الجمعة، 21 يونيو 2019

ما حكم الصلاة على الميت الغائب ؟ وهل يصلى على كل غائب ؟. وكيف نصليه ؟!





ما حكم الصلاة على الميت الغائب ؟ وإذا كانت مشروعة فهل يصلى على كل غائب ؟.




نص الجواب
الحمد لله
ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى أصحابه يوم مات النجاشي ملك الحبشة رحمه الله ، فنعاه لهم ، وصفهم وصلى عليه صلاة الجنازة .
فهذا الحديث دليل على مشروعية الصلاة على الغائب ، إلا أن بعض العلماء كالحنفية والمالكية قالوا : إن هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم فلا تشرع صلاة الغائب لغيره .
وقد رد جمهور العلماء ذلك بأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل صحيح ، والأصل : أن الأمة مأمورة بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والتأسي به .
وقد اختلف العلماء القائلون بمشروعية الصلاة على الغائب ، هل تشرع الصلاة على كل غائب أم لا ؟ وكلهم يستدل بصلاة النبي صلى عليه وسلم على النجاشي .
فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه تشرع الصلاة على كل غائب عن البلد ، ولو صُلِّي عليه في المكان الذي مات فيه .
والقول الثاني : أنه تشرع الصلاة على الغائب إذا كان له نفع للمسلمين ، كعالم أو مجاهد أو غني نفع الناس بماله ونحو ذلك .
وهذا القول رواية عن الإمام أحمد ، واختارها الشيخ السعدي وبه أفتت اللجنة الدائمة .
والقول الثالث : أنها تشرع الصلاة على الغائب بشرط ألا يكون قد صُلِّي عليه في المكان الذي مات فيه ، فإن صُلِّي عليه فلا تشرع صلاة الغائب عليه .
وهذا القول رواية أخرى عن الإمام أحمد ، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، ومال إليها من المتأخرين : الشيخ ابن عثيمين .
وهذه أقوال بعض العلماء في هذه المسألة :
قال الخرشي (مالكي) (2/142) : " وصلاته عليه الصلاة والسلام على النجاشي من خصوصياته " انتهى .
ونحوه في " بدائع الصنائع " للكاسائي ( حنفي ) ( 1/ 312) .
وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/211) : " مذهبنا جواز الصلاة على الغائب عن البلد ، ومنعها أبو حنيفة . دليلنا حديث النجاشي وهو صحيح لا مطعن فيه وليس لهم عنه جواب صحيح " انتهى بتصرف .
وقد قيَّد الشافعية جواز الصلاة على الغائب بقيد حسن وهو أن يكون المصلِّي على الميت من أهل الصلاة عليه يوم مات .
قال زكريا الأنصاري رحمه الله في "أسنى المطالب" (1/322) : " وإنما تجوز الصلاة على الغائب عن البلد لمن كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم موته " انتهى بتصرف يسير .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إلا أن بعض العلماء قَيَّده بقيد حسن قال : بشرط أن يكون هذا المدفون مات في زمن يكون فيه هذا المصلي أهلا للصلاة .
مثال ذلك : رجل مات قبل عشرين سنة ، فخرج إنسان وصلى عليه وله ثلاثون سنة فيصح ؛ لأنه عندما مات كان للمصلي عشر سنوات ، فهو من أهل الصلاة على الميت .
مثال آخر : رجل مات قبل ثلاثين سنة ، فخرج إنسان وله عشرون سنة ليصلي عليه فلا يصح ؛ لأن المصلي كان معدوما عندما مات الرجل ، فليس من أهل الصلاة عليه .
ومن ثمَّ لا يشرع لنا نحن أن نصلي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وما علمنا أن أحدا من الناس قال : إنه يشرع أن يصلي الإنسان على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، أو على قبور الصحابة ، لكن يقف ويدعو " انتهى من "الشرح الممتع".
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/195) : " وتجوز الصلاة على الغائب في بلد آخر بالنية فيستقبل القبلة , ويصلي عليه كصلاته على حاضر , وسواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن , وسواء كان بين البلدين مسافة القصر أو لم يكن . وبهذا قال الشافعي " انتهى .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (2/533) : " ( ويصلي على الغائب بالنية ) هذا المذهب مطلقا ( يعني سواء صُلِّي عليه أم لا ، وسواء كان له نفع عام للمسلمين أم لا ) , وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم , وعنه [أي عن الإمام أحمد] : لا تجوز الصلاة عليه .
وقيل : يُصَلَّى عليه إن لم يكن صُلِّي عليه , وإلا فلا ، اختاره الشيخ تقي الدين , وابن عبد القوي " انتهى .
وقال الشيخ البسام رحمه الله في "نيل المآرب" (1/324) :
" اختلف العلماء في الصلاة على الغائب ، فذهب أبو حنيفة ومالك وأتباعهما إلى أنها لا تشرع ، وجوابهم عن قصة النجاشي والصلاة عليه أن هذه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم.
وذهب الشافعي وأحمد وأتباعهما إلى أنها مشروعة ، وقد ثبتت بحديثين صحيحين ، والخصوصية تحتاج إلى دليل ، وليس هناك دليل عليها ، وتوسط شيخ الإسلام فقال : إن كان الغائب لم يُصَلَّ عليه مثل النجاشي ، صُلِّيَ عليه ، وإن كان قد صُلِّيَ عليه ، فقد سقط فرض الكفاية عن المسلمين.
وهذا القول رواية صحيحة عن الإمام أحمد ، صححه ابن القيم في الهَدْي ، لأنه توفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم أناس من أصحابه غائبين ، ولم يثبت أنه صلى على أحد منهم صلاة الغائب.
ونقل شيخ الإسلام عن الإمام أحمد أنه قال : إذا مات رجل صالح صلي عليه ، واحتج بقصة النجاشي.
ورجح هذا التفصيل شيخنا عبد الرحمن السعدي يرحمه الله تعالى ، وعليه العمل في نجد ، فإنهم يصلون على من له فضل ، وسابقة على المسلمين ، ويتركون من عداه ، والصلاة هنا مستحبة " انتهى .
وقَالَ الْخَطَّابِيِّ : " لا يُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ إلا إذَا وَقَعَ مَوْتُهُ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ , وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ من الشافعية , وَتَرْجَمَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُد فِي "السُّنَنِ" فَقَالَ : بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَلِيهِ أَهْلُ الشِّرْكِ فِي بَلَدٍ آخَرَ . قَالَ الْحَافِظُ : وَهَذَا مُحْتَمَلٌ " انتهى من "فتح الباري" .
وسئلت "اللجنة الدائمة" (8/418) : أيجوز أن نصلي صلاة الجنازة على الميت الغائب كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع حبيبه النجاشي ، أو ذلك خاص به ؟
فأجابت : " تجوز صلاة الجنازة على الميت الغائب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك خاصاً به ، فإن أصحابه رضي الله عنهم صلوا معه على النجاشي ، ولأن الأصل عدم الخصوصية ، لكن ينبغي أن يكون ذلك خاصاً بمن له شأن في الإسلام ، لا في حق كل أحد " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه صلى على النجاشي صلاة الغائب ، وسبب ذلك أنه ما كان هناك أحد من المسلمين يصلي عليه ، وواقع المسلمين الآن يموتون جماعة وبالتأكيد لم يصل عليهم كما هو حاصل في وقتنا الحاضر يعني أتأكد أنه ما يصلى عليهم ؟
فأجاب فضيلته بقوله : " إذا تأكدت أنه لم يصل عليهم فصل عليهم ، لأن الصلاة فرض كفاية . لكن ربما أهله صلوا عليه ، لأن الصلاة على الميت تكون بواحد ، على كل حال إذا تأكدت أن شخصا ما لم يصل عليه فعليك أن تصلي عليه لأنها فرض كفاية ولابد منها " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (17/ 149).
وقد تبين مما سبق أن الصلاة على الغائب مشروعة ، لما ثبت من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على النجاشي ، وأنه لم يقم دليل على أن ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم .
لكن أعدل الأقوال في هذه المسألة قولان :
الأول : أنه لا يصلى إلا على من لم يُصل عليه .
والثاني : أنه يُصلَّى على من له منفعة للمسلمين ، كعالم نفع الناس بعلمه ، وتاجر نفع الناس بماله ، ومجاهد نفع الناس بجهاده ، وما أشبه ذلك .
والله أعلم .




كيفية صلاة الغائب
 إنّ صلاة الغائب تُوافق صلاة الجنازة من حيث الشروط، والأركان، والأحكام، والسنن، والهيئة أو الكيفية التي يُصلى بها، فكلاهما عبادة يتقّرب فيها العبد إلى الله -سبحانه وتعالى- بالصلاة على الميّت، حيث يُؤديها المسلم وهو قائم من غير سجود ولا ركوع، ولكن تختلف صلاة الغائب عن صلاة الجنازة في تعذّر تواجد جثمان الشخص المتوفى في مكان أداء الصّلاة نفسه، 
وفيما يأتي سيتمّ بيان كيفية صلاة الغائب:
 استقبال القبلة.
 استحضار النيّة، 
 ومن صيغها: "نويّت أن أُصليَّ فرض صلاة الغائب على الميت"،
 وتُقال عند التكبير. تكبير تكبيرة الإحرام، وصيغتها: "الله أكبر"، مع رفع اليدين.
 تكبير التكبيرة الأولى، وصيغتها: "الله أكبر"، مع رفع اليدين. تلاوة سورة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى سرًا.
 تكبير التكبيرة الثانية، وصيغتها: "الله أكبر"، مع رفع اليدين. تلاوة الصلاة الإبراهيمية، وصيغتها: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليّت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك اللهّم على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركتَ على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين، إنّك حميدٌ مجيد". 

تكبير التكبيرة الثالثة، وصيغتها "الله أكبر"، مع رفع اليدين. الدعاء للميّت بالرحمة والمغفرة، ومن الأدعيّة المتواترة، دعاء النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-: "اللهّم اغفر لحيّنا وميّتنا، وشاهدنا، وغائبنا، وصغيرنا، وكبيرنا، وذكرنا، وأنثانا، اللهّم من أحييّته منّا فأحيِّه على الإسلام، ومن توفّيتَه منّا فتوفّه على الإيمان"، كما يجوز الدعاء للميّت بأي صيغة من  صيغ الأدعية، كأن يدعي له بدعاء النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: " اللهّم اغفر له وارحمه، وعافِه واعفُ عنه، وأكرم نُزله، وَوَسِع مُدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقّه من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدّنس، اللهّم أبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خير من زوجه، اللهّم أدخله الجنّة، اللهّم أعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدّجال، اللهم افسح له في قبره، ونوّر له فيه، اللّهم لا تحرمّنا أجره، ولا تفتّنا بعده، واغفر لنا وله". تكبير التكبيرة الرابعة، وصيغتها: "الله أكبر"، مع رفع اليدين. الدعاء للمسلمين بشكل عام، ومن الأدعيّة المتواترة: "اللهّم لا تحرمنّا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله". 

التسليم عن اليمين، والشمال، وصيغتها " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته". أهمية صلاة الغائب إنّ من كَرَمِ الله -سبحانه وتعالى- على عباده، ثوابه العظيم الذي يحظى به كل مسلم قام بأداء صلاة الغائب أو الجنازة على غيره من أموات المسلمين، 
ودليل ذلك ما رُوي عن أبي هريرة -رضيّ الله عنه-، عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " من شَهِدَ الجنازة حتى يُصلى عليها، فله قيراط، ومن شَهِدَهَا حتى تُدفن، فله قيراطان، قيل: وما القيراطان يا رسول الله، قال: مثل الجبلين العظيمين". - مُتفق عليه-.


صلاة الغائب على من تمت الصلاة عليه حاضرا
السؤال: كثيراً ما يحدث عندنا أن ينقل إلينا خبر وفاة شخص ما في أحد الأقطار الإسلامية فيطلب منا أن نصلي عليه صلاة الغائب، وذلك ابتغاء للأجر، وقد تكرر هذا الأمر كثيراً، فاعترض علينا بعض الإخوة بعدم جواز هذه الصلاة، وذلك لأن المتوفى قد صُلي عليه في بلده، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه أنه صلى على ميت صلاتين، وبناءً على ذلك يكون عملنا من قبيل الابتداع في دين اللَّه تعالى.
فسؤالنا هو: هل يجوز لنا أن نصلي صلاة الغائب على شخص قد صليت عليه صلاة الجنازة في بلده؟
الجواب:
 لا خلاف بين أهل العلم أن الأصل في صلاة الجنازة أن تكون على ميت حاضر، وأن توضع بين يدي الإمام والمصلين معه، كما ثبت ذلك في السنة القولية والفعلية والتقريرية. فأما الصلاة عليه وهو غائب فقد ثبتت أحاديث صحاح مشهورة متفق عليها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي حين مات بأرض الحبشة، فنعاه إلى المسلمين وقال: «قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم فصلوا عليه»، قال جابر بن عبداللَّه: فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ونحن صفوف. وفي رواية قال: «إن أخاً لكم قد مات، فقوموا فصلوا عليه»([1]).
والصلاة على الميت دعاء ورحمة، ينتفع بها الغائب كما ينتفع بها الحاضر، وهذا معنى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وهو غائب، وهو مذهب الشافعية والمعتمد عند الحنابلة.
نتيجة بحث الصور عن حكم صلاة الغائب على الميت
ولا يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي لأنه لم يصل عليه أحد، فإنه لم يأت في الأحاديث أنه لم يصل عليه أحد، بل عللت الصلاة عليه بكونه رجلاً صالحاً، ولم تعلل بكونه لم يصل عليه أحد.
كذلك الصلاة على من صُلّي عليه مشروعة أيضاً، كما ثبت عن يزيد بن ثابت أخي زيدٍ قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل: فلانة فعرفها. فقال: «ألا آذنتموني بها »؟ قالوا: يا رسول اللَّه كنت قائلاً([2]) صائماً، فكرهنا أن نؤذيك. فقال: «لا تفعلوا، لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به، فإن صلاتي عليه رحمة» ثم أتى القبر، فصففنا خلفه، وكبر عليها أربعاً([3]).
فرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كرر الصلاة على ميت بعد دفنه بعد أن صلى عليه أصحابه.
فخلاصة الذي نراه جواز الصلاة على الغائب ما لم يتخذ عادة، واتخاذه عادة غير مشروع فإن الأمة لم تعرف الصلاة على كل ميت غائب، إنما كانوا يفعلون ذلك لمن كان له اعتبار خاص عند المسلمين، كالنجاشي لما له من نصرة المسلمين الذي هاجروا إليه للحبشة، وكالمرأة السوداء التي كانت تنظف مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لما لها من المعروف للمسلمين([4]).
ونذكر إخواننا بأن هذه المسألة من مسائل الخلاف، فلا ينكر فيها على المخالف ولا يصح وصفها بالبدعة.
———————
([1]) أخرجه البخاري (رقم: 1257، 3664) والرواية الأولى له، ومسلم (رقم: 952) والرواية الأخرى له، من حديث جابر بن عبداللَّه.
([2]) من القيلولة، وهي: الاستراحة نصف النهار.
([3]) أخرجه النسائي (رقم: 2022) وابن ماجة (رقم: 1528) من حديث يزيد بن ثابت أخي زيد بن ثابت.
([4]) كما في حديث أبي هريرة: أن امرأة سوداء كانت تقمُّ المسجد، أو شاباً، ففقدها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات، قال: «أفلا كنتم آذنتموني؟» قال: فكأنهم صغَّروا أمرها، أو أمره، فقال: «دلوني على قبره» فدلوه، فصلى عليها، ثم قال: «إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن اللَّه عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم» متفق عليه، البخاري (رقم: 446، 448، 1272) ومسلم (رقم: 956).

السؤال : 

ما حكم صلاة الغائب على الميت مع أنه تمت الصلاة عليه؟

الجواب :

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 
 تجوز صلاة الجنازة على الميت الغائب عن البلد؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعاً).
فتشرع الصلاة على كل غائب عن البلد شق على الناس حضور جنازته، ولو صُلي عليه في المكان الذي مات فيه، كما هو مذهب السادة الشافعية والحنابلة.
جاء في "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني رحمه الله: "يُصلى على الغائب عن البلد، وإن قربت المسافة ولم يكن في جهة القبلة، خلافاً لأبي حنيفة ومالك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم "أخبر الناس وهو بالمدينة بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه وهو بالحبشة" رواه الشيخان" انتهى بتصرف يسير. 
جاء في كتب الحواشي: "المتجه أن المعتبر المشقة وعدمها، فحيث شق الحضور ولو في البلد لكبرها ونحوه صحت [يعني صلاة الجنازة على الغائب]، وحيث لا ولو خارج السور لم تصح".
ويقول ابن قدامة الحنبلي -مستدلا بحديث الصلاة على النجاشي-: "ولنا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يثبت ما يقتضي اختصاصه" [المغني].
وقال المرداوي في [الإنصاف]: "هذا المذهب مطلقاً، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم".
وبناء عليه فصلاة الغائب صحيحة وجائزة. والله تعالى أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق