من هو أول من عمل المولد النبوي ؟!
أما ما قيل في عمل المولد الشريف
ففي الباعث على إنكار البدع للعلامة ابي شامة المقدسي أحد شيوخ النووي ج1 صفحة 23
ومن أحسن ما ابتُدع في زماننا من هذا القبيل ما كان يُفعل بمدينة اربل جبرها الله تعالى كل عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف واظهار الزينة والسرور فان ذلك مع ما فيه من الاحسان الى الفقراء مُشعر بمحبة النبي صلى الله عليه و سلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله وشكرا لله تعالى على ما منّ به من ايجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين صلى الله عليه و سلم وعلى جميع المرسلين وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين
كتاب البداية والنهاية لابن كثير الجزء 13 صفحة 136
ترجمة الملك المظفر أبو سعيد كُوكَبري
ابن زين الدين علي بن تبكتكين أحد الاجواد والسادات الكبراء والملوك الامجاد له آثار حسنة وقد عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون وكان قدهم بسياقه الماء إليه من ماء بذيرة فمنعه المعظم من ذلك واعتل بأنه قد يمر على مقابر المسلمين بالسفوح وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الاول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله وأكرم مثواه وقد صنف الشيخ أبو الخطاب ابن دُحية له مجلدا في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية وقد كان محاصر عكا وإلى هذه السنة محمود السيرة والسريرة قال السبط حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف راس مشوى وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى
كتاب البداية والنهاية الجزء 13 صفحة 144
في ترجمة الحافظ شيخ الديار المصرية في الحديث ابن دحية الكلبي
قال ابن خلكان: وكان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء متقنا لعلم الحديث وما يتعلق به عارفا بالنحو واللغة وأيام العرب واشعارها، اشتغل ببلاد المغرب ثم رحل إلى الشام ثم إلى العراق، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم مُظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي، فعمل له كتاب: التنوير في مولد السراج المنير، وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار،قال وقد سمعناه على الملك المعظم في ستة مجالس في سنة ست وعشرين وستمائة قلت وقد وقفت على هذا الكتاب وكتبت منه أشياء حسنة مفيدة ...الخ
قال الحافظ السيوطي في: حسن المقصد في عمل المولد:
فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أو لا؟
والجواب عندي: أن أصل عمل المولد الذي هو: اجتماع الناس، وقراءة ما تيسر من القرءان، ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف
وأول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدّين علي بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له ءاثار حسنة، وهو الذي عمَّر الجامع المظفري بسفح قاسيون
وقال الحافظ السيوطي ايضا: وقد استخرج له إمام الحفاظ أبو الفضل أحمد بن حجر أصلاً من السنة، واستخرجت له أنا أصلاً ثانيًا
وأجاب الحافظ السخاوي في فتاويه في الاجوبة المرضية ج3 ص 1116 عن عمل المولد فقال
لم ينقل عن احد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم ما زال أهل الإسلام من سائر الأقطار و المدن العظام يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه و سلم و شرف و كرم يعملون الولائم البديعة المشتملة على الامور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، و يزيدون في المبرات بل يعتنون بقراءة مولده الكريم، وتظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم بحيث كان مما جُرب قاله الامام شمس الدين ابن الجزري
وقال الحافظ:وكان للملك المظفر صاحب إربل كذلك فيها اتم عناية و اهتماما بشأنه جاوز الغاية، اثنى عليه به العلامة أبو شامة أحد شيوخ النووي الفائق في الاستقامة في كتاب الباعث على إنكار البدع و الحوادث وقال: مثل هذا الحسن يتقرّب إليه و يُشكر فاعله و يُثنى عليه
ثم قال الحافظ: قلت: بل خرّج شيخنا شيخ مشايخ الاسلام خاتمة الائمة الاعلام فِعله على أصل ثابت و هو ما ثبت في الصحيحين من انه صلى الله عليه و سلم دخل المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هو يوم اغرق الله سبحانه و تعالى فيه فرعون و نجّى موسى عليه السلام، فنحن نصومه شكرا لله عز وجل، فقال صلى الله عليه و سلم: فأنا أحق بموسى عليه السلام منكم، فصامه و امر بصيامه، وقال: إن عشت إلى قابل.... الحديث. قال شيخنا: فيُستفاد منه فعل الشكر لله تعالى على ما مَنّ به في يوم معيّن من إسداء نعمة أو دفع نقمة، و يُعاذ ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة. والشكر لله تعالى يحصل بأنواع العبادة: كالسجود و الصيام و التلاوة، وأيّ نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك اليوم. وعلى هذا ينبغي ان يُقتصر فيه على ما يُفهم الشكر لله تعالى من نحو ما ذُكر. أمّا ما يتبعه من السماع و اللهو وغيرهما فينبغي أن يقال: ما كان من ذلك مباحا بحيث يُعين السرور بذلك اليوم فلا بأس بإلحاقه و مهما كان حراما او مكروها فيُمنع و كذا ما كان خلاف الاولى. اهـ
وقال أيضا: ولمّا كان الزاهد القدوة المعمر أبو اسحاق إبراهيم بن عبدالرحمن ابن إبراهيم بن جماعة بالمدينة المنورة، كان يعمل طعاما في المولد النبويّ ويُطعم الناس و يقول: لو تمكنت عملت بطول الشهر كل يوم مولدا. اهـ
وعلى افتراض أن الفاطميين هم أول من أحدثه .
وجواب ذلك أن يقال: على افتراض أن الفاطميين هم أول من أحدث ذلك؛ فليس هذا دليلاً على المنع، فقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعظيم اليوم الذي انتصر فيه موسى عليه السلام من اليهود، وقال عليه السلام: (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) رواه البخاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق