الخميس، 14 مارس 2024

هل يجوز إخراج زكاة الفطر قيمة ومالاً ؟

 #تأصيل_فقهي لآراء وأدلة ومناقشة وترجيح مسألة #زكاة_الفطر تفصيلا |


📚✍️ هل يجوز إخراج زكاة الفطر قيمة ومالاً ؟
وهل تجزئ القيمة عند ذلك؟ أم يجب أن نخرجها طعاماً ؟ ومتىٰ تجوز القيمة فيها ؟ وهل تجوز القيمة مطلقاً ؟ أم لعذر أو مصلحة ؟ وما هى أقوال الفقهاء فى المسألة ؟ وهل يمكن الجمع بين مذاهب العلماء بالجواز والمنع ؟
✍️ الحمد لله وحده لا شريك له والصلاة والسلام على من لا نبى بعده .... ثم أما بعد
إن مسألة إخراج القيمة فى زكاة الفطر وغيرها من الزكوات من المسائل المختلف فيها بين أهل العلم قديماً وحديثاً ولكن المشهور هو تكرار المسألة فى زكاة الفطر بصورة موسمية وكأن الناس يخرجون زكاتهم لأول مرة فى الإسلام ويتجدد التنازع والخلاف حول زكاة الفطر فى كل عام ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
✍️ وقبل أن أذكر أقوال الفقهاء فى المسألة يجب علينا أولاً أن نسلم بعدة أمور فى غاية الأهمية لكى نقف على فهم دقيق للمسألة .
أولاً... إن الشريعة الإسلامية قامت فى الأصل على التيسير على العباد بما يجلب المصلحة ويدرء المفسدة ويسد الذرائع ولا يخفىٰ علىٰ أحد أن إخراج زكاة الفطر طعاماً أو مالاً يحقق هذا الأصل العظيم لشريعة الإسلام الغراء .
ثانياً... أن القول بإخراج زكاة الفطر
طعاماً هو قول الجمهور وليس فى المسألة إجماع ولا يخفىٰ علىٰ طلاب العلم فضلاً عن العلماء أن الإنكار يكون فى المجمع عليه لا فى المختلف فيه بين فقهاء وعلماء الأمة .
ثالثاً... إن فى المسألة خلاف سائغ تحتمله النصوص والأدلة ومن قال بأنه لا مسوغ للخلاف فكأنه ينكر ويعطل مذهب السادة الحنفية بأكمله وكل من تبعهم فيه ولقد بلغت أدلة الحنفية على جواز القيمة ما يقرب من ثلاثين دليلا يقوى بعضها بعضا .
رابعاً... إن الأصل فى زكاة الفطر إخراجها طعاماً وإخراج القيمة متفرع عن هذا الأصل مطلقاً أو عند الحاجة أوالضرورة أو لمصلحة أو لعذر وحيث أن الطعام أو المال كلاهما ينفع الفقير وعلىٰ ذلك فالقيمة تجزئ كما يجزئ الطعام والمتعمق فى المسألة يجد أن الخلاف لفظى وغير حقيقى ومن ثم فالأصل فى الإختلاف فى مثل هذه المسألة أنه لا يفسد المودة بين المتنازعين فكل منهما محسن ولا تثريب عليه.
خامساً... إن البخارى عليه رحمة الله أخرج فى صحيحه أحاديث إخراج زكاة الفطر طعاماً وهو نفسه عليه رحمة الله أخرج من الأحاديث والآثار ما يدل على جواز إخراج القيمة واختار ذلك وبوب له باباً كاملاً فى صحيحه ومجرد وجود هذه الأدلة عند البخارى حجة على من يمنع جواز إخراج القيمة المالية فى زكاة الفطر.
سادساً... إن القول بتحريم القيمة وعدم إجزائها حكم شرعى خطير يترتب عليه بطلان زكاة كل من أخرجها ويخرجها قيمة أو مالاً ولا يخفىٰ علىٰ أحد أن الذين يخرجون زكاة الفطر مالاً هم أكثر الأمة الإسلامية والحق أنه ليس هناك دليل قطعى واحد على تحريم القيمة وعدم إجزائها فالذى يقول بتحريم القيمة وعدم إجزائها هو المطالب بالدليل على ذلك فالقول فى الحلال والحرام يحتاج إلى نص قطعى الثبوت والدلالة
سابعاً... إن الناظر إلى المعنى الحاصل من زكاة الفطر وغيرها من الزكوات يجد أن غايتها العظمىٰ سد حاجة الفقير فماذا لو لم يسد الطعام حاجته وقد تيقنا من وجود ذلك بين الناس حتىٰ بات أمراً يقينياً مشاهداً فإخراج القيمة عندئذ متجه لانعدام انتفاع الفقيربالطعام
ثامناً... إن الذين قالوا بجواز إخراج القيمة فى زكاة الفطر لم ينكروا القول بإخراجها طعاماً حاشاهم ذلك وإنما أجازوا القيمة وأقروا إخراج الطعام فيسروا على الأمة العمل بالقولين وبعضهم شرط القيمة بالحاجة والضرورة كما سوف أبين ذلك بإذن الله تعالى خلال طرحى .
📙✍️ وبعد هذا التقديم والتمهيد سوف أقوم بإذن الله تعالىٰ بعرض أقوال علماء الأمة فى المسألة ثم نقوم بالترجيح والتفصيل والجمع بين الأقوال من غير إفراط ولا تفريط .
✍️ ومن خلال مراجعة هذه المسألة من بطون كتب فقهاء الأمة من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين تبين لى أن أقوالهم تدور على ثلاثة
مذاهب 1 منع القيمة 2 جواز القيمة
3 التوسط والتفصيل
✍️ وإليك عرض هذه الأقوال باختصار شديد من غير إخلال بالمادة العلمية بإذن الله تعالىٰ .
📚 القول الأول (( جواز القيمة فى زكاة الفطر وفى غيرها من الزكوات ))
✍️وهذا القول على رأسه الإمام أبو حنيفة عليه رحمة الله والصاحبان أبو يوسف ومحمد والإمامان اسحاق وأبو ثور ونقل ذلك عن معاوية وأكثر الصحابة فى عهده رضوان الله عليهم جميعاً والحسن البصرى وأبو اسحاق السبيعى وعمربن عبدالعزيز عليه رحمة الله والثورى وعطاء وهو اختيار الإمام البخارى رحمه الله وأحد الروايتين عن الإمام الشافعى عليه رحمة الله وقال به جماعة من فقهاء المالكية كابن حبيب وابن أبى حازم وابن دينار وابن وهب وبعض أئمة الزيدية وغيرهم الكثير من فقهاء الأمة عليهم جميعاً رحمة الله غير أن بعضهم جعل جواز القيمة مطلقاً وبعضهم قيده بالحاجة والضرورة وسوف أبين ذلك بإذن الله فى القول الثالث والجمع بين الأقوال .
✍️ قلت... وهذا المذهب👆هو المعتمد فى دار الإفتاء المصرية وعليه العمل والفتوىٰ فى مصرنا الحبيبة 🇪🇬 وأغلب الدول العربية والإسلامية فى شتىٰ الأمصار والأقطار .
✍️ ولقد استدل أصحاب هذا المذهب بأدلة كثيرة بلغت ما يقرب من ثلاثين دليلاً ذكرها الإمام أبو حنيفة عليه رحمة الله يقوى بعضها بعضاً ولا يتسع المقام لذكرها وسوف أكتفى بذكر دليلين كلاهما عند البخارى عليه رحمة الله حيث اختار الإمام البخارى جواز القيمة وذكر أدلة الجواز فى باب سماه (باب العرض فى الزكاة) 👈 قال ابن حجر عليه رحمة الله فى فتح الباري قال ابن رشيد وافق البخارى عليه رحمة الله الحنفية فى مسألة جواز إخراج القيمة مع كثرة مخالفته لهم ولكن قاده إلىٰ ذلك الدليل إلى مراعاة المصلحة........
👈 قال النووى فى المجموع واحتج المجوزون للقيمة بحديث معاذ رضى الله عنه وهو عند البخارى حيث أخذ الثياب فى الصدقة مكان الشعير والذرة من أهل اليمن وكذلك بالحديث الصحيح عن أنس رضى الله عنه عند البخارى أن أبو بكر الصديق رضى الله عنه كتب له حين وجهه إلى البحرين ......... وفيه جواز إعطاء سن فى زكاة الإبل بدل سن آخر وفيه جواز أخذ العرض بدل الواجب 👈 قال ابن حزم رحمه الله وهذا الحديث فى نهاية الصحة وعمل أبي بكرٍ الصديق رضى الله عنه بحضرة جميع الصحابة رضوان الله عليهم ولا يعرف له منهم مخالف أصلاً 👈قلت... ولو كان ذلك يخالف فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما أقدم عليه صاحبه فى الغار وصديق الأمة ولأن القيمة مال فاشبهت المنصوص عليه ولأنه لما جاز العدول عن العين إلى الجنس بالإجماع جاز العدول من جنس إلى جنس وعليه فيجوز العدول عن الطعام إلى القيمة فى زكاة الفطر .
... وغير ذلك من الأدلة وما أكثرها وإن ماذكرته يكفى فى بيان أن فى المسألة خلاف سائغ تحتمله الأدلة وعليه أجاز كثير من فقهاء الأمة القيمة مطلقاً وبعضهم قيدها بالحاجة .
📚 القول الثانى (( لا يجوز إخراج القيمة ))
✍️وهذا القول هو قول الجمهور من المالكية والمشهور من مذهب الشافعية والمنصوص عليه فى مذهب الإمام أحمد عليهم جميعاً رحمة الله
👈 قال النووى فى المجموع واحتج المانعون للقيمة أن النصوص وردت بإخراجها طعاماً ومنها ما هو فى الصحيحين من حديث ابن عمر وابن عباس وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم جميعاً ولا يجوز العدول عن الطعام إلى القيمة 👈 واستدل بمثل ذلك صاحب الحاوى الكبير الماوردى وإمام الحرمين الجوينى فى الأساليب واختاره ابن حزم عليهم جميعاً رحمة الله .
قلت... ومع كون هؤلاء الفقهاء الأجلاء منعوا القيمة إلا أنه لم ينقل عن واحد منهم أنه صرح أو قطع بتحريم القيمة وعدم إجزائها وكل النصوص عنهم تحتمل المنع فحسب ولا تحتمل التحريم وعدم الإجزاء فى القيمة ومن عنده نص يصرح بذلك عن هؤلاء الأئمة الأعلام فليخرجه لنا .
✍️وولله إنى لأتعجب من الذين يصرحون بالتحريم فى مسألة لم يصرح فيها من هو أكثر منهم علماً وفهماً وفقهاً وورعاً بل تجرأ بعض هؤلاء على من أخرج زكاة فطره مالاً ورموه بالفسق والإبتداع ولا حول ولاقوة إلا بالله 😔
📚 القول الثالث (( التوسط والتفصيل فى المسألة فلا تجوز القيمة مطلقاً ولا تمنع مطلقاً ولكن تدور مع الحاجة والضرورة والعذر ))
✍️ ونقل هذا القول النووى فى المجموع عن اسحاق ابن راهويه وأبو ثور عليهما رحمة الله وعليه جمع من علماء الشافعية.
وسفيان الثورى عليه رحمة الله ومذهب بعض فقهاء المالكية كابن دينار وابن وهب عليهما رحمةالله وهو قول للإمام أحمد عليه رحمة الله فى أحد الروايتين عنه واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية فى مجموع الفتاوىٰ ونقله ابن القيم رحمه الله فى الاختيارت الفقهية لابن تيمية رحمه الله
👈 قلت والقول بأن هذا القول ليس من كلام ابن تيمية رحمه الله أمر لا يقبله عقل إذ كيف نشكك فى نسبته إليه وهو فى قلب مجموع الفتاوىٰ ونقله غير واحد من تلاميذه فى الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدىٰ تلاميذه أم أنهم ينتقون من مذهب ابن تيمية ما يؤيد قولهم ويردون ما لا يتوافق مع مذهبهم فيا للعجب العجاب !!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟
✍️ وأصحاب هذا القول جميعاً توسطوا بين الأدلة وفصلوا القول فى المسألة فأجازوا القيمة فى زكاة الفطر لمصلحة راجحة للفقير أو تحصيل منفعة للفقير بالقيمة والمال لا تتحقق بالطعام والقوت .
👈 قلت... وتفاوت المصالح وتحصيل المنافع وتنوع الحاجات يختلف من فقير إلىٰ آخر فننظر لحال الفقير فإن كانت حاجته للطعام أكثر من حاجته للمال عندها تخرج زكاة الفطر طعاماً وإن كانت حاجته للمال أكثر من حاجته للطعام عندها تخرج زكاة الفطر مالاً .
👈 قلت... وقد تتعارض مصلحة الفقير مع احتياجه فمثلاً يحتاج إلى المال ولكنه سينفقه فى محرم كخمر أو مخدرات أعزكم الله وعندئذ نعطيه الطعام ولا نعطيه المال لأن الطعام سيكون هو الأصلح له من المال
👈قلت... وقد يكون الطعام أنفع للفقير مثلاً عند ارتفاع أسعار الطعام وغالب القوت فعندها نخرج زكاة الفطر طعاماً من غالب القوت كالأرز والمكرونة مثلاً فهو أنفع للفقير من المال فى هذه الحالة وقد يكون المال أنفع له فمثلاً عنده طعام وافر ولا يجد ثمن الدواء أو الكساء سواء له أو لأهله فيكون المال أنفع له ولأهله .
👈قلت... والقول بأن زكاة الفطر لا تغنى الفقير بل هى لسد حاجته فى يوم العيد قول فيه نظر حيث أن الواقع يناقضه فنحن نشاهد الفقراء يرزقون من فضل الله بمال كثير من زكاة الفطر قد يسد حاجتهم لعدة شهور بل بعضهم يدخر هذا المال لينفقه علىٰ حاجة له أو لأهله ومع كون إغناء الفقير يكون بزكاة المال فى الأصل إلا أن المشاهد بين الناس أن من الفقراء من يأتيه من الأموال فى زكاة الفطر أضعاف ما يأتيه من زكاة المال بل من الفقراء من لا يأتيه شئ من زكاة المال أصلاً ومن ثم ينتظر زكاة الفطر من العام إلى العام ليأتيه من مال الله ما قدر الله له من رزق .
📚📚 (( الخلاصة فى المسألة ))
✍️ أما عن خلاصة القول فى مسألة جواز القيمة فى زكاة الفطر فسوف تسطر على لسان علماء الأمة من الفقهاء والمحدثين من سلف الأمة وخلفها وسوف أكتفى فقط بالتعقيب أو التعليق على هامش أقوالهم .
📚👈 قالا الإمامان اسحاق وأبوثور عليهما رحمة ونقل ذلك النووى فى المجموع (لا تجزئ القيمة فى الفطرة إلا عند الضرورة)
👈قلت... وما أكثر الضرورات بين عباد الله وما أكثر صورها .... والذين يزعمون أنه ليس هناك ضرورة من دفع زكاة الفطر مالاً لا يعلمون شيئاً عن فقراء الأمة من العرايا الذين لا يجدون كساء ومن العوانس ممن يتوقف زواجهن على قليل من المال تكمل به جهاز عرسها فربما تكون أنت أو أنا أوهو سبباً فى تفريج همها ..... من يزعم أنه لا توجد ضرورة تيجيز المال والقيمة فى زكاة الفطر لا يسمع أنين المرضى من المسلمين فى بيوتهم وفى المستشفيات ممن لا يجد ثمن العلاج أو ينتظر زكاة الفطر ليجمع تكاليف عملية جراحية فيتحمل شدة الألم لأنه ليس لديه ما يكفى من المال لإجراء عمليته فقد تكون أنت أو أنا وغيرنا من المسلمين سبباً فى تخفيف آلامه ....والضرورة تقدر بقدرها ومن المستحيل أن تتوقف على ضرورة أو حاجة كل فقير حيث أن العالم بحاجات عباده هو الخالق وحده ثم الفقير صاحب الحاجة نفسه ... وقد تلحق الضرورة بالغنى أيضاً كما تلحق بالفقير... كأن يجبر على دفع زكاة الفطر مالاً من قبل الحاكم أو يجد مشقة فى إخراج الطعام فمثلاً يسكن بعيداً عن المتاجر والأسواق ويشق عليه شراء الطعام لزكاة فطره فعندئذ يخرجها مالاً أو وجد زحاماً شديداً على الطعام فى الأسواق (( بسب الحظر فى وباء كورونا مثلاً رفعه الله عن الأمة )) أو منعت الحكومة الخروج من المنازل خوفاً على الناس وحال ذلك بينه وبين شراء الطعام وعندئذ يخرج زكاة فطره مالاً... 👈والأمثلة على ذلك لا تحصىٰ ولا تعد .
📚👈 قال ابن تيمية رحمه الله فى مجموع الفتاوىٰ ( وأما إخراج القيمة فى الزكاة والكفارات ونحو ذلك فالمعروف من مذهب مالك والشافعى أنه لا يجوز وعند أبى حنيفة يجوز وأحمد رحمه الله قد منع القيمة فى مواضع وجوزها فى مواضع فمن أصحابه من أقر النص ومنهم من جعلها على روايتين والأظهر أن إخراج القيمة لغير حاجة أو مصلحة راجحة ممنوع منه)
👈قلت... وأحد الروايتين من مذهب الإمام أحمد عليه رحمة الله هو جواز القيمة عند الحاجة والمصلحة الراجحة مطلقاً فى زكاة الفطر وفى غيرها هذا عند من أقر كلا الروايتين عن الإمام أحمد من أصحابه وبعض أصحاب الإمام اختار المشهور عنه وأقر النص بمنع القيمة فى زكاة الفطر وجوازها فى غير زكاة الفطر عند الحاجة والمصلحة الراجحة
📚👈 قال ابن القيم عليه رحمة الله فى الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدىٰ تلاميذه (يجوز إخراج القيمة فى زكاة المال وزكاة الفطر ويجوز إخراج نصف الصاع فى القمح)
📚👈 قال المرداوى فى الإنصاف وهو من أشهر فقهاء الحنابلة (يجوز بيع مال الزكاة ... أي من الأنعام والزروع والثمار وغيرهما..... يجوز بيع مال الزكاة لحاجة أو مصلحة وصرفه فى الأحظ للفقراء) أي الأنفع لهم
قلت... والمرداوى بذلك وافق الحنفية فى المسألة وكما بينت أن إحدى الروايتين فى مذهب الإمام أحمد رحمة الله عليه جواز القيمة عند الحاجة مطلقاً فى زكاة الفطر وفى غيرها خلافا لمن أقر النص من أصحابه بجوازها عند الحاجة فى غير زكاة الفطر .
📚👈 قال الشوكانى فى نيل الأوطار (الحق أن الزكاة واجبة من العين و لا يعدل عنها إلا لعذر) قلت... وما أكثر أصحاب الأعذار من الأمة والأعذار تتفاوت بين الناس وتختلف باختلاف الضرورات والحاجات فما يمثل عذرا لى قد لا يصح عذراً لك والعكس قد يأتى صحيحاً وقد يأتى غيرصحيح وتقييم العذر لا يصح إلا من صاحب العذر نفسه فكل إنسان أدرى بأحواله والله أعلم بأحوال عباده .
📚👈 وقال الشوكانى أيضاً فى السيل الجرار(وإذا عرض مانع من إخراج العين كانت القيمة مجزئة)
👈قلت... وذلك عام فى زكاة الفطر وفى غيرها وهو أحد الروايتين فى مذهب الإمام أحمد رحمه الله كما بينت ذلك عند من أقر الروايتين عن الإمام عليه رحمة الله وتقييد ذلك بغير زكاة الفطر ليس عليه دليل قطعى أو نص صريح عن الإمام ومن ثم فهو على ظاهره وإطلاقه فى جواز القيمة فى زكاة الفطر وفى غيرها عند الحاجة .
📚👈قال ابن مفلح عليه رحمة الله فى الفروع وهو من أعلم فقهاء زمانه بمذهب الإمام أحمد وكان ابن تيمية يثنى عليه ويقول له أنت لست ابن مفلح بل أنت مفلح قال رحمه الله (وعنه.... أي عن الإمام أحمد رحمه الله.... وعنه تجزئ القيمة وعنه فى غير زكاة الفطر وعنه تجزئ للحاجة وقيل للمصلحة)
📚📚 (( الترجيح والجمع بين الأقوال ))
✍️ ومما سبق يتبين لنا أننا أمام مسألة خلافية نقل الخلاف فيها عن سلف الأمة وخلفها ولذا فإن الأمر فيه سعة 👈 وإن من الواجب فى هذه المسألة أو مثلها عدم الإنكار على المخالف حيث له مسوغ فى ذلك وغاية الأمر أنه قد جاء بخلاف الأولىٰ فلا إنكار عليه .
✍ ولا يعنى أبداً ترجيح كثير من أهل العلم لقول الجمهور الإنكار على المخالف فقول الجمهور على العين وعلى الرأس ولكنه لا يخرج عن كونه قول للجمهور ولا يقوم مقام الإجماع بأى حال من الأحوال وإنما الإنكار يكون فى المجمع عليه ولا يكون فى المختلف فيه ولو نقل الإجماع فى المسألة ما مان لأحد من الأمة أن يخالف ما قام عليه الإجماع أبداً لا بعذر ولا بغيره 👈 ولا يخفىٰ على أحد من طلاب العلم فضلاً عن العلماء أن بطون كتب الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه تشتمل على كثير من المسائل الفقهية التى تلقتها الأمة بالقبول واعتمدت العمل بها مع كونها لفقيه من الفقهاء على خلاف قول الجمهور ومن هذه المسائل ما يكون فى الفرض والواجب والسنة والمستحب والمندوب والمباح والمكروه وهذا أمر يعلمه جيداً المطالع لمسائل الفقه المقارن على اختلاف مذاهبه ولولا ضيق المقام لذكرت لكم عشرات المسائل على ذلك .
✍ ( والتوسط والتفصيل فى المسألة والجمع بين الأقوال سيكون فى النقاط التالية)
أولاً... أن من أخرج زكاة الفطر طعاماً من غالب قوت بلده فإنه بذلك على صواب وقد جاء بالواجب ووافق السنة وأصاب الأصل فى المسألة ويجزئه ذلك بالإجماع على قول جمهور أهل العلم من فقهاء الأمة سلفاً وخلفاً .
ثانياً... أن من أخرج زكاة فطره قيمة أو مالاً لحاجة أو ضرورة أو عذر أو مصلحة راجحة فإنه على صواب وقد جاء بالواجب وأصاب فطرة الإسلام التى تأمر بالسماحة والتيسير وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمه الله واسحاق ابن راهويه والثورى واختيار الإمام البخارى عليه رحمة الله وأحد الروايتين عن الإمام الشافعى عليه رحمة الله....... وغيرهم ممن ذكرتهم فى القول الأول والثالث فارجع إليهما .
ثالثاً... أن من أخرج زكاة فطره مطلقا لعذر أو لحاجة أو من غير عذر ولا حاجة كما هو الحال بين أكثر الأمة الإسلامية فى عصرنا فإنه بذلك على صواب أيضاً وقد جاء بالواجب الذى فرضه الله وذلك يجزئه على قول كثير من أهل العلم وفقهاء الأمة من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين 👈 وهو مذهب جمهور الحنفية وبه العمل والفتوى عندهم فى زكاة الفطر وفى كل زكاة وفى الكفارات والنذور والخراج وغيرها 👈 وقال به جماعة من فقهاء المالكية كابن دينار وابن وهب رحمهما الله وعليه كثير من أئمة وفقهاء الزيدية كالإمام الناصر والمؤيد بالله 👈 وعليه اعتماد الفتوى فى دار الإفتاء المصرية 🇪🇬 ومعظم الدول الإسلامية والعربية .
✍️قلت... والقول بتحريم القيمة وعدم إجزائها يحتاج إلى نص قطعى صريح ولا يقال فيه بمجرد الرأى مهما بلغ صاحب هذا الرأى من العلم والفقه فالحلال والحرام يحتاج لنص
👈وحيث أنه ليس هناك نص أو دليل قطعى صريح يمنع من القيمة فيبقى القول بجواز القيمة وإجزائها على ظاهره مع الإيمان الجازم والإقتناع التام أن الأصل فى صدقة الفطر هو الطعام والقيمة فرع لا ينقطع عن هذا الأصل حيث النصوص عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه والتابعين تحتمل القولين وسيبقى الخلاف قائم فى المسألة إلى قيام الساعة فقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي بموت خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً
رابعاً... وأخيراً 👈 ومن خلال عرض أقوال الفقهاء فى المسألة والترجيح والتفصيل بين الأقوال يتبين لنا أن القول الثالث وهو التوسط فى المسألة هو سبيلنا للخروج من هذا الخلاف والجميع على حق وعلى صواب من أخرج الطعام مطلقاً أو أخرج القيمة مطلقاً أو أخرج القيمة لحاجة أومصلحة فالجميع قد أخرج الواجب وكل ذلك يجزئ بإذن الله ولا يعلم المقبول من أعمال العباد إلا خالقهم سبحانه وتعالى والجميع قد أصاب فجميعهم على صواب بإذن الملك الوهاب .
👈قلت... والخطأ الوحيد فى المسألة هو الإنكار على المخالف واتهامه فى نيته وقصده وإخلاصه فهل شققتم عن قلوب الناس فعرفتم النفاق من الإخلاص ؟؟!!
👈قلت... فلا ينبغى التنازع والشقاق بسبب هذه المسألة الخلافية فى كل عام ولقد نقل الخلاف فى المسألة عن فقهاء الأمة لكن لم ينقل عنهم أبداً أنهم أنكروا على من خالفهم وقد كان الواحد منهم يسهر الليالى لا ينام ولا يذوق طعم الراحة حتى ينتهى من كتابة مسألة يجتهد فى نصوصها وأدلتها ثم ينتهى إلى قوله فيها الذى بناه على فهم دقيق من فقيه جليل وعالم ورع ثم بعد هذا التعب والعناء يقول العالم منهم (( قولى صواب يحتمل الخطأ وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب)) رحم الله علماء الأمة فقد اختلفوا بأدب فلم ينكر أحد منهم على أخيه وقد يكون تلميذه ولم يتخاصموا أو يتنازعوا بسب نصوص كل اختلف فى استنباطه للحكم منها ولذا لم يقع الشقاق بينهم أبداً س أتدرون لماذا ؟
ج لأنهم كانوا أكثر منا علماً وأدق فهماً وفقهاً وأعظم ورعاً . رحمهم الله جميعاً ☝
..............................................
📚👈 هذا ما تيسر لى جمعه وترتيبه والله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علىٰ سيد النبيين والمرسلين
.................... ........................
✍️ كتبه الفقير إلى عفوا ربه
محمد بن علي آل ناجع الشافعي المصري
أبو يزيد الأزهرى
...................
غرب إفريقيا توجو 🇹🇬 بالمى بوكاجي
.....................
الثلاثاء
١٩ رمضان ١٤٤١ من الهجرة
١٢ مايو ٥ ٢٠٢٠ من الميلاد
الرابعة والنصف فجراً
.....................
📚 أهم المصادر التى لم تذكر فى طيات البحث بين سطوره ....
📘 بدائع الصنائع للكاسانى رحمه الله
📙 المبسوط للسرخسي عليه رحمة الله
📗 الأوسط لابن المنذر رحمه الله
📒 نهاية المطلب للجوينى رحمه الله
📘هل تجزئ القيمة للشيخ المقدم أحسن الله إليه وهى رسالة تعرض الأقوال فى المسألة
ومصادر أخرى لا يتسع المقام لذكرها
....................
......................
........................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق