الأحد، 17 مارس 2024

نعم يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا

 


🔸نعم يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا🔸
هي من مسائل العصر التي يستحب فيها التجديد والمواكبة تحقيقًا لمقاصد الشريعة في كل زمان وكل مكان، وقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
🔹القول الأول: أنه لا يجوز إخراجها نقدًا،
واستدلوا بظاهر الأحاديث التي أمرت بإخراج زكاة الفطر من التمر والشعير وحصرتها في الطعام.
🔹القول الثاني: أنه يجوز إخراجها نقدًا، وبه قال أئمة السلف كالحسن البصري وسفيان الثوري وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم، وهو الراجح الأقرب إلى تحقيق مقاصد الشريعة في هذا العصر.
🌿🌿🌳🌿🌿
وقد احتج كل فريق لرأيه:
🔹أما من رأى عدم جواز إخراج زكاة الفطر نقدًا فقد تمسك بظاهر الأحاديث التي ذكرت إخراج زكاة الفطر من التمر والشعير والطعام، وقيدها بالطعام
▪زكاة الفطر كانت تُخرج في شكل حبوب تطحن في البيوت ويصنع منها الطعام، بينما اليوم لا تتوفر في غالب البيوت مطاحن ولا أفران لصنع الخبز، فغالب الناس يشترون الخبز جاهزًا، فعلى ذلك إن أخرجت زكاة الفطر كمحاصيل وحبوب فإن كثيرًا من الناس لن يستطيع أن يستفيد منها لعدم معرفته بصناعة الخبز وعدم توفر أدواته عنده في البيت.
▪الإسلام دين عالمي صالح لكل زمان ومكان، ولا شك أن الأصناف المذكورة في الأحاديث النبوية الشريفة لا يقتات عليها كثير من المسلمين حول العالم. فالأرز مثلًا هو طعام غالب المسلمين في شرق آسيا وليس القمح ولم يرد ذكره في حديث من الأحاديث، فهل يتوجب على المسلمين هناك أن يغيروا طعامهم المعتاد إلى ما هو منصوص عليه في الأحاديث النبوية الشريفة؟! قطعًا لا
فدل ذلك على أن الطعام وأصنافه المذكورة في الأحاديث ليست للحصر أو التقييد وإنما للتيسير وموافقة للواقع آنذاك، وأن الذين يقولون اليوم بجواز أن تخرج زكاة الفطر من غالب طعام أهل البلد أيًّا كان لم يستندوا في ذلك على نص صريح وإنما فهموه واستنبطوه من ذات النصوص تحقيقًا لمقاصد الشريعة، وإخراجها نقدًا يكون من باب أولى.
🔹وأما من قالوا بجواز إخراج زكاة الفطر نقدًا فقد استدلوا بأمور منها:
▪لم يثبت عن النبي ﷺ تحريمٌ لدفع القيمة، بل إنه ﷺ قضى بالقيمة في الزكاة، فقال ﷺ: (ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدِّق عشرين درهمًا أو شاتين) [أخرجه البخاري]
▪أخرج البخاري أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال لأهل اليمن حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم: (ائتوني بعرض الثياب قميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير، والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة) في إشارة إلى جواز البدل للتيسير وتعظيم المنفعة، وسيدنا معاذ من أعلم الصحابة بالحلال والحرام.
▪إخراج زكاة الفطر بالقيمة قد شاع في قرون السلف حتى قال أبو إسحاق السبيعي أحد أئمة التابعين: (أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام)، [أخرجه عبد الرزاق في المصنف]، وأخرج أيضًا عن الحسن البصري قال: (لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر)، وأخرج أيضًا أن الخليفة عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله في البصرة: (يؤخذ من أهل الديوان من أعطياتهم، عن كل إنسان نصف درهم)، وذكر ابن المنذر في كتابه [الأوسط]: إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح ؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير.
▪إذا ثبت جواز أخذ القيمة في الزَّكَاة المفروضة في الأعيان، فجوازها في الزَّكَاة المفروضة على الرّقاب أولى ولأنها زكاة مثلها، أخرج الدارقطني عن أبي عمرو بن جماس عن أبيه قال: كنت أبيع الأدم والجعاب فمر بي عمر بن الخطاب فقال لي: (أدِّ صدقة مالك)
فقلت: يا أمير المؤمنين إنما هو في الأدم؟ قال: (قوِّمه ثم أخرج صدقته).
▪بما أن اختلاف الزمان والمكان يؤثر على الأحكام ذات العلاقة بالمعاش وحياة الناس فينبغي مراجعة الأحكام الشرعية متى ما اختلف الزمان والمكان اختلافًا مؤثرًا، فعلى سبيل المثال قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) ليس بالضرورة يقيد إعداد القوة بالخيول في هذا العصر لأن طريقة الحروب اليوم قد تغيرت واختلفت كثيرًا عما كان عليه الأمر قديمًا.
▪الغاية الأساسية من إخراج زكاة الفطر للمساكين والمحتاجين هي الإغناء وسد الحاجة كما روي عنه ﷺ: (أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم) يعني يوم الفطر. والإغناء وسد الحاجة بلا شك تختلف حسب الزمان والمكان، وفي هذا العصر قد تكون الحاجة إلى العلاج، أو التأمين الصحي، أو السكن، أو الماء والكهرباء، أو الغاز، أو التدفئة في البلدان الباردة، .. إلخ أكبر من الحاجة إلى الطعام، لذلك فإن إخراج زكاة الفطر نقدًا هو أنفع في هذا العصر بلاشك لأنه يعطي الفقير حرية اختيار ما يلزمه ويسد حاجته بما في ذلك حاجته للطعام، فتكون منفعته قد شلمت الطعام وغيره.
▪أجاز مجمع الفقه الإسلامي بالسودان إخراج زكاة الفطر والفدية نقدًا وحدد قيمتها، وهذا معتبر شرعًا للسودانيين لكون المجمع يمثل جهة شرعية معتبرة في السودان.
وخلاصة فتوى الأئمة الأربعة في ظل هذه السعة كما يلي:
▪المالكية: فتواهم بغالب قوت أهل البلد خروج عن الحصر اللفظي في النصوص، وتمهيد لقبول البدل، وعلى هذه القاعدة التمهيدية أفتى علماء الخلف من المالكية بجواز البدل المادي.
▪الشافعية: أفتى سلفهم بغالب قوت أهل البلد، وكذلك استند عليها خلفهم لجواز البديل المادي.
▪الحنابلة: وكذلك هم في هذه المسأله كالمالكية والشافعية، على مرحلتين فى الفتوى حسب متطلبات المرحلة الزمانية بما يتوافق مع جلب المصلحة ودفع الضرر
▪الأحناف: أفتوا بالجواز لأن الغاية هي جلب المصالح ودفع الضرر.
🌸اللهم صلِّ وسلِّم على الذات المحمدية وانفحنا ببركتها واهدنا إلى الرشاد🌸

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق