{ما كان حقا بالفعل فإنه لا يحتاج إلى إكراه الناس على اعتناقه}.
لذلك كل معلومة حمل السلطان الناس على اعتقادها بالقوة، يسجن أو يعذب أو يقتل من خالف فيها فيجب أن تشكك في صحتها وذلك لأن الحق لا يُنصر بالظلم بل الظلم يكون لنصرة الباطل، قد يكون هناك صواب ما وتجد من يكره الناس عليه ولكن فعله هذا باطل، الصواب لا يحتاج إلى إكراه، لذلك إن رأيت صاحب الفكرة نفسها لا ينصر فكرته إلا بالإكراه فاعلم أن في الفكرة دخن.
قال الله عز وجل ((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) وقال ((ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)) وقال ((من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) وقال ((لكم دينكم ولي دين)).
لذلك فإن ما يفعله المداخلة من استعداء السلطان على مخالفيهم خاصة في الدول التي يحكمها أهل الظلم والبغي دليل على أنهم ليسوا أصحاب حق، وكذلك ما فعله المعتزلة يوم عذبوا العلماء ليحملوهم على القول بخلق القرآن، ومثله ما فعله أصحاب الأخدود بالمؤمنين حيث أكرهوهم على الكفر وهو ما فعله فرعون بقوم موسى وفعله كفار قريش بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما يفعله أهل الظلم في كل مكان وزمان، لذلك اختصر عليك الوقت ولا تبحث عن الحق فلن تجده عند الظالمين.
وقد يحصل أن يدعو اثنان لنفس القضية فيكون أحدهما ظالما والآخر عادلا فالأول يكره الناس عليها والثاني يدعو إليها بالتي هي أحسن عملا بقول الله ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)) فيتشركان في الدعوة إلى شيء هو حق في حد ذاته، فيكون ذلك الظالم الذي يكره الناس على ما يدعو إليه قد أصاب في اختيار الحق ولكنه أخطأ في طريقة الدعوة إليه، فهنا يقال (هذه حالة فيها ظلم ومع ذلك يُدعى فيها إلى الحق) نقول (فهي حق من جهة من دعا إليها بغير إكراه لا من جهة من أكره الناس عليها، وإنما كلامنا عن الدعوى التي لا تجد داعيا إليها إلا وهو سالك سبيل الإكراه فهذه لا تكون حقا في الغالب، كذلك ليست كل دعوى دعا الناسُ إليها باللين دون إكراه تكون حق بالضرورة، وإنما الكلام عن نفي الحق عن دعوة المكرهين لا عن إثباته لكل غير المكرهين).
بقلم #صهيب_بوزيدي
عرض الرؤى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق