الخميس، 24 مارس 2022

وقفات مع حديث وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك!

 وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك ــ1


المداخلة، أو التيار المدخلي، هو تنظيم ديني/سياسي مُوازٍ، أنشأته وزارة الداخلية السعودية ومخابراتها، ليكون "أداة دعوية دعائية" في مواجهة ما عرف سعوديا بـ"تيار الصحوة" أو "التيار الصحوي"، الذي ظهر وازدهر في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين المنصرم، وتميز بدعوته إلى الإصلاح السياسي، وبنقده أو "نصحه" للحكام في السعودية. والتيار "المدخلي" منسوب إلى شيخه وزعيمه الأبرز ربيع بن هادي المدخلي.
وأكثر ما عُرف به وتميز به هذا التيار هو قيامه بمهمة مزدوجة، تتمثل أولا في إلحاحه الدائم على الطاعة المطلقة العمياء لولاة الأمور، وخاصةً في حال كونهم ظالمين وفاسدين وخائنين... وتتمثل ثانيا في حربه الشعواء ضد الحركات الإسلامية، والشخصيات الإسلامية، ذات الاستقلالية الفكرية والسياسية.
جديد هذا التيار هو خروج أحد رموزه، وهو المدعو "الشيخ" عبد العزيز الريس، بفتوى غريبة جديدة، تحرم نقد ولاة الأمور أو الإنكار عليهم، حتى ولو قاموا بشرب الخمر وبالفاحشة على الملأ، وحتى لو فعلوا على التلفزيون.
وهذا ما يجعلهم جديرين بلقب جديد، هو أنهم دعاة تقديس ولاة الخمور، وليس فقط تقديس ولاة الأمور.
تفسير حديث: وإنْ ضرب ظهرك وأخذ مالك؟
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، إنا كن ابِشرٍّ، فجاء الله بخير فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: «نعم»، قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟ قال: «نعم»، قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟ قال: «نعم»،قلت: كيف؟قال: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولايستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس»، قال: قلت: كيف أصنع يارسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع"
الشطر الأخير من هذا الحديث: «تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع» هو عمدةُ المداخلة وشعارُهم في دعوتهم إلى الطاعة البدعية للظالمين المعتدين، من ولاة الأمور ومن ولاة الخمور والفجور.
سلك ابن حزم في تأويل هذه الجملة من الحديث مسلكًا آخر
فقال في الفصل في الملل والأهواء والنحل: أما أمره صلى الله عليه وسلم بالصبر على أخذ المال وضرب الظهر, فإنما ذلك بلا شك إذا تولى الإمام ذلك بحق، وهذا ما لا شك فيه أنه فرض علينا الصبر له, وإن امتنع من ذلك, بل من ضرب رقبته إن وجب عليه فهو فاسق عاص لله تعالى, وإما إن كان ذلك بباطل فمعاذ الله أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ذلك، برهان هذا قول الله عز وجل: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان},
وقد علمنا أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالف كلام ربه تعالى، قال الله عز وجل: {وما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى} وقال تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا} فصح أن كل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو وحي من عند الله عز وجل, ولا اختلاف فيه, ولا تعارض, ولا تناقض، فإذا كان هذا كذلك فيقين لا شك فيه, يدري كل مسلم أن أخذ مال مسلم أو ذمي بغير حق, وضرب ظهره بغير حق إثم وعدوان وحرام؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم" فإذ لا شك في هذا ولا اختلاف من أحد من المسلمين، فالمُسْلِم ماله للأخذ ظلمًا، وظهره للضرب ظلمًا، وهو يقدر على الامتناع من ذلك بأي وجه أمكنه، معاون لظالمه على الإثم والعدوان، وهذا حرام بنص القرآن. اهـ.
وأخيرًا: ننبه على أن حديث حذيفة قد رواه الشيخان من طريق أبي إدريس الخولاني عنه, وليس فيه زيادة: وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك, وإنما بلفظ: قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.
وأما هذه الزيادة فهي عند مسلم من طريق أبي سلام قال: قال حذيفة، فذكره. قال الدارقطني في الإلزامات والتتبع: هذا عندي مرسل؛ أبو سلام لم يسمع من حذيفة, ولا من نظرائه الذين نزلوا العراق؛ لأن حذيفة توفي بعد قتل عثمان - رضي الله عنه - بليال، وقد قال فيه حذيفة, فهذا يدل على إرساله اهـ.
وقال الشيخ مقبل الوادعي في تحقيق كتاب الدارقطني: وفي حديث حذيفة هذا زيادة ليست في حديث حذيفة المتفق عليه، وهي قوله: "وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك"! فهذه الزيادة ضعيفة؛ لأنها من هذه الطريق المنقطعة. اهـ.
ولكن هذه الزيادة لم يتفرد بها أبو سلام عن حذيفة، فقد تابعه سبيع بن خالد ـ ويقال: خالد بن خالد ـ اليشكري عن حذيفة، ولفظه: "وإن نهك جسمك وأخذ مالك" رواه أحمد ومعمر بن راشد وأبو داود والبزار وأبو عوانة وإبراهيم الحربي ونعيم بن حماد وابن أبي شيبة وابن حبان والحاكم.
وإن ضرب ظهرَك، وأخذَ مالَك»: "هذه الزيادة؛ ذكرها مسلمٌ رحمه الله؛ في غير الأصول، من طريق: أبي سلام عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معلول؛ لأن أبا سلام لم يسمع من حذيفة! قاله الدار قطني وجماعة من الحُفاظ، ورُوي من غير هذا الوجه عند أحمد، ولا يصحّ! وكذلك عند ابن حبَّان، وهو معلول! ولا يصحّ في ذلك شيءٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولو كان هذا الحديث معروفًا لاحتجّ به الصحابة على عبد الله بن عمرو بن العاص! حينما تجهَّز للقتال دفاعًا عن أرضه! وكان سيقاتل خليفةَ عصره، وهو في مسلم، واحتجّ عمرو بحديث: «من قُتل دون أرضه فهو شهيد». قلتُ: حديث حذيفة قد رواه الشيخان من طريق أبي إدريس الخولاني عنه، وليس فيه زيادة «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»، وإنما بلفظ: "قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»". ويَحسُن بنا ها هنا عرض كلام ابن حزم رحمه الله، على الفهم الخاطيء لهذه الزيادة! فقال رحمه الله: "فإذا كان هذا كذلك؛ فيقين لا شك فيه، يدري كلُّ مسلم، أن أخذ مال مسلم أو ذمي بغير حق، وضرب ظهره بغير حق.. إثم وعدوان وحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم»، فإذ لا شك في هذا؛ ولا اختلاف من أحد من المسلمين؛ فالمُسْلِم ماله للأخذ ظلمًا، وظهره للضرب ظلمًا، وهو يقدر على الامتناع من ذلك بأي وجه أمكنه، معاونٌ لظالِمه على الإثم والعدوان، وهذا حرامٌ بنصّ القرآن" (الفِصَل). وقد نصَّ ابن حزم رحمه الله كذلك، وغيرُه؛ على فرضية ثبوت هذه الرواية؛ فهي محمولة على الحاكم الشرعي العدْل، إذا فعل ذلك بحقِّه، ولم يكن فيه معتديًا ولا ظالمًا، كإقامة حدٍّ وغيره. فاللهم بصِّرنا بالحق والهدى.
يتبع ان شاء الله
شهاب الحق
وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك ــ2
الأوجه الخمسة للفظة: (وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)
الوجه الأول: ذهب بعض أهل العلم المحققين إلى ضعف هذه اللفظة بالانقطاع.
والإمام مسلم رحمه الله إنما ذكرها في المتابعات لا في الأصول، ومِن المعلوم أنّ مُسلماً غالباً ما يأتي بحديثِ البابِ الذي هو أصلٌ ثم يأتي بطرقِ هذا الحديث .
ذكرَ الإمامُ مسلمٌ الحديثَ في الأصول مِن طريق الخولاني عن حذيفة بن اليمان بدون هذه الزيادة وهو الصحيح وجاء الحديث في صحيح البخاري بدون هذه الزيادة أيضاً.
ومَن قال إن الحديث جاء مِن طريق صحيح فعليه يكون الطريق المُرسَل صحيح فهذا مردودٌ لأن الطريق الذي فيه ضعف جاءت فيها زياةٌ وهذهِ الزيادةُ أضافة حُكماً آخر . فأصل حديث حذيفة ثابت ولكن الزيادة غير صحيحةٍ لأنُها جاءت بسندٍ منقطعٍ
من رواية أبي سلام ممطور الحبشي الدمشقي عن حذيفة، وأبو سلام لم يسمع من حذيفة، فحديثه عنه مرسل.
قال الدارقطني في التتبع فيما استدركه على الصحيحين (رقم 53): "وأخرج مسلم حديث معاوية بن سلام عن زيد عن أبي سلام عن حذيفة .. وهذا عندي مرسل، لم يسمع أبو سلام من حذيفة".اهـ
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم: "قال الدارقطني: هذا عندي مرسل، وهو كما قال الدارقطني".اهـ
وقال الشيخ جهيمان العتيبي رحمه الله: "هذه الزيادة؛ ضعيفة لأنها ليس لها ما يعضدها ويشهد لها ويقويها، وهي طرف من حديث طويل، فأول الحديث رواه البخاري من طريق صحيح، وهذه الزيادة في آخره لم تأت من طريق صحيح، وإنما من هذه الطريق التي فيها انقطاع، فهي ضعيفة".اهـ [الإمارة والبيعة والطاعة ص34].
وقال الشيخ مقبل بن هادي: "في حديث حذيفة هذا زيادة ليست في حديث حذيفة المتفق عليه، وهي قوله (وإن ضرب ظهرك أخذ مالك)، فهذه الزيادة ضعيفة، لأنها من هذه الطريق منقطعة".اهـ
وقال الحافظ ابن حجر عن أبي سلام: "وأرسل عن حذيفة وأبي ذر وغيرهما".اهـ "تهذيب التهذيب" [ج10/ص296]:
وقال محمد فؤاد عبد الباقي في التعليق على الحديث: "لم يسمع من حذيفة - قاله الدارقطني –".اهـ
قلت: ولكني وجدت متابعة موصولة لهذه اللفظة عن سبيع بن خالد عن حذيفة مرفوعاً: (..فإن كان لله عز وجل يومئذ خليفة ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع).
قال الإمام ابن حبان رحمه الله: "سبيع بن خالد اليشكري من أهل البصرة يروى عن حذيفة".اهـ [الثقات 4/347].
و لقد وجدت هذه اللفظة من طريق سبيع بن خالد عند الإمام أحمد وأبي داود والحاكم والبزار والطيالسي وأبي عوانة ومعمر بن راشد وابن أبي شيبة وعبد الرزاق، فلزم الصيرورة إلى تقويتها، والله أعلم.
الوجه الثاني: أن يُقال: يسمع للإمام المسلم ويطاع في غير ضرب الظهر وأخذ المال، إذ إن ضرب ظهر المسلم وأخذ ماله معصية، ويدل على ذلك لفظة: (فإذا رأيت في الأرض يومئذ لله خليفة فالزمه وإن نهك ظهرك وأخذ مالك) كما عند أبي داود وغيره.
فالأمر بلزوم الخليفة يدل على عدم جواز اتخاذ تلك المعاصي كمبرر للخروج عليه، وفي ذات الوقت لا يعان على معصيته في أخذ المال المحرم وضرب المسلم بغير حق، ولا يُطاع في ذلك، لعموم النصوص الدالة على أن الطاعة في المعروف، ومنها الحديث المتفق عليه عن علي رضي الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فأغضبوه في شيء فقال: اجمعوا لي حطباً فجمعوا له. ثم قال: أوقدوا نارا فأوقدوا. ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟! قالوا: بلى. قال: فادخلوها. قال: فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فكانوا كذلك وسكن غضبه وطفئت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف)".
والإحراق بالنار عقوبة –كما في رواية البخاري ومسلم- من جنس المعاقبة بضرب الظهر وأخذ المال، فتأمل!
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالكٍ في كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى عماله في الصدقات: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة، التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليُعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قوله: (ومن سئل فوقها فلا يعط) أي من سئل زائداً على ذلك في سن أو عدد فله المنع. ونقل الرافعي الاتفاق على ترجيحه".اهـ [فتح الباري 3/319].
ويدل على صحة هذا التوجيه ما فهمه بعض السلف كعبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما، ولم أقف على من أنكر عليه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن سليمان الأحول أن ثابتاً مولى عمر بن عبد الرحمن أخبره أنه لما كان بين عبد الله بن عمرو وبين عنبسة بن أبى سفيان ما كان تيسروا للقتال فركب خالد بن العاص إلى عبد الله بن عمرو فوعظه خالد فقال عبد الله بن عمرو: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل دون ماله فهو شهيد)؟. [أخرجه مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، وقال شيخنا الأرنؤوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وأشار بقوله: "ما كان" إلى ما بيّنه حيوة في روايته المشار إليها؛ فإن أولها أن عاملاً لمعاوية أجرى عينًا من ماء ليسقي بها أرضًا، فدنا من حائط لآل عمرو بن العاص فأراد أن يخرقه ليـُجري العين منه إلى الأرض؛ فأقبل عبد الله بن عمرو ومواليه بالسلاح وقالوا: والله لا تخرقون حائطنا حتى لا يبقى منا أحد، فذكر الحديث، والعامل المذكور هو عنبسة بن أبي سفيان كما ظهر من رواية مسلم، وكان عاملاً لأخيه على مكة والطائف، والأرض المذكورة كانت بالطائف، وامتناع عبد الله بن عمرو من ذلك لما يدخل عليه من الضرر".اهـ [فتح الباري 5/123].
وعن أبي قلابة قال: أرسل معاوية إلى عامل له أن يأخذ الوهط فبلغ بذلك عبد الله بن عمرو فلبس سلاحه هو ومواليه وغلمته وقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من قتل دون ماله مظلوماً فهو شهيد) فكتب الأمير إلى معاوية أن قد تيسر للقتال وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من قتل دون ماله فهو شهيد) فكتب معاوية أن خل بينه وبين ماله" [رواه عبد الرزاق في مصنفه].
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: "فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص، بقية الصحابة، وبحضرة سائرهم؛ يريد قتال عنبسة بن أبي سفيان عامل أخيه معاوية أمير المؤمنين إذ أمره بقبض الوهط، ورأى عبد الله بن عمرو أن أخذه منه غير واجب، وما كان معاوية رضي الله عنه ليأخذه ظلمًا صراحًا، لكن أراد ذلك بوجهٍ تأوَّله بلا شكٍّ، ورأى عبد الله بن عمرو أن ذلك ليس بحقٍّ، ولبس السلاح للقتالِ، ولا مخالف له في ذلك من الصحابة رضي الله عنهم، وهكذا جاء عن أبي حنيفة، والشافعي، وأبي سليمان، وأصحابهم..".اهـ [المحلى 11/99].
يتبع ان شاء الله
وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك ــ3
الوجه الثالث: أن يُقال: يجب لزوم الإمام المسلم وعدم الخروج عليه وإن كان في زمن فتنة يعرضك للضرب والنهب من قبل أصحاب الفتنة، وليس للإمام شوكة تامة على كل البقاع بحيث يقضي على أصحاب الفتنة الذين يتضرر منهم عامة الداخلين تحت ولاية الإمام بسبب امتحانهم وعقوباتهم –التي منها ضرب الظهر وأخذ المال-.
وقد ضُبطت اللفظة على المبني للمجهول: (وإن ضُرب ظهرك، وأُخذ مالك) كما في: [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 15/344].
ويؤيد هذا المعنى ويزيده وضوحاً ما جاء في رواية أبي داود الطيالسي وغيره لحديث حذيفة وفيه التحذير من دعاة الفتنة حيث ورد في روايته: (ثم تنشأ دعاة الضلالة فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة، فالزمه وإن ضُرب ظهرك وأُخذ مالك).
فالصبر ليس على الجائر والتسليم له في الظلم والجور، وإنما الصبر على تبعات البيعة وعدم نقضها بسبب المعوقات من أصحاب الفتنة والضلال كما حصل من قِبل الخوارج في امتحانهم للناس، حتى إن عبد الله بن خباب بن الأرت رحمه الله لم يخلع بيعته لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسبب وقوعه في أيدي الخوارج مما تسبب بقتله وزوجه! [انظر: ما رواه ابن أبي شيبة 8/732، والدارقطني 3/131، والبداية والنهاية 7/288].
الوجه الرابع: أن يُقال: يُسمع ويُطاع للإمام المسلم وإن ضرب ظهر المسلم في حد أو تعزير شرعي، أو أخذ ماله بالحق، فليس له والحالة هذه أن يخرج على الإمام المسلم بسبب هذا المبرر الفاسد الذي هو من حظوظ النفس الأمارة بالسوء كحال أهل الجاهلية والنفاق، قال الله تعالى: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ) [النور:50].
كما قال الإمام ابن حزم رحمه الله: "أما أمره صلى الله عليه وسلم بالصبر على أخذ المال وضرب الظهر، فإنما ذلك بلا شك إذا تولى الإمام ذلك بحق، وهذا ما لا شك فيه أنه فرض علينا الصبر له، وإن امتنع من ذلك من وجب عليه فهو فاسق عاص لله تعالى، وأما إن كان ذلك بباطل فمعاذ الله أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ذلك! برهان هذا قول الله عز وجل: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وقد علمنا أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالف كلام ربه تعالى قال الله عز وجل: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي)، وقال تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)، فصح أن كل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو وحي من عند الله عز وجل ولا اختلاف فيه ولا تعارض ولا تناقض، فإذا كان هذا كذلك فيقين لا شك فيه يدري كل مسلم أن أخذ مال مسلم أو ذمي بغير حق وضرب ظهره بغير حق إثم وعدوان وحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم)، فإذ لا شك في هذا ولا اختلاف من أحد من المسلمين، فمن أسلم ماله للآخذ ظلماً، وظهره للضرب ظلماً، وهو يقدر على الامتناع من ذلك بأي وجه أمكنه فهو معاون لظالمه على الإثم والعدوان، وهذا حرام بنص القرآن".اهـ [الفصل 4/133].
الوجه الخامس: أن يُقال: إن الأمور التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث كغاية في السمع والطاعة إنما هي من جنس المعاصي الغير مكفرة، فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم –وحاشاه-: "اسمع وأطع وإن حكم بغير ما أنزل الله"!، أو "وإن ناصر الكفار على المسلمين"!.. إلخ فتأمل!
فهذا الحديث كعامة الأحاديث الآمرة بالسمع والطاعة لولاة أمر المسلمين وإن فجروا وبجروا، ما لم يرتكبوا كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان!
عن جنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدَّث بحديث ينفعك الله به، سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحاً، عندكم من الله فيه برهان.[متفق عليه].
قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: "أجمع كل من يُحفظ عنه من أهل العلم أن الكافر لا ولاية له على مسلم بحال".اهـ [انظر أحكام أهل الذمة لابن القيم 2/414].
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "إنه إي الحاكم ينعزل بالكفر إجماعاً فيجب على كل مسلم القيام في ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب ومن داهن فعليه الإثم".اهـ [فتح الباري 13/123].
والمحصل أن الحاكم المسلم لا يُخرج عليه وإن ضرب الظهور وأخذ الأموال، بينما الحاكم المرتد يُخرج عليه وإن لم يضرب الظهور ويأخذ الأموال!.
يتبع ان شاء الله
وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك ــ4
هل تسمع و تطيع للحاكم و إن جامع زوجتك ؟!! نقد لسند و متن زيادة " اسمع و أطع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك اسمع وأطع "
ملاحظة : قد يستغرب البعض من السؤال لأن إجابته بديهية أصلا ... و هذا يدل على سلامة فطرتهم و دينهم و لكن هذه سلسلة صيغت لحالات صعبة من الناس ، لنسأل الله لهم الشفاء و العافية
النقد الحديثي للسند
في هذا النقد الحديثي سوف نذكر اعتراضات المصححين مع الرد عليها لبيان تهافت أدلة المصححين
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ح و حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَيْفَ قَالَ يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ
محل النزاع :
لا خلاف في صحة الحديث إلا تلك الزيادة ( تسمع و تطيع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و أطع )
حجج الفريقين :
حجة المصححين الأولى :
أن هذا الحديث من رواية مسلم و تلقته الأمة بالقبول بل أجمعت عليه فهو صحيح بلا ريب .
رد المضعفين و حجتهم :
أن الحديث مسلم بصحته إلا زيادة ( ... و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك إلخ )
ويرد على على حجة المصححين من ثلاثة وجوه :
أولا : بعدم حجية الإجماع السكوتي هنا ، لأنه لا ينسب إلى ساكت قول و لأن من ادعى الا إجماع فقد كذب .
و صدق أحمد شاكر حين قال : الفقهاء إذا أعيتهم الأدلة و النصوص لجؤوا إلى الإجماع ، أو كما قال .
و هذا واقع و للأسف
ثانيا : على فرض حجيته ، فإنه لم ينعقد الإجماع على صحة ما في الصحيحين حديثا حديثا أصلا ، حتى يلزم المخالف بهذا الإجماع و حتى يشمل الإجماع تلك الزيادة المنكرة
لقد وضح الإمام مسلم رحمه الله أنه لم يشترط الصحة لجميع أحاديث صحيحه ، بل ذكر أنه يذكر في المتابعات ما هو معلول ..
لكن أين من يقرأ ؟ وأين من يفهم ما يقرأ ؟ ويمكن للمختص أن يراجع مقدمة صحيح مسلم .
الثالث : و هو في حق هذه الزيادة في هذه الرواية :
أولا هذه الرواية لذاتها محل نظر لأنه ليس فيها تصريح بالسماع :
لنتأمل في السند :
عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ
و لفظ قال من صيغ التدليس لا من صيغ التحديث
لذا يظهر أن الإمام مسلم قصد بها المتابعة و قد صرح في مقدمة صحيحه أنه يذكر أحيانا الأحاديث في المتابعات ليبين علتها و هذا جزما منها لا سيما و أن صيغة التدليس لا تخفى على من له أدنى نظر في علم الحديث
و لا عزاء للمكتفين بذكر الإمام مسلم للحديث في صحيحه و هم لم يفهموا منهجه و لم يقرؤوا مقدمته أصلا ليعرفوا منهجه
اذا ما حال هذا التدليس هل هناك اتصال في السند أم لا ؟!
الحديث بهذه الرواية و الزيادة منقطع بإجماع المحدثين
لأن أبا سلام لم يسمع من حذيفة وسوف نعيد التذكير بذلك حتى يتضح ذلك اكثر
كما قال الدراقطني : وهذا عندي مرسل لأن أبا سلام لم يسمع حذيفة
و النووي وافقه في أن أبا سلام لم يسمع من حذيفة ، و إنما ذكر شاهدا ظن أنه يقويها ، و هذا ما لم يفهمه بعض من صحح الحديث بقول النووي
قال الشيخ مقبل بن هادي :
هذا وفي حديث حذيفة هذا زيادة ليست في حديث حذيفة المتـفق عليه وهي قوله :" وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك " فهذه الزيادة ضعيفة لأنها من هذه الطريق المنقطعة والله أعلم
قال الذهبي عن أبي سلام :
أبو سلام ممطور الحبشي، ثم الدمشقي، الاسود الاعرج، وقيل: إنما قيل له الحبشي نسبة إلى حي من حمير، فالله أعلم.
من جلة العلماء بالشام.
حدث عن حذيفة، وثوبان، وعلي، وأبي ذر، وعمرو بن عبسة، وكثير من ذلك مراسيل كعادة الشاميين يرسلون عن الكبار، وروى أيضا عن أبي
أمامة الباهلي، وعبد الرحمن بن غنم، وأبي أسماء الرحبي، وأبي مالك الاشعري، والنعمان بن بشير، وطائفة.
و المرسل منقطع و الخلاف فيها هو في إرسال كبار التابعين و ليس بن سلام منهم
طيب هل تفرد بهذه الزيادة بن سلام ؟
نعم ، قال الطبراني في المعجم الأوسط (3/190) حديث رقم : 2893 ،
لم يرو هذا الحديث عن يحيى إلا عمر تفرد به بن سلام
فمسألة التفرد و الانقطاع و أنها منكرة المخالف فيهم لا حجة له إلا أن يأتي ببينة
يستدل البعض بقول الدارقطني ( ولكن معناه صحيح ) !! رافضا بهذه الجملة جميع الأدلة ، وناسيا أن تصحيح المعنى لا يلزم منه تصحيح السند ، ولكن تصحيح المعنى يقصد منه أن هناك أحاديث أخرى صحيحة تشهد لهذا المعنى
لذا فمن يستدل بتصحيح الدارقطني للمعنى فليقم مشكورا بإثباث حديث صحيح صريح واحد يفيد أن الحاكم تجب له السمع و الطاعة مهما اعتدى وبغا !!
باختصار : لن يجد المداخلة ذلك اقصد ( لن زمخشرية )
يتبع ان شاء الله
وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك ــ5
الدين الإسلامي دين عزة و كرامة و لا يرضى بالإهانة و لا بالدياثة و يأمر بالدفاع عن النفس و الدين و المال و العرض و العقل حتى لو أدى ذلك إلى الشهادة
و لا يرضى بوجود الظلم و لا يقر بوجود ظالم بل يأمر بمحاربتهما معا تغييرا للمنكر و بالقيام بالحق
قال صلى الله عليه و سلم " إن الناس إذا رأو المنكر ولايغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه " و في رواية " إذا رأو الظالم فلم يأخذوا على يديه "
للأسف يجعل بعض الناس غيرهم يعيشون في زمن انبطاحي للحكام و خنوع لهم سواء عن حسن نية أو سوء نية بحجة الشريعة و أن هذا هو الدين ، و لكن الدين من قولهم و بهتانهم بريء
من تلك الحجج الواهية شرعا و عقلا و فطرة ، التمسك الأعمى بتصحيح الزيادة المنكرة سندا و متنا في حديث رواه مسلم متابعة " اسمع و أطع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و اطع "
ننتقل الآن إلى مسألة الشواهد ...
رد المصححون على الاعتراض الأخير :
أننا نسلم ما سبق و لكن هناك متابعة ذكرها النووي ....
المتابعة التي ذكرها النووي ما هي ؟
يقصد رواية مسلم الأصلية التي ليس فيها تلك الزيادة ( و الرواية الأصلية منقولة في آخر البحث )
لنقرأ كلامه جيدا
" لكن المتن صحيح متصل بالطريق الأول ، وإنما أتى به مسلم بهذا متابعة كما ترى ، وقد قدمنا في الفصول وغيرها أن الحديث المرسل إذا روي من طريق آخر متصلاً تبينا صحة المرسل ، وجاز الاحتجاج به ، ويصير في المسألة حديثان صحيحان "
مع العلم أن الطريق الأول الذي قصده النووي ليس فيه الزيادة المنكرة ( تسمع و تطيع للإمام و إن ضرب ظهرك ... )
طيب هل ما قاله الإمام النووي من ناحية التنظير صحيح و هل ينطبق على هذا الحديث ؟!
الحديث المرسل إذا روي من طريق آخر متصلا تبينا صحة المرسل ؟!!
كلام النووي من ناحية التنظير نعم صحيح و لكنه لا ينطبق على هذا الحديث لماذا ؟!
كلام النووي لم يتطرق إلى مسألة الزيادة في الحديث المرسل الذي وافق حديثا صحيحا ليست فيه تلك الزيادة الموجودة في المرسل
فهذه حالة أخرى لأن شرط قبول المرسل في هذه الحالة ألا تكون فيه زيادة تضيف حكما غير موجود في الحديث الأصلي ( و هي موجودة في هذا الإرسال )
يعني لا يمكن تطبيق راي النووي هنا لوجود الزيادة المنكرة و الاستدلال به يكون خاطئ
ذا هل استدلال الشيخ الألباني هو نفس استدلال النووي ، و ما دليله ؟!
لا استدل الألباني رحمه الله على تحسين هذه الزيادة من طريق آخر موجود عند أبي داود و أحمد و إسناده مختلف ... نعم الزيادة موجودة فيه و بناء على ذلك حسن الألباني الحديث ( و من مناهج الألباني التي لم يقره عليه كثير من المحدثين المعاصرين و خالف فيها كثيرا من قواعد السابقين التساهل في المتابعات جدا جدا ، والمختص المتجرد يدرك ذلك )
و لكن لننظر إلى إسناده
عن قتادة عن نصر بن عاصم الليثي عن سبيع بن خالد العلة في هذا الحديث باختصار
قتادة مدلس و من يذكر إسناد أبي عوانة فقد شطط فأبو عوانة ضعيف في قتادة
و سبيع بن خالد و البعض قال هو نفسه خالد بن خالد المهم
الرجل مقبول بشرط المتابعة ؟!!! لأنه مجهول الحال قطعا
السؤال هنا ما هي المتابعة ( السليمة من الاعتراض و الجابرة للضعف ) في حديث سبيع بن خالد عن حذيفة ؟!!!
لا توجد ، إسناد ضعيف فيه مدلس و قد عنعن و رجل مجهول الحال يحتاج بنفسه إلى متابعات ... فعلى ماذا التعصب و التشنج إلى تصحيح هذا الحديث اللامعقول ؟!!!
إذن كل الشواهد التي فيها الزيادة معلولة .... لا يصح التساهل في تصحيحها و جعلها أصلا من أصول الدين و تستباح بها الأعراض و الأموال و الأنفس
ختاما ما هي الرواية التي ذكرها مسلم على انها هي الصحيحة موافقا للبخاري عليها ؟!

وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك ــ6
ذكر الإمام مسلم قبل هذه الرواية التي هي من باب المتابعات المعلولة الرواية التي لا لبس فيها لهذا الحديث و هي :
1847 حدثني محمد بن الْمُثَنَّى حدثنا الْوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ حدثنا عبد الرحمن بن يَزِيدَ بن جَابِرٍ حدثني بُسْرُ بن عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سمع أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يقول سمعت حُذَيْفَةَ بن الْيَمَانِ يقول كان الناس يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ e عن الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عن الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كنا في جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا الله بهذا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هذا الْخَيْرِ شَرٌّ قال نعم فقلت هل بَعْدَ ذلك الشَّرِّ من خَيْرٍ قال نعم وَفِيهِ دَخَنٌ قلت وما دَخَنُهُ قال قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ منهم وَتُنْكِرُ فقلت هل بَعْدَ ذلك الْخَيْرِ من شَرٍّ قال نعم دُعَاةٌ على أَبْوَابِ جَهَنَّمَ من أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فيها فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لنا قال نعم قَوْمٌ من جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قلت يا رَسُولَ اللَّهِ فما تَرَى إن أَدْرَكَنِي ذلك قال تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ فقلت فَإِنْ لم تَكُنْ لهم جَمَاعَةٌ ولا إِمَامٌ قال فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ على أَصْلِ شَجَرَةٍ حتى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ على ذلك
هذه الرواية هي ما اتفق عليها البخاري و مسلم
و هذه رواية البخاري للتأكيد
3411 حدثنا يحيى بن مُوسَى حدثنا الْوَلِيدُ قال حدثني بن جَابِرٍ قال حدثني بُسْرُ بن عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قال حدثني أبو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سمع حُذَيْفَةَ بن الْيَمَانِ يقول كان الناس يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ e عن الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عن الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كنا في جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا الله بهذا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هذا الْخَيْرِ من شَرٍّ قال نعم قلت وَهَلْ بَعْدَ ذلك الشَّرِّ من خَيْرٍ قال نعم وَفِيهِ دَخَنٌ قلت وما دَخَنُهُ قال قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ منهم وَتُنْكِرُ قلت فَهَلْ بَعْدَ ذلك الْخَيْرِ من شَرٍّ قال نعم دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ من أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فيها قلت يا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لنا فقال هُمْ من جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قلت فما تَأْمُرُنِي إن أَدْرَكَنِي ذلك قال تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قلت فَإِنْ لم يَكُنْ لهم جَمَاعَةٌ ولا إِمَامٌ قال فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حتى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ على ذلك
ليس فيهما تلك الزيادة المنكرة المنقطعة تسمع و تطيع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و أطع
بل هي مما يجب تنزيه الشريعة الإسلامية عنه و تجب محاربتها و إبطالها و تنزيه منابر المساجد منها و من متعصبيها
و على المبالغين في طاعة الحاكم أن يتقوا الله و يتثبتوا في أمر الدين خصوصا لمن علم بضعف هذه الزيادة و أنه لا حجة له في تصحيحها ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمع ضعفها
( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون )
هذا و الله أعلم و هدانا الله و المخالفين و جميع المسلمين لمعرفة الحق
لا للانبطاح و الرضى بالفساد باسم الدين
يتبع ان شاء الله

وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك ــ7
قال صلى الله عليه و سلم " إن الناس إذا رأو المنكر ولا يغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه " و في رواية " إذا رأو الظالم فلم يأخذوا على يديه "
للأسف يجعل بعض الناس غيرهم يعيشون في زمن انبطاحي للحكام و خنوع لهم سواء عن حسن نية أو سوء نية بحجة الشريعة و أن هذا هو الدين ، و لكن الدين من قولهم و بهتانهم بريء
من تلك الحجج الواهية شرعا و عقلا و فطرة ، التمسك الأعمى بتصحيح الزيادة المنكرة سندا و متنا في حديث رواه مسلم متابعة " اسمع و أطع للإمام و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و اطع "
لقد تم نشر حلقات تنقد حديثيا لهذه الزيادة المنكرة الشاذة المنقطعة ( كل ما سبق أوصاف علمية موجودة في هذه الزيادة ) من ناحية السند و المتن
و لقد قمنا بإظهار النقد للحديث من العلماء في الحلقات السابقة لأن أكثر المنافحين عنها هم من المقلدين في علم الحديث لعل نفوسهم تستيقظ من سبات الجهل :
و لأنه لكل مقام مقال و لأن من أسباب ضياع الأمة هم هؤلاء الذين لبسوا على الناس دينهم فلا بد من مكافحة أفكارهم المنبطحة و الخانعة
كثيرا لا يفيد النقاش مع المبالغين في مسألة عدم جواز الخروج على الحاكم من الناحية الحديثية
من ذلك الزيادة المنكرة متنا و سندا في طاعة الحاكم ( و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك )
و التي هي ليست لصالحهم أبدا ، و تمسك من يتمسك بها منهم دون علم يبين لك عدة أمور :
1- ضعف علميتهم في علم الحديث ( و لا أدري كيف تستقيم السلفية دون علم بالحديث ) و ضعف علمهم في الفقه أيضا ( أحكام الصائل )
2- التعصب لآراء مشايخهم دون دليل ( بل و هو العصمة لهم و التقديس الذي فيهم دون أن يشعروا به أو يعترفوا به )
3- من كثرة تمسكهم بظواهر النصوص صاروا ظاهرية كظاهرية ابن حزم رحمه الله - محشوم عنهم يا ابن حزم - التي ينتقدونها ، حتى باتوا لا يعملون أذهانهم في النصوص الشرعية ، و يكتفون بالتقليد و الجمود على آراء علمائهم فقط .
4- عدم قدرتهم على البحث و النظر العلمي ، و خاصة النظر المقارن في الآراء و الأدلة الذي من حرم منه فلا يستحق أن يوصف بالباحث عن الحقيقة أبدا .
العلم المقارن و النظر في الخلاف هو المفتاح إلى العلم و معرفة الحقيقة .
5- لا أريد أن أقول العزة و الكرامة
ذكرت مسبقا أن لا فائدة من النقاش حديثيا عن هذه الزيادة معهم لذا فإني أطلب من المصححين للحديث
أن يجيبوني عن هذه الحالة ( و آسف على السؤال و لكنه لمغزى )
هل تسمع و تطيع للحاكم الذي ضرب ظهرك و أخذ مالك و إن جامع زوجتك ؟ أو أخذ والدتك وقطعها أمامك ؟ أو اختطف طفلتك ورفض إرجاعها ؟
مع العلم أنه مسلم و و مقيم للصلاة مطبق لأحكام الشريعة و لكنه فعل هذه المعصية فقط
فهل تسمع و تطيع له ؟!
لن نجد إجابة منكم مع أننا نتمنى ذلك
و لكنها دعوة لمراجعة مناهجكم و إعادة التفكير في أمر سلفيتكم و فتح أذهانكم و النظر في نظرتكم السياسية للأمور من حولكم القائمة على جزئيات تزعمون أنها شرعية و الشريعة منها براء
على فكرة لن يجد أي شخص من العوام أي حرج في الإجابة مباشرة عن هذا السؤال
و إجابته حتما موافقة للشرع دون أن يعرف الشرع
فما بال أقوام يزعمون و العلم و لكنهم هنا .......... أكمل الفراغ بما تراه مناسبا
طيب ماذا لو أجاب هذا الشخص بنعم ؟!!
اجزم فورا أن الشخص صاحب الإجابة إنسان مريض مجنون ديوث لا يفقه في الشريعة شيئا
و لا يستحق أن ينادى بشيخ أو عالم و ماذا لو أجاب بلا ، بل أقتله دون تردد
اعلم أن الذي أجابك شخص ذو فطرة سليمة و عقله سليم و فعله مقر بالشرع و لو لم يكن عالما
طيب ماذا لو أجاب بلا و أخذ يفصل في الحالات ؟!
هذا متناقض، ويناقش بما يلي :
ليس الغرض هو إجابة السؤال ( خصوصا لمصححي الحديث ) و لكن الأهم هو ما بعد الإجابة على السؤال
أنت أقررت أنك ستقتله دفاعا عن عرضك ( أي إجابة غير هذه أصلا فيها دياثة الإسلام بريء منها و من يجيب بنعم فهو مجنون )
حسنا ماذا لو ضربك من غير حق أو أخذ مالك من غير حق ؟
أتي إلى منزلك و أوجعك ضربا هل تسكت ؟! و هل يأمرك الشرع بالسكوت ووجوب الطاعة ؟!!!
أو أنه أتى ليأخذ مالك رغما عنك دون حق ؟! هل تسكت ؟! و هل يأمرك الشرع بالسكوت و وجوب الطاعة ؟!!
إنه الغباء و الجهل بعينه الذي لا يقره دين هذا ما ينبني على السؤال
و التفرقة بينهما تناقض و تخصيص العرض فقط بالقتل تناقض ليس من الشرع بشيء
فالدفاع عن العرض والدفاع عن المال والنفس كلها حقوق ما يجب لأحدها يجب للآخر
هذا ما أردته من السؤال
لو جلست مرارا تشرح لمصححي أو بما أن عقل من يتبنى هذا المنطق في حكم المعدوم تحتم الانتقال إلى استعمال الغيرة لعلها تجعل العقل يستيقظ !!
و قد شاهدنا بما لا يدع مجالا للشك أن القوم لديهم عقدة تعظيم الحكام و فوبيا عدم إيذاء الحكام بأي شكل من الأشكال الغرض ليس السؤال لكن ما بعد السؤال و ما يثيره السؤال هو للتنبيه على ضياعهم و الإغراق فيه و هم يتوهمون أنها الشريعة و الشريعة من أفكارهم بريئة
وان ضــرب ظــهــرك واخـــذ مـــالـــــك-8
يخدع "الأئمة المضلون" - كهنة الطواغيت - المسلمين، بقولهم: "عليكم طاعة ولاة الأمور"، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك" صحيح مسلم" ويقولون لهم: "لا تسمعوا لدعاة الفتنة والضلالة" ! وعندما يعترض البعض بقول قاله أحد يُفسر الحديث و هناك من جعل هذه الزيادة منكرة، فهناك بعض العلماء ضعف زيادة " وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك " رغم أن الحديث في مسلم لإن هذا الحديث ليس من الأصول عند مسلم بل هو متابع لرواية الخولاني عن حذيفة بن اليمان
ومنقطع الإرسال كما ذكر ذلك و منهم الدارقطني وذهب لذلك الرأي النووي
إلا أنه جاء في روايات أخرى تصح و الحديث ضعيف و هذا ما اقره العلماء يقولون لهم: "نقول لكم قال رسول الله"، وتقولون لنا: "قال فلان وعلان" ؟!! عليك بطاعة أولي الأمر ! وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك.. كما أمر رسول الله !!.
فيقع المسلم في حيرة، أحقاً هو كذلك ؟! أهذا هو الحق والعدل ؟!
فكان حرياً بنا أن نبين هذا الجانب وأن يلقي باللوم على الذين يساندون الدكتاتورية بذريعة هذه الأحاديث غير الصحيحة، لا أن نتهم السنة النبوية والفقهاء الذين نقدوا هذا الحديث وأمثاله وبينوا ما فيها من ضعف !
كذلك إنصافاً للعلم والعلماء نذكر ما قاله فقهاؤنا الذين فندوا شرعية المتغلب، وذكروا أن الإسلام يضع شرطين أساسيين لصحة الإمامة الشرعية :
- الشرط الأول : قيام الإمام بحماية الدين وسياسة الدنيا؛ وهذه هي حقيقة الإمامة الشرعية وظيفتها .
- والشرط الثاني : أن تختار الأمة الخليفة اختياراً حراً؛ وهذا الشرط يمثل طريقة انعقاد الإمامة الشرعية أو آليتها .
وهكذا يظهر أن علمائنا قد وضعوا شروطاً دقيقة للإمامة الشرعية، وبينوا بطلان الغلبة
ويبلغ الأمر مبلغه من الضلال والفتنة، عند تكرار الحديث هكذا - بلا بيان - فيُعبِدون المسلمين لـ "نظم الطغاة والطواغيت" باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما فعلهم هذا إلا كفعل الأحبار والرهبان الذين حرّفوا الكلاِم عن مواضعه، واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً - تشابهت قلوبهم - واتبعوا سنن أهل الكتاب.
فما هي قصة هذا الحديث ؟ وكيف نفهم "اطع، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك" ؟!
جاء في صحيح مسلم: " عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: كَيْفَ؟، قَالَ: يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟، قَالَ: تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ " [صحيح مسلم / 1849]
وحديث حذيفة - رضي الله عنه - هذا حديث مشهور موجود في كتب السنة، وقد رواه البخاري برواية أخرى: " كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ، قَالَ: نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ، قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ، قَالَ: نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ، قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ، قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ " [صحيح البخاري / 3606]
ووجه الاستشكال - في حديث حذيفة - في الجزء الخاص بـ "الأئمة" ماذا يفعل حيالهم ؟
ففي حديث رواية مسلم: "أئمة لا يهتدون بهداي" وفي حديث رواية البخاري: "دعاة على أبواب جهنم" والمعنى في نظم رواية الحديثين واحد، ومتقارب، وهو: أن الأئمة الذي لا يهتدون بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - هم كذلك "دعاة على أبواب جهنم".
فهل حقاً يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نسمع ونطيع لـ "أئمة مضلون لا يهتدون بهديه، ولا يستنون بسنته، قلوبهم قلوب الشياطين"، حتى وإن ضرب هؤلاء المضلون الشياطين ظهورنا وأخذوا أموالنا ؟!
اشا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرنا أن نسمع ونطيع لـ "أئمة مضلون لا يهتدون بهديه، ولا يستنون بسنته، قلوبهم قلوب الشياطين"، فهي بديهية إيمانية، لا تحتاج إلى برهان.. ولكن
الذين في قلوبهم مرض، الذين يبتغون الفتنة، ويبتغون تحريف الكلِم يُوهمون المسلمين أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك !!.
إذن، ما تفسير قوله: ": تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ؟
قال تسمع وتطيع لـ (الأمير) وليس لـ (الأئمة الذين لا يهتدون بهديه، الذين هم الدعاة على أبواب جهنم).
ومن هو هذا الأمير ؟
يُفسر "الأمير" الأحاديث التي رُويت من طرق أخرى، وأوضح وأبين في المعنى:
ففي حديث حذيفة: "إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، قَالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْخَيْرَ الَّذِي أَعْطَانَا اللَّهُ، يَكُونُ بَعْدَهُ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْعِصْمَةُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: " السَّيْفُ "، قُلْتُ: وَهَلْ لِلسَّيْفِ مِنْ بَقِيَّةٍ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " ثُمَّ هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ، قَالَ: جَمَاعَةٌ عَلَى فِرْقَةٍ، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ، وَإِلا فَمُتْ عَاضًّا بِجِذْلِ شَجَرَةٍ" [المستدرك على الصحيحين / 4 : 427]
وفي رواية أخرى: "سَيَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهَدْيِ، وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ رِجَالٍ فِي جُثْمَانِ إِنْسَانٍ "، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: " تَسْمَعُ لِلأَمِيرِ الأَعْظَمِ، وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ، وَأَخَذَ مَالَكَ" [المستدرك على الصحيحين / 4 : 495]
وفي رواية أخرى: "وَكَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ، وَأَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ شَرٌّ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " السَّيْفُ "، قُلْتُ: فَهَلْ لِلسَّيْفِ مِنْ بَقِيَّةٍ؟ فَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ؟ قَالَ: " تَكُونُ هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ"، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا يَكُونُ بَعْدَ الْهُدْنَةِ؟ قَالَ: " دُعَاةُ الضَّلالَةِ، فَإِنْ رَأَيْتَ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً، فَالْزَمْهُ، وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، وَإِنْ لَمْ تَرَ خَلِيفَةً، فَاهْرُبْ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ " [ مسند أبي داود / 444]
وفي رواية أخرى: "عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْعِصْمَةُ مِنْ ذَلِكَ؟، وَذَكَرَ دُعَاةَ الضَّلالَةِ، فَقَالَ: " إِنْ لَقِيتَ لِلَّهِ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَالْزَمْهُ، وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ، وَأَخَذَ مَالَكَ، وَإِلا فَاهْرُبْ فِي الأَرْضِ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ " [ الفتن لنعيم بن حماد /356]
فتبين أن "الأمير" في الروايات السابقة هو: "خليفة لله في الأرض" وليس هو "الأئمة المضلون" ! وهذا هو الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بطاعته، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك .
وخليفة لله في الأرض، يقوم بدين الله وشرعه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لا يمكن له أن يضرب الظهور - بغير وجه حق - ولا أن يأخذ المال بلا مستند من دليل شرعي، إنما هو يقوم بالحق والعدل، فهذا معنى خلافته..
ويُمكن أن يُفهم من قوله "وإن ضَرب ظهرك، وأَخذ مالك" على أنه "مبالغة وتوكيد" على طاعته، لأن وجوده في مثل هذه الفتن أمر عظيم له شأنه.
وحديث رواية مسلم فيه: "وإن ضُرب، وإن أُخذ" أي: فعل مبني للمجهول، فليس الذي يَضرب هو "الأمير" بل يُفهم منه: أنه يَتبع الأمير، وإن ضُرب وأُخذ ماله.. بسبب اتباعه له، ومخالفة "الأئمة المضلين".. ولذا تكررت كلمة "تسمع وتطيع" مرتين في جملة واحدة: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ " فكأن تقدير الكلام: تسمع وتطيع للأمير المجاهد الذي يواجه أئمة الضلال، فإن وقع عليك أذى من الظالمين - الذين قلوبهم قلوب الشياطين - فلا يمنعنك هذا الأذى والعسر من طاعة الأمير، بل تسمع وتطيع له.. وذلك ما يوضحه حديث: "بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ " [صحيح البخاري / 7056]
يتبع ان شاء الله



هناك تعليقان (2):