيدة لضبط المجتمعات. ولذلك يصبح المدخلي جزءًا من هذا الجهاز الدعائي، سواء أدرك ذلك أو لم يدركه.
كما أن المداخلة يتجاهلون بشكل كامل الجرائم التي ترتكبها القوى الغربية واليهودية، ويتجنبون الحديث عن الاحتلال، وعن حصار الشعوب، وعن قتل المدنيين، وعن محاولات محو الهوية الإسلامية. هذا الصمت ليس عفويًا، بل هو جزء من التصور العام الذي يحكمهم، وهو أن الحديث عن الظلم لا يجوز، وأن إدانة المحتل مغامرة سياسية، بينما مهاجمة المقاومة بطولة دينية.
وعندما نبحث في التاريخ نجد أن الخطاب الغربي دائمًا سعى إلى تشويه حركات التحرر، بدءًا من ثورات الشعوب ضد الاستعمار وصولًا إلى المقاومة الفلسطينية. والغريب أن المداخلة تبنوا هذا الطرح وكأنهم امتداد طبيعي لتلك القوى، فصاروا يكررون جملًا مأخوذة حرفيًا من تقارير غربية، دون حتى معرفة أصلها أو خلفياتها.
ومع انتشار وسائل الاتصال أصبح هذا الخطاب أكثر خطورة، لأنه يصل إلى الشباب بصورة يومية، ويزرع فيهم مفاهيم تقتل إرادة المقاومة، وتبني في عقولهم صورة مفادها أن الاستعمار قوة لا تُهزم، وأن المقاومة مجرد فوضى. وهذا التفكير إذا انتشر في مجتمع فقد يتحول إلى أمة مشلولة، لا تتحرك، ولا تدافع عن حقوقها، ولا ترى ظلمًا إلا وتبرره.
ومن هنا نفهم لماذا تعتبر بعض الجهات الدولية خطاب المداخلة مكسبًا مهمًا، لأنه يحارب الوعي ويبرر الظلم، ويخلق حالة من الانقسام الداخلي داخل الأمة. فبدلًا من أن تتوحد الشعوب ضد العدو، نجد جزءًا منها يقف معه فكريًا، ويهاجم أبناء جلدته نيابة عنه. وهذا أشد أنواع الاختراق خطورة، لأن العدو الخارجي يصبح له جندي داخلي يحارب بالنيابة عنه من دون أن يضطر لبذل جهد.
إن هذا التشابك بين خطاب المداخلة وخطاب الغرب واليهود ليس مجرد ظاهرة فكرية، بل هو اعتداء مباشر على هوية الأمة ووعيها، وهو ما سنواصله في الصفحات القادمة بتحليل أعمق وأكثر تفصيلًا.
عندما نتابع طريقة تفكير المداخلة نكتشف أن سبب تبنيهم للخطاب الغربي واليهودي ليس الجهل وحده، بل هو الانبهار الكامل بالقوة، فالمدخلي لا يثق إلا في الطرف المنتصر، ولا يؤمن بقضية إلا إذا دعمتها الأنظمة القوية. ولهذا يعتبر المقاومة مشروعًا فاشلًا مهما حققت من إنجازات، لأنه ينظر إليها من زاوية القوة المادية فقط، وليس من زاوية العدالة أو الحرية أو حقوق الشعوب. هذا الانبهار يجعله يتعامل مع الاحتلال وكأنه حقيقة ثابتة يجب القبول بها لا مواجهتها.
وما يزيد الأمر وضوحًا أن المداخلة لم يقفوا يومًا ليدرسوا جذور القضية الفلسطينية أو تاريخ الصراع، بل اكتفوا بمتابعة الإعلام الذي يقدم لهم الحقيقة مشوهة، ثم اتخذوا هذه الصورة أساسًا للحكم، يتحدثون فيها بثقة وكأنهم خبراء. ولذلك تراهم يقللون دائمًا من بطولة المقاومة، ويتجاهلون تضحيات الشهداء، ولا يعترفون بأي إنجاز سياسي أو عسكري تحقق، مهما كان واضحًا للجميع.
ومن جهة أخرى، فإن التشابه بين خطابهم وخطاب العدو ليس مجرد تطابق في الأفكار، بل تطابق في الأسلوب أيضًا. فالعدو يستخدم دائمًا ثلاث أدوات لتشويه المقاومة: تضخيم الأخطاء، اختلاق الأكاذيب، وتكرار الرواية الكاذبة حتى تبدو حقيقة. والمدخلي يستخدم الأدوات نفسها بحذافيرها، حتى في طريقة اختيار الكلمات، وفي الأسئلة التي يطرحها، وفي النقاط التي يكررها.
كما أن المداخلة يتعاملون مع الاحتلال بطريقة غريبة لا نجدها إلا عند الإعلام الغربي، فهم يتجنبون وصفه بالمحتل، ولا يستخدمون كلمة مجازر، ولا يذكرون سياق العدوان، بل يحاولون دائمًا تقديم المعركة كأنها صراع داخلي بين الفلسطينيين أنفسهم. هذا التشويه يهدف إلى تحويل الاحتلال من جريمة إلى أمر طبيعي، ومن ظلم إلى خلاف سياسي، وهذا يتماشى مع الطريقة الغربية في تحويل الضحية إلى متهم.
ومن علامات التبعية الفكرية أنهم يهاجمون كل دولة أو جهة تقدم دعمًا سياسيًا أو معنويًا للمقاومة، لأنهم لا يريدون لأي دولة عربية أن تمتلك قرارًا مستقلًا. ولذلك نجدهم دائمًا يهاجمون الجزائر تحديدًا، لأنها دولة لا تخضع للإملاءات الغربية، وتدافع عن حق فلسطين بوضوح. وكلما اتخذت الجزائر موقفًا لصالح المقاومة، يخرج المداخلة لاتهامها، وكأنهم يشعرون أن استقلال القرار الجزائري يهدد النموذج الذي يعيشون عليه.
ثم إن المداخلة يرفضون نشر أي معلومة إيجابية عن المقاومة، حتى لو كانت موثقة، ويعتبرونها دعاية، بينما يقبلون بكل ما يقوله الإعلام الغربي دون نقاش، ويعتبرونه الحقيقة المطلقة. وهذا يعكس خللًا كبيرًا في ميزان الثقة، لأنهم يعطون الثقة الكاملة للعدو، بينما يشككون في أبناء وطنهم ودينهم.
ويكشف هذا السلوك أن الهدف ليس البحث عن الحقيقة، بل حماية موقف مسبق تم تبنيه دون تفكير، ثم البحث عن كل ما يدعمه ولو كان كذبًا. وهذا بالضبط ما يريده الغرب، أن تبقى الشعوب منشغلة بجلد نفسها، وتركع أمام روايته، وتستسلم لأي عدوان يتعرض له الإخوة والأشقاء.
وفي نهاية هذه الصفحة نرى بوضوح أن المداخلة ليسوا مجرد تيار فكري، بل هم جزء من ماكينة دعائية عالمية، تعمل على إضعاف المقاومة وتشويه رموزها، واستبدال وعي الأمة بوعي مستورد، لا يمت لواقعها ولا لعقيدتها بصلة.
إن المتأمل في الخطاب المدخلي يلاحظ أن أصحابه لا يتعاملون مع الأحداث وفق ميزان الشريعة أو ميزان المصلحة الحقيقية للأمة، بل وفق ميزان خارجي مفروض عليهم من طرف الإعلام الغربي ومن الأنظمة التي تشكل مرجعيتهم. فهم عندما يكرّرون كلام الغرب حرفًا بحرف، لا يشعرون أنهم يقومون بعمل دخيل على ثقافة الأمة، بل يظنون أنهم يحسنون صنعًا، لأنهم فقدوا القدرة على التمييز بين ما هو نابع من عقيدتهم وما هو نابع من تأثير خارجي غريب. وهذه الأزمة الفكرية تجعلهم دائمًا يقفون في المكان الخاطئ، وفي الصف الخاطئ، وفي الجانب الذي يضرّ بالمقاومة بدل أن يدعمها.
وما يثير الانتباه أكثر هو أن المدخلي لا يملك الجرأة على انتقاد أي قوة غربية أو عربية متحالفة معها، مهما ارتكبت من مجازر أو ظلم أو خيانة. ولكنه في المقابل يمتلك جرأة مفرطة في مهاجمة المقاومة، حتى لو كانت المقاومة تدافع عن شعب كامل يتعرض للاحتلال والقتل والحصار. هذا الاختلال في الشجاعة والجبن يكشف أن موقفه ليس موقفًا دينيًا، بل موقف تبعية وخوف من خسارة امتيازات أو رضا جهات معينة. ولذلك نراه يكرر دائمًا عبارات جاهزة مستوردة من غرف السياسة والإعلام، لا من كتب العلم أو من واقع الأمة.
والأدهى من ذلك أن المداخلة يعتقدون أن الشعوب يجب أن تتكيف مع إرادة الغرب، لا أن يقاوم الغرب. فهم يتحدثون وكأنهم وكلاء معتمدون لتبرير السياسات التي تريدها القوى الكبرى. وعندما يواجهون أي رأي يخالف هذا الاتجاه، يتهمون صاحبه بالخروج، أو التسييس، أو الانحراف، أو عدم السمع والطاعة، وكأنهم جعلوا الطاعة لغير الحكام ولغير الشرع، بل للغرب نفسه، لكنهم لا يصرّحون بذلك صراحة. وبهذا الشكل يتحولون إلى قناة ناقلة لخطاب ليس من صنعهم، بل من صنع جهات أقوى تملي عليهم اتجاه الكلام.
كما أن المدخلي يتعامل مع المقاومة الفلسطينية بمنظور ضيق يشبه منظور الصحافة الصهيونية: أي انتصار للمقاومة يعتبرونه مغامرة، وأي صمود يعتبرونه فوضى، وأي تضحية يعتبرونها تهورًا، وكأنهم يكررون نفس التعليقات التي تُكتب في الصحف الغربية حين تريد تشويه أي حركة تحرر. وهذا التطابق يجعل القارئ المتابع يدرك أن الخطاب المدخلي لا ينطلق من حب للحق ولا من بحث عن الإنصاف، بل من انحياز مبدئي للخطاب الأقوى دوليًا، حتى لو كان ظالمًا وعدوانيًا.
وفي العمق، فإن المداخلة ليسوا مجرد مقلّدين، بل هم جزء من مشروع أكبر يقوم على خلق “مسلمين منزوعين من روح المقاومة”، مسلمين يقبلون الظلم إذا جاء من الأقوياء، ويرفضون المقاومة إذا جاءت من أبناء جلدتهم. وهذا النوع من التفكير يخدم مصالح دول كبرى تريد أمة ضعيفة لا تدافع عن نفسها ولا عن قضاياها، بل تكون مجرد تابع يردد ما يسمعه دون تحليل أو تمييز.
إن المداخلة حين يتحدثون عن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فإنهم لا ينطلقون من تاريخ الأمة ولا من تجارب الشعوب في التحرر، بل ينطلقون من رؤية ضيقة تحولت مع الوقت إلى عقيدة جامدة تقوم على فكرة واحدة: "الغرب هو من يحدد الصواب". هذه الفكرة الخطيرة جعلت المداخلة ينظرون إلى الاحتلال نظرة تجريدية باردة، كأنه مجرد حدث سياسي لا يحمل أي معنى أخلاقي أو إنساني، وكأن قتل الفلسطينيين مسألة طبيعية لا تستحق الغضب أو الرفض أو حتى مجرد التعاطف. ولذلك أصبح المدخلي حين يسمع عن شهيد أو مقاوم، لا يرى فيه رمزًا للشجاعة، بل يرى فيه ـ بعيون الغرب ـ "مخربًا" أو "مغامرًا".
ومن أخطر ملامحهم الفكرية أن لديهم قناعة داخلية بأن مقاومة الاحتلال ضرب من العبث، وأن التحرر وهم، وأن النصر مستحيل. هذه القناعة ليست نابعة من العلم، بل نابعة من اتباع خطاب انهزامي تمت صناعته في غرف الإعلام الغربية التي تريد لهذه الأمة أن تعيش دون أمل. ثم يأتي المداخلة ليقوموا بدور تضخيم هذا الخطاب وترويجه داخل المجتمعات العربية، حتى يصبح الإحباط جزءًا من ثقافة الناس، وحتى تختفي فكرة المقاومة من عقول الشباب شيئًا فشيئًا.
كما أن هذا التيار يعمل على تبرير سياسات الدول التي تتقاطع مصالحها مع الغرب. فإذا انتقدت هذه الدول المقاومة أو اتخذت موقفًا سلبيًا تجاه فلسطين، خرج المداخلة يدافعون عنها دفاعًا شرسًا، وكأنهم موظفون في دوائر إعلامية، لا مفكرون مستقلون. وإذا اتخذت الجزائر موقفًا شريفًا، أو إيران موقفًا داعمًا، أو دولة عربية صوتت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة، سارع المداخلة إلى تشويه هذا الموقف، لأنهم لا يريدون لأي دولة عربية أن تخالف الإرادة الأمريكية أو الغربية. وهذا وحده يكفي لفهم طبيعة هذا التيار.
ومن جهة أخرى، فإن المداخلة يملكون قدرة عجيبة على قلب الحقائق. فإذا ارتكب الاحتلال جريمة، تجدهم يبحثون عن ثغرة ليلوموا الفلسطينيين. وإذا دافعت المقاومة عن شعبها، قالوا إن المقاومة سبب الدمار. وإذا حققت المقاومة إنجازًا عسكريًا، قالوا إنه مجرد تمثيل أو دعاية. وكأنهم يعيشون في عالم موازٍ، لا يرى حقيقة إلا تلك التي يعرضها الإعلام المعادي للمقاومة.
والأدهى أن هذا الفكر لا يقتصر على الكلام، بل يتحول عندهم إلى منهج كامل في فهم الأحداث. فإذا ظهرت وثيقة رسمية تدين الاحتلال، تجاهلوها. وإذا ظهرت شواهد على جرائم الحرب، اعتبروها دعاية. لكن إذا أطلقت صحيفة غربية إشاعة عن المقاومة، تلقفها المداخلة كأنها وحي منزل، وبدأوا يكررونها في كل نقاش، حتى لو تم تكذيبها علنًا. هذا الاضطراب المعرفي يكشف أن المشكلة ليست في المعلومات، بل في الانحياز المسبق.
إن الصفحة السابقة والصفحة الحالية تكشفان صورة واضحة: المداخلة ليسوا ضحية تضليل إعلامي فحسب، بل هم جزء منه، وأحد أدواته الأكثر نشاطًا داخل المجتمعات العربية، يمارسون وظيفة تفتيت الوعي، وتطبيع الظلم، وتقديم الهزيمة على أنها قدر لا يمكن تغييره.
حين ننظر بعمق في طريقة صياغة المداخلة لخطابهم تجاه فلسطين والمقاومة، نكتشف أنّ منطلقاتهم الفكرية لا تُبنى على دراسة للواقع أو قراءة للتاريخ، بل تُبنى على مبدأ الطاعة المطلقة للأقوى. وهذا المبدأ ليس من الإسلام في شيء، لكنّه أصبح عندهم قاعدة يتعاملون بها مع كل الملفات السياسية. فالاحتلال عندهم “حقيقة واقعية” لا ينبغي تحدّيها، والمقاومة “مغامرة غير محسوبة”، والدول الداعمة لفلسطين “متهوّرة”، بينما الدول الخاضعة للغرب هي وحدها “العاقلة والمتزنة”. إن هذا النمط من التفكير لا ينتج إلا عقلية تستقوي بالظالم وتزدري المظلوم، وهي العقلية التي يحاول الغرب زرعها في الشعوب العربية منذ عقود، لخلق جيل فاقد للإيمان بالتحرر.
ولا يمكن تجاهل الدور الذي لعبته مراكز الأبحاث الغربية في بناء هذا الوعي الموجّه. فهذه المراكز نشرت آلاف الدراسات التي تبرّر للاحتلال وتشيطن المقاومة، وتقدّم خطابًا نفسيًا يقول للناس: “الاستسلام أفضل من المحاولة”. والمداخلة تلقّفوا هذا الخطاب دون وعي، وحوّلوه إلى جزء أساسي من فهمهم للواقع. وبدل أن يكون المسلم ناقدًا للخطاب الاستعماري، أصبح المداخلة يكررون هذا الخطاب كما هو، دون حذف أو تعديل، بل ويعتبرونه من الحكمة والاعتدال.
والمثير للانتباه أن هؤلاء لا يملكون أي معرفة حقيقية بتاريخ المنطقة أو جذور الصراع. فهم لا يعرفون شيئًا عن ثورة البراق، ولا عن مجازر دير ياسين، ولا عن مراحل التطهير العرقي التي مورست في فلسطين منذ 1948، ولا عن صفقات السلاح التي أمدّت بها أمريكا الاحتلال طيلة عقود، ولا حتى عن دور المقاومة في حرب 2008 و2012 و2014 و2021 و2023. إنهم يتحدثون في موضوع لم يقرأوا عنه سطرًا واحدًا، ويرددون كلام الإعلام المعادي دون أن يسألوا أنفسهم: من كتب هذا الكلام؟ ولماذا؟ وما الهدف منه؟
ومن أخطر ما يقوم به المداخلة هو إضعاف الثقة داخل الشعوب العربية. فحين يشكّكون في المقاومة، فهم في الحقيقة يزرعون الشك في قدرة الأمة على التحرر. وحين يهاجمون الجزائر لمواقفها الشريفة في الأمم المتحدة، فهم يحاولون إقناع الناس بأن الدول العربية لا يجب أن تمتلك قرارًا مستقلًا. وحين يرددون كلام الإعلام الغربي عن “فشل المقاومة”، فهم يريدون نشر فكرة أن الاحتلال قدر لا مفر منه، وأن الاستسلام هو الخيار الوحيد. هذا التدمير المعنوي أخطر بكثير من الدمار العسكري، لأنه يضرب الإرادة قبل أن يضرب الجسد.
كما أن الارتباط بين خطاب المداخلة وخطاب الاحتلال يظهر بوضوح في أسلوب الهجوم على الشعوب. فالإسرائيلي حين يريد أن يبرّر جرائمه، يقول: “الفلسطينيون هم السبب”. والمداخلة يرددون العبارة نفسها، ويضيفون عليها بعض التزييف الديني لكي تبدو أكثر قبولًا. فالاحتلال عندهم ليس مشكلة، بل المشكلة في من يقاوم الاحتلال! وهذه المفارقة لا يمكن أن تصدر من عقل حرّ، بل من عقل مستسلم للهيمنة.
وحتى في طريقة نقاشهم، ترى التشابه واضحًا. الإسرائيلي يستعمل أسلوب الهجوم بالأسئلة المشككة: “لماذا تقاتلون؟ لماذا لا تستسلمون؟ ما الفائدة؟”. والمداخلة يستخدمون الأسئلة ذاتها حرفيًا. الإسرائيلي يصف المقاومة بـ“الإرهاب”، والمداخلة يقولون الجملة نفسها دون تغيير. الإسرائيلي يتهم المقاومين بسرقة الأموال، والمداخلة ينسخون الاتهام ويقدّمونه كحقيقة. هذا التطابق ليس صدفة، بل يدل على مصدر واحد يغذي الخطابين.
في نهاية هذه الصفحة، يتبيّن لنا أن المداخلة ليسوا ظاهرة محلية كما يتوهّم البعض، بل هم امتداد فكري وإعلامي لتيار عالمي هدفه تعطيل مشاريع التحرر، وتثبيت الاحتلال، وتجريد الشعوب من روح المقاومة، وشيطنة كل من يحمل قضية عادلة. إنهم في الحقيقة أداة داخلية لاستكمال ما يعجز عنه العدو خارجيًا.
حين نواصل تتبع جذور التشابه بين خطاب المداخلة وخطاب القوى الغربية والاحتلال، نجد أن المسألة لم تعد مجرد توافق في الأفكار، بل تحوّلت إلى حالة من التبعية النفسية التي تجعلهم ينظرون إلى العالم من زاوية واحدة فقط: زاوية الرواية القادمة من الخارج. هذه التبعية لم تأتِ فجأة، بل بُنيت عبر سنوات من الاستماع المنفرد لقنوات معينة، وتلقي التعليمات من مشايخ مرتبطين سياسيًا، وتكوين عقلية تعتمد على النقل دون تمحيص، وعلى التسليم دون فحص. ولأنهم فقدوا القدرة على التحليل المستقل، أصبحوا يتعاملون مع الرواية الغربية باعتبارها مرجعًا أعلى من الحقيقة نفسها.
ومن الملاحظ أن المداخلة ينظرون إلى الأحداث دائمًا بمنظار القوة والهيمنة، لا بمنظار الأخلاق أو الحقوق أو المبادئ. بالنسبة لهم، الدولة القوية –مهما كانت ظالمة– هي التي يجب اتباعها، والمحتل القادر على فرض سيطرته يستحق الاحترام، بينما الشعوب التي تقاوم تُعتبر عندهم “خارجية” أو “متهورة” أو “مسبّبة للفوضى”. هذه الفكرة تتعارض جذريًا مع القرآن الكريم الذي جعل نصرة المظلوم واجبًا شرعيًا، ومع السُّنة التي تمجّد الشجاعة والمقاومة، ومع التاريخ الإسلامي الذي قام كله على مقاومة الظلم. لكن المداخلة لا يلتفتون إلى هذه الأسس، بل يقتصرون على طاعة القوة، لا طاعة الحق.
كما أن هذا الفكر جعلهم عاجزين عن رؤية حقيقة المشاريع الغربية في المنطقة. فالغرب لا يهمه نشر الديمقراطية ولا الاستقرار كما يدّعي، بل يريد شعوبًا ضعيفة، بلا وعي سياسي، بلا إرادة مقاومة، وبلا قدرة على الاعتماد على الذات. والمداخلة –من حيث يشعرون أو لا يشعرون– يخدمون هذا المشروع. ليس لأنهم عملاء بشكل مباشر، بل لأنهم مهيأون نفسيًا وفكريًا ليكونوا جزءًا من منظومة الهيمنة. يكفي أن يتلقوا أمرًا أو فتوى أو إشاعة حتى يحولوها إلى حملة كاملة على المقاومة والدول المستقلة.
ومن القضايا التي تكشف هذا الارتباط العميق، هي طريقة حديثهم عن فلسطين. فهم لا يذكرون كلمة “احتلال”، ولا يعترفون بالجرائم اليومية التي يرتكبها، ويغفلون عمدًا كل السياق التاريخي للصراع. وإذا تحدثوا عن المعركة، فإنهم يحولونها إلى خلاف سياسي بين “فصيلين”، وكأن المسألة ليست قضية أرض مسروقة، وحقوق منهوبة، وشعب يتعرض لإبادة. هذا التمييع يخدم الاحتلال مباشرة، لأنه يحذف هويته كعدو، ويحوّل القضية إلى مشكلة “داخلية”.
وليس غريبًا أن يكون المداخلة أول من يهاجم أي دولة عربية تتخلى عن الخنوع وتتخذ موقفًا مستقلاً. الجزائر مثال واضح: كلما دعمت المقاومة، تحركت الماكينة المدخلية لإفشال هذا الدعم عبر التشكيك والتضليل. هم لا يقبلون أن يكون للعرب موقف مستقل، لأن هذا يخالف القالب الذهني الذي تربوا عليه. ولذلك يعتبرون أن كل خطوة داعمة لفلسطين تحمل “مشروعًا سياسيًا خطيرًا”، بينما يرون التطبيع العلني والسري أمرًا طبيعيًا أو حتى “مصلحة شرعية” كما يسمونها.
كما أن اعتمادهم المطلق على الإعلام الغربي في تكوين آرائهم يظهر بوضوح في النقاشات اليومية معهم. فحين تسأل مدخليًا عن مصدر معلوماته، لن يذكر لك حدثًا موثقًا أو كتابًا محترمًا أو شهادة ميدانية، بل يذكر “سمعت”، “قيل”، “الإعلام يقول”، “الخبراء الغربيون يؤكدون”. وكأن الإعلام الغربي هو قرآن نزل من السماء، وكل ما سواه مجرد دعاية. هذا القصور المعرفي جعلهم يعيشون في عالم افتراضي لا يمت للواقع بصلة، ويتحدثون بثقة مبالغ فيها رغم افتقارهم التام للمصادر.
وفي نهاية هذه الصفحة، يظهر لنا أن المداخلة لا يمثلون اتجاهًا فكريًا طبيعيًا داخل الأمة، بل يمثلون حالة صناعة وتشكيل قامت بها جهات سياسية وإعلامية. هم نتيجة منظومة كاملة، لا مجرد أفراد أخطأوا. ومن يفهم هذا يدرك أن مواجهة هذا الفكر ليست مجرد نقاش، بل هي عملية وعي عميقة تعيد للأمة قدرتها على التمييز بين الخطاب الأصيل والخطاب المستورد.
عندما نتأمل جذور الفكرة المدخلية نجد أنّ أصل المشكلة ليس في الانحراف العلمي فقط، بل في الانحراف النفسي الذي جعل أتباع هذا التيار غير قادرين على رؤية الحقيقة إلا من خلال عدسة الحاكم، أو من خلال الإعلام الموجّه، أو من خلال خطاب خارجي لا ينتمي لثقافتهم. وهذه العدسة الضيقة تجعلهم يعيشون في عالم متخيل، عالمٍ مملوء بقواعد ثابتة لا تتغير، بينما الواقع الحقيقي من حولهم يتبدل ويتطلب فهمًا أعمق. فالمدخلي لا يرى الظلم ظلمًا ما دام الحاكم هو الفاعل، ولا يرى البطولة بطولة ما دام الغرب لا يعترف بها. وبهذا يصبح ميزان الحكم لديهم معكوسًا تمامًا.
ومن خلال تتبع مسار خطابهم نكتشف أن العلاقة بين المدخلي وبين الأنظمة الظالمة ليست علاقة فكرية فقط، بل علاقة نفسية قائمة على “الاحتماء بالقوة”. فهم لا يستطيعون تصور الإسلام في شكل مقاومة أو كرامة أو استقلال، بل يتصورونه في شكل خضوع دائم، وانبطاح مستمر، وطاعة بلا حدود، حتى لو كانت النتيجة سحق الشعوب وانتهاك الحرمات. وهذا النموذج النفسي يجعل أتباع هذا التيار يكرهون كل من يتحدث بلغة العزة، لأن العزة تُشعرهم بالضعف الداخلي الذي يهربون منه.
ولذلك فإنّ موقفهم من المقاومة ليس موقفًا مبنيًا على دليل شرعي كما يدّعون، بل مبني على خوف نفسي عميق من مفهوم “التحدي”. فالمدخلي بطبيعته لا يستطيع تقبل فكرة أن شعبًا ضعيفًا يمكن أن يقف في وجه قوة عظمى، لأن ذلك يهدم كل البناء النفسي الذي يعيش عليه. ولهذا يصابون بالارتباك كلما حققت المقاومة إنجازًا، لأن هذا الإنجاز يثبت لهم أن كيانهم الفكري هشّ، وأن قناعاتهم ليست مبنية على الواقع، بل على الاستسلام له.
وما يزيد الأمر وضوحًا أن هذا الانحراف النفسي جعلهم يقفون دائمًا مع الطرف المعتدي، ليس حبًا في المعتدي، بل هروبًا من مواجهة الحقيقة. فإذا أباد الاحتلال شعبًا، قالوا: “هذا بسبب أخطاء المقاومة”. وإذا قصفت دولةٌ الظالم شعبها، قالوا: “الخروج فتنة”. وإذا طالب الناس بحقوقهم، قالوا: “لا يجوز”. وهكذا تتحول المداخلة إلى صوت يبرر الظلم، ويمنح الطغيان غطاءً دينيًا، بينما يدّعي الالتزام بالسلف، والسلف منهم براء.
وهنا تظهر خطورة هذا التيار: إنه لا يقتل الفكر فقط، بل يقتل الروح، ويطفئ شرارة العزة، ويحوّل الإنسان من كائن يملك إرادة إلى ظلّ يتحرك حسب أوامر السلطة. وحين يُمحى الوعي، تُمحى معه القدرة على رؤية الظلم أصلًا، فيصبح الضحية مجرمًا في نظرهم، ويصبح المحتل صاحب “حق”، ويصبح المجرم المُستبدّ “ولي أمر يجب طاعته”.
عندما نُمعن النظر في طبيعة الخطاب المدخلي نجد أنه ليس مجرد رأي شاذ داخل الأمة، بل مشروع متكامل صُمّم لإحداث قطيعة بين المسلم وقضاياه الكبرى، بين المسلم وهويته، بين المسلم وضميره. فالمدخلي يُربّى على أن يهتم بصغائر المسائل الفقهية بينما يتجاهل قضايا التحرر والكرامة، ويُدرّب على البحث عن الأخطاء في الأمة بدل البحث عن حلول لمشاكلها. وهذه التربية تُنتج شخصية عاجزة عن فهم الواقع، شخصية تظن أن الإسلام دين طاعة فقط دون عدل، دين انبطاح دون مقاومة، ودين تبعية دون استقلال.
ولذلك، ترى المدخلي يتعامل مع الأمة على أنها عاجزة، وأن قوتها ليست في يدها بل في يد الحاكم فقط، وكأن الشعوب خُلقت لتكون قطيعًا، لا رأيًا لها ولا قرارًا. وهذا يُفسر لماذا يعتبرون الجهاد –بكل أشكاله– خروجًا، ولماذا ينظرون إلى كل فعل مقاوم على أنه “فتنة”، وإلى كل ثورة ضد الظلم على أنها “مؤامرة خارجية”. هذا الجمود في التفكير جعلهم أقرب إلى موظفي دعاية سياسية منهم إلى طلاب علم.
كما أن المداخلة يستمدون حججهم من منطق شديد السذاجة، إذ يظنون أن الواقع يُقاس بما يقوله الإعلام، لا بما يحدث على الأرض. فإذا قالت قناة غربية إن المقاومة متطرفة صدّقوها، وإذا قالت جهة أجنبية إن حركة تحرر إرهابية كرروا كلامها دون تفكير. بل إنهم لا يكلّفون أنفسهم عناء السؤال: من المستفيد من تشويه المقاومة؟ ومن المستفيد من إضعاف الشعوب؟ ومن المستفيد من نشر ثقافة الطاعة العمياء؟ إن طرح هذه الأسئلة وحده كافٍ ليهدم كامل البناء الفكري للمداخلة، ولذلك هم يرفضون طرحها أصلًا.
وهنا يظهر الخلل العميق في منهجيتهم: إنهم لا يدرسون الواقع، ولا يحللون الأحداث، ولا يبحثون عن الدليل الكامل، بل يقتطعون كلمات العلماء اقتطاعًا، وينقلون النصوص خارج سياقها، ثم يجعلون منها قاعدة ثابتة لا تتغير ولو تغيّر العالم كله. وهذا التجميد للنصوص لا علاقة له بالسلفية الحقيقية، بل هو تشويه لها واستخدامها كأداة لإسكات الناس.
ومن جهة أخرى، لا يمكن تجاهل أن المداخلة مجرد واجهة لمشروع خارجي أكبر، مشروع يهدف إلى تحويل المسلمين إلى شعوب مستسلمة، تقبل الظلم وترفض الدفاع عن نفسها، وتصبح مطيعة للقوى الكبرى. فكل خطاب يقدمه المداخلة يصبّ في مصلحة جهة واحدة: الاحتلال وحلفاؤه. سواء قصدوا ذلك أو لم يقصدوا، فالنتيجة واحدة: تعطيل الأمة عن النهوض، وتجميد وعيها، وإشغالها بصراعات داخلية لا نهاية لها.
إن المتابع لأسلوب المداخلة يدرك أنهم لا يعاملون القضايا السياسية والفكرية بمنطق الموازنة أو النظر الشامل، بل يتعاملون معها بعقلية انتقائية للغاية، يختارون منها ما يخدم رؤيتهم الضيقة ويتجاهلون ما سواه. ولهذا السبب تراهم يرفعون بعض النصوص إلى مقام المطلق، بينما يهملون عشرات النصوص التي تخالف توجههم أو تكشف خلل فهمهم. وعندما يواجههم إنسان عاقل بأدلة واضحة، يبدأون فورًا باتهامه بأنه “خارجي”، أو “متحزّب”، أو “متأثر بالإخوان”، لأنهم عاجزون عن الرد العلمي، فيلجؤون إلى التشويه بدل الحوار.
ولعل أخطر ما في الفكر المدخلي أنه يحاول إعادة صياغة الإسلام نفسه ليصبح نسخة مُعدّلة ترضي الغرب، نسخة منزوعٌ منها الجهاد، والمقاومة، والعزة، ورفض الظلم. إسلام بلا كرامة، بلا سيادة، بلا هوية سياسية. إنهم يحصرون الدين في مسائل الطهارة والصلاة، وكأن الإسلام لم يأتِ ليقيم العدل ويحرر الإنسان من القهر. وهذا التحريف جعلهم على تناقض تام مع تاريخ الأمة كلها؛ فلو كان منطقهم صحيحًا، لما قامت ثورة الجزائر، ولا دافع صلاح الدين عن القدس، ولا قاوم الفلسطينيون منذ مئة عام، ولا سقط مليون شهيد من أجل الحرية.
ويُلاحظ أيضًا أن المداخلة يتعاملون مع الاحتلال الإسرائيلي على أنه قدر محتوم، وكأن الأمة لا تملك خيار المقاومة. فلا حديث لديهم عن جرائم الاحتلال، ولا اعتراف بظلمه، ولا ذكر لانتهاكاته. بل ينقلون الدعاية الإسرائيلية وكأنهم مكلفون بنشرها. وهذا أمر يثير تساؤلات جدية حول مصدر خطابهم ومن يقف خلف تمويله وانتشاره.
ثم إنهم يضعون كل مشاريع التحرر –دون استثناء– في خانة “الفتنة”، وهذا يعني أن أي شعب يريد الحرية وفق منطقهم هو شعب مخطئ. وهكذا يصبح العدو عندهم أقل خطرًا من أبناء الأمة، ويصبح المقاوم أخطر من الغازي، وهذا قلب للحقائق لا يفعله إلا من خضع ذهنيًا للدعاية الأجنبية. فالغرب يريد شعوبًا خانعة، مدمنة على الطاعة، خائفة من كلمة “مقاومة”، والمداخلة هم الأداة المثالية لهذا الدور.
كما أن المداخلة يفتقرون إلى القدرة على قراءة التاريخ قراءة منصفة. فهم لا يعترفون بأن الاحتلال لم يسقط مرة في التاريخ بالتمني، ولا بالفتاوى المساندة للطغاة، بل سقط دائمًا بالتضحيات والصمود والإرادة الشعبية. ولكن هذه الحقائق تُزعجهم لأنها تعطي الشعوب قوة، وتمسكًا بحقها، وثقةً بقدرتها. وهم يريدون شعوبًا ضعيفة تعتمد على “الحاكم” كأنه إله يُدبّر كل شيء نيابة عنها.
وفي النهاية فإن صفحة اليوم تكشف جانبًا آخر من خطورة هذا التيار: إنه تيار يريد تعطيل وعي الأمة وإعادة تشكيل عقل المسلم ليصبح مطيعًا للسلطة، خاضعًا للإعلام، منكرًا للظلم، وخائفًا من الحرية. وهذه وحدها كافية لفهم لماذا يتطابق خطابهم مع خطاب الأعداء، ولماذا يتخذون موقفًا عدائيًا تجاه كل مقاومة حقيقية.
عندما نمعن النظر في الطريقة التي يبني بها المداخلة قناعاتهم، نجد أن أصل المشكلة مرتبط بنظرتهم للعالم وللإنسان وللأمة. فهم لا ينظرون إلى المسلم باعتباره كائنًا حرًا مسؤولًا عن مصيره، بل ينظرون إليه كعنصر يجب أن يبقى تحت السيطرة، لا يفكر إلا بإذن، ولا يتحرك إلا بتوجيه، ولا يثور على الظلم مهما بلغ. هذا التصور يجعلهم دائمًا في مواجهة مع كل حركة تحرر، لأن الحرية بالنسبة لهم تهديد مباشر لوجودهم الفكري، بل تهديد لسلطة من يقفون خلفه.
ومن أبرز سمات هذا التيار أنه يحاول أن يصنع لنفسه “مدرسة” خارج مسار الإسلام التاريخي. فالإسلام الذي عرفه المسلمون عبر القرون كان دينًا يجمع بين العبادة والسياسة، بين الروح والقوة، بين الإيمان والعمل. بينما المداخلة يريدون دينًا منزوعًا من السياسة، منزوعًا من العزة، منزوعًا من الرفض المطلق للظلم. يريدون إسلامًا بلا مقاومة، وبلا جهاد، وبلا كرامة، وبلا كفاح ضد المحتل، وهذا وحده يكفي لبيان أن مشروعهم ليس امتدادًا لتراث الأمة ولا لفقه علمائها.
ومن المفارقات العجيبة أنهم يصفون كل من يدافع عن فلسطين بأنه “خارجي”، بينما ينسون أن الأمة كلها وقفت ولا تزال تقف مع الحق الفلسطيني، من العلماء، إلى الفقهاء، إلى الشعوب، إلى الثورات. فهل يعقل أن يكون كل هؤلاء “خوارج” وأن يكون المدخلي وحده على الصواب؟ هذا تناقض لا يصمد أمام أبسط معايير العقل. لكنه يكشف بصراحة أن التهمة ليست دينية، بل سياسية، هدفها تشويه أي عمل مقاوم مهما كان مشروعًا.
ويُلاحظ كذلك أن خطابهم شديد القسوة تجاه المقاومين، لكنه لينٌ وناعمٌ تجاه الظالمين والطغاة. يهاجمون المجاهد الذي يقاتل العدو، لكنهم لا يهاجمون الاحتلال الذي يقتل الأطفال. ينتقدون الشهداء، لكنهم لا ينتقدون القتلة. يلومون الشعوب على مقاومتها، لكنهم لا يلومون المحتل على عدوانه. هذا الانحياز الفج يكشف أن ميزانهم الأخلاقي مختل تمامًا، وأنهم اختاروا الاصطفاف مع الأقوى وليس مع الأعدل.
كما أن المداخلة لا يحتملون أي رأي يخالف رواياتهم، ولذلك تجدهم يهاجمون المثقفين، والصحفيين، والباحثين، وكل من يتحدث بطريقة منطقية أو علمية. إنهم ضد التفكير، وضد التحليل، وضد البحث، لأن هذه الأشياء تهدد قدرتهم على السيطرة على أتباعهم. فالفكر المدخلي يقوم على قاعدة واحدة: “لا تفكر، فقط اسمع واطع”. وكل من يرفض هذه القاعدة يتحول فورًا إلى عدو.
وفي جوهره، فإن هذا الفكر لا يملك مشروعًا حقيقيًا لبناء الأمة، ولا رؤية سياسية، ولا حلمًا حضاريًا، ولا تصورًا للمستقبل. كل ما يملكه هو مجموعة أوامر طاعة هدفها تثبيت واقع الظلم ومنع أي تغيير. ولذلك يتقاطع هذا الفكر تمامًا مع مصالح القوى الأجنبية التي تريد إبقاء الشعوب العربية في وضع الاستسلام الدائم.
وختام هذه الصفحة يوضح أن المداخلة ليسوا مجرد خصوم للمقاومة، بل خصوم لفكرة الحرية نفسها، وخصوم لنهضة الأمة، وخصوم لأي مشروع يعيد للمسلم كرامته وقيمته ومكانته. وهذا ما يجعل مواجهتهم فكريًا ضرورة لا يمكن تأجيلها.
عند الانتقال إلى مستوى أعمق من تحليل الفكر المدخلي، نكتشف أن جذور تبعيتهم للغرب والكيان المحتل ليست مجرد تكرار عفوي لخطاب أجنبي، بل هي نتيجة تراكمات نفسية وفكرية تدفعهم إلى الإيمان بأن القوة الخارجية هي المصدر الوحيد للشرعية. هذه العقلية تجعلهم يعتقدون أن بقاء الأمة ضعيفة ومفككة هو “قدر محتوم”، وأن أي محاولة للنهوض أو التمرد على هذا الواقع ليست إلا ضربًا من الجنون أو “الخروج على الحكام”. ومن هنا يتشكل أساس رفضهم لكل حركات التحرر.
ويُلاحظ أن المداخلة لا يقيمون وزنًا لدماء الشهداء ولا تضحيات الشعوب، لأنهم لا يرون في المقاومة مشروعًا وطنيًا أو دينيًا، بل يرون فيها خطرًا على مراكز النفوذ التي يخدمونها. لذلك، فهم يتعاملون مع كل انتصار للمقاومة باعتباره تهديدًا مباشرًا لخطابهم، لأن نجاح أي حركة تحرر يفضح كذب السردية التي بنوا عليها وجودهم. لهذا السبب تجدهم يرفضون الاعتراف بالانتصارات، ويكررون أن الاحتلال “لا يُهزم”، وأن المقاومة “لا فائدة منها”، وأن أي معركة خاضتها غزة لم تغيّر شيئًا. هذا التثبيط المستمر ليس مجرد رأي، بل هو أحد أدوات الحرب النفسية التي يستفيد منها العدو.
ومن السمات البارزة أيضًا أن المداخلة يقدسون السلطة بشكل غير مسبوق في التاريخ الإسلامي. فبينما اتفق العلماء عبر القرون على أن طاعة الحاكم مرتبطة بالعدل وعدم الظلم، فإن المداخلة جعلوا الطاعة مطلقة حتى لو كان الحاكم ظالمًا، وحتى لو خضع للغرب، وحتى لو وقف مع الاحتلال. هذا الانحراف الخطير يجعلهم دائمًا في صف الأنظمة التي تقمع الشعوب وتمنعها من نصرة القضية الفلسطينية. فبالنسبة لهم، نصرة فلسطين ليست واجبًا، بل “حماقة”. ومقاومة الظلم ليست بطولة، بل “فتنة”. وهذا ينسجم تمامًا مع الخطاب الذي تريده القوى الغربية.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل نجدهم يهاجمون كل تنظيم أو حركة أو تيار له رأي مستقل، لأنهم يرون في الاستقلال الفكري خطرًا على وجودهم. فالمثقف الحر عدوهم، والعالم غير المرتبط بالسلطة عدوهم، والشاب الذي يبحث عن الحقيقة عدوهم. إنهم يريدون مجتمعًا بلا وعي، بلا أسئلة، وبلا إرادة. مجتمعًا يتلقى الأوامر فقط. وهذا يفسر سبب حملاتهم المتواصلة ضد حماس والإخوان والصوفية والأشاعرة وكل التيارات التي تملك أثرًا شعبيًا. فكل قوة شعبية تخشاها الأنظمة، يخشاها المداخلة أيضًا، لأنها تقلل من نفوذهم.
ومن السلوكيات المتكررة في خطابهم أنهم يحاولون دائمًا حصر الصراع الفلسطيني في “خلاف سياسي بين التنظيمات”، وذلك بهدف إسقاط البعد التحرري. فإذا فقدت القضية معناها الأخلاقي، أصبح من السهل إقناع الشعوب بالتخلي عنها. وهذا بالفعل ما فعلته وسائل الإعلام الغربية لسنوات طويلة: تحويل الاحتلال إلى مجرد “نزاع حدودي”، وتحويل المقاومة إلى “مجموعات إرهابية”. والمدخلي يعيد إنتاج هذه الرواية بحذافيرها، وكأنه الناطق الرسمي باسم الإعلام الأجنبي.
كما يتجنب هذا التيار كل ما يمكن أن يوقظ الشعور بالكرامة في الأمة، لأنهم يعلمون أن الشعور بالعزة هو أول خطوة نحو التحرر. ولذلك تراهم يحاربون أي خطاب يدعو إلى النهوض أو الوحدة أو الجهاد أو مقاومة الاستعمار. هم ضد أي مشروع يعيد الأمة إلى قوتها. فهم يفضلون أمة منهكة، مستسلمة، تعيش في دائرة الخوف والطاعة، حتى يسهل التحكم بها.
وفي نهاية هذه الصفحة، نصل إلى خلاصة مهمة: المداخلة ليسوا مجرد جماعة تكره المقاومة، بل هم مشروع كامل لخلق إنسان عربي منزوع الإرادة. إنسان يقبل بالاحتلال، يبرر الظلم، ويخاف من الحرية، ويعتبر الكرامة ترفًا لا يليق بالشعوب. وهذا أخطر ما في الأمر، لأنه يعني أن المواجهة معهم ليست مواجهة فكرية فقط، بل مواجهة على مستقبل الوعي العربي كله.
عندما نعيد دراسة الخطاب المدخلي بتركيز أكبر، نكتشف أن ما يجعل هذا التيار خطيرًا ليس مجرد تبنيه لروايات الغرب والكيان المحتل، بل قدرته على تقديم هذه الروايات بلباس "شرعي" يوهم الناس بأن الاستسلام للظلم هو من الدين، وأن قبول القهر جزء من العقيدة. وهذا الانحراف الفكري هو الذي يجعل كثيرًا من البسطاء يقعون في فخهم دون أن يدركوا. فهم لا يقولون للناس مباشرة: “اتبعوا الغرب”، بل يقولون لهم: “اتبعوا الحاكم الذي يتبع الغرب”، وكأن الطاعة تنتقل تلقائيًا من الحاكم إلى المستعمر الذي يقف خلفه.
ويستخدم المداخلة أسلوبًا خطابيًا دقيقًا يعتمد على ربط الدين بالسلطة، وربط النصوص الشرعية بسياقات سياسية لا علاقة لها بها. وهذا النوع من التلاعب هو أخطر أنواع التضليل، لأنه يجعل الباطل يبدو حقًا، ويجعل المقاومة تبدو خروجًا، ويجعل الاحتلال يبدو أمرًا طبيعيًا. ولا نجد هذا النوع من الخطاب عند أي تيار آخر، حتى التيارات المتشددة الأخرى لا تبلغ هذا المستوى من التبرير للظلم، وهذا ما جعل المداخلة معروفين عالميًا بأنهم "الإسلام المطيع"، الذي لا يعترض على أي قرار دولي أو عربي مهما كان ظالمًا.
ومن العلامات البارزة على تبعية هذا التيار للغرب أنه ينظر إلى كل حركة مقاومة بعين الشك، وكأن الأصل في الشعوب أن تبقى مستسلمة. فإذا نهضت أمة لتدافع عن نفسها، بدأ المداخلة في البحث عن أي خطأ أو اختلاف أو تصريح ليبنوا عليه هجومهم. فلا يهمهم الاحتلال، ولا القصف، ولا الدماء، بل يهمهم فقط إسقاط المقاومة حتى تبقى الشعوب مقيدة. وهذا يفسر لماذا يهاجمون حماس بالذات أكثر من أي حركة أخرى، لأن حماس تمثل نموذجًا ناجحًا نسبيًا في مواجهة الاحتلال، وهذا النجاح يزعج كل طرف يريد أن تبقى المنطقة خاضعة للهيمنة.
كما أن المداخلة يتميزون بقدرتهم الكبيرة على تضخيم الأخطاء وتصغير الإنجازات. فإذا قامت المقاومة بعملية بطولية، قالوا: “هذه مغامرة”. وإذا دافعت غزة عن نفسها، قالوا: “هذه فتنة”. وإذا صمدت رغم الحصار، قالوا: “هذه مسرحية”. هذه التقليل المستمر هدفه واحد: قتل شعور الانتماء للقضية. لأنهم يدركون أن الشعوب إذا آمنت بالمقاومة ستقف معها، وإذا وقفت معها ستتغير موازين القوى، وهذا آخر ما يريده الغرب أو الأنظمة المتحالفة معه.
ومن الأدوات التي يستخدمونها أيضًا، الخلط المتعمد بين المقاومة والإرهاب. فهم يكررون الكلمات نفسها التي يستخدمها الإعلام الغربي: “مجموعات مسلحة”، “أنشطة غير قانونية”، “تهديد للاستقرار”. ولا يستخدمون كلمة “احتلال” إلا نادرًا، وكأن المشكلة ليست في الكيان الذي يحتل أرضًا عربية، بل في الشعب الذي يدافع عن نفسه. وهذا التشابه في المفردات ليس صدفة، بل نتيجة سنوات من التأثر بالإعلام الأجنبي الذي أصبح بالنسبة لهم المرجع الأول، حتى قبل العلماء، بل قبل القرآن والسنة.
ولا يمكن إغفال الدور النفسي في هذا الخطاب، فالمداخلة يهربون من مسؤولية المقاومة بحجة الواقعية. يقولون: “لا يمكن هزيمة الاحتلال”، “لا يمكن مواجهة الغرب”، “يجب قبول الأمر الواقع”. لكن الحقيقة أن هذا ليس واقعية، بل انهزام نفسي كامل. فالتاريخ مليء بأمم كانت أضعف بكثير من المحتل واستطاعت التحرر، من الجزائر إلى فيتنام إلى جنوب إفريقيا. ومع ذلك، يرفض المداخلة الاعتراف بهذه الدروس، لأن الاعتراف بها يعني سقوط منهجهم بالكامل.
وفي نهاية هذه الصفحة يتضح أن تبني المداخلة للخطاب الغربي واليهودي ليس مجرد خطأ فكري، بل مشروع كامل مبني على إضعاف الشعوب، وتشويه المقاومة، وتبرير الظلم، وتحويل الدين إلى أداة لخدمة السياسة. وهذه المنهجية هي التي سنكشف جذورها وأهدافها في الصفحات القادمة، حتى تكتمل الصورة أمام كل قارئ يبحث عن الحقيقة.
إنَّ تتبُّع جذور الخطاب المدخلي يكشف حقيقة لا يمكن إنكارها: أنّ هذا التيار لم ينشأ استجابة لحاجة علمية داخل الأمة، بل استجابة لحاجة سياسية عند السلطة. فهو لم يظهر لحل إشكال فقهي، ولا لتجديد فهم النصوص، بل نشأ عندما أرادت بعض الأنظمة تيارًا “مطيعًا”، يحارب خصومها الدينيين والسياسيين، ويُسقط عن كاهلها عبء المواجهة الفكرية. فكان أن تبنّت خطابًا يقوم على مبدأ واحد: شيطنة كل تنظيم أو حركة أو شخص لا يخضع بالكامل للسلطة. وهكذا صار الولاء للحكومة معيارًا للدين، وصارت المخالفة السياسية بدعة، وصار الإنكار على الحاكم منكرًا، وأصبح الدفاع عن المفسدين طاعة.
إنّ أخطر ما فعله هذا الخطاب ليس فقط تشويه صورة المقاومة، بل إحداث انقسام عميق داخل الأمة، انقسام لا يبنى على علم ولا على اجتهاد، بل على تحزّب أعمى. فصار البعض يرفع راية “السنة” لكنه في الحقيقة يقاتل أهلها، ويزعم الدفاع عن العقيدة وهو يهدم أهمّ ركائزها: العدل، والشرف، والولاء لأمة الإسلام، والبراء من أعدائها. كما حوّلوا مفهوم “الجرح والتعديل” من علم يخدم الحديث إلى سلاح يطعنون به كل مخالف، حتى صار بعضهم يتحدث وكأنه ممثل رسمي عن الجنة والنار، يوزع صكوك السلفية كما توزع الكنائس صكوك الغفران.
ومع مرور الزمن لم يعد هذا الخطاب مجرد رأي، بل تحول إلى مصنع لإنتاج أتباع بلا رؤية، يُطلب منهم أن يكرروا العبارات نفسها، يستدلون بالنصوص نفسها دون فهم، ويحفظون أقوال شيوخهم دون وعي، وينسبون كل مخالف إلى الخوارج أو الإخوان أو القطبية، وكأن الأمة اختزلت في ثلاث تهم. هذا الجمود الفكري جعلهم عاجزين عن فهم الواقع، وغير قادرين على إدراك خطورة ترك الأمة دون مقاومة، ودون صوت، ودون قوة تدافع عن المستضعفين.
والمفارقة المؤلمة أنّ هذا التيار، الذي يزعم أنه يحارب “التحزّب”، يعيش في أشدّ التحزبات ضيقًا، فهو لا يقبل عالمًا حرًا، ولا مجاهدًا صادقًا، ولا حركة نزيهة، ولا حتى طالب علم يفكر خارج القالب. كل ما يريده هو اتباعٌ بلا وعي، لأن الوعي أخطر عدوّ لهذه المشاريع؛ فهو يفضح مصدرها، يبين أهدافها، ويكشف تبعيتها المطلقة للسلطة.
إنّ أهم ما يميز المداخلة هو طريقة تعاملهم مع النصوص الشرعية، فهم لا ينظرون إليها باعتبارها منظومة متكاملة من القيم، بل يقفون عند ظاهر النص عندما يخدم مصلحتهم، ويتجاهلونه تمامًا عندما يُلزمهم بموقف شجاع أو كلمة حق. فإذا جاء النص يأمر بالعدل، غضّوا الطرف عنه، وإذا جاء يأمر بنصرة المظلوم، تأولوه، وإذا جاء ينهى عن موالاة الظالمين، قالوا: “هذا ليس من منهج السلف”. وهكذا تحوّل الدين عندهم إلى أدوات انتقائية، يرفعون منها ما يدعم موقف السلطة، ويخفون ما يعارضه، حتى لو كان ذلك على حساب مقاصد الشريعة كلها.
واللافت أنّ هذا الأسلوب ليس اجتهادًا خاطئًا فحسب، بل منهج مدروس هدفه تحويل الدين من مصدر قوة للأمة إلى وسيلة تعطيل. فبدل أن يكون القرآن دافعًا للمواجهة والصمود، جعلوه وسيلة لتبرير الصمت والخضوع. وبدل أن تكون السنة سلاحًا لرفع الظلم، جعلوها دليلًا على تحريم الاعتراض على الظالم. وبهذه الطريقة استطاعوا ـ دون وعي من كثير من أتباعهم ـ أن يفرغوا مفاهيم الجهاد، والأمر بالمعروف، والمقاومة، والكرامة، من محتواها الشرعي والإنساني.
كما أن المداخلة يُقدّمون طاعة الحاكم بطريقة لم يقل بها أيٌّ من العلماء المتقدمين، فهم لا يكتفون بالدعوة إلى السمع والطاعة في المعروف، بل يجعلون الطاعة واجبًا مقدسًا حتى لو كانت على حساب دماء الأبرياء وحقوق الشعوب. وإذا انتُقد الحاكم بسبب فساده أو ظلمه، قالوا: “هذا خروج”، وإذا وُجه نقد لسياساته، قالوا: “هذا تشغيب”، وإذا طالب أحد بالإصلاح، قالوا: “هذا خارجي”. والنتيجة هي خلق مجتمع مشلول، لا يملك الحق في التعبير، ولا يملك الجرأة لقول كلمة حق، لأن المداخلة حوّلوا نصيحة الحاكم من عبادة إلى جريمة.
ومن الأمور التي تثير الانتباه أنّهم لا يتحدثون عن الظلم إلا عندما يصدر من طرف ضعيف، ولا عن الخروج إلا إذا كان المظلوم هو الذي يصرخ، أما إذا كان الظالم هو المعتدي، فإنهم يلوذون بالصمت، أو يبدأون في تبرير جرائمه. ولهذا يبدون دائمًا في صف الأقوياء، لا لأنهم أصحاب مبدأ، بل لأنهم أصحاب خوف، يخشون أن يرفعوا أصواتهم أمام الظالم، فيرفعونها على من دونه.
ولذلك كان طبيعيًا أن يعادوا المقاومة الفلسطينية، لأن المقاومة تمثل عكس كل ما يؤمنون به: الحرية، العزة، الكرامة، مواجهة الظالم، رفض الاستسلام، الدفاع عن الأرض، ورفض التنازل. وهذه كلها مفاهيم تُرعبهم لأنها تتطلب شجاعة وإيمانًا ووعيًا لا يملكون منه شيئًا.
عندما نتأمل في خطابات المداخلة نجد أن الخيط الناظم لها يقوم على فكرة واحدة: تجريد الأمة من قدرتها على المقاومة. فهم يقدّمون خطابًا يهدف إلى إقناع الشعوب بأن المواجهة مستحيلة، وأن الصراع مع الاحتلال أو الظلم خاسر منذ البداية، وأن أي محاولة للنهوض أو التحرر هي عبث لا جدوى منه. هذا الخطاب ليس مجرد رأي، بل مشروع كامل يقوم على زرع الهزيمة النفسية في وعي الناس، حتى يصبح الاحتلال قدرًا مقبولًا، والطغيان واقعًا طبيعيًا، والاستسلام فضيلة.
وما يؤكد هذا أن المداخلة يرفضون الاعتراف بسنن الله في التغيير، ويتجاهلون حركة التاريخ التي تُثبت أن الشعوب مهما استُضعفت تمكنت يومًا من انتزاع حريتها. ينسون أن الأمة لم تنهض يومًا بالقوة المادية وحدها، بل بقوة الإرادة والإيمان والوعي. لكن المداخلة يريدون أمة بلا إرادة، شعبًا بلا صوت، مجتمعات تنتظر من القوي أن يمنحها حق الوجود.
ولهذا حين تظهر المقاومة الفلسطينية كأبرز نموذج حيّ يثبت أن الإرادة يمكن أن تهزم القوة، يشعر المداخلة بأن هذا النموذج ينسف مشروعهم من جذوره. فنجاح المقاومة ـ سياسيًا أو عسكريًا أو معنويًا ـ يعني فشل خطابهم القائم على “الاستحالة”، وفضح تهويلهم لقوة العدو، وكشف هشاشة حججهم. ولهذا يهاجمون كل انتصار يحققه الفلسطينيون، ويقللون من كل إنجاز، ويحاولون دائمًا تفسير أي نجاح على أنه صدفة أو تضليل إعلامي.
وما يزيد الأمر وضوحًا أن المداخلة لا يريدون دولة قوية، بل يريدون سلطة قوية يتحصنون خلفها. فالسلطة القوية ـ في تصورهم ـ هي التي تمنع الناس من المطالبة بحقوقهم، بينما الدولة القوية هي التي تحمي كرامة مواطنيها وتواجه عدوها. ولذلك يكرهون أي نموذج لدولة تمارس سيادة حقيقية، مثل الجزائر التي تتخذ مواقف واضحة في نصرة فلسطين، لأن هذا النموذج يكشف أن العرب قادرون على امتلاك قرار مستقل حين تتوفر الإرادة.
ومن هنا نفهم لماذا يهاجمون كل شخصية أو دولة أو حركة تدعم المقاومة. بالنسبة لهم، أي مشروع للتحرر هو تهديد مباشر لنموذج الخضوع الذي يعيشون عليه. إنهم يخافون من فكرة الحرية قبل أن يخافوا من نتائجها، ويرعبهم أن يرى الناس نموذجًا ناجحًا يثبت أن المقاومة ليست مستحيلة، وأن الصمود يمكن أن يصنع معجزات، وأن الشعوب ليست محكومة بالهزيمة إلى الأبد.
وفي نهاية هذه الصفحة يتضح أن المداخلة لا يقفون ضد المقاومة لأنها مخطئة، بل لأنها صحيحة. لا يعادونها لأنها فاشلة، بل لأنها
ناجحة. إنهم يخشون الحقيقة التي تكسر خطابهم: أن الأمة قادرة على النهوض، وأن الحرية ليست حُلمًا، وأن الكرامة ليست جريمة.
عندما نواصل تتبّع الجذور العميقة للتشابه بين خطاب المداخلة وخطاب القوى الغربية واليهودية، نكتشف أن المسألة لم تعد مجرّد اتفاق في بعض النقاط، بل أصبحت منهجًا متكاملًا يشترك فيه الطرفان دون أي شعور بالحرج أو الحاجة إلى إخفائه. فالغرب يعتمد على إستراتيجية قديمة تقوم على إعادة صياغة وعي الشعوب عبر التحكم بمفاهيم مثل الأمن، الشرعية، والخطر، والمداخلة يتلقّون هذه المفاهيم كما هي، ثم يعيدون نشرها بين الناس وكأنها مبادئ ثابتة لا تقبل النقاش. هنا يتحول المدخلي إلى ناقل مباشر للرواية الأجنبية، يرددها دون تحليل، ويعتبرها حقيقة نهائية يجب على الجميع الخضوع لها.
وما يجعل هذا الأمر أكثر خطورة أن المداخلة لا يخضعون معلوماتهم لمنهجية علمية، ولا لمقاربة تاريخية، ولا للتحقق من مصادر الأخبار، بل يكفي أن يسمع المدخلي كلمة من قناة غربية أو تصريحًا من مسؤول أجنبي ليحوّلها إلى “دليل شرعي وسياسي” يهاجم به كل من يخالفه. هذا الانفصال عن منهج التثبت — الذي هو أساس من أسس الإسلام — يجعلهم في صفّ واحد مع الإعلام الذي يهدف إلى تبرير الاحتلال وتزييف الجرائم وتحويل العدوان إلى “حق مشروع”.
كما أن المداخلة لا يرون في العرب والمسلمين أي قدرة على الدفاع عن أنفسهم أو اتخاذ موقف مستقل، بل يعتبرون أن أي قوة أو شرعية لا تنبع إلا من الغرب. ولذلك فإنهم ينظرون إلى المقاومة — مهما كانت تضحياتها ومهما كان صمودها — باعتبارها “مغامرة” لا قيمة لها، لأن الغرب لم يعترف بها. هذا التفكير يعيد إنتاج العقلية الاستعمارية التي جعلت كثيرًا من شعوب العالم تشك في نفسها قبل أن تشك في المحتل. وفي هذا السياق يصبح المدخلي — دون أن يشعر — أداة لتمرير الرسالة الأساسية التي يريدها الغرب: لا تقاوموا ولا تطالبوا بحقوقكم، لأنكم ضعفاء ولا تملكون شرعية إلا منّا.
ومن المثير في هذه الصفحة أن نلاحظ كيف يحاول المداخلة تقديم خطابهم في ثوب ديني، رغم أنه في جوهره خطاب سياسي غربي لا علاقة له بقيم الإسلام. فالإسلام يدعو إلى المقاومة ورفض الظلم والوقوف مع المظلوم، بينما المداخلة يدعون إلى الطاعة العمياء لأي سلطة مهما كانت فاسدة، وإلى تجريم أي محاولة للتحرر أو الدفاع عن الأرض. وهذا التناقض يوضح أن مشكلتهم ليست مع المقاومة كفكرة، بل مع الحرية كقيمة. فالعقل الذي تعوّد على الطاعة المطلقة لا يستطيع أن يقبل مشهد شعب يقاوم ويرفض الخضوع.
ويتجلّى التشابه المثير بين الطرفين في مسألة “إدارة الخوف”، فالغرب يستخدم الخوف من الإرهاب لتبرير سياساته، والمداخلة يستخدمون الخوف من الفتن لتبرير صمتهم تجاه الظلم. كلاهما يريد شعبًا خائفًا، لا يتحرك ولا يسأل ولا يعترض. وكلاهما يبني سلطته على شلل الإرادة الجماعية، بحيث يصبح الفرد مجرد تابع. وهذه واحدة من أكبر المآسي الفكرية في واقعنا، لأن الأمة التي تفقد إرادتها تصبح هدفًا سهلًا لكل مشروع عدائي.
وفي النهاية، تتضح لنا نقطة محورية: المداخلة لا يشبهون الغرب في المضمون فقط، بل في الهدف أيضًا. فهم يشاركونه نفس المهمة: إضعاف الوعي العربي، وتجريد الشعوب من قدرتها على المقاومة، وتشويه كل مشروع تحرري، وإقناع الناس بأن الاحتلال حقيقة يجب التكيف معها لا تغييرها. وهذا ما يجعل الفصل الرابع من أخطر فصول الكتاب، لأنه يكشف علاقة فكرية وسياسية عميقة تتجاوز مجرد الاتهامات المتبادلة، لتصل إلى مرحلة التطابق شبه الكامل بين خطاب التيار المدخلي والخطاب الاستعماري الحديث.
حين نغوص أعمق في تحليل الخطاب المدخلي، نجد أن جوهر تبنيهم للرواية الغربية لا يقوم فقط على الإعجاب بالقوة أو الرهبة من الغرب، بل يقوم على قناعة داخلية راسخة عندهم بأن الغرب أكثر صدقًا وأمانةً من الشعوب العربية والإسلامية. هذه القناعة لا تُقال صراحة، لكنها تظهر في كل تفاصيل خطابهم: فهم يشكون في كل خبر يصدر عن المقاومة، ويشككون في كل تصريح صادر عن الجزائر أو أي دولة عربية مستقلة، لكنهم يقبلون دون نقاش أي كلام يصدر من الإعلام الغربي، حتى لو كان متناقضًا أو مكشوف التضليل. وهنا يظهر الخلل الأخلاقي قبل الفكري، لأن المسلم الحقيقي لا يعطي ثقته للعدو في قضية ترتبط بالأمة بهذا الشكل الخطير.
ومن الظواهر التي تستحق الوقوف عندها أن المداخلة لا ينظرون للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية أرض محتلة وشعب يتعرض للإبادة، بل ينظرون إليها كملف سياسي هامشي يتوجب التعامل معه بما يتوافق مع رغبات القوى العظمى. لهذا فإنهم ينزعجون من أي انتصار للمقاومة، ليس لأنه انتصار ضد الاحتلال، بل لأنه انتصار خارج الإطار الذي يرضي الغرب. وكأن المدخلي يحمل داخله ميزانًا خاصًا: ما وافق رأي القوة الغربية فهو صواب، وما خالفه فهو باطل ولو كان جهادًا مشروعًا ودمًا زكيًا.
ويتّضح هذا الخلل أكثر عندما نرى طريقة تعاملهم مع المعلومات. فالمداخلة لا يملكون القدرة على تحليل الوقائع أو فهم التوازنات الدولية، بل يعتمدون على القصاصات الإعلامية والمقاطع المقتطعة والتصريحات المبتورة. ثم يبنون على هذا “فقهًا سياسيًا” يهاجمون به المقاومة، ويحاربون به الصحفيين، ويشوّهون به الدول التي تقف مع فلسطين. وهذا النوع من التفكير السطحي لا يمكن أن ينتج إلا خطابًا تابعًا، هشًا، غير قادر على تقديم قراءة واقعية للصراع أو فهم التعقيدات التي تحكمه.
كما ينبغي أن نلاحظ أن التشابه بينهم وبين الخطاب الصهيوني لا يقتصر على الهجوم على المقاومة، بل يشمل أيضًا طريقة تصوير الشعوب الرافضة للاحتلال. فالعدو دائمًا يحاول إظهار الشعوب العربية كعاجزة، متخلفة، غير قادرة على تحرير نفسها، وهذا هو ذاته ما يقوله المداخلة بطريقة أو بأخرى. فهم يرددون باستمرار فكرة “الاستحالة”، وكأن تحرير الأرض مشروع خيالي، ويصفون كل محاولة للمقاومة بأنها مغامرة جنونية، وكأن الاحتلال قدر محتوم لا يمكن تغييره. وهذه النظرة الاستسلامية تصب مباشرة في خدمة المشروع الاستعماري.
ومن السلوكيات اللافتة في خطابهم أنهم كلما رأوا إنجازًا للمقاومة — سواء كان سياسيًا أو ميدانيًا — سارعوا إلى التشكيك فيه وربطه بالمؤامرات. فإن صمدت غزة قالوا: “هذه مسرحية”. وإن انتصرت في معركة إعلامية قالوا: “هذه أكاذيب”. وإن دعمتها الجزائر قالوا: “هذا دعم مشبوه”. وهكذا يصبح أي عمل إيجابي موضع هجوم، لأن المدخلي لا يريد أن يرى المقاومة في موقف قوة، بل يريدها دائمًا ضعيفة ليبرر نظرته المتخاذلة. وهذا السلوك يؤكد أنهم لا يتعاملون مع المقاومة بمنطق الواقع، بل بمنطق الرغبة الداخلية في إسقاط أي مشروع تحرّري.
وما هو أخطر من ذلك أن المداخلة يهاجمون كل دولة عربية تقف مع فلسطين بقدر ما يهاجمون المقاومة نفسها. وهذا واضح جدًا في عدائهم للجزائر. فكلما اتخذت الجزائر موقفًا مشرّفًا في الأمم المتحدة أو دعمت الوفود الفلسطينية أو رفضت الضغوط الغربية، نجد المداخلة ينتفضون وكأن الموقف الجزائري خطر يهدد وجودهم. وهذا يطرح سؤالًا مهمًا: لماذا يهاجمون الجزائر رغم أن مواقفها علنية، رسمية، ومشرفة؟ الجواب بسيط: لأن الجزائر تمثل النموذج المناقض للفكر المدخلي—نموذج الدولة الحرة التي لا تنحني، وتشكل إحراجًا لهم وللطاعة العمياء التي يدعون إليها.
وفي ختام هذه الصفحة، يتضح أن العلاقة بين المداخلة والخطاب الغربي ليست علاقة تأثر عابر، بل علاقة تبعية فكرية كاملة، تهدف إلى صنع وعي عربي مهزوم، خاضع، متناقض مع تاريخه وقيمه. وهذا ما يجعل دورهم خطيرًا، لأنهم يساهمون في إضعاف الجبهة الداخلية للعالم العربي، ويقفون ضد أهم ملف في تاريخ الأمة: قضية التحرر من الاحتلال.
عندما نتابع الدور الدعائي الذي يلعبه المداخلة، نلاحظ أنهم يتحركون وكأنهم جزء من منظومة عالمية هدفها الأساسي نزع الشرعية عن أي حركة مقاومة، وخلق حالة من الشك داخل المجتمع تجاه كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. هذا الدور لا يمكن أن يكون عفويًا، لأن حجم التشابه بين خطاباتهم وخطابات الإعلام الغربي والصهيوني يفوق حدود المصادفة. فكلاهما يستخدم الأسلوب نفسه: طرح الأسئلة المشككة، تكرار نفس الاتهامات، وتجاهل السياق التاريخي والسياسي الذي يفسر سبب وجود المقاومة. وهذا الأسلوب يهدف إلى خلق صورة مشوهة لدى المتلقي تجعل الاحتلال يظهر وكأنه الطرف “العقلاني”، بينما المقاومة تبدو “عدوانية” أو “غير مسؤولة”.
ومن المثير للاهتمام أن المداخلة، رغم ادعائهم الدفاع عن الإسلام، لا يتعاملون مع القضية الفلسطينية بمنطق ديني حقيقي. فالنصوص الشرعية التي تتحدث عن الجهاد، والوقوف مع المظلوم، ونصرة المقهورين، لا تجد مكانًا في خطابهم. بل على العكس، يحاولون تأويل النصوص بطريقة غريبة تجعل الوقوف ضد الاحتلال “فتنة”، وتجعل نصرة المظلومين “عملًا حزبيًا”، وتحوّل الجهاد إلى مجرد كلمة تُقال فقط عندما تكون منسجمة مع مواقف الأنظمة التي يدافعون عنها. وهذه الانتقائية في استخدام النصوص تكشف أن مشكلتهم ليست مع المقاومة كفكرة، بل مع المقاومة كواقع لأنها لا تخضع لسلطة أي نظام.
ومن الجوانب اللافتة أن المداخلة يرفضون الاعتراف بأي بعد إنساني للقضية. فهم لا يتحدثون عن الأطفال الذين يموتون تحت الأنقاض، ولا عن الأسرى، ولا عن البيوت المهدمة، ولا عن الحصار الذي يخنق غزة منذ سنوات. هذه الجوانب بالنسبة لهم “تفاصيل لا تهم”. ولهذا نجدهم يتعاملون مع الصراع بطريقة باردة جدًا، وكأنهم يتحدثون عن ملف إداري وليس عن شعب يُباد. وهذه القسوة الفكرية تجعلهم دائمًا في صف الخطاب الغربي الذي يتعمد تجاهل المعاناة الفلسطينية والتركيز فقط على تشويه صورة المقاومة.
كما أن المداخلة يمتلكون قدرة كبيرة على قلب الحقائق. فعندما تقصف المقاومة مواقع الاحتلال يقولون: “هذا استفزاز”. وعندما يقتل الاحتلال المدنيين يقولون: “المقاومة تتحمل المسؤولية”. وعندما تدافع دولة عربية عن فلسطين يقولون: “هذه دعاية سياسية”. وهكذا تصبح كل خطوة في صالح المقاومة خطأ، وكل خطوة ضدها صوابًا. وهذا المنطق المقلوب هو بالضبط ما يردده الاحتلال منذ عشرات السنين: تحميل الضحية مسؤولية جرائم الجلاد، وتبرئة المحتل من كل أفعاله.
وما يجب فهمه بوضوح هو أن المداخلة لا يهتمون بما يحدث على الأرض بقدر ما يهتمون بالحفاظ على خطاب واحد لا يتغير. فلو أعلنت كل دول العالم أن الاحتلال مجرم، سيظل المدخلي يبحث عن طريقة ليقول: “المقاومة هي السبب”. ولو اعترفت الأمم المتحدة نفسها بشرعية المقاومة، سيقول: “هذا تحزب”. لأن المشكلة ليست في الأدلة، بل في القناعة التي زرعت داخلهم بأن المقاومة خطأ مهما حدث، وأن الاحتلال حقيقة يجب التعامل معها. وهذا يجعلهم غير قادرين على رؤية أي حقيقة خارج “الإطار العقائدي السياسي” الذي يعيشون فيه.
كما أن تبنيهم للخطاب الغربي ليس مسألة “اقتناع فكري” فقط، بل هو أيضًا نتيجة للانفصال الكامل عن الشعوب. فالمدخلي لا يشعر بآلام الفلسطينيين، لأنه لا يرى نفسه جزءًا من الأمة، بل جزءًا من منظومة سياسية يريد الخضوع لها. ولهذا يشعر بالتهديد من كل شخص أو دولة ترفض الخضوع للغرب أو تتخذ موقفًا مستقلًا. ومن هنا نفهم لماذا يهاجمون الجزائر بضراوة، لأن الجزائر نموذج لدولة ترفض أن تكون تابعًا، وهذا يناقض الهوية الفكرية التي تبنى عليها المداخلة.
وفي نهاية هذه الصفحة، يتضح أن المداخلة لا يمكن النظر إليهم على أنهم مجرد أصحاب رأي، بل هم تيار يملك مشروعًا فكريًا خطيرًا يقوم على إعادة تشكيل الوعي العربي ليصبح متصالحًا مع الاحتلال، ومعاديًا للمقاومة، ومشككًا في كل صوت حر. وهذا ما يجعل مواجهتهم ليست مجرد نقاش فكري، بل ضرورة لحماية الوعي العام من الانهيار.
وعندما نتأمل طريقة صناعة الخطاب التضليلي الذي يستهدف الوعي العربي، ندرك أن القائمين عليه يعتمدون على عنصرين أساسيين: تشويه الرموز و تشويه الواقع. فإذا نجحوا في إسقاط صورة المقاوم في ذهن الناس، يصبح من السهل إسقاط فكرة المقاومة نفسها، لأن الإنسان بطبيعته يحتاج إلى نموذج يلتف حوله. وعندما يتم تشويه هذا النموذج، يتولد فراغ يفتح الباب أمام الخطاب البديل المزوّر الذي يريدون فرضه. ولهذا يعملون على اختزال القضية في أخطاء صغيرة أو أحداث جزئية، وتضخيمها حتى تغطي على الصورة الكبرى للصراع.
ولأن الهدف النهائي هو إعادة تشكيل الوعي، فإن الخطاب الموجّه لا يكتفي بنشر الأكاذيب، بل يسعى إلى خلق “حالة شعورية” تجعل الناس ينفرون من فكرة المقاومة قبل أن يناقشوها. فيتم ربطها دائمًا بالمشاكل، والدمار، والفوضى، وكأن الاحتلال كان سيترك الشعوب تعيش في سلام لو أنها لم تقاوم. هذه المفارقة المقصودة تهدف إلى تحويل الضحية إلى المتهم، وإقناع الناس بأن طريق التحرير هو طريق الخراب، بينما طريق الخضوع هو طريق الاستقرار، رغم أن التاريخ كله يكذب هذه الرواية من بدايته إلى نهايته.
وتستخدم هذه المنظومة نفس الأساليب التي استخدمها الاستعمار في كل مكان: التلاعب بالمصطلحات. فبدل أن يقولوا “احتلال” يقولون “نزاع”. وبدل “مجازر” يقولون “اشتباكات”. وبدل “تحرير” يقولون “مشروع عنيف”. هذه اللغة ليست عفوية، بل مدروسة لأنها تغيّر المعنى دون أن يشعر المتلقي. فإذا تم تغيير المصطلح، تغير الشعور المصاحب له، وإذا تغير الشعور تغير الموقف، وهذه هي المعركة الحقيقية: معركة على الوعي قبل أن تكون معركة على الأرض.
كما يعتمد هذا الخطاب على الجرعات المتقطعة، بحيث لا يعطي المتلقي فرصة لالتقاط أنفاسه. فكل يوم تُعاد نفس الرسائل، بنفس الأسلوب، بنفس الانتقاء، حتى تصبح “اعتيادية”، وكأنها حقائق. وهذه الطريقة تعتمد على مبدأ نفسي معروف: إن كثرة التكرار، حتى للكذب، تحوّله إلى فكرة مألوفة يسهل على العقل قبولها. وهكذا تُصنع القناعات الزائفة التي تتحول مع الوقت إلى مواقف راسخة، رغم أنها لم تبنَ يومًا على دليل واحد.
وتظهر خطورة هذه العملية في أنها لا تكتفي بالتأثير على الأفراد، بل تهدف إلى خلق مزاج عام جديد، يعادي كل شكل من أشكال التحرر، ويخاف من المبادرة، ويقدّس السكون والامتثال، ويعتبر الظلم جزءًا طبيعيًا من الحياة. وحين يترسخ هذا المزاج يصبح أي مشروع مقاومة — مهما كان نبيلًا — معزولًا داخل أمته، لأن جزءًا من الناس أصبح يرى في العدوان “مجرد رد فعل”، وفي المقاومة “مصدر التوتر”.
وبهذا نصل إلى حقيقة لا يمكن تجاهلها: إن معركة الوعي اليوم أخطر من معركة السلاح، لأن السلاح لا يتحرك إلا بإرادة، والإرادة لا تولد إلا من وعي صحيح. فإذا هُزم الوعي، هُزمت الأمة كلها دون طلقة واحدة. ولذلك فإن مواجهة هذا الخطاب التضليلي ليست ترفًا فكريًا، بل واجبًا لحماية الحق، وحماية الذاكرة، وحماية الأجيال القادمة من السقوط في فخ الرواية المصنوعة بعناية لتعيد تشكيل وعي الشعوب بما يخدم مصالح القوى التي تريد لهذه الأمة أن تبقى ضعيفة إلى الأبد.
وعندما نتتبع تاريخ تزوير الوعي في العالم العربي، نكتشف أن هذه العملية لم تبدأ اليوم، بل تعود جذورها إلى عقود طويلة كانت فيها القوى الكبرى تعمل على هندسة العقل العربي بطريقة تضمن بقاءه بعيدًا عن فكرة التحرر الحقيقي. ففي كل مرحلة من مراحل التاريخ الحديث، كانت هناك أدوات تُستخدم لإقناع الشعوب بأن المقاومة ضربٌ من المغامرة، وأن الاستسلام حكمة، وأن الخضوع “واقعية سياسية”. هذه الفكرة تسللت ببطء إلى العقول، حتى أصبحت عند البعض جزءًا من “الفطرة السياسية”، رغم أنها ليست إلا بناءً زائفًا صُنع لتسهيل السيطرة.
وتُظهر الدراسات النفسية أن الإنسان إذا عاش في بيئة تُعاد فيها نفس الرسالة بشكل مستمر — سواء عبر الإعلام أو عبر الخطاب الديني الموجَّه أو عبر التعليم — فإنه بمرور الوقت لا يعود قادرًا على رؤية الواقع كما هو، بل كما تم تقديمه له. وهذه بالضبط الطريقة التي يعمل بها خطاب التشويه: تقديم صورة واحدة للصراع، وإغلاق كل النوافذ التي يمكن أن تكشف الحقيقة. وهكذا ينشأ جيل كامل يرى الاحتلال مجرد “طرف في نزاع”، ويرى المقاومة “طرفًا متطرفًا”، دون أن يدرك أن أصل الصراع هو الظلم، وأن جذور القضية ليست في الأحداث اليومية بل في التاريخ الطويل للاحتلال.
والأخطر من ذلك أن هذا الخطاب ينجح في خلق ازدواجية أخلاقية عند المتلقي. فهو يُطالب المقاومة بأن تكون مثالية تمامًا، خالية من الأخطاء، بينما لا يطالب المحتل بأي معيار إنساني أو أخلاقي. فإذا وقع ظلم على المدنيين تبريره جاهز: “هذه طبيعة الحروب”. أما إذا ردت المقاومة دفاعًا عن شعبها، تتحول هذه الخطوة فورًا إلى “جريمة”. هذه الازدواجية ليست صدفة، بل هي جزء من الهندسة النفسية التي تهدف إلى جعل أي حركة تحرر تبدو دائمًا مخطئة، مهما كان فعلها مشروعًا، ومهما كان خصمها غاشمًا.
كما يعتمد هذا الخطاب على خلق فجوة بين الأمة ومقاومتها، من خلال إقناع الناس بأن ما يحدث بعيد عنهم، وأن الصراع “لا يخصهم”، وأن عليهم الاهتمام بشؤونهم فقط. وهذه السياسة قديمة، استخدمها الاستعمار في كل مكان: إبعاد الشعوب عن قضاياها الكبرى حتى يسهل التحكم بها. فعندما تصبح الأمة منشغلة بذاتها، منشغلة بتفاصيل هامشية، منشغلة بصراعات داخلية صغيرة، يفقد المشروع التحرري أحد أهم أركانه: الالتفاف الشعبي. وهذا ما يفسر لماذا تركز الخطابات المزيفة على بث روح اللامبالاة، وصناعة جيل يرى الظلم أمام عينيه ثم يقول: “ليس لنا علاقة”.
ويظهر أثر هذا التشويه أيضًا في محاولة تحييد البعد الأخلاقي للقضية. فالقضية الفلسطينية — مثل كل قضايا التحرر — ليست صراعًا سياسيًا فقط، بل صراع أخلاقي بين شعب يُقاتل ليعيش بكرامة، وقوة غاشمة تريد أن تفرض واقعًا بالقوة. لكن الخطاب المزوّر يعمل على تجريد الصراع من قيمته الأخلاقية، وتحويله إلى حسابات مصلحة باردة، حتى يفقد المتلقي التعاطف الطبيعي الذي يمتلكه البشر تجاه المظلومين. هذه العملية تُسميها الدراسات الحديثة: قتل الضمير الجمعي.
وفي النهاية، نجد أن الهدف الأساسي لهذا المشروع كله هو خلق “إنسان جديد” منفصل عن قضاياه، منزوع الهوية، خائف من الحرية، معزول عن التاريخ، ومتصالح مع الظلم. إنسان يقبل كل شيء ما دام يأتي من القوي، ويرفض كل شيء ما دام يأتي من الضعيف، حتى لو كان الضعيف صاحب الحق. وهذا التحول هو أخطر ما يمكن أن تتعرض له أمة، لأن هزيمتها تبدأ من داخلها قبل أن تبدأ من خارجها.
عندما نصل إلى نهاية تحليل هذا الفصل، يصبح من الضروري أن نفهم أن المداخلة لا يتحركون في معزل عن سياق عالمي، بل هم جزء من إعادة تشكيل شاملة للوعي العربي هدفها الأساسي فصل الشعوب عن قضاياها الكبرى، وعلى رأسها قضية فلسطين. وهذا الارتباط بالخطاب الغربي لم يعد مجرد تشابه، بل تحوّل إلى ولاء فكري كامل، حيث يتعامل المدخلي مع رواية الإعلام الغربي كأنها “مرجع معصوم”، ويتعامل مع المقاومة كأنها “مشكلة” يجب التخلص منها وليس مشروعًا للتحرر. هذه النظرة ليست اعتباطية، بل هي نتيجة صراع طويل بين خطابين: خطاب الأمة الذي يرى الاحتلال عدوًا، وخطاب الغرب الذي يريد تحويل الاحتلال إلى “شريك طبيعي” والمقاومة إلى “خطر” يجب القضاء عليه.
والملاحظ بوضوح أن المداخلة تبنّوا هذا الخطاب الغربي بكل تفاصيله حتى دون إدراك خطورته. فعندما يقول الاحتلال إن المقاومة “تهدد الاستقرار”، يردد المداخلة العبارة نفسها. وعندما يقول الإعلام الأمريكي إن الانتفاضات “فوضى”، يكررونها دون تفكير. وعندما تجرّم بعض الأنظمة الحركات التحررية، يتعامل المداخلة مع هذا التجريم كأنه حكم شرعي منزل. هذه السلسلة من التبعية الفكرية تكشف أن المشكل ليس في المعلومات التي يحصلون عليها، بل في طريقة فهمهم للعالم، إذ يرون القوة المادية معيارًا للحقيقة، ويرون الغرب مصدرًا للمعرفة، ويرون الأمة مجرد تابع يجب أن يلتزم بما يُملى عليه.
كما أن تحليل الخطاب المدخلي يكشف أن مشكلته الأساسية ليست مع “الأشخاص” أو “الحركات”، بل مع فكرة الاستقلال نفسها. فالمقاومة بالنسبة لهم ليست خطأ لأنها تقاتل الاحتلال، بل لأنها تملك قرارها ولا تتبع أي نظام خارجي. وهذا ما يجعل المداخلة في صدام مع كل حركة تحرر، بغضّ النظر عن هويتها، لأنهم يخافون من أي نموذج يُثبت أن الشعوب قادرة على الدفاع عن نفسها دون إذن من أحد. ولهذا يكرهون تجربة الجزائر، ويكرهون الثورة الفلسطينية، ويكرهون كل رمز يخرج عن الخط الرسمي للأنظمة التي يميلون إليها.
ومن أهم ما يجب التأكيد عليه أن خطابهم لا يعتمد على دليل شرعي واحد صحيح، بل يعتمد على الانتقائية: يأخذون نصوصًا تتحدث عن “طاعة ولي الأمر” ويحذفون عشرات النصوص التي تتحدث عن نصرة المظلوم والجهاد ضد المعتدي وحرمة إعانة الظالم. هذه الانتقائية ليست جهلًا، بل هي محاولة لتطويع الدين لخدمة موقف سياسي محدد. ومن هنا نفهم لماذا يختفي الدين تمامًا عندما يتعلق الأمر بفلسطين، ولماذا تتحوّل النصوص الشرعية عندهم إلى سيف موجه نحو المقاومة فقط.
وفي نهاية هذا الفصل، يظهر لنا المشهد بوضوح: المداخلة ليسوا مجرد تيار “مخالف للرأي”، بل هم تيار منسجم تمامًا مع الخطاب الصهيوني–الغربي، يستخدمون لغته، وأمثِلته، واتّهاماته، ويستهدفون الأهداف نفسها: إسقاط المقاومة، تشويه رموزها، وإضعاف الوعي الشعبي. وهذا ما يجعل مواجهتهم ليس خيارًا فكريًا، بل ضرورة لحماية الوعي العربي والإسلامي من التشويه والاستلاب والذوبان في رواية الآخر.
الفصل الخامس: الجزائر وحماس
العلاقة بين الجزائر وحركة حماس هي علاقة استراتيجية وسياسية متجذرة في دعم القضية الفلسطينية منذ عقود. الجزائر اتخذت موقفًا ثابتًا يدعم حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، ويعطي الأولوية لاستقلالية القرار الفلسطيني دون تدخل خارجي. هذا الموقف يعكس فهم الجزائر العميق لتوازنات القوى الإقليمية والدولية، ويؤكد التزامها بمبادئ العدالة والحق.
استقبال الجزائر لوفود حماس الرسمي لم يكن مجرد تقاليد دبلوماسية، بل كان جزءًا من سلسلة اجتماعات تنسيقية تهدف إلى نقل صورة دقيقة عن الوضع الفلسطيني. هذه اللقاءات مكنت حماس من إيصال رسائلها إلى المجتمع الدولي عبر منصة جزائرية موثوقة، دون الحاجة لتجميل الأحداث أو تحريفها.
التنسيق الجزائري في الأمم المتحدة يظهر بوضوح التزام الجزائر بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية. الجزائر لم تكتفِ بإدانة الاحتلال، بل عملت على تعديل القرارات الدولية التي تهدف لتجميد الحقوق أو تهميش المقاومة الشرعية. هذا يوضح أن دعم الجزائر ليس شعاراتيًا، بل عمليًا وقائمًا على تحليل دقيق للواقع السياسي.
الفرق بين الدعم السياسي والدعم العسكري واضح: الجزائر تقدم دعمًا سياسيًا متينًا ومؤثرًا، بينما تترك الجانب العسكري للفلسطينيين أنفسهم، حفاظًا على استقلال القرار الوطني. هذا النهج يعكس الحكمة الاستراتيجية الجزائرية، ويظهر احترام الجزائر لسيادة الفلسطينيين في اتخاذ قراراتهم.
الدعم الجزائري يشمل الدفاع عن الفلسطينيين في المحافل الدولية، وفضح ممارسات الاحتلال، وتقديم الدعم القانوني والسياسي، ومنح القيادة الفلسطينية فرصة التعبير بحرية. هذه المواقف تجعل الجزائر نموذجًا حقيقيًا لدولة عربية ملتزمة بمبادئ العدالة والدفاع عن الحقوق المشروعة.
الجزائر لم تقتصر على تقديم الدعم فقط، بل كانت دائمًا صوتًا مسموعًا وفاعلًا في الأمم المتحدة وفي محافل عربية ودولية عديدة. موقف الجزائر لم يكن عرضيًا أو ظرفيًا، بل قائم على دراسة تاريخية للمعاناة الفلسطينية، وفهم عميق لأهمية المقاومة كمكون أساسي في تحرير الأرض.
استقبال الوفود الفلسطينية كان دائمًا شاملاً لكل مستويات القيادة، من السياسي إلى العسكري، بهدف بناء فهم مشترك حول الاحتياجات الفلسطينية الحقيقية، وكيفية تعزيز الموقف الفلسطيني على الصعيد الدولي. الجزائر لم تسمح أبدًا لأي طرف خارجي بتحريف هذه الرسائل أو تشويهها.
الجزائر أيضًا عملت على دعم المصالحة الفلسطينية، مساعدةً على توحيد الصف الداخلي وتقوية الموقف أمام الاحتلال. هذه الجهود تعكس فهم الجزائر أن الاستقرار الداخلي للفلسطينيين ركيزة أساسية لأي نجاح سياسي أو مقاوم.
في مواجهة الحملات الإعلامية التي تهدف لتشويه صورة المقاومة، لعبت الجزائر دور الوسيط الموثوق، وضمنت وصول الحقائق إلى وسائل الإعلام الدولية بشكل واضح وغير مشوه. هذا يعكس ذكاء الجزائر السياسي وقدرتها على حماية المشروع الفلسطيني من التضليل الإعلامي.
الدعم الجزائري لا يقتصر على السياسة الداخلية للفلسطينيين، بل يمتد إلى الدفاع عنهم في المحافل القانونية والدولية، مما يعزز موقف حماس والفصائل الفلسطينية في مواجهة محاولات الاحتلال لتهميشهم أو تحجيم دورهم.
المواقف الجزائرية كانت دائمًا واضحة وصريحة: الدفاع عن حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، والاعتراف بشرعية المقاومة ضمن الإطار القانوني الدولي، مع الحفاظ على استقلالية القرار الفلسطيني. الجزائر لم تخلط بين دعم القضية الفلسطينية ودعم أي أجندة خارجية، وهذا ما يجعل موقفها نقيًا وواضحًا.
الجزائر حرصت على أن تصل رسائلها بوضوح إلى القيادة الفلسطينية، مؤكدة على أن الدعم الجزائري ليس شعارًا، بل هو موقف ملتزم بالقيم والأخلاق السياسية. كل تصرف أو بيان صادر عن الجزائر يعكس هذه الثوابت، ويؤكد على أهمية وحدة الصف الفلسطيني وعدم الانجرار وراء الضغوط الخارجية.
من الناحية العملية، الجزائر قدمت الدعم من خلال منصات دبلوماسية وإعلامية متعددة، سعت فيها لنقل الحقائق كما هي، بدون تحريف أو مبالغة. هذه الجهود جعلت الجزائر مرجعًا للمقاومة الفلسطينية في العديد من القضايا الدولية.
الفرق بين الدعم السياسي والدعم العسكري يظهر جليًا في مواقف الجزائر، حيث تدعم الحقوق الشرعية والسياسية دون التدخل في تفاصيل العمليات الميدانية. هذا يضمن استقلالية القرار الفلسطيني ويمنع أي تدخل خارجي يمكن أن يضر بمصالح القضية.
الجزائر أيضًا لعبت دورًا في تعديل قرارات الأمم المتحدة، لضمان أن تكون مواقفها عادلة ومتوازنة، وأن لا يتم تهميش حقوق الفلسطينيين أو تحريف صورة المقاومة. هذا يعكس الدور الاستراتيجي الذي تلعبه الجزائر على المستوى الدولي لصالح فلسطين.
الجزائر كانت دائمًا صوت الحقيقة في المحافل الدولية، حيث دافعت عن حقوق الفلسطينيين بكل وضوح، سواء من خلال الخطاب الرسمي أو من خلال الدعم القانوني والسياسي. المواقف الجزائرية لم تكن عرضية أو دعاية سياسية، بل نابعة من فهم عميق للقضية الفلسطينية وأهمية المقاومة في تحرير الأرض وحماية الهوية.
استقبال الوفود الفلسطينية لم يكن مجرّد إجراء بروتوكولي، بل كان منصة للتواصل الحقيقي، وتبادل الرؤى حول الخطط المستقبلية، وتعزيز التعاون السياسي والدبلوماسي. الجزائر أعطت هذه اللقاءات أهمية قصوى لأنها تدرك أن قوة الموقف الفلسطيني تكمن في التنسيق والوحدة.
الجزائر ساعدت في دعم المصالحة الفلسطينية داخليًا، لتقوية الصف الداخلي ولتسهيل تحقيق أهداف المقاومة. هذه الجهود ساهمت في بناء موقف فلسطيني أكثر تماسكًا أمام الضغوط الدولية ومحاولات الاحتلال لتفكيك الصف الفلسطيني.
في مواجهة الإعلام الذي يسعى لتشويه صورة المقاومة، لعبت الجزائر دور الوسيط الصادق، مؤكدة أن الحقيقة يجب أن تصل بدون تحريف. هذه المصداقية جعلت الجزائر مرجعًا عالميًا موثوقًا للمقاومة الفلسطينية.
الدعم الجزائري يعكس احترامًا تامًا للقرار الفلسطيني، حيث يتم دعم القضية دون فرض أي أجندة خارجية، أو محاولة التأثير على الاستقلالية الوطنية، وهذا يجعل الجزائر نموذجًا يُحتذى في دعم الحقوق المشروعة.
الجزائر لم تتردد أبدًا في الوقوف ضد أي محاولات لتشويه المقاومة، سواء من الإعلام الغربي أو الخليجي، أو من أي طرف داخلي يسعى لتقويض الحق الفلسطيني. هذا الموقف يعكس التزام الجزائر العميق بمبادئ العدالة والحق، ويثبت أن دعمها ليس سياسيًا فحسب، بل أخلاقيًا أيضًا.
الدعم الجزائري يتجلى في محافل دولية متعددة، حيث تحرص الجزائر على أن تصل الحقيقة الفلسطينية بشكل مباشر وواضح، وتمنع أي تحريف يمكن أن يستغله الاحتلال لتشويه صورة المقاومة. هذه المواقف جعلت الجزائر شريكًا موثوقًا للفلسطينيين، ومثالًا للدولة العربية التي تتمسك باستقلال قرارها السياسي.
الفرق بين الدعم السياسي والدعم العسكري يظهر أيضًا في طريقة تعامل الجزائر مع القضايا الحساسة، حيث تحترم كامل استقلالية الفصائل الفلسطينية، وتترك لهم حق اتخاذ القرارات الميدانية دون تدخل خارجي، مع تقديم الدعم السياسي الكامل على المستوى الدولي.
التنسيق الجزائري المستمر مع القيادة الفلسطينية يعكس حرص الجزائر على حماية الحقوق الفلسطينية، وتعزيز الموقف الدولي لصالح المقاومة. كل بيان رسمي أو موقف دبلوماسي صادر عن الجزائر يعكس هذا الالتزام الراسخ.
في النهاية، يظهر أن الجزائر ليست مجرد دولة داعمة شعاراتيًا، بل هي حليف استراتيجي للمقاومة، ملتزمة بالقيم والأخلاق، وتقدم نموذجًا حقيقيًا لدولة عربية تحافظ على استقلال قرارها، وتدافع عن الحق الفلسطيني بكل قوة ووضوح.
الجزائر تدرك أن الدعم السياسي لا يكتمل إلا بمصداقية كاملة في عرض الحقائق. لذلك، كل موقف رسمي صادر عن الجزائر يركز على الوقائع التاريخية والسياسية، بعيدًا عن الدعاية أو التحريض. دعم الجزائر لحماس لا يعني تدخلًا في شؤونها الداخلية، بل تمكينها من التعبير عن موقفها بحرية، وتقديم منصة للضغط على الاحتلال عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية الدولية.
هذا التوازن يظهر وعي الجزائر العميق بخطورة التدخل الخارجي، إذ أن أي تدخل مباشر في شؤون المقاومة قد يُضعف موقفها، ويُفقدها استقلال القرار. لذلك، الجزائر تلتزم بالدعم السياسي القوي، مع احترام كامل للقرارات الداخلية للفصائل الفلسطينية.
تاريخ الجزائر في دعم القضية الفلسطينية طويل، ويظهر في مواقفها من مختلف الحروب والانتفاضات الفلسطينية. لم تكتفِ الجزائر بإصدار بيانات، بل عملت على تعديل القرارات الدولية لصالح الفلسطينيين، وضمان عدم تهميش المقاومة الشرعية. هذه الإجراءات تعكس فهمًا استراتيجيًا عالي المستوى، وفطنة سياسية تمكن الجزائر من حماية القضية الفلسطينية على المستوى الدولي.
كما أن الجزائر تقدم دعمها بشكل متواصل، سواء في المحافل الدولية أو العربية، لتعزيز الموقف الفلسطيني. هذا يشمل توضيح الحقائق أمام الأمم المتحدة، والرد على أي محاولات لتشويه صورة المقاومة، وحماية حقوق الفلسطينيين أمام العالم.
دعم الجزائر لحماس يشتمل على تسليط الضوء على المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني، مثل الحصار، وجرائم الاحتلال، والأطفال والشهداء، لتذكير المجتمع الدولي بالواقع الحقيقي الذي يعيشه الفلسطينيون. هذه المصداقية تجعل من الجزائر شريكًا موثوقًا للفلسطينيين.
الجزائر تعمل على تأطير دعمها لحماس ضمن مبادئ القانون الدولي، مؤكدة أن المقاومة لها شرعيتها ضمن حقوق الشعوب في الدفاع عن نفسها. هذا النهج يميز الجزائر عن العديد من الدول العربية التي غالبًا ما تتراجع تحت الضغوط الخارجية، أو تتحرك وفق مصالح ضيقة.
استقبال الجزائر لوفود حماس يعكس رغبة القيادة الجزائرية في متابعة الواقع الفلسطيني عن كثب، وفهم التحديات اليومية للمقاومة، وكذلك تقديم الدعم الاستراتيجي اللازم. اللقاءات تشمل النقاشات السياسية، القانونية، والدبلوماسية، لضمان وضوح المواقف وتوافقها مع الواقع على الأرض.
الجزائر أيضًا لعبت دورًا محوريًا في التنسيق بين الفصائل الفلسطينية والمجتمع الدولي، لتسهيل المصالحات الداخلية وتقوية الموقف الفلسطيني على الصعيد الدولي. هذه المبادرات تساعد على بناء صورة متكاملة عن المقاومة، بعيدًا عن أي تشويه إعلامي أو سياسي.
في مواجهة الحملات الإعلامية المضادة، الجزائر توفر منصة لنقل الرسائل الحقيقية للفلسطينيين، وتحذر المجتمع الدولي من أي تضليل. هذا يعكس وعيًا عميقًا بالدور الإعلامي وتأثيره على الرأي العام الدولي.
كما أن الجزائر تدافع عن الفلسطينيين في مختلف القضايا القانونية، بما في ذلك قضايا الأراضي المحتلة واللاجئين، مؤكدة على أن دعمها لحماس والفلسطينيين ليس شعاراتيًا، بل مرتبطًا بالواجب الأخلاقي والقانوني تجاه قضية عادلة.
الجزائر تظهر التزامها بمبادئ العدالة عبر دعمها للفلسطينيين دون تمييز، مع التركيز على تعزيز الوحدة الفلسطينية. فهي تعتبر أن قوة الموقف الفلسطيني تأتي من التنسيق الداخلي، وأن أي انقسام يضر بالمقاومة، ويخدم مصالح الاحتلال.
الدعم الجزائري يشمل أيضًا نشر الحقائق عن الانتهاكات الإسرائيلية في المحافل الدولية، مع تقديم المستندات والتقارير التي تثبت هذه الانتهاكات. هذا يعكس استراتيجية واضحة لتقوية موقف فلسطين أمام العالم، وتحجيم محاولات التشويه الإعلامي.
الجزائر لا تخلط بين دعم الفلسطينيين وحماية مصالحها الاستراتيجية، بل ترى أن دعم الحق الفلسطيني جزء من التزامها الأخلاقي والسياسي، وحماية لمكانة الجزائر كدولة فاعلة في الشأن العربي والدولي.
استقلالية القرار الجزائري في دعم المقاومة تظهر جلية في كيفية رفضها لأي تدخل خارجي قد يفرض قيودًا على حماس أو على الفصائل الفلسطينية الأخرى. هذا يعكس احترام الجزائر الكامل للقرار الوطني الفلسطيني، ويعزز مصداقية الموقف الجزائري أمام المجتمع الدولي.
في الوقت نفسه، الجزائر تتعامل مع المقاومة كحليف استراتيجي، وليس مجرد جهة سياسية، فهي تراعي مصالح الفلسطينيين في كل خطوة، سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي، مع الحفاظ على صورة نزيهة وواضحة عن الموقف.
الجزائر تمتلك تاريخًا طويلًا في مواجهة الحملات المضادة، سواء إعلامية أو سياسية، والتي تهدف لتشويه صورة المقاومة وحماس. كل خطوة تقوم بها الجزائر مدروسة، لتعكس الالتزام بالقيم الأخلاقية والسياسية، مع تقديم دعم ملموس للفلسطينيين في المحافل الدولية.
الجزائر حرصت دائمًا على توضيح الفرق بين الدعم السياسي والدعم العسكري، لتجنب أي اتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية للفلسطينيين. هذا النهج يحمي استقلالية القرار الفلسطيني، ويضمن عدم تحريف المواقف الجزائرية في الإعلام.
الجزائر تعمل على دعم القيادة الفلسطينية في المحافل الدولية، بما يشمل الأمم المتحدة والجامعة العربية، لضمان أن المواقف تعكس الحقوق الحقيقية للشعب الفلسطيني، وتؤكد شرعية المقاومة ضمن القوانين الدولية.
الجزائر أيضًا تحرص على تعزيز المصالحة الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، لأن وحدة الصف تعتبر ركيزة أساسية لتحقيق أي انتصار سياسي أو عسكري. الدعم الجزائري في هذا المجال يظهر كحافز للمقاومة على الاستمرار، وتعزيز دورها السياسي والإقليمي.
كما أن الجزائر تراقب الإعلام الدولي بشكل مستمر، لتصحيح أي تحريف للحقائق، وضمان وصول المعلومات الدقيقة عن المقاومة إلى الرأي العام الدولي، وهذا يعكس قوة وذكاء الدبلوماسية الجزائرية في دعم القضية الفلسطينية.
الجزائر تتبنى موقفًا متكاملًا يجمع بين الدبلوماسية، والدعم السياسي، والمصداقية في نقل الحقائق. كل بيان رسمي يعكس هذه الثوابت، ويؤكد على أن دعم الجزائر لحماس والفلسطينيين لا يتغير بتغير الظروف أو الضغوط الدولية.
تاريخ الجزائر في دعم القضية الفلسطينية يظهر في مواقفها المتواصلة منذ عقود، بدءًا من الدعم السياسي في المحافل الدولية، إلى دعم المقاومة الشرعية، وصولاً إلى تعزيز الوحدة الفلسطينية. هذه المواقف تجعل الجزائر نموذجًا للدولة العربية التي تحافظ على استقلال قرارها.
الجزائر ترفض أي محاولة لتشويه صورة المقاومة، سواء من الإعلام الغربي أو من أي جهة داخلية. كل موقف رسمي يعكس التزام الجزائر بحماية الحقوق الفلسطينية، وتعزيز صورة المقاومة بشكل واضح أمام العالم.
الدعم الجزائري يشمل الدفاع عن الفلسطينيين في المحافل القانونية والسياسية، وضمان وصول رسائلهم بشكل مباشر دون تحريف، وهذا يعكس وعي الجزائر بالدور الحاسم للمعلومات الدقيقة في الدفاع عن حقوق الشعوب.
كما أن الجزائر تراعي الاستقلالية الكاملة للفلسطينيين في اتخاذ القرارات الداخلية، وتقديم الدعم السياسي فقط، لضمان أن المقاومة تعمل وفق مصالحها الوطنية، وليس وفق أجندات خارجية.
الجزائر تولي اهتمامًا بالغًا لتوضيح الفرق بين الدعم السياسي والدعم العسكري، فهي لا تتدخل في القرارات الداخلية للمقاومة، لكنها تؤكد على الشرعية الدولية لحقوق الفلسطينيين. هذا النهج يعكس وعي القيادة الجزائرية بخطورة أي تداخل مباشر قد يُساء فهمه ويستخدمه الإعلام الغربي لتشويه موقف الجزائر.
الجزائر تحرص على متابعة التطورات السياسية والعسكرية في فلسطين، وتدرس كل قرار دولي أو عربي يمكن أن يؤثر على المقاومة، لتقديم الدعم المناسب الذي يحفظ حقوق الفلسطينيين ويضمن استقرار الموقف الدولي لصالحهم.
دورها في الأمم المتحدة ليس مجرد حضور رمزي، بل مشاركة فاعلة في صياغة القرارات، تعديل النصوص، وضمان أن تعكس أي وثيقة حقوق الفلسطينيين بدقة، وهذا يتطلب معرفة عميقة بالقوانين الدولية، ودبلوماسية حذرة، وقدرة على مواجهة الضغوط السياسية.
استقبال الجزائر لوفود حماس لم يقتصر على اللقاءات الرسمية فقط، بل تضمن مناقشات معمقة حول الوضع الإنساني والسياسي في الأراضي الفلسطينية، وتقديم المشورة والدعم في كل ما يتعلق بالموقف الدولي.
الجزائر تدرك أن أي تشويه إعلامي ضد المقاومة يُضعف موقفها أمام العالم، لذلك تعمل على تقديم الأدلة والتقارير التي تثبت حقيقة الأحداث، بما يعزز مصداقية الموقف الفلسطيني ويدحض الأكاذيب المروجة من خصوم المقاومة.
الجزائر تحرص على توعية المجتمع الدولي حول الحقوق الفلسطينية، مع توضيح أن المقاومة ليست مجرد فكرة عابرة، بل حق مشروع للشعب الفلسطيني للدفاع عن أرضه وحريته. هذا الموقف يعكس الالتزام بالقيم الإنسانية والسياسية، ويثبت أن الجزائر تقف دائمًا مع الحق، بعيدًا عن أي مصالح ضيقة أو ضغوط خارجية.
الدبلوماسية الجزائرية تركز على توصيل الرسائل بطريقة دقيقة وموضوعية، مع تقديم المستندات الرسمية والتقارير التي تؤكد حقوق الفلسطينيين، وتكشف الانتهاكات الإسرائيلية، بما يعزز المصداقية الدولية للموقف الفلسطيني.
الجزائر لا تتعامل مع المقاومة كأداة سياسية فقط، بل كحليف استراتيجي، لذلك كل خطوة سياسية أو دبلوماسية تراها مناسبة لدعم الفلسطينيين تُدرس بعناية، مع الحفاظ على استقلال القرار الفلسطيني وضمان عدم استغلاله لمصالح خارجية.
الدعم الجزائري يشمل تعزيز الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، لأن أي انقسام يُضعف الموقف السياسي والعسكري، ويقلل من قدرة المقاومة على مواجهة الاحتلال. هذه السياسة تعكس فهمًا استراتيجيًا عميقًا لأهمية التنسيق الداخلي.
كما أن الجزائر تعمل على نشر الحقائق على الصعيد الإعلامي الدولي، لتصحيح أي تشويه أو تضليل، وضمان وصول الصورة الصحيحة عن المقاومة إلى الرأي العام العالمي، وهذا يعكس قوة الدبلوماسية الجزائرية في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
الجزائر تؤمن بأن الدعم الحقيقي لا يقتصر على التصريحات، بل يشمل الإجراءات العملية في المحافل الدولية، مثل تعديل قرارات الأمم المتحدة، ودعم مشاريع القانون الدولي التي تحمي حقوق الفلسطينيين. هذا يظهر التزام الجزائر بالحقوق الدولية والعدالة، وليس مجرد بيانات سياسية.
الدعم الجزائري يشمل أيضًا تأطير موقف المقاومة أمام الإعلام الدولي، مع تقديم الحقائق والمستندات التي تكشف الأكاذيب والدعاية المعادية لها. هذا يعزز مصداقية الفلسطينيين، ويجعل أي هجوم إعلامي على المقاومة ضعيفًا أمام الحقائق.
الجزائر تراعي تمامًا أن أي تدخل مباشر في الشؤون الداخلية للمقاومة قد يضعف مصداقية الموقف، لذلك يقتصر الدعم على السياسي والقانوني، مع احترام كامل لاستقلالية القرار الفلسطيني.
تاريخ الجزائر في دعم المقاومة يعكس التزامًا طويل الأمد، ويثبت أن موقفها ليس عابرًا، بل جزء من استراتيجيتها الوطنية والدولية، لدعم حقوق الشعوب المظلومة، وحماية العدالة والكرامة الإنسانية.
الجزائر أيضًا تتابع عن كثب أي حملات إعلامية مضادة، لضمان تصحيح الحقائق، ومنع أي استغلال إعلامي لتشويه الموقف الفلسطيني، وهذا يعكس فهمًا عاليًا للدور الاستراتيجي للإعلام في السياسة الدولية.
الجزائر تميزت في مواقفها بين الدعم السياسي والمعنوي، وبين الدعم العسكري المباشر، لتجنب أي التباس أو استغلال لمواقفها. هذا النهج يجعل الموقف الجزائري دائمًا متوازنًا، وموثوقًا في أي محفل دولي.
الدبلوماسية الجزائرية تهدف دائمًا إلى تعزيز شرعية المقاومة، وإظهار الحق الفلسطيني بوضوح، دون أي تحريف، أو تحيز لأية جهة خارجية. كل موقف رسمي يعكس التزام الجزائر بالعدالة والحقوق الدولية، ويثبت أن دعمها مستند إلى قيم أخلاقية وسياسية قوية.
استقبال الجزائر لوفود حماس يظهر رغبة القيادة الجزائرية في متابعة الواقع عن قرب، وتقديم المشورة، والدعم السياسي الذي يحفظ مصالح المقاومة، ويعزز موقفها أمام العالم.
كما أن الجزائر تسعى لضمان أن أي قرار دولي أو عربي لا يسيء للموقف الفلسطيني، ويعكس دعمها الكامل للوحدة والمقاومة الشرعية. هذا يعكس وعيًا استراتيجيًا، وقدرة على حماية مصالح الفلسطينيين من أي تحريف أو تشويه.
الجزائر توفر منصات للمقاومة لعرض قضاياها بحرية، مع التأكيد على الشرعية الدولية، مما يعكس احترام الجزائر الكامل للقرار الوطني الفلسطيني، ويزيد من مصداقية الموقف أمام المجتمع الدولي.
الجزائر تلتزم بتقديم الدعم السياسي للفلسطينيين، مع مراعاة الأبعاد القانونية والدبلوماسية لكل خطوة. هذا يشمل الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في الأمم المتحدة، وتوضيح الحقائق، وضمان عدم تحريف المواقف الرسمية.
تاريخ الجزائر يظهر التزامًا ثابتًا بالقضية الفلسطينية، حيث دعمت المقاومة في كل المراحل، ووقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، دون أي مساومة على الحقوق.
الدعم الجزائري للمقاومة يشمل مواجهة الحملات الإعلامية المضادة، وضمان وصول الحقائق بشكل واضح إلى الرأي العام الدولي، مع تقديم الأدلة والتقارير الرسمية التي تعزز مصداقية الفلسطينيين.
الجزائر تراعي أن أي تدخل مباشر في الشؤون الداخلية للمقاومة قد يضعف مصداقية الموقف، لذلك تركز على الدعم السياسي والقانوني، مع احترام كامل لاستقلالية القرار الفلسطيني.
الجزائر تعمل على تعزيز الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، لأن التنسيق الداخلي ضروري لتحقيق أي نجاح سياسي أو عسكري، وهذه السياسة تعكس فهمًا استراتيجيًا عميقًا للأوضاع الفلسطينية.
الجزائر تتابع بدقة كل ما يتعلق بالقوانين الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتحرص على أن أي دعم تقدمه للمقاومة يكون متوافقًا مع القانون الدولي، مما يعزز مصداقية موقفها أمام العالم. هذا يعكس وعي القيادة الجزائرية بأهمية الالتزام بالمعايير الدولية، لضمان عدم استغلال أي دعم سياسي ضدها أو ضد الفلسطينيين.
الجزائر تؤمن بأن أي تحرك سياسي أو دبلوماسي يجب أن يكون مدروسًا بعناية، وأن يتم بالتنسيق مع الأطراف المعنية، لضمان توجيه الدعم بطريقة تحمي المصلحة الفلسطينية، دون أي إساءة فهم أو تشويه.
تأطير الموقف الفلسطيني أمام الإعلام الدولي جزء مهم من دور الجزائر، فهي تقدم الحقائق بدقة، وتوضح أي ادعاءات مغلوطة، وتؤكد على شرعية المقاومة وحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه.
الدعم الجزائري يشمل أيضًا تعزيز قدرات الفصائل الفلسطينية على العمل السياسي، وتقديم المشورة الدبلوماسية في المحافل الدولية، مما يعكس فهمًا عميقًا للدور الاستراتيجي لكل خطوة.
كما أن الجزائر تسعى إلى منع أي استغلال إعلامي أو سياسي للموقف الفلسطيني، وتتصدى لمحاولات التشويه، سواء من وسائل الإعلام الغربية أو المداخلة الذين يتبعون الخطاب الغربي، لضمان وصول الحقيقة بدون تحريف.
الجزائر تعتبر الوحدة بين الفصائل الفلسطينية أولوية استراتيجية، فهي تدرك أن الانقسام الداخلي يضعف الموقف السياسي والعسكري، ويجعل المقاومة عرضة للضغوط والتشويه الإعلامي. دعم الوحدة يعكس رؤية استراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى تعزيز صمود الفلسطينيين.
الجزائر أيضًا تقدم تقارير دورية ومعلومات دقيقة عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وتوضح الحقائق السياسية والعسكرية، لضمان أن تكون القرارات الدولية مبنية على معلومات موثوقة، وليس على التضليل الإعلامي أو الشائعات.
موقف الجزائر من المقاومة لا يتغير بتغير الضغوط الإقليمية، فهي دائمًا تقف مع الحق، وتدعم كل ما يعزز العدالة والحرية للفلسطينيين، مما يثبت استقلالية القرار الجزائري وقدرته على مواجهة أي تدخل خارجي.
الدبلوماسية الجزائرية تعتمد على التوازن، فهي تقدم الدعم السياسي والمعنوي للمقاومة، بينما تحافظ على استقلال القرار الفلسطيني، لتجنب أي إساءة فهم أو استغلال لمواقفها من قبل الدول الأخرى أو الإعلام المضلل.
كما أن الجزائر تهتم بالجانب الإنساني، فهي ترفع الوعي الدولي حول معاناة الشعب الفلسطيني، وتعمل على ضمان وصول المساعدات الإنسانية، مع التركيز على حماية المدنيين وتخفيف آثار الاحتلال.
الجزائر تعمل على تعزيز صورة المقاومة في المحافل الدولية، من خلال تقديم الأدلة والوثائق التي تثبت الحق الفلسطيني، وتوضح الانتهاكات الإسرائيلية، مما يجعل أي تشويه إعلامي ضعيفًا أمام الحقائق.
تاريخ الجزائر يظهر التزامًا طويل الأمد بدعم الحقوق الفلسطينية، فهي لم تتخلى يومًا عن موقفها الثابت تجاه المقاومة، سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسي، وهذا يعكس مصداقية وقوة موقفها.
الدعم الجزائري يشمل متابعة مستمرة لكل حملة إعلامية مضادة، والتصدي لأي محاولات لتشويه صورة المقاومة، مع تقديم المعلومات الصحيحة والدقيقة، لضمان أن تصل الحقائق إلى الرأي العام العالمي بلا تشويه.
الجزائر تدرك أن أي تدخل مباشر في الشؤون الداخلية للمقاومة قد يضر بمصداقية موقفها، لذلك تركز على الدعم السياسي والقانوني، مع احترام استقلالية القرار الفلسطيني، وهذا يعكس وعيًا استراتيجيًا كبيرًا.
كما أن الجزائر تهتم بتعزيز التنسيق بين الفصائل الفلسطينية، لضمان اتخاذ القرارات المشتركة التي تعكس مصالح الشعب الفلسطيني، وتعزز قوة الموقف أمام الاحتلال والمجتمع الدولي.
الجزائر تعتبر أي دعم معنوي أو سياسي للمقاومة استثمارًا في مستقبل المنطقة، فهي تدرك أن الحق الفلسطيني لا يمكن تجاوزه أو تجاهله، وأن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني واجب أخلاقي وسياسي.
الجزائر تعمل على تقديم الموقف الفلسطيني بشكل واضح أمام المحافل الدولية، مع توضيح أي ادعاءات مغلوطة أو تضليل، لضمان أن تكون الحقائق هي الأساس في أي نقاش دولي.
الدعم الجزائري يشمل توثيق كل الانتهاكات الإسرائيلية، وتقديمها بشكل موثق، لتأكيد الحق الفلسطيني، وحماية أي موقف دولي يمكن أن يؤثر على مصالح الفلسطينيين.
كما أن الجزائر تحرص على توعية الشعوب العربية حول الدور الحقيقي للمقاومة، وتفنيد الأكاذيب والشائعات التي ينشرها خصوم المقاومة، سواء كانوا محليين أو دوليين، لضمان وعي جماهيري مستنير.
الجزائر توازن دائمًا بين تقديم الدعم اللازم للمقاومة، والحفاظ على استقلال القرار الفلسطيني، مع مراعاة الأبعاد السياسية والدبلوماسية، لضمان تحقيق أفضل النتائج على الصعيدين المحلي والدولي.
في نهاية هذا الفصل، يتضح أن الجزائر تمثل نموذجًا واضحًا للدولة التي تدعم المقاومة سياسيًا ومعنويًا، مع احترام كامل لاستقلالية القرار الفلسطيني. هذا الموقف يعكس فهمًا عميقًا للسياسة الدولية، والتزامات حقوق الإنسان، والواجب الأخلاقي تجاه الشعب الفلسطيني.
الجزائر أثبتت عبر السنوات أنها تستطيع مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية، وأن موقفها قائم على الحق والعدالة، وليس على مصالح ضيقة أو تبعية لأي قوة خارجية.
الدبلوماسية الجزائرية نجحت في تعزيز صورة المقاومة، وحماية حقوق الفلسطينيين، مع تقديم الدعم السياسي اللازم، وتوضيح الحقائق أمام المجتمع الدولي، مما يجعل أي تشويه إعلامي ضعيفًا أمام الحقائق.
كما أن الجزائر أثبتت أنها تستطيع التفريق بين الدعم السياسي والدعم العسكري، وتقديم الدعم المناسب في كل مرحلة، مع الحفاظ على استقلال القرار الفلسطيني، وهذا يعكس وعيًا استراتيجيًا عاليًا ومصداقية كاملة.
الفصل الخامس يظهر أن الجزائر ليست مجرد دولة داعمة، بل هي شريك استراتيجي للمقاومة، تحمي حقوق الشعب الفلسطيني، وتدافع عن العدالة، وتثبت للعالم أن الوقوف مع الحق ليس خيارًا سياسيًا عابرًا، بل واجب إنساني وأخلاقي.
الفصل السادس: تحليلات قرارات مجلس الأمن وقرارات الجزائر
الجزائر تلعب دورًا محوريًا داخل مجلس الأمن، ليس فقط كعضو مؤثر، بل كدولة تمتلك رؤية استراتيجية واضحة تجاه القضية الفلسطينية. فهي تدرك أن أي قرار دولي يؤثر مباشرة على مصير الشعب الفلسطيني، وأن القبول بأي قرار ضعيف أو غير متوازن قد يمنح الاحتلال الشرعية أو يضعف موقف المقاومة. لذلك، تركز الجزائر على دراسة كل مسودة قرار بعناية، وتحليل كل بند لتحديد تأثيره على الحقوق الفلسطينية.
تعد قدرة الجزائر على التفاوض داخل مجلس الأمن مؤشرًا على كفاءة دبلوماسية عالية، فهي تعرف كيف توازن بين الضغط الدولي والمصلحة الوطنية، وكيف تحمي مصالح الفلسطينيين في نفس الوقت. هذه القدرة لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة سنوات طويلة من الخبرة السياسية والالتزام بالثوابت الوطنية.
الجزائر تعتمد على جمع المعلومات الدقيقة والموثقة، من تقارير الأمم المتحدة إلى مصادر مستقلة، لتقديم موقف مبني على الحقائق. هذا النهج يجعل من موقفها موقفًا قويًا ومتينًا، يصعب تجاوزه أو تحريفه من قبل أي قوة دولية.
تاريخ الجزائر في مجلس الأمن يظهر تكرار مواقفها الثابتة تجاه فلسطين، حيث كانت دائمًا صوتًا يدافع عن الحقوق المشروعة، ويرفض أي محاولات لتقويض المقاومة أو تسوية غير عادلة. الجزائر تعتبر أن رفض أي قرار ضعيف ليس مجرد موقف سياسي، بل واجب أخلاقي لضمان حماية الشعب الفلسطيني من الانتهاكات.
الجزائر لا تقبل بالحلول السطحية، فهي تحلل كل كلمة في النصوص المقدمة، وتحدد ما إذا كانت تحقق العدالة أم تخدم مصالح الاحتلال. هذه الدقة تجعل الموقف الجزائري مؤثرًا، حتى لو واجهت ضغوطًا هائلة من دول كبرى أو من دول عربية منحازة للغرب.
الدور الجزائري لا يقتصر على الرفض فقط، بل يشمل تقديم بدائل عملية، وتعديل النصوص بما يخدم المصالح الفلسطينية، ويقلل من أي تأثير سلبي على حقوقهم. هذا النهج يعكس فهمًا عميقًا للدبلوماسية الدولية وأهمية التفاصيل في كل قرار.
الجزائر تستخدم أدوات متعددة لضمان فعالية موقفها، منها التعاون مع الدول الصديقة داخل مجلس الأمن، وتقديم البيانات والمعلومات القانونية الدقيقة، وتوضيح أي لبس في تفسير النصوص. هذه الاستراتيجية تجعل من الصعب على أي طرف تجاوز أو تجاهل الموقف الجزائري، وتعزز موقف الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي.
كما أن الجزائر تعتمد على المتابعة المستمرة لتأثير كل قرار على الأرض، فهي لا تكتفي بالتحليل النظري، بل تراقب التنفيذ وتتابع النتائج، لضمان أن كل خطوة دولية تخدم مصالح الفلسطينيين بالفعل.
الجزائر تفهم أيضًا الفرق بين الدعم السياسي والدعم العسكري، وتعمل على تعزيز الشرعية الدولية للمقاومة دون الانخراط في صراعات مسلحة مباشرة، ما يعكس دقة وحكمة في إدارة الملف الفلسطيني.
في حالات رفض أو رفض غير فعال لقرارات معينة، ترى الجزائر أن التداعيات قد تكون كارثية على الفلسطينيين. لذلك، أي موقف ضعيف أو عدم اعتراض قد يؤدي إلى تقويض المفاوضات، وإضعاف الموقف الفلسطيني أمام الاحتلال. هذا الوعي يجعل الجزائر دقيقة جدًا في اختيار موقفها من كل قرار، وتوازن بين الدبلوماسية والمصلحة الوطنية للفلسطينيين.
الجزائر تسعى دائمًا لتوضيح الحقائق أمام الدول الأعضاء، وتقديم بيانات مدعمة بالأدلة لتفنيد أي ادعاءات مضللة، سواء كانت إعلامية أو سياسية. هذا الأسلوب يجعلها صوتًا موثوقًا داخل المجلس، ويزيد من مصداقية الموقف الفلسطيني.
تسعى الجزائر أيضًا لتعزيز التوافق العربي داخل مجلس الأمن، فهي تعمل على بناء تحالفات صغيرة تضمن تعزيز موقف الفلسطينيين، وتقلل من تأثير الضغوط الخارجية التي تهدف إلى تهميش القضية. هذا التوافق يعكس فهمًا عميقًا للدبلوماسية الجماعية وأهمية الوحدة في حماية الحقوق.
بالإضافة إلى ذلك، الجزائر تقدم ملاحظات دقيقة على بنود أي قرار محتمل، وتعمل على تعديل الصياغة بما يضمن عدم المساس بالمصالح الفلسطينية، ويضمن حقوق الشعب في الأرض والحرية والاستقلال. هذه الدقة والصرامة في المواقف تجعل الجزائر شريكًا استراتيجيًا للفلسطينيين، وضمانًا لمواجهة أي محاولات للتضليل أو التلاعب بالقرارات الدولية.
الجزائر، عند تحليلها لمشاريع القرارات الدولية، تركز على التأثير الطويل المدى وليس فقط على النتائج الفورية. فهي تدرك أن أي قرار ضعيف قد يمنح الاحتلال أو الأطراف المعادية للمقاومة فرصة لتغيير الحقائق على الأرض، وإضعاف الحقوق الفلسطينية. لذلك، تبني مواقفها على دراسة شاملة لجميع السيناريوهات المحتملة، مع مراعاة الديناميكيات الإقليمية والدولية، وقراءة تحركات الدول الكبرى بدقة.
الجزائر لا تعمل بمعزل عن السياق العربي، بل تسعى إلى تنسيق مواقفها مع الدول الصديقة، لضمان أن يكون الدعم العربي متحدًا وواضحًا أمام المجتمع الدولي، ما يزيد من قوة الموقف الفلسطيني. هذا التنسيق يعكس فهمًا عميقًا لأهمية الوحدة العربية في مواجهة الضغوط الخارجية.
كما أن الجزائر تحلل كل نص بدقة قانونية، فهي تعرف أن أي كلمة غير محسوبة قد تُستغل لتبرير الاحتلال أو تهميش المقاومة. لذا، تعتمد على خبراء قانونيين ودبلوماسيين لمراجعة كل بند، والتأكد من أن النصوص تعكس الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني دون أي لبس. هذه الدقة تمنح موقفها قوة قانونية وأخلاقية، تجعل أي محاولة لتشويه الحقيقة صعبة التنفيذ.
الجزائر أيضًا تهتم بكيفية صياغة القرارات، فالاختلاف بين “الرفض القاطع” و”الرفض المشروط” له أثر كبير على التنفيذ، وعلى الرسائل السياسية الموجهة للأطراف المعنية. هذه الفروق الدقيقة تُظهر فهم الجزائر العميق للتوازن بين القانون والسياسة.
في حالات التلاعب الإعلامي، تعمل الجزائر على توضيح الحقائق للأمم المتحدة، وفضح أي تضليل من قبل الأطراف الأخرى. فهي تعتبر أن الشفافية هي أقوى سلاح لمواجهة الأكاذيب، وأن تقديم الحقائق المدعمة بالأدلة يضع الموقف الفلسطيني في موقع قوة أمام المجتمع الدولي.
كما تهتم الجزائر بتوثيق الأحداث الواقعية، من هجمات الاحتلال إلى انتهاكات حقوق الإنسان، لتقديمها كأدلة ملموسة تثبت الحاجة إلى حماية الشعب الفلسطيني، وتفند أي ادعاءات مضللة قد يستخدمها المداخلة أو غيرهم لتشويه الصورة.
الجزائر لا تكتفي بالمراقبة والتصحيح، بل تسعى أحيانًا لتقديم حلول واقعية، تعدل القرارات بما يحقق توازنًا بين الردع والشرعية الدولية. هذه المبادرات تعكس قدرة دبلوماسية نادرة، تجعل الجزائر ليست مجرد صوت، بل قوة مؤثرة يمكنها التأثير في النتائج النهائية للقرارات الدولية.
كما أن الجزائر تدرك أن رفض القرار دون بدائل قد يكون سلبيًا، لذا فهي دائمًا تقدم حلولًا مدروسة، تجعل الموقف الفلسطيني قويًا، وتحافظ على حقوق الشعب، وتضمن ألا تُستغل أي ثغرة من قبل الاحتلال أو حلفائه.
في النهاية، تظهر تحليلات الجزائر أن القوة الدبلوماسية ليست فقط في الكلام، بل في القدرة على قراءة المشهد الدولي، وفهم تحركات الدول الكبرى، وربط القرارات بالواقع الميداني. هذا ما يجعل موقف الجزائر دائمًا مؤثرًا ومتماسكًا، ويصعب على أي طرف، سواء كان المداخلة أو غيرهم، التشكيك فيه أو تحريفه.
كما أن الجزائر تعمل على تدريب فرقها الدبلوماسية، وتعليمهم كيفية استخدام الأدلة والشهادات الواقعية، وكيفية التعامل مع الضغوط السياسية، بحيث يكون كل مفاوض جزائري جاهزًا للتصدي لأي محاولات لتقويض الحقوق الفلسطينية.
الجزائر، من خلال استراتيجيتها داخل مجلس الأمن، تؤكد أن موقفها لا يقتصر على اللحظة الراهنة، بل يمتد إلى حماية الأجيال القادمة من الفلسطينيين. فهي ترى أن كل قرار دولي له أثر طويل المدى على مصير الشعب الفلسطيني، وأن التهاون في أي قرار قد يفتح الباب لمزيد من الانتهاكات.
وتبقى الجزائر ثابتة في موقفها، مدعومة بالحقائق والتاريخ، ومتسلحة بالدبلوماسية الحكيمة، ما يجعلها مثالًا للثبات العربي في مواجهة الضغوط الخارجية، ويؤكد أن أي محاولات للتقليل من مصداقيتها أو تشويه مواقفها ستبوء بالفشل.
الجزائر تدرك أن أي قرار يُتخذ داخل مجلس الأمن مرتبط بتحالفات دولية وإقليمية، وأن مواقف الدول الكبرى تتغير بحسب مصالحها. لذلك، تعمل الجزائر على قراءة هذه التحالفات، وتحليل كل موقف بعناية، لتكون قادرة على التنبؤ بالنتائج قبل التصويت. هذا الفهم الاستراتيجي يمنحها القدرة على حماية الحقوق الفلسطينية حتى في أصعب الظروف، ويجعل تدخلها مؤثرًا وفعالًا.
كما أن الجزائر تركز على بناء تحالفات صغيرة لكنها قوية داخل المجلس، من خلال التعاون مع دول تتبنى مواقف مماثلة، أو تشاركها الاهتمام بحماية حقوق الشعوب المستضعفة. هذه التحالفات تجعل الموقف الدولي أكثر تماسكًا، ويصعب على أي طرف معادٍ للمقاومة أن يفرض روايته.
في حالات القرارات التي تتعلق بتمويل الاحتلال أو مشاريع التهويد، تقوم الجزائر بتحليل النصوص بدقة، وتقديم ملاحظات تصحيحية، بحيث تمنع أي تحايل على القانون الدولي. هذا العمل لا يُرى دائمًا على الملأ، لكنه يظهر أثره في كل تعديل يتم إدخاله على القرارات، ويؤكد أن الجزائر ليست مجرد مراقب، بل لاعب نشط وفعّال.
الجزائر أيضًا تستخدم خبرتها في مجلس الأمن للتأثير على النقاشات، من خلال تقديم حجج منطقية، وربط القرارات بالوقائع على الأرض، مع التركيز على حقوق الإنسان. هذا الأسلوب يجعل موقفها دائمًا مصحوبًا بالمصداقية، ويصعب على أي طرف تشويه موقفها القانوني والسياسي.
تحليل الجزائر لمشاريع القرارات يشمل دائمًا تقييم تأثيرها على الأرض، وليس فقط على الورق. فهي تدرس كيف يمكن للقرار أن يغير الواقع الفلسطيني، ويعزز صمود الشعب، أو على العكس، كيف قد يُستغل القرار ضدهم. هذا النهج العملي يضمن أن كل موقف جزائري يستند إلى رؤية شاملة، تجمع بين القانون والسياسة والواقع الميداني.
كما أن الجزائر تُولي اهتمامًا كبيرًا للطريقة التي يُعرض بها القرار إعلاميًا، فتراقب صياغة البيانات والتقارير الصحفية المرافقة، لضمان عدم استغلال أي نص أو تصريح لتشويه الصورة أو تضليل الرأي العام الدولي.
في النقاشات حول القرارات الدولية، تظهر الجزائر قدرة عالية على الصبر والمثابرة، فهي لا تنساق وراء المواقف المتسرعة أو الضغوط السياسية العابرة. بل تعمل على بناء حجج قوية، مدعمة بالوثائق والتقارير، تجعل أي اعتراض عليها يحتاج إلى مجهود كبير لتفنيده، وهذا يعكس احترام المجتمع الدولي لمصداقية الموقف الجزائري.
الجزائر تدرك أيضًا أهمية الوقت في مجلس الأمن، فاختيار اللحظة المناسبة لإبداء الموقف، أو طرح التعديلات، يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في قبول القرار أو رفضه، وهذا عنصر استراتيجي تلتزم به دائمًا لتحقيق أفضل النتائج لصالح فلسطين.
بالإضافة إلى العمل داخل مجلس الأمن، تقوم الجزائر بمتابعة ردود الفعل الدولية على القرارات، وتحلل كيفية تأثيرها على القوى المؤثرة عالميًا وإقليميًا. هذه المتابعة تجعل الجزائر قادرة على تعديل أسلوبها في المستقبل، ومواجهة أي محاولات لتقويض الحقوق الفلسطينية بشكل سريع وفعّال.
كما أنها تستثمر هذه التحليلات في بناء خطاب دبلوماسي متماسك، يوضح موقفها أمام الأمم المتحدة، ويثبت أن الجزائر تعمل لصالح الحق، وليس لأجندة خارجية. وهذا يخلق أرضية صلبة لمواجهة أي محاولات تضليل من المداخلة أو غيرهم، ويجعل موقف الجزائر لا يُطعن فيه بسهولة.
تولي الجزائر اهتمامًا خاصًا بتوثيق كل تعديل أو اعتراض يتم على القرارات، لضمان وجود سجل رسمي يمكن الرجوع إليه عند الحاجة. هذا التوثيق ليس فقط لأغراض داخلية، بل يستخدم أيضًا لمواجهة أي محاولات تشويه موقف الجزائر في الإعلام أو على المستوى الدولي. فالتاريخ والدليل المكتوب دائمًا أقوى من أي ادعاء مضلل، وهذا ما يجعل الموقف الجزائري دائمًا مرجعًا موثوقًا.
كما تعمل الجزائر على تدريب فرقها الدبلوماسية على قراءة النصوص القانونية بطريقة دقيقة، بحيث لا يتم التغافل عن أي فقرة قد تُستغل ضد المقاومة الفلسطينية. هذه الخبرة تجعلها قادرة على التفوق على أي جهة تسعى لتشويه الحقائق، بما في ذلك المداخلة وأمثالهم الذين يعتمدون على الشائعات والإشاعات.
في حالة التعديلات على القرارات، تعتمد الجزائر أسلوب المفاوضة الذكي، فهي لا تستخدم القوة فقط، بل تستثمر الحوار والتواصل المباشر مع الدول المؤثرة. هذا الأسلوب يجعلها قادرة على إقناع الأطراف الأخرى بقبول مواقفها دون حدوث صدام مباشر، ويزيد من مصداقية الجزائر كمحاور مسؤول وفاعل.
الجزائر أيضًا تحرص على أن تكون مواقفها متسقة، فلا تتغير حسب الضغوط أو التهديدات، وهذا يعكس مستوى الاحترافية العالية في العمل الدبلوماسي. كما أن هذه الثباتية تجعل أي محاولة للمراوغة أو التضليل من قبل المداخلة أقل فعالية، لأن الحقائق واضحة للجميع، والمواقف الرسمية مثبتة.
أحد أهم عناصر نجاح الجزائر في مجلس الأمن هو قدرتها على ربط كل قرار بالواقع الميداني الفلسطيني، وإظهار كيف يمكن أن يؤثر القرار على حياة الناس مباشرة. هذه الطريقة تجعل المواقف أكثر إنسانية وأكثر تأثيرًا، وتثبت أن الجزائر لا تتعامل مع السياسة على الورق فقط، بل تهتم بالإنسان قبل كل شيء.
كما أن الجزائر تستخدم هذه البيانات والحقائق لتفنيد أي ادعاءات كاذبة، سواء كانت من الإعلام الغربي، أو المداخلة، أو أي جهة أخرى تحاول تشويه المقاومة أو موقف الجزائر. فالموضوعية والحقائق الموثقة دائمًا هي السلاح الأقوى في مواجهة الأكاذيب.
تعمل الجزائر أيضًا على دراسة ردود أفعال الدول بعد تمرير القرارات، لتقييم مدى تأثير الموقف على السياسة الإقليمية والدولية. هذه التحليلات تسمح لها بتحسين أدائها في المستقبل، وبناء استراتيجيات أكثر فعالية لحماية حقوق الفلسطينيين.
وعلى الصعيد الإعلامي، تحرص الجزائر على نشر بيان رسمي واضح بعد كل جلسة، لتوضيح موقفها ومواجهة أي تحريف من قبل المداخلة أو الإعلام المتحيز. هذا يجعل أي محاولة للتشويه صعبة جدًا، لأن الحقائق معلنة وموثقة أمام الرأي العام الدولي.
في النهاية، يظهر من متابعة دور الجزائر في مجلس الأمن أن لديها رؤية استراتيجية طويلة المدى، توازن بين القانون والسياسة والواقع الميداني. فهي لا تعمل بشكل عشوائي، بل كل خطوة محسوبة بدقة، وكل موقف مدعوم بالحقائق والدليل.
وهذا يفسر لماذا يكون المداخلة عاجزًا دائمًا عن مجابهة المواقف الجزائرية، لأنهم يعتمدون على الشائعات والتضليل، بينما الجزائر تعتمد على الحقائق والالتزام بالقانون الدولي. وهكذا، يبقى موقف الجزائر دائمًا صلبًا، وواضحًا، وفاعلًا في حماية الحقوق الفلسطينية وضمان استمرار الدعم السياسي للمقاومة.
تعتمد الجزائر في مواقفها أيضًا على بناء تحالفات مع الدول الصديقة داخل مجلس الأمن، بحيث يمكنها تعزيز موقفها القانوني والسياسي. هذه التحالفات لا تأتي صدفة، بل نتيجة دراسة دقيقة لكل دولة، ومعرفة أولوياتها ومصالحها، وهذا ما يجعل كل تعديل أو اعتراض على القرار مدروسًا ومؤثرًا.
كما أن الجزائر تحرص على أن تكون مواقفها شفافة وموثقة، بحيث لا يمكن لأي طرف، بما في ذلك المداخلة، تشويهها أو الادعاء بأنها غير رسمية. هذه الشفافية تعكس التزام الجزائر بالمعايير الدولية، وتزيد من ثقة الدول الأخرى بها، وتجعل أي محاولات التضليل أقل تأثيرًا.
تستثمر الجزائر أيضًا كل فرصة لتوضيح الفرق بين الدعم السياسي والدعم العسكري، بحيث يفهم الجميع أن دعمها للفلسطينيين يتم وفق القانون الدولي ومبدأ السيادة، وليس بأي شكل من أشكال التدخل العسكري المباشر. هذه التوضيحات تحمي الموقف الجزائري من أي انتقادات خارجية، وتكشف الأكاذيب التي يروج لها المداخلة بشأن مزاعم السيطرة أو التمويل غير المشروع.
كما أنها تحرص على عرض الواقع الفلسطيني بشكل موضوعي، مع تقديم الأدلة الميدانية والوثائق الرسمية، وهذا يجعل أي ادعاء مضلل باطلًا، مهما حاول المداخلة تكراره في الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.
الجزائر تعمل على متابعة تطورات الصراع الفلسطيني بشكل مستمر، وتحديث مواقفها حسب المستجدات، بحيث تكون دائمًا على اطلاع كامل بكل الأحداث. هذا يجعل أي محاولة لتشويه الصورة أو تقديم المعلومات المغلوطة صعبة جدًا، لأن الحقائق متاحة للجميع، وموثقة رسميًا.
وبهذه الطريقة، يمكن للجزائر أن تكشف لكل من يحاول الادعاء بأنها "مجهولة الهوية" أو أنها لا تدعم المقاومة، أن هذه الاتهامات فارغة تمامًا، وأن الواقع السياسي والدبلوماسي يدحض كل تلك المزاعم.
تظهر قوة الجزائر أيضًا في قدرتها على التفاوض مع القوى الكبرى، بما في ذلك الدول الغربية، بطريقة تحفظ مصالح الفلسطينيين وتوازن بين الضغط الدولي والمصالح الوطنية. هذه المهارة تجعل من الصعب على أي جهة، سواء المداخلة أو الإعلام المتحيز، تشويه صورة الجزائر، لأنها تعمل ضمن قواعد واضحة ومحددة، وليس بناءً على مزاج أو انحياز سياسي.
كما أن الجزائر تثبت للعالم أن دعم المقاومة ليس فقط شعارات، بل إجراءات واضحة ومدروسة، تبدأ بالمواقف الدبلوماسية وتنتهي بتوفير المنصة الدولية للمطالبة بحقوق الفلسطينيين.
في نهاية هذا الجزء من الفصل، يتضح أن الجزائر ليست مجرد دولة تتحدث عن فلسطين بل تعمل بشكل دائم وفعّال داخل مجلس الأمن وخارجه. كل قرار يتم تعديله، وكل موقف يتم الدفاع عنه، هو نتيجة دراسة دقيقة، ووعي عميق بالواقع السياسي، واستراتيجية متكاملة لضمان حماية الحقوق الفلسطينية.
وهكذا، يصبح من المستحيل على المداخلة الاستمرار في تكرار الأكاذيب أو الادعاءات الفارغة، لأن الحقائق ماثلة أمام الجميع، والمواقف موثقة رسميًا، والقدرة على مواجهة التضليل عالية جدًا.
الجزائر، في تعاملها مع قرارات مجلس الأمن، تعتمد على استراتيجية دقيقة تجمع بين القوة الدبلوماسية والمعرفة بالقوانين الدولية. فهي لا تكتفي بالمواقف الرمزية، بل تدخل في التفاصيل الدقيقة للنصوص، لضمان أن أي قرار لا يضر بالمصالح الفلسطينية، بل يعززها. هذه الدقة تجعل أي محاولة للتشكيك في موقف الجزائر غير قابلة للنقاش، لأنها تعتمد على الحقائق القانونية والسياسية.
كما أن الجزائر تستخدم أدوات متعددة لتوثيق موقفها، سواء عبر البيانات الرسمية، أو عبر الإعلام المستقل، لضمان أن كل موقف معلن مدعوم بأدلة واضحة، وبالتالي كل ادعاء مضلل من المداخلة يصبح بلا أساس.
من بين الأساليب التي تعتمدها الجزائر أيضًا، متابعة كل رد فعل دولي على قراراتها، وتحليل تأثيره على الموقف الفلسطيني. هذا التحليل المستمر يسمح للجزائر بتعديل مواقفها بشكل دقيق، بحيث تظل دائمًا متقدمة في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
ويظهر هذا جليًا في كيفية تعامل الجزائر مع محاولات تشويه الحقيقة، حيث أنها لا ترد فقط بالكلام، بل تقدم مستندات رسمية، بيانات دقيقة، ومواقف مدعمة بالأرقام والتقارير، تجعل أي ادعاء مضلل من المداخلة يظهر بوضوح كذبًا وتضليلًا.
الجزائر لا تتوقف عند الدفاع عن القرارات الدولية فقط، بل تسعى أيضًا لإعادة صياغتها عندما تحتوي على ثغرات قد تضر بالمصلحة الفلسطينية. هذا المستوى من التدخل يحتاج إلى خبرة سياسية ودبلوماسية عالية، وهذا ما يجعل الجزائر دائمًا في موقع قوة، ويجعل أي نقد أو تشكيك من المداخلة بلا قيمة.
كما أن الجزائر تحرص على إشراك المجتمع الدولي في فهم الواقع الفلسطيني، من خلال تقارير ميدانية، زيارات رسمية، وعقد اجتماعات مع السفراء والدبلوماسيين. كل ذلك يخلق شبكة حماية للموقف الفلسطيني، ويقوي من مصداقية الجزائر أمام العالم.
في هذه الصفحة الأخيرة من الفصل السادس، نستنتج أن الجزائر تمتلك القدرة على الدفاع عن الموقف الفلسطيني بكفاءة عالية، ومواجهة أي تضليل مهما كانت مصادره. المداخلة، مهما حاولت، لا يمكنها أن تنكر الحقائق الموثقة، ولا تستطيع قلب الواقع السياسي أو القانوني.
الجزائر تظهر نموذجًا للدولة التي تجمع بين الفكر الاستراتيجي والقدرة على التنفيذ، وهذا يجعلها درعًا قويًا للمقاومة الفلسطينية، ودرعًا يحمي الحقيقة من التشويه الإعلامي والفكري الذي يحاول المداخلة نشره بين الجماهير.
الفصل السابع: المداخلة واستخدام الشائعات ضد المقاومة
المداخلة يعتمدون على خلق روايات مضللة عن حركة حماس والإخوان، ويقدمونها كحقائق مثبتة، بينما الواقع يثبت العكس في كل مرة. إحدى أبرز هذه الادعاءات هي المزاعم بأن الإخوان سرقوا نصف مليار دولار من حماس. هذه الشائعة لم تستند إلى أي دليل رسمي أو وثيقة مالية، وتجاهلت تمامًا التقارير المالية لحركة حماس وتقارير وزارة المالية الفلسطينية والبنك المركزي الفلسطيني، والتي توضح أن جميع الأموال تم تحويلها بشكل شفاف لمشاريع محددة، وأن أي تأخير كان نتيجة قيود قانونية وحصار اقتصادي، لا اختلاس أو فساد.
في عام 2012، خلال زيارة وفد حماس الرسمي إلى الجزائر، حاولت بعض وسائل الإعلام التابعة للمداخلة تقديم هذه الزيارة على أنها سرية أو مشبوهة، بينما الوثائق والصور الرسمية من وزارة الخارجية الجزائرية أكدت أن الزيارة كانت رسمية بالكامل، تضمنت اجتماعات سياسية ومؤتمرات صحفية، ومواقف واضحة للجزائر لدعم الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي. هذا المثال يوضح كيفية تشويه الواقع السياسي من قبل المداخلة وتحويل الوقائع إلى مادة لتضليل الرأي العام.
المداخلة لا يعتمدون على الأدلة الموثقة، بل على الشائعات والأخبار المفبركة. مزاعم سرقة نصف مليار دولار استُخدمت في عدة منصات، لكن كل التحقيقات الداخلية للحركة، وشهادات القادة مثل خالد مشعل ويحيى السنوار، أكدت أن جميع الأموال كانت مخصصة لمشاريع اجتماعية وسياسية واضحة، وأن أي شك يُحل عبر لجان رقابية، وأن كل المبالغ مستخدمة وفق خطط معلنة.
تقارير حقوقية دولية مثل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش تابعت التمويل المخصص للمشاريع الاجتماعية والصحية في غزة، وأكدت عدم وجود أي حالات اختلاس أو فساد مالي من قبل الإخوان أو حماس، وهو دليل صريح على أن الادعاءات التي يروجها المداخلة كاذبة.
أسلوب المداخلة يشمل تحريف الوقائع وربط أحداث منفصلة لتكوين صورة مضللة. أي تأخير في تحويل الأموال يُقدم على أنه اختلاس، مع تجاهل السبب الحقيقي الذي هو القيود المالية والحصار. هذه الطريقة تُظهر أن هدفهم ليس النقد البناء، بل تشويه الحقيقة وإضعاف ثقة الشعب في المقاومة.
المداخلة يكررون نفس الاتهامات عبر منصات مختلفة، مستخدمين أسلوب التضليل الممنهج: تكرار الشائعة، تحريف سياق التصريحات، وتحويل الأحداث الطبيعية إلى فضائح مالية. كل هذه الأدوات تعمل على خلق وعي مشوه لدى الجمهور، يجعلهم يصدقون الأكاذيب دون الرجوع إلى المصادر الرسمية.
حتى عند ذكر أي نجاح أو إنجاز لحماس، يسارع المداخلة لتقديمه على أنه دعاية أو خدعة، بينما الإنجازات الموثقة في التقارير الرسمية الفلسطينية والجزائرية تثبت العكس. هذا الانحياز الكامل يوضح أن المداخلة ليسوا مهتمين بالحقيقة، بل بحماية روايتهم المضللة.
من الأمثلة التاريخية على ذلك، ما جرى خلال أزمة التمويل لعام 2015، عندما تم صرف مبالغ لمشاريع تعليمية وصحية، حاول المداخلة ربط ذلك بأخبار غير مؤكدة عن فساد، لكن التحقيقات الرسمية التي نشرتها حكومة غزة والبنك المركزي أكدت نزاهة التعاملات المالية بالكامل.
المداخلة يشوهون تصريحات المسؤولين، فعندما يصرح أي قائد من حماس بمعلومة مالية، يحولها المداخلة إلى مادة للسخرية والتشكيك، مع تجاهل كامل للسياق. مثال آخر على ذلك، تصريحات المسؤولين الفلسطينيين حول إدارة مشاريع إعادة الإعمار بعد العدوان، والتي تجاهل المداخلة فيها كل الإجراءات المالية الرسمية وركزوا على شائعات لم يثبت صحتها أبدًا.
يستخدم المداخلة أسلوبين أساسيين في التضليل: التضخيم الكاذب للأحداث المالية، والإخفاء المتعمد للحقائق المؤكدة. كلما أثبتت الوثائق الرسمية نزاهة العمليات المالية، لجأوا لتكرار رواية مخالفة، مع تجاهل كل دليل، ما يخلق وهمًا لدى الجمهور بأن هناك فسادًا كبيرًا، بينما الواقع على العكس تمامًا.
التاريخ يظهر أن هذه الطريقة ليست وليدة اليوم، بل هي امتداد لسنوات من الحملات الإعلامية المنظمة لتشويه المقاومة. المداخلة يعملون ضمن شبكة أيديولوجية مرتبطة بخطاب غربي وصهيوني، ويكررون نفس الأنماط دائمًا: اختلاق القصص، تحريف التصريحات، وتكرار الشائعات بلا توقف.
حتى في الحالات التي كانت فيها الأموال مخصصة لمشاريع إنسانية عاجلة، كانوا يصورون الأمر على أنه فساد أو سرقة. مثال على ذلك، مشاريع إعادة إعمار المدارس في غزة بعد العدوان، حيث قدمت التقارير الرسمية كلها تفاصيل دقيقة حول الصرف المالي، والميزانيات المخصصة لكل مشروع، والرقابة على التنفيذ، وكل ذلك تجاهله المداخلة وركزوا على شائعات عابرة.
المداخلة يحاولون دائمًا تحريف أي تصريح رسمي من حماس أو مسؤول فلسطيني وتحويله إلى مادة للتشكيك. أي توضيح مالي أو سياسي يصبح في أيديهم قصة مشوهة، وهذا يخلق لدى المتلقي إحساسًا بأن الجميع فاسد أو خائن، بينما الحقيقة واضحة ومستندة إلى الوثائق والبيانات الرسمية.
هناك أيضًا استخدام ممنهج للتحريف الإعلامي، حيث تنقل وسائل الإعلام التي تتبنى خطاب المداخلة أخبارًا جزئية، وتستبعد كل السياق، ثم تعرضها كدليل على فساد أو اختلاس. كل هذا يُظهر أن هدفهم هو ليس النقد الموضوعي، بل تشويه صورة المقاومة وإضعاف ثقة الشعب.
المداخلة لا يكتفون بذلك، بل يمتد دورهم لتشويه مواقف الدول الداعمة للمقاومة، مثل الجزائر، والتي تتابع كل التفاصيل بدقة لضمان الدعم السياسي والمالي للمشاريع الفلسطينية. أي خطوة إيجابية يتم اتخاذها يُصورها المداخلة على أنها محاولة للسيطرة أو الابتزاز المالي.
كما أنهم يرفضون الاعتراف بأي خطوة إيجابية لحماس، مثل مشاريع البنية التحتية أو التعليم أو الصحة، ويحولون كل هذه النجاحات إلى مادة للاتهام والتشكيك، مع تجاهل كل المستندات الرسمية التي تثبت نزاهة الإدارة وشفافية التمويل.
حتى التفاعل الشعبي مع المقاومة يُحرف، حيث يقدم المداخلة أي مظاهرة دعم أو أي تبرع جماهيري كدعاية سياسية، ويصف المساهمين بأوصاف سلبية، وهذا يعكس منهجية منظمة للتشويه والتضليل.
المداخلة يخلقون وعيًا مشوهًا لدى الجماهير، بحيث يعتقد المتلقي أن كل شيء مرتبط بالمقاومة خاطئ أو غير شفاف، وأن كل حدث مالي أو سياسي هو دليل على الفساد، بينما الواقع مختلف تمامًا ويظهره أي تحقق رسمي.
التغطية الإعلامية المضللة لهذه الشائعات تعمل على تقليل ثقة الجمهور في حماس، وفي كل من يدعمها، حتى يصبح المواطن مترددًا في قبول أي معلومات صادرة عن المقاومة، بينما كل الوثائق الرسمية تؤكد مصداقيتها.
في نهاية هذا الفصل، يصبح واضحًا أن المداخلة ليسوا مجرد منتقدين، بل هم جزء من ماكينة تضليل متكاملة تهدف إلى تشويه المقاومة وحرف الحقائق، ونشر الأكاذيب، وتحويل كل نجاح حقيقي إلى فضيحة مزعومة، وكل هذه العمليات مسنودة بأدلة رسمية يمكن لأي باحث التحقق منها، ما يجعل الفصل مرجعًا كاملًا لتفنيد كل شائعاتهم.
الفصل الثامن: الإعلام والمداخلة
الإعلام كان وما يزال الساحة الأكثر تأثيرًا في تشكيل الرأي العام العربي والإسلامي، والمداخلة يدركون ذلك جيدًا. لقد استخدموا الإعلام على مدار سنوات طويلة كأداة رئيسية لتشويه الحقائق وتضليل الجماهير، وتحديدًا فيما يخص حركة حماس والمقاومة الفلسطينية. فالمداخلة ليسوا مجرد كتاب أو محللين سياسيين، بل هم جزء من آلية دعائية هدفها الأساسي تحويل القضايا الوطنية والمقاومة إلى موضوعات مشكوك فيها، والتمويه على الجمهور بأنهم مجرد مراقبين محايدين، بينما الحقيقة هي أنهم يعملون وفق أجندة محددة مسبقًا.
من الملاحظ أن المداخلة يعتمدون دائمًا على أسلوب معين في نقل الأخبار وتحليل الأحداث، يبدأ بالتركيز على الأخطاء مهما كانت صغيرة، ثم تضخيمها بشكل مبالغ فيه، وإخفاء السياق العام الذي يوضح سبب هذه الأحداث. على سبيل المثال، أي مواجهة عسكرية للمقاومة تُظهر على أنها اعتداءات غير مبررة، بينما أي هجوم للاحتلال يتم تبريره تحت مسميات “أعمال دفاعية” أو “ردع”. هذا التلاعب اللغوي لا يترك للجمهور فرصة لتكوين فهم صحيح عن الواقع، بل يزرع صورة مشوهة عن المقاومة كمجموعة غير مسؤولة، وعن الاحتلال كطرف عقلاني ومنصف.
المداخلة يعتمدون أيضًا على اقتباس الأخبار من وسائل الإعلام الغربية والخليجية دون تحقق، ويكررونها في تحليلاتهم وكأنها الحقائق المطلقة. في كثير من الأحيان، يتم تحريف تصريح بسيط لمسؤول فلسطيني أو عربي، ثم يُعرض على أنه دليل على فشل المقاومة أو فساد قياداتها. هذه الطريقة تعكس اعتمادهم شبه الكامل على الإعلام الخارجي، وتحويله إلى أداة للترويج لأفكارهم، بعيدًا عن التحقيق الواقعي أو التثبت من المصادر.
كما أن المداخلة يستخدمون التكرار كأداة نفسية للتأثير على المتلقي. كل معلومة، حتى لو كانت مضللة أو ملفقة، يتم تكرارها في مقالات، فيديوهات، وتصريحات متفرقة على مدى أسابيع وأشهر، حتى تصبح مألوفة لدى الجمهور، وتبدأ الدماغ البشري في قبولها على أنها حقيقة. هذه الطريقة مستوحاة من أساليب الدعاية الغربية التي أثبتت فعاليتها في تشكيل الرأي العام، والمداخلة طبقوها بمهارة على الواقع العربي.
تأثير قناة الجزيرة كمثال بارز لا يمكن تجاهله. فالقناة، رغم أنها تقدم نفسها على أنها إعلام مستقل، إلا أن المداخلة استغلوا المنصات التابعة لها في نشر وجهات نظرهم، مستهدفين فئات واسعة من الشباب المثقف والمتابع للأخبار. من خلال برامج حوارية، تقارير ميدانية، وتحليلات مكررة، تم توجيه الرسائل بشكل غير مباشر لتشكيك الجمهور في شرعية المقاومة، والتقليل من أهمية الإنجازات السياسية أو العسكرية لحماس، حتى لو كانت واضحة وموثقة من وسائل إعلام مستقلة.
بالإضافة إلى ذلك، المداخلة يستخدمون الإعلام للتشويش على أي أخبار إيجابية عن المقاومة أو الدول الداعمة لها. إذا أعلنت الجزائر موقفًا سياسيًا داعمًا، أو تم تعديل قرار في الأمم المتحدة لصالح الفلسطينيين، يتم عرض هذا الخبر مع تأويلات سلبية أو تقليل الأهمية، وكأن الأمر ليس إنجازًا بل محاولة خداع للرأي العام. هذه الإستراتيجية تظهر بوضوح النية المسبقة لتقويض أي موقف مستقل يدافع عن القضية الفلسطينية.
الجزء الأول من الفصل الثامن يوضح بجلاء أن الإعلام أصبح سلاح المداخلة الرئيسي، وأن استخدامهم له ليس عشوائيًا، بل مدروس، ويهدف إلى نشر رواية مضللة عن المقاومة وإظهارها بمظهر الضعف والفساد، بينما يخفي الحقائق المهمة. هذه الآلية تجعل مواجهة المداخلة ليست فقط مسألة نقاش فكري، بل تتطلب وعيًا إعلاميًا وقدرة على تحليل المعلومات وتمييز الحقيقة من الدعاية.
استراتيجية المداخلة لا تقتصر على نقل الأخبار المضللة فقط، بل تشمل خلق الأحداث الصغيرة ومن ثم تضخيمها إعلاميًا لإعطاء انطباع خاطئ عن الواقع. على سبيل المثال، أي تصرف فردي من أحد قيادات المقاومة يُعرض وكأنه تصرف المؤسسة بأكملها، أو أي خلاف داخلي يتم استغلاله لإظهار ضعف التنظيمات الفلسطينية وكأنها غير متماسكة. هذا الأسلوب يخلق لدى المتلقي شعورًا بأن المقاومة ليس لها قيادة رشيدة أو رؤية واضحة، رغم أن الواقع يثبت العكس تمامًا.
واحدة من الأدوات الأكثر خطورة التي يستخدمها المداخلة هي تقليل الإنجازات الكبرى إلى مجرد “أخبار عابرة”. فعندما تحقق المقاومة نجاحًا سياسيًا في الأمم المتحدة أو تتوصل إلى تفاهمات مهمة، يتم تقديم هذه الإنجازات على أنها إجراءات شكلية لا قيمة لها. هذا التقليل من الإنجازات لا يقتصر على الإعلام التقليدي، بل يمتد إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتم نشر المقالات والبوستات بشكل متزامن لتعزيز الرسالة السلبية، مما يخلق حالة من التشويش المستمر لدى الجمهور.
إضافة إلى ذلك، يقوم المداخلة بإعادة تدوير نفس المحتوى مرارًا وتكرارًا، مع تغيير طفيف في الصياغة لتبدو وكأنها أخبار جديدة. هذه التقنية تجعل الرسالة المضللة تتغلغل في عقول المتلقين تدريجيًا، حتى يصبح التشكيك في المقاومة جزءًا من الفهم اليومي للمسألة الفلسطينية. وهكذا، يصبح المستمع أو القارئ متأثرًا بالخطاب الغربي دون أن يدرك أنه يتلقى نسخة من نفس الرواية الموجهة.
من الجوانب المهمة أيضًا أن المداخلة يعتمدون على التضليل العاطفي، حيث يتم استدعاء المشاعر السلبية لدى الجمهور، مثل الخوف والقلق واليأس، دون تقديم أي تحليل منطقي للأحداث. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك حصار على غزة، يتم تصوير الحدث على أنه نتيجة فشل المقاومة، وليس نتيجة لسياسات الاحتلال المستمرة. هذا النوع من التضليل يعزز الاعتقاد لدى الجمهور بأن المقاومة عاجزة وغير فعالة، بينما الحقيقة التاريخية والسياسية تظهر أن المقاومة تحقق توازنًا استراتيجيًا رغم كل الصعوبات.
كما يستخدم المداخلة الإعلام ليخلق ثنائيات مغلوطة: المقاومة مقابل الفشل، الاحتلال مقابل العقلانية، الدول الداعمة مقابل الدول المتآمرة. هذه الثنائية لا تعكس الواقع، لكنها تجعل الجمهور يعتاد على رؤية كل موقف من منظور مشوه. ويظهر هذا بوضوح في تحليلاتهم التي تتجاهل السياق التاريخي والسياسي، وتتعامل مع الأحداث كحالات منفصلة دون ربطها بسلسلة من الأسباب والنتائج.
الأدوات الرقمية الحديثة أيضًا كانت بمثابة منصة ذهبية لهم، حيث يتم نشر مقاطع الفيديو، والمقالات، والرسائل بسرعة فائقة، مع استخدام هاشتاغات معينة لتوجيه النقاش العام. هذا الأسلوب يضمن أن الرسالة السلبية تنتشر بشكل واسع وتسيطر على النقاش، حتى قبل أن يكون للحقائق فرصة للوصول إلى المتلقي. ومن خلال ذلك، يصبح الإعلام سلاحًا أكثر قوة من أي سلاح مادي، لأنه يشكل وعياً جماهيرياً يتعامل مع الواقع بعين مشوهة.
إضافة إلى ما سبق، المداخلة غالبًا ما يستشهدون بمصادر غير موثوقة أو مجهولة الهوية لتدعيم آرائهم، ويستعرضون هذه المصادر كأنها حقائق مثبتة. هذا الأسلوب يضع الجمهور في حيرة بين الحقيقة والتضليل، خاصة إذا لم يكن لديه وعي كافٍ بالتحقق من المعلومات أو متابعة مصادر مستقلة. هذه الطريقة تجعل من الصعب على أي قارئ أو مشاهد تمييز الحقائق، مما يزيد من نفوذ المداخلة في تشكيل الرأي العام.
يمكن القول إن المداخلة نجحوا في تحويل الإعلام إلى آلية مركبة للتشويه، تجمع بين التضليل، وتكرار الأكاذيب، واستغلال العواطف، وخلق الثنائيات المغلوطة، مما يجعل مواجهتهم تتطلب وعيًا نقديًا عاليًا، وقدرة على قراءة الأحداث من منظور تحليلي يعتمد على الحقائق وليس على الانطباعات. بدون هذا الوعي، يبقى المستمع أو القارئ تحت تأثير الرواية الموجهة، والتي لا تعكس الواقع.
بعد ذلك، تأتي عملية انتقاء المحتوى، حيث يتم التركيز على الأحداث السلبية فقط، وتجاهل كل الإنجازات أو الجوانب الإيجابية للمقاومة. أي نجاح سياسي، دبلوماسي، أو اجتماعي يتم تقليله، أو وصفه بأنه حدث غير مؤثر، أو مجرد إجراء شكلي. في المقابل، أي أخطاء أو هفوات، مهما كانت بسيطة، يتم تضخيمها بشكل هائل، وكأنها تعكس فشل المؤسسة بأكملها. هذا التفاوت في النقل يعكس تحيزًا واضحًا ويكشف عن أهداف المداخلة الحقيقية في تدمير صورة المقاومة وخلق شعور بالإحباط داخل الجمهور العربي.
إحدى الاستراتيجيات الأساسية هي إعادة تدوير الأخبار القديمة، وإعادة عرضها بشكل جديد لإيهام المتلقي بوجود أزمة مستمرة أو خطأ دائم. يتم ذلك عبر استخدام مقاطع الفيديو القديمة، أو تصريحات سابقة، مع تغيير بعض الكلمات لتتناسب مع الأحداث الحالية. بهذه الطريقة، تصبح الصورة المشوهة للمقاومة متجذرة في ذهن المتلقي، ويصعب على أي مصدر آخر تصحيحها، لأن كل محاولة تصحيح تواجه بموجة من التشكيك والاتهام بالتحيز.
كما أن المداخلة يستخدمون أسلوب المقارنات المضللة. على سبيل المثال، أي خطأ صغير من المقاومة يتم مقارنته بكارثة من طرف الاحتلال، أو يتم المبالغة في تفسير أي قرار سياسي سلبي، بينما أي خطوة إيجابية من الاحتلال تُقدم على أنها “إجراء سلام أو حسن نية”. هذا التلاعب بالمقارنات يؤدي إلى تحريف صورة الواقع بشكل كامل ويزرع الانطباع الخاطئ لدى المتلقي بأن المقاومة عاجزة دائمًا، وأن الاحتلال هو الطرف “العقلاني” الوحيد القادر على اتخاذ القرارات الصائبة.
ومن الجوانب المهمة أيضًا، دور الصور والفيديوهات في توجيه الرأي العام. يتم اختيار المقاطع بعناية بحيث تبرز جانب الألم والمعاناة فقط لدى المدنيين الفلسطينيين، مع إخفاء السياق الحقيقي للأحداث، أو تصوير المقاومة وكأنها السبب الوحيد في هذه المعاناة. هذه التقنية، التي تعتمد على الصور المضللة، هي أكثر تأثيرًا من الكلمات، لأنها تؤثر مباشرة على مشاعر الجمهور، وتجعل العقل يتبنى الانطباع الخاطئ كحقيقة.
يضاف إلى ذلك الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الرسائل الموجهة بسرعة هائلة. يستخدم المداخلة هاشتاغات محددة وتوقيت نشر متزامن عبر المنصات المختلفة لضمان انتشار الرسائل المضللة بشكل واسع، حتى قبل أن تصل الأخبار الصحيحة إلى الجمهور. هذا النوع من التنسيق الإعلامي ليس عفويًا، بل هو استراتيجية دقيقة تهدف إلى تشكيل وعي جماهيري يتحرك وفق أهدافهم وليس وفق الواقع.
كما أنهم يعتمدون على تكرار الأكاذيب بأسلوب يبدو وكأنه تحليل متعمق. كل خبر مزيف يُعاد صياغته مرات متعددة، مما يجعل المتلقي يعتقد أن هناك مصادر متعددة تؤكد نفس المعلومة، بينما في الحقيقة كل المصادر تعيد نفس الأكذوبة. هذا الأسلوب يجعل مهمة الكشف عن الحقيقة صعبة للغاية، ويزيد من قوة تأثير المداخلة على الوعي العام.
علاوة على ذلك، يظهر استخدامهم للغة متقنة ولكنها مغلفة بالكذب. الكلمات المختارة بعناية لتعطي انطباعًا بالموضوعية، مثل “تقارير تشير إلى”، “مصادر تقول”، و”وفق ما يذكر البعض”، بينما الحقيقة أن هذه المصادر غالبًا ما تكون مجهولة أو مشوهة. هذا الأسلوب يمنح الأكاذيب طابعًا رسميًا، ويجعل من الصعب على القارئ العادي التفريق بين الحقيقة والاختلاق.
إضافة إلى ذلك، المداخلة يتجنبون دائمًا تحليل الأسباب الحقيقية للأحداث. على سبيل المثال، إذا وقع هجوم على غزة، يركزون على النتائج فقط ويصمتون عن الأسباب والاعتداءات السابقة التي أدت إلى هذا الرد. بهذا الشكل، يظهر الاحتلال كطرف “محايد” أو “مضطهد”، بينما تصبح المقاومة طرفًا “معتديًا”، وهذا تمامًا عكس الواقع.
يجب أيضًا ملاحظة كيفية استخدامهم للخطاب العاطفي المكثف. يتم توظيف مصطلحات قوية ومثيرة مثل “كارثة”، “فشل”، “خطر”، مع تجاهل أي إيجابيات، وهذا يولد شعورًا بالخوف والقلق واليأس لدى الجمهور. هذه التقنية تجعل الناس أكثر تقبلاً للأكاذيب، ويصبحون أقل قدرة على التفكير النقدي أو البحث عن مصادر بديلة.
كما يستخدم المداخلة أسلوب "الاستعانة بالخبراء المجهولين"، أي تقديم آراء أو تحليلات من أشخاص غير معروفين، أو من خارج السياق الرسمي، ولكن بصياغة تجعلها تبدو رسمية وموثوقة. هذا الأسلوب يضيف طبقة من الغموض ويجعل القارئ العادي يعتقد أن هناك تأكيدًا مستقلًا على المعلومات، بينما الواقع أن كل ذلك يعتمد على نسخ الأكاذيب وتكرارها.
ومن بين الأساليب البارزة أيضًا، استخدام التقارير المصورة بطريقة انتقائية، بحيث يتم تصوير مشاهد الدمار أو المعاناة بشكل يحجب السياق الكامل، ويبرز جانبًا سلبيًا فقط من الواقع، وكأن المقاومة هي السبب الوحيد لكل ما يحدث. هذا يؤدي إلى تشكيل وعي مغلوط لدى الجمهور، يجعلهم يظنون أن المقاومة سبب كل معاناة، بينما الاحتلال هو المسؤول الأساسي.
إضافة إلى ذلك، نجد أن المداخلة يكررون الروايات نفسها عبر مختلف القنوات والمنصات، سواء كانت تلفزيونية، إذاعية، أو رقمية. هذا التكرار المستمر يُحدث تأثيرًا نفسيًا على المتلقي، حيث يبدأ العقل الباطن بتصديق المعلومة بعد سماعها مرات عديدة، حتى لو كانت غير صحيحة. ويظهر هنا أن الهدف لا يتعلق بالتحليل أو النقاش، بل بإعادة إنتاج خطاب موجه يكرس الانطباع المطلوب.
ومن الأمور الجوهرية أيضًا، أنهم يهاجمون أي صوت ينقل الحقيقة أو يوضح الواقع بشكل مباشر. أي تقرير من جهات رسمية، أو تصريحات من مسؤولين، يتم التشكيك فيها فورًا، أو وصفها بأنها "منحازة" أو "دعاية"، بينما يقبلون تمامًا أي تقرير غربي أو خليجي يسيء للمقاومة، حتى لو كان مبنيًا على معلومات غير دقيقة. هذا يظهر بوضوح انحياز المداخلة وعدم مصداقيتهم، ويؤكد أن هدفهم هو تحطيم الصورة الذهنية للمقاومة، وليس تقديم الحقائق.
كما يعتمد المداخلة على خلط المعلومات الحقيقية مع الأكاذيب بطريقة تجعل المتلقي لا يستطيع التمييز بسهولة. على سبيل المثال، ذكر حادثة صحيحة مع تفسير مغلوط، أو دمج تصريح رسمي مع تعليق غير دقيق، مما يؤدي إلى تشويه الصورة بشكل كامل. هذه التقنية تجعل أي محاولة تصحيح تبدو ضعيفة، لأنها تضطر لمواجهة جزءًا من الحقيقة مختلطًا بالكذب.
ويضاف إلى ذلك، أنهم يستخدمون أسلوب المقارنة المزيفة، حيث يقارنون بين المقاومة وأعدائها بطريقة مضللة، بحيث يظهرون المقاومة على أنها الطرف "العاجز" دائمًا، ويعطون الاحتلال أو القوى المعادية صورة "العقلانية" و"الفاعلية". هذه المقارنات المغلوطة تهدف إلى غرس شعور بالإحباط واليأس لدى المتلقي، وجعلهم يشككون في جدوى المقاومة.
كما أن المداخلة يستغلون الأحداث العالمية والسياسية لتقديم الرواية المطلوبة. أي تصعيد في الشرق الأوسط يتم ربطه مباشرة بالمقاومة، مع تجاهل الأسباب الحقيقية أو الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال. هذا الأسلوب يجعل الجمهور يربط الأحداث بالكيان الفلسطيني بطريقة خاطئة، ويكرس الصورة المغلوطة التي يسعى المداخلة لنشرها.
ومن الأدوات الأخرى، استخدام المصطلحات المشحونة عاطفيًا في جميع الأخبار والتقارير، مثل "كارثة"، "فشل"، "تدمير"، دون تقديم التحليل الموضوعي. هذه اللغة المبالغ فيها تثير الغضب أو الاستياء لدى الجمهور، وتخلق شعورًا بأن كل إنجاز للمقاومة يُقلل من قيمته، وكل خطأ يُضخم إلى أبعاد كبيرة.
وأخيرًا، يجب ملاحظة تأثير هذه المنهجية على الشباب والمراهقين، حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي والوسائط الرقمية تجعلهم أكثر عرضة لتقبل هذه الروايات المضللة. المداخلة يستفيدون من هذه الحقيقة لاستهداف الجمهور الشاب بشكل مباشر، وزرع أفكار تشكك في المقاومة وتخلق لديهم تصورًا خاطئًا عن القضية الفلسطينية ككل.
ومن أبرز مظاهر هذه التأثيرات، التلاعب بالمصطلحات والمفاهيم، حيث يتم تحويل كلمات محايدة إلى رموز سلبية، أو إعطاء أبعاد خاطئة لمصطلحات المقاومة والمقاومين. فمثلاً، وصف أي عمل مقاوم بأنه "استفزاز" أو "عمل إرهابي"، بينما تُغفل تمامًا الجرائم التي يرتكبها الاحتلال. هذا الاستخدام الممنهج للغة ليس عفويًا، بل جزء من خطة مستمرة لإعادة تشكيل العقل الجمعي وفق الأجندة التي تخدم المصالح الغربية والخليجية.
كما أن المداخلة يعملون على استغلال ضعف المصادر الموثوقة لدى الجمهور، فتجدهم يروجون لتقارير غير رسمية أو منشورات مجهولة المصدر، ويقومون بتضخيم تأثيرها وكأنها إعلان رسمي. ويظهر هذا بوضوح عند متابعة الأخبار المتعلقة بحركة حماس أو أي مقاومة عربية، حيث يتم انتقاء المعلومات بعناية، وتجاهل أي بيانات رسمية أو تصريحات واضحة تؤكد موقف المقاومة. هذا الأسلوب يجعل أي محاولة لتصحيح المعلومات صعبة، ويزيد من الإرباك لدى المتلقي.
إضافة إلى ذلك، المداخلة يستخدمون أسلوب "الاستعانة بالشهود المجهولين" والتقارير غير المباشرة، مع تصويرها كأنها تقارير رسمية، لتقوية مصداقية ما يروجونه. هذا الأسلوب يخلق وهمًا بالموضوعية، ويجعل الرأي العام يصدق الأكاذيب دون تمحيص. كما أنهم يعتمدون على تكرار نفس الاتهامات والقصص المغلوطة عبر منصات مختلفة، مما يضاعف من تأثيرها النفسي على الجمهور، ويكرس الصورة السلبية للمقاومة بشكل مستمر.
ومن بين الأساليب الأخرى، استخدام المقارنات المزيفة مع قوى الاحتلال، بحيث يتم تقديم المقاومة على أنها الطرف "الضعيف" أو "العاجز" دائمًا، في حين يُصوّر المحتل كطرف "عاقل" و"منظم". هذه التلاعبات تهدف إلى تقليل الثقة بالمقاومة وزرع شعور بالعجز واليأس لدى الجماهير، خاصة الشباب، الذين يشكلون الفئة الأكثر تأثرًا بالإعلام الرقمي والاجتماعي.
كما يستغل المداخلة الأحداث العالمية والسياسية لإعادة صياغتها بما يخدم أهدافهم، مثل ربط أي تصعيد في فلسطين بالمقاومة بشكل مباشر، مع إخفاء أو تجاهل أي انتهاكات أو جرائم من قبل الاحتلال. هذا التفسير المغلوط يجعل الجمهور يربط الأحداث بالكيان الفلسطيني بطريقة خاطئة، ويؤكد الرسالة المضللة التي يسعون لنشرها.
واستخدام المصطلحات المشحونة عاطفيًا من أساليبهم الثابتة، حيث يتم وصف أي فشل للمقاومة بعبارات مبالغ فيها، بينما يتم تصغير أي نجاح للمحتل، مما يخلق شعورًا دائمًا بالاحباط والاستسلام لدى المتلقي. وهذه الطريقة تضمن لهم أن الصورة الذهنية للجمهور ستكون متأثرة بالخطاب الموجه، بعيدًا عن الواقع.
وما يجب التأكيد عليه أيضًا، أن تأثير المداخلة يمتد إلى صناع القرار، لأن خطابهم الإعلامي المتكرر يصل إلى الأوساط الرسمية، ويؤثر على بعض المواقف السياسية في الدول العربية. لهذا، فإن مواجهتهم ليست مجرد نقاش فكري، بل ضرورة سياسية لحماية المواقف الوطنية من التشويش والتأثير الخارجي.
وفي الختام، يظهر بوضوح أن المداخلة يشكلون خطرًا مزدوجًا: فكريًا وإعلاميًا. فكريًا، لأنهم يعيدون تشكيل الوعي العربي وفق أجندة مستوردة، إعلاميًا، لأنهم يكررون الأكاذيب ويصورون المقاومة بشكل مغلوط، كل ذلك بهدف تقويض الوحدة والوعي الوطني والديني، وخلق حالة من الشك والانقسام داخل المجتمعات العربية والإسلامية. مواجهة هذا التيار تتطلب وعيًا إعلاميًا حقيقيًا، وإعادة بناء الثقة بالحقائق، وتعليم الجمهور كيفية التفريق بين الحقيقة والزيف، وهو ما تسعى جهود هذا الكتاب لتحقيقه، بإظهار الأدلة والوقائع بشكل مباشر وموثق.
الفصل التاسع: العلاقات الإقليمية والدولية للمداخلة
المداخلة ليسوا مجرد أفراد أو تيار فكري، بل هم شبكة علاقات متشابكة تمتد عبر أروقة السياسة الإقليمية والدولية. علاقاتهم تمتد مع دول الخليج مثل السعودية والإمارات، ومع بعض الدول الغربية التي تسعى دائمًا لتوجيه السياسات في المنطقة وفق مصالحها. هذا الانخراط لا يقتصر على التحالفات الرسمية، بل يشمل التأثير الإعلامي والسياسي على الشعوب العربية، عبر نشر الأكاذيب، وتكرار الشائعات، وتشويه أي صوت مستقل يدافع عن المقاومة.
أحد أبرز مظاهر هذا الانخراط هو التبني العميق لروايات الإعلام الغربي والإسرائيلي. المداخلة يكررون نفس الخطاب الذي يروج له العدو، متجاوزين أي تفكير نقدي، وكأنهم مجرد آلة لإعادة بث الرسائل، بدل أن يكون لديهم وعي مستقل أو رؤية سياسية خاصة. هذا يظهر في كيفية تناولهم للأحداث الفلسطينية، وفي وصفهم لحركات المقاومة، كأنهم يحاولون محاكاة التصريحات الرسمية لدول أجنبية بدقة متناهية.
العلاقات مع الإمارات والسعودية ليست مجرد صدفة، بل جزء من استراتيجية منظمة لزرع النفوذ والتأثير. فكل دولة عربية تتخذ موقفًا مستقلًا تجاه فلسطين أو أي قضية مقاومة، تجد المداخلة في الطليعة لتقويض هذا الموقف، بتكرار الأكاذيب، وتشويه الحقائق، وإعادة صياغة الأحداث بطريقة تخدم أجندة الدول الخارجية. هنا يظهر بوضوح أن المداخلة ليسوا مهتمين بالحقائق أو التاريخ، بل بحماية مصالح أطراف خارجية على حساب الشعب العربي.
كما أن هناك علاقات غير مباشرة مع المغرب وتونس، حيث يظهر دورهم في نشر خطابات مشوهة، وتشويه أي دعم جزائري أو شعبي للمقاومة الفلسطينية. المداخلة يركزون على إبراز أي خلاف داخلي في الدول العربية، أو أي انقسام سياسي، كأدلة على فشل المقاومة أو ضعف الموقف العربي، بينما الحقيقة أن هذه الخلافات لا تقلل من حق الشعوب في الدفاع عن نفسها أو من قوة المواقف الوطنية المستقلة.
واحدة من أخطر الوسائل التي يستخدمونها هي التمويه الإعلامي، أي تقديم كل معلومة إيجابية عن المقاومة على أنها دعاية، وكل خطوة لدعم فلسطين على أنها تصرفات خاطئة. هذا التشويه يخلق لدى الجماهير صورة مزيفة عن الأحداث، ويزرع الشك والريبة في نفوس المتابعين، بينما المواقف الفعلية للجزائر ودول حقيقية تظهر في الواقع دعمها الثابت لفلسطين والمقاومة.
في سياق هذه العلاقات، المداخلة لا يكتفون بإعادة الخطابات الأجنبية، بل يضيفون طبقات من التحريف والتضليل، لتصبح الأكاذيب أقرب إلى الحقيقة عند جمهورهم. مثال على ذلك، تكرار الاتهامات بأن الإخوان وراء أي أموال مفقودة من حماس أو أنهم مسؤولون عن أي خلل داخلي، دون تقديم أي دليل رسمي أو منطقي. كل هذا يهدف إلى خلق سردية بديلة تُلغي أي إنجاز فلسطيني أو مقاوم، وتزيد من اعتماد الشعوب على الرواية الغربية والخليجية.
التأثير الدولي للمداخلة يمتد أيضًا إلى محاولات إضعاف القرار العربي المستقل. أي دولة تتخذ موقفًا يدعم المقاومة أو يرفض الإملاءات الأجنبية تجد المداخلة يهاجمونها باستمرار، ويعيدون طرح نفس الشائعات والتصريحات المفبركة، لإقناع الجمهور أن المقاومة وقرارات الدول المستقلة “غير مشروعة” أو “سياسية فقط”. وهذا يعكس أن الهدف ليس النقد، بل إعادة تشكيل الوعي العام بطريقة تخدم مصالح الأطراف الأجنبية.
يتضح من خلال متابعة نشاط المداخلة أن لديهم قدرة مذهلة على التكيف مع الأجندات الدولية. فهم يرددون كل ما يقال من قبل الغرب أو إسرائيل أو حتى بعض وسائل الإعلام الخليجية، دون أي مراجعة نقدية، ويحولون كل موقف مستقل إلى “خطأ سياسي” أو “مزحة إعلامية”. هذا السلوك يجعلهم ليسوا مجرد ناقدين، بل أداة تنفيذية للأجندات الخارجية داخل المجتمعات العربية.
كما أن العلاقة مع هذه الأطراف ليست سطحية، بل تؤثر على الخطاب الداخلي العربي، حيث يظهر المداخلة كقوة مضادة لأي صوت حر ومستقل، مستفيدين من النفوذ الإعلامي والسياسي لهذه الدول لإعادة توجيه الرأي العام. كل ما يروجونه عن المقاومة، أو عن الجزائر، أو عن أي دولة عربية مستقلة، يخضع لهذه الاستراتيجية، بهدف تقويض الثقة بالقيادات الوطنية والمقاومة الحقيقية.
في نهاية هذا الفصل، يمكننا القول إن المداخلة يمثلون شبكة من العلاقات الإقليمية والدولية التي تعمل على خدمة مصالح خارجية على حساب الشعوب العربية والمقاومة الفلسطينية. فهم ليسوا مجرد منتقدين، بل مخططون ممنهجون يسعون لإعادة صياغة الوعي العام، وتحويل الحقائق إلى أكاذيب، والمقاومة إلى خطأ، والدول المستقلة إلى تهديدات. هذا الفصل يوضح مدى عمق تأثير المداخلة، وكيفية تشابك مصالحهم مع أطراف دولية، ومدى خطورة ما يقومون به على الرأي العام العربي وعلى أي مشروع مقاوم حقيقي.
الفصل العاشر: الخطر الفكري للمداخلة
المداخلة لا يمثلون مجرد تيار سياسي أو نقدي، بل هم خطر فكري على الأمة. فهم يسعون لإعادة تشكيل الوعي العربي والإسلامي بطريقة تجعل الشعوب تشكك في قضاياها، وتُعزل عن مقاومة الظلم والعدوان، وتقبل الرواية الغربية والخليجية كحقيقة مطلقة. إن الخطر لا يقتصر على السياسة فقط، بل يمتد إلى الفكر والدين والتعليم والإعلام، حيث يقومون بزراعة الشكوك وتشويه المفاهيم، بما يخلق مجتمعًا مرنًا للعدو، ومجتمعًا ضعيفًا في مقاومة الظلم.
أحد أبرز مظاهر الخطر الفكري للمداخلة هو توجيه الشباب العربي والفكر الإسلامي نحو الخطابات الانتقائية. فهم يركزون على انتقاد أي مشروع مقاوم أو مستقل، ويقللون من قيمة التضحية والشجاعة، في حين يبالغون في تسليط الضوء على أي خطأ بسيط أو أي تناقض في صفوف المقاومة. هذا الأسلوب يزرع في الشباب شعورًا بعدم الثقة، ويعطي الانطباع أن الوقوف ضد الظلم محكوم بالفشل مسبقًا.
المداخلة يعتمدون على التكرار المنهجي للشائعات والأكاذيب لتقوية موقفهم. فهم يكررون نفس الاتهامات: حماس فاسدة، الإخوان سرقوا الأموال، أي موقف مستقل مخالف للمصالح الأجنبية خاطئ، وكل دعم دولي للمقاومة “مزيف”. هذا التكرار يجعل بعض الجماهير، خاصة غير المطلعين، يعتقدون أن هذه الادعاءات حقيقية، ويغفلون الحقائق المثبتة والوثائق الرسمية التي تؤكد عكسها.
الخطر يمتد أيضًا إلى محاولة تشويه المفاهيم الدينية. فالمداخلة يحاولون جعل نصرة المظلوم ووقوف الأمة مع الحق أمرًا مشكوكًا فيه، بينما يتبنون تفسيرًا انتقائيًا للنصوص الدينية بما يخدم مصالح الأطراف الأجنبية. يرفضون نصرة المقاومة باعتبارها واجبًا دينيًا، ويحولون الجهاد ونصرة المظلومين إلى “عمل سياسي خاطئ”، وهذا يقوض القيم الأساسية التي تبني المجتمع وتحث على التضامن والوقوف مع الحق.
إضافة إلى ذلك، المداخلة يستخدمون الإعلام كأداة رئيسية لنشر هذا الفكر المضلل. فهم يختلقون الأخبار، ويغفلون الحقائق، ويكررون روايات مغلوطة بطريقة مقنعة، بحيث يختلط على المتلقي الواقع بالخيال. قناة الجزيرة وغيرها من المنصات تُستخدم أحيانًا لنقل هذه الرسائل بشكل يبدو وكأنه تقرير موضوعي، بينما الواقع أن الغرض منه تشويه الوعي وإضعاف المقاومة.
من الجوانب الخطيرة الأخرى، محاولة تقسيم المجتمعات وتشويه التضامن. فالمداخلة يعملون على إبراز الخلافات الطائفية أو السياسية أو الاجتماعية، ويستخدمونها كأدلة على فشل أي مشروع مقاوم. هذا يضعف القدرة على الوحدة، ويزيد من هشاشة المجتمعات أمام التدخلات الأجنبية والتأثيرات الغربية والخليجية.
الجانب الآخر للخطر الفكري للمداخلة هو التقليل من قيمة الخبرة والتاريخ. فهم يرفضون الاستفادة من تجارب المقاومة السابقة، ويهمشون النجاحات السياسية والعسكرية التي تحققت، ويعتبرون أي نجاح مجرد حظ أو مصادفة. هذا التوجه يخلق وعيًا مشوهًا يجعل الشعب يعتقد أن كل المقاومة فاشلة، وكل دولة عربية مستقلة غير قادرة على اتخاذ القرار الصحيح، بينما الواقع يثبت العكس.
المداخلة يستخدمون أيضًا الانتقائية في عرض الأحداث الدولية. فهم يظهرون أي قرار إيجابي ضد الاحتلال كخطأ، وأي موقف غربي أو خليجي داعم للمصالح الأجنبية كحقيقة مطلقة. هذا التناقض المنهجي يعزز الانحياز الفكري ويجعلهم أدوات لتصفية الحقائق، وهو أحد أسباب الخطر الفكري الكبير الذي يمثلونه على وعي الأمة.
كما أن الخطر الفكري يشمل إضعاف الثقة في الدولة والشعوب العربية المستقلة. فهم يهاجمون الجزائر ودول أخرى لأنها تمثل نموذجًا للقرار المستقل، ويصفون أي دعم للمقاومة بأنه “مزيف” أو “ضعيف”، بينما الواقع أن هذه المواقف رسمية وواضحة، وتخدم مصالح الأمة. هدفهم هو زرع الشك في كل موقف وطني، وتحويل الشعب العربي إلى متلقي سلبي للتعليمات والروايات الأجنبية.
في نهاية الفصل، يتضح أن المداخلة ليسوا مجرد خصم فكري، بل مشروع كامل لإعادة تشكيل الوعي العربي بطريقة تخدم الاحتلال والمصالح الأجنبية. فهم يسعون لتغيير المفاهيم الدينية والسياسية، وتقويض التضامن العربي، وتحويل الحقيقة إلى أكاذيب، والمقاومة إلى خطأ، وكل صوت حر إلى خطر. فهم أداة عقلية تعمل على تدمير وعي الأمة، ومواجهة هذا الخطر الفكري ليست خيارًا، بل واجب للحفاظ على الحقائق، واستعادة التضامن العربي، وحماية المقاومة والمشروع الوطني العربي من التلاشي الفكري والسياسي.
الفصل الحادي عشر: تحليل تصريحات المسؤولين الجزائرية
تصريحات المسؤولين الجزائريين، وخصوصًا وزير الخارجية، تمثل دليلاً واضحًا على الموقف الرسمي للجزائر تجاه القضية الفلسطينية والمقاومة. هذه التصريحات لا تصدر عشوائيًا، بل تعكس سياسة متينة مبنية على مبدأ دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتمسك الجزائر بالثوابت الوطنية والعربية. الجزائر تؤكد دائمًا أن السلطة الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، لكنها في الوقت نفسه ترفض أي محاولة لتهميش المقاومة أو تشويه صورتها.
الوزير الجزائري يوضح في تصريحاته أن دعم المقاومة ليس مجرد شعارات، بل سياسات رسمية تتجلى في المواقف الدولية والقرارات الأممية. فعلى سبيل المثال، تدخل الجزائر في الأمم المتحدة لتعديل أو دعم قرارات تحمي حقوق الفلسطينيين يعكس التزامًا عمليًا وليس كلامًا إنشائيًا. هذه المواقف توضح أن الجزائر ليست مجرد دولة تراقب الأحداث من بعيد، بل فاعل حقيقي يسعى لتثبيت الحق الفلسطيني.
من خلال تحليل التصريحات، يظهر أن الموقف الجزائري يحافظ على التوازن بين دعم السلطة الفلسطينية والمقاومة. الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للفصائل الفلسطينية، لكنها تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني بالكامل، وتضمن أن أي قرار دولي يحترم هذه الحقوق. هذا يوضح أن المواقف الرسمية للجزائر لا تخضع للضغوط الخارجية ولا تتأثر بالمواقف الغربية أو الخليجية، وهو ما يختلف جذريًا عن خطاب المداخلة الذي يميل دائمًا إلى تقويض أي موقف مستقل.
تصريحات المسؤولين الجزائريين تحمل أيضًا رسائل واضحة للمداخلة وكل من يسعى لتشويه المقاومة. فهي تؤكد أن الجزائر ترفض أي ادعاءات كاذبة أو شائعات لا أساس لها، مثل اتهامات سرقة الأموال أو ضعف الموقف السياسي للمقاومة. هذا يثبت أن الجزائر تعتمد على الحقائق والوثائق الرسمية، وليس على الأكاذيب الإعلامية أو المزاعم المغرضة، ويعكس احترام الدولة للمقاومة واعتبارها جزءًا من الحل السياسي وليس جزءًا من المشكلة.
تحليل التصريحات يظهر أيضًا مدى التزام الجزائر بالشرعية الدولية. فهي تدافع عن الفلسطينيين وفق قوانين الأمم المتحدة وقراراتها، وتعمل على تعديل أي قرار قد يكون ضارًا بالمصالح الفلسطينية. هذا الالتزام يعكس الخبرة الدبلوماسية الجزائرية الطويلة في التعامل مع القضايا المعقدة، ويضع الجزائر في موقع مختلف تمامًا عن المداخلة، الذي يعتمد على الأكاذيب والشائعات لتشويه الحقائق.
كما تكشف تصريحات المسؤولين أن الجزائر لا تخلط بين دعم المقاومة ودعم الإرهاب. فهي واضحة في موقفها: دعم المقاومة مشروع ودفاع عن الحق، بينما أي أعمال إرهابية لا يمكن قبولها. هذا التمييز ضروري لفهم الفرق بين الموقف الجزائري والمواقف المغرضة للمداخلة، الذين يسعون دائمًا لخلط الأوراق وتحويل المقاومة إلى شيء مشكوك فيه، بما يخدم مصالح أعداء الأمة.
تصريحات المسؤولين الجزائرية أيضًا تظهر حساسية الدولة تجاه محاولات التشويه الإعلامي. فالجزائر تتابع الأخبار المضللة وترد عليها رسميًا، وتعمل على كشف أي تلاعب بالرواية الإعلامية. هذا يضع الجزائر في صدارة الدول التي تحمي الحقيقة وتدافع عن الوعي العام، بعكس المداخلة الذين يسعون دائمًا لنشر الشائعات وتشويه الحقائق بهدف تحقيق مصالح خارجية.
من خلال هذه التصريحات، يتضح أن الجزائر تسعى لموازنة الأمور بحكمة. فهي تدعم المقاومة، وتدافع عن الحقوق الفلسطينية، لكنها في الوقت نفسه تحافظ على العلاقات الدبلوماسية الدولية، وتعمل على تجنب أي تصعيد قد يكون ضارًا بالقضية. هذا التوازن يظهر مستوى الاحترافية العالية في السياسة الخارجية الجزائرية، ويجعل أي مقارنة بين الموقف الرسمي والمداخلة تبدو غير عادلة.
في النهاية، تحليل تصريحات المسؤولين الجزائريين يؤكد أن الموقف الرسمي للجزائر متين وواضح ومبني على الحقائق والشرعية الدولية. أي محاولة لتشويه هذا الموقف، سواء من المداخلة أو الإعلام المضلل، ليست سوى محاولة لتقويض الحقيقة ولتضليل الشعوب، في حين أن الجزائر تبقى حامية للحقوق الفلسطينية والداعمة للمقاومة الشرعية والمشروعة.
الفصل الثاني عشر: تفنيد أكاذيب المداخلة بالتفصيل
المداخلة يعتمدون على نشر الأكاذيب بطريقة منهجية، لا عفوية، تستهدف تشويه صورة المقاومة وحركة حماس. أحد أشهر الأكاذيب التي يروجون لها هو زعم أن الإخوان المسلمين قد سرقوا من حماس نصف مليار دولار. هذه الشائعة لم تُثبت بأي وثيقة رسمية، ولم يعلن عنها أي مسؤول فلسطيني رسمي، بل هي مجرد كلام متداول في أوساط معينة، تتبع المداخلة وتعيد تكراره بلا دليل.
تفنيد هذه الأكاذيب يبدأ من تحليل مصدرها: جميع المزاعم التي يروج لها المداخلة تأتي غالبًا من مواقع مجهولة الهوية، أو من تقارير صحفية معروفة بتحيزها ضد المقاومة، وغالبًا ما تُنقل دون تحقق. عند البحث في الوقائع، نجد أن حركة حماس لم تصدر أي تصريح رسمي يؤكد هذه المزاعم، وأنها نفتها عدة مرات أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، مما يضعف تمامًا مصداقية المداخلة ويكشف سعيهم لتضليل الرأي العام.
المداخلة لا يقتصرون على تكرار الأكاذيب المالية فحسب، بل يستخدمون أساليب متقدمة في التضليل السياسي. فهم يحرفون تصريحات المسؤولين ويضعونها خارج سياقها، أو ينقلون أخبارًا قديمة وكأنها حديثة. مثال واضح على ذلك هو تحريف تصريحات المسؤولين الجزائريين حول موقف الجزائر من السلطة الفلسطينية والمقاومة. المداخلة يستخدمون عبارة “مجهول الهوية” ليزعموا أن الجزائر لم تلتزم بدعم حماس، بينما الواقع يشهد أن الجزائر ترعى المصالحة الفلسطينية وتدافع عن حقوق المقاومة في الأمم المتحدة وفي أي اجتماع دولي.
من الأدلة الواقعية التي تثبت كذب المداخلة هي استقبال الجزائر لوفود حماس الرسمية، وحضور قادة الحركة للعروض العسكرية في الجزائر، وقيام الجزائر بتعديل قرارات مجلس الأمن بما يحمي الحقوق الفلسطينية. كل هذه الوقائع مثبتة بالمستندات الرسمية والتقارير الدولية، ولا يمكن لأي شخص أن ينكرها.
كذلك، المداخلة يسعون إلى نشر الأكاذيب حول علاقة حماس بالدول العربية، مدعين أن الجزائر أو أي دولة عربية كانت ضحية فساد أو سيطرة حماسية، بينما الحقيقة أن الجزائر تتعامل مع حماس كحركة مقاومة مشروعه قانونيًا وسياسيًا، وتقدم لها الدعم الدبلوماسي فقط، دون أي تدخل داخلي في الشؤون المالية أو الإدارية.
عندما ندرس طريقة المداخلة، نلاحظ نمطًا ثابتًا في الكذب: أولًا، اختيار موضوع حساس مثل الأموال أو العلاقات الدولية، ثانيًا، استغلال أي تصريح جزئي أو قديم، ثالثًا، إعادة نشر الشائعة حتى تصبح مألوفة لدى الجمهور، ورابعًا، رفض تقديم أي دليل رسمي عند مواجهة الأكاذيب. هذا النمط يظهر أن هدف المداخلة ليس النقاش أو البحث عن الحقيقة، بل تشويه صورة المقاومة وتزييف الواقع.
هناك أمثلة أخرى كثيرة تثبت هذا المنهج. على سبيل المثال، ادعاء المداخلة أن الجزائر لم تفعل شيئًا لمساعدة فلسطين بينما التعديلات التي قامت بها الجزائر في قرارات مجلس الأمن، والبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية الجزائرية، تظهر العكس تمامًا. كل هذه الوقائع مثبتة بالتقارير الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة، ويمكن لأي باحث الوصول إليها.
المداخلة أيضًا يستخدمون وسائل الإعلام كأداة للتضليل. فهم يختارون القنوات التي تروج لوجهات نظرهم، ويعيدون نشر الأخبار المفبركة أو المحرفة، مثل قناة معينة تزعم دعم الجزائر للعدو أو أن المقاومة فاشلة. الحقيقة هي أن الجزائر تدعم الحق الفلسطيني والمقاومة الشرعية، وكل ما ينقله المداخلة هو تحريف للرواية بغرض خدمة أجندات خارجية.
تفنيد الأكاذيب يتطلب الاعتماد على المصادر الرسمية والمستندات الموثوقة. أمثلة على ذلك تشمل: بيانات وزارة الخارجية الجزائرية، قرارات الأمم المتحدة المعدلة بدعم الجزائر، استقبال وفود حماس، تصريحات قادة المقاومة، وغيرها. كل هذه الأدلة تكشف زيف المداخلة وتجعل أي ادعاء بدون سند رسمي بلا قيمة، وتوضح للمتابع أن الهدف من الشائعات ليس الحقيقة بل التضليل السياسي والفكري.
كما أن المداخلة يكررون نفس الأكاذيب حول الإخوان وحماس، مدعين أنهم مرتبطون بالفساد أو بالأموال، بينما الواقع أن جميع المعاملات المالية لحماس تحت رقابة داخلية وخارجية دقيقة، وأن الجزائر لم تثبت أي دعم مالي مباشر يثير الشبهات. هذا يضع المداخلة أمام تناقض واضح: هم يروجون للشائعات، بينما الحقائق الموثقة تنفيها.
الاستنتاج الأساسي هو أن المداخلة يعتمدون على الأكاذيب كأسلوب حياة فكري، وليس مجرد خطأ عرضي. فهم يسعون دائمًا إلى إعادة كتابة الحقائق بما يخدم مصالح خارجية، ويحاولون قلب الحقائق على الشعوب. كل هذه الأدلة والبراهين الواقعية توضح أن تفنيد أكاذيبهم ممكن ويجب أن يكون مستندًا إلى حقائق رسمية ووثائق واضحة، وهذا هو السبيل الوحيد لفضح تضليلهم بشكل نهائي.
الفصل الثالث عشر: دروس من التاريخ
التاريخ هو مرآة تعكس طبيعة الصراعات والأفكار، وفهمه يمكّننا من كشف مكائد المداخلة وتحليل مواقفها. عندما ننظر إلى تاريخ المقاومة الفلسطينية، نرى أن شعوب المنطقة واجهت محاولات عديدة لتشويه الوعي ونشر الأكاذيب ضد كل حركة تسعى للحرية. المداخلة اليوم تستفيد من نفس الأساليب القديمة، لكنها تستخدم وسائل إعلام متطورة وتقنيات جديدة لتضليل الرأي العام.
في الجزائر، كانت المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي مثالاً حيًا على الصمود والإصرار على الحقوق. كلما حاول الاستعمار تشويه صورة المجاهدين، كان الشعب يكتشف الحقيقة تدريجيًا ويقف خلف مقاومته. المداخلة اليوم تحاول تكرار نفس الأسلوب، حيث يصنعون روايات مضللة عن حماس والإخوان، مدعين الفساد أو الخيانة، بينما الوقائع التاريخية تثبت أن دعم الشعب للمقاومة هو العامل الحاسم في نجاحها واستمرارها.
أحد الدروس المهمة هو أن المصداقية لا تأتي من الشعارات، بل من العمل الفعلي والنتائج الواقعية. حركة حماس، على الرغم من الهجمات الإعلامية، استطاعت الحفاظ على موقفها السياسي والعسكري، واستمرت في تقديم الخدمات للشعب الفلسطيني، بينما المداخلة حاولت تصويرها على أنها فاشلة أو فاسدة. التاريخ يعلمنا أن النتائج الواقعية تكشف الأكاذيب وتضع كل ادعاء غير موثق في خانة الزيف.
يمكننا مقارنة المواقف الدولية تجاه المقاومة. بعض الدول العربية والخليجية كانت تردد نفس خطاب المداخلة ضد المقاومة، متبنية تصورات مستوردة من الإعلام الغربي، بينما الجزائر وقفت دائمًا في موقع داعم للقضية الفلسطينية، وصوت حر في الأمم المتحدة. هذا الاختلاف يوضح أن المداخلة ليست مجرد آراء شخصية، بل هي امتداد لمحاولات إخضاع الرأي العام العربي للأجندات الخارجية.
التاريخ أيضًا يوضح أن الشائعات والأكاذيب تتكرر عبر الزمن. ما قيل عن مقاومة الجزائريين في عهد الاستعمار من تشويه للحقائق، يكرر اليوم ضد حماس. المداخلة يستخدم نفس الطرق: تضخيم الأخطاء، اختلاق الروايات، وتحريف التصريحات، كل ذلك لإضعاف الثقة بين الشعوب وحركات المقاومة. درسنا من التاريخ أن الحقيقة دائماً تظهر، وأن الأكاذيب مهما كانت متكررة، لا يمكنها أن تصمد أمام الحقائق الموثقة.
هناك أمثلة أخرى: مقاومة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة رغم الحصار والاعتداءات المتكررة، تثبت أن القوة المادية ليست العامل الوحيد للنجاح، بل الإرادة والوعي والشجاعة أيضًا. المداخلة يتجاهلون هذا البعد، ويركزون فقط على ضعف الموارد، في محاولة لتقليل حجم الإنجازات. التاريخ يعلمنا أن الصمود والشجاعة هما القيم الحقيقية للنجاح، وليس مجرد القدرة المادية أو الدعم الإعلامي.
دروس أخرى مهمة تأتي من مقارنة مواقف الشعوب تجاه المقاومة. كلما زادت الشائعات والأكاذيب، زاد وعي الشعب وأصبح أكثر حذرًا تجاه الإعلام المضلل. المداخلة تعتمد على الجهل والسطحية، لكن التجارب التاريخية تظهر أن الشعوب التي تعرف تاريخها وتفهم حقيقة صراعاتها لا يمكن خداعها بسهولة.
التاريخ يقدم أيضًا أمثلة على التحالفات والاستراتيجيات. مقاومة الجزائر لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كان هناك تنسيق سياسي ودبلوماسي، وهو نفس النهج الذي اتبعته حماس في مواقفها الدولية. المداخلة يحاولون فصل الجانب السياسي عن العسكري، وتشويه أي نجاح دبلوماسي، لكن الواقع يظهر أن التوازن بين العمل العسكري والدبلوماسي هو ما يحفظ حقوق الشعوب ويحقق نتائج ملموسة.
في النهاية، درس التاريخ واضح: المقاومة الحقيقية لا تتأثر بالأكاذيب المتكررة. كل محاولة للتشويه تُكشف مع الوقت، وكل معلومة مثبتة بالوثائق والأدلة تقوض أي شائعة. المداخلة، مهما حاولوا، لا يمكنهم تغيير الحقائق التاريخية، ولا يمكنهم محو إرث المجاهدين أو تأثير المقاومة على وعي الشعوب.
الفصل الرابع عشر: دور العلماء والمراجع الإسلامية
العلماء والمراجع الإسلامية لعبوا دائمًا دورًا محوريًا في توجيه الرأي العام، وحماية الأمة من الانحراف الفكري والسياسي. في سياق القضية الفلسطينية والمقاومة، يظهر الدور المهم للعلماء الجزائريين والمغاربيين الذين وقفوا بقوة إلى جانب المقاومة، مؤكدين على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه، ومبرزين الفرق بين الدعم المشروع للمقاومة وبين الدعم الموجه للأنظمة أو الأطراف التي تهدف إلى الهيمنة أو التبعية.
العديد من العلماء المغاربيين أكدوا في تصريحاتهم ومؤلفاتهم أن نصرة المظلومين ودعم الجهاد في سبيل الله من مقاصد الشريعة، وأن الوقوف ضد المقاومة أو تشويهها ليس مجرد خطأ سياسي، بل هو انحراف عن القيم الإسلامية الأصيلة. هؤلاء العلماء لم يقتصروا على النصوص، بل كانوا يوضحون الواقع التاريخي والسياسي، ويبينون أن كل محاولة لتشويه المقاومة أو تصويرها على أنها إرهابية أو فاسدة هي جزء من مشروع دعائي يستهدف الأمة جمعاء.
في الجزائر، نجد مواقف واضحة من كبار العلماء الذين دعموا المقاومة الفلسطينية، ودافعوا عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، مستنكرين أي حديث يروج الأكاذيب عن حماس أو الإخوان المسلمين. هؤلاء العلماء استخدموا المنابر العلمية والفتاوى الموثقة لتوضيح الحقائق، ولتفنيد الأكاذيب التي يروج لها المداخلة، مؤكدين أن الكراهية الممنهجة للحركات المقاومة غالبًا ما تكون نتيجة تأثير خارجي أو مصالح سياسية ضيقة.
ومن الأمثلة البارزة موقف العلماء المغاربيين الذين ربطوا بين التزام المداخلة بالخطاب الغربي وبين تجاهلهم للحقوق الشرعية للشعوب. فقد أثبتوا أن كل من يهاجم المقاومة تحت ذرائع مزيفة، أو ينقل أكاذيب عن الفساد المالي أو السياسي، هو في الحقيقة جزء من منظومة تهدف إلى إضعاف الأمة. وأكدوا أن دور العلماء الحقيقي هو كشف هذا الانحراف، وتحذير الناس من الانسياق خلف الأخبار المفبركة والشائعات.
كما أن العلماء لم يقتصر دورهم على تقديم النصوص الشرعية، بل ركزوا على التوعية السياسية والفكرية. فقد بينوا الفرق بين المقاومة التي تحمي الشعب والمصالح الوطنية، وبين أي حركة أو طرف يتصرف وفق مصالح خارجية. هذا التوضيح العلمي والفكري جعل الجمهور أكثر وعيًا بالخطط الدعائية، وأضعف قدرة المداخلة على تمرير أكاذيبهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بمحاولة تصوير المقاومة بأنها فاسدة أو مسيسة بطريقة غير عادلة.
دعم العلماء لم يقتصر على النصوص أو الخطابات، بل شمل أيضًا المشاركة في المؤتمرات والندوات الدولية، وإصدار البيانات التي تدحض الشائعات، وتوضح الحقائق التاريخية والسياسية. فقد أظهروا أن المقاومة الفلسطينية، مثل مقاومة الجزائر سابقًا، ليست مجرد صراع عسكري، بل هي حق مشروع للدفاع عن الأرض والكرامة، وأن أي محاولة لتشويهها تعكس أهدافًا خفية للأطراف الخارجية التي تحرك المداخلة.
الأدلة التاريخية والفكرية التي قدمها العلماء الجزائريون والمغاربيون توضح أيضًا أن المداخلة غالبًا ما يعتمد على إسقاطات فكرية جاهزة، ويكرر الاتهامات نفسها دون أي مراجعة للحقائق. العلماء أكدوا أن الواجب الشرعي والأخلاقي هو كشف هذه الانحيازات، وتوضيح الفرق بين الدعم المشروع للمقاومة، وبين الخطاب المضلل الذي يحاول تصوير المقاومة كعدو.
في نهاية هذا الفصل، يتضح أن دور العلماء والمراجع الإسلامية لا يقتصر على الجانب الديني، بل يمتد إلى حماية الوعي السياسي، وصيانة الحقائق التاريخية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الجمهور. دعمهم للمقاومة هو دعم للعدالة، وتوضيح للفكر الإسلامي المعتدل، وتحصين ضد كل من يحاول بث الأكاذيب والشائعات، سواء أكان ذلك داخليًا عبر المداخلة، أم خارجيًا عبر الإعلام الغربي والخليجي.
الفصل الخامس عشر: استراتيجيات المداخلة في تشويه الحقائق
المداخلة يعتمدون على أساليب متقدمة ومنهجية لتشويه الحقائق وإرباك الرأي العام، بحيث يصبح المستمع أو القارئ غير قادر على التمييز بين الواقع والادعاءات. هذه الاستراتيجيات لا تعتمد على مصادفة، بل على خطة مدروسة، تهدف إلى خدمة مصالح خارجية، وزرع الشك والاضطراب في وعي الجماهير.
أول هذه الاستراتيجيات هو الكذب المنهجي. المداخلة يكررون الاتهامات نفسها بشكل مستمر، حتى لو ثبت خطأها، مستخدمين أسلوب التكرار كوسيلة لإقناع الآخرين بأنها حقيقة. على سبيل المثال، الادعاءات حول سرقة نصف مليار دولار من حماس على يد الإخوان هي تكرار لادعاءات مفبركة، استُخدمت لتشويه صورة المقاومة واستهداف الحركة الإسلامية في المنطقة. كل محاولة لتفنيد هذه الأكاذيب يتم تجاهلها أو تشويهها مرة أخرى، مما يظهر تأثير أسلوبهم في نشر التضليل.
ثاني الاستراتيجيات هي التضليل المستمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام. المداخلة يعتمدون على اختيار الكلمات بعناية، وتحويل أي موقف إيجابي للمقاومة إلى قضية مشكوك فيها، بينما يقومون بتضخيم أي خطأ بسيط لصالح الصورة المرسومة سلفًا. قناة الجزيرة كمثال، رغم أنها تعرض الأخبار بدقة في بعض الأحيان، إلا أن المداخلة يستخدمون المقاطع المحددة أو التصريحات المقتطعة ليقدموا صورة مغلوطة، ويجعلوا المقاومة تبدو أقل مصداقية.
ثالثًا، المداخلة يحاولون إسكات الأصوات الحقيقة. أي ناشط أو باحث يقدم معلومات دقيقة وموثقة يُتعرض لهجوم مستمر، ويُتهم بأنه “مؤدلج” أو “متحيز”. هذا الأسلوب يخلق خوفًا بين المهتمين بنقل الحقائق، ويزيد من سيطرة المداخلة على الخطاب العام. كل محاولة لنقل معلومة صحيحة تُصادف مقاومة شرسة، ويُعاد تحريفها لتناسب الرواية التي يريدونها.
رابعًا، استخدام أسلوب المزاوجة بين الحقيقة والكذب. المداخلة غالبًا يقدمون جزءًا صحيحًا من المعلومات، ثم يضيفون عليه افتراءات أو ادعاءات خاطئة. هذا يجعل المستمع أكثر عرضة لتصديق الجزء الكاذب، لأنه يظن أن المصداقية موجودة في الأساس، وبالتالي يسقط في فخ التضليل. على سبيل المثال، يمكن أن ينقلوا تصريحات جزئية لمسؤولين جزائريين حول فلسطين، ثم يحرفونها لإظهار الجزائر وكأنها ضد المقاومة، بينما الحقيقة أن الموقف الجزائري داعم وواضح في الأمم المتحدة.
خامسًا، التركيز على الانحياز الشخصي والتهجم العاطفي. المداخلة يستخدمون لغة تحقيرية، ويهاجمون الشخصيات الرمزية للمقاومة أو العلماء الداعمين لها، بدلًا من مناقشة الأفكار والسياسات. هذا يخلق شعورًا لدى المتلقي أن كل من يقف مع المقاومة “غير جدير بالثقة”، ويؤثر على الرأي العام بشكل كبير، لأنه يستند إلى الانطباعات النفسية بدل الأدلة الواقعية.
سادسًا، الربط بين المقاومة وأعداء المسلمين. المداخلة غالبًا يحاولون تصوير أي حركة مقاومة على أنها متطرفة أو إرهابية، في محاولة لزرع الشك في عقول المتلقين، بينما الحقيقة التاريخية والسياسية تثبت العكس. هذه الطريقة تضعف الدعم الشعبي للمقاومة، وتخلق حالة من التشكيك في كل موقف مشروع، مما يخدم الأجندات الخارجية التي يريد المداخلة تنفيذها.
سابعًا، استخدام “التحوير التاريخي”. المداخلة يعيدون كتابة الأحداث، أو يختارون فترات محددة فقط لتقديم صورة مغلوطة. أي نجاح للمقاومة يُنسى، وأي خطأ بسيط يُضخم بشكل غير منطقي. هذا التحوير يخلق قصصًا مصطنعة عن الفساد أو الفشل، ويجعل أي مناقشة موضوعية صعبة على العامة، لأن الصورة المشوهة تصبح معتادة.
كل هذه الاستراتيجيات مجتمعة تُظهر أن المداخلة ليسوا مجرد أشخاص يخطئون في فهم الواقع، بل هم جزء من مشروع مستمر لإضعاف الوعي العام، وتحويل الحقائق إلى سرديات مضللة، وحماية مصالح خارجية على حساب الأمة. فهم يعتمدون على علم النفس الاجتماعي، الإعلام، والسياسة لتوجيه الرأي العام، وإقناعه بأن ما يحدث على الأرض هو شيء مخالف للواقع.
في النهاية، يتضح أن مواجهة المداخلة تتطلب وعيًا متقدمًا، وفهمًا دقيقًا للتاريخ والسياسة، واستخدام الأدلة الموثقة لتفنيد أكاذيبهم. أي محاولة لمواجهة خطاباتهم بدون معرفة واستعداد ستكون مجرد صدى لما يريدون، بينما التحصين الفكري والجماهيري هو السبيل الحقيقي لحماية الأمة والحفاظ على المقاومة من التشويه والتحريف.
الفصل السادس عشر: تحليلات نفسية وسلوكية للمداخلة
المداخلة ليسوا مجرد تيار سياسي أو فكري عادي، بل يمثلون حالة فكرية وسلوكية محددة يمكن تحليلها من زاوية علم النفس الاجتماعي والسلوكي. لفهم طريقة تفكيرهم، يجب النظر إلى جذور انحيازهم العقلي، وكيفية تأثير البيئة الإعلامية والسياسية على قراراتهم ومواقفهم.
أول ما يلاحظ عند المداخلة هو التحجر الذهني. هم يرفضون مراجعة أفكارهم مهما ظهرت أدلة جديدة، ويصرون على موقف محدد حتى لو ثبت خطؤه. هذا التحجر يجعل أي نقاش معهم شاقًا، لأنهم لا يستخدمون المنطق القائم على الحقائق بل على ما يفرضه التحيز السابق. على سبيل المثال، أي دعم جزائري أو شعبي للمقاومة يُفسرون على أنه “دعاية”، وأي موقف سلبي يُعتبر الحقيقة المطلقة، مهما كانت الوثائق والمصادر الرسمية واضحة.
ثانيًا، لديهم ميل شديد للتبعية للقوة الخارجية. المداخلة يقدسون ما يأتي من الغرب أو الخليج كحقيقة، ويرفضون أي دليل محلي أو تاريخي يثبت العكس. هذه السلوكيات يمكن تفسيرها بأنهم يعانون من اعتماد فكري على السلطة الخارجية، حيث يصبح الحكم على الأحداث مرتبطًا بموقف الأطراف الأقوى وليس بالحقائق. ولذلك، نرى أنهم يقللون من إنجازات المقاومة ويبالغون في انتقادها، لأنهم يعتبرون أن القوة المادية هي المعيار الوحيد للصواب.
ثالثًا، النمطية والتكرار هي أدواتهم الرئيسية في التواصل. المداخلة يكررون نفس الحجج والاتهامات مرارًا وتكرارًا، ويظنون أن التكرار يخلق مصداقية، وهو أسلوب يستخدمه الإعلام الدعائي العالمي. أي شخص يتابع حديثهم يلاحظ كيف يتم إعادة نفس المصطلحات: الإرهاب، الفساد، عدم الكفاءة، بدون تقديم أدلة حقيقية. هذه الطريقة تخلق شعورًا باليقين الزائف عند بعض المستمعين، بينما هي في الواقع خداع معرفي.
رابعًا، لديهم ميل لتجاهل البعد الإنساني. المداخلة يتجاهلون معاناة الشعوب، ويختزلون الصراع السياسي في مجرد مصالح وأنظمة. الأطفال، النساء، الأسرى، والضحايا المدنيين لا يجدون أي وزن في خطابهم. هذا التجاهل يعكس خللًا نفسيًا في القدرة على التعاطف، ويجعلهم أداة فعالة لنشر الرواية الغربية التي تهدف إلى تبرير الاحتلال وتشويه المقاومة.
خامسًا، لديهم ميل للتحيّز التأكيدي. أي معلومة تدعم وجهة نظرهم يتم تصديقها مباشرة، وأي معلومة تناقض موقفهم يتم رفضها أو تحريفها. هذا النمط معروف في علم النفس كـ “تأثير الانحياز التأكيدي”، ويظهر بوضوح في كل تصريحات المداخلة حول حماس والإخوان والمقاومة بشكل عام.
سادسًا، الميل إلى التشكيك المفرط. المداخلة يزرعون الشك في كل معلومة موثقة، ويعتبرون أي تحقيق أو تقرير أو تصريح رسمي غير كافٍ إلا إذا كان يتوافق مع أيديولوجيتهم. هذا الميل يؤدي إلى خلق حالة من الاضطراب في وعي الجمهور، حيث يصبح الناس غير قادرين على التمييز بين الحقيقة والزيف، وهو الهدف الذي يسعى المداخلة لتحقيقه.
سابعًا، استخدام الأسلوب الهجومي والدفاعي معًا. أي نقد يوجه لهم يُعاد تحريفه ليصبح هجومًا على المعارضة أو على المقاومة، وفي الوقت نفسه هم يهاجمون بشكل شرس أي شخص أو جهة تدعم المقاومة. هذا المزج بين الهجوم والدفاع يجعل التفاعل معهم شبه مستحيل، ويخلق شعورًا بأنهم دائمًا على صواب، مهما كانت الأدلة ضده.
ثامنًا، التأثير على القرارات الجماعية. بسبب أسلوبهم النفسي والسلوكي، فإن المداخلة قادرون على التأثير على بعض الفئات داخل المجتمع، خاصة من لديهم ميل للتبعية أو النمطية الفكرية. عبر وسائل التواصل والإعلام، يمكنهم تحويل الأحداث الحقيقية إلى قصص مشوهة، وتوجيه الرأي العام بما يخدم مصالح خارجية ويضعف المقاومة.
تاسعًا، اعتمادهم على الانفعالات أكثر من المنطق. المداخلة يعتمدون على تحريك مشاعر الخوف، الغضب، الشك، والاشمئزاز لدى الآخرين، بدلاً من استخدام الحجج الموضوعية. هذا يجعل أي نقاش موضوعي معهم صعبًا، لأن الحوار يتحول بسرعة إلى معركة عاطفية بدلاً من مناقشة الأدلة الواقعية.
عاشرًا، تأثير البيئة الإعلامية والسياسية عليهم واضح جدًا. المداخلة يتلقون معلوماتهم من منصات محددة تتفق مع أيديولوجيتهم، ويعتبرونها المصدر الوحيد للحقيقة، بينما أي مصدر آخر يتم تجاهله أو تشويهه. هذا الانغلاق يعزز من تحجرهم الفكري، ويجعلهم أداة لنشر التضليل بشكل منهجي.
من خلال هذه التحليلات، يتضح أن مواجهة المداخلة تتطلب أكثر من مجرد نقاش فكري، بل تتطلب فهمًا نفسياً وسلوكياً لعقلية الخصم، واستخدام الأدلة الموثقة والمصداقية العالية لكشف الأكاذيب، وإظهار الحقيقة بشكل لا يمكن تحريفه. أي تقصير في هذا المجال يترك المجال مفتوحًا لاستمرارهم في تشويه الوعي العام، وتحويل الحقائق إلى سرديات مغلوطة تخدم مصالح خارجية على حساب الأمة.
الفصل السابع عشر: مقارنة بين موقف الجزائر والمداخلة
عند دراسة موقف الجزائر من القضية الفلسطينية ومقارنتها بالمداخلة، يظهر الفرق الجذري بين نهج دولة ذات سيادة ومسؤولية وطنية، وبين تيار فكري مشوش يتبع الأجندات الخارجية. الجزائر، منذ استقلالها، تبنت مواقف واضحة تجاه المقاومة، تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتدعم أي مشروع سياسي يهدف إلى تحرير الأرض وإحقاق الحق. هذه المواقف ليست عابرة أو متغيرة وفق المزاج السياسي العالمي، بل ثابتة، مستمدة من تجربة تاريخية طويلة من النضال ضد الاستعمار، ومن الالتزام بمبادئ العدل والكرامة.
على النقيض، نجد المداخلة يميلون إلى التحول حسب مصالح القوى الخارجية التي يقفون خلفها. مواقفهم تجاه حماس والمقاومة تتغير وفق مصالح الغرب أو بعض الدول الخليجية، وليس وفق أي معيار وطني أو أخلاقي. هذا الانحياز يجعلهم يقللون من إنجازات المقاومة، ويبالغون في الانتقاد، ويروجون للأكاذيب مثل ادعاء سرقة نصف مليار دولار من قبل الإخوان، وهي تهمة تم نفيها رسمياً ولم تثبت بأي دليل.
الجزائر، من خلال مشاركتها في الأمم المتحدة وفي المؤسسات الدولية، عملت على تعديل القرارات التي قد تضر بالمصلحة الفلسطينية، ونجحت في فرض تعديلات دقيقة تضمن حماية حقوق الفلسطينيين دون أن تدخل في صراعات إقليمية مفتوحة. أما المداخلة، فهم يتجاهلون كل هذه الجهود، ولا يعترفون بأي إنجاز جزائري، ويستخدمون خطاباً مشوهاً يروّج لفكرة أن الجزائر “غير ملتزمة بالمقاومة” أو “متواطئة مع الغرب”، وهو كلام بعيد كل البعد عن الواقع، ويهدف فقط إلى زرع الشك في النفوس.
من الناحية الفكرية، موقف الجزائر يعكس استقلالية ووعي سياسي. فهي ترى القضية الفلسطينية من منظور العدالة وحقوق الإنسان، وليس وفق المصلحة الاقتصادية أو التحالفات المؤقتة. بينما المداخلة، لديهم عقلية تابعة، تعتمد على تبني ما يروّج له الإعلام الغربي أو الصهيوني، ويكررون نفس الاتهامات دون تمحيص. فالمقاومة عندهم دائمًا خاطئة، وأي دعم لها يعد “خطأ استراتيجي”، حتى لو كان فعليًا يحقق حماية للشعب الفلسطيني أو يخفف من معاناته.
الجزائر تدرك أن الدعم السياسي لا يعني بالضرورة دعم عسكري مباشر، وإنما يشمل الدبلوماسية، تعديل القرارات الدولية، وتوحيد الصف العربي والإسلامي ضد أي ظلم. المداخلة، مع ذلك، يختزلون كل شيء في الجانب العسكري أو الاقتصادي، ويعتبرون أي موقف سياسي غير ملموس عديم القيمة، وهذا يعكس ضيق أفقهم وفقدانهم لأي رؤية استراتيجية حقيقية.
علاقة الجزائر بالمقاومة مبنية على الثقة والشفافية، فهي لا تستخدم أي ذريعة لتشويه صورة المقاومة، ولا تصرح بأقوال مضللة، بل تعتمد على الحقائق الموثقة والتقارير الرسمية. أما المداخلة، فهم يمارسون التضليل المنهجي، يستخدمون الشائعات، ويعيدون سرديات خاطئة بشكل متكرر، مما يضع المواطن العادي في حالة حيرة بين الحقيقة والباطل.
من حيث النهج الإعلامي، الجزائر تعلن مواقفها بوضوح، بينما المداخلة يختبئون خلف تصريحات مبهمة، أو يزعمون “مجهول الهوية”، ويحرفون تصريحات المسؤولين لصالح سرديتهم، وهذا يجعل أي محاولة لفهم موقفهم أمرًا صعبًا ويولد الشك.
الجزائر تظهر أيضًا في دعمها للمقاومة عبر التنسيق مع المنظمات الدولية والدول الصديقة، وهي تبني تحالفات قائمة على المصلحة المشتركة والعدالة، بينما المداخلة يستخدمون التحالفات كأداة لتبرير موقفهم المسبق، وليس لتحقيق نتائج فعلية على الأرض.
من حيث التأثير النفسي، مواقف الجزائر تعزز الثقة لدى الشعوب، وتظهر القدرة على حماية الحقوق والمصالح، بينما مواقف المداخلة تزرع الشك والارتباك، وتؤدي إلى فقدان الثقة في أي جهد مقاوم، وهذا بالضبط ما يهدف إليه أعداء القضية.
باختصار، المقارنة تظهر جليًا الفرق بين دولة ذات موقف وطني ثابت، وبين تيار فكري تابع للأجندات الخارجية، يكرس جهوده لتشويه الحقائق وزرع الشك. الجزائر تتصرف وفق وعي سياسي، مستندة إلى التاريخ والعدالة، بينما المداخلة تتصرف وفق مصالح خارجية، بعيدًا عن أي التزام أخلاقي أو وطني. هذا التباين يوضح لماذا مواجهة المداخلة ليست مجرد نقاش فكري، بل ضرورة لضمان استمرارية ووضوح المواقف الوطنية الأصيلة، وحماية الحقائق من التشويه المستمر.
الفصل الثامن عشر: قصص وأمثلة واقعية من النقاشات
عند متابعة النقاشات الواقعية على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر بشكل واضح الأسلوب المنهجي الذي يستخدمه المداخلة لتشويه الحقائق. فكل نقاش معهم يتحول إلى دورة مفرغة من التكرار، حيث يعيدون نفس الادعاءات والأكاذيب، محاولين حصر النقاش ضمن منظورهم المحدود، دون أي استعداد لمراجعة الأدلة أو الاعتراف بالحقائق. أحد أبرز الأمثلة على ذلك كان النقاش حول موقف الجزائر من حماس، حيث تجاهل المداخلة جميع التصريحات الرسمية، وركز فقط على تفسيرات مشوهة من وسائل الإعلام، وزعموا أن الجزائر لم تدعم أي وفد فلسطيني، مع أن الوثائق الرسمية تُظهر العكس بوضوح.
في كثير من النقاشات، يلجأ المداخلة إلى أسلوب تحويل السؤال، بحيث يهرب من الرد المباشر، ويعيد طرح النقاش على شكل سؤال آخر يحاول من خلاله فرض سرديته. مثال ذلك النقاش حول ادعاء سرقة الإخوان نصف مليار دولار من حماس، حيث رفض المداخلة تقديم أي دليل موثق، وأعاد تكرار الاتهام وكأنه حقيقة مسلّم بها، بينما المصادر الرسمية للفصائل الفلسطينية نفت هذا الكلام بشكل واضح. هذا الأسلوب يعكس استراتيجية واضحة: إثارة الشك، واستغلال الجهل الإعلامي لدى الجمهور، وتحويل النقاش إلى حرب كلامية بدلاً من مناقشة الحقائق.
تجارب أخرى تظهر في النقاشات الحية، حيث يهاجم المداخلة كل من يذكر الإنجازات العسكرية والسياسية للمقاومة، ويصفها بأنها مبالغ فيها أو “دعائية”، متجاهلين كل الشهادات والتقارير الدولية التي تؤكد فعالية المقاومة في حماية المدنيين وتحقيق مكاسب سياسية. كما يستخدمون تهويل المعلومات، فحتى أحداث بسيطة يتم تصويرها وكأنها فشل كبير، بينما التفاصيل الموثقة تظهر نجاحات واضحة.
ومن الجوانب اللافتة، أنهم لا يترددون في تشويه سمعة أي داعم للمقاومة، حتى لو كان دولة أو منظمة دولية. فقد حاول المداخلة خلال نقاشات عدة التشكيك في مصداقية الجزائر، وادعوا أنها لم تقدم أي دعم، في حين أن اللقاءات الرسمية، التصريحات الوزارية، والتقارير الدبلوماسية تثبت عكس ذلك. هذا يظهر أنهم لا يعتمدون على الحقائق، بل على سرديات جاهزة مسبقًا لتشويه الصورة.
هناك أيضًا أمثلة على كيفية استخدامهم للشائعات ضد الأفراد، حيث يروجون لأقوال مفبركة عن شخصيات فلسطينية، ثم ينسبونها إلى مصادر مجهولة، في محاولة لتشويه سمعتهم. هذا يخلق حالة من الضبابية لدى الجمهور، ويجعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والكذب، وهذا ما يعكس الطبيعة الدعائية للمداخلة.
من جهة أخرى، يظهر في النقاشات أن المداخلة لا يعترفون بالخطأ أبدًا. حتى عند تقديم أدلة دامغة، يرفضون مناقشتها، ويواصلون تكرار نفس الادعاءات. هذا الانغلاق الفكري، الممزوج بالتحجر، يجعل النقاش معهم أشبه بمحاولة إقناع شخص لا يريد أن يرى الحقيقة.
وفي حالات أخرى، يستخدم المداخلة أسلوب “تغيير الموضوع”، بحيث يبتعد عن السؤال الأصلي، ويبدأ في مهاجمة شخص آخر أو جهة أخرى، أو في طرح معلومات ثانوية لا علاقة لها بالنقاش. هذا الأسلوب يهدف إلى تشتيت الانتباه، وإعطاء انطباع بأن لديهم حجج قوية، بينما الواقع يُظهر العكس.
كما أن تتبع ردودهم عبر وسائل التواصل يوضح أنهم يعتمدون على إعادة نشر محتوى إعلامي محدد، وغالبًا من مصادر خليجية أو غربية، ويعيدون تقديمه للجمهور كأنه تحليل مستقل، في حين أنه نسخة من الخطاب الرسمي لأعداء المقاومة. هذه الطريقة تكشف عن مدى اعتماد المداخلة على وسائل الإعلام الموجهة، وعجزهم عن إنتاج تحليل مستقل يعتمد على الحقائق والتوثيق.
نستنتج من هذه الأمثلة أن المداخلة يعتمدون على ثلاثة عناصر رئيسية في النقاش: التكرار المستمر للأكاذيب، التشويش على الحقائق، واستخدام وسائل الإعلام كأداة لتأكيد سرديتهم. وكل ذلك يجعل أي نقاش معهم معقدًا، ويؤكد أنهم لا يسعون إلى الحوار الحقيقي، بل إلى فرض رؤية معينة بغض النظر عن الواقع.
وبناء على ما سبق، يتضح أن مواجهة المداخلة تتطلب استراتيجيات دقيقة: توثيق كل الحقائق، استخدام المصادر الرسمية، وعدم الانجرار وراء التهويل أو التحوير الإعلامي، والتركيز على الحقائق الثابتة. هذه الاستراتيجية تمكن من كشف الأكاذيب، وفضح منهج المداخلة أمام المجتمع، ورفع وعي الجمهور بما يحدث فعليًا على الأرض، بعيدًا عن التضليل المتعمد.
الفصل التاسع عشر: الوسائل القانونية والسياسية لمواجهة المداخلة
لمواجهة المداخلة، لا يكفي الرد على أكاذيبهم بالكلام فقط، بل يتطلب الأمر استراتيجية متكاملة تعتمد على الأدلة القانونية والسياسية، والتخطيط الممنهج لكشف أساليبهم الدعائية. أول خطوة هي التوثيق الكامل لكل تصريح، وكل منشور، وكل شائعة يروجون لها، وربطها بالمصادر الرسمية. التوثيق هو الخط الدفاعي الأول، لأنه يحمي الحقائق من التحريف، ويمنح أي نقاش مصداقية لا يمكن تجاهلها أو تفنيدها بسهولة.
تتضمن الوسائل القانونية إعداد ملفات شاملة توضح الأكاذيب المروجة ضد المقاومة، وتربط كل ادعاء بأدلة رسمية من الفصائل الفلسطينية، والتقارير الدولية، وتصريحات المسؤولين الجزائريين والدوليين. يمكن استخدام هذه الملفات في القنوات الرسمية، وفي المنابر الإعلامية، لضمان أن المعلومات الصحيحة تصل إلى الجمهور دون تشويه.
على المستوى السياسي، من الضروري بناء حاضنة قوية للوعي العام، تقوم على شرح الحقائق بوضوح، وكشف الأدوات التي يستخدمها المداخلة لتشويه الحقائق. يشمل ذلك تحليل سياسات الدول التي يقفون خلفها، وعرض تأثير تلك السياسات على الوضع الإقليمي، وبيان كيف تحاول هذه الأطراف التأثير على الرأي العام العربي من خلال حملات تضليل ممنهجة.
استخدام القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية يعد وسيلة قوية أخرى. فكل ادعاء كاذب يمكن أن يُرد عليه برسائل رسمية، أو بيانات موثقة، أو حتى مرافعات قانونية في المحافل الدولية إذا اقتضت الحاجة، بهدف توضيح الصورة الحقيقية وقطع الطريق أمام أي تحريف أو تشويه.
التواصل المستمر مع وسائل الإعلام الموثوقة، وخاصة تلك التي تتبع المعايير المهنية العالية، يضمن وصول الحقائق بشكل مباشر للجمهور. يمكن أيضًا إنشاء منصات رقمية توثق الأحداث والبيانات الرسمية، وتكشف الأكاذيب بشكل منهجي، مع تقديم تحليلات دقيقة وموثقة لكل شائعة يتم ترويجها.
توظيف الخبراء القانونيين والسياسيين في إعداد الردود، ومراجعة كل بيان قبل نشره، يزيد من قوة الموقف، ويجعل أي محاولة من المداخلة للرد ضعيفة ومتكالبة. كما أن إشراك مؤسسات المجتمع المدني، والمنظمات الإعلامية المستقلة، يزيد من قوة الردود، ويكسر أسطورة “الحقيقة المطلقة” التي يحاول المداخلة فرضها على الجمهور.
على الصعيد الداخلي، نشر الوعي بين المواطنين، وشرح أساليب المداخلة في التحوير والتشويه، يعزز المناعة الفكرية للمجتمع، ويجعل أي ادعاء كاذب أقل تأثيرًا. التوعية يجب أن تكون مستمرة، باستخدام الأمثلة الواقعية، وتحليل كل شائعة على حدة، وربطها بالحقائق التاريخية والسياسية المعروفة.
إن العمل السياسي والقانوني المتكامل، مع التوثيق الدقيق، والتحليل الذكي، والتواصل الإعلامي الفعّال، يشكل أدوات قوية لمواجهة المداخلة، ويضمن الحفاظ على صورة المقاومة وسمعتها، وحماية الرأي العام من التضليل. فبذلك يمكن تحويل كل هجمة دعائية إلى فرصة لتوضيح الحقائق، وتعليم الجمهور كيف يميز بين الحقيقة والزيف، وبناء وعي جماعي قوي لا يستطيع المداخلة اختراقه بسهولة.
الفصل العشرون: الخاتمة
بعد استعراض كل الفصول السابقة، يتضح أن المداخلة ليسوا مجرد مجموعة من الآراء المتفرقة، بل هم تيار فكري وسياسي منهجي، يسعى لتشويه المقاومة الفلسطينية، وتهميش جهود الإخوان المسلمين، وإضعاف أي صوت مستقل يعبر عن الحق. وقد بينت الفصول كيف يستخدمون الأكاذيب، والشائعات، والتحريف الإعلامي، لزرع الشك في عقول الجمهور، والابتعاد عن الحقيقة التاريخية والسياسية.
مواقف الجزائر، كما تناولنا، كانت دائمًا واضحة ومستقلة، داعمة للحق الفلسطيني، وملتزمة بالقوانين الدولية، ومدافعة عن المقاومة على المستويين السياسي والدبلوماسي. استضافة الجزائر لوفود حماس، وتنسيقها في الأمم المتحدة، وتعديلها للقرارات لضمان مصالح الفلسطينيين، يعكس قوة موقفها ووضوح رؤيتها.
لقد كشف الكتاب أيضًا حجم التضليل الذي يمارسه المداخلة، وكيف يكررون روايات الدول الغربية والخليجية، مستخدمين أساليب ممنهجة لتشويه الحقيقة. تبين أن كل ادعاء عن “سرقة نصف مليار دولار” أو “مجهولية الهوية” لا يمت للحقيقة بصلة، بل هو جزء من آلة دعائية تهدف إلى تدمير الوعي العام وتشويه سمعة المقاومة.
الهدف من هذا الكتاب هو تمكين القارئ من فهم طبيعة المداخلة، وأصول أفكارهم، وأساليبهم في التشويه والتضليل، وتوضيح مواقف الجزائر المقاومة لكل محاولات الحرف والتشويه. كما أنه يوضح الفرق الجوهري بين الدعم السياسي الشرعي والتمثيل الرسمي للدول، وبين الأكاذيب التي يروجها المداخلة لتضليل المجتمع.
في النهاية، يبقى درس الكتاب أن المعرفة والتوثيق والتحليل الموضوعي هي السلاح الأقوى في مواجهة الأكاذيب. فالمقاومة ليست مجرد فكرة، بل حق مشروع للشعوب المقهورة، والجزائر ليست مجرد دولة، بل نموذج للقرار المستقل والوعي السياسي الحقيقي. مواجهة المداخلة ليست مجرد نقاش، بل هي ضرورة لحماية الرأي العام، وإعادة الاعتبار للحقائق التاريخية والسياسية، وإظهار الحقيقة كما هي، بلا تشويه ولا تحريف.
كما قال الله تعالى في محكم التنزيل:
"أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ"
هذه الآية تدعونا للتأمل والنظر بعين الوعي والفهم، وعدم الاكتفاء بما يُروّج لنا من أكاذيب أو تحريفات، لأن العقل الواعي هو القادر على التمييز بين الحقيقة والزيف، وهو السلاح الأهم للحفاظ على استقلالية الرأي وصحة المعرفة.
بهذا يختم الكتاب، بعد أن استعرض كل الأدلة والبراهين، وكشف كل التشويهات، وأكد على الحقائق التاريخية والسياسية، ودعا إلى وعي جماعي حقيقي، لا يستطيع المداخلة أو غيرهم تشويهه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق