💥التوسل المشروع
شيخنا: ممكن توضح لنا معنى التوسل، وما هو التوسل المشروع المتفق عليه من الكتاب والسنة ؟ جزاكم الله خيرا
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعـد:
فان معنى التوسل شرعاً كما عرفه العلماء : هو التقرب إلى الله تعالى بطاعته وعبادته وإتباع أنبيائه ورسله وبكل عمل يحبه الله ويرضاه .
وقد أتفق العلماء على أن التوسل المشروع في الكتاب والسنة الشريفة الصحيحة، ثلاثة أنواع أمر الله عباده بها وحث عليها واختلفوا في غيرها وهي كالآتي:
الأول: التوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا؛ كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني، أو يقول: أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي، ومثله قول القائل: اللهم إني أسألك بحبك لمحمد (صلى الله عليه وسلم)، فإن الحب من صفاته تعالى.
ودليل مشروعية هذا التوسل قوله عز وجل: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ] الأعراف الآية 180[. والمعنى: ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى.
ومن الأدلة قول النبيّ (صلى الله عليه وسلم) في أحد أدعيته الثابتة عنه قبل السلام من صلاته: (( اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي.. )) صحيح رواه النسائي واحمد ، ومنها أنه -عليه الصلاة والسلام- سمع رجلاً يقول في تشهده: (اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم) ، فقال (صلى الله عليه وسلم) (( قد غفر له قد غفر له )) صحيح رواه ابو داود وأحمد.
الثاني: التوسل بالأعمال الصالحة التي قام به الداعي؛ أي توسل المؤمن إلى الله عز وجل بأعماله وطاعاته المقبولة عند الله تعالى وآية القبول : أن تكون خالصة لوجهه تعالى وأن تكون بما شرّع وأمر فإذا جمعت الأعمال هذين الشرطين فهي مقبولة عند الله تعالى بإذنه، ومثاله كأن يقول المسلم: اللهم بإيماني بك، ومحبتي لك، وإتباعي لرسولك اغفر لي.. أو يقول: اللهم إني أسألك بحبي لمحمد (صلى الله عليه وسلم) وإيماني به أن تفرج عني.
ومنه أن يذكر الداعي عملاً صالحاً ذا بالٍ، فيه خوفه من الله سبحانه، وتقواه إياه، وإيثاره رضاه على كل شيء، وطاعته له جل شأنه، ثم يتوسل به إلى ربه في دعائه، ليكون أرجى لقبوله وإجابته، وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله تعالى وارتضاه، ويدل على مشروعيته قوله تعالى: الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار [آل عمران الآية16[، وقوله: ربنا آمنا بما أنزلت وتبعت الرسول فاكتبا مع الشاهدين ] آل عمران الآية53[ ، وقوله: إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ] أل عمران الآية 193[، وقوله: إنه كان فريق من عبادي يقولون: ربنا آمنا فاغفر لنا، وارحمنا، وأنت خير الراحمين ] المؤمنون الآية109[ ، وأمثال هذه الآيات الكريمات المباركات.
وكذلك يدل على مشروعية هذا النوع من التوسل ما تضمنته قصة أصحاب الغار الثلاثة الذي انسد عليهم باب الغار فتوسل كل واحد منهم بما عمل من الصالحات ، فاستُجيب لهم وانفرجت الصخرة وخرجوا ،كما يرويها عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيّ(صلى الله عليه وسلم) في الحديث المتفق عليه.
الثالث: التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح؛ كأن يقع المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى، فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى، أوالفضل والعلم بالكتاب والسنة، فيطلب منه أن يدعوا له ربه ليفرج عنه كربه، ويزيل عنه همه، فهذا نوع آخر من التوسل المشروع، دلت عليه الشريعة المطهرة، وأرشدت إليه، وقد وردت أمثلة منه في الكتاب العزيز والسنة الشريفة كما وقعت نماذج منه من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم.
فمن ذلك قوله تعالى قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ، قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يوسف 97،98] وهذه آية كريمة توضح أن توسل المؤمن بدعاء أخيه المؤمن له جائز وشرعي وهؤلاء أبناء يعقوب (عليه السلام) الذين عصوا الله تعالى في معاملة أخيهم يوسف (عليه السلام) ثم كذبهم على أبيهم بادعائهم أن الذئب أكل أخاهم وليس الأمر كذلك وبعد انكشاف الأمر شعروا بالذنب فهرعوا إلى أبيهم يسألونه أن يستغفر الله لهم وهو النبي الكريم المستجاب الدعوة وقدموا دعاءه الله لهم بالمغفرة وسيلة مقبولة عند الله تعالى.
وأما من السنة فاحاديث توسل الصحابة بدعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) بالاستسقاء كثيرة ومنها في الصحيحين فلتراجع .
ومن ذلك أيضاً ما رواه أنس بن مالك (رضي الله عنه) في صحيح البخاري أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا (صلى الله عليه وسلم) فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيُسقَون) .
قال العلماء: ومعنى قول سيدنا عمر(رضي الله عنه): إنا كنا نتوسل إليك بنبينا (صلى الله عليه وسلم) وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، أننا كنا نقصد نبينا (صلى الله عليه وسلم) ونطلب منه أن يدعو لنا، ونتقرب إلى الله بدعائه، والآن وقد انتقل (صلى الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلى، ولم يعد من الممكن أن يدعو لنا، فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس، ونطلب منه أن يدعوَ لنا.
وليس معناه أنهم كانوا يقولون في دعائهم: (اللهم بجاه نبيك اسقنا)، ثم أصبحوا يقولون بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم) : (اللهم بجاه العباس اسقنا)، لأن مثل هذا دعاء مبتدع ليس له أصل في الكتاب ولا في السّنة، ولم يفعله أحد من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، ولا يجوز لسيدنا عمر بن الخطاب العدول عن جاه الرسول الى جاه العباس إلا اذا قصد سيدنا عمر التوسل بدعاء الصالحين الاحياء، ولهذا توجه الى العباس بطلب الدعاء منه لمنزلته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أي توسل بدعائه.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في فتح الباري [2/497]: (قد بين الزبير بن بكار في "الأنساب" صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة، والوقت الذي وقع فيه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: (اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجّه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث)، قال: فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس).
قال الامام الصنعاني –رحمه الله تعالى- في سبل السلام [1/453]: (وفيه فضيلة العباس، وتواضع عمر ومعرفته لحق أهل البيت رضي الله عنهم).
وروى ابن عساكر أيضاً بسند صحيح أن الضحاك بن قيس خرج يستسقي بالناس، فقال ليزيد بن الأسود أيضاً: قم يا بكاء! زاد في رواية: (فما دعا إلا ثلاثاً حتى أمطروا مطراً كادوا يغرقون منه).
وأما ما عدا هذه الأنواع من التوسلات المشروعة الثلاث ، فلم يصح فيها حديث صحيح صريح ، تقوم به الحجة ، اللهم إلا شبهاً واحتمالات تم الرد عليها من العلماء جزاهم الله خيرا ولا مجال لذكرها في هذه الفتوى المختصرة.
👈 الخلاصة:
فالتوسل الحقيقي المشروع:
هو الذي يكون عن طريق طاعة الله تعالى وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وذلك بفعل الطاعات واجتناب المحرمات، أو بهذه الانواع الثلاثة الشرعية التي ذكرنا واتفق عليها العلماء، فهذا هو الطريق الموصل إلى رحمة الله ومرضاته، واستجابة الدعاء، وأما التوسل إلى الله بذوات المخلوقين، والاقسام على الله بهم ، فلم يرد به دليلا صحيحا صريحا تقوم به الحجة . والله تعالى أعلم
د. ضياء الدين الصالح
شيخنا: ممكن توضح لنا معنى التوسل، وما هو التوسل المشروع المتفق عليه من الكتاب والسنة ؟ جزاكم الله خيرا
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعـد:
فان معنى التوسل شرعاً كما عرفه العلماء : هو التقرب إلى الله تعالى بطاعته وعبادته وإتباع أنبيائه ورسله وبكل عمل يحبه الله ويرضاه .
وقد أتفق العلماء على أن التوسل المشروع في الكتاب والسنة الشريفة الصحيحة، ثلاثة أنواع أمر الله عباده بها وحث عليها واختلفوا في غيرها وهي كالآتي:
الأول: التوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا؛ كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني، أو يقول: أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي، ومثله قول القائل: اللهم إني أسألك بحبك لمحمد (صلى الله عليه وسلم)، فإن الحب من صفاته تعالى.
ودليل مشروعية هذا التوسل قوله عز وجل: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ] الأعراف الآية 180[. والمعنى: ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى.
ومن الأدلة قول النبيّ (صلى الله عليه وسلم) في أحد أدعيته الثابتة عنه قبل السلام من صلاته: (( اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي.. )) صحيح رواه النسائي واحمد ، ومنها أنه -عليه الصلاة والسلام- سمع رجلاً يقول في تشهده: (اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم) ، فقال (صلى الله عليه وسلم) (( قد غفر له قد غفر له )) صحيح رواه ابو داود وأحمد.
الثاني: التوسل بالأعمال الصالحة التي قام به الداعي؛ أي توسل المؤمن إلى الله عز وجل بأعماله وطاعاته المقبولة عند الله تعالى وآية القبول : أن تكون خالصة لوجهه تعالى وأن تكون بما شرّع وأمر فإذا جمعت الأعمال هذين الشرطين فهي مقبولة عند الله تعالى بإذنه، ومثاله كأن يقول المسلم: اللهم بإيماني بك، ومحبتي لك، وإتباعي لرسولك اغفر لي.. أو يقول: اللهم إني أسألك بحبي لمحمد (صلى الله عليه وسلم) وإيماني به أن تفرج عني.
ومنه أن يذكر الداعي عملاً صالحاً ذا بالٍ، فيه خوفه من الله سبحانه، وتقواه إياه، وإيثاره رضاه على كل شيء، وطاعته له جل شأنه، ثم يتوسل به إلى ربه في دعائه، ليكون أرجى لقبوله وإجابته، وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله تعالى وارتضاه، ويدل على مشروعيته قوله تعالى: الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار [آل عمران الآية16[، وقوله: ربنا آمنا بما أنزلت وتبعت الرسول فاكتبا مع الشاهدين ] آل عمران الآية53[ ، وقوله: إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ] أل عمران الآية 193[، وقوله: إنه كان فريق من عبادي يقولون: ربنا آمنا فاغفر لنا، وارحمنا، وأنت خير الراحمين ] المؤمنون الآية109[ ، وأمثال هذه الآيات الكريمات المباركات.
وكذلك يدل على مشروعية هذا النوع من التوسل ما تضمنته قصة أصحاب الغار الثلاثة الذي انسد عليهم باب الغار فتوسل كل واحد منهم بما عمل من الصالحات ، فاستُجيب لهم وانفرجت الصخرة وخرجوا ،كما يرويها عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيّ(صلى الله عليه وسلم) في الحديث المتفق عليه.
الثالث: التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح؛ كأن يقع المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى، فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى، أوالفضل والعلم بالكتاب والسنة، فيطلب منه أن يدعوا له ربه ليفرج عنه كربه، ويزيل عنه همه، فهذا نوع آخر من التوسل المشروع، دلت عليه الشريعة المطهرة، وأرشدت إليه، وقد وردت أمثلة منه في الكتاب العزيز والسنة الشريفة كما وقعت نماذج منه من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم.
فمن ذلك قوله تعالى قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ، قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يوسف 97،98] وهذه آية كريمة توضح أن توسل المؤمن بدعاء أخيه المؤمن له جائز وشرعي وهؤلاء أبناء يعقوب (عليه السلام) الذين عصوا الله تعالى في معاملة أخيهم يوسف (عليه السلام) ثم كذبهم على أبيهم بادعائهم أن الذئب أكل أخاهم وليس الأمر كذلك وبعد انكشاف الأمر شعروا بالذنب فهرعوا إلى أبيهم يسألونه أن يستغفر الله لهم وهو النبي الكريم المستجاب الدعوة وقدموا دعاءه الله لهم بالمغفرة وسيلة مقبولة عند الله تعالى.
وأما من السنة فاحاديث توسل الصحابة بدعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) بالاستسقاء كثيرة ومنها في الصحيحين فلتراجع .
ومن ذلك أيضاً ما رواه أنس بن مالك (رضي الله عنه) في صحيح البخاري أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا (صلى الله عليه وسلم) فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيُسقَون) .
قال العلماء: ومعنى قول سيدنا عمر(رضي الله عنه): إنا كنا نتوسل إليك بنبينا (صلى الله عليه وسلم) وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، أننا كنا نقصد نبينا (صلى الله عليه وسلم) ونطلب منه أن يدعو لنا، ونتقرب إلى الله بدعائه، والآن وقد انتقل (صلى الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلى، ولم يعد من الممكن أن يدعو لنا، فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس، ونطلب منه أن يدعوَ لنا.
وليس معناه أنهم كانوا يقولون في دعائهم: (اللهم بجاه نبيك اسقنا)، ثم أصبحوا يقولون بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم) : (اللهم بجاه العباس اسقنا)، لأن مثل هذا دعاء مبتدع ليس له أصل في الكتاب ولا في السّنة، ولم يفعله أحد من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، ولا يجوز لسيدنا عمر بن الخطاب العدول عن جاه الرسول الى جاه العباس إلا اذا قصد سيدنا عمر التوسل بدعاء الصالحين الاحياء، ولهذا توجه الى العباس بطلب الدعاء منه لمنزلته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أي توسل بدعائه.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في فتح الباري [2/497]: (قد بين الزبير بن بكار في "الأنساب" صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة، والوقت الذي وقع فيه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: (اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجّه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث)، قال: فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس).
قال الامام الصنعاني –رحمه الله تعالى- في سبل السلام [1/453]: (وفيه فضيلة العباس، وتواضع عمر ومعرفته لحق أهل البيت رضي الله عنهم).
وروى ابن عساكر أيضاً بسند صحيح أن الضحاك بن قيس خرج يستسقي بالناس، فقال ليزيد بن الأسود أيضاً: قم يا بكاء! زاد في رواية: (فما دعا إلا ثلاثاً حتى أمطروا مطراً كادوا يغرقون منه).
وأما ما عدا هذه الأنواع من التوسلات المشروعة الثلاث ، فلم يصح فيها حديث صحيح صريح ، تقوم به الحجة ، اللهم إلا شبهاً واحتمالات تم الرد عليها من العلماء جزاهم الله خيرا ولا مجال لذكرها في هذه الفتوى المختصرة.
👈 الخلاصة:
فالتوسل الحقيقي المشروع:
هو الذي يكون عن طريق طاعة الله تعالى وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وذلك بفعل الطاعات واجتناب المحرمات، أو بهذه الانواع الثلاثة الشرعية التي ذكرنا واتفق عليها العلماء، فهذا هو الطريق الموصل إلى رحمة الله ومرضاته، واستجابة الدعاء، وأما التوسل إلى الله بذوات المخلوقين، والاقسام على الله بهم ، فلم يرد به دليلا صحيحا صريحا تقوم به الحجة . والله تعالى أعلم
د. ضياء الدين الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق