الجمعة، 19 يوليو 2019

مقولة: هل عَلِمه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟


تمهيد:
      كثيرا ما يستدل بعض الإخوة بهذه المقولة ويظن أنها من أدلة الشريعة،  وهذا السؤال مبني على فرضية أن المسؤول قد أحاط بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه فرضية باطلة وما بني على باطل فهو باطل.
       فهناك أمور خفيت علينا وعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في الصحيح من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وَاللهِ. لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً»، ولكنها لا تتعلق بأمر تشريعي للأمة، ولا ينبني عليه تكليف شرعي
أولا: إجابات مفترضة على السؤال الخطأ:
1-هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم علم مصطلح الحديث ،
فرضية نعم : أين البينة، لا توجد بينة إذن هو حرام.
فرضية لا: لم يعلمه، إذن لن يكون علماء المصطلح أعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه،  ولوكان خيرا لبينه لنا  رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: المستجدات هل يعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
     لقد جددت هذه الأمة علوما وأسست علوما أخرى، فلم يسأل أحد هذا النمط من الأسئلة في علم النحو والأصول والحديث، هل علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا، لأن الشريعة لا تعلم بهذه الأسئلة، بل لها أصولها في الاستدلال ليس هذا السؤال منها في شيء ، لذلك لا يجوز إبطال عمومات نصوص الشريعة وأصولها العامة كالمصالح سد الذرائع والأقيسة بمثل هذا اللون من الأسئلة، التي يراد لها أن تحل مكان أصول الشريعة ونصوصها العامة.
رابعا: السؤال يلغي امتداد الشريعة في الزمان والمكان:
          ومن الملاحظ من خلال المثال أنه على كلا الإجابتين نعم، أو  لا، يترتب هدم علوم شرعية، ثابتة بأصول عامة، كالمصلحة وسد الذريعة، والإطلاق في العاديات والوسائل، ومثل هذه الأسئلة تفرض حالة التاريخ على الشريعة، وتحاصر نصوصها العامة، وأصولها التي تحفظ استمرارها واستجابتها للمتغيرات، وسعتها للمستجدات، وهذه الأسئلة تؤدي بدولها إلى الحجر على الشريعة في التاريخ.
خامسا: السؤال مغالبة كلامية وليس من أدلة الشريعة:
      وبناء على ما سبق فإن هذه السؤال هو مغالبات كلامية ومبارزات لسانية لا تثبت به الشريعة، وليس من مصادرها البتة، بل هو إحالة الأمة في شريعتها على أمر لا يعرف، وهذا يتنافى مع شهد به الشرع من كمال الشريعة في قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) 3، سورة المائدة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق