حكم صندوق العشيرة
السؤال: شيخنا ما الحكم الشرعي لجمع الاموال من افراد العشيرة في صندوق لتقديم المساعدة لأفرادها المحتاجين ؟ وهل تجب فيه الزكاة اذا بلغ نصابا ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فان هذا الامر يدخل في باب عقود التبرعات المالية : وهي كل عقد اشتمل على تبرع بلا عوض كالهبة والصدقة، والوقف والوصية ،ومنها هذا التبرع بشرط أن يكون كل من يساهم في هذا الصندوق على سبيل التطوع وبرضاه وطيب نفسه، وليس عن طريق الإكراه والحياء؛ لأن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبًا كما هو مقرر شرعا ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ((لا يَحِلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ إلا بطِيبِ نفسِهِ)). رواه أحمد والدار قطني والبيهقي.
وهو من صور التأمين التعاوني التكافلي الاجتماعي ، وهو جائز شرعاً بالإجماع ، بل مستحب؛ لأنه من التعاون على الخير والِبر، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} المائدة:2، وقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين : (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُمْ).
وفي الصحيحين ايضا عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام : ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)) وما رواه الامام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ عليه الصلاة والسلام قال : ((مَن نفَّسَ عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)).
وعليه فلا حرج في ذلك، إذا اجتمعت العشيرة، أو فخذ منها على مساعدة معينة يجمعونها في صندوق امين ، إذا طابت بها نفوسهم، من أجل حوادث تحصل عليهم من قتل خطأ أو غير عمد وغيره من جراحات، أو فقر، أو من كارثة ، أو حريق، أو ما أشبه ذلك، فلا حرج، وهذا من باب التعاون على الخير كما ذكرنا، ومن باب الإحسان، وجبر المصاب، وسد حاجة الضعيف.
وهذا المال مهما بلغ لا زكاة فيه؛ لأنه وقف ليس له مالك، فهذه الاموال خرجت عن ملك أصحابها ولا تعود إليهم فلا زكاة فيها لكونها في حكم الوقف ، ولأنه يُصرف فيما تُصرف فيه الزكاة والصدقات عموما، وهو مساعدة المحتاجين والغارمين وغيرهم. والله تعالى اعلم
منقول
جزاكم الله خيرا
ردحذف